نجيب أزرقي: نناضل من أجل تحقيق العدالة الاجتماعية والأخوة بين أفراد الشعب الواحد
عبد المجيد دقنيش
باريس ـ لم يتوقف الجدل والنقاش في الأوساط السياسية الفرنسية، منذ أعلن رئيس حزب الاتحاد الديمقراطي لمسلمي فرنسا، نجيب أزرقي ترشحه للانتخابات الرئاسية في فرنسا المقرر انعقادها في شهر أبريل/نيسان المقبل.
ويعود الجدل القائم أساسا نظرا لأصول أزرقي العربية الإسلامية، فهو مهندس اتصالات ذو أصل مغربي وينحدر من مدينة نانت غرب فرنسا ويعارض حزبه حظر الحجاب في المدارس، ويدافع عن البيئة وحق الأجانب في التصويت بالانتخابات المحلية.
أول مرشح من أصول إسلامية
ويعتبر نجيب أزرقي أول مرشح من أصول عربية إسلامية في الانتخابات الرئاسية الفرنسية، لذلك قال إن هدفه من خطوة الترشح الرمزية هذه هو التصدي لحملة الكراهية التي يتعرض لها مسلمو البلاد، ولا سيما مع ترشح شخصيات يمينية لسباق الرئاسة.
حول حزب الاتحاد الديمقراطي لمسلمي فرنسا الذي يرأسه والأهداف والمبادئ، أشار نجيب أزرقي أنه أسس الحزب عام 2012، وبعد 10 سنوات من التأسيس يضم الحزب اليوم 1700 منخرط. وقد شارك في كل الانتخابات الفرنسية على غرار الانتخابات البلدية والإقليمية والتشريعية وحتى الأوروبية. ويتقدم اليوم لأول مرة للانتخابات الرئاسية المقبلة وكذلك الانتخابات التشريعية التي تليها، وخلال الانتخابات الإقليمية الأخيرة صوّت للحزب أكثر من 30 ألف ناخب، ولكن طموحاتنا كبيرة في المستقبل.
أزرقي صرح بأن محاولة إقصاء المحجبات في فرنسا من الفضاء العمومي والجامعات تحريف للعلمانية والحرية (الأوروبية)
تغيير الصورة النمطية عن المسلمين
وعن برنامج حزبه السياسي للمنافسة على الانتخابات الرئاسية المقبلة، قال أزرقي للجزيرة نت "المبادئ الكبرى التي تأسس عليها حزبنا ويناضل من أجلها، تنتمي إلى القيم الجوهرية التي تأسست عليها الجمهورية الفرنسية وهي العدالة والحرية والأخوّة".
وتابع "نحن نناضل اليوم على أرض الواقع من أجل تحقيق العدالة الاجتماعية والأخوة بين أفراد الشعب الواحد والحرية في اختيار وممارسة المعتقدات الدينية، خاصة مع ما نراه في السنوات الأخيرة في فرنسا من الهجمة المتصاعدة والشرسة على حقوق المواطنين وحريتهم الفردية بناء على معتقداتهم الدينية".
وأضاف أزرقي "وهنا يأتي برنامج حزبنا الذي يحاول أن يحدث شرخا بيداغوجيا وسياسيا مع الخطاب السياسي النمطي المكرس في الساحة السياسية الفرنسية والذي يعطي الانطباع بأننا أمام مواطنين من الدرجة الأولى ومواطنين من الدرجة الثانية هم أساسا من المسلمين، فأهداف حزبنا ليس محاولة أسلمة الجمهورية أو تعويض قيمها بالشريعة، وإنما نحن نتوجه إلى كل الفرنسيين مهما كانت معتقداتهم أو أصولهم، غايتنا في كل ذلك توحيدهم من أجل العيش معا في مجتمع واحد متضامن ومتحاب".
وأوضح في نفس السياق "اليوم نرى على أرض الواقع محاولة تمييز بين المرأة السافرة والمرأة المتحجبة. كما نلاحظ محاولة إقصاء الطالبات اللاتي يرتدين الحجاب من الفضاء العمومي والدراسة ومراكز البحث في الجامعات، والغريب أن كل هذا يحدث تحت راية العيش معا، هذا أمر مغلوط وتحريف للعلمانية والحرية".
رمزية الترشح رغم استحالة المهمة
وعن خطوة ترشحه للانتخابات الرئاسية المقبلة رغم علمه بصعوبة المهمة واستحالة فرص الفوز خاصة مع أصوله العربية الإسلامية، أكد رئيس حزب الاتحاد الديمقراطي لمسلمي فرنسا أن حقوق المواطنة في فرنسا ليست مرتبطة بأصول المواطن ولا بلونه ولا بمعتقده ومن اللحظة التي يحصل فيها الإنسان على المواطنة الفرنسية فهو يتمتع بكامل الحقوق مثله مثل غيره من المواطنين السابقين، ولا يهم أن تكون أصوله برتغالية أو إيطالية أو مغربية أو عربية.
