
emamian
بعد قرار الاتحادية.. ما هي سيناريوهات انتخاب رئيس للعراق؟
رجح عضو الحزب الديمقراطي الكردستاني في العراق ريبين سلام، اليوم الثلاثاء، الذهاب الى احدى ثلاثة سيناريوهات بعد أن قررت المحكمة الاتحادية اعتبار قرار فتح الترشح مرة ثانية لرئاسة الجمهورية غير دستوري.
وقال سلام في حديث لـ السومرية نيوز، إن "الدستور كان صامتاً ولم يوضح الآلية التي يتم اتباعها في حال الإخفاق بعقد جلسة التصويت على رئيس الجمهورية، بالتالي فقد تم الاجتهاد بفتح باب الترشيح لمرة ثانية"، مبيناً أن "الطريق الامثل لحل المشكلة والازمة الدستورية يكون من خلال إيجاد معالجات تنهي حالة الجمود والانسداد السياسي".
وأضاف، أنه "بعد قرار المحكمة الاتحادية الأخير هنالك ثلاثة سيناريوهات قد يتم الذهاب الى احداها، أولها وكما اشارت المحكمة الاتحادية بان تكون الدعوة لفتح الترشيح من قبل البرلمان بجلسة اعتيادية واغلبية بسيطة (النصف زائد واحد) ما يعني أن يصار الى عقد جلسة واصدار قرار بفتح باب الترشح من جديد وهو الخيار الاقوى.
أما الخيار الثاني، بحسب سلام، فهو الاتفاق بين الحزبين الرئيسين بكردستان العراق على شخصية واحدة كمرشح تسوية، والاحتمال الأخير هو الدخول الى قاعة البرلمان بمرشحين منفصلين من خلال دعم الديمقراطي الكردستاني الى مرشح من بين المرشحين الموجودين".
وأشار إلى أن "جميع السيناريوهات محتملة، لكن الخيار الأضمن هو الحوار وهو بالاصل موجود على اعتبار أن المشتركات بين الاتحاد والديمقراطي كثيرة وعديدة خصوصاً داخل كردستان، والمناصب لا تؤثر على المشاركة".
وبشأن إمكانية إنضمام الاتحاد إلى التحالف الثلاثي، أكد عضو الديمقراطي، أن هذا الأمر "صعب نتيجة للضغوط عليه من الطرف الآخر لكن قد يحصل اتفاق مبدئي بين الحزبين على قضية منصب رئيس الجمهورية وليس الحكومة بمجملها".
وكانت المحكمة الاتحادية، قررت في جلستها التي عقدتها اليوم الثلاثاء، عدم دستورية إعادة فتح باب الترشيح لمنصب رئيس الجمهورية.
العراق.. دولة القانون يكشف عن عدد نواب الإطار التنسيقي
توقع المتحدث باسم ائتلاف دولة القانون فی العراق الأربعاء، أن يرتفع عدد نواب الإطار التنسيقي في مجلس النواب الى اكثر من 93 نائباً، فيما اعتبر أن الكتل السياسية التي رفعت سعر الصرف ذاتها تريد التخفيض.
وقال بهاء النوري في حديث تلفزیونی، إن "الإطار التنسيقي كان عدد نوابه في البداية 88 نائباً وبعد حركة على النواب وصل العدد 93 نائبا وربما يرتفع"، مشيراً الى أنه "مع الاتحاد الكردستاني نحن بحدود 133 نائباً".
وأضاف "نذهب باتجاه التوافق لان الأغلبية لم تتحقق وصعب تقصي مكون كبير"، معتبراً أن "المشهد بالأصل معقد بعدم وجود تفاهم حقيقي".
وبشأن سعرف الصرف، قال النوري إن "نفس الكتل السياسية التي رفعت سعر صرف الدولار الآن تسعى لتخفيضه".
وشدد بالقول "يجب أن تكون ضمن آليات واضحة وصريحة ومعلنة"، مؤكداً أن "دولة القانون لم يصوت على رفع سعر الصرف لأنه لم يحل أي مشكلة".
وحول آخر مستجدات التفاهمات السياسية، قال النوري، إنه "لا توجد لدينا خلافات مع القوى السياسية"، مشيراً الى أن "هناك مبادرات تظهر هنا وهناك والأيام المقبلة يجب أن يكون تواصل بين القوى السياسية".
المصدر:العالم
السيد نصرالله يعلن أسماء مرشحي حزب الله إلى الإنتخابات النيابية
أكد الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله أنه كانت هناك أصوات تشكك في اجراء الانتخابات وبحسب منطق الأمور البلد ذاهب نحو إجرائها في موعدها، وأعلن أن الحزب شكّل ماكينات انتخابية حتى لا يضيع أي صوت وهي ستعمل في دوائر لدينا فيها مرشحون وفي أخرى ليس لنا فيها مرشحون.
وفي كلمة متلفزة مساء اليوم الأربعاء، عن الانتخابات النيابية المقبلة وأهم التطورات، قال السيد نصرالله “نتواصل مع الحلفاء والأصدقاء وهناك نقاش وأفكار تتبلور وما زال هناك حاجة لبعض الوقت لإعلان التحالفات واللوائح”، وأضاف “ما تقرأونه في وسائل الإعلام وعلى مواقع التواصل هو في حالات كثيرة غير صحيح وغير دقيق وعندما نصل إلى نتائج حاسمة سنعلن عنها”.
وأكد السيد نصرالله أنه “من الواضع أننا سنكون في لوائح موحدة مع حلفائنا في بعض الدوائر وقد نكون في لوائح مختلفة متوافق عليها في دوائر أخرى”، ولفت إلى أنه “عندما نريد أن نعلن عن تحالف ما لن يكون ذلك بشكل منفرد وإنما بصورة منسقة مع الحلفاء”.
وأعلن السيد نصرالله أنه “ناقشنا البرنامج الانتخابي وتم إقراره وسيتم الإعلان عنه في وقت قريب”، وشدد على أن “نواب حزب الله ليسوا إطاراً مستقلاً وهم يلتزمون بسقف حزب الله السياسي الذي يسير وفق رؤية ودراسة محددة”، وأضاف “هناك مسؤولية كبيرة ملقاة على عاتق النواب في ما يخص القوانين والعمل التشريعي ونوابنا جديون جدا في هذا المجال”.
وقال السيد نصرالله “نحن في قيادة حزب الله نعتبر أن كتلة الوفاء للمقاومة هي من أكثر الكتل النيابية الجادة في عملها”، وتابع “خلال السنوات الأربع الماضية تحققت إنجازات طيبة في المجال القانوني والتشريعي وفي الملفات الملقاة على عاتق نوابنا”.
ولفت السيد نصرالله إلى أنه “هناك تقرير مفصل وموثق سيعرض على الجمهور حول ما قمنا به في مجال مكافحة الفساد وما تحقق وما واجهناه من صعوبات فيه”، وأضاف “نوابنا مجاهدون وخدام في هذه المسيرة وليسوا زعماء وعلى هذا الأساس يجب أن يبنى التقييم”.
وأكد السيد نصرالله أنه و”منذ عام 1992 وضعنا أهدافاً واقعية ولم نقدم وعوداً لا نستطيع تحقيقها وهناك أمور لم نعد بها وقمنا بتنفيذها”، وقال “نحن لا نرشح على أساس طلب الأشخاص بل نبحث عن الكفاءات المناسبة للعمل النيابي”، وأضاف “الذين نرشحهم ليسوا مرشحي عائلاتهم وعشائرهم ومدنهم بل مرشحو مسيرتنا وحزبنا ومقاومتنا”.
وأعلن السيد نصرالله أنه تم ترشيح رئيس كتلة الوفاء للمقاومة الحاج محمد رعد والدكتور حسن فضل الله والحاج علي فياض، والشيخ حسن عزالدين والحاج حسين جشي والحاج أمين شري والحاج علي عمار، والدكتور حسين الحاج حسن والدكتور إبراهيم الموسوي والدكتور إيهاب حمادة والدكتور علي المقداد وفي قضاء زحلة رامي أبو حمدان.
الدور الجديد للارهاب الامريكي الغربي.. بلباس فيلق دولي!
تستمر المعارك في اوكرانيا حيث تضع القوات الروسية العاصمة كييف كهدف رئيسي، وسط طلب الرئيس الاوكراني الامداد العسكري من الدول الغربية ومعلناً في الوقت ذاته تشكيل فيلق دولي لهذه الغاية.
العالم- ما رأيكم
يرى مراقبون، ان موازين القوى بين الاتحاد الروسي واوكرانيا تميل بشكل واضح لصالح لروسيا. وان هناك اعتبارين يتحكمان بالموقف الروسي ويفسران البطيء والتروي الذي ربما يسجله البعض ضعفاً، للتوغل في اوكرانيا بعد سقوط اجزاء كبيرة منها بيد الروس.
واوضح المراقبون، في المقام الاول، ان روسيا تريد ان تقيم وضعاً في اوكرانيا يؤمن جانبها، وهذا يتطلب بألا يتم التدويل او قتل اكبر عدد من السكان، وثانياً ان بوتين يدرك ان هذه المعركة مصنوعة في المطابخ الامريكية، ومخطط صهيوامريكي من اجل توريطه في حرب باوكرانيا بعد دعوة الاخيرة بالانضمام الى الناتو، وربما في مواجهة مع اوروبا التي كانت مترددة في قطع العلاقات معه، وايضاً من اجل خلق واقع اقتصادي واجتماعي جديد في العالم كله لا يكون لموسكو دور فيه.
واعتبروا، ان بوتين لا يريد ان تكون اوكرانيا خنجراً في خاصرته، واصفين دعوة اوكرانيا لفيلق دولي على انها مظهرا من مظاهر الضعف في الموقف الاوكراني عن طريق استعادته بكتائب متطرفة وارهابية من هنا وهناك من اجل مواجهة روسيا.
من جانبهم، اكد خبراء، ان الفيلق الدولي او الغربي ضد روسيا، يجمع لأول مرة عالمياً بتكويناته كل المنظمات الارهابية، خليطاً من الشرق الاوسط ومن النازيين الجدد المتطرفين في اوروبا ومن افغانستان، يحاول الغرب تمريره مباشرة عبر بلغاريا او رومانيا.
وقالوا: ان الناتو حينما رأى انه لا يستطيع ان يتدخل مباشرة مع روسيا، لذلك ارتأى تشكيل هذا الفيلق المتكون من المنظمات الارهابية كما كانت في العراق وسوريا، من اجل توريط روسيا اكثر في معركتها مع اوكرانيا، مشيرين الى ان هذا الفيلق سيتواجد في مناطق غرب اوكرانيا، باعتبار ان هذه المناطق تاريخياً كانت تابعة لبولونيا ورومانيا وهنغاريا، وبالتالي لن تصل الى المناطق الشرقية التي ستنتهي منها القوات الروسية بالسيطرة عليها.
واوضح الخبراء، انه سيكون هناك صداماً عنيفاً وخسارة عسكرية لان مجموعات الفيلق الغربي مدربة جيداً ومدججة بالسلاح، تقوم بحروب عصابات كما كانت تقوم بها سابقاً في افغانستان او حتى في سوريا.
ولفتوا، الى ان روسيا تنتظر طويلا قبل ان تتحول في مواقفها نتيجة للوضع القائم في اوكرانيا، وتراهن بشكل كبير بان القسم الاساسي من الشعب الاوكراني سيؤيد روسيا ضد السلطة التي عاثت فساداً ودماراً وارهاباً في مناطق دنيس كلوكانس وايضاً في داخل اوكرانيا في ادويتسا.
في المقابل، اعتبر اعضاء في حزب المحافظين البريطاني، ان الفيلق الغربي لدعم اوكرانيا لا يخدم مصلحة الاخيرة، لان هذا الفيلق هو بالاصل مجموعة من الشباب التي شاركت في الحروب الاسبانية والاوروبية.
واكدوا: ان الجيش البريطاني لم تصدر اليهم اي اوامر بالدخول في صفوف الجيش الاوكراني ضد روسيا، وان الناتو والاتحاد الاوروبي حذرين جداً ازاء هذه المسألة.
وحسب قولهم، فان بوتين تورط بشكل كبير وحساباته كانت خاطئة في الحرب ضد اوكرانيا، كما يرون ان الناتو يحذر من الدخول في حرب مباشرة مع روسيا، تحت اي من الاحوال، لان هذا معناه اعلان حرب على روسيا.
ما رأيكم..
كيف ستخوض روسيا معركتها الجديدة مع تشكيل فيلق دولي في أوكرانيا؟
ماذا يعني تحذير موسكو من امداد كييف عسكريا ودعوة كافة الاجانب الانضمام لفيلق دولي؟
بوتين يؤكد على مواجهة اي تدخل خارجي في الحرب مع اوكرانيا، فما المتوقع ان يحدث؟
البعثه النبویه دراسه وتحلیل
بدء الوَحی :
إنّ التاریخ الإسلامی یبدأ فی الحقیقه من یوم بعثه الرسول (صلّى اللّه علیه وآله) بالرساله، والتی وقعت على أثره حوادث خاصه.
ویوم بُعث النبیُّ الأکرم (صلّى اللّه علیه وآله) لهدایه الناس، ودوّى فی سمعه الشریف نداء (إنک لرسول اللّه) الصادر عن ملاک الوحی أُلقیت على کاهله مسؤولیه کبرى وثقیله جدّاً، على نمط الوظیفه الهامه التی أُلقیت على کاهل من سبقه من الأنبیاء والرسل صلوات اللّه علیهم أجمعین.
منذ ذلک الیوم اتضح هدف أمین قریش، أکثر فأکثر، وتجلت خطته أکثر فأکثر.
ونحن نرى من اللازم قبل شرح الحوادث الأُولى الواقعه عند البعثه أن نعطی بعض الإیضاحات حول مسألتین:
۱ – وجوبُ بعث الأنبیاء.
۲ – دورُ الأنبیاء فی إصلاح المجتمع.
لقد أودع اللّه تعالى فی کیان کُلّ کائن من الکائنات أدوات تکامله، وجهّزه – لسلوک هذا الطریق – بالوسائل المتنوعه، والأجهزه المختلفه اللازمه.
ولنأخذ مثلاً : نبته صغیره، فان ثمه عوامل کثیره تتفاعل فی ما بینها وتعمل لتحقیق التکامل فیها.
إن جذور کل نبته تعمل اکبر قدر ممکن لامتصاص العناصر الغذائیه، وتلبیه احتیاجات النبته، وتوصل العروق والقنوات المختلفه، عصاره ما تأخذه من الأرض إلى جمیع الأغصان والأوراق.
إننا لو درسنا جهاز (ورده) لرأیناه أکثر مدعاه للإعجاب وأشد إثاره للتعجب من ترکیب بقیه النباتات.
فللکأس وظیفه توفیر الغطاء اللازم للأوراق الناعمه اللطیفه فی الورده.
وهکذا الحال بالنسبه إلى بقیه الأجهزه فی (الورده) ممّا أُنیط إلیها مسؤولیه الحفاظ على کائن حیّ، وضمان رشده ونموّه، فإنها جمیعاً تقوم بوظائفها المخلوقه لها بأحسن شکل، وأفضل صوره.
ولو أننا خطونا خطوات أکثر وتقدّمنا بعض الشیء لدراسه الأجهزه العجیبه فی عالم الأحیاء، لرأینا أنها جمیعاً وبدون استثناء مُزوّده بما یضمن بلوغها إلى مرحله الکمال المطلوب لها.
وإذا أردنا أن نصبّ هذا الموضوع فی قالب علمیّ لوجب أن نقول: إنّ الهدایه التکوینیه، التی هی النعمه المتجلّیه فی عالم الطبیعه، تشمل کل موجودات هذا العالم من نبات، وحیوان وإنسان.
ویبیّن القرآن الکریم هذه الهدایه التکوینیه الشامله بقوله:
(ربّنا الّذی أعطى کُلّ شیء خلقه ثُمّ هدى) (سوره طه: الآیه ۵۰).
فانّه یصرّح بأن کل شیء فی هذا الکون من الذره إلى المجرّه ینعم بهذا الفیض العامّ، وانّ اللّه تعالى بعد أن قدّر کل موجود وکائن، بیّن له طریق تکامله، ورُقیّه، وهیأ لکل کائن مِن تلک الکائنات ما یحتاج إلیه فی تربیته ونموّه، وهذه هی (الهدایه التکوینیه العامه) السائده على کل أرجاء الخلیقه دونما استثناء.
ولکن هل تکفی هذه الهدایه الفطریه، التکوینیه لکائن مثل الإنسان، اشرف الموجودات، وأفضل ما فی هذه الخلیقه؟!.
بکل تأکید: لا.
لأن للإنسان حیاه أُخرى غیر الحیاه المادیه، تشکل أساس حیاته الواقعیه، ولو کان للإنسان حیاده مادیه جافّه فقط مثلما لعالم النباتات، والحیوانات، لکفت العواملُ والعناصرُ المادیه فی تکامله، والحال أن للإنسان نوعین من الحیاه، یکمن فی تکاملهما معاً رمز سعاده الإنسان ورقیّه.
إن الإنسان الأول، ونعنی به إنسان الکهوف والحیاه البسیطه والفطره السلیمه التی لم یطرأ على جبلته أی اعوجاج لم یکن بحاجه إلى ما یحتاج إلیه الإنسان الاجتماعیّ من التربیه والهدایه.
ولکن عندما خطى الإنسانُ خطوات أبعد من ذلک، وبدأ الحیاه الاجتماعیه، وسادت على حیاته فکره التعاون والعمل الجماعی برزت فی روحه ونفسیته سلسله من الانحرافات نتیجه للاحتکاک الاجتماعی، وغیّرت الخصال القبیحه والأفکار الخاطئه صفاتِه الفطریه، وبالتالی اخرج المجتمع من حاله التوازن!.
إن هذه الانحرافات حملت خالق الکون على أن یرسل إلى البشریه رجالاً أفذاذاً صالحین یتولّون تربیه البشر، ولیقوموا بتنظیم برنامج المجتمع، والتخفیف من المفاسد الناشئه – بصوره مباشره – عن النزعه الاجتماعیه لدى الإنسان، ولیضیئوا – بمشاعل الوحی المشّعه المنیره – طریق السعاده والخیر للإنسانیه فی جمیع المجالات والأبعاد.
إذ لا نقاش فی أنّ الحیاه الاجتماعیه والعیش بصوره جماعیه مع کونه مفیداً، ینطوی على مفاسد لا تُنکر، ویجرّ إلى انحرافات کثیره لا تقبل التردید.
ولهذا بعث اللّه سبحانه رجالاً مصلحین، وهداه مرشدین یعملون – قدر الإمکان – على الحدّ من الانحرافات والمفاسد، ویضعون عجله المجتمع – بتنظیم القوانین الواضحه والأنظمه الحکیمه – على الطریق الصحیح، ویضمنون دورانها وحرکتها فی المسار المستقیم.
