
emamian
لماذا تسعى تركيا للوجود في أفغانستان؟ 4 أسباب تشرح لك
عمر الآغا
لا صوت يعلو في العالم حاليا على صوت أفغانستان وطالبان. فمع سيطرة الحركة على السلطة في كابول، انبرت الصحف ومراكز الأبحاث لتحليل التطورات الأخيرة وبيان تداعياتها، ومحاولة استشراف مستقبل الدولة الحبيسة في آسيا الوسطى، وأهم القوى الفاعلة على الأرض في البلاد بالتزامن سيطرة طالبان وانسحاب الولايات المتحدة وقوات الناتو عقب حرب استمرت 20 عاما.
من بين حشد متشابك من اللاعبين الإقليميين والدوليين البارزين، تظهر تركيا باعتبارها أحد أبرز اللاعبين المُحتمَلين على الساحة الأفغانية، وقد برز وجود تركيا في المشهد الأفغاني خاصة بعد أن أبدت أنقرة استعدادها تولّي مسؤولية تأمين مطار كابول في أعقاب الانسحاب الأميركي، ورغم أن طالبان رفضت على ما يبدو تولّي القوات التركية المهام الأمنية في المطار، فإنها عرضت على أنقرة تولّي تشغيل المطار وإدارته من الناحية اللوجيستية، وهو عرض تدرسه تركيا في الوقت الراهن.
تُثير هذه العروض والمداولات الكثير من التساؤلات حول الدوافع الحقيقية لوجود أنقرة في أفغانستان في ظل احتدام الأزمة السياسية وضبابية المشهد، ومدى جدوى مسعاها الأساسي لإدارة مطار كابول وتشغيله، بوابة أفغانستان الرئيسية، وربما الوحيدة، إلى العالم. وللإجابة عن هذا التساؤل فإننا سنتطرَّق إلى 4 أسباب مباشرة تقود مساعي أنقرة لامتلاك موطئ قدم في كابول.
ورقة ضغط للتقارب مع واشنطن وأوروبا
فيما يبدو، يُعَدُّ أحد الدوافع الحقيقية لوجود أنقرة في أفغانستان هو حاجتها ورغبتها في امتلاك أدوات قوة وأوراق تفاوض فعّالة لتعزيز قدرتها على المستوى الإقليمي والدولي عموما، وترميم علاقاتها المتوترة مع واشنطن والاتحاد الأوروبي خصوصا، مع الحرص على ضمان هامش أوسع من الاستقلالية في سياستها الخارجية.
شهدت السنوات الأخيرة توتُّرا متزايدا في العلاقة بين تركيا من جهة والولايات المتحدة وأوروبا من جهة أخرى، إذ مَثَّلت محاولة الانقلاب العسكري على الرئيس التركي رجب طيّب أردوغان عام 2016 تحوُّلا في السياسة الخارجية التركية باتجاه سياسة أكثر حزما وتدخُّلا في المنطقة. وتمتلك أنقرة شكوكا عدّة بضلوع واشنطن في دعم شبكات فتح الله غولن لتقويض حكم أردوغان، كما أدَّى دعم الولايات المتحدة للمشروع الكردي على الحدود السورية إلى توتر حاد في العلاقات. وقد أدَّى مجموع هذه العوامل إلى اتجاه تركيا نحو بناء سياسة خارجية أكثر "استقلالا" وبراغماتية عوضا عن الاعتمادية العالية التي كانت تحكم علاقة أنقرة بواشنطن والحلفاء الغربيين.
على سبيل المثال، اشترت تركيا منظومة الدفاع الصاروخية الروسية "S-400" رغم أن هذه الخطوة تسبَّبت في تصاعد حِدَّة التوتر في العلاقات مع الولايات المتحدة، التي تحرَّكت باتجاه فرض عقوبات قاسية على أنقرة للضغط عليها لتعطيل وإبطال هذه الصفقة التي أدَّت إلى امتلاك أحد الأعضاء الرئيسيين في حلف الناتو منظومة دفاعية تتعارض مع البروتوكولات الأمنية للحلف، مع تخوُّفات متزايدة من قدرة موسكو على جمع معلومات حساسة حول الأنظمة العسكرية لحلف الشمال الأطلسي. وبالتزامن، أدَّت الدفعة الهائلة في الصناعات الدفاعية التركية إلى تعزيز الشكوك حول مستقبل السياسة التركية في المنطقة والعالم، ومدى التزامها بدورها في حلف الناتو.
ولكن مع انتهاء حقبة دونالد ترامب وصعود الرئيس الأميركي الحالي جو بايدن لإدارة الولايات المتحدة، تجد أنقرة نفسها في حاجة إلى مساعٍ جادّة لإعادة بناء العلاقة مع الولايات المتحدة، عبر إبراز فائدتها بوصفها حليفا، عوضا عن تقديم تنازلات جوهرية في سياساتها، وهي تأمل على ما يبدو أن إدارتها لمطار كابول سوف تُعزِّز من أسهمها لدى الولايات المتحدة والحلفاء الغربيين.
بعبارة أكثر وضوحا؛ تأمل تركيا أن حماية بوابة اتصال أفغانستان الوحيدة مع العالم عبر إدارة مطار حامد كرزاي في كابول وتشغيله، في ظل حاجة الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي إلى جهة تُدير الأزمة هناك، سيُعيد ترميم علاقاتها المتوترة مع الغرب. ويُقدِّر المسؤولون في واشنطن أنه في ظل عدم قدرة أي دولة غربية على البقاء، فإن وجود تركيا يُعَدُّ الخيار الأفضل لتأمين المطار وتشغيله وطمأنة السفارات والمنظمات الدولية التي تدرس الإغلاق ومغادرة أفغانستان. على الجانب الآخر، يمكن أن يكون وجود تركيا في أفغانستان أقل إزعاجا لحركة طالبان مقارنة بأي قوة أخرى، بسبب الميول الإسلامية للحكومة التركية. لذا تأمل أنقرة أن وجودها الفاعل في أفغانستان سيُعزِّز من دورها بوصفها بديلا إقليميا قويا لعلاج الأزمات الناجمة عن الانسحاب الأميركي المستمر من المنطقة، في ظل ميل السياسة الخارجية والأمنية الأميركية للتركيز على التحديات المتفاقمة في منطقة المحيطين الهندي والهادئ.
استثمار العلاقات الجيدة مع الجميع.. وطالبان تحديدا
كما أشرنا، تمتلك تركيا فرصا جيدة مقارنة بسائر دول الناتو للبقاء في أفغانستان. بداية، تُعَدُّ القوات التركية هي العناصر "المُسْلِمة" الوحيدة ضمن بعثة الناتو بأفغانستان، ما جعلها محل ترحيب؛ إذ طالما ارتبطت أنقرة بعلاقات طيِّبة مع الحكومة الأفغانية السابقة وحركة طالبان وحتى بعض الجماعات المسلحة الأخرى.
ونتيجة لذلك، ورغم وجود بعض التوترات مؤخرا بين تركيا وطالبان بسبب رفض الحركة وجود قوات عسكرية تركية لإدارة مطار كابول وتشغيله باعتباره "استمرارا للاحتلال الأجنبي"، لا يزال الطرفان يمتلكان فرصا جيدة للتفاهم. من جانبه، أكَّد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان استعداده لاستقبال قادة طالبان في أنقرة، كما أعلنت أنقرة بوضوح استعدادها للاستمرار في تقديم التشغيل الفني للمطار "إذا طلبت طالبان ذلك"، وهي بادرة يبدو أن حُكام أفغانستان الجدد قد تلقوها بإيجابية، إذ أعربت طالبان عن استعدادها لإسناد المهام الفنية واللوجستية في المطار للأتراك، على أن تتولَّى الحركة بنفسها المهام الأمنية.
في سياق التقارب ذاته، وصف المتحدث باسم حركة طالبان سهيل شاهين تركيا بأنها شريك رئيس في إعادة إعمار أفغانستان بعد الحرب، مؤكِّدا أن الحركة تُعوِّل على التعاون مع تركيا في مجالات الرعاية الصحية والتعليم وإعادة إعمار البنى التحتية التي تعرَّضت للدمار جرَّاء الحرب.
من الواضح إذن أن طالبان تحتاج إلى تركيا بقدر ما تحتاج تركيا نفسها إلى البقاء في أفغانستان، حيث ترغب الحركة في تأمين قدر من الرعاية من قِبَل قوة تحظى بمشروعية في المجتمع الدولي مثل تركيا، وبالتأكيد فإنها لا ترغب في استهلال عهدها بعُزلة، وهي التي سعت بصورة واضحة إلى تقديم رسائل طمأنة داخلية وخارجية تمثَّلت بإعلان عفو عام، والدعوة للسلام والمصالحة، وضمان حقوق المرأة والأقليات.
