الأبناء قرّة عين الإنسان وبهجته التي ينتظرها في هذه الحياة، فهُم مصدر السعادة والهناء، والمؤنس في هذه الدنيا؛ فبِهم تحلو حياته، وعليهم يُعلّق آماله، إلا أنّ هذا كلّه مرهون بحُسن تربيتهم التربية الصحيحة، وتنشئتهم على الإسلام وطاعة الله عزَّ وجلَّ، وحبّ الآخرين؛ فإذا أحسن الإنسان ذلك كانوا زينة الحياة الدنيا، قال تعالى: (الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا)[١] أمّا إذا لم يُوفّق الإنسان إلى الطرق السليمة في تربية الأبناء، ولم يجهد نفسه في ذلك، ولم يتخيّر ما فيه الخير لهم، أصبحوا بلاءً عليه، ومصدراً من مصادر العناء والشقاء في الدنيا، ويكون موضع مُساءلة أمام الله عزَّ وجلَّ عمّا فرّط به من تَربيتهم في الآخرة. مع مرور الأيام ازدادت التربية صعوبةً، وأصبحت أكثر تعقيداً عمّا كانت سابقاً، نظراً لِما أصاب هذا الزمان من تغيّرات ومؤثرات خارجية على جميع المستويات الثقافية والاقتصادية والإعلامية والتكنولوجيّة؛ فكلّ ذلك يُكسب الأبناء أنماطاً سلوكيّةً مُختلفة تكون عبئاً ثقيلاً على الآباء، وتُشكّل عائقاً كبيراً في مشوار التنشئة الصالحة.[٢] مهارات تُعين الطفل على الطاعة إنّ الوعي الأسري وتوفّر المسكن الذي يسوده الهدوء والسكينة من العوامل المهمّة في اتباع الوسائل التربوية السليمة في تربية الأبناء، وجعل الطفل مُطيعاً لوالديه لا يكون فجأةً؛ إنّما هو عمليّةٌ تربويةٌ تكون باتّباع مجمةعةٍ من الأساليب، منها:[٣][٤] القدوة الحسنة: إذ إنّ للقدوة الحسنة أثرٌ كبيرٌ وفعّال في نفس الطفل، فهو يُقلّد والديه في كل صغيرة وكبيرة، ولذلك عليهما أن يتخلّقا بالأخلاق الإسلامية الرفيعة، ويتجنّبا كلّ خلق سيء، وأن يكون الصدق منهجهما في أبسط أنواع المعاملات، والطفل يرى ذلك من خلال الأفعال وليس الأقوال، فكثير من الآباء يحاولون تعليم الطفل عدم الكذب، إلا أنّه يلمس من تصرّفات أبويه عكس ذلك القول، فينغرس في ذهنه ما وجده من الآباء من أفعالٍ لا من أقوال، وكذلك الطاعة، فإن أبدى الوالدان الطاعة لآبائهما أو من هم أكبرُ سنّاً منهما، نشأ الطفل على طاعتهما. الابتعاد عن اللوم الكثير والعتاب المتواصل؛ فلا يوبَّخ الطفل على كلّ تصرّف يصدر منه، لأنّ كثرة التأنيب والتوبيخ تخرج الطفل من دائرة الحرص إلى دائرة اللامبالاة. الدعاء للطفل؛ فالدعاء من الأمور المهمّة التي يجب على الوالدين الالتزام بها تجاه أولادهم، ليُعينهما الله سبحانه وتعالى على تربية أبنائهما، ويعين أبناءهما على طاعتهما، ويتخيّران في ذلك أوقات استجابة الدعاء، فيرقّ القلب، وتنتشر الرحمة والألفة بين الطرفين، وفي المقابل فقد نهى الله سبحانه وتعالى الوالدين أن يدعوا على أولادهما، لأنّ ذلك أمر منافٍ للأخلاق الإسلامية وللرحمة التي زرعها الله عزَّ وجلَّ في قلوب عباده. إعطاء الطفل حقوقه وتنفيذ رغباته واحتياجاته. العدل والمساواة في المعاملة بين الأبناء وعدم التفرقة بينهم، ذلك لأنّ التفرقة تُولّد الكراهية والعدوانية لدى الطفل، ومن الصعب أن تجد طفلاً يشعر بالنقص والظلم مُطيعاً لفترة طويلة، فقد تكون طاعته مؤقّتة ولا يلبث أن يُعلن عن عِصيانه وتَمرُّده على المُحيطين به. على الوالدين إذا أرادا من الطفل إظهار الطاعة والالتزام بما يريدان أن يُظهرا الاحترام له والتقدير لأيّ عملٍ يقوم به، والثناء عليه ومدح تصرّفاته ومهاراته، وإِشعاره الطفل أنّه ذو مكانةٍ ومنزلةٍ عالية عند والديه، وأنّه إنسان فعّال مهم لهما وأنّهما بحاجةٍ دائمة له ولمساعدته؛ فيشعر الطفل بقيمته واحترام الآخرين له، وبالتالي يطيع والديه ويُقدر اهتمامهما به. إقناع الطفل فن للفوز بما تريد الإقناع مهارةٌ غايةٌ في الدقّة، لا يُتقنها أيُّ شخص، وهو عمليّة تغيير للمواقف أو تعزيز لها، وقد يكون تغييراً في فعلٍ أو سلوكٍ يصدر من الطفل، يسعى الوالدان لردعه عن فعله، والابتِعاد عن مثل هذا السلوك أو الخلق (الكذب مثلاً)، فاستخدامُ أسلوب الإقناع يُشعر الطفل بأنّ والديه يحترمان عقله وتفكيره، وأنّه صاحبُ الرأي الأول والأخير في هذا الموقف، وأنّ بيده وحدَه القرار، وليس السلوك فرضاً يَفرضه والداه عليه. إنّ الإقناع إذا نُفّذ بشكلٍ صحيح تمّ الوصول إلى الهدف المرجو منه، وهناك تشابه كبير بين الإقناع والتلاعب؛ فكثيرٌ من النّاس يَصعب عليهم التمييز بينهما، إلا أنّ الفرق بينهما هو نيّة الشخص المُقنع، وعندما تَصل العَلاقة بين الوالدين والطّفل لدَرجة الإقناع هذا يعني أنّهما قد فهما احتِياجاته ورَغباته وأحلامِه وأهدافه، وارتقت العلاقة بينهم لتصل إلى دَرجة الإقناع، وعلى الوالدين معرفة أنّ الإقناع فنّ يُتقن بالمُمارسة الدائمة، وأنّ من أتقَنَه حصل على ما يُريد بأقل الأضرار، وأبسط الطرق، فهو مهارةٌ من مهارات التواصل الممتازة، وهو الذي يوصل الأشخاص إلى أرضيّة مشتركة، يمكنهم التلاقي عليها في الأفكار والمعتقدات والأهداف.[٥][٦]