وقد یُستفاد هذا الأمر – بوضوح – من قوله تعالى: (کان النّاس امّه واحِدهً فبعث اللّه النّبیِّین مُبشِّرین ومُنذرین وأنزل معهمُ الکِتاب بِالحقِّ لِیحکُم بین النّاس فی ما اختلفُوا فیه) (سوره البقره: الآیه ۲۱۳).
دَور الأنبیاء فی إصلاح المجتمع:
إن الذی یتصوره الناس عاده هو أنّ الأنبیاء مجرد معلّمین إلهیین بُعِثوا لتعلیم البشریه. فکما یتعلم الطفل خلال حرکته التعلیمیه ابتداء من الابتدائیه ومروراً بالمتوسطه وانتهاء بالجامعه دروساً معینه ومواضیع خاصه على أیدی الأساتذه والمعلمین، کذلک یتعلم الناس فی مدرسه الأنبیاء أمورا خاصه، ویکتسبون معارف معینه، وتتکامل أخلاقهم وصفاتهم وخصالهم الاجتماعیه جنباً إلى جنب مع اکتسابهم المعرفه والعلم على أیدی الأنبیاء والمرسلین.
ولکننا نتصور إن مهمه الأنبیاء ووظیفتهم الأساسیه هی (تربیه) المجتمعات البشریه لا تعلیمها، وان أساس شریعتهم لا ینطوی على کلام جدید، وانه ما لم تنحرف الفطره البشریه عن مسارها الصحیح، وما لم تلفها غشاوات الجهل والغفله لعرفت وأدرکت خلاصه الدین الإلهی، وعصارتها، فی غیر إبهام، ولا خفاء.
على أن هذه الحقیقه قد أشار إلیها قاده الإسلام العظماء.
فقد قال أمیر المؤمنین (علیه السّلام) فی نهج البلاغه عن هدف الأنبیاء: (أخذ على الوحی میثاقهم، وعلى تبلیغ الرساله أمانتهم… لِیستأدُوهم میثاق فِطرتِه، ویُذکرُوهم منسیّ نِعمته، ویحتجّوا علیهم بالتبلیغ، ویُثیروا لهم دفائن العُقول) ( نهج البلاغه : قسم الخطب، الخطبه رقم ۱).
مثالٌ واضح فی المقام:
إذا قلنا: إن وظیفه الأنبیاء فی تربیه الناس وإصلاح نفوسهم هی وظیفه البستانی فی تربیه شجیره من الشجرات، أو قلنا: أن مثل الأنبیاء فی قیاده التوجّهات الفطریه البشریه وهدایتها، مثل المهندس الذی یستخرج المعادن الثمینه من بطون الأودیه والجبال، لم نکن فی هذا القول مبالغین.
وتوضیح ذلک إن النبته، أو الشجیره الصغیره تحمل من بدایه انعقاد حبتها الأُولى کل قابلیات النمو، والرشد، فإذا توفر لها الجوُ المناسب للنمو، دبّت الحیاه والحرکه فی کل أجزائها، واستطاعت بفعل جذورها القویه وأجهزتها المتنوعه وفی الهواء الطلق، والضوء اللازم، من أن تقطع أشواطاً کبیره من التکامل، والنمو.
فمسؤولیه البستانی فی هذه الحاله تترکز فی أمرین:
۱ – توفیر الظروف اللازمه لتقویه جذور تلک النبته لکی تظهر القوى المودعه فی تلک النبته أو الشجیره، وتخرج من حیّز القوه إلى مرحله الفعلیه، والتحقق.
۲ – الحیلوله دون تعرض تلک الشجره أو النبته للانحرافات والآفات، وذلک عندما تتجه القوى الباطنیه صوب الوجهه المخالفه لسعادتها، وتسلک طریقاً ینافی تکاملها.
ومن هنا فان مسؤولیه البستانی ووظیفته لیست هی (الإنماء) بل هی (المراقبه) وتوفیر الظروف اللازمه لیتهیّأ لتلک الشجره والنبته أن تبرز کمالها الباطنی.
لقد خلق اللّه سبحانه البشر وأودع فی کیانه طاقات متنوعه، وغرائز کثیره، وعجن فطرته وجبلّته بالتوحید، وحبّ معرفه اللّه، وحبّ الحق والخیر، والعدل والإنصاف، کما وأودع فیه غریزه السعی والعمل.
وعندما تبدأ خمائر هذه الأمور وبذورها الصالحه المودوعه بالعمل والتفاعل فی کیان الإنسان تتعرض فی الجو الاجتماعی لِبعض الانحرافات بصوره قهریه، فغریزه العمل والسعی تتخذ شیئاً فشیئاً صفه الحرص والطمع، وغریزه حب السعاده والبقاء تتخذ صوره الأنانیه، وحب الجاه والمنصب، ویتجلى نور التوحید والإیمان فی لباس الوثنیه وعباده الأصنام.
فی هذه الحاله یعمل سفراء اللّه إلى البشریه: (الأنبیاء والرسل) على توفیر ظروف الرشد والنمو الصحیح لتلک الغرائز وتلک القوى والطاقات فی ضوء الوحی، والبرامج الصحیحه المستلهمه من ذلک المنبع الإلهی الهادی، ویقومون بالتالی بتعدیل انحرافات الغرائز، والوقوف دون تجاوزها حدودها المعقوله المطلوبه.
ولقد قال أمیر المؤمنین (علیه السلام) فی ما مرّ من کلامه: إن اللّه أخذ – فی مبدأ الخلق – میثاقاً یدعى (میثاق الفطره).
فما هو ترى المقصود من میثاق الفطره هذا ؟
إن المقصود من هذا المیثاق هو : أن اللّه تعالى بخلقه وإیداعه الغرائز المفیده فی الکیان الإنسانی، وبمزج الفطره البشریه بعشرات الأخلاق الطیبه والسجایا الصالحه یکون قد أخذ من الإنسان میثاقاً فطریاً بأن یتبع خصال الخیر، ویأخذ بالغرائز الطّیبه الصالحه.
فإذا کان منح جهاز البصر (العین) للإنسان هو نوع من اخذ المیثاق من الإنسان بان یتجنب المزالق، ولا یقع فی البئر، فکذلک إیداع حسّ التدین، وغریزه الانجذاب إلى اللّه، وحبّ العدل، فی کیانه هو الآخر نوع من اخذ المیثاق منه بأن یظل مؤمناً باللّه، موحّداً إیاه، عادلاً، منصفاً، محباً للخیر والحق.
وإن وظیفه الأنبیاء هی أن یحملوا الناس على العمل بمقتضی میثاق الفطره، وبالتالی فانّ مهمّتهم الأساسیه الحقیقیه هی تمزیق أغشیه الجهل وتبدید سحب الغفله التی قد ترین على جوهره الفطره المطعمه بنور الإیمان، فتمنعها من الإشراق على وجود الإنسان، وتحرمُ الإنسان من هدایتها.
ومن هنا قالوا: إن أساس الشرائع الإلهیه یتألف من الأمور الفطریه، التی فطر الإنسان علیها.
وکأنّ صرح الکیان الإنسانی (جبلٌ) اختفت بین ثنایا صخوره وفی بطونه أحجار کریمه کثیره ومعادن ذهبیه ثمینه، فالوجود الإنسانی هو الآخر قد أودعت فیه فضائل وعلوم، ومعارف وخصال، وأخلاق متنوعه.
فعندما یغورُ الأنبیاء والمهندسون الروحیّون فی أعماق نفوسنا وذواتنا وهم یعلمون جیداً أن نفوسنا معجونه بطائفه من الصفات والسجایا النبیله والمشاعر والأحاسیس الطیبه، ویعملون على إعاده نفوسنا – بتعالیم الدین وبرامجه – إلى جاده الفطره المستقیمه السلیمه فإنهم فی الحقیقه یذکّروننا بأحکام فطرتنا، ویُسمّعوننا نداء ضمائرنا، ویلفتونها إلى الصفات، والى الشخصیه المودوعه فیها.
تلک هی رساله الأنبیاء، وذلک هو عملهم الأساسی، وهذا هو دورهم فی إصلاح النوع الإنسانی، أفراداً وجماعات.
أمین قریش فی غار حراء:
یقع جبل (حِراء) فی شمال (مکه) ویستغرق الصعود إلى غار حراء مده نصف ساعه من الزمان.
ویتألف ظاهر هذا الجبل من قطع صخریه سوداء، لا یُرى فیها أیُّ أثر للحیاه أبداً.
ویوجد فی النقطه الشمالیه من هذا الجبل غار یمکن للمرء أن یصل إلیه ولکن عبر تلک الصخور، ویرتفع سقف هذا الغار قامه رجل، وبینما تضیء الشمس قسماً منه، تغرق نواح أُخرى منه فی ظلمهٍ دائمهٍ.
ولکن هذا الغار یحمل فی رحابه ذکریات کثیره عن صاحب له طالما تردّد علیه، وقضى ساعات بل وأیاماً وأشهراً فی رحابه… ذکریات یتشوق الناس – وحتى هذا الساعه – إلى سماعها من ذلک الغار، ولذلک تجدهم یسارعون إلى لقائه کلّما زاروا تلک الدیار، متحملین فی هذا السبیل کل عناء، للوصول إلى رحابه، لکی یستفسروه عما جرى فیه عند وقوع حادثه : (الوحی) العظیمه ولیسألون عما تحتفظ به ذاکرته من تاریخ رسول الإنسانیه الأکبر ممّا جرت حوادثه فی ذلک المکان التاریخی، العجیب.
ویتحدث ذلک الغار هو الآخر إلیهم بلسان الحال ویقول: ها هنا المکان الذی کان یتعبد فیه عزیز قریش وفتاها الصادق الأمین.
وها هنا قضى لیالی وأیاماً عدیده وطویله قبل أن یبلغ مرتبه الرساله، فی عباده اللّه، والتأمل فی الکون، وفی آثار قدره اللّه وعظمته.
أجل، لقد اختار محمّد صلّى اللّه علیه وآله ذلک المکان البعید عن ضجیج الحیاه، للعباده والتحنث، فکان یمضی جمیع الأیام من شهر رمضان فیه، وربما لجأ إلیه فی غیر هذا الشهر أحیاناً أُخرى، إلى درجه أنّ زوجته الوفیّه کانت إذا لم یرجع إلى منزلها، تعرفُ أنه قد ذهب إلى (غار حراء) وأنه هناک مشتغل بالعباده والتحنث والاعتکاف. وکانت کلّما أرسلت إلیه أحداً وجده فی ذلک المکان مستغرقاً فی التأمل والتفکیر، أو مشتغلاً بالعباده والتحنث.
لقد کان (صلّى اللّه علیه وآله) قبل أن یبلغ مقام النبوه، ویُبعث بالرساله یفکر – أکثر شیء – فی أمرین:
۱ – کان یفکر فی ملکوت السماوات والأرض، ویرى فی ملامح کل واحد من الکائنات التی یشاهدها نور الخالق العظیم، وقدرته، وعظمته وعلمه، وقد کانت تفتح علیه من هذا السبیل نوافذ من الغیب تحمل إلى قلبه وعقله النور الإلهی المقدس.
۲ – کان یفکر فی المسؤولیه الثقیله التی ستوضع على کاهله.
إن إصلاح المجتمع فی ذلک الیوم على ما کان علیه من فساد عریق وانحطاط عریض، لم یکن فی نظره وتقدیره بالأمر المحال الممتنع. ولکن تطبیق مثل هذا البرنامج الإصلاحی لم یکن فی نفس الوقت أمراً خالیاً من العناء والمشاکل، من هنا کان یفکر طویلاً فی الفساد فی حیاه المجتمع المکّی وما یراه من ترف قریش، وکیفیّه رفع کل ذلک وإصلاحه.
لقد کان (صلّى اللّه علیه وآله) حزیناً لما یرى من قومه من فساد العقیده المتمثل فی الخضوع للأوثان المیته، والعباده للأصنام الخاویه الباطله، ولطالما شوهدت آثار ذلک الحزن على محیّاه، وملامح وجهه الشریف، ولکن لما لم یکن مأذوناً بالإفصاح بالحقائق، لذلک کان یتجنب ردع الناس عن تلک المفاسد، ومنعهم عن تلک الانحرافات.
بدء الوحی:
لقد أمر اللّه ملکاً من ملائکته بأن ینزل على أمین قریش وهو فی غار حراء ویتلو على مسمعه بضع آیات کبدایه لکتاب الهدایه والسعاده، معلناً بذلک تتویجه بالنبوه، ونصبه لمقام الرساله.
کان ذلک الملَک (جبرائیل)، وکان ذلک الیوم هو یوم المبعث النبوی الشریف الذی سنتحدث عن تاریخه فی المستقبل.
ولا ریب أن ملاقاه الملک ومواجهته أمرٌ کان یحتاج إلى تهیّؤ خاصّ، وما لم یکن محمّد (صلّى اللّه علیه وآله) یمتلک روحاً عظیمه، ونفسیه قویه لم یکن قادراً قط على تحمّل ثقل النبوه، وملاقاه ذلک الملک العظیم.
أجل لقد کان (أمین قریش) یمتلک تلک الروح الکبرى، وتلک النفس العظیمه وقد اکتسبها عن طریق العبادات الطویله، والتأمّل العمیق الدائم، إلى جانب العنایه الإلهیه.
ولقد روى أصحاب السیر والتاریخ انه رأى رؤىً عدیده قبل البعثه کانت تکشف عن واقع بیّن واضحٍ وضوح النهار(صحیح البخاری: ج ۱ کتاب العلم ص ۲۲، بحار الأنوار: ج ۱۸ ص ۱۹۴).
ولقد کانت ألذّ الساعات وأحبها عنده بعد کل فتره، تلک الساعات التی یخلو فیها بنفسه، ویتعبّد فیها بعیداً عن الناس.
ولقد قضى على هذا الحال مده طویله حتى أتاه – فی یوم معین – ملک عظیم بلوح نصبَهُ أمامه وقال له: (إقر)، وحیث أنه (صلّى اللّه علیه وآله) کان أُمیاً لم یدرس أجاب الملَک بقوله: (ما أنا بقارئ).
فاحتضنه ذلک الملک، وعصره عصره شدیده، ثم طلب منه أن یقرأ فأجابه بالجواب الأول.
فعصره الملک ثانیه عصره شدیده وتکرّر هذا العمل مرات ثلاث أحس بعدها رسول اللّه (صلّى اللّه علیه وآله) فی نفسه أنه قادر على قراءه ما فی ذلک اللوح، فقرأ ساعتها تلک الآیات التی تشکل – فی الحقیقه – دیباجه کتاب السعاده البشریه، وأساس رقیها.
لقد قرأ (صلّى اللّه علیه وآله) قوله تعالى: (إقرأ باسمِ ربِّک الّذی خلق. خلق الإنسان مِن علقٍ. إقرأ وربُّک الأکرمُ. الّذی علَّم بِالقلم. علّم الإنسان ما لم یعلم) (سوره العلق: الآیات ۱ – ۵).
وبعد أن انتهى جبرائیل من أداء مُهمته التی کُلِّف بها من جانب اللّه تعالى، وبلّغ إلى النبی تلکم الآیات الخمس، انحدر رسول اللّه (صلّى اللّه علیه وآله) من جبل حراء، وتوجه تحو منزل خدیجه(السیره النبویه : ج ۱ ص ۲۳۶ و۲۳۷).
ولقد أوضحت الآیات المذکوره برنامج النبیّ (صلّى اللّه علیه وآله) إجمالاً، وبیّنت وبشکل واضح إن أساس الدین یقوم على القراءه والکتابه، والعلم والمعرفه، واستخدام القلم.
ظاهره القضایا الغیبیّه فی منظار المادیّین:
لقد تسبّب التقدمُ العظیم والمتزاید الذی تحقق فی میدان العلوم الطبیعیه فی سلب الکثیر من العلماء القدره على فهم وإدراک القضایا المعنویه والخارجه عن إطار العلوم الطبیعیه وبالتالی أدى إلى تحدید وتضییق آفاق الفکر عندهم.
فإذا بهم أصبحوا یتصورون أن الوجود یتلخص فی هذا الکون المادی، وانه لیس فی الوجود من شیء سوى الماده وان کل ما لا یمکن تفسیره وتبریره بالقوانین والقواعد المادیه فهو أمر باطل، ومن نسج الخیال !!
إن هذا الفریق – لتسرعه فی إصدار الحکم فی الأمور المتعلقه – بالغیب وقضایا ما وراء الطبیعه، وحصر أدوات المعرفه بالحس والتجربه – أنکروا عالم الوحی، بحجه أنّ الحسِّ والتجربه لا یقودانهم إلى ذلک العالم، ولا یخبرانهم عن مثل تلک الموجودات، فلکونها بالتالی لا تخضع لمبضع التشریح، ومجهر الاختبار أنکروها بالمره، وکانت النتیجه أن أدوات المعرفه المعروفه (الحسّ والتجربه) حیث إنها لا تهدی إلى عالم ما وراء الماده فأذن لا وجود خارجی لذلک العالم ولحقائقه أبداً !
إنّ هذا النمط من التفکیر نمط جدُّ ضیق ومحدود، مضافاً إلى انه یتسم بالغرور والغطرسه، فهو من باب (استنتاج عدم الوجود من عدم الوجدان) فی خطوه متعجله فجّه !!
فما دامت هذه الحقائق التی یعتقد بها الإلهیّون المؤمنون باللّه لا یمکن التوصل إلیها عن طریق الأدوات الفعلیه المتعارفه بینهم للإدراک والمعرفه فهی إذن لا أساس لها من الواقع !!
إن الذی لا شک فیه هو: إن المادیین لم یدرکوا مقاله العلماء الإلهیین حتى فی مسأله إثبات الصانع الخالق فکیف بالعوالم الأخرى لما فوق الطبیعه، ولو أنّ الفریقین تحاوروا فی جوّ علمی مناسبٍ، بعیداً عن الأغراض والعصبیّات، لکان من المتوقع ان تزول الفواصل بین المادیین والإلهیین فی أقرب وقت، وأین یرتفع هذا الاختلاف الذی قسّم العلماء إلى فریقین على طرفی نقیض.
لقد أقام المؤمنون الموحِّدون عشرات الأدله والبراهین القاطعه على وجود اللّه تعالى، واثبتوا بأنّ هذه العلوم الطبیعیه هی نفسها تقودنا إلى الخالق العالم القادر، وان هذا النظام العجیب السائد فی ظواهر الکائنات الطبیعیّه وبواطنها لدلیل قاطع، وبرهانٌ ساطع على وجود مبدع هذا النظام، وأن جمیع أجزاء هذا الکون المادیّ، من ذراته إلى مجراته، یسیر وفق قوانین دقیقه متقنه، ولا تستطیع الطبیعه الصماء العمیاء أبدا أن تکون مبتکره لهذا النظام البدیع، ومبدعه لهذا الترتیب الدقیق.