تُدرِك طالبان مدى حاجتها إلى علاقات جوار وتفاعل على الساحة الدولية، والأهم مدى حاجة الحكومة التي ستُشكِّلها إلى الحصول على اعتراف دولي لتجنُّب ما حصل معها خلال مدة حكمها الأول بين عامَيْ 1996-2001 عندما أدَّى خطابها وسياساتها المتشدِّدة إلى عزلها وعدم الاعتراف بها. وفيما يبدو، فإن الرئيس التركي أردوغان كان يُدرِك بوضوح هذه الحقيقة حين صرَّح مؤكِّدا أن الوجود العسكري التركي في أفغانستان سيُقوِّي يد الإدارة الجديدة في الساحة الدولية ويُسهِّل عملها.
الحضور الإقليمي: دواعي الجغرافيا والاقتصاد
لا تتعلَّق حسابات تركيا في القضية الأفغانية بأفغانستان وحدها على ما يبدو، فمن الواضح أن أنقرة أدركت خلال السنوات الأخيرة أنه لا مفر من مزج القوة العسكرية بالسياسة الخارجية، وأنه إذا ما أرادت تركيا أن تتفاوض فيما يخص أمنها القومي والإقليمي المباشر، فإنها يجب أن تمتلك أوراق قوة أخرى تُعزِّز من موقعها التفاوضي، وأن ذلك لن يحدث بالانكفاء على الذات، لكنه يتطلَّب سياسة أكثر نشاطا وتدخُّلا في المنطقة.
جغرافيًّا، تحتل أفغانستان مساحة جيوسياسية مهمة تربط الشرق الأوسط وآسيا الوسطى وشبه القارة الهندية، ما جعلها موضع تنافس بين قوى مختلفة تصارعت من أجل الوصول إلى أراضيها. تُدرِك تركيا هذه الأهمية للأراضي الأفغانية، حيث وصف وزير الدفاع التركي خلوصي آكار أفغانستان بأنها "قلب آسيا"، إشارة إلى أن وجود تركيا في البلاد سيفتح لها آفاقا لتوسيع نفوذها السياسي وزيادة فرصها الاستثمارية في الدول المجاورة. وفي هذا السياق، تتطلَّع تركيا خاصة إلى مشروع ممر اللازورد (Lapis Lazuli corridor)، الذي يربط أفغانستان بتركيا عبر تركمانستان وأذربيجان وجورجيا، متجاوزا إيران وروسيا والصين، ما سيرفع من قيمة تركيا الجيوسياسية باعتبارها ممرًّا مهما للطاقة.
بخلاف ذلك، يخدم الوجود في أفغانستان أحد أهم أهداف الرئيس التركي أردوغان المُتمثِّل في تحويل تركيا إلى المركز السياسي للعالم الإسلامي، عبر وضعها على أعتاب آسيا الوسطى، موطن الكثير من الشعوب المُسلمة الناطقة بالتركية. كما يُعَدُّ توسيع النفوذ التركي في أفغانستان وآسيا الوسطى إحدى طرق المواجهة الجيوسياسية مع روسيا، خصم أنقرة التاريخي.
مخاوف من أزمة لاجئين جديدة
وكما تسعى أنقرة في تقاربها مع أفغانستان لاغتنام الفرص، فإنها تتحوَّط للمخاطر أيضا. وعلى الرغم من أن تركيا لا ترتبط بحدود مباشرة مع أفغانستان، فإن أنقرة تُعَدُّ أحد أكبر المتأثرين من أي أزمة سياسية أو اقتصادية في البلاد، التي قد تدفع موجات جديدة من اللاجئين عبر حدودها الشرقية مع إيران، ضمن مساعي هؤلاء اللاجئين إما للاستقرار في تركيا، وإما اتخاذها بوابة للاتجاه نحو أوروبا.
تُعَدُّ هذه المسألة تحديدا ورقة تفاوض مهمة في العلاقة بين أنقرة وأوروبا، وهو ما دفع الرئيس التركي لتجديد دعوته لأوروبا لتحمُّل مسؤولية مساعدة تركيا في هذه الأزمة، وتأكيده أن تركيا لن تكون وحدة تخزين للاجئين نحو أوروبا. وفي السياق ذاته، نقلت وكالة الأناضول الرسمية رفض تركيا تنفيذ برنامج الولايات المتحدة الخاص بنقل لاجئين أفغان إلى أراضيها عبر دول ثالثة، في إطار ما يُعرف باسم "برنامج قبول المهاجرين الأفغان العاملين مع الولايات المتحدة وعائلاتهم" الذي أعلنته واشنطن مؤخرا. وفي مسعاها لإيقاف هذا التدفُّق، فإن أنقرة تعمل على بناء سياج حدودي يمتد على طول مئات الكيلومترات على الحدود مع إيران والعراق، ويتضمَّن جدارا أسمنتيا مرتفعا وأسلاكا شائكة وطريقا للمراقبة وكاميرات متطورة وأبراج مراقبة ومخافر حدودية.
تُدرِك الحكومة التركية على ما يبدو أن تصاعد أعداد النازحين من الأراضي الأفغانية، خاصة بعد سيطرة طالبان وانسحاب واشنطن، سوف يضعها في مواجهة سلسلة من الأزمات الداخلية، التي قد لا تستطيع مواجهتها إلا إذا امتلكت يدا للتفاعل مع الأزمة الأفغانية من الداخل. ويحتل اللاجئون الأفغان في تركيا المرتبة الثانية مباشرة بعد الجالية السورية، وهو وضع يُقلِق أنقرة بشدة، خاصة مع تصاعد الغضب الشعبي تجاه اللاجئين نتيجة الضغوطات المتزايدة على الاقتصاد التركي.
ماذا نتوقَّع؟
يظهر من خلال التصريحات المتبادلة بين طالبان وأنقرة أن هناك مساعي جادّة لنزع فتيل التوتر الذي شهدته أيام ما قبل سيطرة طالبان على مقاليد السُّلطة في أفغانستان ومساعي تركيا لإبقاء جنودها لتشغيل مطار كابول وإدارته. من جانبها، تسعى أنقرة إلى استثمار علاقتها "الطيِّبة" مع طالبان خلال السنوات الماضية لتحقيق عدة أهداف، منها استثمار وجودها في أفغانستان باعتباره ورقة تفاوض تُعزِّز مكانتها بوصفها حليفا للولايات المتحدة وأوروبا، وترسيخ حضورها في آسيا الوسطى وزيادة نفوذها الإقليمي والدولي، ووقف تدفُّق اللاجئين الأفغان، بالإضافة إلى تحقيق مكاسب اقتصادية عدة.
على الجانب الآخر، ستحرص طالبان على تعزيز علاقاتها مع أنقرة، باعتبارها قوة سُنية إقليمية ذات شرعية دولية يمكن أن تفتح أمامها أبواب الاعتراف الدولي، كما تنظر طالبان إلى أنقرة باعتبارها قوة اقتصادية ستُسهم في تسريع عجلة التنمية المحلية.
وزير الدفاع التركي خلوصي أكار في زيارة لأفغانستان العام الماضي
ورغم ذلك، يبقى التنبؤ بتفاصيل العلاقة وحدودها وتطوراتها مرهونا بمدى جديّة الطرفين وقدرتهما على إدارة الخلافات الناشئة، خاصة في ظل مساعي قوى إقليمية ودولية عديدة لاستثمار الانسحاب الأميركي بهدف تعزيز حضورها في "قلب آسيا"، لذلك، من المتوقَّع أن تشهد الأسابيع والأشهر القادمة جولات من الشد والجذب، تسعى خلالها كل قوة لحيازة أفضل وضع ممكن في أفغانستان الجديدة العائدة إلى أحضان طالبان بعد 20 عاما من الاحتلال.
المصدر : الجزيرة
لا تملّوا الدعاء..!
يقول تعالى: ﴿وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ﴾([1])، وهذه الآية الكريمة تأكد على حقيقة أن الدعاء هو من مصاديق عبادة الله سبحانه وتعالى، فهما يشتركان في حقيقة واحدة، هي إظهار الخشوع والخضوع لله تعالى، وهو هدف الخلق وعلته، قال تعالى:"وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ"([2])، وهذا ما تشير إليه الروايات أيضاً، كالرواية عن رسول الله صلى الله عليه وآله: "الدعاء مخّ العبادة، ولا يهلك مع الدعاء أحد"([3])، وعن الإمام الصادق عليه السلام: "إنّ الدعاء هو العبادة"([4])، وفي رواية أخرى أن شخصاً سأل الإمام الباقر عليه السلام: أي العبادة أفضل؟ فقال عليه السلام: "ما من شيء أفضل عند الله عز وجل من أن يسأل ويطلب مما عنده"([5]).
وإذا كان الدعاء عبادة فهذا يعني أنّه مطلوب ومحبوب عند الله تعالى في جميع الحالات، وأنّه هدف بنفسه، ومصداق لأهم الأهداف الإلهية، كما هو واضح في الآية التي أشرنا إليها سابقاً ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ﴾.
