emamian

emamian

مواجهات بحي الشيخ جراح في مدينة القدس المحتلة وصمود مستمر مع اقتراب موعد التهجير القسري الاسرائيلي، لعائلات مقدسية في حي الشيخ جراح من منازلهم مطلع الشهر المقبل، لصالح المستوطنين.

مواجهات بحي الشيخ جراح في مدينة القدس المحتلة وصمود مستمر مع اقتراب موعد التهجير القسري الاسرائيلي، لعائلات مقدسية في حي الشيخ جراح من منازلهم مطلع الشهر المقبل، لصالح المستوطنين.

المواجهات اندلعت عقب اقتحام مجموعات من المستوطنين للحي ومنازله، تحت حماية قوات الاحتلال، فتصدى لهم أهالي الحي.

وقال أحد أهالي شيخ جراح ان حدود 1500 مستوطن دخلوا حي الشيخ جراح.

وقال أحد أهالي الشيخ جراح:"هجموا علينا وعلی بيوتنا وکسروا زجاج السيارات بطريقة وحشية وبالحجار".

ويتهدد خطر التهجير خمسمئة مقدسي يقطنون في ثمانية وعشرين منزلا بالحي على أيدي جمعيات استيطانية بعد سنوات من التواطؤ مع محاكم الاحتلال، التي أصدرت مؤخرا قرارات بطرد العائلات المقدسية من منازلها، لاسكان المستوطنين الصهانية.

وتستمر العائلات المقدسية بالفعاليات والتظاهرات الأسبوعية في الشيخ جراح، احتجاجا على سياسة إخلاء المنازل وهدمها، والاستيطان في الحي. وفي الآونة الأخيرة، رفضت محكمة الاحتلال المركزية الاستئنافات التي تقدم بها طاقم الدفاع عن عائلات الشيخ جراح. وتسعى العائلات المقدسية اليوم إلى مساءلة الاحتلال أمام المحكمة الجنائية الدولية.

مؤسسة القدس الدولية اعتبرت أن محكمة الاحتلال ليست مرجعية مقبولة للبت في قضية تهجير العائلات المقدسية، ولا يصح التوقف عند تحسين الموقف في أروقتها. ودعت المؤسسة الأردن باعتباره الدولة الضامنة لحق أهالي الحي للتوجه إلى محكمة الجنايات الدولية؛ واكدت ان تهجير الاحتلال السكان الأصليين وجلب مستوطنين مكانهم جريمة حرب موصوفة.

ومنذ العام 1972، يواجه أهالي الشيخ جراح مخططا إسرائيليا لتهجيرهم وبناء مستوطنة على أنقاض بيوتهم، بزعم أن الأرض التي بُنيت عليها منازلهم من طرف الحكومة الأردنيّة، كانت مؤجرة.

المصدر:العالم

جرت في لندن مباحثات أوروبية أميركية بشأن إحياء الاتفاق النووي مع إيران على هامش اجتماع وزراء خارجية مجموعة السبع، اليوم الثلاثاء، في حين أكد دبلوماسي روسي تحقيق تقدم في مفاوضات فيينا بشأن الاتفاق.

وقال الاتحاد الأوروبي إن مفوض السياسة الخارجية بالاتحاد، جوزيب بوريل، أجرى في العاصمة البريطانية محادثات مع وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، بشأن مفاوضات فيينا، في ضوء إمكانية عودة الولايات المتحدة إلى الاتفاق النووي وضمان التنفيذ الكامل والفعال للاتفاق.

وصرح بوريل قائلا "كانت لدي الفرصة لأتحدث مع زملائي بشأن وضع المفاوضات الخاصة بالاتفاق النووي مع إيران. تحدثت مع وزير الخارجية بلينكن بشأن سير هذه المفاوضات الصعبة؛ لكنها تسير قدما. ومن يوم الجمعة سنبدأ جولة جديدة من هذه المفاوضات".

من جهته، قال بلينكن إن محادثات فيينا أحرزت تقدما؛ لكنه أشار إلى أن الطريق طويل، وأنه يتعين على إيران أن تعود للالتزام بالاتفاق النووي.

وضمن تصريحاته، أشار وزير الخارجية الأميركي إلى التقارير الصحفية بشأن مباحثات سعودية إيرانية، ووصف ذلك بأنه أمر "مشجع"، وقال إن من الجيد إدارة الخلافات بالحوار المباشر.

تفاؤل روسي

وفي وقت سابق، قال المندوب الروسي لدى المنظمات الدولية في فيينا، ميخائيل أوليانوف، إن المحادثات الجارية في العاصمة النمساوية بشأن إحياء الاتفاق النووي تحقق تقدما، معربا عن استغرابه التعليقات التي تتحدث عن انهيارها.

وقال أوليانوف في تغريدة على تويتر إن ما يتداول عن انهيار المحادثات هو مجرد "تمنيات للذين يعادون الجهود المبذولة لمنع انتشار الأسلحة النووية".

في تلك الأثناء، تتواصل المشاورات الفنية بين الأطراف المعنية في فيينا، بعد اختتام الجولة الثالثة من المفاوضات يوم السبت الماضي، والاتفاق على استئنافها يوم الجمعة المقبل.

 

وقال المتحدث باسم الخارجية الإيرانية، سعيد خطيب زاده، أمس الاثنين، إن المفاوضات توصلت حتى الآن إلى صياغة مسودتين، وإن الأمر في هذه المرحلة يتطلب دقة عالية، وفق تعبيره.

وأضاف زاده أنه كان بالإمكان التوصل لتفاهم قبل شهر لو كانت واشنطن جاهزة لرفع كافة العقوبات بشكل عملي، موضحا أن تفاهمات فيينا استندت إلى القبول برفع العقوبات، وأن الخلاف يتركز حاليا حول بعض الشخصيات والكيانات في قائمة العقوبات الأميركية.

وأعرب الرئيس الإيراني، حسن روحاني، يوم الأحد، عن توقعه حدوث انفراجة مهمة خلال الأسابيع المقبلة بشأن العقوبات على بلاده.

وفي الجانب الآخر، قال مستشار الأمن القومي الأميركي، جيك سوليفان، يوم الأحد، إن واشنطن لم تتوصل إلى اتفاق في فيينا بعد، وإن هناك مسافة يجب قطعها لتجاوز العقبات.

وأضاف أن الدبلوماسيين سيواصلون العمل خلال الأسابيع المقبلة للعودة المتبادلة للاتفاق وإحراز تقدم.

من جهة أخرى، قالت مجلة "بوليتيكو" (Politico)، أمس الاثنين، إن سعي إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن لإحياء الاتفاق النووي مع إيران يثير شكوكا عميقة في الكونغرس، بما في ذلك لدى بعض أعضاء الحزب الديمقراطي.

وذكرت المجلة أن الجمهوريين يناقشون إستراتيجيات تصعب على بايدن العودة للاتفاق النووي، من خلال استخدام مواد تشريعية مرتبطة بالعقوبات، التي فرضها الرئيس السابق دونالد ترامب حين انسحب من الاتفاق عام 2018.

لا تبادل للسجناء

من ناحية أخرى، قال البيت الأبيض اليوم إنه لا يوجد اتفاق مع إيران على تبادل سجناء؛ لكنه أضاف أن المحاولات مستمرة لإطلاق سراح 4 أميركيين تحتجزهم طهران.

وقالت جين ساكي، المتحدثة باسم البيت الأبيض، للصحفيين إن أي محادثات غير مباشرة مع إيران بشأن تبادل السجناء منفصلة عن جهود استئناف المفاوضات بشأن برنامج إيران النووي.

وكان مسؤولون من كلا الجانبين الأميركي والإيراني قد نفوا إبرام صفقة لتبادل السجناء، بعدما أورد التلفزيون الإيراني هذا النبأ.

المصدر : الجزيرة + وكالات

 

أعلن نائب رئيس المجلس التنسيقي للاعلام الإسلامي، ان قائد الثورة الاسلامية آية الله العظمى السيد علي الخامنئي، سيلقي خطابا متلفزا بمناسبة يوم القدس العالمي، الذي يصادف آخر جمعة من شهر رمضان المبارك 7 مايو الجاري.

اعلن ذلك نصرت الله لطفي في مؤتمر صحفي اليوم الاثنين لشرح برامج يوم القدس العالمي، وقال: خطاب قائد الثورة الإسلامية، آية الله العظمى الإمام الخامنئي، بمناسبة يوم القدس العالمي، سيبث على الهواء مباشرة الى الشعب الإيراني والعالم الإسلامي، على القنوات التلفزيونية المحلية والأجنبية يوم الجمعة 7 مايو/ايار الجاري في الساعة 11 صباحا بتوقيت طهران (السادسة والنصف حسب توقيت غرينتش).
واضاف لطفي: على الرغم من أن الغرض الأساسي من اقامة مراسم يوم القدس العالمي، هو في الواقع إرث دائم لإحياء الإسلام المحمدي الاصيل، هو الدفاع عن القضية الفلسطينية وإحباط مؤامرة نظام الهيمنة والصهيونية لنسيان قضية القدس التي هي القضية الأولى في العالم الإسلامي، لكن لابد من الاهتمام بهذه القضية المهمة والرسالة الحقيقية وتوضيحها.
ووصف يوم القدس بأنه مؤشر على التمييز بين الحق والباطل، وقال: في السنة الثالثة والسبعين على احتلال القدس، أصبح هذا اليوم ذو أهمية مضاعفة مقارنة بالسنوات السابقة ، لأننا شهدنا أحداثًا مثل خيانة عدد من القادة العرب في تطبيع العلاقات مع الكيان الصهيوني المزيف، واغتيال الشهيد فخري زادة، وفي اغتيال شهيد القدس والمقاومة القائد الشهيد قاسم سليماني، وأعمال التخريب في موقع نطنز النووي.

واشار نائب رئيس المجلس التنسيقي للاعلام الاسلامي الى عدم امكانية اقامة مسيرة بالسيارات والدراجات النارية على غرار العام الماضي في يوم القدس العالمي بسبب الموجة الجديدة من انتشار فيروس كورونا المستجد، اضافة الى منع اقامة المسيرات والتجمعات الشعبية.
ولفت لطفي الى ان أحد البرامج البديلة ليوم القدس هو احياء الانتفاضة عبر الفضاء الافتراضي، وقال: برنامج آخر هو أنه في يوم القدس ستزين السيارات في المدن بملصقات تتعلق بالمقاومة والشهيد سليماني.
واشار الى اقامة المؤتمر الدولي الثاني حول القدس في الفضاء الافتراضي ومواقع التواصل الاجتماعي بمشاركة شخصيات علمية وثقافية وسياسية من 20 بلدا برئاسة آية الله اعرافي مدير الحوزات العلمية وعضو مجلس صيانة الدستور يومي 4و5 مايو الجاري.
واضاف: سيعقد لقاء بعنوان "تحرير القدس قريب" بحضور ممثلي حزب الله اللبناني والجهاد الإسلامي وحركة حماس في ايران وبحضور إعلاميين يوم الأربعاء 5 مايو.
كما اشار لطفي الى عقد اجتماع آخر بعنوان "تحرير القدس قريب" في مسجد الامام الصادق (ع) في ساحة فلسطين بالعاصمة طهران يوم الخميس 6 مايو، بمشاركة الامين العام للمجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الاسلامية حميد شهرياري، وسفيري فلسطين واليمن وممثلي حركة الجهاد الاسلامي وحماس في ايران.
كما اشار الى اختيار وسم وشعار القدس خلال العام الجاري، بهدف إنشاء حملات افتراضية محلية ودولية واسعة النطاق، ووسم (هاشتاغ) واحد بثلاث لغات فارسية وعربية وإنجليزية وتم اختيار شعار واحد:
# القدس_اقرب
# قدس_شریف_نزدیکیم
#quds_is_closer
وشعار واحد: تحرير القدس قريب

واضاف نائب رئيس المجلس التنسيقي للاعلام الاسلامي: ان من البرامج الاخرى في يوم القدس العالمي، مراسم رفع علم فلسطين في الساحات والشوارع التي تحمل أسم فلسطين أو القدس، والشوارع التي كانت تمر فيها مسيرات يوم القدس كل عام، وفي نفس الوقت حرق علم الكيان الصهيوني المزيف والغاصب الصهيوني، والشيطان الاكبر اميركا.

