
emamian
لماذا كل هذا الهجوم على "حزب الله"؟
في لبنان تتحرك بعض الجهات الداخلية والخارجية لتوجيه اصابع الاتهام نحو "حزب الله" في تفجير المرفأ دون حتى وجود أي دليل يثبت ما يقولونه، بالرغم من كل الضخ الاعلامي الذي مورس ضد الحزب لابعاده عن الجمهور، ولكن "الحزب" راهن ويراهن على وعي اللبنانيين وادراكهم لما قامت وتقوم به بعض الفضائيات المأجورة لدفع لبنان نحو المجهول وتحويله إلى دولة فاشلة تديرها القوى العظمى والاستعمار القديم.
اطلاق شعارات مناوئة للمقاومة من قبل البعض في لبنان يدل صراحة على ان هناك مخططات تجري في الغرف السوداء، ويمكننا أن نلاحظ هذا الأمر من خلال توجيه اتهامات دون دليل واضح لهذه الجهة او تلك وقيام بعض المتظاهرين بالهجوم على الوزرات في تصرف لا يدل أبداً على أن ما يجري يتم بشكل عفوي، يضاف غلى هذا الاستقالات التي أفشلت عمل الحكومة واجبرتها على الاستقالة لجر البلاد نحو الفراغ والفوضى، والغاية الأساسية من كل هذه الدوامة ارضاخ المقاومة واجبارها على القبول بالشروط الغربية، وإلا ماذا يعني اطلاق البعض شعارات مثل بيروت دولة مدنية بدون سلاح، عن اي سلاح يتكلمون، فإذا كان الحديث عن سلاح حزب الله فإن هذا السلاح لم يوجه يوما للداخل اللبناني وانما فقط للعدو الصهيوني وهو السلاح الذي حرر اراض لبنانية في العام 2000 وحمى لبنان وكسر شوكة اسرائيل في العام 2006، اذا مالغاية من نزع هذا السلاح ولصالح من؟.
ما يجري اليوم هو حرب نفسية وتعبوية قذرة ضد "حزب الله" يتشارك فيها بعض اللبنانييون مع الاسرائيليين وبعض الانظمة العربية التي لا تملك شيئا لا من الحرية ولا من الديمقراطية وتأتي لتنظر على الشعوب بالحرية وحقوق الانسان.
ان استهداف "حزب الله" بهذا الشكل الوقح والجبان يدل على نوايا خبيثة وشيء ما يتم تحضيره في الكواليس، حيث تتعمد قنوات مثل "العربية" السعودية استهداف حزب الله في كل لحظة وكل ثانية وايهام العالم بأنه المسؤول عن تفجيرات المرفأ، وفي الأمس بدات تروج بأن نفقا لحزب الله يتمد من المرفأ إلى أماكن تواجد "حزب الله" بهدف نقل السلاح، مع العلم أن السلطات اللبنانية كذبت الأمر، إلا أنهم يستخدمون سياسة "كذب كذب" حتى يصدقك الناس.
الكف جاء هذه المرة من الاعلام الأمريكي، الذي فضح ما تقوم به العربية وأمثالها، حيث قال موقع ذي ديلي بيست الأميركي إن حسابات على تويتر مرتبطة بالسعودية تبث نظريات مؤامرة وتلقي بالمسؤولية على حزب الله في انفجار مرفأ بيروت الذي خلف آلاف الضحايا والمشردين، وسط انقسام اللبنانيين بشأن التحقيقات.
وأضاف -نقلا عن مصادر استخباراتية- أن المعلومات "المضللة" يتم نشرها من خلال أربعة حسابات مرتبطة بالسعودية وتم التحقق منها، وكانت نشطة في السنوات الأخيرة في حملات تهدف إلى الإضرار بالمصالح الإيرانية.
ووفقا للموقع، فإن وسما (هاشتاغ) يحمل حزب الله المسؤولية بدأ في الانتشار خلال 24 ساعة من وقوع الانفجار، رغم نفي السلطات وحزب الله لأي دور له في الحادث.
هذا الحادث وحسب تقارير اخبارية هو ناتج عن مواد شديدة الانفجار كانت مصادرة بالميناء منذ سنوات، و هو الامر الذي يثير أكثر من علامة استفهام ، لتتجه أصابع الاتهام نحو حزب الله الذي نفى بدوره أي مسؤولية له بخصوص هذا الحادث ، و هو أمر اقرب الى الحقيقة.
الامر لا يحتاج لذكاء، فمنذ حرب تموز 2006 ، والتي جعلت الكيان الصهيوني يشعر ان موازين القوى تكاد تنقلب في المنطقة ، بدا التفكير في كيفية التخلص من حزب الله بطريقة أو بأخرى، و كمثال على ذلك هو اختلاق الأزمة السورية كونها دولة حليفة لحزب الله ،إلا أنه و مرة أخرى تأكد أن الحزب اصبح قويا و أكثر تجربة في مواجهة هكذا مكائد.
سواء أكان لاسرائيل علاقة مباشرة أو غير مباشرة بحادث بيروت ، يبقى الهدف الأول و الأخير هو زيادة الدعوات الشعبية و الدولية المنادية بضرورة نزع سلاح حزب الله و بقاءه كحركة سياسية لبنانية. هذه الدعوات التي لا تصب في خانة مصلحة لبنان كدولة مستقلة، و إنما الهدف منها هو التخلص من كابوس اسمه حزب الله قض مضجع الكيان الصهيوني و جعله يضرب الف حساب قبل أن يضع قدما في الأراضي اللبنانية
المصدر:الوقت
شواهد معنى "الولاية" في حديث الغدير
ذكر علي عليه السلام في القرآن
لقد حرص النبي صلى الله عليه وآله، منذ بداية دعوته الشريفة، على بيان وتأكيد ولاية علي عليه السلام وخلافته له من بعده، فلم يترك مناسبة أو فرصة سانحة، إلا وذكر فيها عليا وحقه على المسلمين، ووجوب اتباعه واقتفاء أثره، ومن المفارقات الهامة أن الأحاديث الشريفة التي روت هذه التنويهات بلغت كلها حد التواتر عند جميع المسلمين، ودعوى أن المسلمين لم يتفقوا في شيء كما اتفقوا في رواية فضائل علي عليه السلام، واستحقاقه الإمامة بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ليست جزافية. وإن اختلفوا في ما بعد في كيفية تفسيرها وتوجيهها, تماشيا مع السياسات القائمة، بعدما لم يقدروا على إنكارها.
كما أن القرآن الكريم، قد تعرض لولاية علي عليه السلام في عدد غير قليل من الآيات المباركة، التي لا تدع مجالا للشك في أن الإمامة له بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله)، من خلال ملاحظة ملابساتها، من الظروف المحيطة بها، وأسباب نزولها، ودلالاتها اللفظية وغير ذلك.
ولكن يبقى السؤال انه لماذا لم يرد اسمه عليه السلام في القرآن الكريم صريحا، ما دام شأن الإمامة إلهيا كما هو شأن النبوة، وليقطع الحجة على المخالفين والذين في قلوبهم مرض من ناحية أخرى.
والجواب، والله أعلم، أنه بعد ذكر المواصفات، التي لا بد وأن يتمتع بها ولي الأمر لم تبق حاجة إلى ذكر اسمه عليه السلام، وذلك لأن الرسالة الإسلامية ليست ظرفية ومؤقتة، تنتهي مفاعيلها بانتهاء ظروفها، بل هي عامة وشاملة، دائمة وثابتة، إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها. فليست الإمامة منحصرة في شخصه الشريف عليه السلام، بل ثابتة لأبنائه الأحد عشر من بعده. فلو ورد اسمه عليه السلام لاقتضى ذلك ذكر الأئمة أبنائه عليهم السلام، وقد سبق في علم الله تعالى أن الظروف ستضطر الإمام الثاني عشر عجل الله تعالى فرجه الشريف أن يغيب عن الناس غيبة طويلة، وأن المؤمنين سيضطرون إلى إدارة شؤونهم بأنفسهم، الأمر الذي يستلزم أن يتعرفوا على المواصفات التي لا بد وأن يحرزها من ينوب مناب الإمام عليه السلام، ويعملوا على تنفيذها أثناء غيابه بالإضافة إلى أن عليا وأبناءه عليهم السلام يشكلون أكمل المصاديق لهذه المواصفات والشرائط، حتى يثبت لكل من اطلع على هذه المواصفات ونظر في أحوال الناس، أنها تنطبق عليهم دون سواهم حال حضورهم، هذا من جهة.
ومن جهة أخرى، لقد كان لعلي عليه السلام خصوم كثيرون من قريش وسائر العرب، وهم الذين أسلموا خوفا من سيفه, الذي قتل صناديدهم، وجندل أبطالهم، والذين يطمحون إلى الاستئثار بتراث النبي صلى الله عليه وآله وسلم من بعده، تحصيلا للسلطان أو الجاه أو غير ذلك، وهو ما جعلهم يقفون موقف الحاقد عليه والحاسد له على ما آتاه الله من فضله، فلو ذكر اسمه الشريف صريحا في القرآن الكريم لصدهم ذلك عن قبول الإسلام والهداية إليه، خصوصا أولئك الذين قتل علي عليه السلام رجالهم وأذل كبرياءهم.
ولما كان الدين الإسلامي الحنيف دين الهداية والرحمة، يريد لجميع الناس أن يتمسكوا به، ويعملوا من خلال تعاليمه على تنقية أرواحهم، وتهذيب نفوسهم، أراد أن يسد جميع الأبواب والعقبات التي تعترض هدايتهم، حتى إذا حققوا هذا المستوى من الصلاح، أمكنهم اتباع علي وأبنائه عليهم السلام، غير عابئين بأحقادهم وكراهيتهم.
وبعبارة أخرى أراد الإسلام أن يضعهم في أول طريق الحق، ليسلكوه بأنفسهم، ويستخدموا عقولهم في سلوك الجادة الوسطى، ﴿وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾[1].
ومن جهة ثالثة، لا يوجد فرق في الدلالة بين الآيات القرآنية وبين أحاديث الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، فإنه ﴿وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى﴾[2]، فقول النبي هو قول القرآن، وكذلك العكس، مع فارق في هذه القضية وهي أنه لو ورد في القرآن الكريم صراحة، لكان ذلك مدعاة للكثيرين، أن يصدوا عن سبيل الله، بل ربما دفع ذلك بعضهم للتلاعب بآيات القرآن حذفا وتحريفا، ليتخلصوا من هذه المعضلة، والله تعالى يريد صونه عن مثل ذلك، بينما وروده على لسان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يبقي لهم حيزا ما في أنفسهم يدفعهم إلى قبول الدعوة من جهة ومحاولة رد ولاية علي من جهة أخرى، حتى تلقى الحجة عليهم ويؤمنوا به وبولايته، وتبقى أهمية اهتداء الأجيال اللاحقة إلى الحق عبر الرجوع إليه، والتأمل في مضامينه، بعد الفراغ عن كونه قطعي الصدور، وأنه لم يحصل بداعي تلاعب أو تحريف.
هذا بالإضافة إلى أن نقلهم هم أحاديث فضل علي عليه السلام وموقعه من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يجعل الحجة عليهم أقوى، والدلالة عليه آكد، بعدما أقروا بذلك بألسنتهم.
سماحة الشيخ حاتم إسماعيل، العقيدة في القرآن
[1] سورة الأنعام، آية: 153.
[2] سورة النجم, آية 3, 4.
بعد اتصاله بروحاني.. ماكرون يبحث مع بوتين هاتفياً الوضع اللبناني
الكرملين يعلن أن الرئيسين الروسي والفرنسي فلاديمير بوتين وإيمانويل ماكرون أجريا محادثة هاتفية بحثا خلالها بالتفصيل الوضع في لبنان مع التركيز على الإجراءات التي اتخذتها روسيا وفرنسا لتقديم المساعدة الإنسانية للشعب اللبناني.
أعلن الكرملين أن الرئيسين الروسي والفرنسي فلاديمير بوتين وإيمانويل ماكرون أجريا محادثة هاتفية اليوم الأربعاء.
ووفقاً للكرملين، فقد بحث بوتين وماكرون بالتفصيل الوضع في الجمهورية اللبنانية "مع التركيز على الإجراءات التي اتخذتها روسيا وفرنسا لتقديم المساعدة الإنسانية للشعب اللبناني بعد الانفجار الذي وقع في ميناء بيروت الأسبوع الماضي".
وشارك ماكرون انطباعاته عن زيارته الأخيرة إلى لبنان، وكذلك نتائج مؤتمر عبر الفيديو نظمته فرنسا في 9 آب/أغسطس لحشد المساعدة الدولية لهذا البلد.
وخلال تبادل الآراء حول تطورات الوضع السياسي الداخلي في لبنان، أكد الجانب الروسي موقفه الداعم للوحدة الوطنية وسيادة الجمهورية، وضرورة حل جميع القضايا الخلافية القائمة بين اللبنانيين أنفسهم على أساس الحوار البناء دون تدخل خارجي.
وفي وقت سابق اليوم، أجرى ماكرون اتصالاً مع نظيره الإيراني حسن روحاني، أكد خلاله الأخير على أهمية الإجراءات الأوروبية من أجل تفعيل العلاقات الاقتصادية مع إيران، في حين دعا ماكرون إيران للحضور في مجموعة العمل الدولية من أجل حل أزمة لبنان.
استقالة رئیس الوزراء اللبناني تعني..؟
الخبر واعرابه
بعد الانفجار الرهیب الذي طال مرفأ العاصمة اللبنانية بيروت واستقالة عدد من وزراء الحكومة ، اعلن رئيس الوزراء الللبناني حسان دياب بدوره عن استقالته .
