اسحق لفانون
يريد إردوغان نصيبه في الكعكة، بطبيعة الحال، وتحديد شكل علاقاته المستقبلية مع جارته السورية. إلا أن هذا لم يكن كافياً له.
- إردوغان لا يتوقف في الطريق إلى تحقيق أحلام الإمبراطورية
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، يحلم بإعادة الإمبراطورية العثمانية إلى سابق عهدها، ويكون هو سلطانها. وفي الوقت الذي نعتقد فيه أن هذا هو مجرد حلم، فإنه من جانبه يعمل وفق نهجه الخاص من أجل تحقيق الهدف. فهو قد قام بغزو عسكري لجارته سوريا، ويرفض مغادرة المنطقة. وهو أيضاً انضم إلى كل من إيران وروسيا حتى يكون الضلع الثالث في الثلاثي الذي يلتقي دورياً في أستانة، المعروفة اليوم باسم مدينة نور سلطان، عاصمة كازاخستان، وذلك ضمن الجهود لإيجاد حل سياسي في سوريا.
ويريد إردوغان نصيبه في الكعكة، بطبيعة الحال، وتحديد شكل علاقاته المستقبلية مع جارته السورية. إلا أن هذا لم يكن كافياً له.
وهو توجه صوب قطر، ويحاول عبرها توثيق علاقاته مع عدد من دول الخليج. ويتعاون إردوغان مع قطر لمصلحة حماس وحزب الله والإخوان المسلمين. كما يدعم إردوغان قطر ضد مصر التي يرى فيها عدواً جدياً يحول دون تحقيق أحلامه. وبالإضافة إلى ذلك يعزز تواجده العسكري في القسم التركي من قبرص. وبكلمات أخرى: هو يحاول تحقيق نفوذ تركي، في وجه النفوذ الإيراني، وشيهته لذلك لا تعرف الشبع.
وهو قد تذكر أنه قد كانت للإمبراطورية العثمانية طموحات للتقرب إلى ليبيا، وحتى لاحتلالها. لذا يستغل إردوغان الفوضى السائدة في ليبيا ما بعد القذافي ويعمل على تحقيق الحلم القديم. ووقّع مؤخراً، مع حكومة الوفاق الليبية، على اتفاقين قد يشعلان المنطقة. الأول للتعاون الكامل، بما في ذلك العسكري، والذي يمكنه من إرسال الجيش والأسلحة إلى طرابلس. والثاني لترسيم الحدود البحرية.
ويُلحِق خط الحدود، الذي جرى تحديده، الضرر بمصالح اليونان، وبشكل غير مباشر أيضاً، مصر و"إسرائيل". وهذه المنطقة غنية بالنفط والغاز بحيث أن كل واحدة من هذه الدول ترى في نفسها متضررة، حتى وإن كان الحديث يدور عن دولة، مثل تركيا، عضو في حلف شمال الأطلسي (الناتو). ومن خلال ذلك أيضاً يلحق أردوغان الضرر بالاتفاقيات التي وقعت عليها "إسرائيل" مع دول المنطقة في موضوع الغاز.
إن ليبيا منقسمة بين حكومة الوفاق برئاسة فايز السراج وبين حكومة الجنرال خليفة حفتر. والأخير مدعوم من قبل مصر وفرنسا ومرتزقة روس. وقد أرسل إردوغان مستشارين عسكريين لمساعدة السراج، وهو يدعمه مالياً وسياسياً. ويهدد إردوغان بإغلاق قاعدة أنجرليك الجوية التي يستخدمها الجيش الأميركي، وقاعدة كوريجيك التي تضم الرادارات الخاصة بحلف الناتو.
ويبدو، في ظل الرد الضعيف للولايات المتحدة الأميركية ولحلف الناتو، أن تعزيز قوة الجنرال حفتر وإسقاط حكومة الوفاق سيؤديان إلى إلغاء الاتفاقين اللذين وقعت عليهما تركيا. وربما تهدأ المنطقة عندها إلى أن يختار إردوغان تحدياً جديداً في إطار أحلامه للهيمنة.
ترجمة: مرعي حطيني
المصدر: معاريف