المصدر:فارس

 

أكدت فصائل المقاومة الفلسطينية في بيان لها اليوم الثلاثاء وبمناسبة يوم القدس العالمي، أن القدس كانت وستبقى محور الصراع، داعية أن يكون "يوم القدس العالمي هذا العام يوماً لإشعال الثورة والانتفاضة".

ودعت الفصائل أبناء الشعب في الضفة الغربية والقدس، وعرب الـ48 لإسناد أهلهم المهددين بالتهجير في حي الشيخ جرّاح.

وحذّر البيان "العدو الصهيوني من مغبّة الإقدام على جريمته النكراء في حيّ الشيخ جرّاح"، حيث يواصل الاحتلال عمليات القمع ضد أهالي الحي، ويعمل الاحتلال على إلقاء القنابل الصوتية اتجاه المعتصمين.

وإذ شددت الفصائل على تحميل الاحتلال كامل التداعيات عن ارتكابه أي جريمة بحقّ الشعب الفلسطيني في القدس والأقصى، أكدت "معركتنا مع الاحتلال في القدس هي معركة على الهوية وعلى الوجود".

كما أكدت على التمسك بالثوابت الوطنية لتحرير فلسطين وخيار المقاومة بأشكالها كافة، معتبرة أن المقاومة المسلحة هي الطريق الأقصر والأمثل لتحرير فلسطين، ومواجهة مشاريع تصفية القضية الفلسطينية.

فصائل المقاومة دعت لترتيب البيت الفلسطيني، واحترام إرادة الشعب بإجراء الانتخابات في موعدها.

وتناولت فصائل المقاومة الانتخابات التشريعية وأكدت على إجرائها في القدس، وشددت "لتكن محطة من محطات المواجهة والاشتباك مع الاحتلال".

وفي هذا الإطار دعت الفصائل "لتشكيل أكبر تكتل على رأسه قوى المقاومة لصياغة استراتيجية التحرير والمواجهة الشاملة".

المصدر:العالم

يصادف يوم 21 من شهر رمضان المبارك ذكرى استشهاد امير المؤمنين ومولى المتقين الامام علي بن ابي يطالب (عليه السلام) عام 40 هجرية.

نسبه الشريف: 
  هو علي بن أبي طالب (و اسمه عبد مناف) بن عبد المطلب (و اسمه شيبة الحمد) بن هاشم (و اسمه عمرو) بن عبد مناف (و اسمه المغيرة) بن قصي بن كلاب بن مرة بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان .

أبوه :
 أبو طالب هو الذي كفل رسول الله صلى‏الله ‏عليه‏ وآله، صغيرا و قام بنصره و حامى عنه و ذب عنه وحاطه كبيرا و تحمل الأذى في سبيله من مشركي قريش و منعه منهم و لقي لأجله عناء عظيما و قاسى بلاء شديدا أو صبر على نصره و القيام بأمره حتى إن قريشا لم تطمع في رسول الله صلى‏الله‏عليه‏ وآله و كانت كاعة عنه حتى توفي أبو طالب و لم يؤمر بالهجرة إلا بعد وفاته. و كان أبو طالب مسلما لا يجاهر بإسلامه و لو جاهر لم يمكنه ما أمكنه من نصر رسول الله صلى‏الله‏عليه‏ وآله على أنه قد جاهر بالإقرار بصحة نبوته في شعره مرارا مثل قوله:
و دعوتني و علمت أنك صادق  و لقد صدقت و كنت قبل أمينا
و لقد علمت بأن دين محمد  من خير أديان البرية دينا
و قوله الذي مدحه فيه بما لا ينطق به غير مسلم فقال:
كذبتم و بيت الله نبزي محمدا  و لما نطاعن دونه و نناضل‏
و ننصره حتى نصرع حوله  و نذهل عن أبنائنا و الحلائل‏
و أبيض يستسقى الغمام بوجهه  ثمال اليتامى عصمة للأرامل
‏تلوذ به الهلاك من آل هاشم  فهم عنده في نعمة و فواضل
‏و ميزان حق لا يخيس شعيرة  و وزان صدق وزنه غير عائل
‏ألم تعلموا أن ابننا لا مكذب لدينا  و لا يعني (يعيا) بقول الأباطل

كنيته:  
  يكنى أبا الحسن و أبا الحسين و كان الحسن في حياة رسول الله صلى‏الله‏عليه‏ وآله يدعوه أبا الحسين و الحسين يدعوه أبا الحسن و يدعوان رسول الله صلى‏الله‏عليه‏ وآله أباهما فلما توفي النبي صلى‏الله‏عليه‏ وآله دعوا عليا أباهما.و كان يكنى أيضا بأبي تراب كناه به رسول الله صلى‏الله‏عليه‏ وآله ففي الإستيعاب بسنده قيل لسهل ابن سعد إن أمير المدينة يريد أن يبعث إليك لتسب عليا عند المنبر قال كيف أقول قال تقول أبا تراب فقال و الله ما سماه بذلك إلا رسول الله صلى‏الله‏عليه‏ وآله قال و كيف ذلك يا أبا العباس قال دخل على فاطمة ثم خرج من عندها فاضطجع في صحن المسجد فدخل رسول الله صلى‏الله‏عليه‏ وآله على فاطمة فقال أين ابن عمك قالت هو ذاك مضطجع في المسجد فوجده قد سقط رداؤه عن ظهره و خلص التراب إلى ظهره فجعل يمسح التراب عن ظهره و يقول اجلس أبا تراب فو الله ما سماه به إلا رسول الله صلى‏الله‏عليه‏ وآله و الله ما كان اسم أحب إليه منه .

استشهاد أمير المؤمنين علي عليه‏ السلام و قدر عمره و مدة خلافته :
  استشهد عليه‏ السلام سنة 40 من الهجرة في شهر رمضان ضرب ليلة تسع عشرة ليلة الأربعاء و قبض ليلة الجمعة ليلة إحدى و عشرين على المعروف بين أصحابنا و عليه عمل الشيعة اليوم و روى الطبري و ابن الأثير أنه ضرب ليلة الجمعة لإحدى عشرة ليلة بقيت من شهر رمضان فتكون وفاته ليلة الأحد. و عمره «ثلاث و ستون سنة» 
و أشهر الأقوال الأول و الثالث قال ابن شهرآشوب في المناقب : قبض صلى‏ الله‏ عليه‏ وآله قتيلا في مسجد الكوفة وقت التنوير ليلة الجمعة لتسع عشرة ليلة مضين من شهر رمضان فبقي يومين إلى نحو الثلث من الليل و له يومئذ «خمس و ستون سنة» في قول الصادق عليه‏ السلام، و كانت مدة خلافته خمس سنين إلا نحوا من أربعة أشهر أو ثلاثة أشهر لأنه بويع لخمس بقين من ذي الحجة سنة 35.
قال ابن الأثير في الكامل قيل من غير وجه أن عليا كان يقول ما يمنع أشقاكم أن يخضب هذه من هذه يعني لحيته من دم رأسه.
وقال الحسن بن كثير عن أبيه: خرج علي من الفجر فأقبل الأوز يصحن في وجهه فطردوهن عنه فقال ذروهن فإنهن نوائح، فضربه ابن ملجم في ليلته ، وقال الحسن بن علي يوم استشهاد علي : خرجت البارحة و أبي يصلي في مسجد داره فقال لي يا بني إني بت أوقظ أهلي لأنها ليلة الجمعة فملكتني عيناي فنمت فسنح لي رسول الله صلى ‏الله‏عليه‏ وآله فقلت يا رسول الله ماذا لقيت من أمتك من الأود و اللدد (قال أبو الفرج : و الأود العوج و اللدد الخصومات ) فقال لي: ادع عليهم فقلت اللهم أبدلني بهم من هو خير منهم و أبدلهم بي من هو شر مني فجاء ابن الثباج فأذنه بالصلاة فخرج و خرجت خلفه فضربه ابن ملجم فقتله.

وصية أمير المؤمنين عليه‏ السلام :

