وقعة النهروان بين الخوارج والإمام علي بن أبي طالب (ع)(9/ صفر / السنة 38 هـ)

قيم هذا المقال
(0 صوت)
وقعة النهروان بين الخوارج والإمام علي بن أبي طالب (ع)(9/ صفر / السنة 38 هـ)

النهروان موقع بين بغداد وحلوان من محافظة في العراق بعد بعقوبة إلى خانقين، وفيها جرت الوقعة المعروفة بين الإمام علي أمير المؤمنين(ع)  والخوارج.

والخوارج، هم الذين أنكروا التحكيم الذي وقع بعد معركة صفين، واتخذت حركتهم بعد أن تحرك موكب الإمام من صفين شكلاً جديداً، فاعترفوا بخطئهم في قبول التحكيم وأعلنوا توبتهم وجاءوا إلى أمير المؤمنين(ع)  يطلبون منه أن يتراجع ويتوب كما تابوا. فلم يستجب لطلبهم لأنه لم يخطئ إنما خالفوا أمره الذي تابوا إليه الآن، فانفصلوا عنه قبل أن يدخل الكوفة في مكان يدعى حروراء، ومن أجل ذلك سمّاهم المؤرخون بالحرورية([1])، وسُمّوا بالخوارج لأنهم خرجوا على إمامهم أمير المؤمنين(ع) ، وقد رفعوا شعاراً: «لا حكم إلا لله».

بعد أن رفع الخوارج شعارهم ذلك، حاورهم أمير المؤمنين(ع)  بالتي هي أحسن وفنّد معتقداتهم وآراءهم، إلاّ أنهم لم يصغوا إلى توجيهات أمير المؤمنين(ع)  واستمرّوا في غيّهم، وتعاظم خطرهم بعد انضمام أعداد جديدة لمعسكرهم، وراحوا يعلنون القول بشرك المنتمين إلى معسكر الإمام علي(ع) ، بالإضافة إلى الإمام (ع) ورأوا استباحة دمائهم!

وقد كان أمير المؤمنين(ع)  عازماً على عدم التعرّض لهم ابتداءً، ليمنحهم فرصة التفكير جدياً بما أقدموا عليه عسى أن يعودوا إلى الرأي السديد.

ولكن هذه الفئة الخارجة عن الطاعة المارقة عن الدين تمادت في غيّها فقامت بقتل الأبرياء وتهديد أمن البلاد، وقد قتلوا الصحابي عبد الله بن خباب وبقروا بطن زوجه الحامل، كما قتلوا نسوة من طي.

وعندما أرسل إليهم الإمام (ع)  الحارث بن مرّة العبدي ليتعرّف على حقيقة موقفهم، قتلوا رسول أمير المؤمنين(ع) .

وعندها كرّ (ع)  راجعاً من الأنبار (حيث كان اتخذها مركزاً لتجميع قواته المتجهة نحو الشام) وتوجه إلى قتالهم، والتقى الجيشان فأمر الإمام (ع)  أصحابه بالكفّ عنهم حتى يبدؤوا القتال.

فتنادى الخوارج من كلّ جانب: «الرواح إلى الجنة»، وشهروا السلاح على أصحابه وأثخنوهم بالجراح، فاستقبلهم الرماة بالنبال والسهام، وشدّ عليهم أمير المؤمنين(ع)  وأصحابه فما هي إلا سويعات حتى صرعهم الله كأنما قيل لهم: موتوا فماتوا..

ومن كرامات أمير المؤمنين(ع)  في هذه الوقعة أنه كان قد أخبر أصحابه قبل المعركة بأنه لا يقتل منكم عشرة ولا يفلت منهم عشرة، وكان الأمر كما أخبرهم، فلم ينج منهم إلا تسعة أو ثمانية، ولم يقتل من أصحابه إلا تسعة كما روى ذلك أكثر المؤرخين.

وهنا يروي المؤرخون حديث المُخْدَج المعروف بـ(ذي الثديَّة)، أحد القتلى في هذه المعركة، حيث كان النبي(ص)  قد أخبر أمير المؤمنين(ع)  بقتل الخوارج وقتل المُخْدَج
معهم، لذلك فإنه بعد انتهاء المعركة فتش عنه وألحّ في طلبه حتى وجدوه بين القتلى، وهو يقول (ع) : «والله ما كَذبت ولا كُذبت»([2]).

فكانت من كرامات أمير المؤمنين(ع)  الباهرة التي أبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره الكارهون.

 

([1]) سيرة الأئمة الاثني عشر 1: 441.

([2]) أشار إلى نحوه أبو يعلى في (مسنده) 1: 371- 374، وابن أبي الحديد في (شرح النهج) 2: 276، ونقله المجلسي في (البحار) 41: 283، ورواه المفيد في (الإرشاد) 1: 371.

قراءة 595 مرة