emamian

emamian

الخميس, 30 نيسان/أبريل 2020 21:00

في ذکری وفاة ابي طالب

استدلّ على إيمان أبي طالب بأمور

أولها: الإجماع على إيمانه، وقد ادعاه الشيخ المفيد والشيخ الطوسي والطبرسي والسيد فخار بن معد الموسوي والفتال النيسابوري والسيد ابن طاووس والعلامة المجلسي وغيرهم، ونقل ابن أبي الحديد إجماع الشيعة وأكثر الزيدية وجملة من أعاظم المعتزلة على ذلك1.

وثانيها: الروايات التي ورد فيها أنه شبيه مؤمن آل فرعون وأصحاب الكهف وأنّ الله أتاه أجره مرتين.
وممّا ورد أيضاً ما رواه جابر بن عبد الله الأنصاري قال: سألت رسول الله صلى الله عليه واله وسلم عن ميلاد أمير المؤمنين عليه السلام ؟ فشرح صلى الله عليه واله وسلم ولادته، إلى أن قال: ثمّ انصرف أبو طالب إلى مكة، قال جابر: يا رسول الله، الله أكبر !! إن الناس يقولون إن أبا طالب مات كافراً !!! قال: يا جابر الله أعلم بالغيب، لما كانت الليلة التي أسري بي فيها إلى السماء انتهيت إلى العرش، فرأيت أربعة أنوار فقلت: إلهي ما هذه الأنوار؟ فقال: يا محمّد هذا عبد المطلب، وهذا أبو طالب، وهذا أبوك عبد الله، وهذا أخوه طالب، فقلت: إلهي وسيدي فبم نالوا هذه الدرجة؟ قال: بكتمانهم الإيمان وإظهارهم الكفر وصبرهم على ذلك حتى ماتوا.

وروى الكراجكي في كنز الفوائد بسنده عن مفضّل بن عمر عن جعفر بن محمّد عن أبيه عن علي بن الحسين عن أبيه عن أمير المؤمنين علي عليه السلام : أنّه كان جالساً في الرحبة، والناس حوله، فقام إليه رجل فقال: يا أمير المؤمنين إنك بالمكان الذي أنزلك الله، وأبوك معذب بالنار !! فقال لـه: مه، فض الله فاك، والذي بعث محمداً بالحق نبياً لو شفع أبي في كل مذنب على وجه الأرض لشفّعه الله، أأبي معذب في النار وابنه قسيم الجنة والنار؟ والذي بعث محمداً بالحق إن نور أبي طالب يوم القيامة ليطفي أنوار الخلائق إلاّ خمسة أنوار، نور محمّد ونور فاطمة ونور الحسن والحسين ونور ولده من الأئمة ، نوره من نورنا، خلقه الله من قبل خلق آدم بألفي عام 2.

وروى السيد فخار بن معد الموسوي بسنده عن أبي بصير ليث المرادي قال: قلت لأبي جعفر: سيدي إن الناس يقولون: إن أبا طالب في ضحضاح من نار يغلي منه دماغه، فقال عليه السلام : كذبوا والله، إن إيمان أبي طالب لو وضع في كفة ميزان وإيمان هذا الخلق في كفة ميزان لرجح إيمان أبي طالب على إيمانهم، ثمّ قال: كان والله أمير المؤمنين يأمر أن يحج عن أب النبيّ وأمه، وعن أبي طالب، أيام حياته، ولقد أوصى في وصيته بالحج عنهم بعد مماته 3 .

وروى الكراجكي بإسناده عن يونس بن نباته عن أبي عبد الله عليه السلام قال: يا يونس ما يقول الناس في أبي طالب؟ قلت: جعلت فداك يقولون: هو في ضحضاح من نار يغلي منها رأسه، فقال: كذب أعداء الله، إن أبا طالب من رفقاء النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقاً4 .
وروى أيضاً بإسناده عن أبان بن محمّد قال: كتبت إلى الإمام الرضا علي بن موسى عليه السلام : جعلت فداك قد شككت في إيمان أبي طالب، قال: فكتب: بسم الله الرحمن الرحيم أما بعد: فمن يبتغ غير سبيل المؤمنين نولّه ما تولى، إنك إن لم تقرّ بإيمان أبي طالب كان مصيرك إلى النار5 .

1 _ منية الراغب في إيمان أبي طالب: 65 الطبعة الثانية.
2 _ كنز الفوائد: 80.
3ـ منية الرغب في إيمان أبي طالب: 40 الطبعة الثانية.
4ـ كنز الفوائد: 80 الطبع القديم.
5ـ نفس المصدر: 80 ، وأوردها ابن أبي الحديد في شرح النهج باختلاف يسير راجع شرح نهج البلاغة 14 : 68 دار إحياء الكتب العربية.

الخميس, 30 نيسان/أبريل 2020 20:57

خضروات تحميك من العطش في رمضان

نتيجة للشعور بالعطش في شهر رمضان، وبسبب نقص السوائل في الجسم، خاصة مع ارتفاع درجات الحرارة، ينصح خبراء التغذية بمجموعة من الخضراوات الطازجة.

نتيجة للشعور بالعطش في شهر رمضان، وبسبب نقص السوائل في الجسم، خاصة مع ارتفاع درجات الحرارة، ينصح خبراء التغذية بمجموعة من الخضراوات الطازجة.

وأفادت بوابة "الأخبار"، مساء يوم الثلاثاء، بأن هذه الخضروات هي الخس والخيار والفجل.

أولا: الخس

يعد الخس من الخضروات التي تحتوي على نسبة مياه عالية، وعدد سعراته الحرارية قليلة، في وقت يمكن الاستعانة به في وجبة السحور أيضا.

ثانيا: الفجل

يحتوي الفجل علي 94 %من الماء والسوائل، وفيه مضادات للأكسدة أيضا، بالرغم من تصنيف البعض له على أنه من الخضروات الجافة.

ثالثا: الخيار

يعتبر الخيار من أكثر الخضروات التي تحتوي على نسبة مياه كبيرة، لذلك ينصح به في وجبة السحور، وكذلك يمكن الاستفادة منه في عمل سلطة الجبن بالخيار والطماطم.

الخميس, 30 نيسان/أبريل 2020 20:54

أقوال العلماء في إيمان أبي طالب

تأييداً لحقيقة إيمان أبي طالب نذكر أقوال يعض العلماء فمن ذلك
1 ـ قال ابن الأثير في جامع الأصول: وما أسلم من أعمام النبيّ غير حمزة والعباس وأبي طالب عند أهل البيت عليهم السلام 1.
2 وقال البرزخي : فمن وقف على ما ذكره العلماء في ترجمته علم يقيناً أنّه كان على التوحيد، وهكذا بقية آبائه إلى أدم ، وبهذا يعلم أن قول أبي طالب هو على ملة عبد المطلب إشارة إلى أنّه على التوحيد ومكارم الأخلاق، ولو لم يصدر من أبي طالب من الأشارات الدالة على توحيده إلاّ قوله: وهو على ملة عبد المطلب كان ذلك كافياً 2.
3 ـ وقال التلمساني في حاشيته على الشفاء عند ذكر أبي طالب: لا ينبغي أن يذكر إلاّ بحماية النبيّ صلى الله عليه واله وسلم لأنه حماه ونصره بقوله وفعله، وفي ذكره بمكروه أذية للنبي صلى الله عليه واله وسلم ، ومؤذي النبيّ صلى الله عليه واله وسلم كافر، والكافر يقتل 3.
4 ـ وقال أبو طاهر: من أبغض أبا طالب فهو كافر 4.