 ذكرها أبو جعفر محمد بن جرير الطبري في تاريخه و أبو الفرج الأصبهاني في مقاتل الطالبيين .
بسم الله الرحمن الرحيم.هذا ما أوصى به أمير المؤمنين علي بن أبي طالب أوصى أنه يشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له و أن محمدا عبده و رسوله أرسله بالهدى و دين الحق ليظهره على الدين كله و لو كره المشركون ثم إن صلاتي و نسكي و محياي و مماتي لله رب العالمين لا شريك له و بذلك أمرت و أنا أول المسلمين أوصيكما بتقوى الله و أن لا تبغيا الدنيا و أن بغتكما و لا تأسفا على شي‏ء منها زوي عنكما و قولا بالحق و اعملا للأجر (للآخرة خ ل) و كونا للظالم خصما و للمظلوم عونا أوصيكما و جميع ولدي و أهل بيتي و من بلغهم كتابي هذا من المؤمنين بتقوى الله و نظم أمركم و صلاح ذات بينكم فإني سمعت رسول الله صلى‏الله‏عليه‏ وآله يقول صلاح ذات البين أفضل من عامة الصلاة و الصيام و إن البغضة حالقة الدين و لا قوة إلا بالله انظروا ذوي أرحامكم فصلوهم يهون الله عليكم الحساب و الله الله في الأيتام لا تغيروا أفواههم و لا يضيعوا بحضرتكم فإني سمعت رسول الله صلى‏الله‏عليه‏ وآله يقول من عال يتيما حتى يستغني أوجب الله له الجنة كما أوجب لآكل مال اليتيم النار.
و الله الله في القرآن فلا يسبقكم إلى العمل به غيركم و الله الله في جيرانكم فإنهم وصية نبيكم ما زال يوصينا بهم حتى ظننا أنه سيورثهم و الله الله في بيت ربكم فلا يخلون منكم ما بقيتم فإنه إن ترك لم تناظروا و إن أدنى ما يرجع به من أمه أن يغفر له ما سلف من ذنبه و الله الله في الصلاة فإنها خير العمل و إنها عمود دينكم و الله الله في الزكاة فإنها تطفئ غضب ربكم و الله الله في صيام شهر رمضان فإن صيامه جنة من النار و الله الله في الجهاد في سبيل الله بأموالكم و أنفسكم فإنما يجاهد في سبيل الله رجلان إمام هدى و مطيع له مقتد بهداه و الله الله في ذرية نبيكم فلا يظلمن بين أظهركم و الله الله في أصحاب نبيكم الذين لم يحدثوا حدثا و لم يؤووا محدثا فإن رسول الله صلى‏الله‏عليه‏ وآله أوصى بهم و لعن المحدث منهم و من غيرهم و المؤوي للمحدث.
والله الله في الفقراء و المساكين فأشركوهم في معايشكم و الله الله في النساء و ما ملكت أيمانكم فإن آخر ما تكلم به رسول الله صلى ‏الله ‏عليه‏ وآله أن قال أوصيكم بالضعيفين نسائكم و ما ملكت أيمانكم ثم قال الصلاة الصلاة و لا تخافن في الله لومة لائم يكفكم من أرادكم و بغى عليكم قولوا للناس حسنا كما أمركم الله عز و جل و لا تتركوا الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر فيولي الله الأمر شراركم ثم تدعون فلا يستجاب لكم عليكم بالتواصل و التباذل و التبار و إياكم و التقاطع و التدابر و التفرق و تعاونوا على البر و التقوى و لا تعاونوا على الإثم و العدوان و اتقوا الله إن الله شديد العقاب حفظكم الله من أهل بيت و حفظ فيكم نبيكم و استودعكم الله خير مستودع و أقرأ عليكم السلام و رحمة الله و بركاته.
وقال ابن الأثير إنه دعا الحسن و الحسين عليهماالسلام فقال لهما أوصيكما بتقوى الله و لا تبغيا الدنيا و أن بغتكما و لا تبكيا على شي‏ء زوي عنكما منها و قولا الحق و ارحما اليتيم و كونا للظالم خصما و للمظلوم ناصرا و اعملا بما في كتاب الله و لا تأخذكما في الله لومة لائم ثم نظر إلى محمد بن الحنفية فقال هل حفظت ما أوصيت به أخويك قال نعم قال فإني أوصيك بمثله و أوصيك بتوقير أخويك العظيم حقهما عليك و لا تقطع دونهما أمرا ثم قال أوصيكما به فإنه شقيقكما و ابن أبيكما و قد علمتما إن أباكما كان يحبه وقال للحسن أوصيك أي بني بتقوى الله و أقام الصلاة و إيتاء الزكاة و غفر الذنب و كظم الغيظ و صلة الرحم و الحلم عن الجاهل و التفقه في الدين و التعاهد للقرآن و حسن الجوار و الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر و اجتناب الفواحش.
ثم قال للحسن : أبصروا ضاربي أطعموه من طعامي و اسقوه من شرابي.ثم قال للحسن عليه‏ السلام إذا أنا مت فلا تغال في كفني و صل علي و كبر علي سبعا و في رواية خمسا وغيب قبري.

لقد مثلت حياة امير المؤمنين الامام علي بن ابي طالب عليه السلام اسمى معاني التضحية والفداء والشجاعة والبطولة والصبر والايثار والحق، التي تجسدت في شخصيته الفذة التي قل نظيرها،أن لم نقل انعدم مثيلها في التاريخ عدا شخص الرسول الكريم محمد (صلى الله عليه وآله)

لقد أختزل الاسلام برمته في شخصية علي بن ابي طالب (ع)، فمن اراد ان يعرف الاسلام الحقيقي كما هو دون زيف وتحريف فلينظر الى شخصية وسيرة امير المؤمنين (ع).
ويكفي عليا فخرا بأنه وليد الكعبة الوحيد على مر التاريخ، حيث اراد الله سبحانه وتعالى ان يكرك الامام علي عليه السلام بصورة لايكرم بها أي شخصية اخرى من البشر عدا الانبياء عليهم الصلاة والسلام، وبذلك جعله وليد الكعبة المشرفة والتي تشرف بها وافتخرت به، وان يأتي النداء من الله العلي القدير على لسان جبريل " لافتى الا علي لاسيف الا ذو الفقار ".

لقدكان الامام علي ومازال وسيبقى نورا ساطعا يضيء الدرب لكل المسلمين في مشارق الارض ومغاربها على الرغم مما قام به الاعداء الكثيرون له من محاولات كثيرة لطمس شخصيته وعدم اظهارها بوجهها الحقيقي على مدى التاريخ. ولكن مهما حاول هؤلاء الاعداء طمس الحقائق يزداد الناس تمسكا بعلي وبالمنهج الذي خطه للمسلمين.

اننا عندما نستذكر شخصية الامام علي (ع) علينا ان نضع نصب اعيننا المبادئ والقيم التي استشهد من اجلها امير المؤمنين , ولتكن مناسبة متجددة للوقوف على واقع الدين الاسلامي حاليا ومما يحاول اعداء هذا الدين من تشويه صورته الحقيقية التي اوجدها الرسول الكريم محمد (ص) ونشرها ابن عمه علي بن ابي طالب (ع) بسيفه وأبقاها ابن امير المؤمنين الحسين الشهيد عليه السلام، للعمل لازالة مالحق به من تشويه وزيف.

 

  • حسن لافي

يحمل شهر رمضان هذا العام في طياته مشهدين متعاكسين داخل مدينة القدس، يمثلان إرادتين متناقضتين تسعيان لرسم مستقبل المدينة المقدسة.

تأتي انتفاضة رمضان في مدينة القدس في سياق مجابهة المقدسيين للمخططات التهويدية الإسرائيلية الساعية إلى تغيير الوضع الراهن في باب العمود، أحد الأبواب الرئيسية للبلدة القديمة في القدس، والتي اندلعت شرارتها إثر المسيرة الاستيطانية التي دعت إليها منظمة "لاهافا" التهويدية الدينية، إذ إنَّ منع الفلسطينيين من التواجد عند باب العمود الَّذي يعتبر الأكثر حيوية والأهم اقتصادياً للحركة التجارية لأهل البلدة القديمة، هو عبارة عن تهيئة الأجواء لطرد للمقدسيين من تلك المنطقة من جهة، الأمر الذي يتساوق مع المساعي الصهيونية الحثيثة لتهويد القدس، وخصوصاً أحياء البلدة القديمة. ومن جهة أخرى، هو مسعى لفتح ممر واسع لوصول قطعان المستوطنين بسهولة إلى المسجد الأقصى المبارك أثناء محاولاتهم المتكررة لاقتحام باحاته.

يحمل شهر رمضان هذا العام في طياته مشهدين متعاكسين داخل مدينة القدس، يمثلان إرادتين متناقضتين تسعيان لرسم مستقبل المدينة المقدسة:

المشهد الأول هو تحضير الاستيطان الصهيوني لأكبر عملية اقتحام لباحات المسجد الأقصى، بدعوة من جماعات المعبد التهويدية يوم 28 رمضان، بذريعة "يوم القدس العبري" أو ذكرى "استكمال احتلال القدس"، تعبيراً عن إرادة صهيونية تهويدية عارمة تسعى إلى طمس هوية القدس الإسلامية العربية لحساب خلق "أورشليم" التلمودية الصهيونية. وفي السياق ذاته، تحويل البلدة القديمة، بأحيائها العربية المسيحية والإسلامية، إلى مدينة "داوود" التلمودية الاستيطانية اليهودية، كمقدمة لبناء الهيكل المزعوم على أنقاض المسجد الأقصى.

المشهد الآخر هو إحياء الفلسطينيين والمسلمين في أرجاء العالم، ومعهم كل الأحرار، يوم القدس العالمي في الجمعة الأخيرة من شهر رمضان؛ ذلك اليوم الذي أطلق نداءه الأول الإمام الخميني (رحمة الله) في السابع من آب/أغسطس 1979، بعد انتصار الثورة الإسلامية في إيران مباشرة، تأكيداً لموقع القدس الجوهري في قلوب كلّ المسلمين في أرجاء المعمورة، وفي عقولهم وأفعالهم.

تشهد مدينة القدس في حقيقة الأمر صراعاً يومياً، وعلى مستويات مختلفة، بين إرادة الباطل الصهيونية التي تسعى إلى تهويد المدينة المقدسة وطمس هويتها الحضارية الفلسطينية والعربية والإسلامية منذ احتلال المدينة في العام 1967، وإرادة الحق الفلسطيني العربي الإسلامي المتجذر في تاريخ القدس، والذي تشهد له حجارة المدينة المقدسة وأبنيتها العتيقة.

وما بين يوم القدس العالمي والقدس العبري، يبقى السؤال المطروح: كيف نحافظ على هوية القدس العربية الإسلامية؟ وكيف ندعم صمود المقدسيين في مجابهتهم الاحتلال والاستيطان والتهويد في المدينة المقدسة؟ وكيف ينتصر يوم القدس العالمي على يوم القدس العبري؟ 

إننا نرى أن هناك عنوانين رئيسيين للإجابة:

 

الأول: استراتيجية مواجهة فلسطينية

 يحتاج أهلنا في القدس في حربهم على المخطط التهويدي الاستيطاني إلى استراتيجية مواجهة مقدسية تراكم محطات الانتصار المقدسية على التهويد والاستيطان، الأمر الذي ظهر جلياً في معركة البوابات الحديدية والكاميرات على باب الأسباط، مروراً بفتح مصلى الرحمة، وصولاً إلى إزالة الحواجز عن باب العمود، إذ إن وجود استراتيجية تراكم تلك الانتصارات يعد شرطاً أساسياً في تحقيق الانتصار في الحرب، وضامناً لعدم ضياع محصلة الانتصارات في تلك المعارك المقدسية هباء، من دون أن تؤثر في نتيجة الحرب النهائية على التهويد والاستيطان الصهيوني في القدس.

رغم أن الحالة الفلسطينية مأزومة، في ظل الانقسام الذي زاد، في اعتقادنا، بعد الإعلان عن الانتخابات، ليصل إلى انقسام داخل التنظيم الواحد، فإنَّ المقدسيين قادرون على قيادة الكل الفلسطيني في الحرب ضد الاحتلال وتهويد المدينة المقدسة. لذلك، على الكل الفلسطيني أن يجعل القدس عنواناً للمعركة مع الاحتلال الإسرائيلي على كل جبهات تواجده، وأن لا يتأخر في تقديم الدعم والمساندة للمقدسيين الصامدين في خط المواجهة الأول، وخصوصاً أن القدس والمقدسيين هم الأقل تأثراً بلوثة الانقسام الفلسطيني ومسبباته، وبالتالي تمتلك القدس القدرة على تشكيل عنوان وحدة للكل الفلسطيني، فالقدس يعشقها الوطني، ويتعبّد بها الإسلامي، ويصلي فيها المسيحي، وتهفو إليها قلوب الأحرار، ومن أجلها تراق الدماء بلا تردد، الأمر الذي كان واضحاً في دخول الضفة وغزة والشّتات الفلسطيني على خط المواجهة مع الاحتلال منذ بدايات انتفاضة رمضان في باب العمود.

 

ثانياً: استراتيجية مساندة عربية وإسلامية وعالمية

لا يجوز للعرب والمسلمين وكل أحرار العالم التخلي عن الفلسطينيين في حربهم ضد تهويد القدس بكل ما تحمله من رمزية دينية وعقائدية، ناهيك بأنَّ هذه الحرب التي يخوضها الفلسطيني ضد الاحتلال الصهيوني، والتي تمنعه من الاستقرار، تصبّ في خدمة الأمن القومي للمحيط العربي والإسلامي، وتحدّ من توسع النفوذ الصهيوني وتمدّده إلى باقي الإقليم العربي والإسلامي، والأهم أنها تفضح الوجه الاستعماري للمشروع الصهيوني الأميركي أمام شعوب العالم.

