emamian

emamian

الأحد, 27 آذار/مارس 2022 18:57

الزهور تبعد الكآبة

أكدت دراسة جديدة أنّ تلقي باقات الورود والأزهار المختلفة يعزز أحاسيس السعادة عند الإنسان وتقوِّي قدراته على التواصل الإجتماعي.
وأثبتت هذه الدراسة، التي سجلت شعور المرأة والرجل ممّن قدّمت لهم باقات الزهور، إنّ الأمل بإستمتاع الحياة قد إجتاح أحاسيسهم وكيانهم.. وتخلصوا من الإكتئاب الذي ينتابهم لبعض الوقت. وأكدت دراسة أخرى أجريت على أشخاص من الجنسين للبحث في التأثير النفسي الممكن حدوثه على تعزيز قدرة الإنسان على التواصل مع الآخرين بواسطة الورد.
إنّ عادة تقديم الزهور للآخرين من الظواهر الإيجابية، حيث ساعدت الورود في تحسين مزاج كل مَن تلقاها وسرت إلى نفوسهم مشاعر الغبطة والسعادة. ويرى الخبراء أنّه ليس بالضرورة أن ينتظر الإنسان أحداً ما ليقدم الورد له، بل يمكن تقديمه لنفسه لأنّ النتيجة في النهاية هي واحدة من حيث التأثير الإيجابي الجميل على النفس.

 

الأحد, 27 آذار/مارس 2022 18:47

الأمل.. القوّة الكامنة

◄لن تجد لليأس ترياقاً كالأمل.. إنّه ليس للتسلية والسلوان، بل هو شعور داخلي يوحي بأنّ الحاضر لن يدوم. أصحاب الأمل ينظرون إلى المستقبل على أنّه "الفرصة القادمة" ويتعاملون معه وكأنّه تحت أطراف أصابعهم وترسمه أعمالهم وأفعالهم. فهم لا ينشغلون بالباب المغلق عن البحث عن أبواب أخرى تُفتح هنا وهناك.

إنّ خير الزهور لم نقطفها بعد.. إنّ خير البحور بحر لم تمخره سفننا بعد.. إنّ خير الأصدقاء صديق لم نتعرف عليه بعد.. إنّ خير الأيام يوم لم نعشه بعد.

أصحاب الآمال العريضة "يمتلكون القدرة على تحفيز أنفسهم والشعور بأنّهم واسعوا الحيلة بما يكفي للتوصل إلى تحقيق أهدافهم، مؤكدين لأنفسهم أنّ الأمور إذا ما تعرضت لمأزق ما، لابدّ أنّها سوف تتحسن". أما اليائسون فما إن تبزغ في أذهانهم فكرة مبدعة قفزوا بتفكيرهم نحو العقبات التي ستقف أمامهم، والصعوبات التي سيوجهونها، ومن ثم تخور قواهم وتستسلم وهم مازالوا في طور الفكرة.

لقد تواترت قصص كثيرة عن أولئك الذين أصيبوا بعاهة دائمة، أو نشئوا في ظروف مريعة، أو سجنوا لسنوات عديدة. لكنّهم امتلكوا ما عوّضهم عن كلّ شيء. إنّه الأمل الذي انطلقوا به وخطوا أغرب القصص وأبدعها.

لو سألتني: ما هو الشيء الذي بدونه أنت لا تملك شيئاً.. وإذا ملكته فلا تتحسر على أي شيء آخر؟ إنّه الأمل!

لا يوجد أسوأ من منظر شاب يائس..

بين دائرة الاهتمام ودائرة التأثير..

لو أرخيت سمعك بانتباه إلى ما يجول في مجالسنا من حديث هذه الأيام لرأيت إحدى أكثر صور اليأس وضوحاً، لقد امتلأت عقولنا وألسنتنا بالقصص المبكية على ما وصلت إليه أحوالنا خاصّة وأحوال المسلمين عامّة.

وعبر سنوات طويلة من ترديد هذه (النغمة) المحزنة تملكنا شعور عميق بأنّه ليس بالإمكان أبدع مما كان، وأنّه ما من سبيل لعمل شيء ذي قيمة سواءً في الشأن الشخصي أو ما يخص الأُمّة ككلّ، وأنّه ما من مخرج إلّا بمعجزة إلهية خارقة أو فاتح عظيم. وهذا شأن اليائسين في كلّ مكان وزمان. أما المتفاءلون الذين قدّموا للعالم خدماتهم الجليلة فيسلكون مسلكاً مختلفاً. يوضح ذلك الكاتب المميز ستيفن كوفي، حيث يفرّق بين كلا الفريقين بما يصرفون وقتهم وجهدهم بالتفكير والاهتمام به.

فاليائسون يملئون عقولهم وأوقاتهم بالتفكير بقضايا تقع في دائرة اهتمامهم، ولكنّها بعيدة عن دائرة تأثيرهم. فهي مهمة ولكن لايمكن عمل شيء تجاهها. ومثال ذلك الأسلحة النووية، والديون القومية، والاحتلال الأجنبي لبلد مجاور وغير ذلك.

أما المتفائلون فيصرفون أوقاتهم وأعمارهم فيما هو مهم وأساسي ويمكنهم أن يقوموا بشيء تجاهه، لأنّه يقع تحت تأثيرهم، وفي حدود إمكانياتهم. وتندرح تحت هذا البند عدد كبير من الأعمال ومنها قراءتك للكُتُب التي ترتقي بالذات، وإعداد نفسك لكي تكون قدوة في الالتزام والكفاءة في عملك، ومنها دعوتك لأهلك وجارك للحفاظ على الصلاة، وأداء المعروف، ونشر الفضيلة، واحترام القانون بين أبناء حيّك وغير ذلك. عندما تنشغل بهذه القضايا ستجد ثمرتها يانعة تفيض خيراً عليك وعلى الناس جميعاً وتترك أثراً لا ينمحي. وهل من علاج لليأس خير من هذا؟ ►

 

اكد وزير الخارجية الايراني حسين امير عبداللهيان بان الاميركيين يدعون بانهم يرغبون بحل القضايا والوصول الى الاتفاق في مفاوضات فيينا ولكن عليهم ان يثبتوا عمليا حسن نواياهم.

جاء ذلك خلال لقاء وزير الخارجية الايراني حسن امير عبداللهيان الاربعاء مع الرئيس السوري بشار الاسد حيث تباحث الجانبان حول التعاون الثنائي والتطورات الاقليمية والدولية.

وهنأ امير عبداللهيان لنجاحات سوريا في الاصعدة السياسية والميدانية، مؤكدا على استمرار دعم الجمهورية الاسلامية الايرانية للحكومة والشعب السوري.

واشار الى ان فصلا جديدا من التعاون الاقتصادي والتجاري بين البلدين قد بدأ واضاف: ان التعاون الاقتصادي بين ايران وسوريا مدرج بصورة جادة في جدول اعمال العلاقات بين البلدين وان تسهيل النقل والترانزيت بين البلدين يحظى بالاهتمام وفي هذا السياق فان التعامل والعلاقات الشعبية يكتسب الاهمية ايضا.

ورحب امير عبداللهيان بتطبيع العلاقات بين دول المنطقة وسوريا واشار الى الاشتراك في المواقف بين البلدين في الكثير من القضايا والمواضيع الاقليمية والدولية واضاف: انه وفيما يتعلق بالتوترات الاقليمية تعارض الجمهورية الاسلامية الايرانية اي حرب وتدعو الى حل وتسوية الخلافات عن طريق الحوار والسبل السلمية السياسية. وفي هذا السياق تدعو ايران لحل وتسوية ازمة اليمن عن طريق الحوار اليمني-اليمني وترى بان تغيير سلوك بعض دول المنطقة يمكنه المساعدة في الوصول الى حل لهذه الازمة.

وحول تطورات قضية اوكرانيا قال: نحن نعارض الحرب ونعارض الحظر. طريق الحل لازمة اوكرانيا هو الحل السياسي.

وبشان مفاوضات فيينا بين ايران ومجموعة "4+1" قال امير عبداللهيان: لقد اقتربنا من الاتفاق في مفاوضات فيينا. ورغم ان الاميركيين يدعون بانهم يرغبون بحل القضايا والوصول الى الاتفاق ولكن عليهم ايضا ان يثبتوا عمليا حسن نواياهم.

من جانبه أكد الرئيس السوري بشار الأسد خلال اللقاء صوابية المسار الذي تسلكه إيران في هذا الإطار عبر تمسكها بالمبادئ والحقوق وعدم التنازل أمام ما تتعرض له من ضغوط، معتبراً أنه في السياسة لا توجد نوايا بل معايير ومبادئ.