وهذا يفسر الروايات التي تحدثت عن التأخر في استجابة الدعاء بعض الأحيان، حيث ورد عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "إنّ الله ليتعهّد عبده المؤمن بأنواع البلاء، كما يتعهّد أهل البيت سيّدهم بطرف الطعام، قال الله تعالى: "وعزتي وجلالي وعظمتي وبهائي إنّي لأحمي وليّي أن أعطيه في دار الدنيا شيئاً يشغله عن ذكري حتى يدعوني فأسمع صوته، وإنّي لأعطي الكافر منيته حتى لا يدعوني فأسمع صوته بغضاً له"([6]). وعن الإمام الصادق عليه السلام أنه قال: "إنّ المؤمن ليدعو الله عز وجل في حاجته، فيقول الله عز وجل: أخّروا إجابته شوقاً إلى صوته ودعائه، فإذا كان يوم القيامة قال الله عز وجل: عبدي، دعوتني فأخّرت إجابتك، وثوابك كذا وكذا، ودعوتني في كذا وكذا فأخّرت إجابتك وثوابك كذا وكذا، قال: فيتمنى المؤمن أنه لم يستجب له دعوة في الدنيا مما يرى من حسن الثواب"([7]). وعن الإمام الرضا عليه السلام: "إن الله يؤخّر إجابة المؤمن شوقاً إلى دعائه، ويقول: صوت أحبّ أن أسمعه..."([8]). وهذا كله يؤكد على أنّ الدعاء نفسه غاية، ولعل بركته في كثير من الأحيان أهمّ من بركة استجابة مضمونه.
الافتقار إلى الله تعالى
﴿قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي لَوْلَا دُعَاؤُكُمْ فَقَدْ كَذَّبْتُمْ فَسَوْفَ يَكُونُ لِزَامً﴾([9])، إن الدعاء والعبادة يعكسان الإحساس بالخضوع والفقر والرغبة فيما عنده تعالى، هذا الإحساس المتأصّل في وجدان الإنسان. والذي يظهر حتى عند الغافلين في بعض الظروف التي تستثير هذا الإحساس، يقول تعالى: ﴿وَإِذَا مَسَّكُمُ الْضُّرُّ فِي الْبَحْرِ ضَلَّ مَن تَدْعُونَ إِلاَّ إِيَّاهُ فَلَمَّا نَجَّاكُمْ إِلَى الْبَرِّ أَعْرَضْتُمْ وَكَانَ الإِنْسَانُ كَفُورً﴾([10])، ﴿وَإِذَا مَسَّ الإِنسَانَ الضُّرُّ دَعَانَا لِجَنبِهِ أَوْ قَاعِدًا أَوْ قَآئِمًا فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُ ضُرَّهُ مَرَّ كَأَن لَّمْ يَدْعُنَا إِلَى ضُرٍّ مَّسَّهُ كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْمُسْرِفِينَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ﴾([11])، ﴿وَإِذَا مَسَّ النَّاسَ ضُرٌّ دَعَوْا رَبَّهُم مُّنِيبِينَ إِلَيْهِ ثُمَّ إِذَا أَذَاقَهُم مِّنْهُ رَحْمَةً إِذَا فَرِيقٌ مِّنْهُم بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ﴾([12]). وهذا كله يشير إلى حقيقة واحدة تشير إليها الآية الكريمة ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنتُمُ الْفُقَرَاء إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ﴾([13]).
فالإنسان فقير محتاج لفيض الله ورحمته تعالى بشكل دائم ومستمر، وفي كل الظروف والأحوال، وعلى هذا القلب أن يكون خاشعاً متوجّهاً لله تعالى، شاعراً بهذا الفقر وهذه الحاجة، ملتمساً لذلك الفيض وتلك الرحمة في جميع الظروف والحالات، في الشدة والرخاء، وقد ورد عن رسول الله ص موصياً الفضل بن العباس: "احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده أمامك، تعرّف إلى الله في الرخاء يعرفك في الشدّة "([14])، وعن الإمام أمير المؤمنين علي عليه السلام أنّه كان يقول: "ما من أحد ابتلي وإن عظمت بلواه أحقّ بالدعاء من المعافى الذي لا يأمن البلاء"([15]). وعن الإمام أبي الحسن عليه السلام: "إن أبا جعفر عليه السلام كان يقول: ينبغي للمؤمن أن يكون دعاؤه في الرخاء نحواً من دعائه في الشدة، ليس إذا أعطي فتر، فلا تملّ الدعاء، فإنّه من الله عز وجل بمكان"([16]).
الدعاء، جمعية المعارف الاسلامية الثقافية
([1]) غافر:60
([2]) الذاريات:56
([3]) المجلسي-محمّد باقر -بحار الأنوار- مؤسسة الوفاء،الطبعة الثانية المصححة – ج90 – ص 300.
([4]) الحر العاملي - محمّد بن الحسن - وسائل الشيعة - مؤسسة أهل البيت - الطبعة الثانية 1414 هـ.ق..- ج 7 – ص 23.
([5]) الحر العاملي - محمّد بن الحسن - وسائل الشيعة - مؤسسة أهل البيت - الطبعة الثانية 1414 هـ.ق..- ج7 – ص30.
([6]) المجلسي-محمّد باقر -بحار الأنوار- مؤسسة الوفاء،الطبعة الثانية المصححة - ج90 – ص 371.
([7]) الحر العاملي - محمّد بن الحسن - وسائل الشيعة - مؤسسة أهل البيت - الطبعة الثانية 1414 هـ.ق..- ج7 – ص62.
([8]) المجلسي-محمّد باقر -بحار الأنوار- مؤسسة الوفاء،الطبعة الثانية المصححة - ج 90 – ص370.
([9]) الفرقان:77.
([10]) الإسراء: 67.
([11]) يونس: 12.
([12]) الروم: 33.
([13]) فاطر: 15.
([14]) الحر العاملي - محمّد بن الحسن - وسائل الشيعة - مؤسسة أهل البيت - الطبعة الثانية 1414 هـ.ق..- ج 7 – ص42.
([15]) المصدر السابق
([16]) الحر العاملي - محمّد بن الحسن - وسائل الشيعة - مؤسسة أهل البيت - الطبعة الثانية 1414 هـ.ق..- ج7 – ص61.
حرب أميركا القادمة.. أين؟ ومتى؟
محمد المنشاوي
منذ تأسيسها بوصفها دولة جديدة مستقلة في الرابع من يوليو/تموز 1776، لم تتوقف الولايات المتحدة عن خوض الحروب والقتال في معارك بصورة لا تكاد تتوقف في مختلف أقاليم العالم.
حصلت أميركا على استقلالها عن بريطانيا بعد حرب معها انتهت رسميا عام 1783، ثم عادت الدولة الوليدة للتوسع لتضمّ أقاليم في الشرق والشمال والجنوب، وفي سبيل ذلك خاضت حروبا مع بريطانيا وإسبانيا والمكسيك.
تصور كثير من منظّري السياسة الدولية أن هزيمة أميركا في فيتنام كفيلة بكبح لجام مغامراتها العسكرية في الخارج، لكن باعثا آخر كان يسود بين العسكريين الأميركيين مفاده ضرورة البحث عن حرب جديدة والانتصار فيها لإثبات حيوية القوة العسكرية الأميركية التي اهتزت كثيرا وشكك فيها العالم وكثير من الأميركيين بسبب هزيمة فيتنام.
بعد انتهاء الحرب الأهلية الأميركية عام 1865، شرعت في خوض الحروب في مختلف أقاليم العالم تحت ذريعة حماية المصالح التجارية والتجار الأميركيين، فحاربت في شرق آسيا؛ في الصين وكوريا واليابان والفلبين مرورا بليبيا والجزائر في البحر المتوسط، وانتهاء بأغلب جزر البحر الكاريبي، بخاصة كوبا وهاييتي، ثم حاربت في هندوراس ونيكاراغوا وبنما وكولومبيا، وذلك قبل دخولها الحرب العالمية الأولى رسميا عام 1917.
وعقب الحرب العالمية الثانية التي دخلتها أميركا رسميا عام 1941، لم تتوقف مغامرات أميركا وحروبها في أصقاع العالم، فشاركت في حربين كبيرتين في الشرق الأسيوي؛ الحرب الكورية (انتهت عام 1953) والحرب الفيتنامية (انتهت 1975)، ولم يتحقق لها الانتصار في الحربين على الرغم من امتلاكها قوة عسكرية ومادية لا يمكن مقارنتها بالأطراف الأخرى.
وتصور كثير من منظّري السياسة الدولية أن هزيمة أميركا في فيتنام كفيلة بكبح لجام مغامراتها العسكرية في الخارج، لكن باعثا آخر كان يسود بين العسكريين الأميركيين مفاده ضرورة البحث عن حرب جديدة والانتصار فيها لإثبات حيوية القوة العسكرية الأميركية التي اهتزت كثيرا وشكك فيها العالم وكثير من الأميركيين بسبب هزيمة فيتنام.
ودخلت أميركا في مغامرات عسكرية موحدة في كثير من الدول، منها غرينادا ولبنان وإيران وكوسوفو وهاييتي، ثم خاضت أميركا حروبا في منطقة الخليج(الفارسی) منذ تسعينيات القرن الماضي ضد العراق، ثم وقعت أحداث 11 سبتمبر/أيلول، وقُتل 3 آلاف أميركي داخل الأراضي الأميركية، فما كان من الولايات المتحدة إلا بدء فاصل جديد من حروبها يختلف عما سبق، إذ كانت "الحرب الأميركية على الإرهاب" غير محددة بنطاق زمني أو حدود جغرافية، وبقيت أميركا متورطة في أفغانستان والعراق طوال عقدين من الزمان، من دون تحقيق النصر المطلوب.