وتابع في تصريحه الخاص بالجزيرة نت " ترشحي يأتي من أجل تحريك المياه الراكدة وتغيير عقلية المجتمع والنظرة النمطية الخاطئة عن المسلمين، فضلا عن هذا الانجراف الخطير والابتعاد عن المقاصد الرئيسية لقيم الجمهورية.
وأشار أزرقي إلى أن كل هذا الانحراف بصدد زرع بذور الفرقة في المجتمع الفرنسي والكره تجاه بعض المواطنين الذين يحملون هوية إسلامية، من خلال خطابات الكره والتفرقة والتحريض التي يتبناها مرشحون مثل إيريك زمور Éric Zemmour والمرشح الجمهوري إريك سيوتي Éric Ciotti.
وأكد أن دور حزبه المركزي هو تعديل هذه الخطابات وإحداث التوازن في الخطاب السياسي والإعلامي والدفاع عن صورة المسلمين والإسلام في المجتمع الفرنسي والتعريف محليا ودوليا بمشاكل التمييز ضدهم.
ويرى رئيس حزب الاتحاد الديمقراطي لمسلمي فرنسا، أن المسلمين والمهاجرين يمثلون قوة انتخابية وازنة رغم أنهم لا يعون هذا في أغلب الأحيان، وهم في حاجة لمن يدافع عنهم وعن قضاياهم.
مشروع قانون الانفصالية الإسلامية الذي اقترحه ماكرون أثار انتقادات المسلمين واعتبروا أنه يستهدفهم (الأوروبية)
مضايقات بشكل دوري
ونظرا للهوية الإسلامية التي يحملها، ورفعه راية الدفاع عن العرب والمسلمين والمهاجرين والأقليات في المجتمع الفرنسي، تعرض حزب الاتحاد الديمقراطي لمسلمي فرنسا لمضايقات من طرف وزارة الداخلية في انتخابات مايو/أيار 2019 البلدية، إذ رُفضت قائمته في بادئ الأمر بدعوى عدم توفر إشارة مكتوبة بخط اليد يعبّر فيها المرشح عن موافقته على الظهور على القائمة.
وقد أكد ذلك أزرقي بالقول "حزبنا يتعرض بشكل دوري للمضايقات والهجمات خاصة مع اسم المسلمين الذي يحمله. ورغم أن الكثير من الأحزاب الفرنسية تجعل من المسيحية الديمقراطية مرجعا لها تصريحا وتلميحا، فإنه حين يتعلق الأمر بالإسلام يصدمهم الاسم غالبا".
وتابع "الكل يعرف أن العديد من النواب اليمينيين حاولوا رفع قضايا وتأليب الدولة علينا من أجل تجميد الحزب وخاصة النائب برونو ريتايو Bruno Retailleau، الذي تقدم بطلب رسمي لحل حزبنا، ولكن مجلس الدولة الأعلى رفض هذا المطلب وقال حزب الاتحاد الديمقراطي لمسلمي فرنسا هو حزب سياسي ويمكن لكل من يعترض على أفكاره أن يناقشها سياسيا".
خطاب ماكرون وبث الفرقة والتمييز
وخلص أزرقي في ختام حديثه للجزيرة نت أنه منذ خطاب ماكرون في عام 2020 وكلامه عن الانفصالية الإسلامية ودعوته لمحاربة الإرهاب وصورة المسلمين بفرنسا في انحدار.
واعتبر أن القانون الخطير الذي اقترحه ماكرون واعتُمد من قبل غرفتي البرلمان، أحدث شرخا كبيرا في المجتمع الفرنسي، وأدخل الفرقة والتمييز وأصبح كل مواطن مسلم متهما فقط لأنه مسلم.
ووفق ما أشارت تقارير إعلامية فرنسية فإن الطريق أمام مرشح الاتحاد الديمقراطي لمسلمي فرنسا إلى الإليزيه ما زال طويلا، إذ يتعين عليه أن يحظى بدعم 500 منتخب من 30 دائرة انتخابية للتمكن من الترشح، وفق قانون الانتخابات الرئاسية الفرنسي.
وهو الأمر الذي لا ينفيه أزرقي أيضا الذي قال "صحيح هذا الشرط قد يصعّب أكثر مهمة الترشح ولكنني متفائل بالمستقبل وفي عالم السياسة ليس هناك مستحيل. أنا أؤمن بالعمل الجدي والتخطيط بذكاء، ومن خلال تجربتنا وشبكة علاقاتنا في الانتخابات الجهوية والإقليمية السابقة، لدينا الكثير من الوعود بالدعم، ونأمل أن يفي المسؤولون بوعودهم هذه حتى نحقق الشروط المطلوبة".
المصدر : الجزيرة