وهذا هو بنفسه برهان (نظام الوجود) أو (برهان النظم) الذی ألّف العلماء الإلهیون الموحدون حوله عشرات الکتب والدراسات.
وحیث إن (برهان النظم) هذا ممّا یفهمه جمیع الناس على مختلف مراتبهم ومدارکهم، لذلک رکزت علیها الکتب الاعتقادیه دون سواها، وسلک کلُ واحد من العلماء طریقاً معیناً وخاصاً لتقریره، وبیانه، کما ودرست الأدله والبراهین الأُخرى التی لا تتسم بمثل هذه الشمولیه، فی الکتب، والمؤلفات الفلسفیه والکلامیّه بصوره مفصله ومبسوطه.
إنّ للعلماء الإلهیین بیانات وأدله فی مجال (الروح المجرده)، وعوالم ما وراء الطبیعه (المیتافیزیقیا) نشیر إلى بعضها هنا:
الروح المجرده :
إن الاعتقاد بالروح من القضایا الشائکه الطبیعه التی استقطبت اهتمام العلماء وشغلت بالهم بشده.
فهناک فریقٌ – ممّن اعتاد أن یُخضِع کل شیء لمبضع التشریح – ینکر وجود (الروح)، ویکتفی بالاعتقاد بالنفس ذات الطابع المادی، والعامله ضمن نطاق القوانین الطبیعیه فقط.
ووجود (الروح) والنفس غیر المادیه (أی المجرده المستقله عن الماده) من القضایا التی عُولجت ودُورست من قِبل المؤمنین باللّه، والمعتقدین بالعالم الروحانی، بصوره دقیقه، وعمیقه.
فهم أقاموا شواهِد عدیدهً على وجود هذا الکائن (غیر المادیّ) وهی أدله وبراهین لو تمّ التعرّف علیها والنقاش حولها فی جوّ علمی هادئ مع الأخذ بنظر الاعتبار ما یقوم علیه منطق الإلهیین – فی هذا المجال – من قواعد وأُسس، لأدّى ذلک إلى التصدیق الکامل بها.
على أن ما یقوله الإلهیّون فی مجالات أُخرى مشابهه مثل (الملائکه) و(الوحی) و(الإلهام) یقوم هو الآخر على الأساس الذی شیدوه ومهدوه وبرهنوا علیه قبل ذلک بالأدله المحکمه، المتقنه.
ظاهره الوحی عِند المادیّین:
یُعتبر الاعتقاد بالوحی أساساً لجمیع الرسالات، والأدیان السماویه، وتقوم هذه الظاهره (ظاهره الوحی) على أن الذی یوحى إلیه یمتلک روحاً قویه تقدر على تلقی المعارف الإلهیه من دون واسطه، أو بواسطه ملک من الملائکه.
ویلخصُ العلماء المختصُّون تعریفهم للوحی على النحو التالی : (الوحیُ تعلیمُه تعالى من اصطفاهُ مِن عِباده کُل ما أراد اطلاعه علیه من ألوان الهدایه والعِلم ولکِن بطریقه خفیّهٍ غیر مُعتاده للبشر).
ولکن المادیین – کما قلنا – لم یستطیعوا هضم هذه الحقیقه، وإدراک هذه الظاهره على حالها، وصورتها الغیبیه بسبب ما ذکرناه من منهجهم ونظرتهم إلى الأُمور والکائنات فذهبوا فی تفسیر ظاهره الوحی – التی هی کما أسلفنا من قضایا الغیب ومن عوالم ما فوق الطبیعه – مذاهب مختلفه ترجع برمتها إلى الرؤیه المادیه للوجود.
والیک أبرز هذه التفاسیر المادیّه لظاهره الوحی الغیبیه:
أبرز النظریات المادیه لظاهره الوحی:
۱ – قالوا: الوحی هو القدره الفکریه، والنفسیه والعقلیه التی تحصل للإنسان بسبب التمرینات والریاضات الروحیه التی على أثرها تنفتح علیه أبوابُ من الغیب، فیخبر عن أمور طالما تتفق مع الواقع على نحو ما یحصل للمرتاضین الهنود(ریاضه الیوجا).
فالأنبیاء بسبب اعتزالهم للمجتمع – على غرار ما یفعل المرتاضون – وإقبالهم على الریاضه الروحیه یحصل لهم المقدره على الإخبار بالغائبات، والکائنات الخفیه على غیرهم.
والجواب على هذه النظریه هو : أن دراسه حالات المرتاضین تکشف لنا عن أنهم طالما یخطأون فی إخباراتهم أخطاء فاضحه، بینما لم یُعهد من نبیٍّ أنه أخطأ فی إخباراته، وإنباءاته. هذا أولاً.
وثانیاً: إن ما یفعله المرتاضون لا ینطوی على أیه أهداف إصلاحیه علیاً للمجتمع البشری، بل غایه همّهم هو: عرض الأفعال العجیبه على الناس وربما تسلیه المتفرجین، بینما یهدف الأنبیاء إلى إصلاح المجتمعات البشریه وقیادتها إلى ذرى الکمال والتقدم.
وثالثا: إن المرتاضین لا یثقون بما یخبرون به، کما لم یُعرف إلى الآن أن أحداً منهم طلع على المجتمع البشریّ ببرنامج کامل وشامل للحیاه البشریه الفردیه والاجتماعیه، بینما نجد الأنبیاء یخبرون الناس بما أمروا به وهم على إیمان کامل، ویقین ثابت منه، هذا إلى جانب أنهم یحملون إلى البشریه برامج اجتماعیه وحیویه جامعه الأطراف، کامله الأبعاد، رفیعه الأهداف، عمیقه الغایات، ترجع إلیها کلُ فضیله وکل خیر تعرفه المجتمعات إلى الآن.
ورابعا: إنّ أعمال المرتاضین وما تحصلُ لهم من قوى وینفتح علیهم من آفاق، محدوده، بینما لا تقف طاقاتُ الأنبیاء وآفاق علومهم، وأبعاد أعمالهم عند حدّ.
فلا یمکن أبداً تفسیر وتعلیل ظاهره (الوحی) وما یحصل للرسل والأنبیاء على أثره من أمور تتخطى حدود العالم المادی المحدود، بالریاضه الروحیه التی یمارسها المرتاضون وما یحصل لهم على أثرها من أمور.
۲ – قالوا: إنّ (الوحی) نوعٌ من النبوغ، أو أنه ناشئ من النبوغ، وأن الأنبیاء هم نوابغ اجتماعیون لا أکثر.
وقد شرحوا نظریتهم هذه قائلین: بأن نظام الخلیقه قد ربى فی أحضانه نوابغ صالحین، اهتدوا بفعل نبوغهم الفکری الرفیع إلى أفکار وقیم رفیعه ودعوا مجتمعاتهم إلى الأخذ بها، والسیر على هدیها، لتحقیق الخیر والعداله، فکان لهم بذلک اکبر نصیب فی إرشاد البشریه إلى سعادتها، فکل ما طرحوه من أفکار، وکل ما عرضوه على تلک المجتمعات باسم الدین أو القانون لیست – فی الحقیقه – سوى نتیجه ما تمتعوا به مِن نبوغ، وفکر خارق، ولا علاقه له بعالم آخر غیر هذا العالم المادی المألوف.
وقالوا : وان ممّا یساعد على تقویه هذا النبوغ أُمور أبرزها:
الحبُّ، التعرضُ للظلم الطویل، الطفوله وما یکتنفها من ضعف وعجز، الوحده، السکوت، التربیه الأولى، والعیش فی صوره الأقلیه وما یرافقها من ظروف اجتماعیه غیر مؤاتیه.
فان جمیع هذه الأمور أو بعضها تدفع بالشخص إلى الانطوائیه، والتفکیر والتأمل، للاهتداء إلى مخرج من المشاکل والصعوبات، ومخلص من الظروف الصعبه، والأحوال الشاقه.
ویُجاب على هذه النظریه بأن أصحاب هذه النظریه حکموا على هذه القضیه على أساس موقف اتخذوه سلفاً فهُم حصروا الأشیاء فی الماده والأمور المادیه ثم فسّروا ما یرتبط بعالم الغیب بذلک، فجاء تفسیرهم لهذه الظاهره الغیبیه تفسیراً مادیّاً، غفله منهم عن إن مثل هذا التفسیر والتعلیل لا یلیق بظاهره (الوحی) التی تجسد أعلى قضیّه فی سلّم الحقائق العلمیه والفلسفیه، ویرجع إلیها أعظم القوانین والبرامج للسعاده البشریه.
نحن لا ننکر أن لما ذکروه من العوامل تأثیراً فی تقویه عملیه (التفکیر) لدى الإنسان إلى درجه إیجاد ما یسمى بظاهره النبوغ لدیه، إلا أنه لا یمکن أن یوجد مثل هذا الأمر نبیّاً خضعت جمیع النوابغ البشریه لعظمه تعالیمه التی أتى بها طوال أربعه عشر قرناً.
نبیاً لم تزل ما جاء به من معارف عقلیه وفلسفیه، وقوانین ترتبط بعالم الطبیعه وبالنظام الاجتماعی وآداب السلوک تحافظ على قوتها، وعمقها وأصالتها ولمعانها
کل المحافظه رغم کل ما أحرزه البشر فی ضوء نشاطه الفکری والعقلی من تقدم، فی المعارف والعلوم.
هذا مضافاً إلى أن نسبه هؤلاء الأنبیاء جمیع ما عرضوه على المجتمعات البشریه إلى العالم الآخر وإصرارهم على أنها من جانب اللّه تعالى ولیست من نسیج أفکارهم یناقض نظریه هذه الطائفه، التی تفسر النبوه بالنبوغ.
لنقرأ معاً الآیه التی یقول اللّه تعالى فیها حاکیاً عن رسول الإسلام محمّد (صلّى اللّه علیه وآله): (إن أتّبعُ إلا ما یوُحى إلیّ) (سوره الأنعام: الآیه ۵۰).
أو یقول سبحانه:
(إن هو إلا وحی یُوحى) (سوره النجم: ۴).
۳ – یقولون: إن الوحی هو ظهور الشخصیه الکامنه فی النبی وإیحاؤها لما ینفعه وینفع قومه المعاصرین له، إلیه.
وربما قالوا: إنَّ معلومات (محمّد) وأفکاره وآماله ولّدت لدیه إلهاماً فاض من عقله الباطن أو نفسه الخفیّه على محیلته السامیه، وانعکس اعتقاده على بصره فرأى الملک ماثلاً له وهو یتلو على سمعه ما حدّث به بعد ذلک.
وتوضیح هذه النظریه هو: إن لکل إنسان شخصیتین:
۱ – الشخصیه الظاهره العادیه وهی التی تخضع للحواس الخمس وتعمل بها.
۲ – الشخصیه الباطنیه وهی التی تعمل عندما تتعطل الحواس، ویتعطل الشعورُ الظاهری:
وهذه الشخصیه هی التی تحرک جمیع أعضاء الجسم الإنسانی التی لا تخضع لإرادته کالکبد والقلب، والمعده وغیرها، کما انها هی مصدر الکثیر من الإلهامات الطیبه فی الظروف الحرجه.
ثم قالوا: وهذه الشخصیه الباطنیه قد أصبحت مدرکه بالحس، فان المنوَّم مغناطیسیاً یظهر بمظهر من العقل الراجح، والفکر الثاقب والنظر البعید، ویقوم بما لا یقوم به فی حالته العادیه.
وقد انتهى هؤلاء المادیّون من خلال تحقیقاتهم وتجاربهم إلى: أن شخصیه الإنسان الباطنیه أرقى من شخصیته العادیه، وإن ما یتوصّل إلیه الإنسان من أفکار عالیه رفیعه جداً، وما قد یتمتع به من روح قویه هو من مظاهر هذه الشخصیه وفعالیتها.
فقالوا: وان هذه الشخصیه هی التی تنفث فی روح الأنبیاء ما یعتبرونه وحیاً من اللّه، وقد تظهر لهم متجسّده فیحسبونها من ملائکه اللّه هبطت علیهم من السماء !!
فالوحی عند هؤلاء الباحثین فی الروح على الأسلوب التجریبی لا یکون بنزول ملک من السماء على الرسول فیبلغه کلاماً عن اللّه بل یکون فی تجلی روح الإنسان علیه بواسطه شخصیته الباطنه فتعلمه ما لم یکن یعلم، وتهدیه إلى خیر الطرق لهدایه نفسه وترقیه أمته(دائره معارف القرن العشرین لفرید وجدی: ج ۱۰ مادّه وحی).
ولکن هذه النظریه هی الأُخرى تنبع من الغُرور العلمیّ الذی أصاب هذا النمط من العلماء الّذین یحاولون تفسیر کل ظواهر هذا العالم بالتفسیر المادی، وهو لا شک ینشأ من عِلمهم المحدود القاصر عن إدراک حقائق الوجود.
إننا لا نشک فی وجود ما یسمى بالشخصیه الباطنیّه لدى الإنسان فهو ممّا سبق إلى کشفه والتنویه به الفلاسفه الإسلامیّون من قبل ولکن کیف وعلى أیّ أساس حقَّ لهؤلاء أن یفسروا ظاهره (الوحی الإلهی) والنبوه بهذا الأمر؟ هذا أولاً
وثانیاً: إنّ تجلی الشخصیّه قلّما یحدث فی الأشخاص الأصحّاء، بل هو یحدث فی الأغلب عند المتعبین القلقین، والسکارى، والمصابین بالهزیمه والنکسه، لأن نافذه (اللاوعی) عند غیرهم من الأصحاء تنسد بسبب اشتغالهم الشدید بقضایا الحیاه الیومیه وهمومها، ولا یبقى للشخصیه الباطنیه مجال للنشاط والفعالیه، کما هو العکس عند المتعبین والسکارى والمرضى الذین یقل اهتمامهم بالحیاه الیومیه فیترک (الوعیُ) مکانه للاوعی، وتترک الشخصیه الظاهریه المعطّله مکانها للشخصیه الباطنیه.
ولذلک نجد بین آلاف العلماء والمفکرین مفکراً أو عالماً واحداً اتفق له فی بدایه عمره أن اهتدى بصوره لا شعوریه إلى فکره خاصه أو نظریه معینه من دون سابق تفکیر أو استدلال قائم على الشعور.
وخلاصه القول أن تجلّی الشخصیه الباطنیه فی الحیاه الإنسانیه قضیه نادره جداً، وهی لا تحدث إلا فی ظروف خاصه مثل : المنامات والأحلام وغیرها من التحولات الحیاتیه التی تقلل من توجّه الإنسان إلى العالم الخارجیّ وتصرفُ التفاته وتوجُّهه إلى الشخصیه الباطنیه.
ولکن هذه الحاله وهذه الشرائط (أی الغفله عن هموم الحیاه الیومیه الخارجیه) لم تحصل للأنبیاء قط. فالنبی الأکرم محمّد (صلّى اللّه علیه وآله) کان طوال (۲۳ سنه) وهی أعوام الرساله، مشتغلاً کل الاشتغال بقضایا الحیاه الیومیه، فالنشاطات السیاسیه والتبلیغیه وقضایا الدعوه والقیاده کانت تهیمن على کل توجهه واهتمامه وتملأ عقله وروحه ونفسه.
فالکثیر من آیات الجهاد ترتبط بساحات القتال والجهاد، وهذا یعنی انه کان مشدوداً بروحه وعقله کله إلى تلک الأمور.
وثالثا: إن هذه النظریه یمکن أن تصدق على نبوه الأنبیاء، لو کان هؤلاء الأنبیاء أفراداً متعبین، منهزمین، منتکسین، مرضى، معتزلین عن الحیاه لیقال حینئذٍ ان هذه الحالات والظروف مهّدت لانقطاعهم (علیهم السّلام) عن هموم الحیاه، وقضایاها، وبالتالی مهّدت لفعالیه الشخصیه الباطنیه وعملها.
ولکن تاریخ الأنبیاء یشهد بوضوح لا إبهام فیه، بأنهم کانوا – طیله حیاتهم الرسالیه – رجالاً مجاهدین، لا یهمهم إلا إصلاح المجتمعات وقیاده الجماعات وحل المشکلات الاجتماعیه، ورفع مستویات الناس معنویاً وفکریاً، وکانوا یعملون لتحقیق هذه الأهداف لیل نهار، بلا سأم ولا ملل، ولا تعب ولا نصب.
فکیف یمکن القول والحال هذه بان الشخصیه الباطنیه تجلّت لدیهم وأوحت إلیهم بحقائق وقیم وأفکار؟
إن تفسیر (الوحی الإلهی) الذی یُلقى إلى الأنبیاء ویکشف لهم عن أدق الحقائق وارفعها، وأعظم المناهج وأکملها، بتجلّی الشخصیه الباطنیه، ناشئ من اعتقاد هذا الفریق من العلماء بأصاله الماده، أو بعباره أخرى: حصر الوجود فی الماده، ومن هنا حاولوا إلباس کل شیء حتى الأمور المعنویه والغیبیه : اللباس المادیّ، وأغلقوا على أنفسهم باب عوالم الغیب، وعمدوا إلى التفتیش عن عله مادیه حتى لظاهره (الوحی) التی لا تُقاس بمقاییس العالم المادّی.
هذا مضافاً إلى أن تفسیر (الوحی الإلهی) عن طریق نظریه تجلّی الشخصیه الباطنیه، وخاصه فی شأن رسول الإسلام محمّد (صلّى اللّه علیه وآله) یواجه إشکالات ومؤاخذات أُخرى تجعل هذه النظریه فی عداد الأساطیر!!
وإنّ ابرز هذه الإشکالات الوارده على هذه النظریه فی مجال رسول الإسلام (صلّى اللّه علیه وآله) هی: أنّ هذه النظریه لیست رأیاً جدیداً وتهمه جدیده توجه إلى نبوه رسول الإسلام.
فان نظریه (الشخصیه الباطنیه، والوحی النفسی الذاتی) هی نظریه متبلوره ومتقدمه لتهمه (الجنون والصرع) التی کان یرمی بها العربُ الجاهلیّون رسول اللّه (صلّى اللّه علیه وآله)!!
فقد کان المشرکون فی بدء الدعوه یقولون: إن ما یقوله (محمّد) وما یتکلم به لیس إلا أفکاره القلقه المضطربه الناشئه عن خیاله، وانّ القرآن هی تلک الأفکار المضطربه التی تسربت إلى فضاء عقله من دون إراده منه ولا اختیار!!
لنستمع إلى القرآن الکریم وهو ینقل عنهم هذا الاتهام:
(بل قالُوا أضغاثُ أحلام) (سوره الأنبیاء: الآیه ۵).
ولکن القرآن الکریم یردّ على هذه المزعمه الواهیه بقوله:
(والنّجم إذا هوى. ما ضلّ صاحِبُکُم وما غوى. وما ینطِقُ عن الهوى. إن هو إلا وحیٌ یُوحى. علّمهُ شدیدُ القُوى) (سوره النجم: الآیات ۱ – ۵).