الاعراب :
-لازال الوقت مبكرا لابداء الرأي بشان ان هذه الاستقالة، هل جاءت بسبب التوجهات الدولية، او التظاهرات التي يشهدها لبنان خلال الايام الاخير، او تحلي رئيس الوزراء بالمسؤولية حيال مسالة انفجار مرفأ بيروت او الضغوط الممارسة من قبل الساسة المشربين بالطائفية، او ان جميع هذه الامور كان لها دور فيها ، ولكن الامر المفروغ منه هو انه في ضوء هذه الاستقالة وتحول الحكومة الرسمية الى حكومة تصريف اعمال ثانية، فان لبنان سيعاني لفترة غير محددة من عقد مثل التقاعس والتراخي والخمول .
-يبدو ان دياب وفي ضوء ظروف مثل استقالة اعضاء الحكومة وكذلك الضغوط المتزايدة يوميا، والتي كان من المقرر ان تتواصل في البرلمان يوم الخميس، رجح بان يفسح المجال امام السلطات لتختار شخصا بديلا عنه بلا ضغوط، هذا في حين ان افاق انتخاب شخص جديد لمنصب رئاسة الوزراء في ظل الخلافات الشديدة وكذلك اصرار بعض الاطراف على المحاصصة السياسية داخل لبنان والمبنية على تصفية الحسابات مع اركان السلطة ، لا تبشر بخير وستكون صعبة جدا .
-بمنأى عن انه متى سيتم تشكيل الحكومة الجديدة، وهل ستستوفي هذه الحكومة عنوان "حكومة الوحدة الوطنية"، يبدو ان اهم ما يقع على عاتق هذه الحكومة هو البت في ملف انفجار مرفأ بيروت وتحسين الظروف المعيشية والاقتصادية الهشة. يجب ان ننتظر ونرى من سيكون الشخص البديل لدياب وهل هو بمستوى المسؤولية. هذا و شوارع بيروت لازالت تعيش حالة غليان رغم خبر الاستقالة .
أبعاد السيادة الشعبيّة الدينيّة وأصولها
غالبًا ما يُشار في التحليلات المرتبطة بـالسيادة الشعبيّة الدينيّة إلى عدد الانتخابات التي تمّت في كيانٍ سياسيّ ما، فمن خلال رجوع النظام السياسيّ لآراء عامّة الناس، يُستنتج قوّة حاكميّة الشعب في ذلك النظام أو ضعفها. والحال أنّ السيادة الشعبيّة الدينيّة كما لوحظت في كلام القائد، هي شيء أعمّ من إقامة الانتخابات، وتشمل أيضًا تحقّق الإرادة الواقعيّة للشعب. وبعبارة أخرى، لحاكميّة الشعب الدينيّة بُعدان:
أ- البعد التأسيسيّ: بمعنى أنّ الشعب من خلال الحضور في الميدان، وأمام صناديق الاقتراع، يشارك في بناء النظام السياسيّ وفي تعيين الأشخاص الّذين يحقّ لهم تولّي المناصب والمسؤوليّات، وفي تحديد شكل الأمور الإجرائيّة في البلاد[1].
ب- البعد التحليليّ: بمعنى أن يكون بين النظام السياسيّ المؤسّس والشعب نوع من الارتباط المعنويّ بحيث يرى الشعب، في السلطاتِ التنفيذيّة والنظام الحاكم المحقّقَيْن لإرادته ومبادئه وأهدافه العليا، فيحبّهما، ويصبحان محطّ ثقة الشعب[2].
والصورة الوحيدة التي يحصل فيها ارتباط وثيق بين الحكومة والشعب، ليس عندما يكون النظام السياسيّ معتمدًا على آراء الناس فحسب، بل علاوةً على ذلك، حين يكون مورد حبّهم ومصدر راحةٍ لبالهم. الجمع بين هذين البعدَين هو الميزة البارزة للسيادة الشعبيّة الدينيّة، بحيث يمكن استخدامهما كمعيار مفيد لتمييز السيادة الشعبيّة الدينيّة عن الديمقراطيّة. فإذا جرى الحديث عن محوريّة القيم والالتزام بالمبادىء الدينيّة كمبانٍ لحاكميّة الشعب الدينيّة، فإنّ لهما حتمًا جذور في هذه الحقيقة، وإذا لم يُدرك هذا المعنى، سيُواجه فهم حاكميّة الشعب الدينيّة بالمشاكل.
إنّ رجوع الحكومة الإسلاميّة إلى الشعب، لم يكن من باب القلق والسيادة الشعبيّة الدينيّة ليست نهجًا مؤقّتًا، بل هي عنصر أساسيّ في الحاكميّة التي لها جذر في الحكومة النبويّة والعلويّة. ولهذا السبب، ذكرها قائد الثورة المعظّم كـأفضل نهج حكوميّ في الإسلام، يقول سماحته: "نظام السيادة الشعبيّة الدينيّة، هو أفضل علامة ونهج لمعرفة مسؤولي النظام الإسلاميّ لمسؤوليّاتهم[3]"[4].
3- أصول السيادة الشعبيّة الدينيّة: السيادة الشعبيّة الدينيّة كنهج في إدارة المجتمع الإسلاميّ، قائمة على أصول وردت متفرّقة في خطابات قائد الثورة المعظّم:
الأصل الأوّل: رضا الشعب، بما أنّ الحكومة الإسلاميّة قولًا وعملًا تعمل بما [ما] يؤدّي إلى رضا المواطنين، وهذا الرضا هو الداعم للحكومة في مواجهة المشكلات. يعتبر الناس في الحكومة الإسلاميّة أنفسهم أولياء النعمة، ويعتبرون البلد والحكومة ملكًا لهم. لذا، فإنّهم يرضون تمام الرضا عن سعي النظام لتحقيق الأهداف والشعارات المعلَنة والتي يرونها مطابقة لإرادتهم: "البلد في النظام الإسلاميّ، هو ملك للشعب، والأصل هو الشعب"[5].
و"الرضا" في هذا المقام، يشمل مجالًا واسعًا، أبرز نماذجه ممّا جرى التأكيد عليه في كلام القائد، وهو عبارة عن:
1- خدمة الشعب: النظام السياسيّ مكلّف بتلبية احتياجات الناس المشروعة، وقد جعل على رأس قائمة أعماله العمل في سبيل الله ولخدمة الشعب. أهميّة "الخدمة" كبيرة إلى حدّ جعلت قائد الثورة المعظّم يذكرها بوصف كونها "عبادة"، حيث ينبغي على الحكومة أن تستنفر كلّ طاقاتها في تحقيقها ولا تسمح بأدنى تقصير في ذلك: "مهمّة المسؤولين في نظام جمهوريّة إيران الإسلاميّة وتكليفهم هو إعمال جميع الطاقات لخدمة الشعب"[6].
2- الإخلاص في الخدمة: العاملون في النظام الإسلاميّ، ليسوا مكلّفين بقضاء حاجات الناس فحسب، بل فضلًا عن ذلك، هم مكلّفون بالقيام بهذا العمل من دون أيّ منّة. بعبارة أخرى، إنّ نظامًا قائمًا على حاكميّة الشعب الدينيّة، هو الذي تُقضى فيه حوائج الناس من دون منّة، وإذا لم يراعِ العاملون في النظام الإسلاميّ هذا الأصل في متابعة أمور الناس، بالرغم من حلّهم لمشاكلهم، فهم لم يدركوا حقيقة السيادة الشعبيّة الدينيّة.
عدم الامتنان على الناس مقابل الأعمال المنجزة، عدم المبالغة في تقرير الأعمال، تجنّب إعطاء الوعود دون العمل، اجتناب التمحور حول الذات والأنانيّة في مقابل الناس، عدم إطلاق الأوامر والنواهي على الناس جرّاء الاستفادة من المنصب والموقعيّة، السعي إلى اكتساب رضا الناس وتجنّب اكتساب رضا أصحاب السلطة والثروة، هي من جملة الوظائف المهمّة لمسؤولي النظام الإسلاميّ[7].
بناءً على هذا، فالأصل الأوّل التي ترتكز عليه السيادة الشعبيّة الدينيّة هو كسب رضا الشعب، ومن أجل هذا، كان على النظام أن يتمكّن من القيام بمتابعة أمور الناس بشكل خالص، ويظهر من هذا الطريق، صورة جميلة عن نظام خادم. لقد لفت قائد الثورة مرارًا إلى هذا المعنى من الخدمة بصفته أساسًا لـلسيادة الشعبيّة الدينيّة.
وقد أعلن في أحد المواضع بصراحة: "متابعة أمور الناس في نظام حاكميّة الشعب الدينيّة، تأمين الرّفاه والراحة لهم، وحلّ مشاكلهم، [...] هو أصل مهمّ"[8].
هذا الأصل من الأهميّة بمكان جعلته يتّجه في تقسيم السيادة الشعبيّة الدينيّة وجهتين: تأسيسيّة وتحليليّة[9]، الخدمة التجلّي العينيّ والواقعيّ للوجه التحليليّ، ويذكرها كعامل مهمّ في توثيق العلاقة بين الشعب والحكومة، حتّى أنّه يعتبرها راجعةً إلى الوجه التأسيسيّ:
الوجه الآخر لنظام السيادة الشعبيّة الدينيّة تتمثّل في الوظائف الجدّيّة للمسؤولين ورجال الدولة أمام الشعب. فالدعاية والصخب الإعلاميّ من أجل كسب أصوات الناس، ومن ثمّ نسيانهم وعدم تلبية مطالبهم، لا يتناسب مع حاكميّة الشعب الدينيّة[10].
كما يظهر من العبارة السابقة، فإنّ نظام السيادة الشعبيّة من وجهة نظر الإسلام، هو نظام، مضافًا إلى اعتماده على آراء الناس، يفي بوعوده لهم، ولا يكون مقبولًا لمجرّد إطلاق الوعود. مثل هذا النهج، يحقّق رضا الناس ويكسب رضا الخالق أيضًا. واجتماع هذَين الأمرًين - رضا الخالق والمخلوق - يشكّل جوهرة حاكميّة الشعب الدينيّة الفريدة: "إنّ رضا الله، وأساس عزّة نظام الجمهوريّة الإسلاميّة، هو العمل لخدمة الشعب"[11].
الأصل الثاني: محوريّة القيم، إنّ إيجاد التضادّ بين إرادة الشعب، وإرادة الله، هو من جملة المخلّفات المشؤومة لعصر التنوير والقرون الوسطى في الغرب، والذي سرى بصورة غير ملائمة لسائر الأديان - ومن جملتها الإسلام[12] - هذا والحال أنّ السيادة الشعبيّة في الرؤية الإسلاميّة لا تعني أبدًا نفي "محوريّة القيم"، وهي في الحقيقة تراعي حقوق عامّة الناس، والتصوّر بأنّه يمكن اللعب بالإيمان وقيم الشعب الدينيّة، والذهاب إلى حرب المباني القيميّة لنظام الإسلام السياسيّ من خلال طرح الديمقراطيّة باطل، ولا ينسجم مع معنى السيادة الشعبيّة الدينيّة. لهذا السبب، يعلن قائد الثورة صراحةً، في بيانه للمعنى الحقيقيّ لحاكميّة الشعب الدينيّة، ومن خلال التأكيد على بُعد محوريّة القيم فيها: "لا يتصوّرنّ أحد بأنّ الرأي العامّ منطقة مباحة يمكن اختراقها من خلال التحليلات الخاطئة، وبثّ الشائعات، وإلقاء التهم والكذب والإضرار بإيمان الناس ومشاعرهم، ومعتقداتهم ومقدّساتهم"[13].
بعبارة أخرى، في الفكر السياسيّ الإسلاميّ، الجميع - الأعمّ من الحكّام والناس - مكلّفون بالانقياد للقيم والأحكام الإلهيّة، ولا يمكن لأحد أو جماعة أن يتجاوز الحدود الإلهيّة.
وعلى هذا الأساس، للسيادة الشعبيّة الدينيّة معناها ومفهومها في إطار الأصول والقيم الإسلاميّة. وهذا الأمر يصدق أيضًا في الديمقراطيّة، ويلاحظ أنّ القيم الحاكمة في الخطاب السياسيّ للغرب، تتجلّى تمامًا في النموذج الغربيّ للديمقراطيّة. لذا، بما أنّ الخطاب السياسيّ يتغيّر، كذلك يتغيّر معنى السيادة الشعبيّة، فالمعنى قائم بالمحتوى ومضمون الخطاب الذي تنبع منه الكلمة. وبالالتفات إلى هذا المطلب الفلسفيّ نفسه، يقيّم قائد الثورة الخطاب الأصليّ للمجتمع على أنّه خطاب إسلاميّ.
يتمّ السعي لإظهار المسائل غير الأصيلة أصيلة، تُظهّر الإردات غير الحقيقيّة، أو الحقيقيّة، لكن من الدرجة الثانية، على أنّها الخطاب الوطنيّ الأصيل. لكنّ الخطاب الأصليّ لهذا الشعب ليس عبارة عن هذه الأمور. الخطاب الأصليّ لهذا الشعب هو أن يعثر الجميع على طرق لتقوية النظام: إصلاح الأعمال والمناهج، حلّ المشكلات، تبيين المبادىء والأهداف لعامّة أفراد الشعب، الاستفادة من قوّة الابتكار والنشاط والإرادة والدافع والإيمان العظيمة لدى هذا الشعب، والطريق نحو تحقيق الأهداف العالية لهذا النظام، والتي جميعًا توصل إلى السعادة[14].
إذًا، فإرادة الشعب تحقُّق النظام الإسلاميّ؛ النظام الذي تحكم فيه القيم الإسلاميّة. وهذه الإرادة هي التي تحدّد دائرة حاكميّة الشعب وحدودها: "هدف الثورة الإسلاميّة هو تحقّق النظام الإسلاميّ، وإرادة الشعب، والطرح الصحيح للفكر الإسلاميّ، وتعميقه في المجتمع"[15].