هذا ومن شاء الوقوف على المزيد من الأقوال فليرجع إلى الجزء السابع من الغدير وإلى كتاب منية الراغب في إيمان أبي طالب وكتاب الحجة على الذاهب إلى تكفير أبي طالب.
وخلاصة القول إن إيمان أبي طالب حقيقة ثابتة لا يرتاب فيها إلاّ مريض القلب والإيمان.

ونضيف على تلك الأقوال : إنّ المتيقّن من سيرة الرسول صلى الله عليه واله وسلم وأهل بيته عليه السلام أنهم ما كانوا ليحابون أحداً على حساب الدين، وشاهده أنهم يبرؤن من كل مشرك لم يؤمن بالله وبالرسول ولو كان من أقرب الناس إليهم وهذا أبو لهب ـ وهو عم النبيّ صلى الله عليه واله وسلم ـ ينزل فيه قرآن يُتلى: تبت يدا أبي لهب وتب إخباراً من الله تعالى بأنه لن يؤمن وأن مصيره بئس المصير سيصلى ناراً ذات لهب. وأمّا أبو طالب فقد شهد النبيّ صلى الله عليه واله وسلم والأئمة عليه السلام ـ ـ بإيمانه وأن الله أتاه أجره مرتين حيث بذل وجوده في خدمة نبي الإسلام بل والدعوة إلى الإسلام.

ونقل الكراجكي في كنز الفوائد أن أبا طالب عليه السلام قال لابنه جعفر وقد أمره بالصلاة مع النبيّ صلى الله عليه واله وسلم وقال: يا بني صل جناح ابن عمك، فلما أجابه قال:
إن علياً وجعفراً ثقتي
والله لا أخذل النبيّ ولا
لا تخذلا وانصرا ابن عمكما
عند ملمّ الزمان والكُرَبِ
يخذله من بنيّ ذوي حسب
أخي لأمي من بينهم وأبي
وقال بعضهم
ولولا أبو طالب وابنه
فهذا بمكة آوى وحامى
لما مثل الدين شخصاً فقاما
وهذا بيثرب جسّ الحماما 5.

1-  منية الراغب في إيمان أبي طالب: 62 الطبعة الثانية.
2- منية الراغب في إيمان أبي طالب: 64 الطبعة الثانية.
3- منية الراغب في إيمان أبي طالب: 65 الطبعة الثانية.
4- منية الراغب في إيمان أبي طالب: 66 الطبعة الثانية.
5- الغدير 7 : 336 .

ترامب: الأميركيون أذكياء ولا أظن أنهم سيؤيدون رجلا غير كفء (الجزيرة)
 

قال الرئيس الأميركي دونالد ترامب إنه لا يصدق استطلاعات الرأي التي تظهر أن منافسه في انتخابات الرئاسة جو بايدن المرشح المحتمل للحزب الديمقراطي يتقدم في سباق انتخابات 2020.

وقال الرئيس الجمهوري أثناء مقابلة مع رويترز في المكتب البيضاوي بالبيت الأبيض إن الأميركيين أذكياء "ولا أظن أنهم سيؤيدون رجلا غير كفء".

وأشار ترامب إلى أنه لا يتوقع أن تكون الانتخابات استفتاء على تعامله مع جائحة فيروس كورونا المستجد، وانتقد سجل بايدن على مدى عقود بصفته عضوا بمجلس الشيوخ ونائبا للرئيس الأميركي السابق باراك أوباما.

تفوق واضح لبايدن
وأظهر استطلاع للرأي أجرته رويترز/إبسوس هذا الأسبوع أن 44% من الناخبين المسجلين قالوا إنهم سيؤيدون بايدن في انتخابات 3 نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، بينما قال 40% إنهم سيدعمون ترامب.

 

وفي ثلاث ولايات رئيسية أجري فيها الاستطلاع مؤخرا -وهي ميشيغان وويسكونسن وبنسلفانيا- تفوق بايدن بوضوح على ترامب بنسبة 45% مقابل 39%.

يذكر أن انتصار ترامب في تلك الولايات الثلاث في انتخابات عام 2016 قد ساعده في الوصول إلى البيت الأبيض.


بيلوسي: بايدن سيكون رئيسا استثنائيا (الفرنسية)
بيلوسي: بايدن سيكون رئيسا استثنائيا (الفرنسية)

شكوك في إجراء الانتخابات
ورجح ثلثا الأميركيين أن يعطل وباء كورونا القدرة على التصويت في الانتخابات الرئاسية المقبلة رغم ثقتهم بأنها ستجرى بنزاهة ودقة، بينما أعلنت المرشحة الديمقراطية السابقة هيلاري كلينتون دعمها حملة جو بايدن.

ورفض ترامب يوم الاثنين الماضي مزاعم بايدن بأنه سيحاول تأجيل الانتخابات، وقال للصحفيين في البيت الأبيض إنه لم يفكر قط في تغيير موعد الانتخابات.. وإنه يتطلع إليها، واصفا ذلك بأنه مجرد دعاية مختلقة "ليس من قبل (بايدن) لكن من قبل العديد من الأشخاص الذين يعملون لصالحه".

وكان بايدن قد قال في حفل لجمع التبرعات عبر الإنترنت الأسبوع الماضي "تذكروا كلامي، أعتقد أنه سيحاول تأجيل الانتخابات بطريقة ما وطرح مبرر يمنع إجراءها.. هذه هي الطريقة الوحيدة التي يعتقد ترامب أن بإمكانه الفوز من خلالها".

كلينتون وبيلوسي تشيدان ببايدن
من جهة أخرى، قالت المرشحة الديمقراطية السابقة هيلاري كلينتون خلال مؤتمر عبر الفيديو مع بايدن "أريد أن أضم صوتي إلى العديد من الذين أيدوك لتكون رئيسنا".

وأضافت هيلاري -التي عملت سابقا وزيرة للخارجية- "فكروا فيما يعنيه أن يكون لدينا رئيس حقيقي ليس مجرد شخص يلعب دور رئيس على شاشة التلفزيون"، في إشارة إلى ترامب الذي خسرت أمامه الانتخابات السابقة.

كذلك أعلنت رئيسة مجلس النواب الأميركي نانسي بيلوسي يوم الاثنين الماضي تأييدها بايدن لخوض السباق إلى البيت الأبيض في الانتخابات المقبلة، قائلة إنه سيكون رئيسا استثنائيا.

ولم يعلن الحزب الديمقراطي بعد تسمية جو بايدن (77 عاما) رسميا مرشحه لخوض السباق الرئاسي في انتظار انعقاد مؤتمره في أغسطس/آب المقبل، لكنه بات المرشح الوحيد من جانب الديمقراطيين بعد انسحاب منافسه بيرني ساندرز مطلع الشهر.