من هنا، تبرز أهمية يوم القدس العالمي كدعوة لكل الجماهير الإسلامية والعربية ولكل أحرار العالم، لا للتضامن ودعم الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني فحسب، بل أيضاً لتشكيل محور مقاومة تكون القدس عاصمته وغايته الأسمى، وتتوحد من خلاله كل مجهودات الأمة ومقدراتها في مجابهة المشروع الصهيو - أميركي الساعي إلى فرض يوم القدس العبري على واقع المدينة المقدسة وتاريخها الحضاري العربي والإسلامي.

 

الإثنين, 03 أيار 2021 09:26

لیلة القدرخير من الف شهر

 
بسم الله الرحمن الرحیم
إِنَّآ انزَلْنَاهُ فِی لَیْلَةِ الْقَدْرِ * وَمَآ أَدْرَاکَ مَا لَیْلَةُ الْقَدْرِ * لَیْلَةُ الْقَدْرِ خَیْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ * تَنَزَّلُ الْمَلآَئِکَةُ وَالرُّوحُ فِیهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِن کُلِّ أَمْرٍ * سَلاَمٌ هِیَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ(1) .
عندما انهمر فیض الوحی على قلب الرسول صلى الله علیه وآله فی لیلة القدر فی شهر رمضان، وتنـزلت ملائکة الرحمة و الروح بالقرآن، رسالة السلام، وبشیر الرحمة، عندئذ خلد الله هذه المناسبة المبارکة التی عظمت فی السماوت و الارض، وجعلها لیلة مبارکة خیراً من ألف شهر .(2)
إنها حقاً عید الرحمة، فمن تعرض لها فقد حظى بأجر عظیم !! فقال الله سبحانه: (إِنَّآ انزَلْنَاهُ فِی لَیْلَةِ الْقَدْرِ)
وکذلک قال ربنا سبحانه: (إِنَّآ أَنزَلْنَاهُ فِی لَیْلَةٍ مُبَارَکَةٍ إِنَّا کُنَّا مُنذِرِینَ * فِیهَا یُفْرَقُ کُلُّ أَمْرٍ حَکِیمٍ)(3)
کذلک نزل القرآن کله على قلب الرسول فی تلک اللیلة، ثم نزل بصورة تدریجیة طیلـة ثلاث و عشرین عاماً، لتأخذ موقعها من النفوس، ولیکون کتاب تغییر یبنی الرسول به أمة وحضارة، ومستقبلاً مشرقاً للإنسانیة.
وکذلک قال ربنا سبحانه: (شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِی اُنْزِلَ فِیهِ الْقُرْانُ)(4)
ومعروف أن القرآن تنـزل بصورته المعهودة فی أیام السنة جمیعاً، فله إذاً نزلة أخرى جملة واحدة .
والسؤال: لماذا سمیت هذه اللیلة بلیلة القدر؟
یبدو أن أهم ما فی هذه اللیلة المبارکة تقدیر شؤون الخلائق، وقد استنبط اللفظ منه، فهی لیلة الأقدار المقدرة، کما قال ربنا: (فِیهَا یُفْرَقُ کُلُّ أَمْرٍ حَکِیمٍ).
وقال بعضهم: بل لأنها لیلة جلیلة القدر، قد أنزل الله فیها کتاباً قدیراً، ولأن الذی یحییها یکون عند الله ذا قدر عظیم.(5)
من ذا الذی یستطیع أن یدرک أبعاد تلک اللیلة التی بارکها الله لخلقه بالوحی، وجعلها زماناً لتقدیر شؤون العالمین؟ من ذا الذی یدرک عظمة الوحی، وجلال الملائکة، ومعانی السلام الإلهی؟ إنها لیست فوق الإدراک بصورة مطلقة، ولکنها فوق استیعاب الإنسان لجمیع أبعادها، وعلى الإنسان ألا یتصور أنه قد بلغ علم لیلة القدر بمجرد معرفة بعض أبعادها، بل یسعى ویسعى حتى یبلغ المزید من معانیها، وکلما تقدم فی معرفتها کلما استطاع الحصول على مغانم أکبر منها.
(وَمَآ أَدْرَاکَ مَا لَیْلَةُ الْقَدْرِ)
سبق القول من البعض: إن هذه الجملة وردت فی القرآن لبیان أهمیة الحقیقة التی تذکر بعدها.
بینما تترک الحقیقة مجملة إذا ذکرت عبارة وما یدریک .. هکذا قالوا، واعتقد أن کلتا الجملتین تفیدان تعظیم الحقیقة التی تذکر بعدها (6).
کیف نعرف أهمیة الزمان ؟ ألیس عندما یختصر المسافة بیننا وبین أهدافنا، فاذا حصلت فی یوم على میلون دینار، وکنت تحصل علیه خلال عام ألیس هذا الیوم خیر لک من عام کامل ؟ کذلک لیلة القدر تهب للإنسان الذی یعرف قدرها ما یساوی عمراً مدیداً؛ ثلاثاً وثمانین سنة وأربعة أشهر. وبتعبیر أبلغ؛ ألف شهر.
(لَیْلَةُ الْقَدْرِ خَیْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ)
أجل الواحد منا مسمى عند الله، وقد یکون قصیراً، قد لا یبلغ الواحد منا معشار أهدافه فیه، فهل یمکنن تحدی هذا الواقع ؟ بلى؛ ولکن لیس بالصورة التی یتخیلها الکثیر، حیث یتمنون تطویل عمرهم، وقلیل هم الذین یحققون هذه الأمنیة، لأن عوامل الوفاة عدیدة وأکثرها خارج عن إرادة الإنسان. فما هو إذاً السبیل الى تمدید العمر؟ إنما بتعمیقه، ومدى الانتفاع بکل لحظة لحظة منه. تصور لو کنت تملک قطعة صغیرة من الارض، ولا تستطیع توسیعها فکیف تصنع ؟ إنک سوف تبنی طوابق فیها بعضها تحت الأرض وبعضها یضرب فی الفضاء وقد تناطح السحب. کذلک عاش بعض الناس سنین معدودات فی الأرض، ولکنهم صنعوا عبرها ما یعادل قروناً متطاولة؛ مثلاً عمر رسولنا الکریم صلى الله علیه وآله لم یتجاوز الثلاث والستین، وأیام دعوته ثلاث وعشرون عاماً منها، ولکنها أبعد أثراً من عمر نوح المدید، بل من سنی الأنبیاء جمیعاً. وهکذا خص الله أمته بموهبة لیلة القدر، التی جعلها خیراً من ألف شهر، لیقدروا على تمدید أعمارهم فی البعد الثالث (أی بعد العمق) ولعل الخبر المأثور عن رسول الله صلى الله علیه وآله یشیر الى ذلک، فقد روی ان رسول الله صلى الله علیه وآله وسلم أری أعمار الأمم قبله فکأنه تقاصر أعمار أمته ألاّ یبلغوا من العمر مثل ما بلغ غیرهم فی طول العمر، فأعطاه الله تعالى لیلة القدر، وجعلها خیراً من ألف شهر .
وفی حدیث آخر؛ أنه ذکر لرسول الله رجل من بنی إسرئیل أنه حمل السلاح على عاتقه فی سبیل الله ألف شهر، فعجب من ذلک رسول الله عجباً شدیداً، وتمنى أن یکون ذلک فی أمته، فقال: یارب! جعلت أمتی أقصر الناس أعماراً، وأقلها أعمالاً. فأعطاه الله لیلة القدر، وقال: (لَیْلَة الْقَدْرِ خَیْر مِّن ألْفِ شَهْر) الذی حمل الإسرائیلی السلاح فی سبیل الله لک ولأمتک من بعدک الى یوم القیامة فی کل رمضان.
إنک قد تحیی لیلة القدر بالطاعة فیکتب الله اسمک فی السعداء، ویحرم جسدک على نار جهنم أبداً، وذلک بما یوفقک له من إصلاح الذات إصلاحاً شاملاً. من هنا جاء فی الدعاء المأثور فی لیالی شهر رمضان مجموعة من البصائر التی تتحول بتکرار تلاوتها الى أهداف وتطلعات یسعى نحوها المؤمن بجد ومثابرة، ویجتهد فی طلبها من ربه.
(اللهم اعطنی السعة فی الرزق، والأمن فی الوطن، وقرة العین فی الأهل والمال والولد، والمقام فی نعمک عندی، والصحة فی الجسم، والقوة فی البدن، والسلامة فی الدین، واستعملنی بطاعتک وطاعة رسولک محمد صلى الله علیه وآله أبداً ما استعمرتنی، واجعلنی من أوفر عبادک عندک نصیباً فی کل خیر أنزلته وتنـزله فی شهر رمضان فی لیلة القدر)(7)
وهکذا ینبغی أن یکون هدفک فی لیلة القدر تحقیق تحول جذری فی نفسک، تحاسب نفسک بل تحاکمها أمام قاضی العقل، وتسجل ثغراتها السابقة، وانحرافاتها الراهنة، وتعقد العزم على تجاوز کل ذلک بالندم من إرتکاب الأخطاء، والعزم على ترکها والالتجاء الى الله لیغفر لک ما مضى ویوفقک فیما یأتی .
وقد جاء فی تأویل هذه الآیة: أنها نزلت فی دولة الرسول التی کانت خیراً من دول الظالمین من بنی أمیة، حیث نقل الترمذی عن الحسن بن علی علیهما السلام: "أن رسول الله صلى الله علیه وآله أری بنی أمیة على منبره فساءه ذلک، فنـزلت (إنَّا أعْطَیْنَاکَ الکَوْثَر) یعنی نهراً فی الجنة، ونزلت (إنَّا أنْزَلْنَا فی لَیلة القَدْر وَمَا أدْرَاک مَا لَیْلة القَدْر * لَیْلَة القَدْر خَیر مِّن ألْفِ شَهْر) یملکها بعدک بنو أمیة" وکانت حکومة بنی أمیة ألف شهر لا تزید ولا تنقص .(8)
وهکذا فضیلة حکومة العدل وأثرها العظیم فی مستقبل البشریة أکثر من ألف شهر من حکومة الجور .
لماذا أمست لیلة القدر خیراً من ألف شهر ؟ لأنها ملتقى أهل السماء بأهل الأرض، حیث یجددون ذکرى الوحی، ویستعرضون ما قدر الله للناس فی کل أمر.
(تَنَزَّلُ الْمَلآَئِکَةُ)
والکلمة أصلها تتنـزّل، وصیغتها مضارع تدل على الاستمرار، فنستوحی منها؛ إن لیلة القدر لم تکن لیلة واحدة فی الدهـر، وإنما هـی فی کل عـام مرة واحدة، ولذلک أمرنا النبـی صلى الله علیـه وآلـه بإحیائهـا .
فقد جاء فی الأثر عن رسول الله صلى الله علیه وآله أنه لما حضر شهر رمضان - وذلک فی ثلاث بقین من شعبان - قال لبلال: "ناد فی الناس" فجمع الناس، ثم صعد المنبر، فحمد الله وأثنى علیه، ثم قال: " أیها الناس؛ إن هذا الشهر قد خصکم الله به، وحضرکم، وهو سید الشهور، لیلة فیه خیر من ألف شهر". (9)
وروی عن الإمام أمیر المؤمنین علیه السلام أنه قال لابن العباس: "إن لیلة القدر فی کل سنة وإنه ینـزل فی تلک اللیلة أمر السنة، ولذلک الأمر ولاة بعد رسول الله. فقال ابن عباس من هم ؟ قال علیه السلام: " أنا وأحد عشر من صلبی".(10)
(وَالرُّوحُ)
ما هو الروح ؟ هل هو جبرائیل علیه السلام أم هم أشراف الملائکة ؟ أم هم صنف أعلى منهم وهم من خلق الله، أم هو ملک عظیم یؤید به أنبیاءه ؟
استفاد بعضهم من الآیة التالیة، أن الروح هو جبرئیل علیه السلام، حیث قال (نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الاَمِینُ)(11)
واستظهر البعض من الآیة التالیة، أن الروح هی الوحی، فإن الملائکة یهبطون فی لیلة القدر به قال الله تعالى: (وَکَذَلِکَ أَوْحَیْنَآ إِلَیْکَ رُوحاً مِنْ أَمْرِنَا.)(12)
وجاء فی حدیث شریف ما یدل على أن الروح أعظم من الملائکة، فقد روی عن الإمام الصادق علیه السلام أنه سئل هل الروح جبرئیل علیه السلام؟ فقال: جبرئیل من الملائکة، والروح أعظم من الملائکة، ألیس أن الله عز وجل یقول: (تَنَزَّلُ الْمَلآَئِکَةُ وَالرُّوحُ(13)
وقد قال ربنا سبحانه: (وأیَّدَه بِروح مِّنْهُ) مما یدل على أن الروح هو ما یؤید الله به أنبیاءه .
ویبدو أن الروح خلق نورانی عظیم الشأن عند الله، وأن الله لیس یؤید أنبیاءه علیهم السلام به فقط، وإنما حتى الملائکة ومنهم جبرائیل یؤیدهم به. وبهذا نجمع بین مختلف الاحتمالات والأدلة، والله العالم .
(فِیهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم)
عظیمة تلک اللیلة التی تتنـزّل الملائکة فیها، وعظیمة لأن الأعظم منهم هو الروح یتنـزّل أیضاً، ولکن لا ینبغی أن نتوجه الى عظمة الروح بعیداً عن عظمة الخالق سبحانه، فإنهم عباد مکرمون، مخلوقون مربوبون، ولیسوا أبداً بأنصاف آلهة، ولیس لهم من الأمر أی شیء، ولذلک فإن تنـزّلهم لیس باختیارهم، وإنما بإذن ربهم.
(مِن کُلِّ أَمْرٍ)
قالوا: معناه لأجل کل أمر، أو بکل أمر. فالملائکة - حسب هذا التفسیر- یأتون لتقدیر کل أمر، ولکن ألیس الله قد قدر لکل أمر منذ خلق اللوح وأجرى علیه القلم ؟ بلى؛ إذاً فما الذی تتنـزّل به الملائکة فی لیلة القدر؟ یبدو أن التقدیرات الحکیمة قد تمت فی شؤون الخلق، ولکن بقیت أمور لم تحسم وهی تقدر فی کل لیلة قدر لأیام عام واحد، فیکون التقدیر خاصاً ببعض جوانب الأمور، ولیس کل جوانبها. بلـى؛ فالتقدیرات جمیع الأمور، ولکن من کل أمر جانباً. وهکذا یکون حرف "من" للتبعیض وهو معناه الأصلی، وهو أیضاً ما یستفاد من النصوص المأثورة فی هذا الحقل.
سأل سلیمان المروزی الإمام الرضا علیه السلام وقال: ألا تخبرنـی عـن ( إنَّا أنْزَلْنَاهُ فی لَیْلَةِ القَدْر) فی أی شیء نزلت؟ قال: "یا سلیمان؛ لیلة القدر یقدر الله عز وجل فیها ما یکون من السنة الى السنة، من حیاة أو موت, أو خیر أو شر أو رزق. فما قدره الله فی تلک اللیلة، فهو من المحتوم ".)(14)
وهکذا تختلف بصائر الوحی عن تصورات البشر، فبینما یزعم الإنسان أنه مجبور لا أثر لمشیئته فی حیاته یعطیه الوحی قیمة سامیة، حیث یجعله قادراً على تغییر مجمل حیاته؛ من سعادة وشقاء، وخیر وشر، ونفع وضر.. کل ذلک بإذن الله، وعبر الدعاء الى الله فی لیلة القدر .
إن البشریة فی ضلال بعید عن حقیقة المشیئة، فهم بین من ظن أنه صاحب القرار، وقد فوض الله الأمور إلیه تفویضاً مطلقاً، فلا ثواب ولا عقاب ولا مسؤولیة ولا أخلاق، وبین من زعم أنه مضطر تسوقه الأقدار بلا حریة منه ولا اختیار .