بناءً على هذا، يُحفظ الإطار القيميّ، والسيادة الشعبيّة الدينيّة لا تتأتّى أبدًا من خلال التعارض مع الدين وقيمه وأصوله. هذا المعنى من السيادة الشعبيّة الدينيّة على وجه الخصوص، هو الذي يفصلها عن الديمقراطيّة الغربيّة. في السيادة الشعبيّة الدينيّة، تتّجه إرادة الشعب ناحية تحقيق المباني والأهداف العليا للدين وتحكيمها، ولا تهدف إلى إلغائها أو تضعيفها، إذ في هذه الصورة، تفقد السيادة الشعبيّة مضمونها القيميّ، ولا يصحّ بعدُ إطلاق وصف الدينيّة عليها. وإنّ تأكيد قائد الثورة المعظّم على ضرورة الحفاظ على القيم الدينيّة من قبل المسؤولين وعموم أفراد الشعب، يتحقّق من خلال التأكيد على هذا الوجه عينه من السيادة الشعبيّة الدينيّة، وأنّه لا مكان للتسامح والمجاملة على صعيد القيم:
على المسؤولين أن يتموضعوا، ويتكلّموا، ويعملوا بشجاعة، وقوّة، ومن دون ملاحظة هذا وذاك، باسم الإسلام، ومن أجل الإسلام، ومن خلال رسالة الإسلام. وعلى شعبنا العزيز، وخاصّة الشباب، أن يعلموا ببركة الغدير، أنّ هذا الطريق الذي حدّد معالمه الإسلام والقرآن ونهج الغدير، هو طريق واضح. طريق حُدّدت معالمه من خلال الاستدلال والفلسفة القويّة، ووجد سالكين عظماء وكبار شأن[16].
وبما أنّ الحكومة الإسلاميّة مسدّدة بالتسديد الإلهيّ والتأسيس الشعبيّ، فهي مكلّفة بالعمل على هداية المجتمع، والسعي في هذا المجال جزء من الرسالات الخطيرة التي تحقّق رضا الخالق والمخلوق. وبعبارة أخرى، ينبغي على الدولة والشعب معًا إجراء الأطر والمباني القيميّة المحدّدة المعالم، والدولة الدينيّة والسيادة الشعبيّة الدينيّة، يمكن أن تُفهم وتُدرك في ظلّ هذه الأصول:
المفترض بالحكومة الإسلاميّة أن تخرج الناس من الظلمات إلى النور.. إرادة الدين تتمثّل بإخراج الإنسان من ظلمات الأنانيّة والاستبداد، والشهوة، وحصر النفس في المسائل الشخصيّة، ونقله إلى النور، نور الاخلاص، نور الصفاء، نور التقوى، [...] إذا ما حصل ذلك، سوف يصبح المجتمع نورانيًّا[17].
الأصل الثالث: محوريّة الحقّ، الرجوع إلى رأي الشعب، والسعي في تلبية حاجاته المشروعة، عنصران يشكّلان بعدَين مهمّين للسيادة الشعبيّة الدينيّة، وهما ضروريّان بحيث أنّ الله جعل الشعب صاحب حقّ في كلا هذين المجالين. بناءً على هذا، فالنظام الإسلاميّ تبنّى السيادة الشعبيّة الدينيّة، وهو يطبّقها، لا من باب اللطف، بل من باب التكليف: "إدارة البلاد في النظام الإسلاميّ، ليست بمعنى حاكميّة شخص أو أشخاص على الشعب، وحقٍّ لطرف واحد، بل هي حقّ لطرفين، وحقّ الشعب فيها هو الأرجح في كفّة الميزان".
تدلّ العبارة السالفة بصراحة على أنّ الشعب هو "وليّ النعمة"، وأنّ حقّ الشعب مقارنةً بحقّ المسؤولين هو أكثر بدرجات. بناءً على هذا، فالاهتمام بإرادة الشعب ومتابعة أمورهم واحتياجاتهم هو تكليف. وحاكميّة الشعب الدينيّة بهذا المعنى، تدلّ على كون الشعب "صاحب الحقّ"، والنظام مكلّف بأداء حقّ الشعب، وفي غير هذه الصورة، عليه أن يخضع للمساءلة من قِبل الشعب والله تعالى.
الأصل الرابع: محوريّة القانون، لمّا كان الانسجام الشعبيّ رهنًا بالالتزام بالقانون ورعاية حدوده، لا يمكن للسيادة الشعبيّة أيضًا أن تُعرّف بنحوٍ يُستنتج منه نقض القانون والحدود الأساسيّة للنظام. لهذا السبب، يقول القائد من خلال الإشارة إلى أهميّة القانون في الحياة العامّة، والتأكيد على مبنائيّة "أصل الالتزام بالقانون" في تحقيق شعار "العدالة" الأساسيّ: "التنمية العامّة، وتطوّر البلد غير ممكنين من دون العدالة، والعدالة تتحقّق فقط من خلال التأكيد على القانون"[18].
بهذا، يشير إلى أحد الأصول المهمّة لـلسيادة الشعبيّة، أي مراعاة القانون في وجوهه المختلفة ـ الأعمّ من تنظيم العلاقات فيما بين الناس، وتنظيم علاقة الشعب بالحكّام ـ من هذه الناحية، الجميع مكلّف وملزَم
بتطبيق الأصول القانونيّة، التي أُقرّت بتأييد الشرع وممثّلي الشعب. وفي ردّه على رغبة البعض الّذين يردّدون معزوفة التغيير في دستور جمهوريّة إيران الإسلاميّة، طرح موضوع الاستفتاء الشعبيّ فقال: ما يُطرح في الدستور، وأكثر من أيّ شيء آخر، هو دور الإسلام ومنبعيّته ومنشأيّته للقوانين والمباني والخيارات، وينبغي الحفاظ على بنية الدستور بشكل دقيق [...] الدستور هو ميثاقنا الوطنيّ والدينيّ والثوريّ الكبير. الإسلام الذي يمثّل كلّ شيء بالنسبة لنا، قد تجسّد وتبلور في الدستور[19].
بناءً على ما تقدّم، يمكن الاستنتاج بأنّ السيادة الشعبيّة الدينيّة لا يمكن أن تتأتّى أبدًا من باب التعارض مع أصول الدستور ومبانيه التي جرى التأكيد في الدستور على عدم تغيّرها. بعبارة أخرى، السيادة الشعبيّة من وجهة النظر الإسلاميّة، تُفهم وتُقبل في صلب هذه الأصول لا من ورائها. إنّ مراعاة هذه الأصول القانونيّة هي التي تضمن سلامة حاكميّة الشعب، وتصونها من الوقوع في مشاكل خطيرة قد تؤدّي إلى انهيار النظام السياسيّ بأكمله. ومن خلال اهتمام القائد بهذا الأصل، لفت إلى مراعاة الأصول القانونيّة، واجتناب التمييز، والتلاعب والسعي وراء المصالح، كرسالة خطيرة في تأييد السيادة الشعبيّة الدينيّة، فيقول سماحته: "إيجاد الفرص والإمكانات الإقتصاديّة للأصدقاء والأقارب هو من الأعمال المنافية لحاكميّة الشعب الدينيّة، وفساد ينبغي مواجهته"[20].
حاكميّة الشعب الدينيّة في خطاب القائد الخامنئي، علي فيّاض
[1] بخصوص حضور الشعب أمام صناديق الاقتراع، يجدر التذكير بأمر وهو أنّ نفس القيام بهذا العمل لا يمكن أن يكون ذا معنًى كبير، ويمكن لهذه الواقعة أن تقع بطرق مختلفة. المهمّ طريقة حضور الشعب، وهل عنصر الوعي موجود أم لا؟ طبقًا للتحقيقات المُعدّة، بسبب الحركة القويّة لتقييد الرأي العامّ وحرفه في الديمقراطيّة الغربيّة، لا يحصل هذا الأمر بصورة سليمة، وإنّنا دائمًا نشهد نقض أسس الديمقراطيّة من قبل مدّعيها. أنظر في هذا المجال: حجّت الله أيّوبي، كيف تحكم الأكثريّة، (طهران: سروش، 1379).
[2] صحيفة إطّلاعات، 26 مرداد 1379.
[3 أنظر في هذا المجال مجموعة المقالات الصادرة عن مؤتمر الإمام الخميني قدس سره الدولي، مجلّد "الأسس السياسيّة والأصول المدنيّة" وجملتي "الفلسفة السياسيّة" التي بُيّنت فيهما وأثبتت "حاكميّة الشعب الدينيّة" من وجهة نظر الإمام قدس سره من خلال الاستناد إلى مباني الحكم عند الرسول الأكرم صلّى الله عليه وآله والإمام عليّ عليه السلام.
[4] صحيفة الجمهوريّة الإسلاميّة، 13 آذر 1379.
[5] صحيفة الجمهوريّة الإسلاميّة، 1 آذر 1379.
[6] صحيفة كيهان، 28 آبان 1379.
[7] صحيفة الجمهوريّة الإسلاميّة، 13 آذر 1379.
[8] صحيفة الجمهوريّة الإسلاميّة، 1 آذر 1379.
[9] أنظر، خطاب قائد الثورة الإسلاميّة المعظّم، بتاريخ 1 آذر 1379، والذي ميّز فيه بين الوجهين بنحو مفصّل.
[10] المصدر نفسه.
[11] صحيفة إطّلاعات، 6 مرداد 1379.
[12] للاطّلاع على أسس هذا التوجّه، أنظر، أصغر إفتخاري وعلي أكبر كمالي، الاتّجاه الديني للهجومين الثقافيّين (طهران: وزارة الإرشاد الإسلاميّ، سنة 1376).
[13] صحيفة الجمهوريّة الإسلاميّة، 10 إسفند 1379.
[14] مجلّة شما، 23 تير 1379.
[15] صحيفة الجمهوريّة الإسلاميّة، 30 إسفند 1379.
[16] صحيفة الجمهوريّة الإسلاميّة، 25 إسفند 1379.
[17] صحيفة الجمهوريّة الإسلاميّة، 11 بهمن 1379.
[18] صحيفة كيهان، 29 آبان 1379.
[19] مجلّة شما، 23 تير 1379.
[20] صحيفة الجمهوريّة الإسلاميّة، 13 آذر 1379.
من المستفيد من انفجار بيروت؟
يمكن مقارنة الأجواء السياسية في لبنان خلال الأيام القليلة الماضية بالهدوء النسبي الذي يسبق العاصفة. وكان التحريض على انعدام الأمن وخلق فراغ سياسي في هذا البلد، على جدول الأعمال كمشروع مشترك لبعض الأطراف المحلية والمنافسين السياسيين والتيارات الأجنبية المعادية للبنان، والذي لم ينجح في المرحلة الأولى.
کما أن توجيه الاحتجاجات الداخلية، التي كان الدافع وراءها الاقتصاد، على الرغم من أنه كان قادراً على جعل الداخل اللبناني متأزماً لبعض الوقت، ولكن كان له دور ضئيل في عرقلة عملية تشكيل الحكومة في لبنان.
من ناحية أخرى، كان وضع المقاومة بين خيارين هما الانضمام إلى المتظاهرين أو حذفه من الهيكل السياسي، هو المشروع التالي الذي تم تنفيذه.
لم يكن أمام حزب الله خيار. فإما أن يقف بجانب المتظاهرين، وهو ما يعني الانضمام إلى سيناريو جعل لبنان غير آمن، أو أن موقفه الشعبي بين المتظاهرين سيتضرر.
لم يكن الفشل في تشكيل الحكومة هو الهدف المثالي للمنافسين السياسيين للمقاومة والجماعات الأجنبية، ولكن لفترة من الوقت كان يمكن أن يمنح لهذا التيار فرصةً لإعادة الإحياء وإعادة بناء الساحة السياسية. تياراتٌ اعتمد قادتها منذ فترة طويلة على الدعم الأجنبي لتحويل الأزمات المحلية إلى فرص لتأمين حياتهم السياسية.
"شريك اللص ورفيق القافلة" هو أفضل وصف للتيارات السياسية اللبنانية، التي انحازت إلى المتظاهرين وتحالفت مع "حكومة البنوك"، وکانت السبب الرئيسي للانهيار الاقتصادي في البلاد. "حكومة البنوك" هي مصطلح سياسي مثير للاشمئزاز يحدد الطبقة السياسية الفاسدة والغنية في لبنان.
إن إلقاء نظرة على بعض الأحداث اللبنانية المهمة في الأيام الأخيرة، يمكن أن يكون علامات تحذيرية للتدخل الأجنبي المخطط له مسبقاً، لإدخال لبنان مجدداً في سيناريو جديد هدفه الرئيسي هو تأمين محيط الکيان الإسرائيلي والقضاء على قوة الردع للمقاومة والتعويض عن الهزيمة في سوريا. وبعض هذه العلامات لها قاسم مشترك مع الأحداث التي أعقبت اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق "رفيق الحريري" عام 2005.
وعلى الرغم من أن وسائل الإعلام العربية والأمريكية وجهت أصابع الاتهام إلى حزب الله في اللحظة الأولى، وحتى قبل أن يهدأ غبار ورماد انفجار بيروت، ولکن لا بد من القول إن هذا يشير إلى إمكانية التخريب أيضًا.
والسؤال حول ما إذا كان مقرراً حدوث سيناريو مثل اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري، الذي اغتيل عام 2005 والذي مهد اغتياله الطريق لخروج الجيش السوري من الحدود اللبنانية والأراضي المحتلة، سؤالٌ سيتم الرد عليه في الأيام القليلة القادمة من خلال السلوك الأمريكي.
بطبيعة الحال، إن نطاق هذا السيناريو الجديد أوسع وأعمق وأكثر خطورةً. وحتى لو قبلنا أن الإسرائيليين والولايات المتحدة لم يتدخلوا في انفجار بيروت ولا توجد إمكانية للتخريب، فإنهم بالتأكيد لن يتجاهلوا هذا الانفجار للاستغلال السياسي ولتمهيد الطريق لتشكيل جديد للهيكل السياسي اللبناني.