وقال: أن التوصل لاتفاق حول الملف النووي الإيراني أصبح اليوم أكثر أهمية لخدمة مصالح إيران والمنطقة وللتوازن العالمي.

واعتبر الرئيس الاسد زيارة مجموعة من علماء اهل السنة في ايران لسوريا بانه يكتسب معنى مهما.

وحمل الرئيس السوري، وزير الخارجية الايراني تحياته الحارة لقائد الثورة الاسلامية الامام الخامنئي ورئيس الجمهورية آية الله ابراهيم رئيسي.

وجرى البحث خلال اللقاء حول تطورات القضية الفلسطينية وسائر القضايا الثنائية والاقليمية والدولية.

 

طريقة التدريس المملة للرياضيات تعد سببا رئيسيا وراء كراهيتها.

أكبر عقبة في عملية تعلم الرياضيات هي الافتقار إلى الممارسة (غيتي)

ليلى علي

الرياضيات هي أساس الحياة وبدونها لا يستطيع العالم أن يتحرك شبرا واحدا. يحتاج كل شخص إلى الرياضيات في حياته اليومية، سواء كان طباخا أو مزارعا أو نجارا أو ميكانيكيا أو صاحب متجر أو طبيبا أو مهندسا أو عالما أو موسيقيا.

حتى الحشرات تستخدم الرياضيات في حياتها اليومية من أجل الوجود. تصنع القواقع أصدافها، والعناكب تصمم شبكاتها، ويبني النحل أمشاطا سداسية. هناك أمثلة لا حصر لها من الأنماط الرياضية في نسيج الطبيعة. يمكن لأي شخص أن يكون عالم رياضيات إذا تم إعطاؤه التوجيه والتدريب المناسبين في الفترة التكوينية من حياته.

وبالرغم من كل ذلك تتمتع الرياضيات بسمعة واسعة لكونها المادة التي يكرهها الطلاب. ومن المألوف سماع عبارة "أنا أكره الرياضيات" أو "الرياضيات صعبة للغاية"، ولكن ما الأسباب الشائعة التي تجعل الكثير من الطلاب يكرهون الرياضيات؟

إن تعلم الرياضيات يمكن أن يكون سهلا وماتعا إذا كان المنهج يتضمن أنشطة وألعابا رياضية (بيكسلز)

عدم معرفة الأساسيات

وفقا لمدونة "سكوول ليسنز" (Schoolessons)، يعد هذا هو السبب الأول لكراهية الأطفال للرياضيات. وبدون تعلم الأساسيات جيدا للطلاب في الفصول الدراسية الأولى لا يمكنهم فهم دروس الرياضيات في الفصول المتقدمة. فقد تم تصميم منهج الرياضيات بطريقة تجعل الأطفال يواجهون مشاكل رياضية أكثر تعقيدا أثناء وصولهم إلى فصول دراسية أعلى والتي لا يمكن القيام بها دون معرفة الأساسيات.

لا توجد قصص في الرياضيات

طريقة التدريس المملة للرياضيات تعد سببا آخر وراء كراهيتها. في العلوم والمواد الأخرى، يمكن تدريس الموضوعات بطريقة سرد القصص التي تخلق مساحة للطفل للدخول في الموضوع بتخيلاته وأحلامه مما يجعل الموضوع أكثر تشويقا حتى يفهمه الطفل. ولكن في حال الرياضيات، لا توجد قصص يمكن للمدرسين مشاركتها مع الطلاب، فهناك فقط بعض الصيغ والنظريات والإجراءات الرياضية الأكثر تعقيدا.

مشكلة الذاكرة

يعاني معظم الطلاب من مشاكل في الذاكرة تؤثر على دراستهم. لكن الرياضيات بشكل أساسي تعتمد على تذكر المعادلات والنظريات والرسوم البيانية وحساب التفاضل والتكامل واللوغاريتمات والمتواليات وغيرها الكثير التي يصعب على الأطفال حفظها.

مشكلة أخرى تكمن في طريقة الحل، حيث يمكن أن تكون هناك طرق مختلفة للوصول إلى نفس النتيجة، لكن الطفل بحاجة إلى تذكر الطريقة التي يريدها المعلم في الفصل للحصول على العلامات الكاملة. يجب كتابة كل خطوة متضمنة في حل المشكلة كما يريد المعلم.

يكره بعض الطلاب الرياضيات لأنهم يعتقدون أنها مملة (غيتي)

طرق محدودة لكسب العلامات

وفقا لما جاء في موقع "أكسفورد ليرنينغ" (Oxford learning)، فإنه في موضوعات مثل اللغة الإنجليزية أو الكتابة، يمكن أن يحصل الطالب على العلامات من مجموعة متنوعة من العوامل مثل الإبداع والتهجئة والقواعد والأسلوب وعلامات الترقيم وغيرها. أما في الرياضيات، هناك فرص قليلة لكسب العلامات لأن الإجابة يمكن أن تكون إما صحيحة أو خاطئة فقط.

الاعتقاد بأن الرياضيات مادة مملة

يكره بعض الطلاب الرياضيات لأنهم يعتقدون أنها مملة. فهم لا يهتمون بالأرقام والصيغ بالطريقة التي يتحمسون بها للتاريخ أو العلوم أو اللغات أو الموضوعات الأخرى التي يسهل التفاعل معها شخصيا. يرون الرياضيات كأرقام مجردة وغير ذات صلة يصعب فهمها.

سهولة ارتكاب الأخطاء

يتطلب تعلم الرياضيات ارتكاب الكثير من الأخطاء. يجب على الطلاب تكرار نفس أنواع الأسئلة مرارا وتكرارا حتى يحصلوا على الإجابات الصحيحة، وقد يكون الأمر محبطا في حال تكرر الحصول على إجابات خاطئة، يمكن لذلك أن يؤثر سلبا على ثقة الفرد، مما يدفعه إلى الابتعاد عن الموضوع.

أكبر عقبة في تعلم الرياضيات

أكبر عقبة في عملية تعلم الرياضيات هي الافتقار إلى الممارسة. يجب أن يعمل الطلاب يوميا على حل 10 مشاكل على الأقل من مناطق مختلفة من أجل إتقان المفهوم وتطوير السرعة والدقة في حل مشكلة ما. يجب كذلك تشجيع الطلاب في سن صغيرة على تعلم جداول الضرب.

يعاني معظم الطلاب من مشاكل في الذاكرة تؤثر على مستوى تحصيلهم الدراسي (غيتي)

التعلم من الأخطاء

ارتكاب الأخطاء جزء من التعلم، إذا شعر طفلك بالإحباط أثناء تعلم الرياضيات، ذكريه أن ارتكاب الأخطاء هو مجرد جزء من عملية التعلم. من المهم ألا يتجنب المهام التي تنطوي على تحديات وتتطلب عملا شاقا. ساعدي طفلك على فهم أنه كلما كان من الصعب الحصول على إجابة صحيحة؛ كان ذلك أكثر إمتاعا عندما يحلها في النهاية.

والرياضيات جزء من الحياة، أظهري لطفلك كيف ترتبط الرياضيات بسيناريوهات العالم الحقيقي من أجل إثارة اهتمامه بالموضوع. إذا كان لديك أي أقارب أو أصدقاء يعملون مع الأرقام خلال عملهم، فاطلبي منهم التحدث إلى طفلك حول وظيفتهم في المرة القادمة التي يرونه فيها.

واستخدمي ألعاب تحفيز ذهنية، في أوقات فراغ طفلك، قدمي له ألعاب تحفيز ذهنية قائمة على الأرقام تركز على بناء مهارات حل المشكلات بدلا من الحفظ. يمكن أن تكون هذه طريقة ماتعة لإثارة اهتمام طفلك بالرياضيات.

كيف يتجنب طفلك رهاب الرياضيات في المدرسة؟

وفقا لموقع "تايمز أوف إنديا" (TimesOfIndia)، فإن تعلم الرياضيات يمكن أن يكون سهلا وماتعا إذا كان المنهج يتضمن أنشطة وألعابا رياضية. تشجع الألغاز في الرياضيات الطفلَ، وتجذب موقفا منفتحا بين الشباب وتساعدهم على تطوير الوضوح في تفكيرهم.

يجب التركيز على تطوير مفهوم واضح في الرياضيات لدى الطفل، مباشرة منذ الصفوف الابتدائية. إذا فشل المعلم في ذلك، سيطور الطفل رهابا للرياضيات أثناء انتقاله إلى الفصول العليا. لشرح موضوع في الرياضيات، يجب على المعلم أن يساعد بالصور والرسومات والمخططات والنماذج قدر الإمكان.