المصدر : رويترز
الخميس, 30 نيسان/أبريل 2020 20:41

أبو طالب في التاريخ

إن مما مني به تاريخ المسلمين أن تحكّمت فيه الأهواء والرؤى الضيقة، وسيطرت شهوات النفس وحب الدنيا على بعض كتابه طمعاً في حفنة من دراهم، أو تزلّفاً لظالم، أو إرضاء لحقد وعداء، وكان من جرّاء ذلك أن أصبح بعض تاريخ المسلمين المكتوب موضع ريب أو توقف.

إن عنصر الأمانة المفتقد في كتابة التاريخ ـ وهو عنصر أساس ـ أدّى إلى تلبيس وتدليس في صياغة الأحداث، فأشاد بمن لا يستحق الذكر، وأغفل ـ عن عمد ـ ذكر من يستحق التخليد والإكبار.

وكان أحد ضحايا هؤلاء المؤرخين أبا طالب فقد نسب إليه زوراً وبهتاناً أنّه مات وهو من المشركين، وكان في هذه الفرية تطاولٌ على كرامة النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم ومساس بمقام النبوة الأقدس من حيث لا يشعرون.

إن أبا طالب في شخصيته وعظمته ومواقفه البطولية صفحة بيضاء في تاريخ الإسلام، وإن لـه الشرف العظيم في حماية الإسلام بحماية النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم من كيد قريش الذين خانهم سوء الحظ والفهم والتقدير فاجتمعت كلمتهم على قتل النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم والقضاء على دعوته.

وما كانت حمايته للنبي والاسلام إلا لأجل إيمانه العميق بالله تعالى ويقينه الصادق بدعوة النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم كيف لا وهو القائل يخاطب النبيّ الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم:

والله لن يصلوا إليك بجمعهم
فاصدع بأمرك ما عليك غضاضة
ودعوتني وعلمت أنك ناصحي
ولقد علمت بأنّ دين محمد
حتى أوسّد في التراب دفينا
وابشر بذاك وقرّ منك عيونا
ولقد دعوت وكنت ثمّ أمينا
من خير أديان البريّة دينا.


لم يكن أبو طالب أغنى بني هاشم وأكثرهم مالاً ليكون النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم في حمايته، وما كان لتحركه العصبية القبلية لحماية ابن أخيه، بيد أنّه كان المؤمن الصادق بما جاء به النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم ولذاك تفانى في حب النبيّ ورعايته وخدمته وكان يوصي أبناءه بذلك.1

1- الغدير 7: 334 -334.

الأحد, 26 نيسان/أبريل 2020 01:27

من ثمار شهر رمضان المبارك

  
في شهر رمضان المبارك تمكّن الكثير من الناس أن ينالوا ثماراً ونتاجات كثيرة، ثماراً سيكون لها بركات لا لسنتهم الآتية فحسب، بل في بعض الأحيان لكلّ عمرهم. فبعضهم نال حالة الأُنس مع القرآن واستفاد من معارفه وتدبّر فيه، وبعضٌ جعلوا الأُنس والمناجاة مع الله في هذا الشهر سيرتهم ومنهاج حياتهم ونوّروا قلوبهم بذلك.
 
صام الناس، وبواسطة الصيام حقّقوا في أنفسهم صفاءً حيث سيكون لهذا الصفاء وهذه النورانيّة والأُنس بركات كثيرة في الحياة الفرديّة والاجتماعيّة. فهذا الصفاء النفسانيّ يُعطي الإنسان حُسن الفكر وتطهير النفس من الحسد والبخل والكبر والشهوات. الصفاء في نفس الإنسان يجعل بيئة المجتمع بيئة آمنة وأمينة على المستوى الروحي والمعنوي، يُقرّب القلوب ويجعل المؤمنين يتراحمون مع بعضهم بعضاً ويزداد التعاطف والتراحم بين أبناء المجتمع الإيماني. كلّ هذه هي ثمار شهر رمضان المبارك للنّاس الفائزين والسعداء.

الثمرة الأساس الأخرى لهذا الشهر هي التقوى، حيث قال: ﴿لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾1، "اليد التي تمسك بزمامه وعنانه"، هذا هو معنى التقوى. فأحياناً، نمسك بعنان الآخرين جيّداً، لو استطعنا أن نمسك بعناننا ونمنع أنفسنا من الجموح والسَبُعية ومن تجاوز الخطوط الإلهية الحمراء، فهذه مهارة كبرى. التقوى تعني مراقبة النفس من أجل الحركة على الصراط الإلهيّ المستقيم، وتحصيل العلم والمعرفة والبصيرة، والتحرّك على أساس العلم والمعرفة والبصيرة.
 
ولحسن الحظّ كان لمجتمعنا في شهر رمضان الكثير من هؤلاء الأفراد السعداء الذين تمكّنوا من كسب هذه البركات. يمكن القول إنّ الصورة الغالبة عن بلدنا وشعبنا بحمد الله هي مثل هذه. ففي المجالس المختلفة، في مجالس الذكر والدعاء، ومجالس تلاوة القرآن في ليالي القدر، في المراسم المختلفة كما كنّا نتابع أخبارها ورأينا مشاهدها وصورها واطّلعنا فإنّ شبابنا، نساءً ورجالاً من الشرائح المختلفة والفئات المتعدّدة في مجتمعنا، اجتمعوا كلّهم على اختلاف سلائقهم وتوجّهاتهم حول سفرة هذه الضيافة الإلهية في شهر رمضان المبارك ونالوا فيضاً.
 
قال الشاعر يوماً: "اليد التي تمسك بعنانه ليست موجودة اليوم في كمّ أحد"، لكن في زماننا فإنّ الأيدي التي تُمسك بعنانها ليست قليلة. فهذا المجتمع المتشكّل من شباب البلد، وهذه الشريحة للجيل اليافع الفاعل والنشيط في بلادنا تتحرّك على الطريق الصحيح وتتمرّن على التقوى، فإنّ هذا بالنسبة لمستقبل بلدنا وأُمّتنا الإسلاميّة بشارة كبرى.

ما هو ضروريّ هو أن نحفظ هذه النتاجات وهذه الثمار، وأن لا ندع صاعقة الذنوب تُحرق هذا الحصاد القيّم وتقضي عليه. أن نحفظ طريق الله وسبيل التوجّه وصراط صفاء النفس والأُنس بالقرآن والحفاظ على علاقتنا بالله والتوجّه القلبيّ إليه ومخاطبته في أنفسنا. لو أنّكم تحدّثتم مع الله، فإنّ الله يتحدّث معكم، ﴿فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ﴾2.

الإمام الخامنئي (دام ظله) ،الزمان: 1/10/1432ﻫ.ق.،  31/08/2011م.

1- سورة الأنعام، الآية 153.
2- سورة البقرة، الآية 152.