هذه المرة أيضاً، تقوم القنوات الفضائية مثل "الحدث" و"العربية" ووسائل الإعلام الغربية بتغطيات إعلامية علی مدار الساعة، لإذکاء النيران التي أشعلها الأمريكيون على الأرجح.
زيارة وزير الخارجية الفرنسي وضغوط هذا البلد علی لبنان، إلى جانب تدخلات السفيرة الأمريكية من حين لآخر في شؤون هذا البلد الداخلية، والتحركات الإسرائيلية على الحدود المحتلة، والدوريات التي قامت بها طائرات تجسس أمريكية فوق الساحل اللبناني-السوري قبل يوم واحد من انفجار بيروت، واجتماع الأسبوع الماضي بين رئيس هيئة الأركان المشتركة الأمريکية ونظيره الإسرائيلي، والاستقالة المفاجئة لـ "ناصيف حتي" وزير الخارجية اللبناني، والضغوط الخارجية والإقليمية للإطاحة بالحكومة اللبنانية، وتحديد المناطق المعرضة للخطر في لبنان من قبل الطائرات الصهيونية بدون طيار، هي من بين أهم الأحداث التي شهدها لبنان في الأسابيع الأخيرة، وهو ما يجب ملاحظته في العنصر الزماني والمكاني لانفجار بيروت وتداعياته.
ومع ذلك، فإن تخزين هذه الكمية من المواد الكيميائية في مرفأ بيروت ليس شيئًا لا يعرفه الإسرائيليون. وبالنظر إلى التحليلات بعد هذا الانفجار، من الممكن معرفة التيار الذي سيأخذ مسار تطورات انفجار بيروت لصالحه.
کما يجب أن نضع في الاعتبار أيضاً أن هذا الميناء هو الميناء الرئيسي في لبنان، حيث يتم من خلاله استيراد أكثر من 70٪ من واردات لبنان والاحتياجات الأساسية للناس، وفي مثل هذه الظروف، سيتضرر الاقتصاد اللبناني بشكل خطير. وهذا ما يرغب فيه معارضو المقاومة حتی يمارسوا أقصى ضغط على المقاومة في مثل هذه الظروف، أو يخففوا أو يحيدوا سلوكها الخارجي فيما يتعلق بالکيان الصهيوني على الأقل.
ولذلك، يبدو أن كل أجزاء اللغز أعدَّت لوضع لبنان في حالة من الاضطراب الاقتصادي والسياسي، من أجل تصميم سيناريو جديد.
أكثر من 70 في المائة من واردات لبنان والضروريات الأساسية لشعبه يأتي عبر هذا الميناء الذي انفجر. ومنذ الآن ستحاول وسائل الإعلام السعودية والأمريكية والمعسكر المرتبط بالصهيونية داخل وخارج البلاد، تحديد حزب الله وحلفاء المقاومة بصفتهم المتهم الرئيسي.
والأميركيون الذين لم يتخذوا موقفاً واضحاً في اللحظات الأولى للانفجار، سيحاولون بلا شك فرض شروطهم على الحكومة اللبنانية، بذريعة إعادة البناء أو تقديم المساعدة المالية، مستغلين الوضع الاقتصادي المضطرب في لبنان.
وبالتأكيد، إن أهم شرط بالنسبة لهم سيكون الإزالة التدريجية للمقاومة من المشهد السياسي اللبناني، وكذلك تطبيق قانون "قيصر" بشأن سوريا. والنتيجة الأقل التي ستترتب على هذا السيناريو بالنسبة للولايات المتحدة والکيان الصهيوني، هي أن الطاقات الداخلية للحكومة ستنصرف لفترة من الوقت لقضية انفجار بيروت.
يبدو أن سيناريو اغتيال رفيق الحريري عام 2005، والذي شهد بداية فصل جديد في التطورات والتدخلات الأجنبية في لبنان، سيُتابع على نطاق أوسع وأكثر خطورةً مع انفجار بيروت. ومع ذلك، لا ينبغي تجاهل دور تجارب حزب الله القيمة في إدارة الأحداث السياسية والميدانية وتغيير المعادلات.
المصدر:الوقت
مصادر حديث الغدير
قبل البحث في دلالات حديث الغدير أجد من الضروري إلقاء نظرة على صيغة الحديث في مصادره عند الشيعة والسنّة ، ليحصل الاطمئنان بأنه من الأحاديث المتواترة الثابتة في كتب الفريقين ، وللتأكيد بأنّ اللفظ وهو (المولى) الذي نستدل به على جعل الإمامة لعليّ(عليه السلام) من قبل النبي(صلى الله عليه وآله) ، موجود في جميع الصيغ الواردة في كتب علماء الفريقين .
حديث الغدير في مصادر أهل السنة
1 ـ قال النبي(صلى الله عليه وآله) يوم غدير خم : «ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم وأزواجي أمهاتهم؟ فقلنا بلى يارسول الله . قال : فمن كنت مولاه فعليّ مولاه اللهم والِ من والاه وعادِ من عاداه»(1) .
2 ـ وعن زاذان أبي عمر قال : سمعت عليّاً في الرحبة ، وهو ينشد الناس : من شهد رسول الله(صلى الله عليه وآله) يوم غدير خم وهو يقول ما قال .
فقام ثلاثة عشر رجلا فشهدوا أنهم سمعوا رسول الله(صلى الله عليه وآله)وهو يقول : من كنت مولاه فعلي مولاه »(2).
3 ـ «إنّ النبي(صلى الله عليه وآله) قال يوم غدير خم : «من كنتُ مولاه» فعلي مولاه قال (ربما الراوي وهو أبو مريم أو غيره) فزاد الناس بعد : والِ من والاه وعادِ من عاداه»(3).
وفيه : أنّ هذه الزيادة ليست من الناس ، بل هي رواية عن النبي(صلى الله عليه وآله)عن زيد عن رسول الله في حديث رقم 18522 في مسند أحمد .
ثم إن هذه الإضافة موجودة في مصادر الحديث الأخرى عند الطائفتين ، فلا إشكال في ثبوت صدورها عن النبي(صلى الله عليه وآله) ، ثم إن مورد الاستشهاد إنما بصدر الحديث أي قوله(صلى الله عليه وآله) : «من كنتُ مولاه فعلي مولاه» . وليس بذيله ، أي : (اللهم والِ من والاه . . .) .
4 ـ وعن أبي سرحة أو زيد بن علي عن النبي(صلى الله عليه وآله) : «من كنت مولاه فعلي مولاه»(4).
5 ـ وقال سعد بن أبي وقاص لمعاوية بن أبي سفيان بعد أن نال الأخير من عليّ(عليه السلام) : «تقول هذا لرجل سمعت رسول الله(صلى الله عليه وآله)يقول : من كنت مولاه فعلي مولاه »(5).
6 ـ «وعن عامر بن سعد عن سعد ، أنّ رسول الله(صلى الله عليه وآله)خطب فقال : أما بعد ، أيّها الناس فإني وليكم قالوا : صدقت ، ثم أخذ بيد عليّ فرفعها ثم قال : هذا ولييّ والمؤدي عني ، والِ اللهم من والاه ، وعادِ اللهم من عاداه .
7 ـ وعن عائشة بنت سعد عن سعد قال : أخذ رسول الله(صلى الله عليه وآله) بيد علي فخطب فحمد الله وأثنى عليه ثم قال : ألم تعلموا أني أولى بكم من أنفسكم؟
قالوا : نعم ، صدقت يارسول الله . ثم أخذ بيد علي فرفعها : فقال : من كنت وليه فهذا وليه ، وإن الله ليوال من والاه ويعادي من عاداه»(6).
8 ـ «وعن عائشة بنت سعد عن سعد أنه قال : كنا مع رسول الله بطريق مكّة ، وهو متوجه إليها ، فلما بلغ غدير خم الذي بخم وقف الناس ثم ردّ من مضى ولحقه من تخلف فلما اجتمع الناس قال : أيّها الناس هل بلغت؟ قالوا : نعم . قال : اللهم اشهد . ثم قال : أيها الناس هل بلغت؟ قالوا : نعم . قال : اللهم اشهد ثلاثاً (ثم قال) أيها الناس من وليكم؟
قالوا : الله ورسوله ـ ثلاثاً ـ ثم أخذ بيد علي بن أبي طالب فأقامه فقال : من كان الله ورسوله وليه فإن هذا وليه ، اللهم والِ من والاه وعادِ من عاداه»(7).
9 ـ «روى عثمان بن سعيد عن شريك بن عبد الله ، قال : لما بلغ عليّاً(عليه السلام) أنّ الناس يتهمونه فيما يذكره من تقديم النبي(صلى الله عليه وآله) وتفضيله إياه على الناس ، قال(عليه السلام) : أنشد الله من بقي ممّن لقى رسول الله(صلى الله عليه وآله) وسمع مقاله في يوم غدير خم إلاّ قام فشهد بما سمع؟
فقام ستة ممن عن يمينه من أصحاب رسول الله(صلى الله عليه وآله)وستة ممن على شماله من الصحابة أيضاً فشهدوا أنهم سمعوا رسول الله(صلى الله عليه وآله) يقول ذلك اليوم وهو رافع بيدي علي : من كنتُ مولاه فهذا علي مولاه ، اللهم والِ من والاه وعادِ من عاداه وانصر من نصره وأخذل من خذله ، وأحبَّ من أحبَّه وأبغض من أبغضه »(8).
«وفي مكان آخر من كتاب النهج ينقل ابن أبي الحديد هذه القطعة الإضافية «وأنس بن مالك في القوم لم يقم : فقال له يا أنس! ما يمنعك أن تقوم فتشهد ولقد حضرتها؟
فقال : ياأمير المؤمنين كبرت ونسيت . فقال : اللهم إن كان كاذباً فارمه بها بيضاء لا تواريها العمامة .
قال طلحة بن عمير : فوالله لقد رأيت الوضح به بعد ذلك أبيض من عينيه»(9).
10 ـ « قال(صلى الله عليه وآله) يوم غدير خم : من كنت مولاه فعلي مولاه ، اللهم والِ من والاه وعادِ من عاداه»(10).
11 ـ «وقام النبيّ(صلى الله عليه وآله) خطيباً وأخذ بيد علي بن أبي طالب فقال : ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟
قالوا : بلى يا رسول الله(صلى الله عليه وآله) .
قال : فمن كنت مولاه فعلي مولاه ، اللهم والِ من والاه وعادِ من عاداه»(11) .
12 ـ وقال النبي(صلى الله عليه وآله) للمسلمين في عودته من حجّة الوداع : «من كنت مولاه فعلي مولاه ، اللهم والِ من والاه وعادِ من عاداه»(12) .
حديث الغدير في كتب الشيعة
ومن الواضح أن جميع كتب الشيعة التي تعرضت لسيرة النبي(صلى الله عليه وآله) ، أو لفضائل علي(عليه السلام) ومناقبه ، أو التي تعرضت لمسائل الإمامة ذكرت حديث الغدير ، ونحن هنا نشير إلى بعض ماسجله علماء الشيعة في نقل حديث الغدير كنموذج لذلك :
1 ـ فلما رجع رسول الله(صلى الله عليه وآله) من حجة الوداع نزل عليه جبرئيل(عليه السلام)فقال : { يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللهُ يَعْصِمُكَ مِنْ النَّاسِ إِنَّ اللهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ}(13) .
فنادى الناس فاجتمعوا ، ثم قال عليه الصلاة والسلام : (ياأيها الناس مَن وليكم وأولى بكم من أنفسكم؟
فقالوا : الله ورسوله .
فقال : من كنت مولاه فعلي مولاه ، اللهم والِ من والاه وعادِ من عاداه ـ ثلاث مرات ـ»(14) .
2 ـ قال النبي(صلى الله عليه وآله) : «إني قد دعيت ويوشك أن أجيب ، وقد حان مني خفوق من بين أظهركم وإني مخلف فيكم ما أن تمسكتم به لن تضلوا : كتاب الله وعترتي أهل بيتي ، فإنهما لن يفترقا حتى يردا عليَّ الحوض .
ثم نادى بأعلى صوته : ألست أولى بكم منكم بأنفسكم؟
قالوا : اللهم بلى .
فقال : فمن كنت مولاه فهذا عليّ مولاه ، اللهم والِ من والاه وعادِ من عاداه وانصر من نصره واخذل من خذله»(15) .
3 ـ وقال النبي( صلى الله عليه وآله وسلم) : ألا وإني أشهدكم أني أشهد أنّ الله مولاي وأنا مولى كلّ مسلم وأنا أولى بالمؤمنين من أنفسهم ، فهل تقرّون لي بذلك وتشهدون لي به؟
فقالوا : نعم ، نشهد لك بذلك .
فقال : ألا من كنت مولاه فإنّ عليّاً مولاه ، اللهم والِ من والاه وعادِ من عاداه وانصر من نصره وأخذل من خذله»(16) .
4 ـ قال النبي(صلى الله عليه وآله) : من كنتُ مولاه فهذا علي مولاه»(17) .
5 ـ قال النبي(صلى الله عليه وآله) : «من كنت مولاه فعلي مولاه»(18) .
6 ـ قال النبي(صلى الله عليه وآله) : فمن كنت مولاه فعلي مولاه ، اللهم والِ من والاه وعادِ من عاداه وانصر من نصره واخذل من خذله»(19) .
وأثبت المحدث هاشم البحراني 88 حديثاً في الغدير من طرق العامة و36 رواية من طرق الشيعة(20) .
ولقد أحصى السيّد المحقّق الطباطبائي في كتابه (الغدير في التراث الإسلامي) 164 كتاباً صنف حول واقعة الغدير .