متى تكتمل عملية التعلم؟

يُعتقد أن عملية التعلم تكتمل إذا كانت حاسة السمع لدينا مصحوبة بإحساسنا بالبصر. يجب عرض أسئلة مفتوحة على الطفل للإجابة عنها ويجب تشجيعه على التفكير في الحلول بكل الطرق الممكنة. ويجب تقدير الطفل لكل محاولة صحيحةـ ويجب تصحيح الأخطاء فورا من دون أي انتقاد.

العصر الحالي هو عصر تنمية المهارات والابتكارات. كلما كنا أكثر معرفة وتعاملا بالرياضيات في نهجنا، سنكون أكثر نجاحا. إنها أداة في أيدينا لجعل حياتنا أبسط وأسهل.

المصدر : مواقع إلكترونية

أكد قائد الثورة الاسلامية سماحة آية الله العظمى السيد علي الخامنئي ، ان خدمات المرحوم حجة الاسلام محمدي ريشهري كانت مصدر خير لنظام الجمهورية الاسلامية الايرانية.

ادى قائد الثورة الإسلامية ، مساء يوم الاربعاء صلاة الجنازة على جثمان الراحل حجة الإسلام والمسلمين ريشهري، ثم ألقى كلمة قصيرة أمام ذوي الفقيد والمقربين منه، واصفا خدمات المرحوم بانها كانت مصدر ر خير لنظام الجمهورية الاسلامية الايرانية.

كما اشار آية الله الخامنئي إلى لقائه الأول مع المرحوم ريشهري، وكذلك اجتماعات العمل ، بما في ذلك أثناء تصديره لوزارة الامن، وقال: لقد استمتعت حقًا بلقائه والتحدث معه، لأنه كان حريصا ويحمل قيم معنوية في الدرب وفي العمل.
أصدر قائد الثورة الاسلامية آية الله العظمى السيد علي الخامنئي بيانا عزى فيه بوفاة حجة الاسلام محمدي ري شهري مثنيا على الجهاد المستمر لهذا العالم الثوري وتقواه ونقاء نفسه معتبرا رحيله خسارة مريرة تثير الأحزان.

تجدر الاشارة الى سماحة قائد الثورة اشار في البيان الذي أصدره الى تواجد هذا العالم الرباني ورجل العلم والاخلاق والثورة والسياسة والادارة في مختلف سوح الجهاد ما صنع منه شخصية قل نظيرها، قائلا "انني وخلال عشرات السنوات من معرفتي به شهدت منه دوما الصلاح والتقوى، وآمل ان تؤدي هذه الباقيات القيمة الى نيل موجبات الرحمة والمغفرة الالهية وعلو الدرجات".

ولبى حجة الاسلام محمدي ري شهري سادن روضة السيد عبدالعظيم الحسني عليه السلام أمس الاول الثلاثاء، نداء ربه عن عمر يناهز 75 عاما.

ولد هذا العالم الرباني في طهران عام 1946 وذهب إلى حوزة قم للدراسة عام 1961 وتتلمذ عند علماء كبار مثل آية الله كلبايكاني ووحيد خراساني والحائري وجواد تبريزي وغيرهم.

 

وكان حجة الاسلام ري شهري في طليعة المجاهدين خلال سنوات الثورة ، وبعد الثورة شغل مناصب كعضو في مجلس خبراء القيادة ، ووزارة الامن ، والنائب العام للبلاد، وبعض المسؤوليات الأخرى ، بما في ذلك إنشاء وإدارة جامعة القرآن والحديث.

وتعرض هذا العالم المجاهد الى الاعتقال والمحاكمة واودع السجن في زمن النظام السابق عدة مرات بسبب نضاله وخطاباته المعادية للنظام البائد وكان له دور بارز في دعوة الجماهير الى النضال والثورة .

وكان الفقيد الراحل ايضا من اعضاء مجمع تشخيص مصلحة النظام كما عينه قائد الثورة الاسلامية في منصب ممثل الولي الفقيه في منظمة الحج والزيارة ورئيس بعثة الحج الايرانية ايضا.

ولهذا العالم الراحل العديد من الكتب والمؤلفات في العلوم الاسلامية والانسانية والتاريخ.  

 

الإثنين, 21 آذار/مارس 2022 10:26

موقف العقل من القرآن الكريم

د. عمرو شريف

◄مما يلفت الانتباه أن لفظ "العقل" في صيغته الاسمية لم يرد في القرآن الكريم مطلقاً، لكن وردت مشتقاته في صِيغَّه الفعلية، مثل عقلوا ويعقلون وتعقلون ونعقل ويعقل، قرابة خمسين مرة. أما الألفاظ التي تدل على النشاط العقلي بصفة عامة، مثل التفكير والتدبر والعلم والنظر والإدراك والتفكر والتبصر، فقد وردت مئات المرات.

وربما يرجع عزوف القرآن الكريم عن استخدام الصيغ الاسمية إلى اهتمامه بالأفعال ونتائجها أكثر من اهتمامه بالتفاصيل النظرية. كذلك فإن استخدام الصيغة الاسمية يتطلب وضع تعريفاً للعقل، بينما  كثيراً ما تفشل التعريفات في تصوير الشيء المُعرَّف تصويراً دقيقاً، لاسيّما إذا اتصل هذا الشيء بحقائق روحية أو نفسية، حتى قالوا "يكمن الشيطان في التعريفات، كما يكمن في التفاصيل". كما يتطلب استخدام الصيغة الاسمية المُعرَّفة تحديد الموضع والعضو الذي يقوم بتلك المهمة، ويبدو من تناول القرآن الكريم – وأيضاً  كما أثبت العلم – أنّ هذه قضية شديدة التعقيد.

ومن أجل أن نستخلص موقف القرآن الكريم من العقل، نعرض ثلاثة نماذج من الآيات تدعونا إلى استخدام العقل وإلى التأمل، نحسب أنها  كافية لعرض تصورنا عن "موقف القرآن الكريم من العقل" والذي استخلصناه من تأمل جميع الآيات التي ورد فيها ما يدل على العقل:

أ‌)      في تأمل الظواهر الكونية يقول تعالى:

(إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنْفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ مَاءٍ فَأَحْيَا بِهِ الأرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأرْضِ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ) (البقرة/ 164).

(وَهُوَ الَّذِي مَدَّ الأرْضَ وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْهَارًا وَمِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ جَعَلَ فِيهَا زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ * وَفِي الأرْضِ قِطَعٌ مُتَجَاوِرَاتٌ وَجَنَّاتٌ مِنْ أَعْنَابٍ وَزَرْعٌ وَنَخِيلٌ صِنْوَانٌ وَغَيْرُ صِنْوَانٍ يُسْقَى بِمَاءٍ وَاحِدٍ وَنُفَضِّلُ بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ فِي الأكُلِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ) (الرّعد/ 3-4).

ب‌) في تأمل الأنفس البشرية يقول تعالى:

(وَفِي الأرْضِ آيَاتٌ لِلْمُوقِنِينَ * وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلا تُبْصِرُونَ) (الذاريات/ 20-21).

(أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا فِي أَنْفُسِهِمْ مَا خَلَقَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلا بِالْحَقِّ وَأَجَلٍ مُسَمًّى وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ بِلِقَاءِ رَبِّهِمْ لَكَافِرُونَ) (الرّوم/ 8).

(سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ) (فصّلت/ 53).

ج) وفي تأمل الظواهر الاجتماعية يقول تعالى:

(أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلا تَعْقِلُونَ) (البقرة/ 44).

(ضَرَبَ لَكُمْ مَثَلا مِنْ أَنْفُسِكُمْ هَلْ لَكُمْ مِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ شُرَكَاءَ فِي مَا رَزَقْنَاكُمْ فَأَنْتُمْ فِيهِ سَوَاءٌ تَخَافُونَهُمْ كَخِيفَتِكُمْ أَنْفُسَكُمْ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ) (الرّوم/ 28).

يمكن من تأمل هذه الآيات الكريمة – وغيرها – أن نستخلص عدة ملاحظات حول موقف القرآن الكريم من العقل، أهمها:

أوّلاً: الثقة التي يوليها القرآن الكريم للحواس، بحيث تكون معطياتها دائماً هي منطلق التفكر والتدبر للاستدلال على الصانع المنعم. وهذا يدل كذلك على وثاقة الارتباط بين كلٍ من الحواس والعقل.

ثانياً: الوضوح والبساطة فيما تأمر به الآيات من عمليات التفكير والتدبر والتعقل، كأنّها أمور لا تحتاج إلى تفكير عميق، أو بحث غامض، أو تحليل معقد (كمنهج الفلسفة والمنطق علم الكلام)، وإنما هي تُدرَك إدراكاً مباشراً أشبه ما يكون بالبهديهيات العقلية.