شارل أبي نادر

هل يمكن، ومن خلال الرسائل البعيدة التي تحملها الواقعتان، إيجاد أي رابط أو قاسم مشترك بينهما؟

شهد الأسبوع المنصرم (بين 15 و18 نيسان/أبريل الجاري) واقعتين من الاحتكاك غير المباشر، تحمل كلّ منها عدة أبعاد عسكرية استراتيجية يجب التوقف عندها. الأولى في خليج عمان، حيث ادَّعى الأميركيون تعرّض كوكبة من سفنهم البحرية المنتشرة في المنطقة البحرية المذكورة لتحرّش خطير واستفزازي من قبل عدة زوارق عسكرية سريعة تابعة للحرس الثواري الإيراني، والأخرى على الحدود اللبنانية مع فلسطين المحتلة، حيث كشفت وحدات الحرس الحدودي التابع للعدو الإسرائيلي عن وجود 3 فتحات في الشريط الشائك الحدودي مع لبنان، مدَّعية أيضاً أن عناصر من حزب الله أحدثوها.

عملياً، حصلت كلّ واقعة في منطقة بعيدة جغرافياً عن الأخرى، ولا ترتبطان ببعضهما البعض، لا في الشكل ولا في أطراف الاحتكاك، فالأولى بين زوارق الحرس الثوري الإيراني والبحرية الأميركية، والأخرى بين وحدات صهيونية وعناصر من حزب الله اللبناني، ولكن هل يمكن، ومن خلال الرسائل البعيدة التي تحملها الواقعتان، إيجاد أي رابط أو قاسم مشترك بينهما؟

 الاحتكاك البحري في الخليج 

صحيح أنَّ الحرس الثوري الإيراني نفى التصريح الأميركي الذي أشار إلى "تحرش خطير واستفزازي" قامت به الزوارق الإيرانية، ولكن هذا لا ينفي أن وحدات الحرس الثوري الإيراني تنفذ مهمّة دفاعية ثابتة في تلك المنطقة البحرية من الخليج، عبر مناورة مركّبة تقوم على المراقبة والحراسة وتأمين الجهوزية العسكرية المناسبة لحماية مياهها الإقليمية وشواطئها وأمنها بشكل عام، إذ كيف يُسمح للسفن البحرية الأميركية بأن تتواجد وتنتقل بشكل دائم في تلك المنطقة الحساسة، التي تحضن كامل الواجهة الساحلية الإيرانية الشرقية على الخليج الفارسي، عبر نشر عدد كبير من القطع البحرية الهجومية المجهَّزة بقدرات عسكرية كبيرة، وتكون الحركة العسكرية للحرس الثوري والضرورية لحماية أمن إيران تحرشاً استفزازياً وخطيراً؟

في نفيه الادّعاء الأميركي عن "عملية تحرش خطير واستفزازي"، هذا لا يعني أن الحرس الثوري لا يقوم بكل الإجراءات التي تفترضها سيادته على مياهه الإقليمية، أو أنه لا يقوم بما يستوجب احترام خصوصية حيثيته الجغرافية والتاريخية في المنطقة.

وهذه الإجراءات تفترض عملياً تنفيذ مناورة لزوارقه البحرية، انتشاراً أو انتقالاً أو تمركزاً، وخصوصاً أن التواجد البحري الأميركي في منطقة الاحتكاك هو تواجد ضخم، فنحن نتكلم عن البوارج المدمرة "يو إس إس بول هاميلتون" و"يو إس إس لويس بي. بولر" و"يو إس سي جي سي ماوي"، وهو ما يحتاج إلى مساحة واسعة للانتقال وتأمين حماية مباشرة، الأمر الذي يُضيّق مساحة عبور الزوارق الإيرانية العاملة في المنطقة، ويوسّع إمكانيات الاحتكاك أو الاقتراب عند المرور المشترك.

ما أثار حفيظة الأميركيين عملياً أن لزوارق الحرس الثوري الإيراني السريعة خصوصية حسّاسة، بنوها من خلال معلوماتهم عن مصطلح "هجوم النحل"، وهو عبارة عن استراتيجية إيرانية لمواجهة حاملات الطائرات الأميركية في الخليج، من خلال توظيف أسراب القوارب السريعة والصغيرة الحجم من طراز "بليد رانر"، إضافة إلى الغواصات الصغيرة والصواريخ المثبتة على السواحل، والطائرات المسيّرة المحمّلة بالمتفجرات، مع نشر شبكة معقّدة من الألغام البحرية العائمة أو الغاطسة.

فتحات الشريط الحدودي بين لبنان وفلسطين المحتلة 

صحيح أن حزب الله أيضاً لم يتبنَ عملية الفتحات في الشريط الشائك الحدودي، ولكن يمكن اعتبار الموضوع تحصيلاً حاصلاً. أولاً، لأنه في الغالب لا يعلّق على أي احتكاك أو صدام تكون "إسرائيل" أساساً قد تجاهلته أو تجاوزته. ثانياً، من الطبيعي أن لا قدرة لطرف آخر غير حزب الله أن يقوم بتنفيذ تلك العملية الحسّاسة والدقيقة التي جاءت أيضاً في رسالة مشفّرة وواضحة في الوقت نفسه، رداً على عملية الاعتداء التي نفّذتها "إسرائيل" باستهدافها سيارة مدنية لعناصره على معبر جديدة يابوس بين لبنان سوريا من دون وقوع إصابات، وذلك قبل أقل من يومين من عملية الفتحات.

 وهنا النقطة الجديدة التي فرضها حزب الله في رسالته بفتح الثغرات على الشريط الشائك الحدودي، والتي هي وصول عناصره إلى خط الربط النهائي مباشرة، قبل الولوج إلى البقعة التي يسهل الانتقال فيها داخل الجليل، حيث تصبح حينها المناورة ممكنة ومتوفرة بسهولة، وتصبح تأثيراتها مباشرة في البقعة الخلفية غير المحصّنة للعدو، لأنه عملياً يكون الخط الدفاعي المتماسك ضعيفاً بعد الشريط الذي تم إحداث الثغرات فيه، والوصول إليه من الخارج، أي من لبنان، يعتبر الإنجاز الأصعب.

واعتباراً منه باتجاه الداخل المحتل، تفقد القوات المدافعة الكثير من عناصرها المنتجة، مثل المراقبة الإلكترونية وحساسات الكشف للصوت أو الصورة، فهي عملياً غير صالحة لكل تحرك داخل الشريط، حيث تختلط تقريباً حركة الآليات العسكرية مع حركة السيارات المدنية لأبناء المستوطنات الحدودية. 

أوجه الشبه والارتباط الاستراتيجي بين الرسالتين 

 من خلال دراسة المضمون العملاني لحركة الزوارق الإيرانية السريعة قرب البوارج والمدمرات الأميركية في الخليج، وما يمكن أن توفره من فرص مؤثرة في حركة الأخيرة، أو من خلال تحليل ما تعنيه أو توفره الفتحات التي أحدثها حزب الله في الشريط الشائك الحدودي مع فلسطين المحتلة من إمكانيات عملانية وعسكرية، يمكن ربط الواقعتين انطلاقاً من المعادلة التالية:

أولاً: بالنسبة إلى حزب الله، لم يعد من الضروري فرض الردع بمواجهة العدو الإسرائيلي بأسلحة كاسرة للتوازن، فالردع الفعال لحزب الله أصبح وارداً وممكناً وقابلاً للتحقق بشكل أكيد اعتباراً من الوصول إلى الشريط، وإحداث الفتحات، وتأمين نقاط ارتكاز لدخول عناصر المقاومة إلى الجليل، حيث المواجهة المباشرة وتأثيراتها في المدنيين من المستوطنين أو في العسكريين من جيش الاحتلال.