إن القرآن الکریم یشجب فی هذه الآیات المنتظمه انتظاماً رائعاً وبدیعاً هذه المزعمه (أی مقوله أن القرآن ولیدُ الخیال لدى محمّد)، ویردُّ الأمر إلى الوحی الإلهی، والتوجیه الربانیّ العُلویّ.
إن نظریه الوحی النفسیّ وتجلّی الشخصیه الباطنیه التی طلع بها المادیون فی عصرنا ما هی فی الحقیقه إلا غطاء لمزعمه المشرکین وتهمه الجنون، والخیال التی سبق أن رمى بها أعداء الرساله الإسلامیه ومعارضوها النبی (صلّى اللّه علیه وآله) تلک التهمه التی یذکرها القرآن الکریمُ بقوله:
(وقالُوا یا أیُّها الّذی نُزِّل علیه الذِّکرُ إنّک لمجنُونٌ) (سوره الحجر: الآیه ۶، وأیضاً راجع الآیات التالیه: سبأ: ۸، الصافّات: ۳۶، الدخان: ۱۴، الطور: ۲۹، القلم: ۲، التکویر: ۲۲).
وهی تهمه کان یوجهها المعارضون دائماً إلى المصلحین وأصحاب الرسالات(إذ یقول القرآن فی هذا الصدد: (کذلِک ما أتى الّذین مِن قبلِهم مِن رسُولٍ إلا قالُوا ساحِرٌ أو مجنُونٌ. أتواصوا بهِ بل هُم قومٌ طاغُون) (الذاریات: ۵۲ و۵۳).
وقد اتخذت هذه التهمه صبغه علمیه جدیده، وتبلورت فی نظریه: (الوحی النفسیّ، وتجلّی الشخصیّه الباطنیه). إن القرآن الکریم یرد على هذه المزاعم والتصورات الباطله حول عملیّه الوحی ومسأله النبوّه ویرد على نسبه الکهانه وما شابه ذلک کالخبر المنقول عن أهل السیر بمحاوله إلقاء النبی نفسه من شاهق فی بدایه الوحی الذی یشبه نسبه الجنون إلیه (صلّى اللّه علیه وآله)، إذ یقول تعالى:
(إنّه لقولُ رسُول کریم. ذی قوّه عند ذی العرش مکین. مُطاع ثمّ أمین. وما صاحِبُکُم بِمجنُون. ولقد رآهُ بالأُفق المُبین. وما هو بِقول شیطان رجیم. فأین تذهبُون إن هو إلا ذکرٌ للعالمین. لِمن شاء مِنکُم أن یستقیم) (سوره التکویر: الآیات ۲۰ – ۲۸).
بهذا البیان تبیّن بطلان هذا التفسیر وجمیع التفاسیر الأُخرى التی تحاول إعطاء (الوحی) طابعاً مادیاً مألوفاً، شأنه شأن غیره من الظواهر الغیبیّه، ونحن استکمالاً لهذا البحث نشیر إلى ما هو الحقُ فی هذا المجال، ممّا یؤیّد الواقع
والعقل والدین.
ظاهرهُ الوحی فی منظار العقل والدین:
لا شک أن حیاه کل فرد من أفراد الإنسان تبدأ من (الجهل) ثم یأخذ الإنسان بالدخول فی مجال العلم شیئاً فشیئاً، إلى أن تنفتح علیه بالتدریج نوافذُ على الواقع الخارج عن ذهنه.
فیبدأ الإنسانُ بالتعرف على الحقائق عن طریق الحواسّ الظاهریه، ثم على أثر التکامل فی جهازه العقلیّ والفکری یهتدی الى الحقائق الخارجه عن مجال الحس واللمس، فیغدو عقلانیاً استدلالیّاً، ویقف على طائفه من الحقائق الکلیّه والقوانین العلمیه.
وربما یظهر بین أفراد النوع الإنسانی أصحابُ نفوس عالیه یقفون عن طریق الإلهام ومن خلال بصیره خاصه على حقائق وأُمور لا یُهتدى إلیها حتى عن طریق الاستدلال والبرهنه!
ومن هنا قسّم العلماء إدراک البشر إلى ثلاثه أنواع: (إدراک العامّه) (إدراک المفکرین وأرباب الاستدلال) (إدراک العرفاء وأصحاب البصائر والنفوس الکبرى).
وکأنَّ أصحاب الظاهر یستعینون على اکتشاف الحقیقه بالحس، والمفکرین یستعینون بالاستدلال والبرهنه، وأصحاب البصائر والمعرفه بالإلهام والإشراق وبالفیض علیهم من العالم الأعلى.
إن النوابغ فی مجال الأخلاق، وان عقول العلماء الخلاقه، وأفکار الفلاسفه العظیمه کلها تؤیّد وتشهد بأن ما یحصلون علیه، وما یطلعون به على المجتمع البشری ممّا لم یعرفوه من قبل ما هی إلا شرارات مضیئه وملهمه تخطر لهم، ثم یعمدون إلى تنمیتها وبلورتها بالتجربه، أو بالاستدلال والبرهنه والتأمل.
قنواتُ المعرفه الثلاث:
من هذا الکلام نستنتج أن أمام بنی البشر ثلاث طرق للوصول إلى مقاصده، فالطریق الأول یستفید منه جماهیر الناس غالباً، بینما یستفید طائفه خاصه منهم من الطریق الثانی، ولا یستفید من الطریق الثالث إلا أفراد معدودون قلهٌ تکاملت عقولُهم، وتسامت أرواحهم. وهی کالتالی:
۱ – الطریق التجریبی والحِسی، والمقصود منه ذلک القسم من الإدراکات والمعلومات الوارده إلى محیط الذهن البشریّ عن طریق الحواس الظاهریه کالمرئیات، والمشمومات والمطعومات وغیرها ممّا یستقرُّ فی محیط إدراکنا بواسطه الأجهزه المختصه بها.
وقد استطاع البشر الیوم، وبفضل اختراع التلسکوبات والمیکروسکوبات وأجهزه التلفاز والرادیو إن یقدّم خدمه کبرى للبشریه فی مجال الإدراکات الحسیه ویمهِّد لمزیدٍ من سیطرتها على البعید والقریب.
۲ – الطریق التعقُّلی الإستدلالی: فان المفکرین یتوصّلون إلى کشف طائفه من القوانین الکلیّه الخارجه عن الحس عن طریق عملیه التفکیر والتأمل وتشغیل جهاز العقل، وإقامه سلسله من المقدمات البدیهیه الواضحه، وبذلک یمکن الوصول إلى قمم المعرفه والکمال العلمی.
إنّ انکشاف القوانین العلمیّه الکلیّه، والمسائل الفلسفیه، والمعارف المرتبطه بصفات اللّه وأفعاله سبحانه والقضایا المطروحه فی علم العقیده والأدیان ناشئ برمّته من جهاز العقل، وحرکته، وناتج من عملیه التفکیر، والاستدلال المذکوره.
۳ – طریق الإلهام: وهذا هو الطریق الثالث لمعرفه الحقائق، وهو فوق نطاق الحس والتعقل.
إنه نوعٌ جدیدٌ من المعرفه ونمط متمیّز من إدراک الحقائق، لیس محالاً من وجهه نظر العلم وان کان یصعُب على أصحاب الاتجاه المادّی القبول به لکونه طریقاً غیر حسی ولا تعقّلی.
وأما من جهه الأُصول العِلمیه فلا مجال لإنکاره، ولا مبرّر لعدّه من المحالات.
إن طریق التعرُّف على حقائق الکون الخارج عن الذهن – فی منهج المادیّین، وأصحاب النزعه المادیه – ینحصر فی قناتین لا أکثر، وهما اللّذان سبق ذکرُهما، فی حین أنّ هناک – حسب نظره الأدیان والشرائع الکبرى وحسب نظره الفلاسفه والعرفاء الإلهیین – قناه ثالثه أیضاً.
بل إنّ هذا الطریق الثالث – کما أسلفنا فی مسأله الوحی – أکثر واقعیه، وأقوى أسُساً، وأوسع آفاقاً عند من یدّعون الرساله، والنبوه من جانب اللّه سبحانه، وإن نفوس أُولئک الأشخاص لتبدو أکثر صفاء وطراوهً بفضل هذا الطریق، وفی ضوء هذه القناه.
وکلّما حصل ارتباطٌ بین اللّه، وبین فرد من أفراد النوع الإنسانی على نحو خاص أُلقیت الحقائق فی وجوده من دون توسط الحواس الظاهریه، وإعمال الفکر، واستخدام جهاز العقل.
وهذا النوع من الإلقاء یسمى حیناً بالإلهام، وبالإشراق حیناً آخر.
ولکن کلما نتج من ارتباط الإنسان بما وراء الطبیعه سلسله من التعالیم العامّه والأنظمه والبرامج الشامله اُطلِق على هذا النوع من الإلقاء عنوان (الوحی)، وسمِّی الآتی بها (ملک الوحی) والآخذ لها (نبیّاً).
هذا وقد یوجب الإلهام الثقه والاطمئنان للملهم إلیه، ولکنّهُ لا یمکن أن یکون مبعث الاطمئنان والثقه عند الآخرین.
من هنا اعتبر العلماء (الوحی) الطریق المطمئنه الوحیده إلى المعرفه العامه… الوحی الذی ینزل على الأنبیاء الذین ثبتت نبوّتهم بالدلائل القاطعه، من المعجزه وغیرها.
أنواع الوحی وأصنافه:
إن فی مقدور الروح الإنسانیه بسبب ما تملک من کمالات أن تتصل بالعوالم الروحانیه من الطرق المختلفه، ونحن هنا نشیر إلى هذه الطرق التی جاء ذکرها فی أحادیث قاده الإسلام وأئمته، باختصار:
۱ – تاره یتلقى الحقائق السماویه العلیا على نحو الإلهام، فیتخذ ما یتم إلقاؤه فی النفس عبر هذا الطریق حکم (العلوم البدیهیه) التی لا یتطرق إلیها أیُ ریب وشک.
۲ – وقد یسمع عبارات وکلمات من جسم معین (کالجبل والشجره) کسماع موسى علیه السّلام کلام اللّه من الشجره.
۳ – وربما تنکشف الحقائق له فی عالم الرؤیا انکشاف النهار.
۴ – وقد ینزلُ علیه ملکٌ من جانب اللّه بکلام خاص.
وقد نزل القرآن الکریم على النبی الأکرم (صلّى اللّه علیه وآله) من هذا الطریق، وقد صرح القرآن الکریم نفسه بهذا عند قوله تعالى: (نزل بهِ الرُّوحُ الأمین على قلبک لِتکُون مِن المُنذرین. بِلسان عربیٍّ مُبِینٍ) (سوره الشعراء: ۱۹۳ – ۱۹۵، وقد أُشیر فی سوره الشورى الآیه ۵۱ إلى هذه الطرق الأربع جمیعها).
أساطیرُ مختلفه:
لقد کتب المؤرخون والکتاب عن حیاه کثیر من الشخصیات العالمیه، وضبطوا کل ما جل أو دقَّ فی هذا المجال، وربما تحمّلوا عناء الرحلات الطویله والأسفار الشاقه لتکمیل دراساتهم، وکتاباتهم.
غیر أن التاریخ لا یعرف شخصیه مثل رسول اللّه صلّى اللّه علیه وآله وسلّم ضبطت تفاصیل سیرته الدقیقه، واهتم أتباعه وأصحابه ومحبّوه بکل شارده ووارده فی حیاته الشریفه.
إن هذا الولع الشدید بتسجیل کل شیء – مهما صغر – من حیاه النبیّ الأعظم (صلّى اللّه علیه وآله) وسیرته العطره کما ساعد على ضبط جمیع الجزئیات والتفاصیل فی هذا المجال، تسبب فی بعض الموارد فی إلصاق بعض الزوائد بحیاه النبی الأکرم وشخصیته العظیمه، الطاهره.
ومثل هذا لا یبعد عن المحبّین الجهلاء فکیف بالأعداء الألداء العارفین.
من هنا یتعیّن على کل مؤلفٍ یکتب عن سیره شخصیه من الشخصیات أن لا یغفل عن مبدأ (الحذر والاحتیاط) فی تحلیله لحوادثها، وقضایاها، فلا یغفل عن تقییم کل ما جاء حولها من روایات وقصص فی ضوء الموازین التاریخیّه الدقیقه.
والیک بقیه ما جرى فی واقعه نزول (الوحی) فی حراء:
بقیه حادثه نزول الوحی:
استنارت نفس رسول اللّه (صلّى اللّه علیه وآله)، وروحه الکبرى بنور (الوحی) المبارک، وتعلّم کل ما ألقى علیه ملک الوحی فی ذلک اللقاء العظیم، وأنتقشت تلک الآیات الشریفه فی صدره حرفاً حرفاً، وکلمه کلمه.
وقد خاطبه نفس ذلک الملک بعد تلاوه تلکم الآیات بقوله:
یا محمّد… أنت رسولُ اللّه… وأنا جبرائیل.
وقیل : انه (صلّى اللّه علیه وآله) سمع هذا النداء عند نزوله من غار حراء وقد اضطرب رسولُ اللّه (صلّى اللّه علیه وآله)، لهذین الحدثین، اضطرب لعظمه المسؤولیه الکبرى التی أُلقیت على کاهله.
وکان هذا الاضطراب طبیعیاً بعض الشیء، وهو لا ینافی بالمره یقینه (صلّى اللّه علیه وآله)، وإیمانهُ بصدق ما اُنزل علیه لأن الروح مهما بلغت من العظمه والسمّو والقوه والصلابه، ومهما کانت قوه ارتباطها بعالم الغیب، وبالعوالم الرُّوحانیه العُلیا فإنّها عندما تواجه لأول مرّه ملکاً لم تره من قبل، وذلک فی مثل المکان الذی التقى النبیُ (فوق الجبل) لا بُدّ أن یحصل لها مثل هذا الاضطراب، ولهذا زال ذلک الاضطراب عن رسول اللّه (صلّى اللّه علیه وآله) فی ما بعد.
ثم إن الاضطراب والتعب الشدید قد تسبّبا فی أن یتوجه النبیُ (صلّى اللّه علیه وآله) إلى بیت السیده (خدیجه) (علیها السّلام)، وعندما دخل بیتها ووجدت على ملامحه آثار الاضطراب والتفکیر سألته عما جرى له، فحدّثها بکل ما سمع ورأى وقصّ علیها ما کان من أمر جبرائیل معها، فعظّمت السیده (خدیجهُ) سلام اللّه علیها، أمره، ودعت له، وقالت : أبشر فواللّه لا یخزیک اللّه أبداً.
ثم إن النبیّ (صلّى اللّه علیه وآله) الذی کان یشعر بالجهد والتعب قال لزوجته الوفیّه السیده (خدیجه) : دثّرینی… دثِّرینی.
خدیجه تذهب إلى ورقه بن نوفل:
ورقه بن نوفل کان ممن تنصّر وقرأ الکتب وسمع من أهل التوراه والإنجیل وکان ابن عم خدیجه. فعندما سمعت السیده (خدیجه) زوجه النبی (صلّى اللّه علیه وآله) ما سمعته منه انطلقت إلى (ورقه) لتخبِّره بما سمعته من زوجها الکریم، وشرحت له کل شیء ممّا جرى له مع جبرائیل.
فقال (ورقه) فی جواب ابنه عمه: إن ابن عمّک لصادق… وإن هذا لبدء النبوه، وإنه لیأتیه الناموس الأکبر (أی الرساله والنبوه) (الطبقات الکبرى : ج ۱ ص ۱۹۵).
إن ما ذکرناه إلى هنا هو فی الحقیقه ملخّص الروایات التاریخیه المتواتره التی وصلت إلینا، والتی دُوِّنت فی جمیع الکتب.
بید أننا نلاحظ بین ثنایا هذه الحادثه أُموراً لا تتفق مع ما نعرفه من أنبیاء اللّه ورُسله العظام، کما أنها لا تتفق مع ما قرأناهُ إلى الآن عن حیاه هذا النبی العظیم (صلّى اللّه علیه وآله).
وما سنذکره الآن من هذه الزوائد إمّا یجب اعتباره من قبیل الأساطیر التاریخیه، أو أنّ علینا تأویله بنوع من التأویل.
وإنا لنعجب قبل کل شیء من المفکّر المصریّ الدکتور (هیکل) کیف سمح لنفسه وهو الذی تحدث فی مقدمه کتابه عن مشکله تسرب الأساطیر إلى التاریخ النبویّ، وقال: بأنّ هناک من دسّ فی السیره النبویه، عن عداوه أو جهل، بعض الأکاذیب.
ولکنه مع ذلک ینقل هنا أُموراً لا أساس لها من الصحّه أبداً، فی حین أعطى فریقٌ من علماء الشیعه – کالمرحوم الطبرسی – ملاحظات مفیده فی هذا الصعید.
وإلیک فی ما یلی بعض هذه الأساطیر والقضایا المختلفه (على أنها لم تکن جدیره بالإشاره أبداً لولا أن بعض المحبّین الجهلاء، والأعداء الأذکیاء ذکروها فی کتبهم، وکرروها فی دراساتهم).
۱ – قالوا: إنّ النبیّ (صلّى اللّه علیه وآله) عندما دخل منزل خدیجه، کان یفکّر فی نفسه: لعلّ بصره خدعه، أو انه کاهن، أو فیه جنون!!
ولکن لمّا قالت له خدیجه: (إن اللّه لا یفعل بک ذلک یا ابن عبد اللّه، إنک تصدق الحدیث، وتؤدّی الأمانه، وتصلُ الرحم) اطمأنّ، وزال عنه الشکُ والتردّد، وألقى على (خدیجه) نظر شکر وموده، ثم طلب أن یُزمّل، فزمل فنام !!(الطبقات الکبرى: ج ۱ ص ۱۹۵، حیاه محمّد: ص ۱۳۴).
۲ – یقول الطبری وغیره من مؤرخی السیره: إن النبیّ (صلّى اللّه علیه وآله) لما سمع نداء یقول: (یا محمّد أنت رسول اللّه) أصابَهُ خوفٌ شدیدٌ حتى أنه همّ بأن یطرح نفسهُ من أعلى الجبل، فتبدى له (ملک الوحی) ومنعه عن ذلک !!
۳ – ثم إنّ النبیّ (صلّى اللّه علیه وآله) ذهب لیطوف بالکعبه بعد ذلک الیوم، فرأى (ورقه بن نوفل) وشرح لورقه ما جرى له مع جبرائیل، فقال له ورقه:
(والذی نفسی بیده، إنّک لنبیّ هذه الأُمه، وقد جاءک الناموسُ الأکبرُ الذی جاء موسى ولتُکذبنّه، ولتوذینّه ولتخرجنّه ولتقاتلنه) فأحس (محمّد) بأن ورقه یصدّقه، فاطمأن(السیره النبویه: ج ۱ ص ۲۳۸).