ثالثاً: يمثل العقل ميزة فريدة وضعها الله – عزّ وجلّ – في الإنسان؛ به يَعرف ثمّ يعمل، ومن هنا  كانت مسؤولياته.

رابعاً: أنّ العقل الذي يتحدث عنه القرآن الكريم ليس عقلاً مجرداً، أو جوهراً قائماً بذاته (كما يعتقد الفلاسفة)، وإنما هو ظاهرة أو طاقة أو مَلَكة تمثل قدرة إلهية في الإنسان، زوده الله تعالى بها ليستعملها في حدودٍ رسمها له ونبهه إليها. وبها يصبح العقل الإنساني – في القرآن الكريم – عقلاً واعياً بطاعة الله عزّ وجلّ، فيأتمر عن طواعية بما أمر الله تعالى به.

خامساً: إنّ العقل البشري لا يصلح أن يكون حَكَماً في كلّ شيء، ويتوجه هذا الحَجْر إلى بضعة أمور:

1-    أمور لا يدركها العقل الإنساني، كالذات الإلهية، فليس مما يعرفه العقل شيء يماثلها، حتى يمكن أن يقيسها عليه.

2-    أمور لا تدخل في حدود الطبيعة البشرية المحددة، كحقيقة الروح.

3-    أمور لا تلزم للنهوض بوظيفة الإنسان في الوجود؛ كالغيب المحجوب عن العلم البشري، ومثاله موعد يوم القيامة.

ويبين الحق سبحانه كيف ينبغي تلقِّي مثل هذه الأمور، التي هي فوق مدركات البشر:

(هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلا أُولُو الألْبَابِ * رَبَّنَا لا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ) (آل عمران/ 7-8).

وفيما عدا هذه الجوانب، فإنّ العقل البشري مدعو للتدبر والتفكر والاعتبار، والتطبيق في عالم الضمير وعالم الواقع في إطار منهج الإسلام. وما من دين – أو منهج وضعي – احتفل بإيقاظ الإدراك البشري، وإطلاقه من قيود الوهم والخرافة، وصيانته في الوقت ذاته من التبدد، كما فعل الإسلام.

سادساً: إنّ العقل ينبغي أن يتحرك من أجل ثلاث غايات متداخلة متلازمة؛ غاية إيمانية، وغاية معرفية، وغاية سلوكية حياتية. ومجال حركته ثلاثة جوانب متداخلة: الظواهر الكونية – الأنفس – الظواهر الاجتماعية.

إنّ المنهج الذي يرسمه القرآن للعقل للنظر والتدبر، هو الانتقال من الجزئيات إلى الكليات، أو تحليل الكليات إلى جزئياتها ثمّ الانتقال من ذلك إلى التركيب (الخروج بمفاهيم جديدة)، أو أي طريقة أخرى يكتشفها العقل لنفسه دونما قيد عليه أو حَجْر. وبهذا المعنى فإنّ القرآن الكريم يحفز العقل البشري إلى النظر في الآفاق والأنفس والمجتمعات بأي منهج علمي، مهما تعددت المناهج ومهما تَسَمَّت العلوم بأسماء متشابهة أو متباينة.

سابعاً: يقرر القرآن الكريم ان من يعطل طاقة العقل الممنوحة له ينزل إلى مرتبة دون مرتبة الحيوان.

(إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لا يَعْقِلُونَ) (الأنفال/ 22).

كما يقرر القرآن أن جزاء معطل العقل هو السعير.

(وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ* فَاعْتَرَفُوا بِذَنْبِهِمْ فَسُحْقًا لأصْحَابِ السَّعِيرِ) (الملك/ 10-11).

ثامناً: لم يكتف القرآن الكريم بحَثِّ العقل على العمل وترك التقليد والجحود، لكنه أثار أمامه عدداً من المسائل والقضايا الحيوية، وعالجها كنماذج لما ينبغي أن يكون عليه أداء العقل للقيام بالرسالة المنوطة به. وأهم هذه القضايا بالطبع قضية الاستدلال على خالق الكون دون وقوع في المحظور؛ الذي هو البحث في كنه الله وفيما اختص به نفسه. ومن هذه القضايا أيضاً الخلافات الجوهرية مع أرباب الملل والنحل الأخرى، كدعوى ألوهية عيسى (ع).

تاسعاً: ربما  كانت أقرب الآيات إشارة لموضع عملية التعقل هي قول الحق – عزّ وجلّ –: (أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الأرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لا تَعْمَى الأبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ) (الحج/ 46)، وتشير الآية إلى أن للقلب دوراً في عملية التعقل. ولنا في هذه الآية تأويلان؛ إما أنها لا تقصد العضلة الكائنة في الجانب الأيسر من تجويف الصدر والتي تضخ الدم لأجزاء الجسم، بل تشير إلى "الجوهر" المدرك المتعقل في الإنسان، وأنّ الآية قد استخدمت كلمة قلب لوصف هذا الجوهر. ون أنّ الآية تشير إلى العضو التشريحي المسمى بالقلب، وفي هذه الحالة لا تتعارض الآية مع معارفنا العلمية، إذ إنّ الشواهد العلمية الحديثة تتجمع منذ قرابة ثلاثة عقود على أنّ لهذا القلب دوراً في المنظومة المعرفية والشعورية للإنسان.

وبعد هذا العرض لموقف القرآن الكريم من العقل، هل لي أن أتساءل: أمن سوء الفهم أو من سوء القصد أن يُرمَى القرآن الكريم بأنّه مُعَوِّق للفكر مقيد لحريته، أو القول بأنّ النظر العقلي عند العرب كان محاولة لتكميل القرآن في الجانب الذي قَصَّرَ فيه؟! لا شك أن تلك دعاوي باطلة.►

 

المصدر: كتاب ثمّ صارَ المخُّ عقلاً

 

لماذا لم يظهر الإمام المهدي (عج) إلى الآن؟ وإذا كان قد أَعَدَّ نفسه للعمل الاجتماعيّ، فما الذي منعه عن الظهور على المسرح في فترة الغيبة الصغرى أو في أعقابها، بدلًا عن تحويلها إلى غيبةٍ كبرى، حيث كانت ظروف العمل الاجتماعيّ والتغييريّ، وقتئذٍ، أبسط وأيسر، وكانت صِلتُه الفعليّة بالناس، من خلال تنظيمات الغيبة الصغرى، تتيح له أن يجمع صفوفه ويبدأ عمله بدايةً قويّةً، ولم تكن القوى الحاكمة من حوله قد بلغت الدرجة الهائلة من القدرة والقوّة التي بلغتها الإنسانيّة بعد ذلك، من خلال التطوّر العلميّ والصناعيّ؟
 
الظروف الموضوعيّة، وأثرها في عمليّات التغيير الاجتماعيّ
والجواب، إنّ كلّ عمليّة تغييرٍ اجتماعيٍّ يرتبط نجاحها بشروطٍ وظروفٍ موضوعيّةٍ لا يتأتّى لها أن تُحقِّق هدفها، إلّا عندما تتوفّر تلك الشروط والظروف. وتتميّز عمليّات التغيير الاجتماعيّ، التي تفجّرها السماء على الأرض، بأنّها لا ترتبط، في جانبها الرساليّ، بالظروف الموضوعيّة؛ لأنّ الرسالة التي تعتمدها عمليّة التغيير هنا، ربانيّةٌ ومن صنع السماء، لا من صنع الظروف الموضوعيّة، ويرتبط نجاحها وتوقيتها بتلك الظروف.

ومن أجل ذلك، انتظرت السماءُ مرور خمسة قرونٍ من الجاهليّة، حتّى أنزلت آخر رسالاتها، على يد النبيّ محمّدٍ (صلى الله عليه وآله)؛ لأنّ الارتباط بالظروف الموضوعيّة للتنفيذ، كان يفرض تأخّرها، على الرغم من حاجة العالَم إليها منذ فترةٍ طويلةٍ قبل ذلك.
والظروف الموضوعيّة، التي لها أثرٌ في الجانب التنفيذيّ من عمليّة التغيير، منها ما يشكّل المناخ المناسب والجوّ العامّ للتغيير المستهدف، ومنها ما يشكّل بعض التفاصيل التي تتطلّبها حركة التغيير، من خلال منعطفاتها التفصيليّة.