وتشير دراسة عسكرية حديثة إلى أن انفتاح شهية الدولة الأميركية على الحروب منذ نشأتها أدّى إلى وجود 17 عاما فقط على مدار التاريخ الأميركي، غاب فيها تورط الجيش الأميركي في مغامرات عسكرية بالخارج.
ويمثل ذلك نسبة 7% من التاريخ الأميركي، أي إن أميركا كانت في صراعات عسكرية خارجية مدة 93% من تاريخها.
ومع تركيز كل الأنظار في الأيام الماضية على النهاية المخزية لوجود أميركا العسكري في أفغانستان، يبدو الظرف مناسبا لطرح سؤال عن حرب أميركا القادمة؛ أين؟ ومتى؟
ولا تضيع المؤسسة الدفاعية الأميركية، بشبكتها المعقدة والمخترقة لمراكز الأبحاث وكبريات الشركات التكنولوجية والعسكرية، كثيرا من جهودها من دون بحث عن حرب جديدة. ويبدو أن ضباط البنتاغون وحلفاءهم المدنيين والمتعاقدين العسكريين منشغلون بالبحث عن هدف أخر بعد انتهاء "حرب أميركا على الإرهاب" في ساحتها الأولى بأفغانستان، بعدما تم إنفاق ما يزيد على تريليوني دولار، فضلا عن مبلغ أكبر في الساحة الثانية بالعراق.
وبإلقاء نظرة سريعة على إصدارات كبريات مراكز الأبحاث المنتشرة بالعاصمة واشنطن، يظهر وجود رصيد لا بأس به يمكن من خلاله توجيه الدفة باتجاه نزاع عسكري مع إيران على خلفية التطوير المستمر في برنامجها النووي، أو الصين التي تمثل تهديدا طور التشكيل يهدد الريادة الأميركية العسكرية والتكنولوجية والمالية في آن معا، وهناك كوريا الشمالية التي يوفر برنامجها النووي ذرائع كافية لصقور البنتاغون لتسويغ شن عدوان عليها.
وعلى الرغم من ارتفاع درجة الاستقطاب في النظام السياسي الأميركي حاليا بصورة غير مسبوقة، فإن هناك قدرا لا بأس به من الإجماع على ضرورة مواجهة سياسات الصين بين الديمقراطيين والجمهوريين. ومنذ سنوات تتضمن إستراتيجيات الأمن القومي للإدارات الجمهورية والديمقراطية المتعاقبة دلائل على أن بيروقراطية الأمن القومي داخل واشنطن تتحرك بصورة منتظمة لتوفير بيئة متقبلة لفكرة مواجهة التحدي المتنامي للصين، وتدعو آخر تلك الإستراتيجيات الصادرة في مارس/آذار الماضي إلى ضرورة التأهب لمواجهة تهديدات الصين، إذ أصبحت هي المنافس الوحيد القادر على الجمع بين القوة الاقتصادية والدبلوماسية والعسكرية والتكنولوجية، وتحدي القدرات الأميركية.
أنفقت الولايات المتحدة 19 تريليون دولار على جيشها منذ نهاية الحرب الباردة في بداية تسعينيات القرن الماضي، وهذا يزيد بنحو 16 تريليون دولار على إنفاق الصين، وهو يعادل تقريبا ما أنفقته بقية العالم مجتمعة خلال المدة نفسها. وتمتلك أميركا مئات القواعد العسكرية في جميع أنحاء العالم، من هندوراس إلى أستراليا واليابان والعراق وقطر إلى ألمانيا وإيطاليا، وتغطي معها جميع القارات.
ووفقا لديفيد فاين عالم الأنثروبولوجيا في الجامعة الأميركية الذي ألف كتابا عن القواعد الأميركية، فإن الولايات المتحدة لها نحو 800 قاعدة عسكرية في أكثر من 70 دولة وإقليما.
وهذا الانتشار ليس له مثيل في العالم، فقد أكد البروفيسور فين أن القوى العسكرية الكبرى الأخرى -مثل الصين وبريطانيا وفرنسا وروسيا- لديها معا 31 قاعدة أجنبية فقط، تنتشر في أنحاء العالم.
تُبقي واشنطن ما بين 150 و200 ألف جندي في الخارج، ويتغير هذه الرقم طبقا لتورط الولايات المتحدة في نزاعات عسكرية خارجية، كما تختلف أعداد القوات الأميركية من وقت إلى آخر تبعا للتغيرات في مواقفها من قضايا مختلفة، ولا تسمح الطبيعة السرية لبيانات نشر القوات الأميركية في بعض المناطق بوجود أرقام دقيقة لأعداد هذه القوات الإجمالية، ولا تعرف في كثير من الحالات طبيعة مهامها
ويجري البنتاغون كثيرا من المناورات العسكرية التي تحاكي القتال مع الصين، بخاصة مع إيمان أغلب المحللين والباحثين في واشنطن أن غزو الصين لتايوان ما هو إلا مسألة وقت، ويترك ذلك التحرك حال حدوثه متخذ القرار في البيت الأبيض أمام خيارات مصيرية، فقد تعهدت واشنطن بدخول الحرب إذا أقدمت الصين على ضمّ تايوان بالقوة المسلحة.
وستثبت الأيام والسنوات القادمة إذا ما كانت شهية أميركا للقتال قد انضبطت بعد إخفاقها في حربي أفغانستان والعراق، أم إننا نقترب من حرب لم تعرف لها البشرية مثيلا من قبل
تكريم الوالدين
يقول إمامنا السجّاد زين العابدين (عليه السلام) في رسالة الحقوق: "وأمّا حقّ ولدك فأن تعلم أنّه منك ومضاف إليك في عاجل الدنيا بخيره وشرّه، وأنّك مسؤول عمّا ولّيته به من حسن الأدب والدلالة على ربّه عزّ وجلّ والمعونة له على طاعته، فاعمل في أمره عمل من يعلم أنّه مثاب على الإحسان إليه معاقب على الإساءة إليه".
لقد وقف الشارع موقفاً حاسماً من التعاطي بأيّ شكل من أشكال السلبيّة مع الوالدين، بل إنّ الله تعالى قرن طاعتهما بطاعته ونهى نهياً شديداً في آياته عن التعرّض لهما إذ يقول في محكم آياته: ﴿وَاعْبُدُواْ اللهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً﴾([1])، ويقول في آية أخرى: ﴿وَقَضَى رَبُّكَ ألّا تَعْبُدُوا ْإلّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيماً﴾([2]).
إنّ تكريم الوالدين فضلاً عن ترك أذاهما من أقلّ ما يمكن أن يقوم به الإنسان تجاه من بذل الغالي والنفيس في سبيل تربيته، وتعب في ليله ونهاره كي يقوده إلى أن يكون عنصراً ناجحا في أمّته، ولا يحتاج الإنسان ليستبين هذه الحقيقة إلى أن يقرأها في القرآن أو يستفيدها من أيّ حديث شريف، فالبرّ بالوالدين من الأمور التي تدعو إليها الفطرة السليمة النقيّة، وإنّ حقّ الوالدين هذا إنسانيّ بامتياز، قبل أن يكّون حقاً إجتماعيّاً أو شرعيّاً.
ولكن لننظر قليلاً لما أولاه الشرع من تأكيد على هذا البرّ، ولننظر كيف أشار الإمام السجاد عليه السلام في هذه الحقوق إذ يقول بعد أن يعدّد ما لفضل الأم على الولد من حيث تقديمها له على نفسها، إذ كانت تجوع ويشبع، وتسهر عليه لينام، جاعلاً مكافأة هذا الصنيع ممّا يحتاج إلى توفيق من الله تعالى يقول عليه السلام:
"وأمّا حقّ أمّك فأن تعلم أنّها حملتك حيث لا يحتمل أحد أحداّ، وأعطتك من ثمرة قلبها ما لا يعطي أحد أحداً، ووقتك بجميع جوارحها، ولم تبال أن تجوع وتطعمك، وتعطش وتسقيك، وتعرى وتكسوك، وتضحي وتظلّك، وتهجر النوم لأجلك، ووقتك الحرّ والبرد، لتكون لها، فإنّك لا تطيق شكرها إلا بعون الله وتوفيقه".
فإذا كان مقدار التأكيد على طاعتهما والبرّ بهما بهذه الدرجة من الأهميّة فما بالك بمن لا يتورّع عن جلب الأذى لهما في كبرهما، وهذا ما سنسلّط الضوء عليه وعلى عواقبه.