بُطلانُ هذه المزاعم :
إن الذی نتصوره هو أن جمیع هذه القصص مختلقه من الأساس، وقد دُسّت فی التاریخ والتفسیر عن قصدٍ وهدف، أو دخلت فیهما عن غیر ذلک.
وذلک:
أولاً: لأننا لتقییم هذه المزاعم یجب أن نلقی نظره فاحصه إلى تاریخ الأنبیاء الماضین وسیرهم.
إن القرآن الکریم قصّ علینا قضایاهم، وسیرهم، وقد وردت فی هذا المجال روایات وأخبار کثیره.
وإننا لا نجد أی أثر لمثل هذه القصص المشینه فی حیاه أی واحدٍ منهم.
إن القرآن الکریم یقص علینا قصه بدء نزول (الوحی) على (موسى) بشکل کاملٍ ویبیّن جمیع التفاصیل فی قصته (علیه السّلام) ولا یذکر أی شیء من الخوف، والارتعاش، والوحشه والفزع، بحیث یحدّث نفسه بالانتحار على أثر سماع الوحی!! مع أن أرضیه الخوف والفزع فی مجال (موسى) کانت متوفره أکثر، لأنه سمع فی لیله ظلماء وهو فی صحراء خالیه نداء من الشجره یخبره بأنه نبیٌ مرسلٌ.
ولکن موسى – کما یصرّح القرآن الکریم، بهذه الحقیقه – حافظ على هدوئه، وسکونه، وعندما خاطبهُ اللّه تعالى بقوله : (أن ألقِ عصاک) ألقاها من فوره، وکان خوفه من ناحیه العصا التی تبدّلت إلى ثعبان مخیف، لا من جهه الإیحاء إلیه.
فهل یمکن، أو یجوز لنا أن نقول : کان (موسى) لحظه الوحی إلیه مطمئناً هادئاً ساکناً، ولکن أفضل الأنبیاء والمرسلین اضطرب عند سماع کلام الملک، وفزع إلى درجه فکّر فی طرح نفسه من أعلى الجبل ؟! هل هذا کلام معقول؟!
لا ریب أن روح محمّد صلّى اللّه علیه وآله ما لم تکن مهیّأه من جمیع الجهات وبصوره کامله لتلقّی السرّ الإلهیّ (النبوه) لا یمکن أن یمن علیه الربُ الحکیمُ بمنصب النبوّه، ویختاره لمقام الرساله، لأن الهدف الجوهریّ من ابتعاث الرُسل، وإرسال الأنبیاء هو هدایه الناس وإرشادهم.
ومن کان کذلک من حیث ضعف الروح ووهن النفس بهذه المرتبه بحیث یحدّث نفسه بالانتحار خوفاً(کما نقل هیکل فی کتابه: (حیاه محمّد)) وفزعاً کیف یمکن أن ینفذ إلى نفوس الناس ویؤثر فیهم ؟!
ثانیاً: کیف یمکن أن یطمئن موسى بمجرد سماعه للنداء الإلهیّ إلى أنه صادرٌ من جانب اللّه، فطلب من ربّه من فوره أن یجعل أخاه هارون وزیراً له لأنه أفصحُ منه قولاً(سوره طه: الآیه ۲۹) بینما لا یطمئن سید المرسلین وخاتمهم ؟
ثالثاً: لقد کان (ورقه) مسیحیّاً حتماً، ولکنه عندما أراد أن یزیل عن (محمّد) الشک والاضطراب ذکر نبوّه (موسى) (علیه السّلام) وقال: قد جاءک الناموس الذی جاء موسى(السیره النبویه: ج ۱ ص ۲۳۸).
ألا یدلُّ هذا على أنّ ثمّه یداً إسرائیلیّه وراء هذه الحبکه هی التی صاغت هذه القصه واختلقتها فی غفلهٍ عما کان یدین به (ورقه) بطلُ القصه ؟!
کل هذا بغضّ النظر عن أن مثل هذه الأُمور تتنافى والعظمه التی نعهدها من النبیّ (صلّى اللّه علیه وآله)، ولا تنسجم معها أبداً، ویبدو أن کاتب (حیاه محمّد) أدرک إلى درجه ما خرافیه هذه القصه ولذلک نجده ینقل بعض مواضیعها بعد جمله: (کما یقولون).
وقد حارب أئمهُ الشیعه هذه الأساطیر بکل قوه، وأبطلوها برمتها.
فعندما یسأل زراره الإمام الصادق (علیه السّلام) مثلاً: کیف لم یخف رسول اللّه (صلّى اللّه علیه وآله) فیما یأتیه من قِبل اللّه أن یکون ممّا ینزغ به الشیطان ؟
قال الإمام (علیه السّلام): (إنّ اللّه إذا اتخذ عبداً ورسولاً، أنزل علیه السکینه والوقار فکان یأتیه من قِبل اللّه عزّ وجلّ مثل الذی یراه بعینه) (بحار الأنوار: ج ۱۸ ص ۲۶۲، وفی الکافی: ج ۱ ص ۲۷۱ نظیره).
ویقول العلامه الشیعی الکبیر المرحوم الطبرسی فی تفسیره، فی هذا الصدد:
(إن اللّه لا یوحی إلى رسوله إلا بالبراهین النیّره والآیات البینه الدالّه على أن ما یوحى إلیه إنما هو من اللّه تعالى، فلا یحتاج إلى شیء سواها ولا یفزعُ، ولا یفرُق) (مجمع البیان: ج ۱۰ ص ۳۸۴).
متى نزل الوحی أولاً ؟
لقد تعرّض یومُ مبعث رسول الإسلام (صلّى اللّه علیه وآله) للاختلاف من حیث التعیین والتحدید فهو مثل یوم ولادته ویوم وفاته (صلّى اللّه علیه وآله) غیر مقطوع به، من وجهه نظر المؤرخین وکُتّاب السیره النبویّه.
فلقد اتفق علماء الشیعه على القول بان رسول اللّه (صلّى اللّه علیه وآله) بُعِث بالرساله فی السابع والعشرین من شهر رجب، وأن نزول الوحی علیه قد بدأ من ذلک الیوم نفسِه.
بینما اشتهر عند علماء السُنّه أن رسول الإسلام قد أُوتی هذا المقام العظیم فی شهر رمضان المبارک.
ففی ذلک الشهر الفضیل کُلِّف (محمّد) (صلّى اللّه علیه وآله) من جانب اللّه تعالى بهدایه الناس، وبُعث بالرساله.
ولما کانت الشیعه تشایع عتره النبیّ (صلّى اللّه علیه وآله) وأهل بیته الصادقین، وتعتقد بصحه ما یرونه ویقولون به إتباعاً لقول رسول اللّه (صلّى اللّه علیه وآله) فیهم، فی حدیث الثقلین: (إنهما لن یفترق) فإنهم اتبعوا – فی تحدید یوم المبعث النبوی الشریف – القول المأثور – بنقل صحیح – عن عتره النبی المطهرین فی هذا المجال.
فقد روی عن أبناء الرسول وعترته الطاهره أن عظیم هذا البیت وسیّدَه (أی النبیّ) قد بُعِث فی السابع والعشرین من شهر رجب، وهم فی ذلک حجه.
ولهذا لا یمکن الشک والتردد فی صحه هذا القول وثبوته(راجع بحار الأنوار: ج ۱۸ ص ۱۸۹).
نعم غایه ما یمکن الاستدلال به على القول الآخر هو تصریح القرآن الکریم نفسِه بأنّ آیات القرآن نزلت فی شهر رمضان، وحیث أن یوم بعثه النبیّ (صلّى اللّه علیه وآله) کان هو بنفسه یوم بدء نزول الوحی، والقرآن علیه، لهذا یجب القول بان یوم البعثه الشریفه إنما کان فی نفس الشهر الذی نزل فیه القرآن الکریم: أی شهر رمضان المبارک.
والیک فیما یأتی الآیات التی تدل على أن القرآن الکریم نزل فی شهر رمضان:
۱ – (شهرُ رمضان الّذی اُنزِل فیه القرآنُ) (سوره البقره: الآیه ۱۸۵).
۲ – (حم. والکِتاب المُبین. إنّا أنزلناهُ فی لیلهِ مُبارکه) (سوره الدخان: الآیات ۱ – ۳) وتلک اللیله هی لیله القدر التی قال عنها سبحانه: (إنّا أنزلناهُ فی لیلهِ القدر. لیلهُ القدر خیرٌ مِن ألفِ شهر) (سوره القدر: الآیات ۱ و۳).
ما أجاب به علماء الشیعه:
ولقد أجاب مُحدِّثو الشیعه ومفسروهم عن هذا الاستدلال بطرق مختلفه نذکر طائفه منها هنا:
الجوابُ الأوّل:
إن الآیات المذکوره إنّما تدلُّ على أن القرآن نزل فی شهر رمضان وبالذات فی لیله مبارکه منه هی (لیله القدر)، ولکنها لا تتعرض لذکر محلّ نزول هذه الآیات، وأنها أین نزلت ؟ وهی بالتالی لا تدل أبداً ومطلقاً على أنها نزلت فی تلک اللیله على قلب رسول اللّه ؟
فیحتمل أن یکون للقرآن نزولات متعدده إحداها نزول القرآن على رسول اللّه تدریجاً. والآخر نزوله الدفعی من اللوح المحفوظ إلى البیت المعمور.
وعلى هذا فما المانع من ان تکون بعض آیات القرآن (من سوره العلق) قد نزلت على النبیّ (صلّى اللّه علیه وآله) فی السابع والعشرین من شهر رجب. ثم نزل القرآن بصورته الجمعیه الکامله فی شهر رمضان من مکان معین أسماه القرآن باللوح المحفوظ، إلى موضع آخر عُبر عنه فی بعض الروایات بالبیت المعمور.
ویؤیّدُ هذا الرأی قولُ اللّه تعالى فی سوره الدخان : (إنّا أنزلناهُ فی لیلهٍ مبارکهِ) فانّ هذه الآیه – بحکم رجوع الضمیر فیها الى الکتاب – تصرح بأن الکتاب العزیز بأجمعه نزل فی لیلهٍ مبارکهٍ (فی شهر رمضان)، ولا بدَّ أن یکون هذا النزول غیر ذلک النزول الذی تحقق فی یوم المبعث الشریف، لأن فی یوم المبعث لم تنزل سوى آیات معدوده لا أکثر.
وخلاصه الکلام هی أن الآیات التی تصرح بنزول القرآن فی شهر رمضان فی لیله مبارکه (لیله القدر) لا یمکن أن تدل على أن یوم المبعث الذی نزلت فیه بضعُ آیات أیضاً کان فی ذلک الشهر نفسه، لأنّ الآیات المذکوره تدل على أن مجموع القرآن لا بعضه قد نزل فی ذلک الشهر، فی حین لم تنزل فی یوم المبعث سوى آیات معدوده کما نعلم.
وفی هذه الصوره یحتمل أن یکون المراد من النزول الجمعیّ للقرآن هو نزول مجموع الکتاب العزیز فی ذلک الشهر من (اللوح المحفوظ) إلى (البیت المعمور).
وقد روى علماء الشیعه والسنه روایات وأخباراً بهذا المضمون، وبخاصه الأستاذ الأزهری محمّد عبد العظیم الزرقانی الذی أورد روایات عدیده فی هذا الصدد فی کتابه(مناهل العرفان فی علوم القرآن : ج ۱ ص ۳۷).
الجواب الثانی:
وهو أمتن الأجوبه والردود على هذا القول.
فقد بذل الأستاذُ الطباطبائی جهداً کبیراً لتوضیحه وبیانه فی کتابه القیم، والیک خلاصته:
یقول العلامه الطباطبائی: إنّ قول اللّه تعالى إنا أنزلناه فی شهر رمضان، المقصود منه هو نزول حقیقه القرآن على قلب النبیّ صلّى اللّه علیه وآله، لأن للقرآن مضافاً الى وجوده التدریجی، واقعیه اطلع اللّه تعالى نبیه العظیم علیها فی لیله معینهٍ من لیالی شهر رمضان المبارک (المیزان: ج ۲ ص ۱۴ – ۱۶).
وحیث أنّ النبیّ الأکرم (صلّى اللّه علیه وآله) کان قد عرف من قبل بجمیع القرآن الکریم لذلک نزلت الآیه تأمره بان لا یعجل بقرائته حتى یصدر الأمر بنزول القرآن تدریجاً إذ یقول تعالى: (ولا تعجل بِالقُرآنِ مِن قبلُ أن یُقضى إلیک وحیُهُ) (سوره طه: الآیه ۱۱۴).
وخلاصه هذا الجواب هی: أنّ للقرآن الکریم وجوداً جمعیاً علمیاً واقعیاً وهو الذی نزل على الرسول الکریم (صلّى اللّه علیه وآله) مره واحده فی شهر رمضان، وآخر وجوداً تدریجیاً کان بدء نزوله على النبیّ (صلّى اللّه علیه وآله) فی یوم المبعث، واستمرّ تنزله إلى آخر حیاته الشریفه على نحو التدریج.
الجواب الثالث: التفکیک بین نزول القرآن والبعثه
إن للوحی – کما أوضحنا ذلک فی مبحث أنواع الوحی إجمالاً – مراتب ومراحل، یتمثل أولُ مراتبه فی الرؤیا الصادقه التی رآها رسولُ اللّه (صلّى اللّه علیه وآله).
والمرتبه الأُخرى تمثلت فی سماعه للنداء الغیبیّ الإلهی من دون وساطه ملک.
وآخر تلک المراتب هو أن یسمع النبیُ کلام اللّه من ملک یبصره ویراه، ویتعرف عن طریقه على حقائق العوالم الأُخرى.
وحیث أن النفس الإنسانیه لا تستطیع فی الوهله الأولى تحمُّل مراتب (الوحی) جمیعها دفعه واحده بل لا بدّ أن یتحملها تدریجاً، لهذا یجب القول بأنّ النبیّ (صلّى اللّه علیه وآله) قد سمع یوم المبعث (الیوم السابع والعشرون من شهر رجب) النداء السماویّ الذی یخبره بأنه رسول اللّه، فقط ولم تنزل فی مثل هذا الیوم أیّه آیه قط، وقد استمر الأمر على هذا المنوال مده من الزمان. ثم بعد مده بدأ نزول القرآن الکریم على نحو التدریج ابتداء من شهر رمضان.
وخلاصه هذا الجواب هی أن ابتعاث الرسول (صلّى اللّه علیه وآله) بالرساله فی شهر رجب لا یلازم نزول القرآن فی ذلک الشهر حتماً.
وعلى هذا الأساس ما المانع من ان یُبعث رسول اللّه (صلّى اللّه علیه وآله) فی شهر رجب، وینزل القرآنُ الکریم فی شهر رمضان من نفس ذلک العام ؟
إن هذه الإجابه وإن کانت لا توافق کثیراً من النصوص التاریخیه (لأن کثیراً من المؤرخین صرّحوا بأنّ الآیات الخمس من سوره العلق نزلت فی یوم المبعث نفسه) إلا أن هناک – مع ذلک – روایات ذکرت قصه البعثه بسماع النبی (صلّى اللّه علیه وآله) للنداء الغیبیّ، ولم تذکر شیئاً عن نزول قرآن أو آیات، بل هی تشرح الواقعه على النحو التالی إذ تقول:
فی ذلک الیوم سمع رسول اللّه (صلّى اللّه علیه وآله) ملکاً یقول له: یا محمّد إنّک لرسول اللّه، وجاء فی بعض الأخبار أنه سمع هذا النداء، فقط، ولم تذکر شیئاً عن مشاهده الملک.
وللمزید من التوضیح، والتوسع یُراجع (البحار) فی هذا المجال(بحار الأنوار : ج ۱۸ ص ۱۸۴ و۱۹۰ و۱۹۳ و۲۵۳، الکافی : ج ۲ ص ۴۶۰، تفسیر العیّاشی: ج ۱ ص ۸۰٫
على أن هذه الإجابه تختلف عن الإجابه الرابعه التی تقول بأن مبعث النبیّ (صلّى اللّه علیه وآله) کان فی شهر رجب، وکان نزولُ القرآن الکریم بعد انقضاء الدعوه السرّیه التی استغرقت ثلاثه أعوام.
الانبیاء والبشاره برسول اللّه:
وینبغی – استکمالاً لهذا الفصل من التاریخ النبوی – أن نلفت نظر القارئ الکریم إلى أن الرساله المحمَّدیه المبارکه، ممّا بشر به جمیع الأنبیاء المتقدمین زمنیاً على خاتم الأنبیاء والمرسلین محمّد (صلّى اللّه علیه وآله).
ولقد أشار القرآن الکریم إلى ذلک إذ قال اللّه تعالى:
(وإذ أخذ اللّه میثاق النّبِیّین لما آتیتُکُم مِن کِتاب وحِکمهٍ ثُمّ جاءکُم رسُولٌ مُصدِّقٌ لِما معکُم لتُؤمِنُنّ به ولتنصُرنّهُ قال ء أقررتُم وأخذتُم على ذلِکُم إصری قالُوا أقررنا قال فاشهدُوا وأنا معکُم مِن الشّاهِدین) (سوره آل عمران: الآیه ۸۱).
وهذه الآیه وإن کانت تکشف عن أصل عامٍ وکلّی وهو: وجوب تصدیق إتباع النبیّ السابق للنبی اللاحق، إلا أن المصداق الأتمّ لها هو رسول الإسلام الکریم.
فیظهر من هذه الآیه أن اللّه تعالى أخذ المیثاق المؤکد من جمیع الأنبیاء أو من أصحاب الشرائع منهم أن یؤمنوا برساله محمّد (صلّى اللّه علیه وآله)، ویدعوا أتباعهم إلى تصدیقه وإتباعه ونصرته.
روى الفخر الرازی عن أمیر المؤمنین الإمام علی (علیه السّلام):
(إن اللّه تعالى ما بعث آدم (علیه السّلام) ومَن بعده من الأنبیاء علیهم الصلاه والسّلام إلا أخذ علیهم العهد لئن بُعث محمّد وهو حی لیؤمننّ به ولینصرنه) (مفاتیح الغیب: ج ۲ ص ۵۰۷).
وممّا یؤید هذا إن القرآن دعا أهل الکتاب إلى بیان ما قرأوه ووجدوه فی کتبهم حول رسول الإسلام للناس من دون کتمان والیک فیما یأتی طائفه من الآیات المصرحه بهذا الأمر:
۱ – قال اللّه تعالى:
(وإذ أخذ اللّه میثاق الّذین اُوتوا الکِتاب لَتُبیِّنُنَّهُ للنّاس ولا تکتُمونَهُ فنبذُوهُ وراء ظُهُورهم واشتروا به ثمناً قلِیلاً فبِئس ما یشترُون) (سوره آل عمران: الآیه ۱۸۷).