فبالنسبة إلى عمليّة التغيير التي قادها -مثلًا- لينين في روسيا بنجاحٍ، كانت ترتبط بعاملٍ من قبيل قيام الحرب العالَميّة الأولى، وتَضَعْضُعِ القيصريّة، وهذا ما يساهم في إيجاد المناخ المناسب لعمليّة التغيير، وكانت ترتبط بعوامل أخرى جزئيّةٍ ومحدودةٍ، من قبيل سلامة لينين -مثلًا- في سفره الذي تسلّل فيه إلى داخل روسيا، وقاد الثورة؛ إذ لو كان قد اتّفق له أيُّ حادثٍ يعيقه، لكان من المحتمل أن تفقد الثورةُ، بذلك، قدرتَها على الظهور السريع على المسرح.

وقد جرت سنّة الله -تعالى- التي لا تجد لها تحويلًا، في عمليّات التغيير الربّانيّ، على التقيّد، من الناحية التنفيذيّة، بالظروف الموضوعيّة، التي تحقّق المناخ المناسب والجوّ العامّ لإنجاح عمليّة التغيير. ومن هنا، لم يأتِ الإسلام إلّا بعد فترةٍ من الرُسل، وإفراغٍ مريرٍ استمرّ قرونًا من الزمن.

فعلى الرغم من قدرة الله -سبحانه وتعالى- على تذليل العقبات والصعاب كلّها في وجه الرسالة الربّانيّة، وخلق المناخ المناسب لها خلقًا بالإعجاز، لم يشأ أن يستعمل هذا الأسلوب؛ لأنّ الامتحان والابتلاء والمعاناة التي من خلالها يتكامل الإنسان، يفرض على العمل التغييري الربّانيّ أن يكون طبيعيًّا وموضوعيًّا من هذه الناحية. وهذا لا يمنع من تدخّل الله -سبحانه وتعالى-، أحيانًا، فيما يخصّ بعض التفاصيل التي لا تكوِّن المناخ المناسب، وإنّما قد يتطلّبها، أحيانًا، التحرّك ضمن ذلك المناخ المناسب. ومن ذلك، الإمداداتُ والعناياتُ الغيبيّةُ التي يمنحها الله -تعالى- لأوليائه في لحظاتٍ حرجةٍ، فيحمي بها الرسالة؛ وإذا بنار نمرودٍ تصبح بَردًا وسلامًا على إبراهيم، وإذا بيد اليهوديّ الغادِر التي ارتفعت بالسيف على رأس النبيّ (صلى الله عليه وآله) تُشَلّ وتفقد قدرتها على الحركة، وإذا بعاصفةٍ قويّةٍ تجتاح مخيّمات الكفّار والمشركين، الذين أحدقوا بالمدينة في يوم الخندق، وتبعث في نفوسهم الرعب. إلّا إنّ هذا كلّه لا يعدو التفاصيل وتقديم العون في لحظاتٍ حاسمةٍ، بعد أن كان الجوّ المناسب والمناخ الملائم لعمليّة التغيير، على العموم، قد تكوّن بالصورة الطبيعيّة، ووفقًا للظروف الموضوعيّة.
 
موقف الإمام المهديّ (عج) من الظروف الموضوعيّة
وعلى هذا الضوء، ندرس موقف الإمام المهديّ (عج)، لنجد أنّ عمليّة التغيير، التي أُعِدَّ لها، ترتبط من الناحية التنفيذيّة -كأيّ عمليّةِ تغييرٍ اجتماعيٍّ أخرى- بظروفٍ موضوعيّةٍ تساهم في توفير المناخ الملائم لها. ومن هنا، كان من الطبيعيّ أن تُوَقَّت وفقًا لذلك.

ومن المعلوم أنّ المهديّ لم يكن قد أعدّ نفسه لعملٍ اجتماعيٍّ محدودٍ، ولا لعمليّةِ تغييرٍ تقتصر على هذا الجزء من العالَم أو ذاك؛ لأنّ رسالته، التي ادُّخِر لها من قِبَلِ الله -سبحانه وتعالى-، هي تغييرُ العالَم تغييرًا شاملًا، وإخراج البشريّة، كلّ البشريّة، من ظلمات الجور إلى نور العدل. وعمليّة التغيير الكبرى هذه لا يكفي في ممارستها مجرّد وصول الرسالة والقائد الصالح، وإلّا لتمّت شروطُها في عصر النبوّة بالذات، وإنّما تتطلّب مناخًا عالَميًّا مناسِبًا، وجوًّا عامًّا مساعِدًا، يحقّق الظروف الموضوعيّة المطلوبة لعمليّة التغيير العالَميّة.

فمن الناحية البشريّة، يُعتبَر شعور إنسان الحضارة بالنفاد عاملًا أساسيًّا في خلق ذلك المناخ المناسب لتقبّل رسالة العدل الجديدة، وهذا الشعور بالنفاد يتكوّن ويترسّخ من خلال التجارب الحضاريّة المتنوّعة، التي يخرج منها إنسان الحضارة مثقلًا بسلبيّاتِ ما بنى، مُدرِكًا حاجته إلى العون، متلفّتًا بفطرته إلى الغيب أو إلى المجهول.

ومن الناحية المادّيّة، يمكن أن تكون شروط الحياة المادّيّة الحديثة أقدر من شروط الحياة القديمة، في عصرٍ كعصر الغيبة الصغرى، على إنجاز الرسالة على صعيد العالَم كلّه، وذلك بما تحقّقه من تقريبِ المسافات، والقدرة الكبيرة على التفاعل بين شعوب الأرض، وتوفير الأدوات والوسائل التي يحتاجها جهازٌ مركزيٌّ لممارسة توعيةٍ لشعوب العالَم، وتثقيفها على أساس الرسالة الجديدة.

وأمّا ما أُشيرَ إليه في السؤال، من تنامي القوى والإرادة العسكريّة التي يواجهها القائد في اليوم الموعود كلّما أجَّل ظهوره، فهذا صحيحٌ. ولكن، ماذا ينفع نموّ الشكل المادّيّ للقوّة، مع الهزيمة النفسيّة من الداخل، وانهيار البناء الروحيّ للإنسان الذي يملك تلك القوى والأدوات كلّها؟ وكم من مرّةٍ، في التاريخ، انهار بناءٌ حضاريٌّ شامخٌ بأوّل لمسةٍ غازِيَةٍ؛ لأنّه كان منهارًا قبل ذلك، وفاقدًا الثقةَ بوجوده، والقناعةَ بكيانه، والاطمئنانَ إلى واقعه؟

الإمام المهديّ وبناء المجتمع الإلهيّ، دار المعارف الإسلاميّة الثقافيّة

16-03-2022

 

الإثنين, 21 آذار/مارس 2022 10:22

لماذا الأمل والثقة بالمستقبل‏؟

يقول القائد دام ظله موضحاً الاستفادة الاجتماعية العامة من الإيمان بالمهدي عجل الله تعالى فرجه قائلاً:
 
"افترضوا أن هناك سفينة قد حاصرتها الأمواج في بحرٍ هائج وركابها لا يعتقدون بوجود شاطئ للأمان حتى على بعد آلاف الأميال ولا يمتلكون من الطعام والماء ووسائل الحركة سوى الشي‏ء اليسير، فكيف سيكون موقف ركّاب هذه السفينة؟ هل يمكن تصوّر أنهم سيبذلون جهودهم من أجل قيادة هذه السفينة إلى الأمام؟ قطعاً كلا، لأن الإنسان حينما يشعر بأن هلاكه حتمي فأي جهد ونشاط سيبذله؟ لأنه سيفقد كل أمل له في هذه الحالة.
 
 ...  والصورة الأخرى هي أن ركاب هذه السفينة على يقين من وجود شاطئ قريب أو بعيد يمكنهم الوصول إليه، ولا يعلمون كم يبذلون من الجهد للوصول إليه، إلا أنهم على يقين من وجود ذلك الشاطى‏ء وإمكانية الوصول إليه. ففي مثل هذه الحالة ماذا سيصنع ركاب تلك السفينة؟ طبعاً سيبذلون كل ما في وسعهم من أجل الوصول إلى شاطئ الأمان، وحتى لو منحوا ساعةً من الوقت فيستثمرون تلك الساعة في الحركة والنشاط الصحيح الهادف ويتعاونون فكرياً وجسدياً لبلوغ الشاطئ.
 
إذاً فللأمل مثل هذا الدور، فبمقدار ما يتواجد الأمل في قلب الإنسان فسيجمع الموت شتاته ويرحل عن ذلك القلب، لأن الأمل يدفع الإنسان إلى الحركة والنشاط ويجعله يتقدم ويكافح ليبقى حيّاً...".