ولکن الحق هو أمر بین أمرین؛ فلا جبر لأننا نعلم یقیناً أن قرارنا یؤثر فی حیاتنا، أولست تأکل وتشرب وتروح وتأتی حسب مشیئتک وقرارک؟ وکذلک لا تفویض لأن هناک أشیاء کثیرة لا صنع لنا فیها؛ کیف ولدت، وأین تموت، وماذا تفعل غداً، وکم حال القضاء بینک وبین ما کنت تتمناه، وکم حجزک القدر عن خططک التی عقدت العزمات على تطبیقها ؟
بلى؛ إن الله منح الإنسان قدراً من المشیئة لکی یکون مصیره بیده، إما الى الجنة وإما الى النار، ولکن ذلک لا یعنی أنه سیدخل الجنة بقوته الذاتیة أو النار بأقدامه, وإنما الله سبحانه هو الذی یدخله الجنة بأفعاله الصالحة، أو یدخله النار بأفعاله الطالحة.
إذاً فالإنسان یختار، ولکن الله سبحانه هو الذی یحقق ما اختاره من سعادة وشقاء، وأن الله لا یغیر ما بقوم حتى یغیروا ما بأنفسهم. وها هنا تترکز أهمیة الدعاء وبالذات فی لیلة القدر التی هی ربیع الدعاء، وقد تتغیر حیاة الإنسان فی تلک اللیلة تماماً، فکم یکون الإنسان محروماً وشقیاً إن مرت علیه هذه اللیلة دون أن یستفید منها شیئاً.
ویتساءل البعض: ألیس هذا یعنی الجبر بذاته؟ فإذا کانت لیلة تحدد مصیر الإنسان فلماذا العزم والسعی والاجتهاد فی سائر أیام السنة؟!
کلا؛ لیس هذا من الجبر فی شیء، ونعرف ذلک جیداً إذا وعینا البصائر التالیة:
البصیرة الأولى: یبدو أن التقدیر فی هذه اللیلة لا یطال کل جوانب الحیاة، فهناک ثلاثة أنواع من القضایا:
نوع قدر فی لیلة واحدة فی تاریخ الکون، فقد روی عن الإمام أمیر المؤمنین علیه السلام قال: "قال رسول الله صلى الله علیه وآله وسلم: أتدری ما معنى لیلة القدر ؟ فقلت: لا یا رسول الله ! فقال: إن الله تبارک وتعالى قدّر فیها ما هو کائن الى یوم القیامة، فکان فیما قدر عز وجل ولایتک وولایة الأئمة من ولدک الى یوم القیامة". )(15)
والنوع الثانی: تقدیرات تتم فی السنة التی یعیشها الإنسان.
بینما النوع الثالث: تبقى مفتوحة تخضع لمشیئة الإنسان وهی الفتنة. مثلاً؛ أن الله یقدر للإنسان فی لیلة القدر الثروة، أما کیف یتعامل الإنسان مع الثروة، هل ینفق منها أم یبخل بها ویطغى؟ فان ذلک یخضع لمشیئة الإنسان وبه یتم الابتلاء. کذلک یقدر الله للإنسان المرض، أما صبر المریض أو جزعه فانه یتصل بإرادته .
ومع ذلک؛ فإن لله البداء، إذ لا شیء یحتم على ربنا سبحانه، وقد قال سبحانه: (یَمْحُو اللَّهُ مَا یَشَآءُ وَیُثْبِتُ وَعِندَهُ اُمُّ الْکِتَابِ)(16) وقد جاء فی حدیث مأثور عن الإمام الصادق علیه السلام قال: "إذا کانت لیلة القدر نزلت الملائکة والروح والکتبة الى السماء الدنیا، فیکتبون ما یکون من قضاء الله فی تلک السنة، فإذا أراد الله أن یقدم شیئاً أو یؤخره، أو ینقص أمر الملک أن یمحو ما شاء، ثم أثبت الذی أراد". قلت: وکل شیء هو عنده ومثبت فی کتاب ؟ قال: "نعم". قلت فأی شیء یکون بعده ؟ قال: "سبحان الله ! ثم یحدث الله أیضاً ما یشاء تبارک وتعالى". (17)
هکذا تبقى کلمة الله هی العلیا، ومشیئته هی النافذة، ولکن الاتکال على البداء، وتفویت فرصة لیلة القدر نوع من السذاجة، بل من السفه والخسران.
البصیرة الثانیة: إن الله یقدر لعباده تبعاً لحکمته البالغة ولقضائه العدل، فلا یقضی لمؤمن صالح متبتل ما یقدر لکافر طالح، وما ربک بظلام للعبید. وهکذا یؤثر الإنسان فی مصیر نفسه بما فعله خلال العام الماضی، وما یفعله عند التقدیر فی لیلة القدر، وما یعلمه الله من سوء اختیاره خلال السنة. مثلاً؛ یقدر الله لطاغوت یعلم أن لا یتوب بالعذاب فی هذه السنة لأنه سوف یظلم الناس خلالها، ولو افترضنا أنه وفق للتوبة ولم یظلم الناس خلالها، فإن لله البداء فی أمره، ویمحو عنه السقوط ویمد فی ملکه، وقد قال ربنا سبحانه: (إِنَّ اللَّهَ لا یُغَیِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى یُغَیِّرُوا مَا بِاَنفُسِهِمْ)(18)
البصیرة الثالثة: إن الناس یزعمون أن هناک أحداثاً تجری علیهم، لا صنع لهم فیها کموت عزیز، والاصابة بمرض عضال، والابتلاء بسلطان جائر، أو بالتخلف، أو بالجفاف، ولکن الأمر لیس کذلک إذ أن حتى هذه الظواهر التی تبدو أنها خارج إطار مشیئة الإنسان إنما تقع بإذن الله وتقدیره وقضائه، وأن الله لا یقضی بشیء إلاّ حسبما تقتضیه حکمته وعدالته، ومن عدله أن یکون قضاؤه وتقدیره حسب ما یکسبه العباد، أولم یقل ربنا سبحانه: (ظَهَرَ الْفَسَادُ فِی الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا کَسَبَتْ أَیْدِی النَّاسِ)(19)
وإن فی ذلک لکرامة بالغة لمشیئة الإنسان أن یجعل الله تقدیره وفق قرار ما، ألیس کذلک؟
السلام کلمة مضیئة تغمر الفؤاد نوراً وبهجة، لأنها تتسع لما تصبو إلیه النفس، وتتطلع نحوه الروح، ویبتغیه العقل، فلا یکون الإنسان فی سلام عندما یشکو من نقص فی أعضاء بدنة، أو شروط معیشته، أو تطلعات روحه. فهل للمریض سلام، أم للمسکین عافیة، أم للحسود أمن؟ کلا؛ إنما السلام یتحقق بتوافر الکثیر الکثیر من نعم الله التی لو افتقرنا الى واحدة منها فقدنا السلام. أولم تعلم کم ملیون نعمة تتزاحم على بدنک حتى یکون فی عافیة، وکم ملیون نعمة تحیط بمجمل حیاتک وتشکلان معا سلامتها. ولیلة القدر لیلة السلام، حیث یقول ربنا سبحانه: (سَلاَمٌ هِیَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ).
حینما تنسب هذه الموهبة الإلهیة الى الزمن نعرف أنها تستوعبه حتى لتکاد تفیض منه. فاللیل السلام کل لحظاته سلام لکل الأنام، کما الیـوم السعید کله هناء وفلاح، بینما الیوم النحس تتفجر النحوسة مـن أطرافـه.
فماذا یجری فی لیلة القدر حتى تصبح سلاماً الى مطلع الفجر ؟
لا ریب أن الله سبحانه یغفر فی تلک اللیلة لفئام من المستغفرین، وینقذهم - بذلک - من نار جهنم، وأی سلام أعظم من سلامة الإنسان من عواقب ذنوبه فی الدنیا والآخرة .
من هنا یجتهد المؤمنون فی هذه اللیلة لبلوغ هذه الأمنیة وهی العتق من نار جهنم، ویقولون بعد أن ینشروا المصحف أمامهم: " اللهم إنی أسألک بکتابک المنـزل وما فیه، وفیه اسمک الأکبر، وأسماؤک الحسنى وما یخاف ویرجى أن تجعلنی من عتقائک من النار". (20)
کذلک یقدر للإنسان العافیة فیها، وإتمام نعم الله علیه، وقد سأل أحدهم النبی صلى الله علیه وآله: أی شیء یطلبه من الله فی هذه اللیلة فأجابه - حسب الروایة - " العافیة". (21)
وقد تدخل على فرد هذه اللیلة وهو من الأشقیاء فیخرج منها سعیداً، أولیست اللیلة سلاماً؟ من هنا ینببغی للإنسان أن یدعو فیها بهذه الکلمات الشریفة:
اللهم امدد لی فی عمری، وأوسع لی فی رزقی، وأصح لی جسمی، وبلغنی أملی، وإن کنت من الأشقیاء فامحنی من الأشقیاء، واکتبنی من السعداء، فإنک قلت فی کتابک المنـزل على نبیک المرسل صلواتک علیه وآله: (یَمْحُو الله ما یَشَااء وَیُثَبِّت وَعِنْدَه أمّ الکِتَاب). (22)
وفی هذه اللیلة یقدر الله الرزق لعباده، وهو جزء من السلام والأمن، وعلى الإنسان أن یطلب منه سبحانه التوسعة فی رزقه.
کما یقدر الأمن والعافیة والصحة والذریة، وکلها من شروط السلام.
حقاً؛ إن المحروم هو الذی یحرم خیرها کما جاء فی حدیث مأثور عن فاطمة الزهراء علیها السلام أنها کانت تأمر أهلها بالاستعداد، لاستقبال لیلة ثلاث وعشرین من شهر رمضان المبارک بأن یناموا فی النهار لئلا یغلب علیهم النعاس لیلاً وتقول: " محروم من حرم خیرها ". (23)
وقال البعض: إن معنى السلام فی هذه الآیة؛ أن الملائکة یسلمون فیها على المؤمنین والمتهجدین فی المساجد، وأن بعضهم یسلم على البعض. وقیل: لأنهم یسلمون على إمام العصر علیه السلام وهم یهبطون علیه.
لیلة القدر متى هی ؟
إذا کان القرآن قد نزل فی شهر رمضان وفی لیلة القدر حسب آیتین فی القرآن، فإن لیلة القدر تقع فی هذا الشهر الکریم، ولکن متى ؟ جاء فی بعض الاحادیث: "التمسوها فی العشر الأواخر".(24)
وروى عن الإمام الباقر علیه السلام أنه قال فی تفسیر (إنَّا أنْزَلْنَاهُ فی لَیْلَة مُبَارَکَة) قال: "نعم؛ لیلة القدر وهی فی کل سنة فی شهر رمضان فی العشر الأواخر، فلم ینـزل القرآن إلا فی لیلة القدر". (25)
وجاء فی حدیث آخر تحدید واحدة من لیلتین؛ إحدى وعشرین، وثلاث وعشرین. فقد روى أبو حمزة الثمالی، قال: کنت عند أبی عبد الله الإمام الصادق علیه السلام، فقال له أبو بصیر: جعلت فداک ! اللیلة التـی یرجى فیها ما یرجى ؟ فقال: "فی إحدى وعشرین أو ثـلاث وعشرین". قال: فإن لم أقو على کلتیهما؟ فقال: "ما أیسر لیلتین فیما تطلب". قلت فربما رأینا الهلال عندنا وجاءنا من یخبرنا بخلاف ذلک من أرض أخرى؟ قال: "ما أیسر أربع لیال تطلبها فیها". قلت: جعلت فداک! لیلة ثلاث وعشرین لیلة الجهنی؟(26) فقال: "إن ذلک لیقال" ثم قال: "فاطلبها فی لیلة إحدى وعشرین وثلاث وعشرین، وصل فی کل واحدة منهما مائة رکعة، واحیهما - إن استطعت - الى النور، واغتسل فیهما". قال: قلت فإن لم أقدر على ذلک وأنا قائم؟ قال: "فصل وأنت جالس". قال: قلت فإن لم استطع؟ قال: "فعلى فراشک، ولا علیک أن تکحل أول اللیل بشیء من النوم. إن أبواب السماء تفتح فی رمضان، وتصفد الشیاطین، وتقبل أعمال المؤمنین. نعم الشهر رمضان کان یسمى على عهد رسوله الله: المرزوق". (27)
وقد استفاضت أحادیث النبی وأهل بیته فی إحیاء هاتین اللیلتین، إلا أن حدیثاً یروی عن رسول الله یحدده فی لیلة ثلاث وعشرین، حیث یرجى أن تکون هی لیلة القدر، حیث قال عبد الله بن أنیس الانصاری المعروف بالجهنی لرسول الله صلى الله علیه وآله: إن منـزلی ناءٍ عن المدینة فمرنی بلیلة أدخل فیها، فأمره بلیلة ثلاث وعشرین. (28)
ویبدو من بعض الأحادیث، أن لیلة القدر الحقیقیة هی لیلة ثلاث وعشرین بینما لیلة التاسع عشر وواحد وعشرین هما وسیلتان إلیها، من وفق للعبادة فیهما نشط فی الثالثة، وکان أقرب الى رحمة الله فیها.
هکذا روی عن الإمام الصادق علیه السلام أنه قال لمن سأله عن لیلة القدر: "أطلبها فی تسع عشر، وإحدى وعشرین، وثلاث وعشرین". (29)
وجاء فی حدیث آخر، أن لکل لیلة من هذه الثلاث فضیلة وقدراً، فقد روی عن الإمام الصادق علیه السلام أنه قال: "التقدیر فی لیلة القدر تسعة عشر، والإبرام فی لیلة إحدى وعشرین، والإمضاء فی لیلة ثلاث وعشرین". (30)
وجاء فی علامات لیلة القدر: "أن تطیب ریحها، وإن کانت فی برد دفئت، وإن کانت فی حر بردت فطابت". (31)
وعن النبی صلى الله علیه وآله: إنها لیلة سمحة، لا حارة ولا باردة، تطلع الشمس فی صبیحتها لیس لها شعاع". (32)
نسأل الله أن یوفقنا لهذه اللیلة الکریمة ویقدر لنا السعادة فیها.
المصادر :
1- سورة القدر
2- هذا الفصل مأخوذ من تفسیر (من هدى القرآن) للمؤلف
3- الدخان/3-4
4- البقرة/185
5- تفسیر جامع الأحکام للقرطبی، ج20، ص133.
6- تفسیر نور الثقلین، ج5، ص615.
7- من دعاء أبی حمزة الثمالی ، انظر مفاتیح الجنان، ص196.
8- تفسیر جامع الأحکام للقرطبی، ج20، ص133.
9- تفسیر نور الثقلین، ج5، ص618.
10- المصدر، ص619.
11- الشعراء/193
12- الشورى/52
13- تفسیر نمونة، ج26، ص184 نقلاً عن تفسیر البرهان، ج4، ص418
14- تفسیر نور الثقلین، ج5، ص630.
15- تفسیر نور الثقلین، ج5، ص629.
16- الرعد/39
17- تفسیر نور الثقلین، ج5، ص631.
18- الرعد/11
19- الروم/41
20- مفاتیح الجنان، ص225
21- المصدر، ص226.
22- المصدر، ص235.
23- مفاتیح الجنان، ص236.
24- تفسیر نور الثقلین، ج5، ص629.
25- تفسیر نور الثقلین، ج5، ص625.
26- سوف نذکره إن شاء الله.
27- نور الثقلین، ج5، ص625.
28- المصدر، ص626.
29- تفسیر نور الثقلین، ج5، ص628.
30- تفسیر نور الثقلین ، ص627.
31- تفسیر نور الثقلین ، 623.
32- تفسیر نور الثقلین