 وعند تلك المواجهة، لا قيمة لأي قاذفات أو طوافات أو مسيرات إسرائيلية، حتى إن أسلحة الدعم المباشر (مدفعية أو مدرعات) لن تعود ذات قيمة عملانية في تلك المواجهة، وكأن رسالة حزب الله من فتحات الشريط، وبمعنى آخر، تقول: 

 لا ضرورة بعد اليوم أو لا قيمة لملاحقة صواريخ حزب الله الكاسرة للتوازن، لا في سوريا ولا في لبنان، على الرغم طبعاً من أهمية ثباته واستمراره في تفعيل دور تلك القدرات النوعية عند المواجهة الواسعة. 

وبعد اليوم، مع صواريخ نوعية أو من دونه، الوجع الذي سيخلق الردع حاصل بين أزقة المستوطنات ومنازلها، وعلى مفارق طرقاتها الفرعية غير الظاهرة، وأيضاً على مداخل الملاجئ التي كلفت المليارات لمواجهة عصف الصواريخ النوعية. 

ثانياً: بالنسبة إلى إيران، مع بقاء القوات البحرية الأميركية في الخليج ومضيق هرمز وسواحل خليج عدن وبحر العرب، حيث مناورة زوارق الحرس الثوري السريعة فاعلة، لن يكون مهماً لدى طهران التركيز على استراتيجية تطوير الصورايخ الباليستية الدقيقة والطائرات المسيّرة المختلفة الاستعمال.

وأيضاً مع أهمية المحافظة على مسار تطوير تلك القدرات، فإن أي استهداف مماثل لعملية استهداف قاعدة عين الأسد أو لأي قاعدة عسكرية أميركية أخرى، سيتم تجاوزه واعتباره ثانوياً، حيث الأهداف الثمينة من مدمرات وبوارج أميركية تنتقل وتنتشر في أحضان تلك الزوارق الإيرانية السريعة، وفي متناول صواريخها وعبواتها الناسفة. 

المصدر:المیادین

لماذا خلق الله الناس وهو يعلم أنّ منهم من سوف يعصيه ويفسد ويؤذي الآخرين، وبالتالي سيكون مصيرهم العذاب؟

إنّ هذا السؤال يحمل نفس الخلفية التي انطلق منها سؤال الملائكة لله تعالى حينما أخبرهم عزّ وجل بمشروع خلق الإنسان، فقال لهم :" اِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً" فقد سألوا –بصورة الاعتراض-: "أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ"1.

إنّ مداخلة الملائكة هذه تتألف من أمرين:
الأول: يتعلّق بالمستقبل الأسود للإنسان الذي فيه إفساد وسفك للدماء.
الثاني: يتعلّق بالمقارنة بين الإنسان المختار الذي سيؤدّي اختياره إلى ذلك المستقبل الأسود وبين الملائكة المسيّرين في سلوكهم، فهم "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ"2 وبالتالي هم لا يفعلون إلا الخير وما يسلكون إلا طريق الكمال.

وقد أجمل الله تعالى بداية الجواب بقوله عزّ وجل: "وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُواْ أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاء وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ"3.

وهذه الإجابة الابتدائية لم تنطلق من خطأ في سؤال الملائكة، ولا من استنكار لما ذكروه من مستقبل الإنسان. ونحن اليوم نعلم بوضوح أنّ الإنسان قد أفسد في الأرض، وسفك الدماء، بل إنّ نظرة سريعة فيما اقترفه ويقترفه الصهاينة وغيرهم يؤكّد ذلك بوضوح تام، ومن هنا نفهم أنّ جواب الملائكة انطلق من أمر آخر هو قصور معرفي؛ لأنهم اقتصروا في نظرتهم إلى جزء من لوحة الإنسانية، ولم يطلعوا على كامل اللوحة وتمامها.

ومما يشهد لذلك هو جواب الله تعالى للملائكة: "وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُواْ أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاء وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ"4. فالمشكلة إذاً هي في سعة العلم ودائرة المعرفة.
ولإيضاح الصورة للملائكة أراد الله تعالى أن يُطلع الملائكة على الجزء الآخر من لوحة الإنسان، وعلى الصفحات الأخرى من كتابه الذي اقتصر نظر الملائكة على قراءة الصفحات السوداء منه. لذا "وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاء كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلاَئِكَةِ فَقَالَ أَنبِئُونِي بِأَسْمَاء هَؤُلاء إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ"5، أسماء من هي؟ إنها أسماء صفوة البشر، إنها أسماء الأولياء، إنها أسماء الحجج، إنّها أسماء من يسلكون درجات الكمال، ومعهم تتكامل الإنسانية.

وسأل الله تعالى الملائكة "وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاء كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلاَئِكَةِ فَقَالَ أَنبِئُونِي بِأَسْمَاء هَؤُلاء إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ"6.

التفتت الملائكة إلى عجزها وإلى كمال الله تعالى وتنزهه عن كل نقص، وأنّ كل ما عندها هو منه عز وجل فقالت: "قَالُواْ سُبْحَانَكَ لاَ عِلْمَ لَنَا إِلاَّ مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ"، عندها أراد الله تعالى أن يبرز حكمة الخلق والهدف الإلهي الذي سوف يتحقق رغم ذلك الإفساد والسفك للدماء، فطلب من آدم أن ينبئ الملائكة بهؤلاء الأسماء. وحينما أنبأ آدم الملائكة بالأسماء تعرّفت على الصفحات المضيئة والجزء النوراني من لوحة الإنسانية، فترجمت الخضوع لحكمة الله تعالى بهيئة السجود لمن يحمل الأسماء.
من الواضح أنّ فعل الملائكة لم يكن تعبديّاً صرفاً بقرار الله تعالى بالسجود لآدم (عليه السلام)، لأن الله تعالى سلك معها مسلكاً إقناعيّاً من خلال تعليم آدم للأسماء وعرضها على الملائكة.

ونحن نفهم من طبيعة ما جرى أنّ الله تعالى علمهم أمرين:
الأول: المنهجية الصحيحة في التفكير لأجل الوصول إلى النتيجة (أني أعلم ما لا تعلمون).
الثاني: تطبيق المنهجية على خلق آدم (علّم آدم الأسماء).

1- المنهجية الصحيحة للوصول إلى النتيجة
إنّ ما يحسم النتيجة ليس أصل وجود إفساد وسفك دماء ونحوها كما ظنَّت الملائكة، بل هو غلبة الإيجابيات على السلبيات.
وهذه الغلبة ليس من الضروري أن تكون بالعدد والكم، بل إنّ النوع قد يكون هو الأساس في تقييم النتيجة وإضفاء صفة الصحة عليها.

ألا نرى لو أنّ شخصاً أراد أن يكسب مئة جوهرة نفيسة، واقتضى ذلك أن يعمل في مصنع للنفايات الكربونية لمدة عشرة أعوام، فإنّ العقلاء إن اطلعوا على واقع حاله، فإنهم يمتدحونه على ما يقوم به رغم الجهد الذي سيصرفه خلال السنوات العشر، فالجواهر المئة تبرّر وجود معمل نفايات يمتد لمدة طويلة. إن النوع في هذا المثال غلب الكم في نظرة العقلاء بشكل واضح.