 
فهذا الإيمان ليس مجرد مصدر للسلوة والعزاء فحسب، بل مصدر عطاء وقوة. فهو مصدر عطاء، لأن الإيمان بالمهدي إيمان يرفض الظلم والجور حتى وهو يسود الدنيا كلها، وهو مصدر قوة ودفع لا تنضب، لأنه بصيص نور يقاوم اليأس في نفس الإنسان، ويحافظ على الأمل المشتعل في صدره مهما أدلهمّت الخطوب وتعمق الظلم، لأن اليوم الموعود يثبت أن بإمكان العدل أن يواجه عالماً مليئاً بالظلم والجور فيزعزع ما فيه من أركان الظلم، ويقيم بناءه من جديد، وأن الظلم مهما تجبّر وامتدّ في أرجاء العالم وسيطر على مقدّراته، فهو حالة غير طبيعية، ولا بد أن ينهزم. وتلك الهزيمة الكبرى المحتومة للظلم وهو في قمّة مجده، تضع الأمل كبيراً أمام كل فرد مظلوم، وكل أمّة مظلومة، في القدرة على تغيير الميزان وإعادة البناء.
 
وإذا كانت فكرة المهدي عجل الله تعالى فرجه أقدم من الإسلام وأوسع منه، فإن معالمها التفصيلية التي حددها الإسلام، جاءت أكثر إشباعاً لكل الطموحات التي أنشدّت إلى هذه الفكرة منذ فجر التاريخ الديني، وأغنى عطاءاً، وأقوى إثارة لأحاسيس المظلومين والمعذّبين على مرِّ التاريخ.

وذلك لأن الإسلام حوّل الفكرة من غيب إلى واقع، ومن مستقبل إلى حاضر، ومن التطلّع إلى منقذ تتمخض عنه الدنيا في المستقبل البعيد المجهول إلى الإيمان بوجود المنقذ فعلاً، وتطلّعه مع المطلّعين إلى اليوم الموعود، واكتمال كل الظروف التي تسمح له بممارسة دوره العظيم.

فلم يعد المهدي فكرة ننتظر ولادتها، ونبوءةً نتطلّع إلى مصداقها، بل واقعاً قائماً ننتظر فاعليته، وإنساناً معيّناً يعيش بيننا بلحمه ودمه، يعيش مع آمالنا وآلامنا، ويشاركنا أحزاننا وأفراحنا، ويشهد كلّ ما تزخر به... على وجه الأرض من عذاب المعذّبين وبؤس البائسين وظلم الظالمين، ويكتوي بكل ذلك من قريب أو بعيد، وينتظر بلهفة اللحظة التي يتاح له فيها أن يمدّ يدّه إلى كل مظلوم، وكل محروم، وكل بائس، ويقطع دابر الظالمين، ومن الواضح أن الفكرة بهذه المعالم الإسلامية، تقرّب الهوّة الغيبية بين المظلومين كل المظلومين والمنقذ المنتظر، وتجعل الجسر بينهم وبينه في شعورهم النفسي قصيراً مهما طال الانتظار، وهذا مما يقوي النفوس، ويحييها بالأمل والثقة بالمستقبل الزاهر.
 
يقول الإمام القائد دام ظله: "تتسم عقيدة المهدوية بجملة من الخصائص التي تكون بالنسبة لكل شعب بمثابة الدم في الجسم، وبمثابة الروح في البدن، ومن جملة تلك الخصائص خاصيّة الأمل.
 
فقد تصل القوى المتغطرسة المتجبّرة بالشعوب الضعيفة إلى درجة تفقدها الأمل، وإذا فقدت الأمل لا تستطيع القيام بأي عمل، وتفقد الثقة بجدوى أي إجراء قد تلجأ إليه، متصورة أن الوقت قد فات، وأنها لا قدرة لها على مجابهة الخصم بأي نحو كان.
 
هذه هي روح اليأس التي ينشدها المستعمر، وكم يتمنى الاستكبار العالمي اليوم أن تمنى الشعوب الإسلامية، ومنها الشعب الإيراني العزيز، بهذه الحالة من اليأس، فترى من يقول: فات الأوان، لا يمكننا فعل شي‏ء! لا فائدة من التحرك!
 
يلقون هذه المفاهيم في أذهان الناس بالإكراه والقوة، ونحن المطلعون على الدعايات الإعلامية المعادية المسمومة، نلمس بكل جلاء أن معظم الأخبار التي يبثّوها تهدف إلى إشاعة اليأس في قلوب أبناء الشعب. يحبطون أمل الناس اتجاه الاقتصاد والثقافة، والمتديّنين من اتساع نطاق الدين، ودعاة الحرية والشؤون الثقافية والسياسية من إمكانية العمل السياسي أو الثقافي، ويصوِّرون مستقبلاً مظلماً مبهماً أمام أبصار الطامحين نحو المستقبل. ولكن ما هو الدافع من وراء ذلك؟ إنهم يحاولون تحويل الكيان الفعال بقتل الأمل في القلوب إلى كتلة ميتة أو شبه ميّتة، ليتاح لهم عند ذاك التعامل معه كما يحلو لهم، إذ ليس بمقدورهم التعامل مع الشعب. إذا كان حيّاً، كما يرغبون. الجسم الميت يمكن لكل من هبّ‏ ودبّ‏ أن يتصرف فيه كيف يشاء، ولكن لا يمكن لأحد أن يفعل ذلك مع الوجود الحي الفاعل المفكِّر، والمثل ينطبق على الشعوب أيضاً، فهم لا يستطيعون القيام بأي عمل ضدِّ الشعب... الحي الواعي المتيقّظ الذي يعرف قدر نفسه وقدر عزّته...
 
إذا كان الشعب خاملاً لا يرى لذاته قمة ومستقبلاً، يتمكن الأعداء وبكل سهولة أن يرسموا له مستقبله ويجعلوا أنفسهم أوصياء عليه، يقررون له ويعملون بدلاً عنه بلا أي رادع أو مانع. وهذا مبعثه الخمول، والخمول يأتي كنتيجة لفقدان الأمل...

إن الاعتقاد بالمهدوية، وبفكر المهدي الموعود أرواحنا فداه، يحيي الأمل في القلوب، والإنسان الذي يؤمن بهذه العقيدة لا يعرف اليأس طريقه إلى قلبه أبداً، وذلك لثقته بحتمية وجود نهاية مشرقة، فيحاول إيصال نفسه إليها بلا وجل من احتمالات الاخفاق، ومن الطبيعي أنهم حينما يفشلون في استلاب هذه العقيدة من النفوس يحاولون تشويهها في الأذهان...".
 
وفي كلام آخر لسماحة القائد دام ظله: "... وإنه لأمر في غاية الأهمية أن تتصور الأجيال البشرية المعاصرة استحالة فعل شي‏ء في مواجهة الظلم العالمي، إذ أننا حينما نتحدث الآن مع الشخصيات السياسية في العالم حول الظلم الذي تمارسه مراكز القدرة في العالم والنظام الدولي الجائر الذي يسود العالم بأسره ويتزعمه الاستكبار نراهم يقولون نعم، صحيح ما تقولون، وإن هؤلاء يمارسون الظلم حقاً، ولكن من المتعذر فعل شي‏ء. أي إن طائفة كبيرة من الشخصيات السياسية التي تمسك أيضاً بزمام الأمور على المستوى العالمي قد استحوذ عليها اليأس والقنوط وبدورهم يفرضون على شعوبهم هذا اليأس والقنوط ويبددون آمالهم في القدرة على تغيير الخارطة الشيطانية الظالمة لعالم اليوم. ومن الطبيعي إن اليائسين يعجزون عن القيام بأية حركة في طريق الإصلاح، فما يدفع البشر نحو العمل والحركة هو النور وقوّة الأمل، ولا معنى لهذا اليأس الذي يستحوذ على الكثير من النخب في هذا العالم، بالنسبة لنا نحن المؤمنين بالظهور الحتمي للمهدي الموعود عجل الله تعالى فرجه في المستقبل، فنحن نقولها: كلا، بالإمكان تغيير الخارطة السياسية للعالم، وبالإمكان مقارعة الظلم ومراكز القوة، وهذا المعنى ليس ممكناً فقط في المستقبل بل هو حتمي، وإذا ما آمن شعب بإمكانية تغيير الخارطة الشيطانية الظالمة القائمة اليوم في العالم تملّكته بشكل محتوم هيمنة الظالمين إلى الأبد، ولدى بني الإنسان القدرة على السعي لرفع راية العدل...".
 
ولا بد للمسلمين المؤمنين أن لا تزيل الأمل من نفوسهم مضي الأعوام، وينبغي عليهم أن لا تزيحهم عن الإيمان بالمهدي تطاول الأيام والسنون.
 