معاني حديث الغدير
وبعد أن ألقينا ضوءاً كافياً على أصل الحديث ، واهتمام رواة الحديث وأرباب السنن بنقله ، نتناول دلالة حديث الغدير على ثبوت امامة علي بن أبي طالب(عليه السلام) بعد وفاة النبي(صلى الله عليه وآله) ، ونستعرض أهم الشبهات التي اُثيرت على ذلك ، وحاولت ـ بعد التسليم بصدور الحديث عن النبي(صلى الله عليه وآله) ـ تفسيره بمعان لا تساعد عليها اللغة والاستعمال والقرائن العامة التي حفّت بالحديث .
استعمال لفظ المولى
استعملت لفظة المولى في القرآن الكريم في اللغة في معان عديدة :
1 ـ فقد وردت بمعنى (الأولى) في تفسير قوله تعالى : { فَالْيَوْمَ لاَ يُؤْخَذُ مِنْكُمْ فِدْيَةٌ وَلاَ مِنْ الَّذِينَ كَفَرُوا مَأْوَاكُمْ النَّارُ هِيَ مَوْلاَكُمْ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ}(21) .
واختاره أبو عبيدة معمر بن المثنى في كتابه في القرآن (المجاز) ، في تفسيره الآية المتقدمة ، واستشهد ببيت لبيد :
فغدت كلا الفرجين تحسب أنه مولى المخافة خلفها وأمامها(22)
وقال به الزجاج والفراء أيضاً .
2 ـ ووردت بمعنى المتصرف بالأمر في تفسير قوله تعالى : { وَاعْتَصِمُوا بِاللهِ هُوَ مَوْلاَكُمْ}(23) .
قال الفخر الرازي في تفسيره ناقلا عن القفال :
هو مولاكم : سيدكم والمتصرف فيكم(24) .
3 ـ وردت بمعنى المتولي في الأمر في تفسير قوله تعالى :
{ذَلِكَ بِأَنَّ اللهَ مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا}(25) كما اختاره أبو العباس(26) .
4 ـ وردت بمعنى الناصر في تفسير قوله تعالى : { ذَلِكَ بِأَنَّ اللهَ مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَأَنَّ الْكَافِرِينَ لاَ مَوْلَى لَهُمْ}(27) كما ذكر ذلك الشيخ المفيد(قدس سره)(28) وفسر لفظ المولى بمعنى الولي أيضاً كما عن الحاكم الحسكاني(29) .
5 ـ ووردت بمعنى الوارث كما في تفسير قوله تعالى : { وَلِكُلّ جَعَلْنَا مَوَالِىَ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ . . .}(30) «وقال السدي : إنّ الموالي بمعنى الورثة وهو أقواها»(31) .
6 ـ ووردت بمعنى الصاحب في تفسير قوله تعالى : { يَوْمَ لاَ يُغْنِي مَوْلىً عَنْ مَوْلىً شَيْئاً وَلاَ هُمْ يُنصَرُونَ}(32) كما اختاره الطبرسي في تفسيره(33) .
7 ـ ووردت بمعنى المالك كما في تفسير قوله تعالى :
{وَضَرَبَ اللهُ مَثَلا رَجُلَيْنِ أَحَدُهُمَا أَبْكَمُ لاَ يَقْدِرُ عَلَى شَيْء وَهُوَ كَلٌّ عَلَى مَوْلاَهُ}(34) .
كما أشار إليه ابن الجوزي في تذكرته(35) .
8 ـ وجاءت بمعنى العبد ، وقيل : ابن العم(36) في تفسير قوله تعالى :
{ادْعُوهُمْ لاِبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللهِ فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آبَاءَهُمْ}(37) .
9 ـ ووردت بمعنى ابن العم ، قال الفضل بن العباس في ذلك :
مهلا بني عمنا مهلا موالينا لا تظهرون لنا ماكان مدفونا(38)
10 ـ ووردت بمعنى الحليف ، حيث قال الشاعر :
موالي حلف لاموالي قرابة *** لكن قطينا يسألون الاتاويا(39)
11 ـ ووردت بمعنى الربّ ومنه قول القائل :
«وقد وكلكم إلى المولى الكافي» أي الرب(40) .
12 ـ ووردت بمعنى السيد ، فقد ورد في مجمع البحرين : «وتنكيل المولى بعبده بأن يجذع أنفه»(41) .
وقال الخليل الفراهيدي :
والموالي بنو العم ، والموالي من أهل بيت النبي(صلى الله عليه وآله) من يحرم عليه الصدقة .
والمولى : المعتق والحليف والولي(42) .
والولي والمولى يستعملان في ذلك كل واحد منهما ، يُقال في معنى الفاعل أي الموالي وفي معنى المفعول أي الموالي يُقال للمؤمن هو ولي الله ولم يرد مولاه(43) .
وقد يُقال : بأنه إذا كان النبي(صلى الله عليه وآله) أراد أن ينصب علياً إماماً للمسلمين من بعده ، فلماذا لم يذكر ذلك بلفظ يكون نصّاً في المعنى ، فلا يقع النزاع بعد ذلك؟
والجواب
إنّ حديث الغدير وماتقدمه من كلام وما تأخر عنه يدل دلالة واضحة على مراد النبي(صلى الله عليه وآله) في تعيين علياً إماماً بعده ، فإذا أمكن النقاش في دلالة حديث الغدير; ودعوى عدم وضوحه في إفادة المعنى ، فإنه يمكن النقاش في كل نص يرد لا يحتمل معنى آخر غير معنى الإمامة على تقدير صدوره من النبي(صلى الله عليه وآله) كما ردّ طلب النبي ـ وهو على فراش الموت ـ في أن يكتب لهم كتاباً لن يضلوا من بعده أبداً ، حيث رفض عمر بن الخطاب ذلك الطلب وقال : إنّ الرجل ليهجر(44) أو غلب عليه الوجع كما روى ذلك البخاري بسنده عن عبيدالله بن عبد الله عن ابن عباس قال : لما اشتد بالنبي(صلى الله عليه وآله) وجعه قال : أئتوني بكتاب اكتب لكم كتاباً لا تضلوا بعده قال عمر : إنّ النبي(صلى الله عليه وآله)غلب عليه الوجع وعندنا كتاب الله حسبنا فاختلفوا وكثر اللغط قال(صلى الله عليه وآله) : قوموا عني ولا ينبغي عندنا النزاع ، فخرج ابن عباس يقول : الرزيئة كل الرزيئة ماحال بين رسول الله(صلى الله عليه وآله) وبين كتابه(45) .
وفي رواية أخرى روى البخاري بسنده عن ابن عباس قال : لما حضر رسول الله(صلى الله عليه وآله) وفي البيت رجال فقال النبي(صلى الله عليه وآله) : هلموا أكتب لكم كتاباً لا تضلوا بعده ، فقال بعضهم : إنّ رسول الله(صلى الله عليه وآله) قد غلبه الوجع وعندكم القرآن حسبنا كتاب الله(46) .
هذه أهم موارد استعمال لفظة (المولى) التي جاءت في القرآن الكريم وفي كلمات العرب وشعرهم ، ولكن علماء الحديث والعقائد ذكروا للفظ المولى معان أُخر غير التي ذكرناها ، فقد ذكر ابن الجوزي : أن علماء العربية قالوا : إن لفظة المولى ترد على عشرة وجوه وهي :
الأول : المالك ، ومنه قوله تعالى :
{وَضَرَبَ اللهُ مَثَلا رَجُلَيْنِ أَحَدُهُمَا أَبْكَمُ لاَ يَقْدِرُ عَلَى شَيْء وَهُوَ كَلٌّ عَلَى مَوْلاَهُ} .
أي على مالك رقه .
والثاني : بمعنى المولى المعتق بكسر التاء .
والثالث : بمعنى المعتق بفتح التاء .
والرابع : بمعنى الناصر ومنه قوله تعالى :
{ذَلِكَ بِأَنَّ اللهَ مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَأَنَّ الْكَافِرِينَ لاَ مَوْلَى لَهُمْ} .
أي لا ناصر لهم .
والخامس : بمعنى ابن العم قال الشاعر :
مهلا بني عمنا مهلا موالينا لا تنبشوا بيننا ما كان مدفونا
وقال آخر :
هم الموالي حتفوا علينا وإنا من لقائهم لزور
وحكى صاحب الصحاح عن أبي عبيدة أن قائل هذا البيت عني بالموالي بني العم ، قال : وهو كقوله تعالى :
{ثم يخرجكم طفلا} .
والسادس : الحليف قال الشاعر :
موالي حلف لا موالي قرابة ولكن قطينا يسألون الاتاويا
يقول هم حلفاء لا أبناء عم قال في الصحاح وأما قول الفرزدق :
ولو كان عبد الله مولى هجوته ولكن عبد الله مولى موالينا
فلأنّ عبد الله بن أبي إسحاق مولى الحضرميين ، وهم حلفاء بني عبدشمس ابن عبدمناف ، والحليف عند العرب مولى ، وإنما نصب المواليا لأنه رده إلى أصله للضرورة ، وإنما لم ينون مولى لأنه جعله بمنزلة غير المعتل الذي لا ينصرف .
والسابع : المتولي لضمان الجريرة وحيازة الميراث ، وكان ذلك في الجاهلية ثم نسخ بآية المواريث .
والثامن : الجار وإنما سمي به لماله من الحقوق بالمجاورة .
والتاسع : السيد المطاع وهو المولى المطلق قال في الصحاح : كل من ولي أمر أحد فهو وليه .
والعاشر : بمعنى الأولى ، قال الله تعالى : { فَالْيَوْمَ لاَ يُؤْخَذُ مِنْكُمْ فِدْيَةٌ وَلاَ مِنْ الَّذِينَ كَفَرُوا مَأْوَاكُمْ النَّارُ هِيَ مَوْلاَكُمْ} أي أولى بكم(47) .
وقال أبو بكر محمد بن القاسم الانباري في كتابه في القرآن المعروف بـ (المشكل) :
«والمولى في اللغة ينقسم إلى ثمانية أقسام :
المنعم ، المعتق ، والمعتق بالفتح ـ ، والاولى بالشيء والجار ، وابن العم ، والصهر والحليف ، وقد استشهد على كل قسم من أقسام المولى بشيء من الشعر»(48) وجعلها شيخنا الامين(قدس سره)في غديره سبعة وعشرين معنى(49) .
معنى لفظ المولى في لغة العرب
وهكذا يتضح أنّ لفظ المولى في اللغة استعمل في عدة معان ، ولكن نسأل هل اللفظ موضوع ـ لغةً ـ لمعنى الأولى ، واستعمل في سائر المعاني على نحو المجاز كما في استعمال لفظ الأسد في الرجل الشجاع بمناسبة شجاعته ، فيكون الاستعمال فيها مجازاً وفي الأولى على نحو الحقيقة ، أو أن تلك المعاني أيضاً معان حقيقية للفظ المولى ، فالاشتراك معنوي ، أو أن الاشتراك في اللفظ بنحو الاشتراك اللفظي؟
هل لفظ المولى مشترك لفظي؟
عُرف المشترك اللفظي بـ :
«أن يكون اللفظ موضوعاً لمعنيين ، أو لمعان بأوضاع متعددة كلفظ العين للباصرة والجارية والذهب»(50) .
وقد عرفه أهل الاصول بعبارة أوضح : «اللفظ الواحد الدال على معنيين مختلفين فأكثر دلالة على السواء عند أهل اللغة»(51) .
ومن الواضح أنّ لفظ المولى ليس كذلك ، إذ معانيه ليست متباينة ، إنما فيها معنى مشترك ، وإن كان يوجد تفاوت في نسبة صدق المعنى الواحد عليها بنحو سواء ، كما أنه من تتبع معاني لفظ المولى يستشعر أنّ اللفظ لم يوضع لتلك المعاني بنحو الوضع المستقل لكل معنى عن وضعه للآخر .
هل لفظ المولى حقيقة في الأولى مجاز في غيره؟
عرف المعنى الحقيقي بأنه : «استعمال اللفظ فيما وضع له في الاصطلاح الذي وقع به التخاطب» .
وعرف المعنى المجازي بأنه : استعمال اللفظ في غير ماوضع له في أصل تلك المواضعة للعلاقة(52) .
وعرف أيضاً بأنّ المعنى الحقيقي هو : «استعمال الكلمة فيما وضعت له في اصطلاح التخاطب» .
أما المجاز فهو : «استعمال الكلمة في غيرما وضعت له في اصطلاح التخاطب»(53) والتعريفان متطابقان في المضمون .
وهذاالتعريف لاينطبق على لفظ المولى في معانيه المتعددة، وذلك لأنه كما استعمل في معنى(الاولى) بلاقرينة،كذلك أستعمل في سائر المعاني بلا قرينة أيضاً ، مع أن الاستعمال المجازي للفظ لا يصح بلا قرينة ، وهذا يدل على أن بقية المعاني هي أيضاً معاني حقيقة للفظ المولى .
هل لفظ المولى مشترك معنوي؟
المشترك المعنوي :
«هو أن يكون اللفظ موضوعاً لمعنى كلي كالانسان للحيوان الناطق»(54) .
وحيث إنّ هذا التعريف ينطبق على لفظ المولى للأدلة التي سنذكرها لاحقاً ، يكون لفظ المولى موضوعاً ـ في اللغة ـ لمعنى الأولى ، غاية الأمر أن الأولوية تختلف في كل مورد عن المورد الآخر فمثلا النبي(صلى الله عليه وآله) مولى المؤمنين يعني : هو أولى بهم من أنفسهم في أمورهم ، وله الأمر والنهي ، وله عليهم حقّ الطاعة ، والمولى بمعنى الوارث ، يعني أن الابن أو غيره من الورثة أولى من أي شخص آخر بمال مورثه المتوفى ، والمولى بمعنى الناصر ، كأن يُقال العباس بن علي مولى الحسين(عليه السلام)يعني : أن العباس(عليه السلام)أولى الناس بنصرة الحسين(عليه السلام) من غيره لمعرفته به ، وهكذا يكون معنى الأولوية موجوداً في جميع معاني لفظ المولى مع اختلاف في مصداق الأولوية كما يطلق لفظ إنسان على زيد وعمرو وبكر فإنهم جميعاً يصدق عليهم لفظ إنسان مع اختلاف كل مصداق عن المصداق الآخر ببعض الأمور .