2- تطبيق المنهجية على خلق آدم (عليه السلام)
لقد عرّف الله تعالى الملائكة أن في الوجود البشري جواهر إنسانية تصل إلى ذروة كمالها في خضم معمل الدنيا الذي يحتوي نفايات كثيرة رأت الملائكة آثارها الفاسدة، فسألت بصورة اعتراض: "أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ"8. وأبرز الله تعالى لها تلك الجواهر النفيسة المبرّرة لوجود مصنع الدنيا بعنوان "الأسماء" وهي تمثّل الصفوة من الناس الذين يسلكون باختيارهم وحريتهم سبيل التكامل.وبالتالي فهم الذين لأجلهم خلق الله الإنسان.

توسعة دائرة الفائزين
وإكمالاً للإجابة عن السؤال لم يكتف الله تعالى بنجاح الصفوة في امتحان مصنع البشرية، بل وسّع من دائرة الذين يفوزون بسعادة الآخرة، وهذا ما نفهمه من أمور عديدة دلّ العقلُ على بعضها، ونصَّ المعصومون على بعضها الآخر نعرض منها:

1- عذر القاصر حتى لو كان خاطئاً:
إن حساب الله تعالى يوم القيامة لا يتم على أساس النتائج بحيث من لم يكن من أهل الحق يكون من أهل العذاب، بل إن الحساب الالهي ينطلق من المقدمات التي بنيت عليها العقيدة والتي يلاحظ الله تعالى فيها مدى تقصير أو قصور صاحب العقيدة الخاطئة، فقد يكون الإنسان معتقداً بالباطل، لكنه لم يقصر في الوصول إلى النتيجة، بل كان قاصراً في ذلك، فلا يصح في هذا أن يُحكم عليه بأن مصيره هو استحقاق العذاب.

من هنا استثنى الله تعالى من أطلق عليهم المستضعفين من استحقاق العذاب باعتبارهم لا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلاً، قال الله تعالى :"إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلآئِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُواْ فِيمَ كُنتُمْ قَالُواْ كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الأَرْضِ قَالْوَاْ أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُواْ فِيهَا فَأُوْلَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءتْ مَصِيرًا* إِلاَّ الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاء وَالْوِلْدَانِ لاَ يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلاَ يَهْتَدُونَ سَبِيلاً * فَأُوْلَئِكَ عَسَى اللّهُ أَن يَعْفُوَ عَنْهُمْ وَكَانَ اللّهُ عَفُوًّا غَفُورًا"9.

وقد رفض أهل البيت (عليه السلام) ثقافة فرز الناس باعتبار ما يظهر من عقيدتهم وسلوكهم، وهذا ما يظهر جلياً في ما أورده الشيخ الكليني في كتابه الكافي عن زرارة قال:
"دخلت أنا وحمران - أو أنا وبكير - على أبي جعفر (عليه السلام) قال : قلت له: إنا نمد المطمار قال: وما المطمار؟ قلت: الترّ، فمن وافقنا من علوي أو غيره توليناه ومن خالفنا من علوي أو غيره برئنا منه. فقال لي: يا زرارة قول الله أصدق من قولك ، فأين الذين قال الله عز وجل: "إلا المستضعفين من الرجال والنساء والوالدان لا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلا" أين المرجون لأمر الله؟ أين الذين خلطوا عملاً صالحاً وآخر سيئاً؟ أين أصحاب الأعراف أين المؤلفة قلوبهم؟!"10.

2- دور الصفات والسلوك الإنسانية في نجاة الإنسان وإن كان كافراً أو مشركاً
إن كون الإنسان كافراً أو مشركاً لا يعني حتمية عذابه في الآخرة، ففضلاً عن ما مرّ في مسألة تقصير الإنسان أو قصوره في العقيدة أو المسلك، فإنّ الصفات الإنسانية وكذا السلوك الإنساني قد يكونان سبباً لنجاة المشرك والكافر، فحاتم الطائي مات مشركاً لكن النبي (صلى الله عليه وآله) أخبر ابنته أن الله تعالى بسبب كرمه لا يعذبه في النار؛ لأنّ الكرم صفة إنسانية هي عبارة عن تجلٍّ للصفات الإلهية، لذا قد يكون لها أثر طيب في آخرة الإنسان. وهكذا سلوك الإنسان المنطلق من إنسانيته والذي هو نوع من التجلي الرباني أيضاً قد يكون سبباً لنجاة من لا يحمل العقيدة الحقّة، بل يحمل ضدّها كفراً أو شركاً، وهذا ما ورد في عدة روايات نعرض منها:

- عن الإمام الباقر (عليه السلام): "إن مؤمناً كان في مملكة جبار، فولع به فهرب منه إلى دار الشرك، فنزل برجل من أهل الشرك، فأظلّه، وأرفقه وأضافه، فلمَّا حضره الموت أوحى الله عز وجل إليه: وعزتي وجلالي لو كان لك في جنتي مسكن لأسكنتك فيها، ولكنها محرمة على من مات بي مشركاً، ولكن يا نار، هيديه ولا تؤذيه، ويؤتى برزقه طرفي النهار"11.

- عن الإمام الكاظم (عليه السلام): "كان في بني إسرائيل رجل مؤمن، وكان له جار كافر، فكان يرفق بالمؤمن ويوليه المعروف في الدنيا، فلما أن مات الكافر بنى الله له بيتاً في النار من طين، فكان يقيه حرّها، ويأتيه الرزق من غيرها، وقيل له: هذا بما كنت تدخل على جارك المؤمن فلان بن فلان من الرفق وتوليه من المعروف في الدنيا"12.

3- التوبة:
فتح الله تعالى باباً للعودة إلى سبيل الكمال حتى لو حصل انحراف من الإنسان، وذلك بفتح باب الإنابة والتوبة له، بل ضمن الله تعالى التوبة من أولئك الذين يعملون السيئات دون عناد بل من طيش وجهالة، فيلتفتون إلى أنفسهم، فيعودون للسير في سبيل تكاملهم، قال تعالى: "إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوَءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِن قَرِيبٍ فَأُوْلَئِكَ يَتُوبُ اللّهُ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللّهُ عَلِيماً حَكِيماً"13

وحتى لا ييأس من تكررت منه المعاصي فتح الله له باب تتكرر قبول التوبة، حتى لو تعددت المعاصي. وقد عبر عن ذلك بتعبير لافت حينما قال: "وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُواْ النِّسَاء فِي الْمَحِيضِ وَلاَ تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّىَ يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللّهُ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ"14.

4- الشفاعة
من مات تائباً كان من الفائزين، فالتوبة تجبُّ ما قبلها، وتفتح باب الثواب الإلهي، أمّا من لم يتب، فإنّ هناك باباً آخر فتحه الله تعالى للناس هو باب الشفاعة التي تعني توسيط الله تعالى لنبيّ أو وصي أو مؤمن ليفيض عز وجل عليه المغفرة.