"إن مضي الأعوام وانصرامها لا يمكن أن يزيل الأمل أو يخفت بريقه من القلوب، في أن يتذوق كافة أبناء البشر طعم العدالة بالمعنى الحقيقي للكلمة في المستقبل الذي نأمل أن يكون غير بعيد"..

الإمام المهدي عجل الله فرجه الشريف، جمعية المعارف الإسلامية الثقافية

 

الإثنين, 21 آذار/مارس 2022 10:21

كيف يتعامل المؤمن مع الدنيا؟

يقول تعالى عن الدنيا: ﴿اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَكُونُ حُطَامًا وَفِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللهِ وَرِضْوَانٌ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ﴾[1]، وإنّ من عظيم الأسف أن يظلّ الكثيرون منّا في غفلة وتعامٍ عن ذلك، وقد قال الخالق تبارك وتعالى: ﴿وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَلَلدَّارُ الْآخِرَةُ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ﴾[2].
 
قال النبيّ الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم: "كُنْ في الدنيا كأنّك غريب أو عابر سبيل"[3]، يوجّهنا الذي ما ينطق عن الهوى صلى الله عليه وآله وسلم بهذا الحديث الشريف إلى أنّ المؤمن لا ينبغي له أن يتّخذ الدنيا داراً يطمئنّ فيها لأنّها دار هدنة أي: "دار بلاغ وانقطاع"، ونحن على ظهر سفر والسير بنا سريع، وقد رأينا الليل والنهار والشمس والقمر يبليان كلّ جديد، ويُقرّبان كلّ بعيد، ويأتيان بكلّ موعود، فالواجب إعداد الجهاز لبُعد المجاز، وقد اتفقت على ذلك وصايا أنبياء الله تعالى وأوصيائهم، وقال تعالى حاكياً نداء مؤمن آل فرعون: ﴿يَا قَوْمِ إِنَّمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا مَتَاعٌ وَإِنَّ الْآَخِرَةَ هِيَ دَارُ الْقَرَارِ﴾[4].
 
لقد نام سيّد ولد آدم صلى الله عليه وآله وسلم ذات يوم على حصير، فقام وقد أثّر في جنبه، فقالوا: يا رسول الله، لو اتخذنا لك وطاءً؟ فقال صلى الله عليه وآله وسلم: "ما لي وللدُّنيا، ما أنا في الدنيا إلاّ كراكبٍ استظلّ تحت شجرة ثمَّ راحَ وتركها"[5].
 
وخاطب مولانا الإمام علي بن الحسين عليهما السلام أصحابه قائلاً: "إخواني أوصيكم بدار الآخرة ولا أوصيكم بدار الدنيا، فإنّكم عليها حريصون، وبها متمسّكون، أما بلغكم ما قال عيسى ابن مريم عليهما السلام للحواريّين. قال لهم: الدنيا قنطرة، فاعبروها ولا تعمروها، وقال: أيّكم يبني على موج البحر داراً تلكم الدار الدنيا، فلا تتّخذوها قراراً"[6].
 
واجعل الموت نصب عينيك
أرشدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قائلاً: "أكثروا من ذكر هادم اللذّات، فقيل: يا رسول اللّه، وما هادم اللذّات؟ قال صلى الله عليه وآله وسلم: الموت، فإنّ أكيس المؤمنين أكثرهم ذكراً للموت، وأحسنهم للموت استعداداً"[7].
 
وقال الإمام أمير المؤمنين علي  عليه السلام: "من صوّر الموت بين عينيه هان أمر الدّنيا عليه"[8]، وقال  عليه السلام: "اتّقوا باطل الأمل، فربّ مستقبل يوم ليس بمستدبره، ومغبوط في أول ليلهِ قامت بواكيه في آخره"[9].
 
والواقع أنّ أصحاب العقول لا يُمكن أن يغترّوا بطول الآمال، وهم يرون في كلّ يوم وفي كلّ صباح وفي كلّ مساء أجناس الناس الذين ينتقلون إلى الدار الآخرة، ممّن هم أقوى منهم أبداناً وأكثر أموالاً كلّ هؤلاء يُدفنون جميعاً يُشيّعون ليُدفنوا في المقابر، وكلّنا صائرون إلى ذلك المصير، وقد قال مولانا أمير المؤمنين علي  عليه السلام: "من أيقن أنّه يُفارق الأحباب، ويسكن التراب ويواجه الحساب، ويستغني عمّا خلف، ويفتقر إلى ما قَدّم، كان حريّاً بقصر الأمل وطول العمل"[10].
 
إنّ المسلم إذا استحضر الموت وجعله نصب عينيه اجتهد في الطاعة، ونشط في العبادة، ومن يفعل ذلك أُكرم بتعجيل التوبة، وقناعة القلب، وأمّا أهل الغفلة الذين نسوا الموت وذكره، فحالهم لم يعد خافياً على أكثر عباد الله، لأنّ جُلّ أحوالهم أصبحت تُرى وتُشاهد، وأهل النظر السليم يرون كيف قد عوقب الذين نسوا الموت بتسويف التوبة، وعدم الرضا بالكفاف، والتكاسل في العبادة.
 
طلائع القلوب، جمعية المعارف الإسلامية الثقافية

[1] سورة الحديد، الآية 20.
[2] سورة الأنعام، الآية 32.
[3] الشيخ الطوسي، الأمالي، ص 381، المجلس الثالث عشر.
[4] سورة غافر، الآية 39.
[5] محمد بن عيسى الترمذي، الجامع الصحيح، ج 4 ص 508، حديث 2377، باب 44، طبعة دار الفكر.
[6] الشيخ المفيد أبو عبد الله محمَّد بن محمَّد بن النعمان العكبري، الأمالي، ص 43، المجلس السادس، طبعة 1: قم .
[7] ابن الأشعث محمد بن محمد، الجعفريات، ص 199، باب ذكر الموت، ط 1، مكتبة نينوى الحديثة، طهران.
[8] الآمدي، غرر الحكم و درر الكلم، ص625.
[9] م.ن، الفصل السابع "الأماني"، رقم: 7231.
[10] محمد بن علي الكراجكي، كنز الفوائد، ج 1، ص 351، طبعة 1: دار الذخائر، قم.

 

الإثنين, 21 آذار/مارس 2022 10:20

قلق أم تفاؤل وأمل؟.. بعد التقاعد

د. لطفي الشربيني

◄كلمة "التقاعد".. أو "الإحالة إلى المعاش".. لا شكّ أنها تثير في النفوس مشاعر نفسية سلبية غير مرغوبة.. فالتقاعد من العمل يمثل مشكلة نفسية حقيقية خصوصاً وانّه يرتبط بمرحلة السن المتقدم، ويعتبره الموظفون نهاية رديئة لرحلة العمل الحافلة.. ويرتبط في الأذهان بأنّ الشخص أصبح زائداً عن الحاجة، وانّه مقبل على مزيد من المتاعب بعد أن يصبح بلا عمل. وهنا أقدم لك – عزيزي القارئ – رؤية نفسية لمسألة التقاعد من العمل وما يرتبط بهذه المرحلة من مشكلات.. وهموم.. وكذلك الفوائد والإيجابيات التي لا يفكر بها أحد.. وكيف يمكن أن نعد أنفسنا لمواجهة مرحلة التقاعد.   - مشكلة إسمها.. "التقاعد": يعتبر التقاعد من العمل إحدى مشكلات الحضارة الحديثة، ويعني التقاعد أو الإحالة إلى المعاش التوقف عن العمل بالنسبة لمن يشغلون وظائف أو يقومون بأعمال رسمية عندما يبلغون سناً محددة، وكان الإنسان قديماً يظل يعمل حتى يفقد قواه بفعل العجز أو المرض فلم يكن هناك وجود لمثل هذه المشكلة، ومع ظهور المجتمعات الصناعية كان من الضروري تطبيق مبدأ التقاعد لكبار السن لتحقيق التوازن بين شباب العمال والموظفين وتجنب البطالة في الأجيال الأصغر سناً، ويبدو ذلك أمر لا مفر منه رغم أنّه لا يأتي على هوى الكبار الذين يرغمون على ترك عملهم في العادة وهم في قمة السلم الوظيفي فيتخلون عن مواقعهم الوظيفية مع ما يتضمنه ذلك من التخلي عن السلطة والنفوذ والوضع الاجتماعي. وربّما كان الإنسان القديم أوفر حظاً في هذا الجانب.. فلم يكن هناك معاناة من النتائج النفسية الثقيلة لنظام التقاعد الحديث نسبياً.. وقد كان سن التقاعد قبل عام 1925 هو 70 سنة، ولا يزال حتى الآن في النرويج 72 سنة، وفي الدانمارك 67 سنة، وفي أمريكا 65 سنة، وفي بريطانيا 65 للرجال، و60 للسيدات، وفي فرنسا ومصر والكويت 60 سنة، ومهما كان العمر الذي تحدده السلطات للتقاعد فإنّ الذين يقومون بأعمال حرة لحساب أنفسهم مثل الأباء والمحامين والكتاب والسياسيين والفنانين لا يمرون بتجربة التقاعد بل يمكنهم الاستمرار في العمل ما أمكن لهم ذلك دون التقيد بسن معينة يتقاعد بعدها.  