۲ – قال تعالى:
(إنّ الّذین یکتُمون ما أنزل اللّه مِن الکِتابِ ویشترون بِه ثمناً قلیلاً اُولئک ما یأکُلُون فی بُطُونهم إلا النّار، ولا یُکَلِّمهُمُ اللّه یوم القِیامهِ ولا یُزکّیهم ولهُم عذابٌ ألیمٌ) (سوره البقره: الآیه ۱۷۴).
۳ – وقال تعالى:
(الّذین آتیناهُم الکِتاب یعرفُونهُ کما یعرفُون أبناءهُم وإنّ فریقاً مِنهُم لیکتمون الحقّ وهُم یعلمُون) (سوره البقره: الآیه ۱۴۶).
۴ – وقال سبحانه:
(الّذین یتّبِعُون الرّسُول النَّبی الاُمِیّ الّذی یجدُونه مکتُوباً عِندهُم فی التوراهِ والإنجیل یأمُرُهُم بِالمعرُوف وینهاهُم عنِ المُنکر ویُحِلُّ لهُم الطیِّباتِ ویُحرِّمُ علیهِمُ الخبائث ویضعُ عنهُم إصرهُم والأغلال الّتی کانت علیهِم فالّذین آمنُوا بِه وعزَّرُوهُ ونصرُوهُ واتّبعُوا النُّور الّذی اُنزِل معهُ اُولئک هُمُ المُفلِحُون) (سوره الأعراف: الآیه ۱۵۷).
إن القرآن الکریم یصرح بجلاء إن السید المسیح (علیه السّلام) اخبر عن رسول الإسلام ورسالته إذ یقول تعالى:
(وإذ قال عیسى بن مریمَ یا بنی إسرائیل إنّی رسُولُ اللّه إلیکُم مُصدِّقاً لِما بین یدیّ مِن التوراه ومبشِّراً بِرسُول یأتی مِن بعدی اسمُه أحمدُ فلمّا جاءهُم بِالبیناتِ قالُوا هذا سحرٌ مُبینٌ) (سوره الصف: الآیه ۶).
کما یتحدث القرآنُ الکریمُ عن أهل الکتاب الذین تنکروا لرساله النبی محمّد (صلّى اللّه علیه وآله) عندما بُعث وقد کانوا من قبل یخبرون عنه ویطلبون النصر به على أعدائهم إذ قال سبحانه:
(ولمّا جاءهُم کِتابٌ مِن عِندِ اللّه مُصدِّقٌ لِما معهُم وکانُوا مِن قبلُ یستفتِحون على الّذین کفرُوا فلمّا جاءهُم ما عرفُوا کفرُوا بِه فلعنهُ اللّه على الکافِرین) (سوره البقره: الآیه ۸۹).
بل ویخبرنا القرآنُ الکریم بأنّ إبراهیم علیه السّلام یوم أحلّ زوجته وولده إسماعیل بأرض مکه دعا قائلاً:
(ربّنا وابعث فیهم رسُولاً مِنهم یتلو علیهم آیاتک ویُعلِّمُهُم الکِتاب والحِکمَه ویُزکیهم إنّک أنت العزیزُ الحکیمُ) (سوره البقره: الآیه ۱۲۹).
وقد انطبقت هذه الأوصاف على رسول اللّه (صلّى اللّه علیه وآله) إذ یصفه القرآن الکریم بقوله:
(لقد منّ اللّه على المُؤمنین إذ بعث فیهم رسُولاً مِن أنفُسِهم یتلُو علیهِم آیاتِه ویُزکّیهِم ویُعلمهُم الکَتاب والحِکمه وإن کانُوا مِن قبلُ لفی ضلال مُبینٍ) (سوره آل عمران: الآیه ۱۶۴).
محمّد خاتم الأنبیاء:
واستکمالاً لهذا البحث ینبغی أیضاً أن نشیر إلى أبرز ناحیه فی رساله النبیّ محمّد (صلّى اللّه علیه وآله) ونبوته وهی مسأله الخاتمیه.
فان القرآن الکریم صرح فی آیات عدیده بکون رسول اللّه محمّد (صلّى اللّه علیه وآله) خاتم النبیّین، وشریعته خاتمه الشرائع، فلا نبیّ بعده، ولا رساله بعد رسالته.
وها نحن ندرج ابرز الآیات الوارده فی هذا المجال:
۱ – قال تعالى:
(ما کان مُحمّد أبا أحد مِن رجالِکُم ولکِن رسُول اللّه وخاتم النبیّین وکان اللّه بِکُلِّ شیء علیم) (سوره الأحزاب: الآیه ۴۰).
۲ – قال سبحانه:
(تبارک الّذی نزّل الفُرقان على عبدِه لیکون للعالمین نذیر) (سوره الفرقان: الآیه ۱).
۳ – وقال سبحانه:
(واُوحی إلیّ هذا القرآنُ لاُنذِرکُم بِه ومن بلغ) (سوره الأنعام: الآیه ۱۹).
۴ – وقال تعالى:
(وما أرسلناکَ إلا کافّهً لِلنّاسِ بشیراً ونذیراً ولکِنّ أکثر النّاسِ لا یعلمُون) (سوره سبأ: الآیه ۲۸).
والآیاتُ الثلاث الأخیره تفید بأن رساله النبیّ محمّد (صلّى اللّه علیه وآله) عامه وعالمیه وأبدیه لأنه فی غیر هذه الحاله وفی غیر هذه الصوره لن یکون نبیاً للناس کافه، وللعالمین جمیعاً. ولن یکون نذیراً لقومه ولمن بلغه نداؤه.
هذا وقد صرّح النبیُ (صلّى اللّه علیه وآله) نفسه فی أحادیث کثیره بهذا الموضوع وهو الصادق المصدّق.
فعن أبی هریره قال رسول اللّه (صلّى اللّه علیه وآله):
(أُرسلتُ إلى الناس کافه وبی خُتِم النبیّون) (الطبقات الکبرى : ج ۱ ص ۱۲۸).
أوّلُ من آمنَ بالنبیّ من الرجال والنِّساء:
لقد انتشر الإسلامُ فی العالَم بصوره تدریجیه، ویوصَف الذین بادروا إلى الإیمان بالرساله الإسلامیه والمساعده على نشرها قبل غیرهم ب(السابقین).
وقد کان السبق إلى الإیمان برسول اللّه (صلّى اللّه علیه وآله) فی صدر الإسلام معیاراً للفضل ولهذا یجب أن ندرس هذا الموضوع فی ضوء المصادر الصحیحه، ونتعرف على من سبق إلى الإیمان بالرساله الإسلامیه من الرجال، ومن النساء.
مِن النساء: السیده (خدیجه)
إن من المسلَّم به تاریخیاً أن السیده (خدیجه) کانت أول امرأه آمنت برسول اللّه (صلّى اللّه علیه وآله)، ولم یخالف فی هذا أحدٌ(السیره النبویه : ج ۱ ص ۲۴۰)، ونحن هنا ننقل مستنداً تاریخیاً مهماً واحداً ذکره المؤرخون نقلاً عن إحدى زوجات النبیّ (صلّى اللّه علیه وآله)، مکتفین به رعایهً للاختصار.
تقول عائشه: ما غرتُ على نساء النبیّ (صلّى اللّه علیه وآله) إلا على (خدیجه) وإنّی لم أُدرکها، وقد کان رسولُ اللّه (صلّى اللّه علیه وآله) لا یکاد یخرج من البیت حتى یذکر (خدیجه) فیحسن الثناء علیها، فذکرها یوماً من الأیام فأدرکتنی الغیره، فقلت: هل کانت إلا عجوزاً فقد أبدلک اللّه خیراً منها، فغضب حتى اهتز مقدّم شعره من الغضب ثم قال:
(لا واللّه ما أبدلنی اللّهُ خیراً منها، آمنت بی إذ کفر الناسُ، وصدّقتنی إذ کذّبنی النّاسُ، وواستنی فی مالها إذ حرمنی الناسُ ورزقنی اللّه منها أولاداً إذ حرمنی أولاد الناس) (صحیح مسلم، ج ۷ ص ۱۳۴، صحیح البخاری: ج ۵ ص ۳۹، أسد الغابه لابن الأثیر الجزری: ج ۵ ص ۴۲۸، بحار الأنوار: ج ۱۶ ص ۸).
وممّا یدل أیضاً على سبق خدیجه فی الإیمان برسول اللّه کل نساء العالم جمعاء ما جرى فی قضیه بدء الوحی، ونزول القرآن، لأن النبیّ (صلّى اللّه علیه وآله) عندما انحدر من غار (حراء) واخبر زوجته (خدیجه) بما جرى له واجه – رأساً – إیمان زوجته به وقبولها لکلامه، وتصدیقها برسالته، تصریحاً وتلویحاً.
هذا مضافاً إلى أنها کانت قد سمعت من قبل أخباراً تتعلق بنبوّته ومستقبل رسالته من کهنه العرب وأهل الکتاب، وهذه الأخبار وأمانه فتى قریش وصدقه الذی اشتهر به هی التی دفعت بها إلى أن تتزوج بالفتى الهاشمیّ (محمّد).
أقدمُ الرجال إسلاماً: (علیّ)
إن المشهور المقارب للمتفق علیه بین المؤرخین، سنه وشیعه، هو أن (علی) کان أول من آمن برسول اللّه (صلّى اللّه علیه وآله) من الرجال.
ونرى فی مقابل هذا القول المشهور أقوالاً أُخر نادره قد نقل ناقلوها ما یخالفها أیضاً.
فمثلاً یقال: إنّ زید بن حارثه ربیب رسول اللّه وابنه بالتبنی، أو أبو بکر کان أول من أسلم، ولکن دلائل عدیده (نذکر بعضها هنا على سبیل الاختصار) تشهد على خلاف هذین القولین.
والیک بعض هذه الدلائل:
۱ – علیٌّ تربّى فی حجر النبیّ
لقد تلقى علیٌ علیه السّلام تربیته فی حجر رسول اللّه (صلّى اللّه علیه وآله) ونشأ وترعرع فی بیته منذ طفولته، وکان النبیّ (صلّى اللّه علیه وآله) یجتهد فی تربیته والعنایه به کالوالد الرحیم.
قال عامّه المؤرخین وکُتّاب السیره بالاتفاق: إنّ قریشاً أصابتهم أزمهٌ شدیدهٌ (قبل بعثه النبی) وکان أبو طالب ذا عیال کثیر، فقال رسول اللّه (صلّى اللّه علیه وآله) للعباس عمّه، وکان من أیسر بنی هاشم: یا عباس إن أخاک أبا طالب کثیر العیال، وقد أصاب الناس ما ترى من هذه الأزمه فانطلق بنا إلیه فلنخفّف من عیاله، آخذ من بنیه رجلاً وتأخذ انت رجلاً فنکفهما عنه، فقال العباس: نعم، فانطلقا حتى أتیا أبا طالب فقالا له: إنا نرید أن نخفّف عنک من عیالک حتى ینکشف عن الناس ما هم فیه (إلى إن قال:) فأخذ رسول اللّه (صلّى اللّه علیه وآله) علیّاً فضمّه إلیه، وأخذ العباس جعفراً فضمّه إلیه فلم یزل علیٌ مع رسول اللّه (صلّى اللّه علیه وآله) حتى بعثه اللّه تبارک وتعالى نبیاً فاتبعه علی رضی اللّه عنه وآمن بهِ وصدقه(السیره النبوّیه: ج ۱ ص ۲۴۶، البدایه والنهایه: ج ۲ ص ۲۵).
فی هذه الصوره یجب أن نقول بأنّ علیاً علیه السّلام انتقل إلى بیت النبیّ وهو دون الثامنه، لأنَّ الغرض من أخذ النبی إیّاه من أبیه (أبی طالب) هو التخفیف عن کاهل زعیم مکه (أبی طالب)، ومن الواضح أنَّ صبیّاً فی مثل هذا السنّ (دون الثامنه) مضافاً إلى أنّ فصله عن والدیه أمرٌ فی غایه الصعوبه، لن یکون لأخذهِ وتکفّلِهِ أیُّ أثر هامّ فی وضع أبیه (أبی طالب) المعیشیّ.
وعلى هذا یجب أن نفترض له علیه السّلام عمراً یکون لأخذه فیه من قِبَل النبیّ تأثیراً معتداً به فی وضع أبیه الاقتصادی والمعیشی.
فکیف یمکن القول – والحال هذه – أن أباعد عن البیت النبویّ مثل (زید بن حارثه) وغیره اطّلعوا على أسرار الوحی، بینما جهل ابن عم النبی (صلّى اللّه علیه وآله) واقرب الناس إلیه، والذی کان معه فی أکثر الأوقات بما أتى به (صلّى اللّه علیه وآله) وما نزل علیه.
إنّ غرض النبیّ (صلّى اللّه علیه وآله) من تربیه الإمام علیّ وتکفّله إیاه کان إلى حدّ کبیر هو أداء ما أسدى إلیه أبو طالب من خدمات، ولم یکن ثمه شیء أحبَّ إلى رسول اللّه من أن یهدی أحداً إلى الصراط المستقیم، فکیف یمکن أن یقال – والحال هذه – أن رسول اللّه (صلّى اللّه علیه وآله) حرم ابن عمّه الذی کان یتمتع بذکاء باهر وضمیر یقظ، من هذه النعمه الکبرى.
إن من الأفضل أن نسمعَ هذا الأمر من لسان أمیر المؤمنین (علی) نفسه، فقد بیّن علیه السّلام فی الخطبه القاصعه منزلته من رسول اللّه (صلّى اللّه علیه وآله) وقربه إلیه هکذا:
(ولقد علِمتم موضعی من رسول اللّه بالقرابه القریبه، والمنزله الخصیصه، وضعنی فی حجره وأنا ولیدٌ، یضمُّنی إلى صدره، ویکنُفنی فی فراشه، ویمسُّنی جسده، ویُشمُّنی عرفه (عرقه)… ولقد کنتُ أتّبعه إتباع الفصیل إثر أُمِّه، یرفع لی فی کل یوم من أخلاقه علماً ویأمرُنی بالإقتداء به، ولقد کان یجاورنی فی کل سنه بحراء فأراه ولا یراه غیری، ولم یجمع بیتٌ واحدٌ یومئذ فی الإسلام غیر رسول اللّه، وخدیجه وأنا ثالثهما أرى نور الوحی والرِّساله وأشمُّ ریح النبوه) (نهج البلاغه: ج ۲ ص ۱۸۲).
وجاء فی تاریخ الطبری عن ابن إسحاق قال: کان أول ذکر آمن برسول اللّه (صلّى اللّه علیه وآله) وصلّى معه وصدّق بما جاءه من عند اللّه (علی بن أبی طالب) (علیه السّلام) وهو یومئذ ابن عشر سنین، وکان ممّا انعم اللّه به على علیّ بن أبی طالب (علیه السّلام) انه کان فی حجر رسول اللّه (صلّى اللّه علیه وآله) قبل الإسلام(تاریخ الطبری: ج ۲ ص ۵۷).
۲ – علیٌّ وخدیجه یقیمان الصلاه مع النبیّ:
ینقل ابن الأثیر فی (أُسد الغابه)، وابن حجر فی (الإصابه) عند ترجمه (عفیف الکندی) وکثیر من علماء التاریخ القصه التالیه عنه، بأنه قال:
کنت إمرأً تاجراً فقدمتُ (منى) أیام الحج، وکان العباس بن عبد المطلب امرأً تاجراً فأتیته أبتاع منه وأبیعه، قال : فبینا نحن إذ خرج رجلٌ من خباء یصلّی فقام تجاه الکعبه ثم خرجت امرأه قامت تصلّی، وخرج غلام یصلّی معه، فقلت : یا عباس ما هذا الدین، إنّ هذا الدین ما ندری به ؟ فقال : هذا محمّد بن عبد اللّه یزعم أنّ اللّه أرسله وأن کنوز کسرى وقیصر ستُفتح علیه، وهذه امرأته (خدیجه بنت خویلد) آمنت به وهذا الغلام ابن عمه (علی بن أبی طالب) آمن به قال عفیف : فلیتنی کنت رابعهم(الإصابه: ج ۲ ص ۴۸۰، تاریخ الطبری: ج ۲ ص ۵۷٫ الکامل: ج ۲ ص ۳۷ و۳۸، أعلام الورى: ص ۲۵، أسد الغابه: ج ۳ ص ۴۱۴).
وهذه الواقعه ینقلها ویرویها حتى الذین یقصرون فی روایه فضائل الإمام علیّ وکتابتها، وفی إمکان القارئ الکریم أن یقف على هذه القصه فی المصادر التالیه على وجه التفصیل.
۳ – أنا الصِدّیق الأکبر:
تلاحظ هذه العباره ونظائرُها کثیراً، فی خطب الإمام علیّ (علیه السّلام) وکلماته فهو یکرّر العبارات التالیه بکثره:
(أنا عبدُ اللّه، وأخو رسول اللّه، وأنا الصِدّیقُ الأکبر، لا یقولُها بعدی إلا کاذب مفتر، ولقد صلّیتُ مع رسُول اللّه قبل الناسِ بسبع سِنین، وأنا أوّل مَن صلّى معه) (خصائص النسائی: ص ۳ وسنن ابن ماجه: ج ۱ ص ۵۷، مستدرک الحاکم: ج ۱ ص ۱۱۲، تاریخ الطبری: ج ۲ ص ۵۶ وغیرها).
۴ – أوَّلکم إسلاماً: علیٌ
ولقد وردت أحادیث متواتره عن رسول اللّه (صلّى اللّه علیه وآله) وبتعابیر متنوعه قال فیها:
(أوّلُکم وارداً علیَّ الحوض، أوّلُکم إسلاماً علیُّ بنُ أبی طالب) (یراجع مصادر هذا الحدیث فی الغدیر: ج ۳ ص ۲۲۰).
وعندما یدرس المنصف المحاید هذه الأحادیث، یقطع بأسبقیه الإمام علیّ إلى الإسلام، وتقدّمه على غیره فی الإیمان بالدعوه المحمّدیه، ولا یختار القولین الآخرین اللّذین لا یذهبُ إلیهما إلا الأقلیّه.
فإنّ ما یناهز الستین شخصاً من الصحابه والتابعین یؤیدون القول الأول (أی إن علیّاً أولُ القوم إسلاماً وأقدمهم إیماناً) وحتى الطبریّ نفسه الذی شکّک فی هذا القول، واکتفى بنقله دون اختیاره وتأکیده، روى فی ج ۲ ص ۶۰ بأن (ابن سعد) سأل أباه قائلاً: أکان أبو بکر أولکم إسلاماً، فقال: لا ولقد أسلم قبله أکثر من خمسین.