والصحيح هو : أنّ لفظ المولى مشترك معنوي بدلالة تبادر معنى الأولوية منه رغم تعدد كيفيات الأولوية ، وبدليل صحة استعمال لفظ الأولى مكان المولى ، فيصح القول : «النبي(صلى الله عليه وآله) أولى بالمؤمنين» بدل قولنا «النبي(صلى الله عليه وآله) مولى المؤمنين» ويصح القول : (الاب أولى بالولد) بدل قولنا : (الاب مولى ولده) وهكذا ، وهذا يدل على أن لفظ المولى يعني الأولى .
برهان المعاني الباقية
ويمكن الاستدلال على أن النبي(صلى الله عليه وآله)أراد معنى الأولى من لفظ المولى بالقول : إن النبي(صلى الله عليه وآله) لا يريد بالمولى المعتق أي مالك الرق الذي يملك المولى عبده وله أن يبيعه ويهبه ، إذ ليس كل من ملكه النبي(صلى الله عليه وآله) ملكه علي . ولا يريد به العبد .
ولا يقصد النبي(صلى الله عليه وآله) من لفظ المولى (ابن العم) ، لأن من كان ابن عم النبي(صلى الله عليه وآله)فهو ابن عم علي(عليه السلام) بلا حاجة إلى تجشم عناء بيان ذلك تحت أشعة الشمس الحارقة وإبلاغ المسلمين بذلك .
وكذلك لا يقصد النبي(صلى الله عليه وآله) بلفظ المولى (العاقبة) إذ لا معنى له في جملة (فمن كنت مولاه فهذا علي مولاه) .
ولا يمكن أن يريد به معنى الناصر; لأن المسلمين كلهم أنصار لمن نصره النبي(صلى الله عليه وآله) فلا معنى لتخصيص علي(عليه السلام)بالنصرة عن جماعة المسلمين .
ولا يقصد به(صلى الله عليه وآله) معنى الحليف ، لأن علياً حليف لجميع حلفاء النبي(صلى الله عليه وآله) .
وكذلك لا يريد النبي(صلى الله عليه وآله) من لفظ المولى أن علياً وارث لكل من يرثه النبي(صلى الله عليه وآله) .
أما معنى المتولي بالأمر والمتصرف فيه ، فإنه لو قصد هذا المعنى فإنه يقصد الأولى; لأن المتولي للأمور والمتصرف فيه إنما يكون للأولى بالتصرف في الأمور ، أي من له حق الأمر والنهي والطاعة . . . وكذلك لا يريد النبي(صلى الله عليه وآله)سائر معاني المولى نظير الصاحب والشريك والرب والجار ويظهر ذلك بأدنى تأمل في سياق الرواية ، وفي القرائن العامة ، فيبقى المعنى الوحيد المحتمل وهو الأولى بالمسلمين من أنفسهم فيجب حمله عليه .
ويدل على أولويّة علي(عليه السلام)بالخلافة من جميع الأنصار والمهاجرين اعتراف هؤلاء بأولوية علي(عليه السلام) منهم في ذلك ، إلاّ أنهم طعنوا ذلك ببعض الأمور .
ففي شرح النهج لابن الحديد المعتزلي ورد :
«أن عمر قال : يا ابن عباس أما والله إن صاحبك هذا لأولى الناس بالأمر بعد رسول الله(صلى الله عليه وآله) ، إلاّ أنّا خفناه على اثنين . . . فقلت : ـ أي ابن عباس ـ قال : وماهما يا أمير المؤمنين؟
قال : خفناه على حداثة سنّه ، وحبّه بني عبد المطلب»(55) .
وفيما يلي بعض الشواهد على أن المراد بلفظ المولى في حديث الغدير معنى الأولوية دون غيرها من المعاني :
الشاهد الأول: شعر حسان بن ثابت
مانظمه حسان بن ثابت شاعر الرسول(صلى الله عليه وآله) بعد فراغ النبي(صلى الله عليه وآله) من واقعة الغدير ، حيث فهم منه حسان أن النبي (صلى الله عليه وآله) قد نصب علياً(عليه السلام) ولياً للمؤمنين ، وأولى بهم من أنفسهم كما أن النبي(صلى الله عليه وآله)كذلك ـ أي ولى بالمسلمين من انفسهم ـ حيث إنّ حسان بن ثابت استأذن النبي(صلى الله عليه وآله) أن يقول شعراً في الواقعة ، فأذن له النبي(صلى الله عليه وآله)فأنشد أبياتاً منها :
فقال له قم ياعلي فإنني *** رضيتك من بعدي إماماً وهادياً
«ويروى أن النبي(صلى الله عليه وآله) قال لحسان بعد أن فرغ من شعره : لا تزال مؤيداً بروح القدس مانصرتنا أو نافحت عنا بلسانك»(56) .
وكذلك ما قاله الصحابي الجليل قيس بن سعد بن عبادة الانصاري :
وعلي إمامنا وإمام *** لسوانا أتى به التنزيل
يوم قال النبي من كنت مولاه *** فهذا علي خطب جليل(57)
الشاهد الثاني: كلام ابن منظور الديلمي
قال : أبو زكريا يحيى بن زياد بن عبدالله بن منظور الديلمي(إمام الكوفيين في النحو واللغة والادب) في كتاب (معاني القرآن) : الولي والمولى في كلام العربواحد وفي قراءة عبدالله بن مسعود:
«إنما مولاكم الله ورسوله مكان وليكم»(58) وإنما يكون الولي ولياً ، إذا كان أولى من كل أحد في الأمر والنهي والطاعة من قبل الآخرين .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) مسند أحمد ، رقم الحديث 915 .
(2) مسند أحمد ، رقم الحديث 906 .
(3) مسند أحمد ، رقم الحديث 1242 .
(4) مسند الترمذي ، كتاب المناقب ـ رقم الحديث 3646 .
(5) سنن بن ماجة ، رقم الحديث 118 .
(6) خصائص الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب : 176 حديث رقم 94 و95 .
(7) ترجمة الإمام علي من تاريخ دمشق 2 : 53 .
(8) شرح ابن أبي الحديد 2 : 287 .
(9) شرح نهج البلاغة 4 : 4 .
(10) الصواعق المحرقة : 122 .
(11) تاريخ اليعقوبي 2 : 112 .
(12) المجموعة الكاملة لمؤلفات الدكتور طه حسين ، المجلد الرابع : الخلفاء الراشدون : 443 .
(13) سورة المائدة : 67 .
(14) الأصول من الكافي 1 : 295 .
(15) الارشاد ، للمفيد : 94 .
(16) الخصال : 166 حديث رقم 98 .
(17) كمال الدين وتمام النعمة : 103 .
(18) التوحيد : 212 ـ باب أسماء الله تعالى .
(19) معاني الاخبار : 63 حديث رقم 1 .
(20) راجع كتاب كشف المهم في طريق خبر غدير خم .
(21) سورة الحديد : 16 .
(22) الشافي 2 : 177 .
(23) سورة الحج : 78 .
(24) تفسير الرازي 6 : 210 .
(25) سورة محمد : 11 .
(26) الغدير 1 : 367 .
(27) سورة محمد : 11 .
(28) عدة رسائل : 186 للشيخ المفيد .
(29) شواهد التنزيل لقواعد التفضيل 2 : 174 .
(30) النساء : 33; راجع تفسير الميزان 4 : 363 .
(31) التبيان في تفسير القرآن 3 : 186 .
(32) سورة الدخان : 42 .
(33) مجمع البيان 9 : 101 .
(34) سورة النحل : 76 .
(35) تذكرة الخواص : 37 .
(36) مجمع البيان 7 : 528 .
(37) سورة الاحزاب : 5 .
(38) التبيان في تفسير القرآن 3 : 187 .
(39) تذكرة الخواص : 38 .
(40) البداية والنهاية 6 : 334 .
(41) مجمع البحرين 4 : 373 .
(42) كتاب العين 8 : 365 ، للخليل الفراهيدي .
(43) مفردات غريب القرآن : 523 .
(44) على ماأخرجه أبو بكر أحمد بن عبد العزيز الجوهري في كتاب السقيفة كما روى ذلك ابن أبي الحديد 2 : 20 ، طبعة مصر راجع كتاب الفصول المهمة في تأليف الأمة ، للسيد شرف الدين : 105 .
(45) صحيح البخاري 1 : 37 .
(46) صحيح البخاري 5 : 137 .
(47) تذكرة الخواص : 37 ـ 38 .
(48) الشافي 2 : 181 .
(49) راجع الغدير 1 : 362 .
(50) جامع العلوم في اصطلاحات الفنون 1 : 118 .
(51) هامش كتاب مبادئ الوصول إلى علم الأصول عن كتاب المزهر 1 : 369 .
(52) مبادئ الوصول إلى علم الأصول : 76 .
(53) تلخيص المفتاح في المعاني والبيان والبديع : 262 .
(54) جامع العلوم في اصطلاحات الفنون 1 : 118 .
(55) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 10 : 20 .
(56) تذكرة الخواص : 39 .
(57) الغدير 1 : 340 . وراجع كتاب (خصائص الأئمة) للشريف الرضي : 43 .
فی ذکری میلاد الإمام علی بن محمد الهادی علیه السلام
هو الإمام العاشر من أئمة اهل البیت ع، ذو المكارم والأیادی ، والفضائل المشهورة بین الخاص والعام والحاضر والبادی ، الامام العاشر والنور الباهر ، مبدأ الفضل والأیادی الإمام أبی الحسن علی بن محمد بن علی بن موسى بن جعفر بن محمد بن علی بن الحسین بن علی بن أبی طالب علیهم السلام .
نسبه الشریف
الأسم: علی بن محمد علیه السلام
الكنى: أبو الحسن الثالث، أبو محمد
الالقاب: ابن الرضا، الهادی، النقی
یوم الولادة: ظهر أو عصر الثلاثاء
شهر الولادة:2 رجب المرجب
عام الولادة: 214 من الهجرة
نقش خاتمه: الله ربی وهو عصمتی من خلقه
شهر الوفاة: 3 رجب الأصم اوذو الحجه الحرام
عام الوفاة: 254 من الهجرة
علة الوفاة: سمه المعز فی افطاره
عدد الأولاد:البنون 4، البنات 1
وهو(ع) رابع العلیین الأربعة فی الأئمة الأطهار بعد العلیین الثلاثة ، الإمام أمیرالمؤمنین (ع) والإمام زین العابدین (ع) ، والإمام الرضا (ع) .
فنسبه (ع) من نسب أبیه ، تلك الذریة الطاهرة التی أذهب الله عنها الرجس وطهرها تطهیرا ، واصطفاها على البریة جمیعا ، وزكاها على خلقه ، وجعلهم أئمة یهدون بامره تعالى .
وأما أمه ، فكانت جاریة اشتراها الإمام الجواد (ع) بسبعین دینار وكانت تسمى سمانة المغربیة " ویقال " متفرشة" ، ویقال أنها معروفة بالسیدة أم الفضل ، وهی من القانتات الصالحات ، وكان الإمام الهادی (ع) یقول على ما روی : (( أمی عارفة بحقی وهی من أهل الجنة ، ما یقربها شیطان مرید ، ولا ینالها كید جبار عنید ، وهی مكلوءة بعین الله التی لا تنام ، ولا تختلف عن أمهات الصدیقین والصالحین .
مولده علیه السلام
ولد (ع) فی قریة صربا بالقرب من المدینة المنورة ، یوم الثلاثاء فی الثانی من شهر رجب الأصب من سنة اثنتی عشرة ومئتین للهجرة النبویة الشریفة او ذوالحجه الحرام ، وربما یؤید ذلك ما ذكرناه فی ولادة الإمام الجواد (ع) من الدعاء فی أول رجب (( اللهم إنی أسألك بالمولدین فی رجب محمد بن علی الثانی وأبنه علی بن محمد المنتجب )) وهذا یؤید ویرجح ذلك ، بل یعینه ویحدده وإن كانت هناك روایات غیر ذلك .
كنیته وألقابه علیه السلام :
یكنى (ع) بأبی الحسن ، ویقال له تمییزاً " أبو الحسن الثالث " بعد أبی الحسن الأول أمیر المؤمنین (ع) وأبی الحسن الثانی جده الرضا (ع)
وأما القابه فكثیرة منها : الهادی وهو اشهرها ، والعسكری ، والفقیه ، والمؤتمن ، والنقی ، والعالم ، والمرتضى ، والناصح ، والأمین ، والمتقی والطیب ، والنجیب ، والفتاح ، والمتوكل وغیرها .
وقد كان (ع) یخفی اللقب الأخیر - أی المتوكل - و یأمر أصحابه بأن یعرضوا تلقیبه به ، لكونه یومئذٍ لقباً للخلیفة العباسی المعاصر ، وهو جعفر المتوكل المعاصر للإمام الهادی (ع) .
وأما لقب العسكری ، فسببه أ ن جعفر المتوكل أشخصه من المدینة المنورة إلى بغداد إلى سر من رأى ، وكان یعسكر فیها الجیش ، ولذا سمیت عسكراً ، وقد أقام بها عشرین سنة وتسعة أشهر ، فلذلك قیل للإمام وولده (ع) العسكری نسبةً لها ، وإن غلب هذا اللقب على ولده الإمام الحسن العسكری (ع)
مدح الإمام علی بن محمد الهادی علیه السلام
أرتل المجد للعلیاء من مضر الهادی الطهر فی آیاته الغرر
تحنو له الهام إجلالا وتكرمة كل البریة من باد ومحتضر
من جده الهادی المختار ثم له أب علیّ العلى ذو الصارم البتر
له من الفضل ما لم یحوه أحد أخلاقه كنسیم الفجر فی السحر
جم المناقب، شهم لا مثیل له آیاته كدراری الشهب والدرر
فی الخافقین معانیه قد انتشرت له الكرامات عدّ الحصو والمدر
وان تغیر جاه الناس مستفلا مقامه الشأو مأمون من الغیر
السحب منه درت كیف الهطول وكم له ید فی الورى هطالة المطر
فی علمه مثل بحر لا ضفاف له وراكبوه على أمن من الخطر
هو النقی التقی الممتلی حكماً من المعارف والأحكام والسور
من حبّه طاعة لله جلّ، علا لشانئیه مكان الخلد فی السقر
ومن یعادیه فی خسرانه وجل ومن یوالیه فی أمن من الضرر
للشاعر آیة الله السید محمد الشیرازی
مناقبه وفضائله
(أحدها) -العلم-فقد روی عنه فی تنزیه الباری تعالى و توحیده و فی أجوبة المسائل و أنواع العلوم الشیء الكثیر.