وقد ورد فيها آيات عديدة مؤكدة للشفاعة من ناحية، وبأنها من الله تعالى، وليس من شفيع يستقلّ بشفاعته، قال تعالى: "اللّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لاَ تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلاَ نَوْمٌ لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلاَ يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ إِلاَّ بِمَا شَاء وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَلاَ يَؤُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ."14".
يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى وَهُم مِّنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ"15.
"يَوْمَئِذٍ لَّا تَنفَعُ الشَّفَاعَةُ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَرَضِيَ لَهُ قَوْلً"16.

وفي الحديث النبوي الشريف: "ثلاثة يشفعون إلى الله عز وجل فيشفعون الأنبياء ثم العلماء ثم الشهداء"17.

وعن النبي (صلى الله عليه وآله): "إنما شفاعتي لأهل الكبائر من أمتي"18.

5- الرحمة
وإضافة لكلّ ما مرّ يبقى أمام الإنسان في عالم الآخرة رحمة الله تعالى التي حدثنا الله تعالى عنها في كتابه العزيز بقوله عز وجل: "فَقُلْ رَبكُمْ ذو رَحْمَةٍ واسِعَة"19.

"وَرَحْمتي وَسِعَتْ كُلَ شَيء"20.

"كَتَبَ عَلى نَفْسِهِ الرَحْمَة"21.

" رَبَّنا وَسِعْتَ كُلَّ شيءٍ رَحْمَة"22.

وفي الحديث القدسي المنسوب إلى الله تعالى حول العبد الخاطئ الذي أخفى خطيئته عن الناس:
"عبدي قد ستر ذنبه عن أبناء جنسه، لقلَّة ثقته بهم، والتجأ إليّ لعله يتبعه رحمتي، اشهدوا أني قد غفرتها له لثقته برحمتي، فإذا كان في يوم القيامة، وأوقف للعرض والحساب يقول: عبدي أنا الذي سترتها عليك في الدنيا، وأنا الذي أسترها عليك اليوم"23.

والخلاصة
إن الله تعالى خلق الإنسان ليسير إلى كماله باختياره، فمن سار فإنه حقّق غاية خلقه، ومن لم يسر فإنه خالف باختياره وقد يكون مستحقاً للعقاب، ولكن مع ذلك فتح الله أبواباً لنجاته ليكون الفائزون في الآخرة من أرقى الكاملين نوعاً ومن أوسع المرحومين كماً"

سماحة الشيخ د. أكرم بركات

1- سورة البقرة، الآية30.
2- سورة التحريم، الآية6.
3- سورة البقرة، الآية30.
4- سورة البقرة، 30.
5- سورة البقرة، الآية31.
6- المصدر نفسه.
7- المصدر نفسه، الآية32.
8- سورة البقرة، الآية30.
9- سورة النساء، الآية 97-99.
10- الكليني، الكافي، تصحيح وتعليق علي أكبر غفاري، ط4، طهران، دار الكتب الإسلامية، 1365 ش، ج2، ص382.
11- المصدر السابق، ص189.
12- سورة النساء، الآية17.
13- سورة البقرة، الآية222.
14- سورة البقرة، الآية255.
15- سورة الأنبياء، الآية28.
16- سورة طه، الآية109.
17- المجلسي، محمد باقر، بحار الأنوار، تحقيق يحيى العابدي الزنجاني، ط2، بيروت، مؤسسة الوفاء، 1983م ، ج8، ص34.
18- نفس المصدر.
19- سورة الأنعام، الآية147.
20- سورة الأعراف، الآية 156.
21- سورة الأنعام، الآية12.
22- سورة غافر، الآية7.
23- المجلسي، محمد باقر، بحار الأنوار، ج22، ص450.

اكد قائد الثورة الاسلامية آية الله السيد علي خامنئي على ترويج وتفسير القرآن الكريم في اوساط المجتمع.

وافاد الموقع الاعلامي لقائد الثورة الاسلامية آية الله خامنئي khamenei.ir ، ان سماحته كتب في الرد على رسالة تلقاها من حجة الاسلام محسن قرائتي حول ضرورة ترويج وتفسير القرآن الكريم: بعد السلام.. لقد منحكم الباري تعالى التوفيق ونامل ان يزيدكم في ذلك. انني موافق تماما على العمل من اجل ترويج القرآن الكريم وتفسيره.

وكان حجة الاسلام محسن قرائتي قد وجه رسالة الى قائد الثورة الاسلامية، اكد فيها ضرورة بذل المزيد من الاهتمام من قبل الحوزات العلمية والمبلغين بمسالة ترويج وتفسير القرآن الكريم الى جانب سائر اهتماماتها الفقهية.

واشار قرائتي الى المسابقات الكثيرة التي تجري في مجال تلاوة القرآن الكريم، لافتا الى ضرورة ان يجري معها الاهتمام بتفسير القرآن ايضا.

مقدمة:
توجد العديد من السبل لتحقيق التكافل المعيشي في المجتمع الذي نعيش فيه في شهر رمضان المبارك، وعلينا أن ننظر في هذه السبل ونختار الذي ينبغي علينا الأخذ به لنحصّن مجتمعنا من الفقر المدقع والحاجة، حتى تعم البركة في حياتنا، ولنحصّل رضا الرب سبحانه.. فما هي هذه السبل المختلفة التي يمكننا تحقيق التكافل من خلالها؟ ومن هي الفئات التي ينبغي أن يشملها هذا العطاء التكافلي؟
 
ما معنى التكافل المعيشيّ؟
يُقصد به إلزام المجتمع بكفالة ورعاية أحوال الفقراء والمرضى والمحتاجين والاهتمام بمعيشتهم، من طعام وكساء ومسكن وحاجات اجتماعيّة لا يستغني عنها أيّ إنسان في حياته.
 
من هو الأكثر استحقاقًا للتكافل المعيشيّ؟
ذكر الفقهاء العديد من الفئات التي لها الأولويّة في التكافل، نذكر منها:

أ- اليتيم
اهتم الإسلام باليتيم اهتماماً بالغاً، من ناحية تربيته، ومعاملته والحرص على أمواله وضمان معيشته، حتّى ينشأ عضواً صالحاً في المجتمع، ويقوم بمسؤوليّاته على أحسن وجه، وقد أشار القرآن الكريم إلى الاهتمام بشأن اليتيم، وعدم قهره، والحطّ من كرامته، قال تعالى: ﴿فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ﴾[1], ﴿أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ * فَذَلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ﴾[2].
 
كما أمر الله سبحانه بالمحافظة على أمواله، وعدم الاقتراب منها إلّا بالتي هي أحسن، قال تعالى: ﴿وَلاَ تَقْرَبُواْ مَالَ الْيَتِيمِ إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ وَأَوْفُواْ الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ لاَ نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُواْ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى وَبِعَهْدِ اللّهِ أَوْفُواْ ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ﴾[3].
 
ونهى عن أكل أمواله ظلماً، فقال تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرً﴾[4].
وقد رغّب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في كفالة اليتيم، والاهتمام برعايته، وبشّر الأوصياء بأنّهم سيكونون معه في الجنّة.
فعنه صلى الله عليه وآله وسلم أنّه قال: "أنا وكافل اليتيم كهاتين في الجنّة"[5] (وأشار بإصبعيه, يعني السبّابة والوسطى).
 
