-منذ بداية شهر أكتوبر من هذا العام، ومع بدء الاحتجاجات الشعبية في وسط وجنوب العراق، دخلت الحكومات الأجنبية والأنظمة الرجعية إلى الميدان ونفذت سيناريوهات عديدة لمصادرة المطالب السياسية والاقتصادية للمواطنين. وكان الهجوم على المقرات الحكومية والعامة والخاصة والعسكرية أحد سيناريوهات الجهات التابعة للحكومات الأجنبية لتفاقم حالة انعدام الأمن وخلق حرب أهلية في العراق، لكن الخطة فشلت إلى حد كبير.
وبإعلانها دعمها للمظاهرات السلمية، دعت المرجعية العراقية إلى تمييز صفوف المواطنين عن الجماعات التي تتسلل إلى الاحتجاجات وتُسبب بتحريض المتظاهرين على العنف عن طريق اثارة الاوضاع. وقد رحب المتظاهرون العراقيون بتوصيات المرجعية وتقلص إلى حد كبير نطاق الاشتباكات والتخريب حيث تجمهر المواطنون في مناطق معينة من بغداد وكربلاء والنجف، دون الانجرار الى مناطق اخرى، الأمر الذي أغضب الجهات التي تحاول زعزعة أمن العراق.
وكانت الجهات المرتبطة بمحور الشر السعودي الامريكي، التي كانت تعلم جيدًا أن استمرار هذا الوضع لن يكون بمصلحتهم، ضاعفوا جهودهم لشن حرب نفسية ضد المرجعية وخاصة تجاه مرجعية اية الله السيد علي السيستاني بدعم واسع من وسائل الإعلام. وهي ذات الجهات السيئة الصيت التي تميزت طبيعتها للشعب العراقي في السنوات الأخيرة، وقد اخذت على عاتقها مهمة تشويه صورة المرجعية في وسائلها الإعلامية، وسعت إلى حث الرأي العام على أن مشكلات اليوم في العراق هي نتيجة تدخل المرجعية.
واعتقدت الجهات المتطرفة المرتبطة بالحكومات الأجنبية أن بإمكانها الاستمرار في سيناريوها، ولكن حساباتها كانت لا تزال خاطئة لأنها لم تكن على دراية بشعبية المرجعية بين مختلف طبقات الشعب العراقي، وأظهروا مرة أخرى عدم تمتعهم بفهم سياسي واضح.
وكانت الجهات المتطرفة قد اعتقدت انها نجحت في ضم الرأي العام اليها، وكشفت النقاب عن سيناريو الهجمة المباشرة ضد المرجعية، واستغلت الوضع في مدينتي النجف وكربلاء المقدستين لتنفيذ البعض من اجنداتهم، لكنهم واجهوا ردة فعل صادمة وشديدة من قبل المتظاهرين العراقيين.
لم يجلس المتظاهرون ورجال العشائر وقوات الحشد الشعبي مكتوفي الأيدي عندما رأوا التمرد والهجمة الشرسة وخرجوا للميادين معلنين دعمهم للمرجعية الدينية، وأعلنوا أن ستكون لهم كلمة في حال اراد الأعداء تنفيذ اجنداته. لقد أدى هذا الرد الحازم إلى قيام بعض الناشطين الاجتماعيين، بما في ذلك ستيفن نبيل، المقيم في أمريكا، بمطالبة الخارجين عن القانون بعدم التعرض على المرجعية العليا لأنه ادرك جيدًا رسالة الشعب والحشد الشعبي.
لقد ادرك الداعمون للمخربين بأنهم إذا استهدفوا المرجعية، فإنهم سيطلقون رصاصة الرحمة على انفسهم وستحترق ورقتهم على يد المتظاهرين والحشد الشعبي العراقي، ولهذا الأمر غيروا من تكتيكهم.