فمما جاء عنه فی تنزیه الباری تعالى ما رواه الحسن بن علی بن شعبة فی تحف العقول أنه قال : إن الله لا یوصف إلا بما وصف به نفسه و أنى یوصف الذی تعجز الحواس أن تدركه و الأوهام أن تناله و الخطرات أن تحده و الأبصار عن الإحاطة به نأى فی قربه و قرب فی نأیه كیف الكیف بغیر أن یقال كیف و أین الأین بلا أن یقال أین هو منقطع الكیفیة و الأینیة الواحد الأحد جل جلاله و تقدست أسماؤه.
(ثانیها) الحلم-و یكفی فی ذلك حلمه عن بریحة بعد ما وشى به إلى المتوكل و افترى علیه و تهدده كما یأتی.(ثالثها) الكرم و السخاء- قال ابن شهرآشوب فی المناقب دخل أبو عمرو عثمان بن سعید و أحمد بن إسحاق الأشعری و علی بن جعفر الهمدانی على أبی الحسن العسكری فشكا إلیه أحمد بن إسحاق دینا علیه فقال یا عمرو و كان وكیله ادفع إلیه ثلاثین ألف دینار و إلى علی بن جعفر ثلاثین ألف دینار و خذ أنت ثلاثین ألف دینار )قال( فهذه معجزة لا یقدر علیها إلا الملوك و ما سمعنا بمثل هذا العطاء (اه) .
و فی المناقب : قال إسحاق الجلاب اشتریت لأبی الحسن علیهالسلام غنما كثیرة یوم الترویة فقسمها فی أقاربه.
)رابعها( الهیبة و العظمة فی قلوب الناس- فی إعلام الورى بسنده عن محمد بن الحسن الأشتر العلوی قال كنت مع أبی على باب المتوكل و أنا صبی فی جمع من الناس ما بین طالبی إلى عباسی و جعفری و نحن وقوف إذ جاء أبو الحسن فترجل الناس كلهم حتى دخل فقال بعضهم لبعض لمن نترجل؟لهذا الغلام و ما هو بأشرفنا و لا بأكبرنا سنا و الله لا ترجلنا له فقال أبو هاشم الجعفری و الله لتترجلن له صغرة إذا رأیتموه فما هو إلا أن أقبل و بصروا به حتى ترجل له الناس كلهم.فقال لهم أبو هاشم أ لیس زعمتم أنكم لا تترجلون له فقالوا له و الله ما ملكنا أنفسنا حتى ترجلن
النص على إمامته علیه السلام
كان الإمام الهادی (ع) مهئیاً للإمامة والخلافة ، فقد كان (ع) أطیب الناس مهجة، وأصدقهم لهجة ، وكان شكلاً أحسنهم واملحهم ، وكانت أوصافه كلها تجعله المبرَّز والمقدم لإمامة البشر كیف لا وهو من بیت الرسالة والإمامة ، ومقر الوصیة والخلافة ؟! كیف لا وهو شعبه من روح النبوة منتضاه ومرتضاه ، وثمرة من شجرة الرسالة مجتناه ومجتباه .
ومن تلك الأخبار المرویة عن أبیه الجواد (ع) عن ابائه (ع) :
روى عن اسماعیل بن مهزیار أنه قال : لما خرج أبو جعفر (ع) من المدینة المنورة إلى بغداد فی الدفعة الأولى من خروجه قلت له : جعلت فداك إنی خائف علیك من هذه الوجه فإلى من الأمر بعدك ؟ فكرّ بوجهه (ع) إلی ضاحكاً وقال : لیس الأمر حیث ضننت فی هذه السنة فلما استدعى به المعتصم صرت إلیه فقلت له : جعلت فداك ها أنت خارج فإلى من الأمر من بعدك ، فبكى (ع) حتى اخضلت لحیته بالدموع ، ثم التفت إلی فقال : عند هذه یخاف علی ، فالأمر من بعدی إلى ابنی علی ، فإن أمره امری ، وقوله قولی ، وطاعته طاعتی ، والإمامة بعده فی ابنه الحسن .
سنوات عمره علیه السلام
انتقل أمر الإمامة والخلافة إلیه (ع) وهو فی مدینة جده الرسول (ص) عن شهادة أبیه الجواد (ع) فی بغداد . وله (ع) یومئذٍ من العمر ثمان سنوات وأربعة أشهر قریباً من قدر سنی عمر أبیه الجواد (ع) عند انتقال الأمر والخلافة إلیه بعد أبیه الرضا (ع) ، وبقی سلام الله تعالى علیه فی المدینة بعد شهادة أبیه الجواد (ع) بقیة ملك المعتصم ما یقرب من سنتین ، حتى أنتقل الأمر للمتوكل ( لع) حیث أشخص الإمام (ع) من المدینة المنورة إلى " سر من رأى " التی تبعد عن بغداد مسیرة ثلاثة أیام ، وبعد هلاك المتوكل فی الرابع من شهر شوال سنة سبع وأربعین ومأتین ، بویع ابنه محمد بن جعفر الملقب بالمنتصر إلى أن وصل الأمر فی النهایة للمعتز بن المتوكل وأسمه الزبیر وكان ذلك فی السنة الثانیة والثلاثین من إمامة أبی الحسن الهادی (ع) ثم كانت شهادة الإمام (ع) فی السنة الرابعة والثلاثین من إمامته .
وقد بقى (ع) فی سامراء عشرین سنة وكانت مدة إمامته (ع) بعد أبیه الجواد (ع) أربعاً وثلاثین سنة ویوماً واحداً ، وقد تقدم انه (ع) أقام مع أبیه ما یقرب من ثمانیة سنوات فیكون مجموع عمره الشریف (ع) نحو اثنین واربعین سنة.
أولاده علیه السلام
خلف الإمام الهادی (ع) خمسة أولاد ، أربعة ذكور وأنثى واحدة مسماة "عالیة" والذكور هم : الإمام الحسن العسكری (ع) الإمام بعده، والذی سنتعرض لسیرته تالیاً ، إن شاء الله تعالى ، ومحمد صاحب الكرامات الباهرة والآیات الواضحة ، وهو المعروف بالسید محمد ، والمدفون قریباً من سامراء على مسیرة ثمان ساعات ، وله قبة عالیة ومزار مقصود فی كل سنة ، وإن هذا السید الجلیل ، لكثرة ورعه ووفور علمه ، كان یظن انتقال الإمامة والخلافة إلیه . ومن أولاد الإمام (ع) كذلك الحسین وأخیراً جعفر ، وهو المعروف بجعفر الكذاب والذی سبقت الإشارة إلیه فی حدیث عن الإمام الصادق (ع) حول الحدیث المروی عن الإمام السجاد (ع) ، وهذا كان عكس أخیه السید محمد فقد ادعى الإمامة لنفسه بعد الإمام الهادی (ع) كذباً وافتراءً على الله ورسوله (ص) ، وإجتراء على الدین ، وقد سعى فی إذاء أخیه الإمام الحسن العسكری (ع) وبعده فی إذاء إمام العصر الحجة المنتظر (ع) ، وكان یلقب بزق خمر ، لكثرة شربه للخمر ولعبه بآلات اللهو والقمار ، وقد ورد التوقیع بخط مولانا صاحب الزمان (ع) فی حقه أن سبیله سبیل ابن نوح (ع) ، وكان أبوه الهادی (ع) یقول فیه على ماروی " تجنبوا ابنی جعفر فإنه منی بمنزلة كنعان بن نوح النبی (ع) إذ قال (ع) : ربِ إن ابنی من أهلی فرد الله علیه بقوله تعالى : (( یانوح إنه لیس من أهلك إنه عمل غیر صالح ))
وكان أبو محمد الحسن العسكری یقول على ماروی : الله الله أن یظهر لكم أخی على سر، فوالله ما مَثلی ومَثلهُ إلا مَثل هابیل وقابیل ابنی ادم (ع) ، حین حسد قابیلُ هابیل على ما اعطاه الله تعالى ، ولو تهیأ لجعفر قتلی لفعل ولكن الله غالبٌ على أمره .
وقد أمعن الشیعة بعد أبی محمد (ع) وزادوا فی هجره حتى تركوا السلام علیه ، ولكنه بعد استشهاد أخیه الإمام العسكری (ع) وبعد مماته ورد النهی من مولانا الحجة (ع) عن سب عمه جعفر ، ونهى شیعته عن لعنه ، وذكر (ع) لهم أن حاله حال أولاد یعقوب (ع) بمعنى أن الله سبحانه وتعالى قد وفقه فی اخر عمره للتوبة والرجوع للحق . والله بصیر بالعباد .
علمه ومحاججاته علیه السلام
عاش الإمام الهادی (ع) فی عصر كانت فیه المناقشات الفقهیة والمجادلات الكلامیة والمذاهب الفلسفیة شاملة وعنیفة ، وكان على شبابه وصغر سنه بالنسبة إلى شیوخ الكلام ، واساطین الفلسفة یرجع إلیه ، ویُسأل عن رأیه ، فكان الذروة فی المعارف الدقیقة والأحكام الصائبة وكان قوله الفصل وحجته المفحمة .
وقد تسالم العلماء والفقهاء على الرجوع إلى رأیه المشرّف فی المسائل المعقدة والغامضة من أحكام الشریعة الإسلامیة . إذ لم یكن هناك أحد یضارعه فی ثرواته العلمیة المذهلة التی شملت جمیع أنواع العلوم من الحدیث والفقه والفلسفة وعلم الكلام ، وغیرها من سائر العلوم .
ومن الغریب أن المتوكل كان من ألدِّ أعداء الإمام (ع) قدم رأی الإمام الهادی (ع) على أراء علماء عصره فی المسائل التی اختلف فیها .
وأثرت عن الإمام (ع) روایات عن النبی (ص) وعن أمیر المؤمنین والباقر والصادق والرضا (ع) ، وكذلك محاججاته المبهرة عن امتناع رؤیة الله عز وجل دنیا وأخره ، واستحالة التجسیم واستحالة وصفه ، وحقیقة التوحید ، وإبطال الجبر والتفویض وأثرت عنه (ع) الأدعیة والمناجات والزیارات أیضاً ومن أشهر زیارات الإمام الهادی (ع) لأبائه الأئمة الطاهرین الزیارة الجامعة .
وتعتبر الزیارة الجامعة من أشهر زیارات الأئمة (ع) واعلاها شاناً ، واكثرها ذیوعاً وانتشاراً ، فقد أقبل أتباع أهل البیت (ع) وشیعتهم على حفظها وزیارة الأئمة (ع) بها خصوصاً فی یوم الجمعة .
وسنتحدث عن سند الزیارة الجامعة وبلاغتها وشروحها باختصار وایجاز شدیدین للغایة :
أما سندها ، فقد حاز درجة القطع من الصحة ، فقد رواها شیخ الطائفة الطوسی فی التهذیب ، ورئیس المحدثین فی " من لا یحضره الفقیه" ، و"العیون " وغیرهما ، قال المجلسی : إن هذه الزیارة من أصح الزیارات سنداً ، وأعمقها مورداً ، وأفصحها لفظاً ، وأبلغها معنى ، وأعلاها شأناً .
وعن بلاغتها فتفیض هذه الزیارة بالأدب الرائع ، فقد رصعت بأرق الألفاظ - كما تحلت بجواهر الفصاحة والبلاغة ، وبداعة الدیباجة ، وجمال التعبیر ، ودقة المعانی . الأمر الذی یدل على صدورها عن الإمام الهادی (ع) .
فقد اعتبر أن أیة الخبر الصحیح هو ما إذا كان فی أرقى مراتب البلاغة ، فإن الأئمة الطاهرین هم معدن البلاغة والفصاحة ، وهم الذین أسسوا قواعد الكلم البلیغ ، فكان كلامه فی أعلى مراتب الكلام الفصیح ، فكلامهم (ع) دون كلام الخالق ، وفوق كلام المخلوقین .
واما عن شروحها فقد اهتم بها العلماء اهتماماً بالغاً ، لما فیها من المطالب العالیة ، والأسرار المنیعة ، والأمور البدیعة ، ومن اهم شروحها :
1 - شرح الزیارة الجامعة الكبیرة للشیخ أحمد بن زین الدین الأحسائی
2 - شرح الزیارة الجامعة للشیخ محمد تقی بن مقصود المجلسی .
3 - الشموس الطالعة فی شرح الزیارة الجامعة للسید حسین بن السید محمد تقی الهمدانی .
4 - شرح الزیارة الجامعة للسید عبدالله شبر وأسماه الأنوار اللامعة فی شرح الزیارة الجامعة .
5 - - - - - - - - - - - - - للسید علی نقی الحائری .
6 - - - -- - - - - - - - - للشیخ محمد علی الرشتی النجفی .
7 - - - - - - - - - - -- -- للسید محمد بن محمد بن باقر الحسینی .
8 - - - - - - - - - - -- - - للسید محمد بن عبد الكریم الطباطبائی البروجردی .
9 - الأنوار الساطعة فی شرح الزیارة الجامعة للشیخ جواد بن عباس الكربلائی ویقع هذا الشرح فی خمسة أجزاء .
