ترامب يرفع راية الاستسلام ويعترف بالهزيمة في أوكرانيا!

قيم هذا المقال
(0 صوت)
ترامب يرفع راية الاستسلام ويعترف بالهزيمة في أوكرانيا!

لم يفاجئنا هذا التغيير الجذري في مواقف دول أوروبا الغربية، وخاصة فرنسا وبريطانيا وألمانيا تجاه حرب الإبادة والتطهير العرقي الذي يمارسه الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة واتخاذها موقفا رافضا بقوة لمشروع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بتهجير مليونين من مواطني القطاع إلى مصر والأردن، واعتباره "فضيحة" وأبشع أنواع التطهير العرقي مثلما جاء على لسان المستشار الألماني أولاف شولتس.

 

 

وكلمة السر في هذا التحول هي المكالمة الهاتفية التي أجراها الرئيس ترامب مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين، واتفاقهما على الذهاب إلى مائدة المفاوضات وأن يكون لقاؤهما الأول في الرياض عاصمة المملكة العربية السعودية كمقدمة لتبادل الزيارات بينهما، وما أغضب أوروبا أن جميع هذه التحركات "الخيانية" حسب معظم المسؤولين فيها، تتم دون التشاور المسبق مع دول الشريك الأوروبي الذي ساهم بأكثر من 60 بالمئة من الدعم العسكري لأوكرانيا.

هذا التحرك من قبل الرئيس ترامب نحو روسيا، ومبادرته الاتصال بالرئيس بوتين، ودعوته "محتمل" في الرياض، يشكل استسلام أمريكا واعترافها بالهزيمة في الحرب الأوكرانية التي تدخل هذه الأيام عامها الرابع، ورفعها الرايات البيضاء، والتخلي عن أوروبا الحليف الاستراتيجي في حلف "الناتو" وطعنها في الظهر بخنجر مسموم.

ما يزعج أوروبا أن الرئيس ترامب بركوعه أمام بوتين، أهانها وأذلها، وأظهر أبشع أنواع الغباء في علم التفاوض الاستراتيجي ليس بعدم إبلاغ قادتها بخطواته هذه مسبقا، والاتفاق على استراتيجية موحدة متفق عليها كشركاء في هذه الحرب، وإنما أيضا بتقديمه تنازلات كبيرة جدا لروسيا حتى قبل أن تبدأ المفاوضات وأبرزها:

أولا: رفض أي محاولة لانضمام أوكرانيا إلى حلف شمال الأطلسي (الناتو) باعتباره خيارا غير واقعي.

ثانيا: يجب أن تقدم أوكرانيا تنازلات أرضية كبيرة، إدخال تعديلات على حدودها رضوخا للمطالب الروسية، وعليها أن لا تفكر مطلقا بالعودة إلى حدودها قبل عام 2014، مما يعني تنازلها عن شبه جزيرة القرم، والإقليم الشرقي الجنوبي الذي يضم منطقة دونباس ذات الأغلبية من أصول روسية.

ثالثا: أمريكا التي يدعي الرئيس ترامب أنها قدمت 350 مليار دولار لدعم المجهود الحربي في أوكرانيا ستواصل الدعم، ولكن ليس مجانا، فأوكرانيا تملك معادن نادرة، وتعتبر سلة حبوب أوروبا، وعليها أن تسدد لأمريكا كل دولار حصلت عليه منها في الأعوام الثلاثة الماضية، إنها عقلية التاجر الذي يرى الأمور من زاوية الربح والخسارة.

شاهد أيضا.. ترامب يعد بمشاركة كييف في محادثات السلام مع روسيا

ربما سيكسب ترامب الصهيونية العالمية العنصرية بدعمه لحرب الإبادة في قطاع غزة، وفتح الترسانة العسكرية الأمريكية الضخمة أمام الجيش الإسرائيلي لدعم حروبه ومجازره ضد العرب لإعادة تشكيل خرائط الشرق الأوسط وفق الأحلام التاريخية بإقامة "إسرائيل الكبرى"، ولكنه قد يشق التحالف الغربي الأمريكي الأوروبي، وبما يؤدي إلى تدمير حلف الناتو، تنفيذا لإملاءات معلمه وسيده بنيامين نتنياهو، والتحالف الليكودي المتطرف الذي يتزعمه الأخير، ولكن ربما قد يخسر أمريكا نفسها في نهاية المطاف بسبب هذه السياسات التي توصف بقمة الغباء.

لا نعرف انعكاسات هذه السياسات "الترامبية" المفاجئة على الداخل الأمريكي ومؤسساته، والحزب الجمهوري على وجه الخصوص، فالحرب في أوكرانيا لم يشتعل فتيلها لتدمير الإمبراطورية الروسية بضوء أخضر من الرئيس الأمريكي السابق جو بايدن، وبقرار شخصي منه وحزبه، وإنما بقرار من الدولة الأمريكية العميقة، أو بموافقتها ودعمها على الأقل، فهل مبادرة ترامب هذه بالركوع تحت أقدام الرئيس بوتين كانت من بنات أفكاره، وتمردا على الدولة العميقة الاستعمارية الأمريكية أم بموافقتها؟

جون بولتون مستشار الأمن القومي الأمريكي الأسبق في حكومة ترامب الأولى، وأحد وجوه هذه الدولة العميقة، قال في تغريدة على منصة "إكس" (تويتر سابقا) "من غير المعقول أن نسمح لروسيا بتقويض سيادة أوكرانيا، وخيانة الأوكرانيين بالتنازل عن أرضهم، وعن ضمان أمنهم وعضويتهم في حلف الناتو قبل بدء المفاوضات.. إنه استسلام فعلي من قبل ترامب للرئيس بوتين".

ميدفيديف الرئيس الروسي السابق، ونائب رئيس مجلس الأمن القومي الروسي، قال في تغريدة له على منصة "تلغرام" قبل بضعة أسابيع إن انفتاح ترامب على روسيا، وتقاربه من بوتين قد يؤدي إلى اغتياله لأن هذا التقارب يشكل خروجا على رغبة الدولة العميقة الأمريكية، وقد يواجه مصير الرئيس الأمريكي جون كيندي الذي اغتيل عام 1962 لارتكابه هذه "الخطيئة".

نحن أبناء منطقة الشرق الأوسط، ودولة فلسطين التاريخية تحديدا، الذين نعاني من حرب الإبادة الإسرائيلية في الضفة والقطاع والمدعومة أمريكيا نتمنى أن يتسع الشرخ بين التحالف الأمريكي والأوروبي وبما يؤدي إلى تفكيك حلف الناتو، ولن نذرف دمعة واحدة على اغتيال ترامب برصاص دولته العميقة (فخار يكسر بعضه)، بل قد يقيم بعضنا أو معظمنا، سرادق الفرح في حال تحقق حلمنا الأبدي قي تفكيك امبراطورية الشر الأمريكية، ولا نبالغ إذا قلنا إن "طوفان الأقصى" لعب وسيلعب دورا كبيرا في هذه التطورات الحالية والقادمة، والعبرة في النهايات.. والأيام بيننا.

قراءة 33 مرة