 - قلق.. وخسائر.. وهموم.. في مرحلة التقاعد:

إنّ المشاعر النفسية السلبية التي ترتبط بالتقاعد مثل إحساس الشخص بأنّه أصبح زائداً عن الحاجة وأن عليه أن يبقي في انتظار الموت تمثل المشكلة الحقيقية للتقاعد، وهذا الجانب النفسي عادة ما يمثل أهم هموم المتقاعدين خصوصاً في الأيام الأولى عقب ترك العمل حين يضطرون إلى تغيير نمط حياتهم بصورة كاملة.. وهذه الفترة تمثل مرحلة حرجة لكل المتقاعدين من وجهة النظر النفسية. ولا يرحب الناس عادة بمرحلة التقاعد.. ولهم بعض الحق في ذلك.. حيث يعتبرها الكثيرون فترة خسارة حيث تتابع فيها أنواع مختلفة من الخسائر يترتب بعضها على البعض الآخر، فالخسارة المادية تحدث نتيجة لنقص الدخل الذي يحصل عليه المتقاعد مقارنة بدخله أيام العمل، ويترتب على ترك العمل أيضاً أن يخسر الشخص النفوذ الذي كان يستمده من وظيفته ومنصبه، فبعد أن كان صاحب هيبة لدى مرؤوسيه لم يعد هنا من يعبأ به، وهناك الخسائر الصحية التي تتمثل في ظهور أعراض تقدم السن والشيخوخة تباعاً مع الوقت، وتؤدى الإصابة بأي عجز نتيجة للأمراض خسارة لقدرة الشخص على الحياة المستقلة دون الاعتماد على الآخرين... فالشخص الذي تعود على الاستيقاظ المبكر والذهاب إلى العمل والعودة منه في أوقات محددة على مدى سنوات، وتكوين علاقات متنوعة مع زملاء العمل يواجه صعوبات هائلة للتعود على وضعه الجديد حين يضطر للبقاء بالمنزل، وقد لا يكون وجوده بالمنزل مدعاة لسرور أسرته فيشعر بأنّه غريب في بيته، وإذا كان البديل هو مغادرة المنزل فأين يذهب؟.. ربما إلى أحد المقاهي أو للتجول بدون هدف.. أن ذلك لا يمكنه عادة من التغلب على الفراغ القاتل.. ويمر الوقت بطيئاً في معاناة قاتلة.. وحسرة على أيام العمل.  

 - هل هناك فوائد للتقاعد؟

هناك برامج تم إعدادها لتقديم المعلومات والإرشادات لمساعدة المتقاعدين على التأقلم مع مرحلة التقاعد قبل أن ينتقلوا إليها بوقت مناسب، وتتضمن هذه البرامج تقديم معلومات عن الجوانب الإيجابية للاحتفاظ بصحة بدنية ونفسية مع تقدم السن مثل العناية بالغذاء، الاهتمام بالرياضة، والوقاية من المشكلات الصحية المتوقعة في هذه المرحلة من العمر حتى يمكن الاستمتاع بمرحلة التقاعد أو تجنب الخسائر والحصول على بعض الفوائد خلال هذه المرحلة. ونظراً لأنّ الكثير من المتقاعدين يشعرون بأنّ التقاعد يمثل لهم ما يشبه الوصمة، حيث يبدي بعضهم حساسية وشعوراً بالاستياء لمجرد تسمية "المتقاعد" أو وصف "الإحالة للمعاش" لذا يطلقون على كل من يصل إلى هذه المرحلة في أمريكا لقب "المواطن الأوّل" (Senior Citizen) كنوع من التقدير والترضية النفسية!! وإلى هنا.. تبدو الصورة مظلمة وسلبية غير أن هناك جوانب إيجابية في مسألة التقاعد لا يفكر بها أحد.. إن فترة التقاعد قد تطول لتصل إلى ربع أو ربما ثلث مجموع سنوات الحياة، ولذلك يجب التفكير في الاستمتاع بهذه المرحلة من العمر، والهروب من مسؤوليات وأعباء العمل شيء إيجابي رغم أن كل المتقاعدين تقريباً لا يذكرون إطلاقا مشكلات العمل ومساوئ الالتزم بمواعيده وأعبائه، ويفكرون فقط في الأشياء الجيِّدة والممتعة أيام العمل، ويتحسرون على تلك الأيام، ويتمنون أن تعود، وقد يكون التقاعد فرصة مناسبة لإعادة تنظيم الكثير من أمور الحياة، والقيام بأعمال أو ممارسة هوايات لم تسمح بها الارتباطات السابقة أيام العمل لكن الوقت والظروف تسمح بذلك بعد التقاعد.  

 - قلق أم تفاؤل وأمل.. بعد التقاعد:

من الناحية النفسية.. فإنّ الحياة المستقلة في هذه المرحلة أفضل من التفكير في الانتقال للإقامة مع الأبناء والأقارب دون مبرر قوى حتى لا يصبح الشخص عبئاً ثقيلاً على الآخرين، كما أن اختيار المكان الذي يقيم فيه الشخص عقب التقاعد قد يساعد على التأقلم فالبعض يفضل الانتقال إلى مكان جديد بعد أن كانت أقامته ترتبط بمكان عمله غير أنّ الأفضل بصفة عامة هو بقاء الإنسان في المسكن الذي تعود عليه والمنطقة التي أقام بها ويعرفه الناس من حوله، ومن الأمور الهامة التي نُذكر بها كل من وصل إلى هذه المرحلة هي ضرورة الابتعاد تماما عن العادات الضارة بالصحة مثل تعاطي المواد الضارة أو التدخين لأن ذلك يؤدي إلى عواقب سيِّئة، وإذا كان هناك بعض العذر في ذلك للمراهقين والشباب فإن كبار السن لا يجب أن يسهموا عن طريق استخدام هذه الأشياء في تدمير ما تبقي من الصحة وقد لا يسمح الوقت بتصحيح ما يركتبه المرء من أخطاء في هذه المرحلة التي تتطلب الاعتدال في كل شيء للمحافظة على الاتزان البدني والنفسي. ورغم أن نسبة لا بأس بها من المتقاعدين يمكنهم التأقلم بسرعة مع الوضع الجديد بعد التقاعد إلا أن بعضهم لا يمكنه ذلك، وقد رأينا نماذج لمن يواصلون الذهاب إلى عملهم كما تعودوا من قبل خلال الأيام الأولى للتقاعد وكأنهم يرفضون أن يصدقوا أنهم قد توقفوا عن العمل، لذلك فإنّ الحل هو التفكير في محاولة القيام بعمل يشبه العمل الرسمي الذي كان يمارسه الشخص ليقوم به بعد التقاعد، فإن لم يتيسر فيمكن التفكير في مجال جديد وتعلم أي مهارة أو هواية مناسبة بصبر ومحاولة الاستمتاع بها في مرحلة التقاعد، ولا داعي لليأس فالوقت لا يزال مناسباً لذلك ولم يفت الأوان. وهناك تساؤل آخر وأخيراً نطرحه في نهاية هذا الموضوع.. هل التقاعد نهاية أم بداية؟! أنّ الإجابة على هذا التساؤل تظل مفتوحة للنقاش.. فكلا الاحتمالين ممكن.. ومهما كانت السن التي تحددها السلطات للتقاعد عن العمل فإنني – من وجهة النظر النفسية – أرى انّه يمكن أن يكون بداية مرحلة جيِّدة في حياة الإنسان، أو على الأقل ليست على درجة كبيرة من السوء كما يعتقد بعض المتقاعدين أو من في طريقهم إلى التقاعد.. وأقول لهم من وقعي كطبيب نفسي أنّ الحياة يمكن أن تبدأ بعد سن التقاعد.. أي بعد سن الستين أو السبعين وبوسع أي واحد منا أن يعيش بقلب شاب حتى آخر العمر.►   المصدر: كتاب (عصر القلق – الأسباب والعلاج)