ملوك عصره
عاصر صلوات الله وسلامه علیه وعلى ابائه وابنائه الطاهرین سبعاً من خلفاء بنی العباس : المأمون ، والمعتصم ، والواثق ، الذی ملك خمس سنین وسبعة أشهر ، وبعده ملك المتوكل أربع عشرة سنة ، ثم المنتصر الذی كان ملكه ستة أشهر ، ثم أحمد بن محمد المستعین ، الذی كان فی أكثر أیامه مشتغلاً بالحرب والمنازعة مع المعتزلة ، وكانت مدة ملكه أربع سنین وشهراً ، ثم خُلع بعدها ، وبویع المعتز بن المتوكل الذی استشهد الإمام (ع) فی عهده .
حیاته بشكل عام وروابطه مع ملوك عصره
فی عهد المعتصم سنة 220 هـ عندما استشهد أبوه (ع) فی بغداد بواسطة السم الذی دس إلیه ، كان الإمام العاشر (ع) فی المدینة المنورة كما اسلفنا ، نال منصب الإمامة بامر من الله تعالى ووصیة اجداده ، فقام بنشر التعالیم الإسلامیة حتى زمن المتوكل .
لقد كان جمیع الملوك الذین عاصرهم الإمام الهادی (ع) یهابونه ویحذرونه ویخافونه ویكرهونه - كما لأسلافهم مع أبائه - لفرط ما كان له ولهم من محبة وإجلال فی نفوس الناس .
وكان أشد هؤلاء الملوك كرهاً لآل البیت ولعلی بن ابی طالب (ع) خاصة ، المتوكل ، بل لعله أشد ملوك بنی العباس قاطبة ، كرهاً للإمام علی وابنائه (ع) ، وكان یعلن عداءه وتنفره لعلی (ع) فضلاً عن الكلام البذی الذی كان یتفوه به أحیاناً ، وكان قد عین شخصاً یقلد أعمال الإمام علی (ع) فی مجالسه ومحافله ، ویستهزئ وینال من تلك الشخصیة العظیمة .
وأمر بتخریب قبة الإمام الحسین (ع) وضریحه والكثیر من الدور المجاورة له ، وأمر بفتح المیاه على حرم الإمام الحسین (ع) وقبره ، وابذل أرضها إلى أرض زراعیة كی یقضی على جمیع معالم هذا المرقد الشریف .
وفی زمن المتوكل اصبحت حالة السادة العلویین فی الحجاز متدهورة ویرثى لها ، كانت نساؤهم تفتقر إلى ما یسترها ، والأغلبیة منها كانت تحتفظ بعباءة بالیة ، یتبادلها فی أوقات الصلاة لأجل إقامتها ، وكان الوضع عن هذا فی مصر بالنسبة إلى السادة العلویین .
ومن الإهانات التی وجهها المتوكل لأهل البیت (ع) . أنه استجعى الإمام الهادی (ع) فی السنة العاشرة من خلافته واشخصه من المدینة إلى سر من رأى ، وكان سبب ذلك تهمة افتراها علیها بعض اعدائه ، فوجه المتوكل یحیی بن هرثمه ومعه ثلاثمائة رجل للمدینة المنورة ، ومعهم رسالة إلى الإمام (ع) یدعوه فیها إلى موافاته فی سامراء ، واوصى یحیى بتفتیش دار الإمام (ع) لیضبطوا ما فیها من أسلحة وأدوات وعدة حرب ، كما أوصاه بنقل الإمام فی غایة الإجلال والتبجیل والإحترام خوفاً من الشیعة والرأی العام .
فلما وصل " یحیى " إلى الإمام (ع) وجده جالساً یقرأ القرآن ، ولم یجند الجند فی بیته (ع) سوى مصاحف وكتب أدعیة ، فأكبره القوم وأحترموه ، ولما سلمه یحیی كتاب المتوكل استجاب الإمام (ع) واستمهل ثلاثة أیام استعداداً للخروج .
ولما علم الناس فی المدینة المنورة بغرض یحیى من زیارة الإمام (ع) هاجوا علیه هیاجاً عظیماً ، فجعل یحیى یسكنهم ویسكن روعهم ، وخرج الإمام (ع) معه ، وظهرت منه فی الطریق معاجز كثیرة ، حتى دخل (ع) سامراء سنة ثلاث وثلاثین ومأتین من الهجرة المباركة .
فلما دخل الإمام (ع) سامراء احتجب المتوكل عنه ، ولم یعین داراً لنزوله (ع) حتى اضطر الإمام (ع) إلى النزول فی "خان الصعالیك " وهو محل نزول الفقراء من الغرباء ، فدخل علیه صالح بن سعد وقال للإمام (ع) : جعلت فداك : فی كل الأمور ارادوا إطفاء نورك والتقصیر بك ، حتى أنزلوك هذا الخان الأشنع ؟ فأوما الإمام (ع) بیده فإذا بروضات أنقات وأنهار جاریات ، وجنات فیها خیرات عطرات ، وولدان كأنهن اللؤلؤ المكنون ، فحار بصر صالح ، وكثر عجبه فقال الإمام (ع) له : هذا لنا یا بن سعد لسنا فی خان الصعالیك .
ثم افرد المتوكل بعدئذٍ داراً للإمام (ع) فانتقل إلیها ، وجعل اللعین لیلاً ونهاراً یسعى فی إداء الإمام (ع) والعمل على تحقیره وتصغیره بین الناس ولكن دون جدوى ، حتى جعل یعمل التدابیر والحیل لقتله (ع) إلا أنه لم یتیسر له ذلك ، وهكذا ظل دأبه مدة اربع سنین إلى أن كثرت وقاحته وزاد كفره ، وإظهار نصبه وعداوته علناً ، حتى دعا علیه الإمام الهادی (ع) فقتل فی الیوم الثالث من دعائه (ع) لیلة الأربعاء لأربع خلون من شهر شوال سنة سبع وأربعین ومائتین للهجرة الشریفة علی یدی باغر التركی بمعاونة المنتصر ووصیف التركی ، وقتلا هو وخادمه الفتح بن خاقان اللذین كانا سكرانین ثملین ، وانتقل إلى مقره من جهنم وبئس المصیر ، وكان ذلك فی السنة السابعة والعشرین من إمامته (ع) .
وهكذا كان حال الملوك الذین تولوا الملك بعد المتوكل ، وقد نسب إلى كل الخلفاء الثلاثة الذین تولوا الملك بعده أنهم دسوا االسم للإمام (ع) لیتخلصوا منه ، ولیس ذلك ببعید عنهم .
ولكنهم كانوا أخف وطأة على الإمام وشیعته بسبب منازعاتهم الفقهیة والفلسفیة والكلامیة مع المعتزلة وسواهم .
رثاء الإمام علی بن محمد الهادی علیه السلام
هو النقیُ لم یزل نقیّا و كان عند ربهِ مرضیّا
قضى شهیداً فی دیارِ الغربة فی شدةٍ و حنةٍ و كربة
بكتهُ عینُ الرشد و الهدایة حیثُ هوى منها أجّلُ رایة
بكتهُ عینُ الفلكِ الدوّاری حزناً على المُدیرِ و المداری
بكاهُ جدهُ النبیُ المجتبى كأنهُ ضیاءُ عینهِ خبا
بكتهُ أعینُ البدورِ النیرة آباءهُ الغرُ الكرامُ البررة
الشیخ محمد الدماوندی
#####
یا هادی الأنامِ نحوا الهدى أنت صفیُ اللهِ و المقتدى
خُزانةُ الأسراری یا عاشرَ الأطهاری
أنت صفیُ اللهِ و المقتدى
*********
یا علی الهادی افتخر بیك الفخر
تاسع سبط من نسل سید البشر
عاشر إمام من الأیمة الغرر
ثانی عشر معصوم شانك ظهر
بُوركتَ من مقارعٍ للجفاء و قاطعٍ حبائلَ الإفتراء
یا وارثَ المختارِ یا عاشرَ الأطهاری
أنت صفیُ اللهِ و المقتدى
*********
ربِ المعالی امنحك من عزته
جلباب قدرة اتفصل بقدرته
صدرك خزانة علم من حكمته
و اجعلك ما بین البشر حجته
طوعُ یدیكَ المجدُ قد أسلما و علمُكَ الزاخرُ بحرٌ طما
أنت المحیطُ الجاری یا عاشرَ الأطهاری
أنت صفیُ اللهِ و المقتدى
*********
من بدت للوادم شمس هیبتك
ظهرت معالم هیمنت قدرتك
اتجندت أشرار القمع سیرتك
و دولة المتوكل تذل رادتك
هیهاتَ هیهاتَ ربیبُ الإبا
أن یسكنَ الودیانَ دونَ الرُبا
و الذلُ للأشرارِ یا عاشرَ الأطهاری
أنت صفیُ اللهِ و المقتدى
*********
ما بُرح عن ذاتك شموخ النفس
و ارسمت للأجیال أوضح درس
عن هدف دربك أبعدت كل رجس
مثل ابتعاد اللیل عن الشمس
یبنَ الذی فیهِ أتت هل أتى
فطمتَ كلَ من طغى أو عتا
بالبأسِ و الإیثارِ یا عاشرَ الأطهاری
أنت صفیُ اللهِ و المقتدى
*********
بوجه الرجس موقفك مضرب مثل
من جابك المجلسه و راد الزلل
نادیت وین الباتوا اعلى القلل
وین أصبحت تیجانهم و الحلل
رَفعتَ فی مقولِكَ الصارمِ
صرختَ مظومٍ على الظالمِ
الموتُ للفُجارِ یا عاشرَ الأطهاری
أنت صفیُ اللهِ و المقتدى
*********
{انتهت}.
شهادته علیه السلام
استشهد الإمام الهادی (ع) فی مدینة سر من رأى ، التی نقله إلیها المتوكل - كما اسلفنا - والتی ابقاه هو وسلاطین بنی العباس من بعده فیها عشرین سنة لیكون قریباً منهم ، خاضعاً لمراقبتهم ، بعیداً عن كل ما یحتمل أن یتحرك لطلب الخلافة له . ورغم ان الإمام (ع) كان فی الواقع رهینة عندهم ، فإنهم لم یتوانوا عن العمل للتخلص منه نهائیاً ، وینسب المورخون السبب استشاد الإمام الهادی (ع) إلى السم الذی دسه له المعتز الذی استشهد الإمام (ع) فی السنة الثانیة من عهده ( وینسب البعض إلى المستعین الذی كان قبل المعتز ، دس السم للإمام (ع) أیضاً ) بل إن البعض ینسب دس السم إلى المعتمد العباسی الذی تولى الخلافة بعد استشاد الإمام الإمام (ع) . أی أن المعتمد عمد إلى محاولة قتل الإمام (ع) قبل أن یصبح خلیفة ، والمشهور أن المعتز هو الذی قتل الإمام (ع)
وقد كانت شهادته (ع) فی الثالث من شهر رجب المرجب فی السنة الرابعة والخمسین بعد المائتین من الهجرة النبویة المباركة ، ودفن (ع) فی بیته ویقع على بعد 120كم شمال بغداد ، وله مزار عظیم تعلوه قبة ذهبیة كبیرة .
رئيس وزراء تونس المكلف: برنامج الحكومة أهم من تركيبتها
هشام المشيشي يواصل للأسبوع الثاني مشاورات تشكيل حكومته ويأمل أن تكون حكومة إنجاز اقتصادي واجتماعي
تونس / يسرى ونّاس
قال رئيس الوزراء التونسي المكلف هشام المشيشي، الأربعاء، إن برنامج حكومته أهم من تركيبتها، معربا عن أمله أن تكون حكومة إنجاز اقتصادي واجتماعي.
جاء ذلك في تصريحات لصحفيين على هامش مشاورات يجريها المشيشي، للأسبوع الثاني، مع القوى السياسية والحزبية، في قصر الضيافة بقرطاج في تونس العاصمة.
وأضاف المشيشي: "برنامج الحكومة أهم من التركيبة، وأساسه إيقاف النزيف على مستوى المؤشرات الاقتصادية والاجتماعية".
وعاشت تونس، مؤخرا، أزمة سياسية حادة، جراء تصاعد الخلافات بين الفرقاء السياسيين، حتى داخل الائتلاف الحاكم، إضافة إلى شبهات تضارب مصالح أجبرت رئيس الحكومة إلياس الفخفاخ، على الاستقالة.
وتابع المشيشي: "لن نقوم بثورة اقتصادية، ولكن سنعمل على إعادة التوازنات الاقتصادية، لنتمكن بعد سنة أو سنة ونصف من تجاوز هذا الوضع".
وأردف: "في الأسبوع الثاني من المشاورات مع مختلف مكونات المشهد السياسي والحزبي في البلاد، هناك إجماع على وصف الوضعية الاقتصادية والاجتماعية التي وصلت إليها البلاد اليوم بالصعبة."
وقال إن "الاختلافات السياسية ما زالت موجودة، وقد تُفسر بطبيعة النظام السياسي الذي اخترناه، والتشتت الموجود على مستوى المشهد ككل".
واستطرد المشيشي: "في ظل هذه الاختلافات نحاول إيجاد التوليفة التي نأمل أن تكون وعاء لمختلف الأطروحات الإيجابية التي تمت مناقشتها".
ومضى قائلا إن "الحكومة هي سياسية من منطلق خدمتها للناس".
وكلف الرئيس التونسي قيس سعيد، في 26 يوليو/ تموز الماضي، المشيشي، وزير الداخلية في حكومة تصريف الأعمال، تشكيل حكومة جديدة خلال شهر من تاريخ تكليفه.
ويُعرف المشيشي بأنه شخصية مستقلة، وبعدم انتمائه إلى أي حزب أو قوى سياسية، ولم يكن ضمن الترشيحات التي قدمتها القوى السياسية إلى سعيد، كي يكلف شخصية منها لتشكيل الحكومة.