ومع فشل السيناريو المتوقع في مهاجمة المرجعية، أطلقت الجهات المتطرفة المسلحة خطتها الثانية الرامية إلى خلق خلافات بين التيارات العراقية المعروفة وشنْ هجمات على أماكن تحظى باهتمام عامة الناس. فقد هاجمت الجماعات المسلحة في بداية الامر مرقد الشهيد محمد باقر حكيم، القيادي العراقي البارز المناهض لنظام صدام الديكتاتوري وأضرموا النار في مدخل المرقد. ووفقًا للمعلومات، فإن الهدف الثاني للمهاجمين المسلحين، بعد الانتهاء من الهجوم على مرقد الشهيد الحكيم، هو الهجوم على قبور شهداء التيار الصدري بالقرب من مقبرة وادي السلام في النجف.
ووفقًا لمصادر ميدانية، كانت الجهات المسلحة هذه تحاول في الهجوم الثاني، أن تظهر نفسها أنها تنتمي لأفراد عائلة الشهيد الحكيم، على الرغم من أن الوثائق المصورة المتاحة تبين أن المهاجمين في الهجوم الأول على مرقد الشهيد الحكيم كانوا رجالاً ملثمين ومسلحين يحاولون القيام بأعمال شغب واسعة النطاق في مدينة النجف.
كانت الجماعات المسلحة تحاول خلق خلافات بين جماعة الحكيم والتيار الصدري وبالتالي خلق نزاع بينهما وبدء حرب واسعة النطاق في مدينة النجف، لكن هذه الفتنة لم تؤتِ ثمارها بعد تدخل المرجعية العليا بشكل مباشر. وقد اتخذ المتظاهرون خطوات لضمان أمن الحشود المتظاهرة ومنع أي استغلال سلبي لها، وذلك عقب خطبة المرجعية العليا ظهيرة الجمعة لمنع تسلل المخربين وأعمال الشغب المسلحة في مظاهراتهم سلمية.
وفي الأيام الاربعة الماضية، قام المتظاهرون في وسط وجنوب العراق، ولا سيما في مدينتي "الناصرية والنجف"، بتحديد واعتقال عدد من الأشخاص الذين كانوا يسعون للقيام بأعمال تخريب وسلموهم إلى القوات الأمنية العراقية. ووفقا للمعلومات، استولت قوات الأمن، بالتعاون مع العشائر، على الطرق المؤدية إلى المدن المهمة لمنع المسلحين المجهولين من الدخول بين الجماهير السلمية وفرض الأمن بشكل كامل. ووفقًا لمصادر ميدانية، فإن التيارات التابعة للحكومات والأنظمة الأجنبية تدفع رجالاتهم المسلحين إلى المدن عند حلول الظهيرة للتسلل داخل الاحتجاجات السلمية وإيهام المتظاهرين بأن أعمال القتل والتخريب تنفذها القوات الأمنية.
إن احدى الدلائل الواضحة على هذه الفتنة هو الهجوم المنظم والمدروس الذي قام به أشخاص مجهولون على المتظاهرين السلميين في ساحة الصدرين في النجف، حيث أطلقوا قنابل يدوية على المتظاهرين وفي نفس الوقت تسللوا بين المتظاهرين، وألقوا باللوم على القوات العراقية لاستفزاز الناس وخلق النزاعات.
تشير التطورات الميدانية إلى أن سيناريو التيارات المسلحة ذات الصلة الأجنبية، خاصة في مدينتي النجف والناصرية، قد فشل إلى حد ما، ومن المرجح أن سيناريو المحور الغربي-العبري - العربي سيثير الاحتجاجات وغيرها من النزاعات في محافظات اخرى، وفي الأيام الأخيرة، شوهدت أولى علامات هذه التحركات من خلال تنظيم تجمعات في الموصل وتكريت وكركوك والفلوجة لى تهدئة هذه المناطق لأجل زعزعة الاوضاع في هذه المحافظات