المجازاة بسوء الصنيع
في مقابل كلّ هذا التفاني والتضحية التي يقدّمها الوالدان للإبن، فإنّ أدنى ما يقال في أذاهما أنّه مجازاة لحسن الصنيع بعمل قبيح، على أنّ جزاء الإحسان إنمّا يكون بإحسان مقابل، يقول الله تعالى: ﴿هَلْ جَزَاء الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ﴾([3]). وحينما نتحدّث عن سوء الصنيع والأذى، يكون الكلام عن كلّ أشكال الأذيّة التي يمكن أن يستشعر بها الوالدان، فالأب والأمّ يتوّقعان من الولد أن يكون:
1– معيلاً لهما في كبرهما:
فيساعدهما على تخطّي العجز الجسديّ، ولا سيّما الأب الذي قد يصل لمرحلة لا يستطيع أن يعمل بها، بسبب العجز وعدم القدرة على تحمّل المشقّات. ومعيلاً لهما من الجهة المعنويّة، بحيث يشعران بوجود من يمكنهما الاعتماد عليه، والدفاع عنهما إن ألمّ بهما أيّ سوء، وهذه حاجة نفسيّة في غاية الأهميّة لكبار السنّ.
2– مطيعاً لهما:
بمعنى أن يستفيد من تجربتهما في الحياة، وهي تجربة طويلة، وحينما يقدّمها الأهل للولد مجّاناً، فإنّها تكون قد حدثت لهما بعد تحمّل الكثير من الشقاء والتعب.
3– مكرماً لهما:
بمعنى أن يحافظ على مكانتهما التي احتلّوها بما بذلاً لأجله، فيرفع من قدرهما، ويبيّن بين الناس محاسنهما، ويحفظ لهما حسن صنيعهما معه.
4– خلفاً صالحاً:
لأنّ من سعادة المرء في الدارين أن يخلفه ولد صالح، بحيث يكرمه في حياته، ولا يهينه في مرحلة الشيخوخة والكبر، ويجرّ إليه الذكر الطيّب والرحمات بعد وفاته، من خلال الأعمال التي يرسلها الحيّ إلى أهل البرزخ، ومن خلال عمله الذي يذكّر الناس بطيب أصله وحسن تربيته.
فعن الإمام الصادق عليه السلام أنّه قال: "ثلاثة من السعادة: الزوجة المؤاتية، والأولاد البارّون، والرجل يرزق معيشته ببلده، يغدو إلى أهله و يروح"([4]).
وعن عليّ بن الحسين عليهما السلام أنّه قال: "من سعادة المرء أن يكون متجره في بلده، ويكون خلطاؤه صالحين، ويكون له ولد يستعين بهم"([5]).
إنّ أيّ تخلّف عن تحقيق هذه الآمال التي ذكرناها، يعتبر نوعاً من العقوق المنهيّ عنه في الشريعة، وهو أيضاً سلوكٌ لا يتناسب والفطرة السليمة، الداعية لشكر المنعم والمحسن، وسلوكاً منحرفاً في نظر الضمير الإنسانيّ العامّ.
كفّ الأذى، جمعية المعارف الإسلامية الثقافية
([1]) النساء: 36.
([2]) الإسراء: 23.
([3]) الرحمن: 60.
([4]) الكافي-الكليني- ج 5 ص258.
([5]) م. ن. ج 5 ص258.
بلوغ الوعي السياسي الرفيع
لا تحسبوا أحداث العالم بسيطة. فعلى سبيل المثال لا تزعموا أن الله كان يريد أن نكون أناسا صالحين وعليه ففرض لنا مجموعة من الأعمال الصالحة. بل الواقع هو أن نقول: «لقد فرض الله علينا هذه الأعمال الصالحة لكي نستعدّ عبر هذه الأعمال للقائه». وبالتأكيد إن الأعمال التي فرضها الله علينا في معسكر الدنيا لم تكن أعمالا قبيحة وسيئة قط. ولا شكّ في أن جميع الأعمال التي قد وصّانا الله بها هي أعمال صالحة وتنطوي على فوائد ومحاسن ذاتيّة، ولكن لابد أن نعرف أنه لم يخلقنا الله لتحصيل تلك المحاسن الذاتيّة المرتبة على الأعمال الصالحة. يعني لم يخلقنا الله لنكون أناساً صالحين وحسب ثم نموت، ليحشرنا في الآخرة في الجنان ويتحفنا بالثواب.
بعد هذه المقدّمة، نشير إلى أحد أهم برامج معسكر الحياة الدنيا لتربية الإنسان. من أهمّ البرامج التي تمهّد الإنسان للقاء الله والتي تعتبر أصعب مرحلة تعليميّة له هو التحلّي بالبصيرة السياسيّة. ففي هذه المرحلة ينبغي للإنسان أن يكون قد ابتعد كثيرا عن الجهل وحظي بمرتبة عالية من النور والمعنويّة لكي يعي هذا البرنامج وينجح فيه.
التحلّي بالوعي السياسي جزء من برنامج معكسر حياة الإنسان في هذه الدنيا. وإنه في ضمن العمليّة التربويّة المؤدّية إلى لقاء الله. كلّما جاهد النبي (صلى الله عليه وآله) في هذا المجال، لم يبلغ هذا الوعي الديني العالي بعد وفاة النبي (صلى الله عليه وآله) إلا أربعة. «قَالَ عَلِيٌّ ع إِنَّ النَّاسَ کُلَّهُمْ ارْتَدُّوا بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ ص غَیْرَ أَرْبَعَة»([1]).
ولا أقصد من الوعي الديني العالي، الوعي السياسي بل الوعي الديني نفسه، لأن سياستنا عين ديانتنا. إذن من لم يحظ بالوعي السياسي يفتقد الوعي الديني أيضا. إذ لا يعرف المطلوب منه بعد. فإن الله لا يريد منّا الصلاة والعبادة وحسب، وإلّا لكان قد رضي عن إبليس إذ كان يقوم بكل هذه الأعمال.
وأمّا أنّه ما العلاقة بين لقاء الله والوعي السياسي، فهذا ما يحتاج إلى بحث مفصّل ليس مجاله الآن، وبإمكانكم أن تفكّروا في هذه المسألة.
بدأ النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله) في بداية تاريخ الإسلام بتربية الناس، ولعلّ من أسهل مراحل التربية هي تثقيفهم على القانون. طبعا لا يخفى على من درس التاريخ أن العرب يومئذ لم يكونوا بعيدين عن القانون والحضارة جدّا. فكان من أسهل أدوار النبي (صلى الله عليه وآله) هو دعوة الناس إلى بعض الأعمال الصالحة كالصلاة والصدق وغيرها.
ولكن لابدّ أن نعرف أن نبيّ الإسلام (صلى الله عليه وآله) بعظمته والذي كان الأنبياء جميعا مقدمة لظهوره، كان يريد أن يوصل الناس إلى أيّ قمّة؟ بإمكاننا أن نقول: إن هذه القمّة هي الوعي السياسي وإلّا فباقي القضايا أسهل منها. أفهل استطاع النبي (صلى الله عليه وآله) أن يأخذ بأيدي الناس إلى تلك القمّة؟ الجواب هو أنه قد بلغها أربعة فقط.
أيّ أقسام الإسلام قد تحقّق في زمن النبي (صلى الله عليه وآله) وأيّ الأقسام لم يتحقّق؟ يبدو أنه قد انحلّت بعض الأحكام مثل الصلاة والصوم والزكاة والجهاد والشهادة ولم يكن المجتمع يعاني من مشكلة يومئذ. إذن أيّ قسم بقي بلا عامل؟ أولم يكن هذا القسم يمثّل أعلى مراتب الدين؟ فلا يمكن أن نقول: لقد تحقّقت أعلى مراتب التديّن وإنما كانت قد بقيت مشكلة فرعية فقط! كيف يكون قد بلغوا القمّة في التديّن ولكنّهم لم يجتازوا سفح الجبل؟!
فما هي قمّة الدين التي لم تصل إليها الأمّة يومئذ؟ وما هي هذه القمّة التي إن لم يكن قد دعا إليها النبيّ (صلى الله عليه وآله)، فكأنه لم يبلّغ رسالته ﴿وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَه﴾([2])؟ إنه الوعي السياسي الرفيع والعالي جدّا الذي لم تبلغه أمّة الإسلام يومئذ.
سماحة الشيخ علي رضا بناهيان
([1]) رجال الكشي/11 واختصاص المفید/6 وسلیم بن قیس/2/598
([2]) المائدة/
النّهج الصحيح في الدعوة
قال تعالى: ﴿وَإِذْ قالَ إِبْراهِيمُ لِأَبِيهِ آزَرَ أَتَتَّخِذُ أَصْناماً آلِهَةً إِنِّي أَراكَ وَقَوْمَكَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ﴾([1]).
إشارات:
- تطلق کلمة "أب" في العربية علی الوالد غالباً، ولکنّها قد تطلق أيضاً علی الجدّ من جهة الأمّ وعلی العم، ويعضد هذا الرأي إطلاق أبناء النبي يعقوب کلمة أب علی آبائهم وعمّ أبيهم النبي إسماعيل عليهم السلام: «نَعْبُدُ إِلَهَكَ وإِلَهَ آبَائِكَ إبراهيم وإِسْمَاعِيلَ وإِسْحَاقَ»([2])، وفي هذا المعنی يقول النبي الکريم صلّی الله عليه وآله وسلّم: "أنا وعليّ أبَوَا هذه الاُمّة". إذن، فإنّ آزر هو عمّ النبي إبراهيم عليه السلام وليس أباه، حيث إنّ آباء النبي إبراهيم (عليه السلام)کانوا جميعاً موحّدين([3]).