ب- أصحاب الإعاقات
قد يتعرّض الإنسان لحادثة ما في حياته، فيصاب بإعاقة جسديّة تعيق حركته الطبيعيّة، وربّما لظروف تتعلّق بالحمل والولادة، يولد بعاهة مستديمة كفقد البصر أو السمع، فيجب أن تتضافر جهود المجتمع في تحقيق التكافل والعيش الأفضل لمثل هؤلاء المحتاجين، حتّى يشعروا بالرحمة والتعاون والعطف، وأنّهم محلّ عناية واهتمام في المجتمع.
 
ج- المنكوبون والمكروبون
حثّت الشريعة الإسلاميّة على إغاثة المنكوب، والتفريج عن المكروب، والنصوص القرآنيّة في ذلك كثيرة، والأحاديث النبويّة عديدة.
 
قال تعالى: ﴿وَإِن كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ وَأَن تَصَدَّقُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ﴾[6].
 
وعن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنّه قال: "ألا ومَنْفرّج عن مؤمن كربةً من كُرَب الدنيا فرّج الله عنه اثنين وسبعين كربةً من كُرَب الآخرة، واثنين وسبعين كربةً من كُرَب الدنيا"[7].
  
التكافل مسؤوليّة المجتمع
لا يمكن لدولة ما أن تقوم بواجبها نحو تحقيق التكافل الاجتماعي إلا إذا ساهم معها أبناء المجتمع في بناء العدل الاجتماعيّ والبذل والإنفاق في سبيل الله. وقد قسّمت الشريعة مسؤولية المجتمع في تحقيق التكافل إلى قسمين:
القسم الأوّل: يطالب به الأفراد على سبيل الوجوب والإلزام.
القسم الثاني: يطالب به الأفراد على سبيل التطوّع والاستحباب.
 
الأوّل: ما كان على سبيل الوجوب والإلزام، ويشمل الأمور الآتية:

أ- الخمس والزكاة
وقد ثبتت فرضيتهما ووجوبهما في الكتاب والسنّة، ولا يختلف اثنان أنّ مبدأ الخمس والزكاة هو تحقيق وإقامة التكافل الاجتماعيّ، ومحاربة الفقر، وحثّ المؤمنين على البذل والعطاء والإنفاق في سبيل الله.
 
عن الإمام الصادق عليه السلام أنّه قال: "إنّ الله عزّ وجلّ فرض للفقراء في أموال الأغنياء ممّا يكتفون به، ولو علم الله أنّ الذي فرض لهم لم يكفِهم لزادهم, فإنّما يؤتى الفقراء فيما أوتوا مِن مَنْعِ مَنْ مَنَعَهم حقوقَهم، لا من الفريضة"[8].
 
ب- النذور والكفّارات
من وسائل التكافل ما ينذره المسلم من مال ونحوه، والوفاء بالنذر واجب بنصّ الكتاب، وعند جميع فقهاء المسلمين.
 
ومن وسائل التكافل أيضاً الكفّارات، وهي ما يوجبه الله على المسلم من إطعام المساكين أو التصدّق على الفقراء، إذا عمل مخالفةً شرعيّة في الصوم أو الحجّ أو يمين... تكفيراً لخطئه، وعقوبةً على مخالفته.
 
الثاني: ما كان على سبيل التطوّع والاستحباب، ويشمل أمورًا كثيرة، منها:

أ- الوقف
وهو من الصدقات المستحبّة، والتي يستمرّ خيرها، ويتجدّد ثوابها إلى ما بعد الممات، فعن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنّه قال: "إذا مات ابن آدم، انقطع عمله إلّا من ثلاث: ولد صالح يدعو له، وصدقة جارية، وعلم ينتفع به"[9].
 
ب- العارية
وهي التسليط على العين للانتفاع بها على جهة التبرّع، أو هي عقد ثمرته ذلك أو ثمرته التبرّع بالمنفعة[10]، كأن يستعير الرجل متاعاً، ثمّ يردّه بعد الانتفاع به دون مقابل، وهي من أعمال الخير والإنسانيّة, فلا غنى للناس عن الاستعانة ببعضهم والتعاون فيما بينهم.
 
عن الإمام الصادق عليه السلام أنّه قال: "الله في عون المؤمن ما كان المؤمن في عون أخيه, فانتفعوا بالعظة وارغبوا في الخير"[11].
 
ج- الهديّة أو الهبة
من وسائل التكافل الاجتماعيّ والتي حثّ الإسلام عليها الهديّة أو الهبة، وهي من العوامل التي تقوّي روابط المحبّة والودِّ والألفة بين فئات المجتمع، وعن الإمام الصادق عليه السلام أنّه قال: "قال رسول الله  صلى الله عليه وآله وسلم: تهادوا تحابّوا, فإنّ الهديّة تذهب بالضغائن"[12].
 
د- الصدقة
ورد الكثير من النصوص في استحبابها والحثّ عليها، وذكرت لها أوقاتاً خاصّة، يُضاعَف فيه الأجر، كالجمعة وعرفة وشهر رمضان، وبيّنت لها طوائف لهم الأولويّة على غيره، كالجيران والأرحام، فعن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنّه قال: "لا صدقة وذو رحم محتاج"[13]، وعن الإمام الصادق عليه السلام أنّه قال: "ليس شيء أثقل على الشيطان من الصدقة على المؤمن، وهي تقع في يد الربّ تبارك وتعالى قبل أن تقع في يد العبد"[14].
 
 الإنسان والمجتمع - بتصرّف، دار المعارف الإسلامية الثقافية

[1] سورة الضحى، الآية 9.
[2] سورة الماعون، الآيتان 1-2.
[3] سورة الأنعام، الآية 152.
[4] سورة النساء، الآية 10.
[5] الميرزا النوريّ، مستدرك الوسائل، مصدر سابق، ج2، ص474.
[6] سورة البقرة، الآية 280.
[7] الشيخ الصدوق، من لا يحضره الفقيه، مصدر سابق، ج4، ص16.
[8] الصدوق، الشيخ محمّد بن عليّ بن بابويه، علل الشرائع، تقديم السيّد محمّد صادق بحر العلوم، المكتبة الحيدريّة، العراق - النجف الأشرف، 1385ه - 1966م، لا.ط، ج2، ص369.
[9] ابن أبي جمهور الإحسائيّ، عوالي اللئالي، مصدر سابق، ج1، ص97.
[10] الإمام الخمينيّ، السيّد روح الله الموسويّ، تحرير الوسيلة، دار الكتب العلميّة، العراق - النجف، 1390ه.ق، ط2، ج1، ص591.
[11] الشيخ الكلينيّ، الكافي، مصدر سابق، ج2، ص200.
[12] الشيخ الكلينيّ، الكافي، مصدر سابق، ج5، ص144.
[13] الشيخ الصدوق، من لا يحضره الفقيه، مصدر سابق، ج2، ص68.
[14] الشيخ الكلينيّ، الكافي، مصدر سابق، ج4، ص3.