في الوقت الذي تُكثف فيه "جماعات الهيكل" المزعوم دعواتها لتنظيم اقتحامات جماعية واسعة للمسجد الأقصى المبارك، ومسيرات يهودية استفزازية في مدينة القدس المحتلة، بيوم 28 من شهر رمضان المبارك، بذكرى ما يسمى بـ "يوم توحيد القدس"، الذي يوافق ذكرى احتلال الجزء الشرقي من القدس، فان السبيل الوحيد لاحباط مخططهم هي المشاركة في يوم القدس العالمي، والرباط في المسجد الأقصى.

ونشرت الجماعات المتطرفة دعواتها عبر وسائل التواصل الاجتماعي ومواقعها المختلفة بعنوان "19 يومًا سنحتفل بمرور 54 عامًا على تحرير جبل الهيكل والعودة التاريخية لشعب إسرائيل... في يوم القدس نصعد إلى الهيكل".

وأعلنت عن لقاء سيعقد لوضع مخطط وبرنامج لإحياء ما يسمى بـ"يوم القدس"، بمشاركة 28 منظمة وجمعية استيطانية، 21 منها مدعومة من أحزاب سياسية في الكنيست، والأخرى من اللوبي والجمعيات اليهودية حول العالم.

وتضمن الإعلان الذي تم تعميمه عبر مواقع التواصل، أن المسيرات والاحتفالات ستشمل إقامة صلوات عند حائط البراق، وتحاول "جماعات الهيكل" حشد أنصارها للحضور بأعداد كبيرة في ذلك اليوم.

