من هي السيدة رقية؟
السيدة رقية طفلة لأبي عبد الله الحسين(ع) ، من زوجته أم إسحاق وذكروا ارباب المقاتل أنّ عمرها خلال السبي وبعد حادثة الطف كان يبلغ ثلاث سنين.
وكانت هذه الطفلة مثالاً للمظلومية، فقد رافقت ركب السبايا إلى الشام في رحلة مريرة شاقة، حتى إنها فارقت الحياة في خربة الشام، في موقف مؤثّر لم يشهد التاريخ مثيلاً له.
ففي الخربة، حيث مستقر السبايا استفاقت رقية (عليهاالسلام) ليلاً من منامها، وهي مضطربة اضطراباً شديداً، وهي تقول: أين أبي الحسين؟ فإني رأيته الساعة في المنام.
فلما سمعت النسوة ذلك صرخن وأعولن وارتفعت أصواتهن بالبكاء، فانتبه يزيد من نومه، وقال: ما الخبر؟ فأعلموه بما جرى، فأمر أن يذهبوا برأس أبيها إليها، فجاءوا بالرأس ووضعوه في حجرها، فرفضته وكانت تظن أنه طعام لأنه كان مغطى بمنديل، ولما رفعوا المنديل عنه، احتضنته ووضعت فمها على فمه وهي تبكي بحرقة وتخاطب الرأس بكلمات ملؤها الأسى والحسرة، وما هي إلا لحظات حتى فارقت روحها جسدها رحمة الله عليها..
وكان مشهداً فيه من القسوة والظلم ما لا يطيقه بشر. ودفنت في المكان الذي قضت فيه([1])، ودارت الأيام والسنون وأبى الله إلا أن تكون كلمته هي العليا، فارتفع فوق ذلك المكان الذي يحتضن الجسد الصغير مقام يناطح السماء في عليائه ويرتّل على مدى الدهور معاني انتصار الحق على الباطل, وما أجمل قول الشاعر([2]) معبّراً عن ذلك بهذه الأبيات:
ويظلّ مجدك يا رقية عبرة |
|
للظالمين على الزمان يجـدّد |
يزكو به عطر الأذان ويزدهي |
|
بجـلال مفرقـه النبي محمد |
ويكاد من وهج التلاوة صخره |
|
يندى ومن وضح الهدى يتورّد |
وعليه أسراب الملائك حوّم |
|
وهموم أفئدة الموالي حشّد |
و به يطوف فم الخلود مؤرّخاً |
|
بالشام قبر رقية يتجدّد |
مقام السيدة رقية بنت الإمام الحسين (عليهماالسلام)
يقع مقام السيدة رقية(عليهاالسلام) على بعد (100م) أو أكثر قليلاً من الجامع الأموي بدمشق في سوق مشهور بدمشق يسمى سوق العمارة، وعندما تريد الدخول إلى صحنها المطهر فإنّ أول ما يلفت نظرك، اللوحة التي على باب مقامها الشريف، مكتوب فيها: «هذا مقام السيدة رقية بنت الحسين(ع) الشهيد بكربلاء»، وهناك لوحة أخرى بالبرونز على باب الفناء الداخلي للقبة الشريفة فيها شجرة نسبها الطاهر التي تربطها بجدتها الزهراء(عليهاالسلام) وجدها الأكبر النبي(ص) وجدها أمير المؤمنين.
وقد ذكرت السيدة رقية(عليهاالسلام) في كتب أهل السنة، حيث ذكرها الشيخ عبد الوهاب بن أحمد الشافعي المصري المتوفى (973هـ)، في كتابه (المنن)، الباب العاشر، وتحدّث عن مقامها الشريف، فقال: Sهذا البيت بقعة شرفت بآل النبي(ص) في دمشق، وبنت الحسين الشهيد رقية(عليهاالسلام) ».
وذكرها أيضاً الشيخ القندوزي الحنفي (المتوفى عام 1294هـ)، في (ينابيع المودة: ص416).
([1]) لمزيد من الإطلاع راجع كتاب منتهى الآمال للشيخ عباس القمي 1: 327.
([2]) القصيدة للشاعر الدكتور مصطفى جمال الدين رحمه الله وهي مخطوطة تطوق ضريح السيدة رقيهB.