ومن غریب الأمر أن مؤرخاً کبیراً کابن کثیر یتنکر لهذه الحقیقه الساطعه فقد ذکر فی ج ۷ ص ۳۳۴ من کتابه (البدایه والنهایه) حدیثاً صحیحاً بإسناد الإمام أحمد الترمذی فی إسلام أمیر المؤمنین وأنّه أوّل من أسلم وصلّى ثمّ أردفه بقوله: وهذا لا یصح. ومن أی وجه کان روی عنه، وقد ورد فی أنّه أوّل من أسلم من هذه الأُمّه أحادیثٌ کثیرهٌ لا یصح منها شیء… إلخ.
اختلاف المؤرخین فی مسأله (انقطاع الوحی):
لم یرد فی القرآن الکریم أیُّ ذکر مطلقاً لمسأله (انقطاع الوحی) بل لم ترد به إشاره أیضاً، إنما نلاحظها فی کتب السیره والتفسیر فقط، ویختلف کُتّاب السیره والمؤرّخون فی عله (انقطاع الوحی) هذا، ومدته اختلافاً کبیراً یجعلنا لا نعتمد على أی واحد منها، وها نحن نشیر إلیها بشکل ما:
۱ – إن الیهود سألوا رسول اللّه (صلّى اللّه علیه وآله) عن أصحاب الکهف، وعن الروح، وعن قصه ذی القرنین فقال علیه الصلاه والسّلام: سأُخبرکم غداً، ولم یستثن، فاحتبس عنه الوحی(روح المعانی: ج ۳۰ ص ۱۵۷، السیره الحلبیه: ج ۱ ص ۳۱۰ و۳۱۱).
بناء على هذا لا یمکن أن نربط هذه المسأله ببدء الوحی ومطلع عهد الرساله لان اتصال علماء الیهود وأحبارهم مع النبی (صلّى اللّه علیه وآله) عن طریق قریش وسؤالهم إیاه حول هذه الأُمور الثلاثه، وقع فی حدود السنه السابعه من البعثه یوم توجه وفد من قریش إلى المدینه لیسألوا علماء الیهود عن صحه ما جاء به رسول اللّه (صلّى اللّه علیه وآله)، فاقترح الیهود علیهم أن یسألوا النبی عن تلک الأُمور الثلاثه(السیره النبویه: ج ۱ ص ۳۰۰ و۳۰۱).
۲ – قالت خوله وهی امرأه کانت تخدم رسول اللّه (صلّى اللّه علیه وآله) أن جرواً دخل البیت فدخل تحت السریر فمات، فمکث نبی اللّه (صلّى اللّه علیه وآله) أیاماً لا ینزلُ علیه الوحیُ، فلمّا خرج رسول اللّه (صلّى اللّه علیه وآله) من البیت کنست خوله تحت السریر فإذا جروٌ میّت فأخذته وألقته خلفَ الجدار فأنزل اللّهُ تعالى هذه السوره ولما نزل جبرائیل سأله النبی (صلّى اللّه علیه وآله) عن التأخر فقال: (أما علمت أنّا لا ندخلُ بیتاً فیه کلبٌ ولا صورهٌ) (تفسیر القرطبی: ج ۱۰ ص ۸۳ و۷۱، السیره الحلبیه: ج ۱ ص ۳۴۹).
۳ – إن المسلمین قالوا: یا رسول اللّه، ما لک لا ینزلُ علیک الوحیُ ؟ فقال: (وکیف ینزِلُ علیّ وأنتم لا تقصُّون أظفارُکم ولا تأخذون من شواربکم) ؟(نفس المصدر) فنزل جبرائیلُ بهذه السوره.
۴ – أهدى عثمان إلى النبی (صلّى اللّه علیه وآله) عنقود عنب وقیل عِذق تمر فجاء سائلٌ فأعطاه ثم اشتراه عثمان بدرهم فقدّمه إلیه (صلّى اللّه علیه وآله) ثانیاً ثم عاد السائل فأعطاه وهکذا ثلاث مرات فقال (صلّى اللّه علیه وآله): ملاطفاً لا غضبان: أسائلٌ أنت یا فلان أم تاجر؟ فتأخر الوحیُ أیاماً فاستوحش فنزلت السورهُ(تفسیر روح المعانی: ج ۳۰ ص ۱۵۷).
۵ – إن جرواً لأحد نساء النبی (صلّى اللّه علیه وآله) أو أحد أقربائه حال دون نزول الوحی علیه(غرائب القرآن فی هامش تفسیر الطبری: ج ۳۰ ص ۱۰۸).
۶ – إن رسول اللّه (صلّى اللّه علیه وآله) لما سأل جبرائیل عن تأخّر الوحی قال جبرائیل، لا املِکُ من نفسی شیئاً إنّما أنا عبدٌ مأمورٌ(تفسیر أبو الفتوح الرازی: ج ۱۲ ص ۱۰۸).
ثم إن هناک أقوالاً أُخرى یمکنُ الحصول علیها من مراجعه التفاسیر(مجمع البیان: ج ۱۰ تفسیر سوره والضحى).
ولکن الطبریّ نقلَ وجهاً آخر تمسکَ به المغرضون والمرضى من الکُتّاب واعتبروه دلیلاً على طروء الشک على قلب رسول اللّه (صلّى اللّه علیه وآله) وهو أنّ الوحی انقطع عن رسول اللّه (صلّى اللّه علیه وآله) بعد حادثه (حراء) فقالت خدیجه للنبی (صلّى اللّه علیه وآله): ما أرى ربَّک إلا قد قلاک!!
فنزل الوحیُ یقولُ:
(ما ودّعک ربُّک وما قلى) (تفسیر الطبری: ج ۳۰ ص ۱۴۸).
وممّا یدلُّ على أهداف هذا النوع من الکُتّاب، المریضه، أو عدم تتبّعهم واستقصائهم، أنهم تمسکوا من بین جمیع الأقوال بهذا الاحتمال، واستندوا إلیه للحکم على شخصیه کرسول اللّه (صلّى اللّه علیه وآله) الذی لم یر فی حیاته أی أثر للشک والحیره مطلقاً.
وإننا مع ملاحظه النقاط التالیه یمکننا أن نقف على بطلان هذا الاحتمال وتفاهته:
۱ – لقد کانت السیده خدیجه من النساء اللواتی أحببن رسول اللّه (صلّى اللّه علیه وآله) حباً صادقاً وعمیقاً، فهی التی وفت لزوجها حتى النفس الأخیر، ووقفت ثروتها الطائله لتحقیق أهدافه، وکانت فی عام البعثه قد قضت خمسه عشر عاماً من حیاتها الزوجیه، ولم تر خدیجه طوال هذه الفتره من زوجها إلا التقوى والطهر ولم تلمس منه إلا کرم الصفات ونبل الأخلاق فقد کانت من المصدقین له (صلّى اللّه علیه وآله) من أول یوم وکانت تراعی نهایه الأدب فی تکلیمها معه وعشرتها إیاه (صلّى اللّه علیه وآله) فکیف تتکلم مثل هذه المرأه المؤمنه الوفیه، مع زوجها بغلیظ القول، وتوجه له مثل هذه الکلمه غیر المهذَّبه، بل والجارحه ؟!
۲ – إنّ آیه: (ما ودّعک ربُّک وما قلى) لا تدل على أن (خدیجه) قالت مثل هذا الکلام لرسول اللّه (صلّى اللّه علیه وآله)، بل غایه ما تفیده هذه الآیه هی أنّ مثل هذا الکلام قد وُجّه إلى رسول اللّه (صلّى اللّه علیه وآله)، وأمّا من هو القائل، ولماذا قال هذا الکلام ؟ فلیس ذلک معلوماً.
۳ – إن ناقل هذه الروایه یصف (خدیجه) تاره بأنها طمأنت النبیّ، وسکّنت من روعه إلى درجه أنها منعته عن الانتحار، ولکنه یصفها تاره أُخرى بأنها قالت له: بأن اللّه عاداه وقلاهُ، ألا ینبغی هنا أن نقول: (کن ذکوراً ثم اکذب)؟!
۴ – إذا کان الوحیُ قد انقطع بعد حادثه جبل (حراء) ونزول بضع آیات من سوره (العلق) إلى أن نزلت سوره (الضحى)، یتوجب – فی هذه الصوره – أن تکون سوره (الضحى) ثانی سوره من حیث الترتیب التاریخی لنزول السُّور فی حین أنّ تاریخ نزول الآیات والسور القرآنیه یفید أنها السورهُ الحادیهُ عشره من سُور القرآن الکریم. لأن فهرس السور القرآنیه حسب نزولها هو کالتالی:
۱ – العلق.
۲ – القلم.
۳ – المزّمِّل.
۴ – المدّثّر.
۵ – تبّت (المَسَد).
۶ – التکویر.
۷ – الأعلى.
۸ – الانشراح.
۹ – والعصر.
۱۰ – والفجر.
۱۱ – والضحى(تاریخ القرآن للزنجانی: ص ۵۸).
نعم أنفرد الیعقوبی من بین المؤلفین باعتباره سوره الضحى – فی تاریخه -(تاریخ الیعقوبی: ج ۲ ص ۳۳) السوره الثالثه من حیث تاریخ النزول، وحتى هذا الرأی لا ینسجم مع القصه المذکوره (انقطاع الوحی).
الاختلاف فی مده انقطاع الوحی:
لقد تعرّض تحدید مده انقطاع الوحی بشکله المزعوم لإبهام کبیر، فقد ذکر ذلک بصور مختلفه فی التفاسیر والأقوال التالیه هی:
۴ أیّام.
۱۲ یوماً.
۱۵ یوماً.
۱۹ یوماً.
۲۵ یوماً.
۴۰ یوماً.
ولکن بعد دراسه فلسفه النزول التدریجی للقرآن الکریم سنرى أنّ انقطاع الوحی وتوقفه لم یکن حدثاً استثنائیا، لأنّ القرآن الکریم أعلن منذ أول یوم أن المشیئه الإلهیه تعلّقت بأن ینزل القرآن بصوره تدریجیه، منجّمه إذ یقول تعالى:
(وقُرآناً فرقناهُ لِتقرأهُ على مکثٍ) (سوره الإسراء: الآیه ۱۰۶).
ویکشفُ القرآن النقاب – فی موضع آخر – عن سرِّ نزول القرآن تدریجاً إذ قال:
(وقال الّذین کفرُوا لولا نُزّل علیه القُرآنُ جُملهً واحِده کذلِک لِنُثبِّت بهِ فؤادک ورتّلناهُ ترتیل) (سوره الفرقان: الآیه ۳۲).
ومع ملاحظه طریقه نزول الآیات والسور القرآنیه هذه یجب أن لا یُتوقع نزولُ الآیات کل یوم وکلّ ساعه، وأن ینزل جبرائیل على النبیّ على الدّوام، ویأتی إلیه بالآیات دون انقطاع، بل إن الآیات القرآنیه کانت تنزل على رسول اللّه (صلّى اللّه علیه وآله) فی فواصل زمنیه مختلفه وفقاً للاحتیاجات، وبحسب الأسئله المطروحه على النبی، ولأسرار أُخرى فی النزول التدریجی شرحها علماء الإسلام.
وفی الحقیقه لم یکن هناک ما یُسمى بانقطاع الوحی، بل کل ما کان فی الأمر هو أنّه لم یکن ثمّه ما یوجب النزول الفوری، والمتلاحق للوحی.
من تجليات الإدارة النبوية في المجتمع الإسلامي
كانت إدارة النبي (صلى الله عليه وآله) الاجتماعيّة والعسكريّة في أعلى مستوياتها، فكان يلاحق كافّة الأمور. طبعًا كان المجتمع صغيرًا، المدينة وأطرافها، وبعد ذلك أضيف إليه مكّة ومدينة أو مدينتان أخريان، إلّا أنّه كان مهتمًّا بأمور الناس وكان منظّمًا ومرتّبًا. وقد أجرى في ذاك المجتمع البدوي، والإدارة والحساب والمحاسبة والتحفيز والتنبيّه بين الناس. هذه هي الحياة الاجتماعيّة للرسول التي يجب أن نقتدي بها جميعًا، من مسؤولي البلد وأفراد الشعب[1].
العمل لإيجاد العدل بين الناس
النقطة الأخرى في الدعوة الإسلاميّة، عبارة عن إيجاد العدل بين الناس. من جملة خصوصيّات الجاهليّة، أنّها نظامٌ ظالم. كان الظلم، عرفًا رائجًا... فعمل الإسلام على النقطة المقابلة، جاء بالعدل، ﴿إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ﴾[2]. فهو من خصوصيّات المجتمع الإسلاميّ والعدل وليس مجرد شعار، بل يجب على المجتمع الإسلاميّ أن يتحرّك نحو العدل، وإذا كان العدل مفقودًا عليه أن يوجده. فإذا ما كان في العالم نقطتان متقابلتان إحداهما العدل والأخرى الظلم، وكلتاهما غير إسلاميّة، فالإسلام يُظهر موافقته على نقطة العدل تلك، حتّى لو كانت غير إسلاميّة. الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم هو الذي أرسل المهاجرين إلى الحبشة، أي إنّه هو الذي أرسلهم ليكونوا في حماية ملكٍ (غير مسلم)، وذلك بسبب العدل. بعبارةٍ أخرى أبعد الناس عن البيئة التي يعيشون فيها وعن مكان حياتهم بسبب الظلم الذي كان يمارَس عليهم[3].
خلاصة معنى ﴿لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ﴾[4] أن يعيش الناس في بيئةٍ عادلة ومجتمعٍ عادل ونظامٍ عادل، لهذا الأمر جاء الرسول، جاء لإيجاد عالَمٍ عادل ومجتمع ونظام عادلَين. طبعًا في النظام العادل يجد البشر الفرصة للوصول إلى التكامل والتعالي، ﴿لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ﴾. ويقول بعد ذلك: ﴿وَأَنزَلْنَا الْحَدِيدَ﴾[5]. هل يكفي مجرّد الحديث والموعظة وأن نقول للناس تعالوا لإقامة نظامٍ عادل؟ لو فرضنا أنّ النّاس تمكّنوا من إقامة نظام عادل، فهل سيسمح الذئاب والسارقون والمجرمون ببقاء هذا النظام العادل؟ لذلك أنزلنا الحديد. لماذا أنزلنا الحديد؟ عندما نرجع إلى كتب الحديث، نجد الإمام عليه السلام عندما فَسّر الآية، ووصل إلى ﴿وَأَنزَلْنَا الْحَدِيدَ﴾، قال "السلاح"، السيف، السهم، الأسلحة التي تُصنع من الحديد. يتحدّث الله تعالى عن السلاح، إلى جانب الحديث عن دعوة النبوة، يتحدّث عن الأسلحة والقوة القاهرة، إلى جانب الموعظة التي فرضها على الأنبياء، وإلى جانب تأسيس النظام التوحيدي والإلهي.
المداراة
عاش الناس مع النبي (صلى الله عليه وآله) عشر سنوات ليل نهار، ذهبوا إلى منزله وزارهم في منازلهم، وكانوا معًا في المسجد وفي الطريق، وسافروا معًا وناموا وجاعوا وفرحوا... إنّ هؤلاء الناس الذين عاشوا معه عشر سنوات، كانت تتعمّق في قلوبهم محبّته والاعتقاد به يومًا بعد يوم. عندما تخفّى أبو سفيان، أثناء فتح مكة، ودخل معسكر النبيّ بحماية وتشجيع من العباس - عم النبيّ - ليحصل على الأمان، شاهد النبيّ يتوضّأ صباحًا، والناس مجتمعون حوله لالتقاط قطرات الماء التي تنزل من وجهه ويديه! قال حينها: إنّه رأى كسرى وقيصر - الملكين الكبيرين والقويّين في العالم - إلّا أنّه لم يشاهد فيهما هذه العزّة[6].
المشهد الآخر من حياة الرسول، سلوكه وتصرّفه مع الناس. لم ينس على الإطلاق الخُلق والطبع الشعبي والمحبّة والرفق بالناس والسعي إلى إرساء العدل بينهم. كان يعيش كما الناس وبينهم، كان يجلس وينهض معهم، كان صديقًا ورفيقًا للغلمان وطبقات المجتمع المتدنّية، كان يتناول الطعام معهم ويجالسهم، ويُظهر لهم المحبة والمداراة. لم تغيّره السلطة ولا الثروة الوطنية. لم يختلف سلوكه في المرحلة الصعبة عنه في مرحلة انتهاء الصعوبات. كان مع الناس ومن الناس في كافّة الأحوال! كان يرفق بهم ويريد لهم العدل[7].
الشخصية القياديّة للنبي محمد (صلى الله عليه وآله وسلّم)، جمعية المعارف الإسلامية الثقافية
[1] خطبتا صلاة الجمعة في طهران (5/7/1370)(27/9/1991).
[2] سورة النحل، الآية 90.
[3] من كلام له في لقاء مسؤولي النظام (10/10/1370)(31/12/1991).
[4] سورة الحديد، الآية 25.
[5] سورة الحديد، الآية 25.
[6] خطبتا صلاة الجمعة في طهران (28/2/1380)(18/5/2001).
[7] خطبتا صلاة الجمعة في طهران (7/5/1370)(29/7/1991).
لماذا تجنبت الإمارات إدانة غزو روسيا لأوكرانيا في مجلس الأمن؟
في 25 فبراير/شباط الماضي، قدَّمت الولايات المتحدة مشروع قرار إلى مجلس الأمن للتنديد بالغزو الروسي لأوكرانيا، ومطالبة موسكو بالانسحاب الفوري. لم يكن من المتوقَّع أن يمر مشروع القرار على كل حال، لأن استخدام روسيا لحق النقض (الفيتو) لم يكن محل شك، لكن الولايات المتحدة هدفت إلى عزل موسكو دبلوماسيا وإظهارها منبوذة من قِبَل المجتمع الدولي.
بيد أن جدار العزلة الأميركي اعترته الثقوب، بعد أن امتنعت 3 دول عن التصويت على المشروع الأميركي الألباني، أولى هذه الدول هي الصين، وكان موقفها متوقَّعا على كل حال، أما الدولتان الأخريان، وهما الهند والإمارات العربية المتحدة، فتُصنَّفان ضمن قوائم الحلفاء التقليديين للولايات المتحدة، لذا فإن موقف الدولتين، وخاصة الإمارات (التي امتنعت عن التصويت للمرة الثانية على قرار يدعو الجمعية العامة إلى عقد جلسة عاجلة واستثنائية حول الهجوم الروسي على أوكرانيا يوم الأحد)، أثار غضب واشنطن وحلفائها الأوروبيين، إلى درجة أن مسؤولا غربيا عبَّر عن استيائه من الموقف الإماراتي في حديث لوكالة الأنباء الفرنسية، مُعرِبا عن اعتقاده أن أبو ظبي أبرمت "صفقة قذرة" مع روسيا تتعلَّق بالحوثيين وأوكرانيا.
