بمطالعة الروايات يمكن وضع الأمور التي ندب إليه الرسول الأكرم صلى الله عليه واله في حفل الزواج بالعناوين التالية:
1- أن يكون حفل الزفاف ليل، لا نهاراً.
وقد ورد تعليل ذلك في رواية عن الإمام الرضا عليه السلام ، قال فيها: "من السُنّة التزويج بالليل، لأن الله جعل الليل سكن، والنساء إنما هنَّ سكن"1.
2- التكبير من الرجال ومن النساء.
3- اصطحاب النساء للعروس في موكب فرح.
4- إنشاء الشعر من قِبل النساء.
5- حمد الله تعالى.
6- الإطعام، والرواية الأولى حدَّدته بوقت الضحى، وليس في الليل.
وقد أطلقت بعض الروايات استحباب الإطعام بعنوان الوليمة، كما ورد عن رسول الله صلى الله عليه واله بقوله: "لا وليمة إلا في خمس":
أ- في عرس.
ب- أو في خرس (أي بعد الولادة).
ج- أو عذار (أي عند الختان).
د- أو وكاز (أي عند شراء الدار).
هـ- أو ركاز (أي عند قدوم الحاج من مكة)2.
العرس بين الشرعي واللاشرعي
بما أن حفل الزفاف يمثِّل المدخل السعيد للحياة الزوجية، فعلى المؤمن والمؤمنة أن يتحرَّيا رضا الله تعالى بحيث يعيشان حالة الفرح والسرور والسعادة من دون أن يرتكبا محرَّماً والعياذ بالله. لا سيما مع ما ابتلى الكثيرون في عصرنا ومجتمعنا من سلوكيات تُخرج حفل الزفاف من الدائرة الشرعية الحلال إلى ما حرّم الله تعالى. ويمكن التعرض للموارد التي لا بدّ فيها من الحذر حتى يبقى الحفل في دائرة الرضا الإلهي ضمن العناوين التالية:
1-الغناء والموسيقى
من المسَّلم به أن حفل الزفاف هو مناسبة فرح وابتهاج، وهذا ما أقرَّه الإسلام بل مرّّ معنا أن النبي صلى الله عليه واله أمر في عرس ابنته فاطمة عليها السلام بنات الأنصار والمهاجرين أن يفرحن. لكن للأسف الشديد أن مجتمعنا ما زال يعاني من مشكلة في ثقافة الفرح التي لا بد من خلوها من المعاصي، إذ نجد أن الكثيرين من الناس يتوجهون في حفل الزفاف نحو الغناء والموسيقى المحرَّمين، مع أن البدائل الشرعية المفرحة متاحة:
من هنا اُطلُّ على معنى الغناء والموسيقى المحرّمين بهدف التعرُّف عليهما لاجتنباهما.
إن الغناء المحرّم هو عبارة عن "صوت الإنسان الذي فيه ترجيع يتناسب مع مجالس اللهو والمعصية"3.
والموسيقى المحرّمة هي "الموسيقى اللهوية المتناسبة مع مجالس اللهو والمعصية"4.
ومما يساهم في في كون الغناء والموسيقى محرّمين أمور عديدة قد يتعلق بعضها بشخصية العازف، كأن يكون من المطربين المعروفين، أو للكلام المصحوب بالألحان، بل قد تساهم في ذلك طبيعة المكان الذي يقام فيه حفل الغناء والموسيقى، كما أن حرمة ذلك تعمّ الغناء والموسيقى المباشرة أو المسجَّلة عبر الأشرطة أو الأقراص المدمجة.
2- العرس المختلط
من المؤكد أن إقامة حفل الزفاف في مكانين منفصلين أحدهما للرجال والآخر للنساء، هو أقرب للتقوى، وأبعد من الحرام، إذ كثيراً ما تؤدي الأعراس المختلطة للوقوع في الحرام ابتداءً من إبراز العروس بزينتها أمام الرجال الأجانب، وهو مؤكد الحرمة، إلى ما يتعلق بتحمّس البعض للرقص أو الدبكة التي قد تؤدي إلى الإثارة المفسدة وبالتالي إلى الحرمة، فضلاً عن أن تخصيص النساء بعرس خاص يعطي حرية لهن في الفرح لا تكون في المجلس المختلط عند من يتوخَّين مراعاة الشرع ويراعين الحشمة والعفة.
3- الرقص والدبكة
"الرقص إذا كان بكيفية تثير الشهوة، أو إذا كان مستلزماً لفعل محرّم، أو لترتب مفسدة، فلا يجوز، والمشاركة في مجالس الرقص، إن كانت تأييداً لفعل الآخرين الحرام، أو استلزمت فعل محرّم، فلا يجوز أيض، وإلا فلا بأس بها"6.
هذه هي ضابطة الرقص المحرّم، والمشاركة في مجالسه، والتي يجب اجتناب تحققها في الأعراس، حتى من قِبل الآباء والأمهات في حفل زفاف أولادهم7.
وهذه الضابطة تتعلق برقص المرأة أمام المرأة أو الرجل أمام الرجل فهما محرّمان إذا كان بكيفية تثير الشهوة، أو تستلزم فعل محرّم، بخلاف رقص المرأة أمام الرجال الأجانب، فهو محرّم مطلقا 8ً.
أما دبكة الرجال، فهي ليست محرّمة بذاته، لكن بعد أن يُراعى فيها عدم أدائها بكيفية مثيرة للشهوة، أو مع استعمال الموسيقى المحرّمة، أو كانت مما يترتب عليها الفساد9.
4- التصفيق
لا حرمة في التصفيق على النحو الذي تعارف عليه الناس، سواء من الرجال أو من النساء ما لم تترتب عليه مفسدة، ولكن من الأفضل أن تعطِّر أجواء الحفل بالتكبير والصلوات10.
5- التصوير
من الأمور المهمة التي قد يُبتلى بها النساء في حفل الزفاف الخاص بهنَّ، والذي فيه يأخذن حريتهن في طبيعة الملابس والزينة هو تصوير بعض النساء لهن دون ضوابط، لا سيَّما مع انتشار الهواتف المحمولة المحتوية على آلة تصوير، إذا يخشى أن تعرض بعض المصوِّرات غير الملتزمات الواعيات صور النساء المحجبات بالأصل بزينتهن في حفل الزفاف لرجال أجانب. وهذا الأمر يقتضي تدبيراً إدارياً في مكان إقامة الحفل.
*كتاب دليل العروسين1-الشيخ أكرم بركات
1- الكليني، محمد بن يعقوب، فروع الكافي، ج5، ص366.
2- الصدوق، محمد، من لا يضره الفقيه، ج3، ص202.
3- الخامنئي، علي، أجوبة الاستفتاءات، ط6، بيروت، مؤسسة المعارف الثقافية، 204، ج2، ص22.
4- المرجع السابق ص 21.
5- المرجع السابق، ص 22.
6- المرجع السابق، ص 32.
7- الخامنئي، علي، أجوبة الإستفاءات، ص 33.
8- المرجع السابق ص 33.
9- المرجع السابق ص 35.
10- المرجع السابق ص 36.