كيف نحرص على القوارير؟
كم نتألّم حين نستمع إلى مشاكل زوجيّة تعاني منها أخوات مؤمنات، ويعود سبب هذه المشاكل إلى قسوة الزوج وتعنّته في اُمور كثيرة، وأشدّ ما يؤلمنا حين نسمع أنّ هذا الزوج حريص على صلاته وعبادته، لكنّه يغفل عن الوصيّة النبويّة: «رفقاً بالقوارير».
وكثيراً ما يطالب الزوج بأن تقوم زوجته بواجباتها كاملة تجاهه، لكنّه في المقابل يغفل عن أداء حقوقها كاملة إليها، أو يظلمها في أحيان كثيرة، وبسبب موروثات سابقة، يعتبر مشاورتها في اُمور حياتهما المشتركة أمراً لا يليق به، أو عاراً عليه، ناهيك عن تعنّته في اُمور اُخرى، مثل: منعها من الخروج من البيت بالقدر المعقول المتعارف عليه في مجتمعها، هذا إلى جانب إلقاء المسؤوليّة عليها كاملة في رعاية الأبناء، وكأنّها قد غدت مسؤولة الآن وحدها، وأخيراً ذلك الذي يسمح لنفسه أن يضرب زوجته!!
وطالما يدّعي البعض أنّه يتأسّى بالرسول (ص)، غير أنّه يغفل عن التأسّي به (ص) في أخلاقه، خصوصاً مع أهل بيته، وهو الذي يوصي الأزواج قائلاً: «خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي»، وحين نقرأ في سيرته (ص)، نقف في عجب وإكبار أمام اُسلوبه في معاملته لزوجاته، وحسن رعايته لهنّ، والكثير الكثير الذي نتمنّى حقيقة لو يحرص عليه الزوج المسلم على التحلّي به اليوم، فالالتزام لا يكون بالعبادة فقط وأداء الفرائض، ولكن بحسن الخلق الذي يكون مع أهل بيته أوّلاً، ثمّ مع باقي عباد الله، وليذكر أنّ آخر وصاياه (ص) كانت: «استوصوا بالنساء خيراً».
حالة الزوجة النفسيّة.. مفتاحها بيد الزوج
خلق الله المرأة ذات طبيعة خاصّة، فهي رقيقة المشاعر، مرهفة الحسّ ، جيّاشة العواطف، تطرب لسماع الكلمات العذبة، وتعطي بسخاء كلّما شعرت بحبّ الزوج وحنانه.
والواقع أنّ الرجل الكيّس هو ذلك الذي يستطيع استمالة زوجته بقلبها الحنون، لينشر تحت ظلّه عبير الورود، ونفحات الرياحين، فما على الزوج إلاّ أن يعبّر عن الودّ والرحمة لتنطلق الحياة الزوجيّة السعيدة ، وهو ما يتحقّق باتّباع الآتي:
ـ عدم إظهار عيوب الزوجة، سواء في الملبس أو الطعام أو الكلام.
ـ لا بدّ من مراعاة الزوجة في بعض حالاتها النفسيّة التي قد تطرأ عليها مثل باقي النساء.
ـ يتحدّث الزوج معها في اهتماماتها، وأحوالها، وهواياتها.
ـ يشكرها الزوج إذا بذلت جهداً من أجل راحته.
ـ يقدّم إلى زوجته هديّة، ليست بثمنها، ولكن بقيمتها المعنويّة.
ـ يا لها من راحة نفسيّة عظيمة لو حضرا سويّة بعض الدروس الدينيّة التي تريح النفس، وتزيل التوتّر النفسي الذي تسبّبه الظروف المحيطة بالإنسان.
ـ من الضروري أن يمتدح الزوج زوجته واهتمامها بنفسها، حتّى لا يتسبّب في تحطيم معنويّاتها.
ـ المرأة تحبّ زوجها أنيقاً مرتّباً في مظهره، يهتمّ بنفسه من أجلها هي فقط.
ـفي كثير من الأحيان يتّفق تفكير الزوج مع تفكير الزوجة في آن واحد، فمثلاً يفكّران في الموضوع ذاته، فيوضّح لها أنّ هذا يُظهر مدى الانسجام الفكري، والتوافق في الأفكار، فيما بينهما، ممّا يشعرهما بالسعادة، وخاصّة الزوجة.
ـحين تتعرّض الزوجة لمحنة المرض، فينبغي أن يقف إلى جوارها ويشعرها بمكانتها عنده إلى أن تُشفى.