ومن علماء أهل السنّة أيضاً مثل الطبري والآلوسي والسيوطي من يقول بهذا الرأي وهو أنّ آزر لم يکن أبا ابراهيم (عليه السلام). مضافاً إلی أنّ إبراهيم (عليه السلام) قد دعا لوالديه حسبما ما جاء في القرآن الکريم: «رَبَّنَا اغْفِرْ لِي ولِوَالِدَيَّ...»([4])، في حين نحن نعلم أنّه لا يحقّ للمسلم أن يدعو للمشرک حتی وإن کانت تربطه به صلة قرابة.
يتبيّن من کلّ ما تقدّم، أنّ کلمة "أب" الواردة في هذه الآية الکريمة لا تعني الوالد، وفوق کلّ هذا، فإنّ المشهور في کتب التاريخ أنّ اسم والد إبراهيم (عليه السلام) هو "تارُخ" وليس آزر([5]).
- ويجب أن نشير هنا إلی أنّ استغفار إبراهيم (عليه السلام) لعمّه آزر کان قبل أن تتجلّی بوضوح روح الکفر التي تسکنه، وأيضاً لجهة الوعد الذي قطعه له إبراهيم (عليه السلام)، لکنّه عندما أيقن بانصرافه عن قبول الحقّ، تبرّأ منه وفارقه، «فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُو للهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ»([6]).
التعاليم:
١- صلة القرابة لا تحول دون النهي عن المنکر، «وإِذْ قَالَ إبراهيم لِأَبِيهِ...».
٢- المعيار في التعامل هو الحقّ لا العمر، « قَالَ إبراهيم لِأَبِيهِ» لقد بيّن النبي إبراهيم عليه السلام الحقّ الصراح لعمّه آزر الذي يکبره سنّاً وأنذره بعواقب الأمور.
٣- النهج الصحيح في الدعوة إلی الحقّ يقتضي البدء بالأقارب أوّلاً، «لِأَبِيهِ» وأن يتمّ طرح القضايا الرئيسية، «أَتَتَّخِذُ أَصْنَامًا آلِهَةً».
٤- يعود تاريخ الشرک وعبادة الأصنام إلی ما قبل رسالة النبي إبراهيم (عليه السلام)، «أَتَتَّخِذُ أَصْنَامًا».
٥- عوامل الأغلبية والسابقة والعمر لا تستطيع تبديل الباطل إلی حقّ، وهي ليست قيمة في جميع الظروف، «أَرَاكَ وقَوْمَكَ فِي ضَلَالٍ».
٦- عبادة الأصنام انحراف يثير انتقاد وسخط الضمائر الحيّة والعقول السليمة، «أَتَتَّخِذُ أَصْنَامًا ... ضَلَالٍ مُبِينٍ».
٧- عُرف النبي إبراهيم (عليه السلام) بالحلم وسعة الصدر «إِنَّ إبراهيم لَأَوَّاهٌ حَلِيمٌ»([7])، ولا بدّ للنبي أن يکون ليّن العريکة حتی مع فرعون، غير أنّنا نلمس حِدّة وغلظة في کلام إبراهيم (عليه السلام) مع عمّه، والسبب هو إصرار الأخير علی کفره، «إِنِّي أَرَاكَ وقَوْمَكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ».
تفسير النور، سماحة الشيخ محسن قراءتي
([1]) سورة الأنعام: الآية 74.
([2]) سورة البقرة، الآية ١٣٣.
([3]) بحار الأنوار، ج ١٦، ص ٣٦٤.
([4]) سورة إبراهيم، الآية ٤١.
([5]) تفسير الميزان.
([6]) سورة التوبة، الآية ١١٤.
([7]) السورة نفسها، الآية ١١٤.
قرارات دولية منتظرة بشأن أفغانستان وداعش يتبنى هجوما صاروخيا على مطار كابل
موقع بوليتيكو الأميركي كشف عن محضر سري للبنتاغون يظهر علم كبار مسؤوليه بوجود تهديد وشيك قبل 24 ساعة من هجوم كابل الذي وقع الخميس وأسفر عن مقتل عشرات، من بينهم 13 جنديا أميركيا.
عنصر من طالبان يقف بالقرب من سيارة محترقة يفترض أنها استخدمت منصة لإطلاق الصواريخ على مطار كابل
يعقد مجلس الأمن الدولي مساء اليوم الاثنين جلسة للتصويت على مشروع قرار بشأن المرور الآمن للراغبين بمغادرة أفغانستان، بالتزامن مع اجتماع آخر لمجموعة السبع بمشاركة تركيا وقطر، وذلك قبل يوم من اكتمال الانسحاب الأميركي من البلاد.
وذكرت وكالة رويترز أن داعش تبنى المسؤولية عن هجوم صاروخي على مطار كابل اليوم الاثنين، ونقلت عن بيان للتنظيم أنه "استهدف مطار كابل الدولي، بـ6 صواريخ (كاتيوشا) وكانت الإصابات محققة".
وكان مصدر في طالبان قد قال للجزيرة إن 5 صواريخ أطلقت باتجاه المطار اليوم الاثنين، وقال مسؤول أميركي إن منظومة أميركية مضادة للصواريخ اعترضت الصواريخ من دون سقوط ضحايا من الأميركيين وفق المعلومات الأولية، في حين أوضح البيت الأبيض أن عملية الإجلاء لم تتأثر نتيجة الهجوم..
نواجه مشكلة غير متوقعة، تحقق وحاول مرة أخرى بعد قليل
في سياق متصل، قالت وزارة الدفاع الأميركية إنها ملتزمة بالموعد النهائي لخروج القوات الأميركية والدبلوماسيين من أفغانستان.
ونقلت شبكة "فوكس نيوز" (Fox News) الأميركية عن البنتاغون أن الساعة 23:59 غدا الثلاثاء بتوقيت كابل الموعد النهائي لخروج قواتها والدبلوماسيين من أفغانستان.
في الأثناء، قال مصدر في طالبان . إن الحركة ستتولى الإشراف الأمني على المطار بعد اكتمال الانسحاب وإنها تجري مشاورات مع تركيا وقطر بشأن الدعم الفني. وفي حين أعلنت أكثر من 90 دولة تلقيها ضمانات من طالبان بشأن إجلاء رعاياها، شككت بريطانيا في التزامات الحركة.
في سياق متصل، كشف موقع "بوليتيكو" الأميركي عن محضر سري للبنتاغون يظهر علم كبار مسؤوليه بوجود تهديد وشيك قبل 24 ساعة من هجوم كابل الذي وقع الخميس الماضي، والذي أسفر عن مقتل عشرات من بينهم 13 جنديا أميركيا.
اجتماعات مكثفة
وتعقد مجموعة السبع -في وقت لاحق اليوم الاثنين- اجتماعا بمشاركة قطر وتركيا لبحث مستقبل أفغانستان، وبالتزامن ينتظر أن تقدم فرنسا وبريطانيا مشروع قرار في مجلس الأمن الدولي يقترح إقامة منطقة آمنة في كابل، وتأتي هذه التطورات في حين أعلنت واشنطن أن حركة طالبان قدمت ضمانات لأكثر من 90 دولة بشأن خروج رعاياها من أفغانستان بعد نهاية الشهر الجاري.
وسيبحث اجتماع مجموعة السبع (أميركا وبريطانيا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا وكندا واليابان) وقطر وتركيا تطورات عملية الإجلاء في أفغانستان، وإدارة مطار كابل بعد حلول الموعد النهائي لانسحاب القوات الأجنبية غدا الثلاثاء، ومستقبل العملية السياسية في البلاد.
نواجه مشكلة غير متوقعة، تحقق وحاول مرة أخرى بعد قليل
وكانت وزارة الخارجية الأميركية أعلنت أمس الأحد في بيان أن الاجتماع -الذي سيشارك فيه أيضا ممثلون عن الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي "ناتو" (NATO)- سيبحث "في نهج منسق للأيام والأسابيع المقبلة" بشأن أفغانستان.
وبالتزامن، يعقد الأعضاء الدائمون في مجلس الأمن الدولي اليوم اجتماعا بشأن التطورات في أفغانستان، في حين يعقد المجلس جلسة للتصويت على مشروع قرار بشأن المرور الآمن للراغبين بمغادرة أفغانستان، وذلك قبل يوم من اكتمال الانسحاب الأميركي من البلاد.
تعامل بريطانيا مع طالبان
ويتوقع أن يضع وزير الخارجية البريطاني دومينيك راب خلال اجتماعات اليوم بعض الخطوط العريضة بشأن كيفية التعامل مع حركة طالبان، وذلك على أساس عملي حيث يتعين على الحركة أن تثبت أنها ستنفذ التزاماتها بمكافحة الإرهاب التي تم التعهد بها في الدوحة.
