أوكرانيا كانت تعتبر ما بعد انهيار الاتحاد السوفياتي القوة النووية الثالثة عالميا (رويترز)
1/3/2022
قال موقع "إنترسبت" (The Intercept) الأميركي إن نقض العهود مع الدول الصغيرة يجعلها لا تتخلى أبدا عن أسلحتها النووية.
وأشار الموقع -في مقال للصحفي مرتضى حسين- إلى أن القوى الدولية وعدت أوكرانيا في تسعينيات القرن الماضي بأنه لن يتم انتهاك أمنها إذا نزعت سلاحها النووي، غير أن هذه الأخيرة أخلفت الوعد.
فقد كانت أوكرانيا -يضيف الكاتب- في يوم من الأيام موطنا لآلاف الأسلحة النووية التي ورثتها عن الاتحاد السوفياتي السابق وثالث قوة نووية في العالم عندما حظيت باستقلالها عقب انتهاء الحرب الباردة.
ومطلع تسعينيات القرن الماضي، اتخذت القيادة الأوكرانية ما يبدو اليوم "قرارا مصيريا" عندما تخلت عن تلك الأسلحة "المرعبة" مقابل ضمانات موقعة من المجتمع الدولي بحماية أمنها في المستقبل.
واليوم، يبدو أن ذلك القرار كان سيئا بعد أن تم اجتياح أوكرانيا من قبل القوات الروسية "الغازية" المدججة بالسلاح، مع وجود احتمال ضئيل في أن ينبري أصدقاؤها السابقون في الخارج للدفاع عنها.
ويرى مرتضى في مقاله أن "المأساة التي تتكشف الآن في أوكرانيا تؤكد مبدأ أوسع نطاقا وواضحا للعيان في جميع أنحاء العالم، وهو أن الدول التي تضحي بإمكاناتها للردع النووي مقابل وعود حسنة النية من المجتمع الدولي غالبا ما تكتب شهادات وفاتها بنفسها".
وفي عالم يعج بالأسلحة، مع ينطوي عليه ذلك من احتمال نهاية الحضارة الإنسانية، فإن الحد من انتشار السلاح النووي -يضيف الكاتب- يصبح في حد ذاته جهدا أخلاقيا يستحق العناء بل وغاية لا مندوحة عنها.
بيد أن تجارب الدول التي تجردت فعليا من أسلحتها النووية لربما تجعل دولا كثيرة تقرر ألا تفعل ذلك في المستقبل. ولعل ما يسميه الكاتب "خيانة الأوكرانيين" -على وجه الخصوص- يكون أمرا لا يمكن الاستهانة به.
ففي عام 1994، وقعت الحكومة في كييف على مذكرة أدخلت البلاد في معاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية، لتتخلى بموجبها عن وضعها كدولة نووية، ومنذ ذلك الحين لم تُحترم سلامة الأراضي الأوكرانية كثيرا.
وما إن ضمت روسيا شبه جزيرة القرم الأوكرانية إليها عام 2014، حتى بدأ القادة الأوكرانيون ينظرون مليا في مزايا المعاهدة التي أبرموها قبل عقدين فقط. ويبدو أنهم يشعرون اليوم بالمرارة حيال ذلك.
ويمضي الكاتب إل القول إن الأوكرانيين لم يكونوا الوحيدين الذين ندموا على التنازل عن أسلحتهم النووية. ففي عام 2003 فعل الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي الشيء نفسه، عندما أعلن على نحو مفاجئ أن بلاده ستتخلى عن برنامجها النووي وأسلحتها الكيميائية مقابل تطبيع العلاقات مع الغرب.
ليبيا وإيران
ومع أن العقوبات رُفعت عن ليبيا وأُعيدت العلاقات مع واشنطن، فقد اكتشف القذافي -إبان ثورات الربيع العربي عام 2011- أن من أصبحوا في ظاهر الأمر "شركاءه الاقتصاديين وحلفاءه الدبلوماسيين" هم من كانوا يقدمون على حين غرة مساعدات عسكرية "حاسمة" إلى معارضيه حتى أنهم هللوا لمقتله.
وهناك مثال آخر، وهو إيران التي أبرمت اتفاقا نوويا شاملا مع الولايات المتحدة عام 2015 للحد من قدرتها على إحداث اختراق محتمل في تصنيع أسلحة نووية، وإخضاع برنامجها النووي المدني لرقابة مكثفة.
وما لبثت إدارة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب أن انتهكت الاتفاق عام 2018 رغم استمرار طهران في الالتزام به -كما يرى كاتب المقال- وفُرضت عليها عقوبات دولية صارمة.
في المقابل، لم يحدث حتى يومنا هذا أن تعرضت دولة نووية لغزو واسع النطاق من قوة أجنبية مهما بلغت تصرفاتها، فقد تمكنت كوريا الشمالية مثلا من الحفاظ على نظامها السياسي "المحكم الإغلاق" سليما لعقود من الزمن رغم التوترات التي تشوب علاقاتها مع المجتمع الدولي.
المصدر : إنترسبت