ـما أعظم الزوج، حين يرى زوجته مشغولة بأولادها وبيتها، فيأخذ بيدها ويساعدها، يحمل عنها بعض هذا الحمل.
ـكم الرجل بارّ بزوجته، عندما يراها في همّ وحزن، لأنّ أهلها طرأت عليهم ظروف، ويقف هو بجانبهم، وبكلّ رضاً منه، يعطيهم من ماله، ويفرّج عنهم كربتهم.
ـلو رأى الزوج خلافاً بين زوجته وبعض أقاربها، لا يقف مكتوب الأيدي، بل يصلح بينهم.
خدمة الزوجة.. ضرورة ملحّة
يستصعب الرجل وإن لم يكن كلّ الرجال، أن يساعد زوجته في الأعمال المنزليّة، سواء كانت المرأة عاملة أم ربّة بيت; لأنّه يرى ذلك التواء وانحرافاً عن مسيرته، عن طريقه، عن كونه رجلاً. فهو لم يخلق للعمل داخل البيت بل خلق للعمل خارجه، ونرى كثيراً من الشباب في بيوت ذويهم لا يرفعون كأساً أو يقدّمون كوباً من ماء لأحد، بل إنّهم يسعدون بمن يخدمهم بحجّة أنّهم رجال، وهذه ليست مهمّتهم.
ولكن نرى هؤلاء الرجال حينما تضطرّهم الظروف للسفر والتغرّب، إنّهم ينسون هذا المبدأ أو يقومون بالطبخ والغسيل والتنظيف لأنفسهم، وقلّما نجد من يؤجّر أحداً للقيام بهذه المهام.
ولسنا نسعى لاتّهام الرجل في شيء، ولا التأكيد بأنّه أناني بطبعه، ويفكّر بمصلحته فقط، بل نرى أنّ البيت الذي هو ميزان إن اختلّت إحدى كفّتيه لا بدّ من إعادة توازن الاُمور ليعود كلّ شيء كما كان.
وفي الحياة الزوجيّة أوقات قد يضطرّ فيها الزوج لمساعدة زوجته. ربّما تكون متعبة أو مريضة أو ما إلى ذلك، فما بال الزوج رسول الله (ص) كان يخدم نفسه أحياناً برغم كلّ شيء، ولا ينتظر تعب زوجاته حتّى يترفق بهنّ ويقدّم لهنّ المساعدة، بل انّه (ص) يقول: «خدمتك زوجتك صدقة»، وهل كان رسولنا الكريم (ص) بحاجة إلى تلك الصدقة؟ لكنّه قدوة لكلّ الأزواج، قدوة بكلّ معنى الكلمة، فما من عمل يقوم به الزوج يراعي فيه امرأته، إلاّ وكان له به صدقة، فتُرى كم من متصدّق في أيّامنا هذه يتصدّق بطيب نفس ولا يمتنّ على زوجته أنّه قام بهذه الخدمة أو بتلك؟
فما أحوج الأزواج في هذه الحقبة من الزمان، إلى كلّ صدقة لتكون في ميزانهم يوم الحساب؟
كيف يُسعد الرجل زوجته؟
لا ينبغي أن يهن الرجل زوجته أبداً، فإنّ أي إهانة يوجّهها إليها تظلّ راسخة في قلبها وعقلها، وأخطر الإهانات التي لا تستطيع الزوجة أن تغفرها له بقلبها، حتّى ولو غفرت له بلسانها، هي أن ينفعل فيضربها، أو يشتمها، أو يلعن أباها أو اُمّها، أو يتّهمها في عِرضها.
فإذا أحسن الرجل معاملة زوجته، تحسن إليه، وليشعرها بأنّه يفضّلها على نفسه، وأنّه حريص على إسعادها، ويضحّي من أجلها، وليتذكّر أنّ زوجته تحبّ أن يجلس ليتحدّث معها وإليها في كلّ ما يخطر بباله من شؤون، ولا يعود إلى بيته مقطب الوجه، عابس المحيا، صامتاً، فإنّ ذلك يثير فيها القلق والشكوك.
ـ لا يفرض الرجل على زوجته اهتماماته الشخصيّة المتعلّقة بثقافته أو تخصّصه، فإن كان اُستاذاً في الفلك مثلاً، فلا يتوقّع أن يكون لها نفس اهتمامه بالنجوم والأفلاك.
ـ ليكن الرجل مستقيماً في حياته، حتّى تكون زوجته هي كذلك، ففي الأثر «عفّوا تعفّ نساؤكم»، وحذار من أن يمدّنّ عينيه إلى ما لا يحلّ له، سواء كان ذلك أمام شاشة التلفزيون، وما أسوأ الفضائيات وما أتت به من مشاكل زوجيّة.