وكانت شرطة الاحتلال تُغلق برنامج الاقتحامات بالعشر الأواخر من رمضان في كل عام، لكنها خلال السنوات الأخيرة سمحت للمستوطنين بتنفيذ اقتحاماتهم عبر باب المغاربة، ما أدى لاندلاع مواجهات بين المصلين وقوات الاحتلال.

تداعيات خطيرة

مدير المسجد الأقصى الشيخ عمر الكسواني يقول:"ننظر بعين الخطورة لهذه الدعوات الاستفزازية، والتي يريد الاحتلال منها إشعال فتيل حرب دينية في المنطقة، ونطالب بضرورة إفشال مخططات المتطرفين".

ولا يستبعد مدير المسجد الأقصى تراجع "منظمات الهيكل" عن دعواتها لاقتحام الأقصى أواخر رمضان، بعدما حدث في محيط باب العامود وانتصار المقدسيين في معركتهم ضد الاحتلال.

وبعد 13 يومًا من المواجهات مع قوات الاحتلال، أزال شبان مقدسيون مساء الأحد، كافة الحواجز الحديدية من محيط مدرجات باب العامود بالقدس المحتلة، والتي أشعلت حراكًا شعبيًا واسعًا منذ بداية رمضان.

ويطالب بضرورة تكثيف شد الرحال للمسجد الأقصى والتواجد الدائم في باحاته، من أجل إفشال تلك الاقتحامات وكل المخططات الإسرائيلية الهادفة لتغيير الواقع التاريخي في المسجد.

ورغم عراقيل الاحتلال وقيوده المشددة، إلا أن أروقة الأقصى ومصلياته تشهد منذ بداية الشهر الفضيل، تواجدًا كبيرًا للفلسطينيين، لكن الكسواني توقع زيادة العدد لعشرات الآلاف في العشر الأواخر.

ويصف رئيس الهيئة الإسلامية العليا بالقدس خطيب المسجد الأقصى الشيخ عكرمة صبري دعوات المتطرفين بالاستفزازية والعنصرية، محملًا حكومة الاحتلال المسؤولية عن أي تجاوز أو توتر قد يحصل في المدينة المقدسة والمسجد الأقصى.

ويوضح في حديثه لوكالة "صفا" أن الجماعات المتطرفة تريد تعكير صفو العبادة بهذا الشهر الكريم داخل الأقصى، والتنغيص على المسلمين، و"هذه تصرفات وتجاوزات مرفوضة لا نقبل بها إطلاقًا".

ووفقًا للشيخ صبري، فإن "جماعات الهيكل" تسعى من وراء تكثيف اقتحاماتها وانتهاكاتها للأقصى، إلى تحقيق أطماعها الخبيثة فيه، وفرض هيمنتها الكاملة عليه، لكننا بالتواجد الدائم سنفشل كل مخططاتها، كما حدث في باب العامود.

ويضيف "إذا أرادت سلطات الاحتلال التهدئة، فإنها ستمنع هؤلاء المتطرفين من الدخول للأقصى، لكنها إذا أرادت التصعيد وتفجر الأوضاع، ستتيح لهم المجال باستباحته وتدنيسه".

أما المختص في شؤون القدس ناصر الهدمي، فيقول لوكالة "صفا" إن المستوطنين يستغلون مناسباتهم الدينية لأجل تكثيف اقتحامات الأقصى وتدنيس وتهويد هذا المكان المقدس.

ويضيف "كما كل عام يقتحم المستوطنون الأقصى بأعداد كبيرة، هذه استراتيجية واضحة تهدف لتطبيع وجودهم في المسجد حتى يصبح أمرًا طبيعيًا، في مسعى لاقتطاع جزءً منه وبعدها تتوسع شيئًا فشيئًا، وصولًا إلى هدمه وبناء الهيكل المزعوم مكانه".

ومن وجهة نظره، فإن العام الجاري يشهد تطورًا نوعيًا في طبيعة المواجهة ما بين المقدسيين والاحتلال ومستوطنيه، وتصاعدًا في شدة تدخل هؤلاء المستوطنين واستخدامهم كأحد الأذرع في تنفيذ السياسات الإسرائيلية.

ويوضح أن سلطات الاحتلال تتغاضى عن ممارسات المستوطنين والجماعات المتطرفة بحق الأقصى، وتُؤمن لهم الحماية وتساندهم في اقتحاماتهم وأداء طقوسهم وصلواتهم التلمودية فيه، وهذا ما نتوقع حدوثه بـ 28 رمضان.

ويتوقع الهدمي أن "تعمل شرطة الاحتلال على فرض دخول المستوطنين للأقصى واستباحته في ذلك اليوم، كما حدث قبل عامين خلال عيد الأضحى المبارك"..

ولإفشال هذا المخطط، يشدد الهدمي على أن المطلوب الدعوة للحشد والرباط الفلسطيني، وحث الناس على البقاء في المسجد الأقصى وإعماره حتى صلاة الظهر، حفاظًا على قدسيته ومكانته.

المصدر:العالم

الإثنين, 03 أيار 2021 01:52

معرفة الحقوق في الشهر الأعظم

 العلّامة السيِّد محمّد حسين فضل الله

إنّنا في هذا الشهر المبارك العظيم ـ شهر رمضان ـ نتعرَّف إلى ما علينا من حقوقٍ، وما لنا من حقوق، وأيّ حقِّ أعظم من حقِّ الله تعالى علينا؟!

إنّ رسالة الحياة في الحقّ، هي رسالة الإمام عليّ بن الحسين زين العابدين (ع): «رسالة الحقوق»، ففيها كلُّ الحقوق: من حقِّ الله تعالى عليك، إلى حقّ أنفُسنا علينا، إلى حقّ أقلّ إنسانٍ معنا.

إنّ الإطلالة في رحاب شهر الله الأعظم على هذه الرسالة الحقوقية، ممّا يُرشدنا ويُهذّبنا ويعلّمنا، ويزكّي أنفُسنا، ويسمو بروحنا لنتكامل في المجتمع من خلال هذه الحقوق التي فرضها الله علينا وأعطانا إيّاها، لأنّ هذا الشهر المبارك هو شهر الحقّ والتغيير والثورة على الفكر الباطل، والنفس الأمّارة بالسوء، والمشاعر الخبيثة، والأخلاق الفاسدة، والمعاملات الباطلة، والمواقف الخاطئة، حتى نخرج من شهر الله ـ ورسالة حقوق وليِّ الله ـ ونحن في سلامةٍ من عقولنا وقلوبنا وحياتنا وأعمارنا، وفي رِضى من ربِّنا.

فالأهميّة تكمن في كيفية حصولنا على محبّة الله، ورضاه، وكيف نستطيع قطع هذه الحياة بحسب الشوط الذي جُعِلَ لنا من فسحة العمر المُقدَّر، حتى إذا وصلنا إلى الله، نصلُ بقلبٍ سليمٍ مُطمئنّ، وروحية إيمانية تقوائية، لأنّ الله تعالى لا يضيّع عمل عامل منكم من ذكرٍ أو أنثى، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ * وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ أُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ) (الحشر/ 18-19). وهم أصحاب الحقّ والمسؤولية والحركية والعمل الذي يراه الله ورسولُهُ ويحمدُهُ الناس، فالخلق كلّهم عيال الله، وأحبّهم إليه، أنفعهم لعياله.

إنّ الإنسان النفّاع الخيِّر المصلح، الذي اتّقى وآمن بالله ورسوله، على كتفيه تبعات المسؤولية، وهو المنطلق في رحاب الله مغيِّراً وداعيةً وقدوة.

حقّ وواجب

يشعر الإنسان في مسيرة حياته الإنسانية كلّها بأنّه محاطٍ بشبكةٍ من الحقوق، فكلُّ شيءٍ في داخل جسده ومواقع أفعاله، وفي ما يحيط به في مجتمعه ممّن له علاقة به، له حقٌّ عليه لابدّ أن يقوم به، كما أنّه يملك حقوقاً على الناس من حوله. فالإنسان في الحياة له حقّ وعليه واجب، ولا يدّعي إنسانٌ امتلاكه للحقّ دون أن يكون للآخرين حقٌّ عليه. فالنبيُّ يملك حقّ الطاعة على الناس، ولهم حقٌّ أن يُعلِّمهم الكتاب والحكمة ويزكّيهم، ويتلو عليهم آيات الله، فالمسؤول فردٌ في دائرة المسؤوليات العامّة، فله حقٌّ وعليه واجب.

إنّ الفكرة التي يجب أن تعيش في وجداننا الإنساني الإسلامي، أنّه ليس لأحدٍ أن يتصوّر نفسه مُحقّاً مطلقاً مهما بلغت درجته، ومهما كان كبيراً. فلقد ربط الله تعالى الواقع الإنساني كلّ.. واقع الإنسان في نفسه، وواقعه مع الإنسان الآخر، بشبكةٍ من الحقوق، حيث يتحرّك الإنسان في علاقته مع أخيه الإنسان وفق دراسة ما الحقّ المفروض له؟ وما الحقّ الواجب عليه؟ وهو ما يمنع الإنسان من أن يعيش الأنانية التي تأتي من تصوّره أنّ حقّه على الآخرين مقدّسٌ وواجبٌ وليس للآخرين حقّ عليه. ولهذا، بيّن الإمام عليّ بن الحسين زين العابدين (ع) من خلال رسالة حقوقه، حقَّ كلّ فردٍ في الحياة، وركّز الحقوق العامّة والخاصّة في كلّ ما أراده الله تعالى وفرضه.

وانطلاقاً من ملخّص الإمام زين العابدين (ع) للحقوق، يقول ممّا رُوِي عنه في كتاب (تُحف العقول): «اعلَمْ ـ رَحِمَك اللهُ ـ أنّ للهِ عليك حقوقاً مُحيطةً بك في كلِّ حركة تَحرّكتَها، أو سَكَنَة سَكَنتَها، أو مَنزِلة نَزَلْتَها، أو جَارِحة قَلَّبْتَها ـ والجوارحُ الأعضاء ـ وآلةٍ تَصرَّفْتَ بها، بعضُها أكبرُ من بعضِ»، فحين خلقك الله، خلقك مسؤولاً أن تؤدِّي هذه الحقوق، باعتبار أنّك عبدٌ لله وعليك أن تنفّذها وتقوم بها، في ما تتحرّك به حين الحركة، وفي ما تكفُّ عن الحركة به حينما تسكن وتهدأ، وفي كلّ منزلةٍ تنزل بها في هذا الموقع أو غيره، وفي كلّ تقليد لجوارحك وأعضائك، وفي ما تتصرّف به من الآلات التي تتوصّل بها إلى مقاصدك، حيث تشعر بعظيم ما فرضه الله عليك من حقٍّ في كلّ جوانب حياتك، ومفاصل هذه الحياة، وتشعر بأنّك محاصرٌ بالمسؤولية الحقوقية في الكلمة والحركة والسَّكَنة والموقف، بحيث تشعر من خلال الأشياء التي تتصرّف فيها في كلّ أعضائك، بأنّ هناك حقّاً يجب على الإنسان أن يعرفه وينطلق من خلاله.