وأفادت صحيفة "التايمز" (Times) البريطانية أن رئيس الوزراء بوريس جونسون تلقى تحذيرات من عسكريين ونواب ودبلوماسيين من أن البلاد ستواجه أكبر تهديد إرهابي منذ سنوات بالتزامن مع عرضه الاعتراف الدبلوماسي بحركة طالبان شرط منعها أفغانستان من أن تصبح حاضنة للإرهاب العالمي مرة أخرى، حسب قوله.
نواجه مشكلة غير متوقعة، تحقق وحاول مرة أخرى بعد قليل
وقالت الصحيفة إن جونسون أثار احتمال إنشاء سفارة لطالبان في لندن الأمر الذي قال عنه مسؤولون إنه يجب أن يحدث في إطار مشترك مع مجموعة السبع وبعد تشكيل حكومة جديدة.
وأكدت الصحيفة أن تنظيم الدولة يعارض طالبان ويعاديها، وليس هناك أدلة على أن لديه القدرات لشن هجمات من أفغانستان.
لا حديث مباشرا مع الحركة
من جانبه، قال وزير الخارجية الألماني هايكو ماس إنه لا يريد التحدث بنفسه مع حركة طالبان بشأن رحيل الأفغان الذين يبحثون عن الحماية.
وأضاف ماس -في تصريحات له في أوزبكستان- أن هناك مبعوثا ألمانيا يتفاوض مع ممثلين لحركة طالبان في العاصمة القطرية الدوحة، وهذه هي القناة التي تستخدمها برلين وسوف تستمر على هذا النحو.
يذكر أن وزير الخارجية الألماني يقوم حاليا بجولة في 5 دول ذات صلة بالأوضاع الإنسانية في أفغانستان ويتوقع أن يصل إلى الدوحة غدا.
وزير الخارجية الألماني سيبحث في الدوحة ملفات رئيسية بشأن أفغانستان على رأسها التعامل الدولي مع طالبان (رويترز)
من جانبه، قال المتحدث باسم الخارجية الألمانية كريستوفر بورغر إن دولة قطر تعتبر إحدى نقاط الاتصال الرئيسية لألمانيا في جميع القضايا المتعلقة بأفغانستان.
وأضاف في مؤتمر صحفي ببرلين -ردا على سؤال للجزيرة عن الموضوعات التي يعتزم وزير الخارجية الألماني هايكو ماس بحثها في الدوحة- أن برلين ستبحث مع الدوحة عددا من الملفات الرئيسية بشأن أفغانستان وعلى رأسها تعامل المجتمع الدولي سياسيا مع حركة طالبان وتشغيل المطار المدني في كابل وغيرها من القضايا.
اللاجئون الأفغان
في سياق آخر، طالبت منظمة مجلس أوروبا أعضاءها الـ47 باستقبال اللاجئين الأفغان، لافتة إلى قدرة الدول الأوروبية فرديا وجماعيا على ضمان حمايتهم.
وأكدت المنظمة في بيان لها أن وصول اللاجئين الأفغان قد يمثل تحديا، لكن يجب التعامل معهم وفقا لمبادئ حقوق الإنسان، كما اعتبرت أن مكافحة الهجرة غير النظامية لا تأتي على حساب حقوق الإنسان.
وحذرت المنظمة من استغلال المصاعب التي قد تواجهها بعض الدول لإضعاف نظام الحماية في أوروبا، داعية الدول الأعضاء إلى تسريع استعداداتها لاستقبال اللاجئين الأفغان.
المصدر : الجزيرة + وكالات
ما مقدار البروتين الذي يحتاجه الجسم يوميا لبناء العضلات؟
عنصرًا غذائيًا ضروريًا للحفاظ على العضلات وبنائها، ويعتمد مقدار البروتين الذي نحتاج إلى تناوله كل يوم على عدة عوامل، مثل العمر والوزن ومستوى النشاط البدني.
وتختلف احتياجات البروتين حسب الفرد، ولكن بشكل عام، يجب أن يشكل البروتين حوالي 10٪ إلى 35٪ من المدخول الغذائي اليومي، كما تقول إليزابيث بيل، أخصائية تغذية ومؤسِسة مؤسسة "إليزابيث بيل للتغذية.
كما يختلف تناول البروتين أيضًا حسب العمر والجنس، على سبيل المثال، يحتاج الرجال إلى بروتين أكثر من النساء لأنهم يميلون إلى امتلاك عضلات أكثر. بالإضافة إلى ذلك، يحتاج كبار السن إلى مزيد من البروتين لأن أجسامهم لا تعالج البروتين بكفاءة.
وفيما يلي كيفية حساب كمية البروتين التي تحتاجها لإنقاص الوزن وبناء العضلات بحسب ما جاء في تقرير لموقع Business Insider الأمريكي.
يلعب مستوى نشاطك أيضًا دورًا في مقدار البروتين الذي تحتاج إلى تناوله كل يوم، تقول بيل: "عندما تتمرن، فإنك تكسِّر العضلات، التي تتطلب بروتينًا لإصلاحها".
ما كمية البروتين التي تحتاجها لبناء العضلات؟
يقول سيزار سوزا، اختصاصي تغذية: "إذا كنت ترغب في بناء عضلات، فستحتاج إلى تعديل كمية البروتين التي تتناولها بناءً على كمية البروتين التي كنت تتناولها من قبل ومقدار تدريب القوة الذي تمارسه الآن".
ولاكتساب العضلات، ستحتاج أيضا إلى أن يكون هناك فائض من السعرات الحرارية، مما يعني أنك تستهلك سعرات حرارية أكثر مما تحرق، ومع ذلك، لا ينبغي أن يأتي كل هذا من البروتين فقط.
يضيف سوزا:
"ترتبط زيادة البروتين بزيادة قوة العضلات وكتلتها، لكن هذه ليست القصة الكاملة، لأن أجسامنا تحتاج أيضًا الكربوهيدرات والدهون للمساعدة في المساهمة في بناء كتلة العضلات".
وللتأكد من تحقيق هدفك في بناء العضلات، ينصح سوزا باستشارة اختصاصي تغذية للمساعدة في وضع خطة وجبات تراعي التوازن المناسب للبروتين والدهون والكربوهيدرات.
ما كمية البروتين التي تحتاجها لحرق الدهون؟
يقول سوزا إن الطريقة الوحيدة لإنقاص الوزن هي خلق عجز في السعرات الحرارية، مما يعني أن تأكل سعرات حرارية أقل مما تستهلكه.
ويمكن أن يساعد تناول البروتين كجزء من نظام غذائي جيد في إحداث حالة من الإشباع بحيث تتناول سعرات حرارية أقل بشكل عام، ولكن ببساطة فإن زيادة تناول البروتين دون خلق عجز في السعرات الحرارية لن يساعد في فقدان الوزن.
يقول سوزا: "إذا كنت تحاول إنقاص وزنك، وكنت قلقًا بشأن الحفاظ على كتلة العضلات، فتأكد من أن البروتين يشتمل على 10٪ إلى 20٪ من إجمالي السعرات الحرارية اليومية، لكن هذا يختلف باختلاف العمر والوزن ونظام تدريب القوة الحالي
العراق يحد من قبول زوار الاربعين ويرهن ذلك بالتطعيم بلقاح كورونا
وضع العراق على اعتباب اربعينية الامام الحسين عليه السلام شروطا للسماح المحدود لزوار الاربعين بينها شرط التطعيم بلقاح كورونا .
ويفيد تقرير وكالة أنباء فارس ، ان السلطات العراقية وبعد عقد اجتماعات متعددة على اعتاب اربعينية الامام الحسين عليه السلام اتخذت قرارات حول عملية السماح للزوار بالمشاركة في هذه المراسم في العراق.
وتقرر حسب مصدر مطلع ، وبسبب الطلبات المتكررة لعشاق الحسين عليه السلام من مختلف الدول ، أن تستقبل الحكومة العراقية عددا محدودا من زوار باقي البلدان هذا العام ؛ وتم لحد الان تحديد قبول خمسة الاف زائر من كل بلد وبالطبع ، لم يتم حسم هذا العدد بشكل مؤكد ، ومن المقرر أن يجري زيادة عدد الزوار المسموح بقبولهم لبعض البلدان ؛ ويبدو أنه وفقاً للمفاوضات الإيرانية العراقية ، فإن الحكومة العراقية ستزيد عدد الزوار الإيرانيين في اربعينية الامام الحسين عليه السلام هذا العام .
الجدير بالذكر ان العراق لم يستقبل العام الماضي اي زائر اجنبي بسبب جائحة كورونا واكتفي بقبول عدد محدود قبل مراسم اربعينية الامام الحسين بيومين و لكن بسبب الظروف ، لم ترسل إيران أي زائر إلى العراق. بالطبع ، بعض الدول ، مثل الكويت ، أرسلت عددًا محدودًا من الزوار إلى العراق تزامنا مع مراسم الأربعين.