كان المسؤول الأوروبي يُشير تحديدا إلى جلسة لمجلس الأمن عُقدت أمس، الاثنين، وصوَّت خلالها المجلس، بدعم من روسيا، على مشروع يُصنِّف جماعة الحوثي اليمنية جماعة "إرهابية"، ويوسِّع الحظر على إيصال الأسلحة إلى اليمن ليشمل جميع الحوثيين، بعدما كان مقتصرا على أفراد وشركات محدّدة، وهو ما أثار اعتقادا حول وجود اتفاق إماراتي روسي تمتنع بموجبه أبو ظبي عن إدانة موسكو، مقابل الحصول على دعم روسيا في جلسة الحوثيين.
غير أن دلالات الامتناع الإماراتي من المرجَّح أنها تتجاوز الصفقة قصيرة الأمد حول الحوثيين وأوكرانيا إلى إرسال رسالة واضحة أن أبو ظبي لم تعد تصطف تماما مع الولايات المتحدة والغرب ضد روسيا، وهي رسالة لافتة خاصة في لحظة مهمة يبدو فيها النظام الدولي بصورة عامة مُقبلا على تحوُّل ملموس في ميزان القوى.
تحالف مع واشنطن.. وتعاون متسارع مع روسيا
ليس ثمة شك في موقع الإمارات بوصفها حليفة للولايات المتحدة، ولا يوجد ما يدعو للاعتقاد أن أيًّا من الطرفين بصدد التخلي عن منافع هذا التحالف المتعددة في المستقبل القريب. لكن ما يحدث حاليا يمكن وصفه بأنه اتجاه إماراتي لعدم الركون إلى هذا التحالف باعتباره خيارا وحيدا، بعد أن أظهرت واشنطن أنها لا تعطي الأولوية للشرق الأوسط في سياستها الخارجية.
تبدو الشراكة الإماراتية الأميركية ذات أُسس أكثر متانة من العلاقات الإماراتية الروسية التي يمكن وضعها في إطار التعاون والصداقة. فمن الناحية الاقتصادية، تحتل الإمارات المرتبة الأولى عربيا والعشرين عالميا بين الدول المستثمرة في السوق الأميركي، بإجمالي استثمارات تراكمية بلغ 44.7 مليار دولار حتى نهاية 2020. كما تأتي الإمارات في مُقدِّمة الدول العربية التي تستقبل صادرات أميركية بقيمة بلغت 14.75 مليار دولار عام 2020. وعموما تضاعف التبادل التجاري بين البلدين من 5.22 مليارات دولار عام 2005 إلى 23.02 مليار دولار عام 2021.
في المقابل، وعلى الرغم من أن التبادل التجاري بين روسيا والإمارات سجَّل 3.3 مليارات دولار عام 2020، وهو رقم يبدو متواضعا مقارنة بالميزان التجاري الإماراتي الأميركي، فإنه مَثَّل قفزة في مستوى العلاقات التجارية بين البلدين، واستمر معدل نمو حجم هذا التبادل بصورة لافتة خلال 2021، حيث زاد بنسبة تقترب من 80% مُسجِّلا نحو 5 مليارات دولار، وهو ما اعتُبر "مستوى قياسيا" في تاريخ علاقة البلدين. بالإضافة إلى هذا، فإن الإمارات هي أكبر شريك تجاري خليجي لروسيا، بحصة تبلغ 55% من إجمالي تجارة دول مجلس التعاون الخليجي مع موسكو، كما تحتل المرتبة الثانية عربيا (بعد مصر). وتستحوذ الإمارات على 90% من الاستثمارات الروسية في المنطقة، كما أنها أكبر مستثمر عربي في روسيا بحصة تفوق 80% من إجمالي الاستثمارات العربية في روسيا.
أما من الناحية العسكرية، فالولايات المتحدة هي الشريك العسكري الأساسي لدول الخليج (الفارسی)عموما. ومنذ حرب الخليج (الفارسی)عام 1991 أصبحت الولايات المتحدة هي المورد الرئيسي للسلاح إلى الجيش الإماراتي، تليها دول غربية، في حين لا تظهر روسيا في الصورة ظهورا معتبرا. فبحسب تقرير معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام "سيبري"، مارس/آذار 2019، جاءت الولايات المتحدة وفرنسا وتركيا في مُقدِّمة مصادر مشتريات الجيش الإماراتي من الأسلحة خلال الفترة من 2014 إلى 2018، بنسبة 64% من أميركا، و10% من فرنسا، و7.8% من تركيا. وخلال الفترة من 2015-2019 تصدَّرت الولايات المتحدة وفرنسا وهولندا القائمة بنِسَب 68%، و11%، و3.4% على الترتيب، وفق تقرير آخر للجهة نفسها.
ومؤخرا، بدأ سريان اتفاقية التعاون الدفاعي المشترك بين دولة الإمارات والولايات المتحدة في التاسع والعشرين من مايو/أيار 2019، الذي يستهدف تعزيز التنسيق العسكري بين البلدين. كما أُطلِق الحوار الإستراتيجي التأسيسي بين البلدين في أكتوبر/تشرين الأول 2020. وحتى بعد رحيل "ترامب" قرَّرت إدارة "بايدن" المُضي قُدما في صفقة نوعية بقيمة 23 مليار دولار تعكس عمق الشراكة العسكرية بين الجانبين، تشمل 50 طائرة من مقاتلات الجيل الخامس "إف-35".
بيد أن تلك الصفقة الأخيرة على وجه التحديد أظهرت التناقضات في التحالف الأميركي الإماراتي، وأثبتت لأبو ظبي قصور الاعتماد على الولايات المتحدة حليفا وحيدا. وبسبب المتطلبات والقيود التقنية والسياسية المفروضة من قِبَل واشنطن، سواء من حيث المواصفات الفنية وتمسُّك واشنطن بامتلاك الإمارات لطائرات بمواصفات أقل من تلك التي تحوزها إسرائيل، أو من حيث الضغوط على الإمارات لإيقاف التعاون مع الصين في شبكات الجيل الخامس، أعلنت أبو ظبي في ديسمبر/كانون الأول الماضي تعليق المحادثات حول الصفقة. وبالتزامن، وقَّعت أبو ظبي وباريس صفقة لشراء 80 طائرة فرنسية مقاتلة من طراز "رافال" و12 مروحية من طراز "كاراكال"، في صفقة تصل قيمتها إلى 17 مليار يورو (نحو 19 مليار دولار)، أما الصفقة الأهم فكانت إعلان أبو ظبي الأسبوع الماضي عزمها على شراء 12 طائرة عسكرية من طراز "إل 15 فالكون"، مع خيار إضافة 36 طائرة من الطراز نفسه في المستقبل، ما قدَّم دليلا إضافيا على جدية أبو ظبي في تنويع محفظتها العسكرية، حتى لو كان ذلك يعني التعاون مع أبرز خصوم الولايات المتحدة.
طور جديد للسياسة الإماراتية
لفهم الموقف الإماراتي الحالي، من المهم أن نضعه في سياق نهج السياسة الخارجية الجديد الذي تتبنَّاه أبو ظبي منذ أواخر 2019. عقب تعرُّض منشآت أرامكو السعودية ، قدَّرت الإمارات أن مستوى المخاطر في المنطقة بات مُهدِّدا للأمن الإقليمي، ومن ثم بدأت تراجع سياستها الإقليمية بهدف خفض مستوى التوتر الخارجي، حيث قرَّرت الانسحاب من اليمن، والتهدئة مع إيران، ثم التطبيع مع تركيا. قرَّرت أبو ظبي أن الانخراط مع دول المنطقة في علاقات تجارية واقتصادية واسعة سيُحقِّق فرصا أكثر لاحتواء الخلافات ومن ثم خفض مستوى التهديدات. لكنها بالتوازي مع هذا، شرعت في مسار تحالف أمني وثيق مع إسرائيل سعيا وراء تفوُّق تكنولوجي ومزيد من شبكات الحماية.
هذه السياسة استندت إلى افتراضين: الأول، أن الولايات المتحدة تتخلى تدريجيا عن التزاماتها تجاه المنطقة، ومن ثم تترك مجالا أوسع لقوى الإقليم لتشكيل الأجندة السياسية للمنطقة. الثاني، أن الاعتماد الحصري على الولايات المتحدة قد لا يوفر الضمانات الأمنية الكافية في حال تعرُّض الدولة لتهديدات خارجية، وهو ما بدا أن السعودية تعاني منه بعد سحب واشنطن بطاريات باتريوت وتخليها عن تقديم الدعم العسكري المناسب في حرب اليمن. وجاء الانسحاب الأميركي من أفغانستان ليُلقي مزيدا من الشكوك حول كفاية الرهان على حليف وحيد قد تتغير أولوياته، ومن ثم تُسجِّل الإمارات منحنى متصاعدا في تطوير التعاون العسكري مع الصين وروسيا. صحيح أن الولايات المتحدة تبقى هي الشريك العسكري الأول لأبو ظبي دون منازع، وهو موقع ليس من المتوقَّع أن يتغير خلال السنوات القليلة القادمة، لكن الاستفادة من التعاون "غير المشروط" مع الصين وروسيا في ملفات أمنية ومشروعات تصنيع أسلحة مشتركة يبدو بالنسبة إليها خيارا منطقيا.
لم يكن امتناع الإمارات عن تأييد القرار الأميركي إذن إعلانا عن إقلاع الإمارات عن تحالفها مع واشنطن، ولكنه رسالة واضحة لواشنطن أن حلفاءها غاضبون لأنهم لا يتمتعون بمزايا التحالف كاملة، وأن تراجع واشنطن المستمر عن التزاماتها تجاه حلفائها يدفعهم لتنويع خياراتهم، وهو ما يُحتم عليهم أحيانا عدم التماهي مع مواقف واشنطن، التي لا تجد غضاضة في تجاهل مصالحهم في بعض المناسبات.
المصدر : الجزيرة
في البلدان التي تملك أسلحة نووية.. من المخول بالضغط على الزر؟
لا شك أن استخدام الأسلحة النووية ضدّ العدو قرار له عواقب وخيمة، لذا فإن مسألة معرفة من يقرر هذا الأمر في الدول التي توجد بها أسلحة نووية أمر بالغ الأهمية، بحسب ما جاء في تقرير لمجلة فرنسية.
التقرير الذي كانت مجلة لوبوان (lepoint) قد نشرته قبل مدة وأعادت نشره اليوم، اعتمدت فيه على دراسة أعدها خبيران في الجغرافيا السياسية، ميّزا فيها بين "مدرستين" أساسيتين فيما يتعلق بالسلطة في المسائل النووية: فهناك أنظمة من النوع البرلماني، حيث لا يخضع قرار استخدام الأسلحة النووية لسلطة فرد واحد، وهناك المدرسة الرئاسية، حيث يعود القرار في الأساس إلى الرئيس، وهناك الصين وكوريا الشمالية اللتان تتبع كل منهما أسلوبا خاصا بها.
لوبوان استقت معلوماتها من مقال مشترك للخبيرين جيفري لويس وبرونو ترتري، "الإصبع على الزر: سلطة استخدام الأسلحة النووية في الدول المسلحة نوويا"، أوضحا فيه كيف يتخذ القرار بشأن استخدام الأسلحة النووية في 9 بلدان، هي: الولايات المتحدة، وروسيا، والمملكة المتحدة، وفرنسا، والصين، وإسرائيل، والهند، وباكستان، وكوريا الشمالية.
وقد لاحظ المؤلفان أنه باستثناء الحالة القصوى لكوريا الشمالية، فإن استخدام الأسلحة النووية يعتمد على سلطة جماعية، مما يحدّ من إمكانية اتخاذ قرار غير معقول من قبل فرد واحد.
الولايات المتحدة
في الولايات المتحدة، من المعروف أن الشرعية التي يحصل عليها الرئيس بمجرد انتخابه تمنحه سلطة مباشرة وفورية على القضايا النووية. ومع ذلك، وعلى الرغم من أنه يتمتع بسلطة إصدار أوامر باستخدام الأسلحة النووية باعتباره رئيسا للقوات المسلحة، فإن لويس وترتري يؤكدان أن الضغط على الزر النووي يتطلب سلسلة من الأوامر التي يجب أن تتم المصادقة عليها من قبل شخصين في نهاية المطاف.
روسيا
وفي روسيا، حيث يعتبر الرئيس قائدا للقوات المسلحة، يتم منح الإذن باستخدام الأسلحة النووية من قبل الثلاثي: الرئيس، ووزير الدفاع، ورئيس الأركان العامة. ويمكن منح هذا الإذن بطريقتين: إما عبر شبكة القيادة والسيطرة الإلكترونية الروسية "كازبيك" (Kazbek)، أو من خلال نظام مراقبة الأسلحة النووية الأوتوماتيكي الذي كان معروفا في حقبة الحرب الباردة باسم "بريميتر" (Perimeter).
المملكة المتحدة
وتعهد المملكة المتحدة بقرار استخدام الأسلحة النووية إلى رئيس الوزراء، لكن من غير المرجح أن يتم ذلك دون استشارة مسبقة للملكة أو الملك (حتى لو لم يكن هناك نص بذلك)، كما يُظهر تاريخ البلاد أن استخدام الأسلحة النووية سيكون "قرارا وزاريا جماعيا"، تماشيا مع التقاليد البريطانية، وفقا للمجلة.
فرنسا
وفي فرنسا، ينص الدستور أيضًا على أن الرئيس هو رئيس للقوات المسلحة، مما يخوله استخدام الأسلحة النووية.
وعلى الرغم من عدم وجود التزام بالتشاور مع المسؤولين الآخرين بشأن هذه المسألة، فإن قرار استخدام الأسلحة النووية يتم التحقق منه من خلال "سلسلة أمنية"، بالإضافة إلى "سلسلة تنفيذ" من قبل رئيس الوزراء ومفتش الأسلحة النووية، وربما رئيس الأركان الخاصة، و"يشارك شخصان في كل مستوى من مستويات السلسلة".
الصين
في هذا البلد تتبع القوات النووية الصينية للجنة العسكرية المركزية للحزب الشيوعي، وهي تحت قيادة الرئيس، وتتكون هذه اللجنة اليوم من 7 أعضاء، بمن فيهم وزير الدفاع ورئيس الأركان وممثلون عن كل فيلق من القوات المسلحة.
ونظرا إلى أن الرئيس هو المدني الوحيد في اللجنة العسكرية المركزية، فإن القرار متروك له بلا شك، لكن الكاتبين يعتقدان أن "أهم سلطة سياسية في البلاد -وهي اللجنة الدائمة للمكتب السياسي- لا بد أن تتم استشارتها، بحسب الوقت المتاح وإذا سمحت الظروف بذلك".
إسرائيل
لا يملك رئيس الوزراء الإسرائيلي أي سلطة على جيش بلاده وفق الدستور، وتتخذ قرارات الدفاع من قبل اللجنة الوزارية المكلفة بالأمن القومي المؤلفة من 7 إلى 10 أعضاء في الحكومة.
الهند
في الهند، وعلى الرغم من أن الرئيس هو قائد القوات المسلحة، فإن المجلس السياسي برئاسة رئيس الوزراء، هو الوحيد المخول بالسماح باستخدام الأسلحة النووية. وبالتالي، فإن القرار يعود لرئيس الوزراء، لكن أحد الكاتبين يشير إلى أنه لا يمكن لرئيس الوزراء الأمر بالضغط على الزر النووي دون موافقة مستشار الأمن القومي.
وبعد ذلك يتم إرسال الأمر إلى قيادة القوات الإستراتيجية التي تسيطر على "جميع الرؤوس الحربية النووية الهندية"، ومن المحتمل أن تتطلب "إذنا من قبل اثنين من المسؤولين في كل مستوى" من التسلسل القيادي.
باكستان
تخضع القوات النووية الباكستانية لسيطرة هيئة القيادة الوطنية (NCA) منذ عام 2007، وقد تم تسليم قيادة هذه الهيئة -التي عُهد بها سابقا إلى الرئيس- إلى رئيس الوزراء في عام 2009.
ويطبق المجلس الوطني التأسيسي مبدأ الإجماع، حيث يتطلب أي قرار باستخدام الأسلحة النووية إجماعا (أو -في حالة فشل ذلك- تصويت الأغلبية)، ويكون لرئيس المجلس الوطني التأسيسي القول الفصل. ويعتقد أنه يجب على كل من رئيس الوزراء ورئيس الدولة الإذن بتفعيل الرموز اللازمة لفك شفرة الأسلحة النووية.
كوريا الشمالية
وعلى الرغم من قلة المعلومات المتوفرة عن برنامج الأسلحة النووية لكوريا الشمالية، يبدو أنه "لا يمكن استخدامها إلا بأمر من القائد الأعلى للجيش الشعبي الكوري"، وذلك بموجب قانون يرجع تاريخه إلى عام 2013، وتقع هذه المسؤولية على عاتق رئيس لجنة شؤون الدولة، وهو الزعيم كيم جونغ أون نفسه، وفقا للمجلة.
المصدر : لوبوان
توجيهات خاصة من الرئيس الايراني الى نائبه بشأن مونديال قطر 2022
أعلن المتحدث الرسمي باسم الحكومة الايرانية عن اصدار توجيهات خاصة من الرئيس الايراني آية الله السيد ابراهيم رئيسي الى نائبه الأول محمد مخبر بشأن مونديال قطر 2022.
وكتب المتحدث الرسمي باسم الحكومة الايرانية علي بهادري جهرمي على صفحته في تويتر :
"بعد زيارة رئيس الجمهورية الأخيرة الى قطر ، أصدر توجيهاته للنائب الأول للرئيس بتشكيل مجموعة عمل خاصة لزيادة التآزر والتنسيق بين الأجهزة الحكومية من أجل الاستفادة بشكل أكبر من الإمكانات السياحية والاقتصادية لإقامة بطولة كأس العالم لكرة القدم في قطر".
انطلاق المسابقة الدولية للقرآن الكريم في طهران
بدأت المسابقة الدولية للقرآن الكريم فی نسختها الثامنة والثلاثون بمشاركة 62 ممثلا من 29 دولة في طهران.
وانطلقت المسابقة الدولية للقرآن الكريم، اليوم الثلاثاء، بقاعة أنديشه فی مركز الفكر والفن الاسلامی بطهران.
ويتنافس في قسم الكبار وفي فرع الحفظ "عبد الخالق إبراهيمي" من أفغانستان، و"هيثم صفر أحمد" من كينيا، وفي فرع التلاوة "غلام مصطفى الأشرفي" من أستراليا، و"إلهام محمد الدين" من إندونيسيا، و"عمر أبو حافظ" من سوريا و"بلال عبد الله علي" من اليمن.
ويتنافس في قسم الطلاب "علي طه لطيفي" من ألمانيا في فرع القراءة و "محمد رضا جعفربور" من إيران و"عبد العزيز نور" من بروناي في فرع الحفظ.
ويشارك في قسم المكفوفين "شرف الدين علمي" من الجزائر في فرع الحفظ.