حقُّ النفس

«وأكبرُ حقوقِ اللهِ عليك، ما أوجبَهُ لنفسِهِ تبارك وتعالى من حقِّه الذي هو أصلُ الحقوقِ، ومنه تفرّع، ثمّ أوجبَهُ عليك لنفسِك من قرنِك إلى قدمِك، على اختلافِ جوارحِك». فهذا الجسد الإنساني الذي يمثِّلُ وجودك وإنسانيتك، قد جعل الله عليك حقّاً فيه لكلّ عضوٍ من أعضائك، والتي تمثِّل العناصر الحيّة في إدارتك لحياتك، حيث إنّك مسؤولٌ أمامها، كما لو كانت هذه الأعضاء شخصاً حيّاً يطالبك بحقوقه عليك.

«فَجعلَ لِبَصرِك عليك حقّاً ـ والبصرُ سوف يطالبك بهذا الحقّ يوم الحقّ ــ ولِسَمعِك عليك حقّاً، ولِلسانِك عليك حقّاً، ولِيدِك عليك حقّاً، ولِرِجلِك عليك حقّاً، ولِبَطنِك عليك حقّاً، ولِفَرجِك عليك حقّاً، فهذِهِ الجوارحُ السَّبعُ ـ يُعبّر عادة عن الأعضاء الإنسانية بالجوارح، وهو ما ورد في دعاء كميل: و«قَوِّ على خِدمَتِك جَوارِحي، واشدُدْ على العزيمةِ جَوانِحي»، أي قوِّ على خدمتك أعضائي الإنسانية التي وهبتني إيّاها يا ربّ ـ التي بها تكونُ الأفعالُ». فالإنسان يتحرّك من خلال أفعاله؛ إنّه يُبصِرَ بالأشياء، ويسمع بها، ويتحدّث ويتكلّم من خلالها، ويستودع ما يحتاجه من غذاءٍ وما يفوته في حياته.

«ثمّ جعلَ عزّوجلّ لأفعالِك عليك حقوقاً»، فلقد كلّفنا الله بأفعالٍ وأعمالٍ لها حقٌّ علينا في كيفية إدارتها، فأنت كإنسانٍ مسؤول ومطالب به، «فَجعلَ لِصلاتِك عليك حقّاً» ـ كيف تكونُ صلاتك؟! «ولِصَومِك عليك حقّاً» كيف يكونُ صومك؟! «ولِصَدَقتِك عليك حقّاً» حين تتصدَّقُ، «ولِهَديِك»، والهَدي ما يقدّم في الحجِّ، «عليك حقّاً، ولأفعالِك عليك حقّاً».

حقّ الإمام والرعية والرَّحِم

«ثمّ تخرجُ الحقوقُ منك إلى غيرِك من ذوي الحقوقِ الواجبةِ عليك»، فيأتي حقُّ الناس الذين تتّصلُ حياتك بحياتهم، ومسؤوليتك بمسؤوليتهم. «وأوجَبُها عليك حقوقُ أئمّتِك» الأئمّة الذين فرض الله عليك طاعتهم، وفي خطّ الأئمّة، العلماء الذين يتميّزون بالاجتهاد والعدالة، ممّا فرض الله عليك إطاعتهم في خطِّ طاعة الله.

«ثمّ حقوقُ رَعيّتِك»، إذا كنت مسؤولاً عن الناس في موقعٍ عامّ أو خاصّ، وسواء في الموقع العالي من الدرجة الكبرى في خطّ المسؤولية أو أدناه.

 «ثمّ حقوقُ رَحِمِك». فإرضاؤك لهم حقٌّ عليك وواجبٌ يتعلّق بصلة الأرحام.

حقوق متشعّبة

«فَهذِهِ حقوقٌ يَتشعّبُ منها حقوقٌ: فَحقوقُ أئمّتِك ثلاثةٌ: أوجَبُها عليك حقُّ سَائسِك بالسُّلطانِ ـ أي الراعي لك من خلال السلطة ـ ثمّ سَائسِك بالعِلمِ ـ السائس الذي يعلّمك، لأنّ الجاهل رَعِيّةُ العَالِمِ، وليس رَعِيّة السلطة، فهم رَعِيّة العِلم يعيشون تحت المسؤولية العلمية. وحقُّ رَعِيّتك بالمُلكِ»، من خلال التعاقد بين الأزواج وما ملكت الأيمان لِمَا كان في السابق والآن، كالعمّال الذين يملك المسؤول عملهم.

«وحقوقُ رَحِمِك كثيرةٌ مُتّصلةٌ بقَدرِ اتّصالِ الرَّحِمِ في القرابةِ، فأوجَبُها عليك حقُّ أُمِّك، ثمّ حقُّ أبيك، ثمّ حقُّ وَلَدِك، ثمّ حقُّ أخيك ثمّ الأقربُ فالأقربُ» من العمّ والخال، «والأوّلُ فالأوّلُ، ثمّ حقُّ مَولاك المُنعِمِ عليك ـ من أنعُم عليك بنِعَمه ـ ثمّ حقُّ مَولاك الجَاريةُ نِعمتُك عليه، ثمّ حقُّ ذي المعروفِ لديك، ثمّ حقُّ مُؤذِّنُك بالصلاةِ ـ وهو يملك حقّاً على كلّ المصلّين والمؤمنين ـ ثمّ حقُّ إمامِك في صلاتِك، ثمّ حقُّ جَليسِك ـ مَن تجالسه وتحادثه وتحاوره ـ ثمّ حقُّ جارِك، ثمّ حقُّ صاحِبك ـ الذي تصاحبه في ذهابك وإيابك ـ ثمّ حقُّ شريكِك ـ الذي تشاركه في المعاملات التجارية والمالية ـ ثمّ حقُّ مالِك ـ الذي إن ملكته صار إنفاقه واجباً في ما أمر الله من موارد الإنفاق ـ ثمّ حقُّ غَرِيمِك الذي تُطالِبُهُ ـ وله دينٌ عليك ـ ثمّ حقُّ خَصمِك المُدَّعي عليك، ثمّ حقُّ خَصمِك الذي تَدّعِي عليه»، فلا تمارس كلّ سلطتك ومزاجك في ما لك من حقّ.

«ثمّ حقُّ مُستَشيرِك ـ الذي يطلبُ منك المشورة في الرأي الذي يُمكنك أن تبدي رأيك فيه ـ ثمّ حقُّ المُشيرِ عليك ـ وهو الذي يرشدُك ويشير عليك بالرأي ـ ثمّ حقُّ مُستَنصحِك ـ وهو الشخص الذي يطلب منك النصيحة في الله ـ ثمّ حقُّ الناصحِ لك، ثمّ حقُّ مَن هو أكبرُ منك ـ وهو حقّ إنساني اجتماعي، حقُّ الكبير على الصغير ـ ثمّ حقُّ مَن هو أصغرُ منك - وهو ما يعني حقُّ الصغير على الكبير ـ ثمّ حقُّ سَائلِك ـ الذي يوجِّه السؤال إليك ليتعرّف الجواب منك ـ ثمّ حقُّ مَن سألتَهُ، ثمّ حقُّ مَن جَرى لك على يَدَيهِ مَساءَةٌ بقول أو فِعل أو مَسَرَّة بذلك بقول أو فِعل عن تَعَمُّد منه أو غيرِ تَعَمُّد منه، ثمّ حقُّ أهلِ مِلّتِك حقّ المسلمين عليك ـ ثمّ حقُّ أهلِ الذمّةِ ـ من غير المسلمين عليك، والذين بينك وبينهم عهدٌ وعقدٌ ـ ثمّ الحقوقُ الجَارِيَةُ بقدرِ عِلل الأحوالِ وتَصرُّفِ الأسباب».

«فطُوبى لِمَن أعانَهُ اللهُ على قضاءِ ما أوجبَ عليه من حقوقِهِ ووَفّقهُ وسَدّدَهُ»، لأنّه يكون قد عاش الحياة وقد أدَّى لكلِّ ذي حقّ حقّه، وقدم على الله سبحانه وتعالى مطيعاً له، ملتزماً بأوامره ونواهيه.

حثّ قائد الثورة الاسلامية آية الله السيد علي خامنئي على المشاركة في الانتخابات المقبلة وعدّها بالفرصة المهمة بالمعنى الحقيقي للكلمة مشددا على عدم ثني الناس عن المشاركة فيها.

وقال قائد الثورة، في كلمته التي بثتها المحطات الرسمية اليوم الاحد بمناسبة يومي المعلم والعامل، منوها الى المكانة الرفيعة التي تبوأتها هاتان الشريحتان في البلاد ودورهما البارز في تقدمها.

وفي سياق آخر أشار الى الانتخابات الرئاسية المقبلة، مؤكدا إنه لاينبغي تخريبها عبر إطلاق وعود مخادعة دون توثيق وأقوال باطلة.

وحذر سماحته من محاولات تشويه الصورة الناصعة للانتخابات وسمعة المسؤولين المعنيين.

ووصف قائد الثورة قوة القدس التابعة للحرس الثوري بمثابة العنصر الرئيسي للحؤول دون الدبلوماسية المنفعلة السلبية في منطقة غرب آسيا.

واشاد بقوة القدس وانجازاتها عادًاً أنها حققت السياسة المستقلة والسيادة المشرفة للجمهورية الاسلامية الايرانية في غرب آسيا.

وتابع: إن الاميركيين منزعجون من نتائج نفوذ ايران المعنوي وحلفائها وقوة القدس وقائدها الشهيد قاسم سليماني في المنطقة؛ وقد هددوه مرارا بالاغتيال، فيما كان رده: "انكم تهددوني بأمر لطالما بحثت عنه".

واردف سماحته : ان الغربيين يصرون على أن تكون سياساتنا تتسم بالرضوخ لهم؛ حيث كانت ايران خلال عهدي القاجار والبهلوي تابعة لهيمنتهم، وحاولوا الاستيلاء على مقدرات البلاد خلال العقود الاربعة الماضية ايضا، لذلك نلمس شعورهم بالاستياء إذا ما ارادت الجمهورية الإسلامية الايرانية بناء علاقات سياسية واقتصادية جيدة مع الصين او روسيا.

ونوه الى ان مسؤولين رفيعي المستوى في بلدان جوار ارادوا زيارة إيران لکنهم واجهوا منع الأميركيين؛ مبينا انهم يعارضون جميع نشاطاتنا الدبلوماسية، لذلك يقتضي التحرك باستقلال وعزة وبذل المزيد من الجهود في هذا السياق.

وانتقد التصريحات التي أطلقها بعض المسؤولين في البلاد مؤخرا والتي بثت عبر وسائل اعلام مناهضة للجمهورية الاسلامية ووصفها بمثابة تكرار للتصريحات المناوئة التي يطلقها الاميركيون والأعداء.

واكد قائد الثورة الاسلامية، ان السياسة الخارجية في جميع بلدان العالم يتم تحديدها من قبل الجهات العليا وليس وزارة الخارجية؛ منوها في الوقت نفسه ان هذه الوزارة تساهم في صنع القرارات لكنها ليست صانعة القرار الرئيسي لكنها تضطلع بمهمة التنفيذ.

وفي سياق آخر شدد على ضرورة حماية الإنتاج المحلي باعتباره أفضل أداة وأكثرها نجاحا لافشال الحظر الجائر.

وعدّ سماحته حماية الانتاج الوطني رهن بتوفير الدعم للعمال؛ لانها كفيلة بتحقيق الثروة الوطنية وبالتالي تمهد للدفاع عن كرامة ايران واستقلالها وتعزيز اقتدارها.