ـ إيّاه أن يثير غيرة زوجته، بأن يذكرها من حين لآخر أنّه مقدّم على الزواج من اُخرى» أو يبدي إعجابه بإحدى النساء، فإنّ ذلك يطعن قلبها في الصميم، ويقلب سكينتها ومودّتها إلى موج من القلق والشكوك والظنون، وكثيراً ما تنقلب تلك المشاعر إلى أعراض جسديّة مختلفة، من صداع وآلام هنا وهناك، فإذا بالزوج يأخذ زوجته من طبيب إلى طبيب.
ـ لا يذكّر الرجل زوجته بأخطاء وعيوب صدرت منها في مواقف معيّنة، ولا يعيّرها بتلك الأخطاء، وخاصّة أمام الآخرين.
ـ يعدّل الرجل سلوكه من حين لآخر، فليس المطلوب فقط أن تقوم زوجته بتعديل سلوكها، ويستمرّ هو متشبّثاً بما هو عليه.
ـيتجنّب الرجل ما يثير غيظ زوجته ولو كان مزاحاً.
ـ يكتسب الرجل من صفات زوجته الحميدة، فكم من الرجال من ازداد التزاماً بدينه حين رأى تمسّك زوجته بقيمها الدينيّة والأخلاقيّة، وما يصدر عنها من تصرّفات سامية.
ـ يلتزم الهدوء ولا يغضب، لأنّ الغضب أساس الشحناء والتباغض والاختلاف.
ـ إن أخطأ الرجل تجاه زوجته يعتذر لها، وليتذكّر أنّ ما غضب منه ـ في أكثر الأحوال ـ أمر تافه لا يستحقّ تعكير صفو حياتهما الزوجيّة، ولا يحتاج إلى كلّ ذلك الانفعال.
ـ ليستعذّ بالله من الشيطان الرجيم، ويهدّئ ثورته، ويتذكّر أنّ ما بينه وبين زوجته من روابط ومحبّة أسمى بكثير من أن تدنّسه لحظة غضب عابرة، أو ثورة انفعال طارئة.
متى تحتاج الزوجة إلى المجاملة؟
المجاملة اللطيفة والكلمة الرقيقة أعظم شيء عند الزوجة، ويكلّل ذلك الهديّة، وفي الحديث الشريف: «تهادوا تحابّوا»، فالهديّة رسول محبّة بين الناس، وتأكيد لمعنى الودّ، فتزول آثار التخاصم والتباغض.
فماذا تعني الهديّة بالنسبة للزوجة؟
فعندما تمرّ المرحلة الاُولى من الحياة الزوجيّة، تبدأ بعدها المسؤوليّات تترى، ويثقل عبء الاُسرة، فتحبّ الزوجة أن تستعيد بعض المشاعر الرقيقة حتّى تستأنف بعدها أيّاماً جديدة بهدوء وتركيز، وهذا ما قد يغفل عنه بعض الأزواج، فالهديّة هنا بالنسبة للزوجة تعني أنّها محلّ اهتمامه برغم انشغاله وأعبائه، كما أنّها تزيل ملل الحياة والمشاعر المرهقة.
وليس بالضرورة أن تكون هناك مناسبة ولكن الزوج الفطن يشعر متى يجامل زوجته، فمثلاً قد تتعب الزوجة خلال امتحانات الأبناء في المذاكرة حتّى يتفوّقوا، فيمكنه هنا أن يشتري لها هديّة تقديراً لها.
أمّا أن تكون تلك الهديّة مفاجأة، فإنّ الهديّة في مكونها المعنوي مفاجأة، ولأنّه قد لا يوفّق الزوج في اختيار هديّة مناسبة للزوجة، أن يستشيرها أو يصطحبها لاختيارها.
وننصح الزوج الذي يريد أن يهادي زوجته بأن يفكّر فيما تحتاجه أو تحبّه، وليس بالضرورة أن تكون الهديّة غالية الثمن، إذ يمكن أن تكون أبسط الأشياء وأقلّها، وتدخل السرور إلى قلب الزوجة.
و مادام الزوج يعامل زوجته بالتي هي أحسن، ويجاملها بعطاياه لها، فالمفروض أن تحرص على ما أن تبادله الهدايا بحسن معاملتها له، وصيانة ماله، وعِرضه، ودينه.
همسات في آذان الأزواج
نشرت في
الأسرة