بالإضافة إلى ذلك ، أعلن محافظ كربلاء في الأيام الأخيرة ضرورة حمل بطاقة التطعيم للدخول الى مدينة كربلاء المقدسة في اربعينية الامام الحسين وهو ما نفاه البعض ، لكن يبدو أن وزارة الصحة العراقية تحاول جعل اللقاح إلزاميًا لزوار الأربعين ، لدرجة أن البعض يعتقد أنه يجب تطعيم جميع الزوار الأجانب والمحليين جرعتين من اللقاح لحضور مسيرة الأربعين.
وهناك اجراء اخر ستتخذه الحكومة العراقية للسماح للزوار الأجانب هو إصدار تأشيرة لمدة 15 يوما بدلا مما كان معهودا سابقا حيث كانت التاشيرة لشهر واحد . طبعا بالنظر إلى أنه وفقا للاتفاقية بين إيران والعراق ألغيت التأشيرات في الأربعين ، وعلينا أن ننتظر إعلان الحكومة العراقية وكذلك اللجنة المركزية لاربعينية الامام الحسين ن إلغاء تأشيرة الأربعين.
أما بخصوص تحديد عدد الزوار الايرانيين فلا بد من انتظار قرار المسؤولين بالبلاد بهذا الشأن.
السيد نصرالله: تم الإتفاق مع الأخوة في إيران على تحميل سفينة نفط ثالثة للبنان
قال الامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله إنه في ذكرى التحرير الثاني 28 آب 2017 في مثل هذا اليوم تم تحرير جرود بلدات بقاعية وتلال ووديان السلسلة الشرقية من الوجود الارهابي وعاد لها السلم والأمان.
وأكد السيد نصر الله أنه عندما نصر على إحياء مثل هذه المناسبات الهدف منها أخذ العبر والدروس من التجربة الخطيرة والبناء عليها لنعرف كيف نواجه مخاطر جديدة بالمستقبل ونذكر بتحديات كبيرة ونحيي التضحيات العظام ونشكر أهلها واصحابها فهذا الانجاز جاء بالتضحيات والتعب، وأضاف ما حصل في جرود البقاع قبل سنوات كان جزءا من حرب كونية على سوريا ومن مشروع كبير للمنطقة.
ولفت السيد نصرالله إلى أن داعش كان مشروعها السيطرة على كل المنطقة ولذلك هي عندما قامت استطاعت السيطرة على نصف سوريا تقريبا وايضا في العراق استطاعت ان تسيطر على العديد من المحافظات خلال أيام، وكان لبنان جزءا من مشروعها، وأشار إلى أن القتال الضاري الذي خاضه الجيش السوري شباب المقاومة منعت داعش من وصل منطقة تدمر بجرود البقاع لانه لو تم وصله لكان تحرير الجرود اصعب.
وأكد السيد نصرالله أن داعش وجبهة النصرة هما من منبع واحد والخلاف بينهما ليس عقائديا ولا على الاهداف، داعش حظيت بدعم دولي واقليمي، وشدد على أن داعش صنيعة اميركا وهذا أكده الرئيس الاميركي السابق ترامب.
وأعاد السيد نصرالله التذكير بأن معركة التحرير كانت مشتركة لبنانية سورية وما كان للتحرير ان يتحقق لولا ان المعركة كانت على الجبهتين”، وأوضح أن المقاومة تدخت بمعركة تحرير الجرود بعدما تبين ان الدولة تركت مسؤوليتها بتحرير الارض بل تركت ضباطها وجنودها في ايدي الارهابيين”، مشيراً إلى أنه قدمت تضحيات كبيرة في معركة التحرير وفي ظروف مناخية صعبة وكانت المعارك عند كل تلة وقمة وفي كل واد وبستان.
ولفت السيد نصرالله إلى أن كثيرين من الشباب تطوعوا في هذه المعركة وقضى منهم شهداء وسقط شهداء وتم تطهير الجبال بشكل دقيق وكنا نبحث عن انجاز الهدف باقل كلفة من الدماء، مشيراً إلى أنه عندما دخل الجيش اللبناني المعركة قاتلنا معه كتفا الى كتف وكان ممنوعا ان يقال عن الجيش انه يقاتل الى جانب ابناء شعبه، وأكد أن هذا التحرير حصل نتيجة التضحيات على مدى سنوات في الجانب السوري من قبل الجيش والمقاومة وفي الجانب اللبناني ايضا (الجيش والمقاومة واهل المنطقة).
وتساءل السيد نصرالله “من الذي قدم هذا الانجاز والتحرير؟ هل الامم المتحدة وجامعة الدول العربية؟”، مؤكداً أن “لناس اليوم يخرجون بدون خوف من أي شيء، هذا إنجاز هذه المعادلة الجيش والشعب والمقاومة وفي مقدمها سلاح المقاومة”.
وأكد السيد نصرالله في هذه الذكرى على هذه المعادلة واننا سنتحمل المسؤولية وكما نقول للاسرائيليين وإن عدتم عدنا نقول للتكفيريين ايضا وإن عدتم عدنا، وأن هذا التحرير كان جزءا من الانتصار على داعش والارهاب في المنطقة وعلى كل المشروع الاميركي”، ولفت إلى أن هذا المشروع الاميركي يتهاوى والدليل اليوم ما يجري في افغانستان وان كل الناوين التي تستخدم هي عناوين خادعة وغرضها الاحتلال والسيطرة.
وأكد الأمين العام لحزب الله أن البعض كان يقول إن داعش وجبهة النصرة لا يشكلان اي خطر على لبنان واليوم نفس الجهات تعتبر انه لا يوجد حصار على لبنان، بينما لبنان يتعرض لحصار منذ سنوات، وأوضح أن اميركا منعت بعض الدول الاستثمار ووضع ودائع في المصارف او تقديم هبات وايضا اميركا تمنع بعض السياسيين من قبول استثمارات صينية او روسية.
وشدد السيد نصرالله على أن اميركا عندما اصدرت قانون قيصر لم يكن فقط حصارا لسوريا وانما ايضا حصارا للبنان، وقال عندما تقول السفيرة الاميركية بانها تسمح باستقدام الغاز المصري عبر سوريا فهذا اعتراف ان الاميركيين سبق ان عطلوا في السنوات الثلاث الماضية، فمن يتحمل مسؤولية كل هذه الاضرار التي اصابت الاقتصاد اللبناني؟.
وقال السيد نصرالله اليوم جاء الاستثناء الاميركي لان هناك نفط سيأتي من ايران وهذا الامر يهدد المشروع الاميركي في لبنان”، وأضاف “لو ان بعض اللبنانيين رفعوا الصوت سابقا باتجاه السفارة الاميركية لكان من الممكن الحصول على استثناء لادخال النفط والمواد الاساسية، مشيراً إلى أن “ايران استأنفت تصدير النفط الى افغانستان بناء لطلب طالبان ما يعني انه سابقا كان الاميركي يسمح للحكومة الافعانية التابعة له بشراء النفط الايراني، وقال لو لبنان فعلا يهم اميركا عليها ان تقدم استثناء له من قانون قيصر او باستيراد النفط الايراني.
وقال الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله نحن نصر ان يأخذ موضوع البطاقة التمويلية وضعه الطبيعي واستمرار بمراقبة شركات الدواء والغاز والنفط ومواجهة الاحتكار والسوق السوداء، وشدد على ان الأهم هو تشكيل الحكومة للبدء بالحلول وادارة الازمة.
وفي ملف تفجير المرفأ قال السيد نصرالله إن كل الوقائع تؤكد ان طريقة إدارة ملف انفجار المرفا من قبل المحقق العدلي تدل على انها قائمة على الاستنسابية والتسييس وما يجري مع الرئيس دياب اليوم مع دليل انه يقوم باستضعاف له واستهانة به وهذا غير مقبول.
وأكد الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله أن ذكرى اختطاف الامام السيد موسى الصدر ورفيقيه هي مناسبة اليمة لانها عدوان على لبنان وشعبه وهي ظلم كبير لحق بامام الوطن والمقاومة والمظلومين ورمز الضمير في لبنان والمنطقة والاستهداف من خلال التغييب والاعتقال(القذافي ومن يقف خلفه) كانوا يستهدفون المقاومة.
وشدد السيد نصرالله على أن استهداف الامام الصدر كان استهدافا للمقاومة ولمشروع تحرير فلسطين وللسلم الاهلي ولذلك نحن نشعر بظلم كبير، وقال نؤكد اننا ابناء الامام الصدر سنكمل طريقه وننتظر عودته وهو حاضر في كل عنوان وعمل لانه هو من هدانا الى هذا الطريق.
وسأل السيد نصرالله الله في ذكرى التحرير الثاني ان نبقى في الموقع الذي ننتقل فيه من نصر الى نصر وان نقدر مواجهة هذه الحرب الغاشمة وان نتمكن من التغلب عليها، كما شكر عوائل الشهداء التي قدمت خيرة شبابها في هذه المعركة وانحني امامهم إجلالا وايضا التحية للجرحى وعوائلهم، التحية لكل المضحين وفي مقدمتهم اهلنا في البقاع الذين كانوا دائما بمستوى الانجاز والانتصار.