كشف مسؤولون أميركيون وعرب أنّ العديد من زعماء الدول العربية الحليفة للولايات المتحدة اشتكوا أثناء لقاءاتهم مع الرئيس الأميركي باراك أوباما، وكبار مساعديه، من المخاطر التي قد تترتّب على دور قطر وتركيا في تمويل وتسليح جماعات المعارضة التي تتبنى التوجهات الإسلامية المتشددة، بمن فيها الإخوان المسلمون.
وكان أوباما قد اجتمع في البيت الأبيض الشهر الماضي مع كلّ من ملك الأردن عبد الله الثاني، وولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد آل نهيان ووزير الخارجية السعودي سعود الفيصل. وذكرت صحيفة «وول ستريت جورنال» إنّ هؤلاء الثلاثة إلى جانب زعماء عرب آخرين دعوا الرئيس أوباما إلى أن تأخذ الولايات المتحدة زمام المبادرة في جسر الانقسامات بين دول المنطقة حول سوريا. وأعربوا عن مخاوفهم من أنّ ما يجري في سوريا قد يعزّز التطرف ويطيل أمد حكم الرئيس بشار الأسد.
وقد أعرب الزعماء الثلاثة للرئيس أوباما عن قلقهم من أنّ الدعم الذي تقدمه قطر قد عزز موقع «جبهة النصرة». ونقلت الصحيفة عن مسؤول عربي رفيع المستوى لم تفصح عن هويته قوله «إن الرئيس والولايات المتحدة هما فقط من يستطيع تحجيم دور قطر».
والدول الثلاث متفقة في ما بينها على دعم جماعات المعارضة المسلحة في سوريا ضد النظام السوري، لكن هذه الدول، ومعها دول أوروبية إلى جانب الولايات المتحدة، أعربت عن مخاوفها من أن تقع الأسلحة التي تموّلها قطر وتركيا في أيدي المتطرفين، الأمر الذي سبب انقسام البلدان التي تؤيد إطاحة الرئيس الأسد إلى معسكرين، أحدهما يضم قطر وتركيا، وهما بلدان تعوّل الولايات المتحدة على دورهما في تسريع التوصل إلى إقامة حكم انتقالي في سوريا، ودفع عملية تسوية الصراع العربي الإسرائيلي إلى الأمام.
ويدعي مسؤولون عرب أنّ بلادهم لم تضغط على البيت الأبيض لغزو سوريا أو استخدام الطائرات الحربية لقصف مواقع داخل سوريا، بل يأملون - بدلاً من ذلك - أن يقوم الرئيس أوباما بدور أكبر في دعم ما يسمونهم «المعتدلين» داخل المعارضة السورية وتوحيدها وإزاحة العناصر المتطرفة التي تهدد الأقليات السورية.
وكان أوباما قد اجتمع يوم 23 نيسان الماضي مع أمير قطر حمد بن خليفة آل ثاني، فيما سيجتمع يوم الخميس المقبل مع رئيس الحكومة التركية رجب طيب أردوغان، الذي كشف عن رغبته في أن تفرض الولايات المتحدة منطقة حظر جوي فوق سوريا وأن يوفّر حلف شماليّ الأطلسي الحماية لتركيا.
وفي هذا الشأن، قال القائد الأعلى لقوات حلف «الناتو» الأدميرال جيمس ستافريديس إنّ هناك عدداً من الأمور التي يمكن الناتو القيام بها؛ إذ ينبغي أن يقوم بحماية حدوده، وهو ما يعني حماية تركيا التي هي عضو فيه ومساعدة الدول التي تتعامل مع تدفق أعداد كبير من اللاجئين عبر حدودها، «وأن نضع مزيداً من الضغط الدبلوماسي، وهذا ما أعتقد أننا نقوم به». وأضاف، في مقابلة مع مجلة «الأطلسي» حول دعوات تسليح المعارضة السورية، «إنّ المناقشات التي تجري هي مَن الذين سنسلحهم؟ وما الذي سيحدث لهذه الأسلحة بعد ذلك؟». وحذر ستافريديس من مخاطر انهيار سوريا، وقال: «إنني لن أفاجأ بأن أرى سوريا تتفكّك بالكامل، وأعتقد أن هذا يشكّل خطراً».
من ناحية أخرى، قال الناطق باسم وزارة الخارجية الأميركية، باتريك فنتريل، إنّ وزير الخارجية جون كيري، أجرى مجموعة من الاتصالات بـشركاء أميركا حول سوريا، مؤكداً بقاء بلاده على اتصال قوي بالمعارضة السورية. وأضاف أنّ «اتصالنا بالمعارضة (السورية) ما زال قوياً، والسفير (الأميركي لدى سوريا روبرت) فورد في تركيا وكان قريباً جداً من الحدود (مع سوريا)، لكنه ما زال يتواصل بشكل كبير مع المعارضة، تماماً كما فريقه، للنظر في حاجاتها وبما هو أكثر فعالية للقيام به». وقال: «نحن نتحدث عن مساعدات بقيمة مئات ملايين الدولارات، ونتأكد من أن تصل إلى الجهات الصحيحة بناءً على حاجاتها».
وفي السياق، أفاد رئيس «المجلس العسكري الثوري في محافظة حلب»، العقيد عبد الجبار العكيدي، في حديث مع وكالة «فرانس برس»، بأنّه التقى السفير الأميركي روبرت فورد على معبر حدودي مع تركيا أول من أمس.
وقال العكيدي: «زار فورد معبر باب السلامة، مرافقاً مساعدات أميركية هي عبارة عن وجبات غذائية وحقائب طبية». وأضاف: «دخلنا إلى المعبر وشربنا فنجاناً من القهوة معاً».
وأوضح العكيدي أنّ موضوع المساعدات العسكرية بحث في الاجتماع، الذي دام أربعين دقيقة، «وكان ثمة وعود بأن تكون في المستقبل مساعدات أفضل من الحالية، ويمكن أن تكون مساعدات عسكرية».
وأضاف: «قال (فورد) إنهم يدرسون موضوع تقديم مساعدات في السلاح والذخيرة للجيش الحر. الموضوع قيد الدرس»، مشيراً إلى أنّ الزيارة «قد يكون فيها أمر إيجابي».
ورأى العكيدي أنّ الزيارة «دليل على بدء تحرك أميركي في اتجاه الثورة السورية».
وأمس، نشر على موقع «يوتيوب» شريط لفورد يتحدث فيه بالعربية، مقدماً تعازيه للشعب السوري «بعد المجازر التي ارتكبها النظام السوري في قرى مثل البيضا».
وأضاف: «نفهم أن المساعدات الإنسانية لا تكفي. في نفس الوقت نقدم مساعدات ملموسة للجيش الحر في مواجهة النظام».
وتحدث فورد عن «أسئلة في صفوف السوريين» بعد إعلان وزير الخارجية الأميركي جون كيري من موسكو الدعوة إلى مؤتمر دولي حول سوريا بمشاركة ممثلين للنظام والمعارضة. وقال: «دعوني أكون واضحاً جداً. الموقف الأميركي لم يتغيّر. منذ سنتين تقريباً أعلنّا أن بشار الأسد فقد شرعيته، وعليه أن يتنحى».