وسط مشاعر جارفة من الحزن، وحضور دولي وشعبي حاشد، ودّعت فنزويلا، أمس، الرئيس هوغو تشافيز، في وقت أدى فيه نائبه نيكولاس مادورو اليمين لرئاسة البلاد بالإنابة، في ظل مقاطعة من المعارضة
ودّعت فنزويلا، أمس، زعيمها الأحمر هوغو تشافيز، الذي شكّل ظاهرة تاريخية في البلاد مطلع القرن 21، وذلك في مراسم جنازة كبرى حضرها نحو 32 رئيس دولة وحكومة، حسبما أفاد صحافيو «فرانس برس». وبدأت مراسم الجنازة بقراءة أسماء كل الزعماء الأجانب الذين حضروا للمشاركة في تشييع زعيم اليسار في أميركا الجنوبية الذي توفي الثلاثاء الماضي نتيجة إصابته بالسرطان.
ومن بين الزعماء الذين تجمّعوا في كراكاس حلفاء للرئيس الفنزويلي مثل رئيس الإكوادور رافائيل كوريا، ورئيسة البرازيل ديلما روسيف، ورئيس البرازيل السابق لويس ايناسيو لولا دا سيلفا، والرئيس الكوبي راؤول كاسترو والرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد. وفي ظل غياب عربي لافت على مستوى القادة، لم ترسل الولايات المتحدة، التي كانت الهدف الأول لانتقادات تشافيز الشديدة، والدول الاوروبية سوى شخصيات من الدرجة الثانية.
وقال كاسترو: «أهم شيء انه رحل من دون أن يهزم»، مشيراً الى فوز تشافيز في أربعة سباقات رئاسية بالإضافة الى مجموعة اخرى من الانتصارات الانتخابية لحزبه طوال حكمه الذي استمر 14 عاماً. وأضاف: «كان رجلاً لا يُهزم. لقد رحل منتصراً وما من أحد يمكنه ان ينتزع هذا منه. هذا مسجل في التاريخ».
أما الرئيس الإيراني، الذي كان أكبر حليف لإيران في أميركا اللاتينية، فقال لدى وصوله: «بودّي أن أعبّر عن أعمق تعازيّ للشعب الفنزويلي ولكل شعوب العالم، وخصوصاً شعوب أميركا اللاتينية»، مضيفاً من مطار مايكيتيا في كراكاس أن «الرئيس تشافيز رمز لكل الذين يبحثون عن العدالة والمحبة والسلام في العالم».
وكانت رئيسة الأرجنتين كريستينا فرنانديز، وهي صديقة مقربة من تشافيز، من أول كبار المشيّعين الذين وصلوا إلى كراكاس الأربعاء بعد وفاة الرئيس الفنزويلي. وقالت وسائل إعلام إنها عادت إلى بلادها أول من أمس ولم تحضر جنازة يوم أمس.
ووسط مشاعر جارفة من الحزن على زعيم تمتع بجاذبية شعبية كبيرة وغيّر وجه السياسة في أميركا الجنوبية، وإن اختلفت حوله الآراء، شارك الملايين من مواطني فنزويلا غالبيتهم من الفقراء الذين أحبوا الرئيس الثوري لأنه وضع ثروة البلاد النفطية الضخمة في خدمتهم .لكن وفاته أنعشت آمال المعارضة التي رأت فيه دكتاتوراً.
وتدفقت حشود غفيرة من «التشافيزيين» يحملون صوره ويرتدون قمصاناً حمراء قطنية عليها صورة لعينيه على الساحات المحيطة بالأكاديمية العسكرية التي نقل إليها جثمانه بعد أن طاف به أنصاره في شوارع العاصمة كراكاس وسط فيضان من المشاعر.
ومن المقرر أن يُحنط جثمان تشافيز ويُعرض «إلى الأبد» في متحف عسكري على غرار ما حدث مع زعماء شيوعيين راحلين مثل لينين وستالين وماو تسي تونغ. لكن قبل أن تتخذ هذه الخطوة سيظل جثمانه أسبوعاً آخر في الأكاديمية العسكرية إرضاءً لرغبة ملايين المواطنين الذين يريدون إلقاء نظرة الوداع الأخيرة على زعيمهم الذي سيذكره التاريخ على أنه من أكثر الزعماء الشعبويين بريقاً وإثارة للجدل.
وفتحت وفاة تشافيز الطريق أمام إجراء انتخابات رئاسية في فنزويلا العضو في منظمة البلدان المصدرة للبترول (اوبك)، لكن لم يتضح بعد الموعد الدقيق لإجرائها. ورغم أن الدستور ينص على أن الانتخابات يجب أن تجرى خلال 30 يوماً يقول سياسيون إن سلطات الانتخابات قد لا تكون مستعدة بحلول ذلك الوقت. وترددت أنباء عن تأخير محتمل.
وأدى نائب الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو، مساء أمس، اليمين كرئيس للبلاد بالوكالة، رغم أن المادة 233 من الدستور الفنزويلي تنص على أنه في حال الشغور المطلق للرئاسة قبل أداء القسم الدستوري يُدعى الى إجراء انتخابات جديدة بالاقتراع المباشر والسري في غضون 30 يوماً، على أن يتولى تلك المهمات بالإنابة رئيس الجمعية الوطنية (البرلمان)، وهو ديسودادو كابيلو. وكان تشافيز قبل رحلته الأخيرة إلى كوبا للعلاج في كوبا قال انه يفضّل نائبه مادورو، ليخلفه في الرئاسة، مضيفاً ان «كل هذه الاجراءات تتخذ حتى يبقى الشعب مع زعيمه الى الأبد».
وفي السياق، اعلن نواب طاولة الوحدة الديموقراطية، الائتلاف الرئيسي للمعارضة الفنزويلية، انهم لن يحضروا مراسم اداء نيكولاس مادورو اليمين الدستورية كرئيس بالوكالة التي يعتبرونها «انتهاكاً» للدستور.
وفي حكم المؤكد ان يواجه مادورو (50 عاماً)، وهو زعيم نقابي سابق أنهى تعليمه عند الدراسة الثانوية قبل ان يعمل في السياسة زعيم المعارضة إنريكي كابريليس (40 عاماً) حاكم ولاية ميراندا الذي خسر الانتخابات الأخيرة أمام تشافيز عام 2010.