التربية بالحب وأساليب التعامل مع أولادنا

قيم هذا المقال
(0 صوت)
التربية بالحب وأساليب التعامل مع أولادنا



 

إنّ الشعور بالحب ليس عنصراً كافياً في عملية التربية بالحبّ، بل الأهمّ هو إبراز هذا الشعور الداخليّ ونقله إلى الآخرين، يتمّ هذا الأمر من خلال أساليب عدّة، نستوحي معظمها من النصوص الدينية.
 
- أسلوب نظرة الحبّ: إنّ نظر المربّي إلى المتربّي بحب يدخل الفرح والسرور على قلبه، ويجعله يشعر أنّه موضع عناية واهتمام وحبّ. وقد جعل النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم نظرة الحبّ من الوالد إلى الطفل عبادة. عن النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم، قال: "نظر الوالد إلى ولده حبّاً له عبادة"[1].
 
- أسلوب كلام الحبّ: يجب على المربّي أن يعبّر عن حبّه للطفل من خلال إسماعه العبارات التي تُظِهر الحبّ، لما لذلك من أثر طيّب على الطفل. ومن جملة كلام الحبّ أن يطلب المربّي من الطفل بلطف مثل: لو سمحت، من فضلك، ممكن....فإن لذلك دوراً كبيراً في تربية الطفل، فضلاً عن الارتباط العاطفيّ بالمربّي.
 
- أسلوب قبلة الحبّ والرحمة: إنّ القبلة على خدّ الطفل أو جبينه أو يده من أسمى أنواع التعبير عن الحبّ والرحمة، وقد ركّز المنهاج التربويّ النبويّ على هذا الأسلوب قولاً وعملاً، فقد كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يديم تقبيل طفليه الحسن والحسين عليهما السلام.
 
- أسلوب ضمّ الطفل: إنّ ضمّ الطفل وشمّه من أساليب أصل الحبّ والرحمة. وإنّ حاجة الطفل إليهما على حدّ حاجته إلى الهواء والطعام والشراب. وقد كان من أخلاق النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم أن يجلس الحسن والحسين على فخذيه ويضمهما إليه، تعبيراً عن حبّه وارتباطه العاطفيّ بهما.
 
- أسلوب البسمة: ويعدّ من الأساليب المعبّرة عن الحبّ. وقد ركّز المنهاج النبويّ على عموم تبسّم المؤمن في وجه إخوانه، عن الإمام الصادق عليه السلام: "تبسّم المؤمن في وجه أخيه حسنة"[2]، فكيف الحال بالتبسّم في وجه الأطفال؟!
 
- أسلوب المسح على رأس الطفل: فقد كان النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم إذا أصبح مسح على رؤوس ولده وولد ولده[3].

- أسلوب الرفق بالطفل: وهو من الأساليب المهمّة في تربية الطفل. والرفق بمعنى لين الجانب. واستعمال أسلوب الرفق في التربية يؤدّي إلى تحقيق الأهداف المرجوّة، ويوصل إلى الأغراض المنشودة، وهذا ما أكدت عليه الروايات.عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، قال: "إنّ الله يحب الرفق، ويعين عليه"[4].
 
- أسلوب العفو عن الطفل: عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "رحم الله من أعان ولده على برّه، وهو أن يعفو عن سيئته، ويدعو له فيما بينه وبين الله"[5].
 
- أسلوب الستر على أخطاء الطفل: ومن ضمن أساليب التربية بالحبّ، أسلوب الستر على أخطاء الطفل وزلاته وهفواته، خصوصاً أنّ الستر من الأخلاق الإلهية، عن الإمام الصادق عليه السلام: "إنّ الله ستير يحبّ الستر"[6].
 
فإذا ارتكب الطفل خطأً معيناً ينبغي عدم التشهير به، لأنّ ذلك يؤدّي إلى جرح مشاعره وأذيته، ونفوره من المربّي، فلا يصرّح له بأخطائه ويخفي عنه كلّ شيء، فيُحرم المربّي من فرصة تعديل سلوك الطفل.
 
- أسلوب التغافل: يعتبر أسلوب التغافل عن بعض أخطاء الطفل وعدم المحاسبة على كلّ صغيرة ودقيقة من أهمّ أساليب التربية بالحبّ، وعن الإمام زين العابدين عليه السلام، قال: "اعلم يا بنيّ، أنّ صلاح الدنيا بحذافيرها في كلمتين: إصلاح شأن المعايش ملء مكيال ثلثاه فطنة وثلثه تغافل، لأنّ الإنسان لا يتغافل إلّا عن شيء قد عرفه ففطن له"[7].
 
- أسلوب إكرام الطفل: من أساليب التربية بالحبّ أيضاً، إكرام الطفل وإشعاره أنّه موضع تقدير واحترام، وأنّ له شأنية وموقعية في قلب المربّي. عن النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم، قال: "أكرموا أولادكم وأحسنوا أدبهم يغفر لكم"[8].
 
- أسلوب الهدية: إنّ الهدية أسلوب من أساليب التربية بالحبّ أيضاً، خصوصاً في بعض المناسبات التي تقتضي ذلك، كنجاحه وإنجازه أمراً ما، فعن أبي عبد الله عليه السلام، قال: "قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "تهادوا تحابّوا، تهادوا فإنّها تذهب بالضغائن"[9].
 
- أسلوب إرضاء الطفل: من المرغوب فيه أن يعمد الأب أو الأم إلى المبادرة لإرضاء الطفل وتفريحه وإدخال السرور على قلبه، خصوصاً قبل النوم، فمن الخطير جعل الطفل ينام وهو يعيش طاقة سلبية من الحزن والكآبة.
 
عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنّه قال: "... إنّه من يُرضي صبياً له صغيراً من نسله حتّى يرضى ترضّاه الله يوم القيامة حتى يرضى"[10].
 
- أسلوب الوفاء بالوعد: عادة ما يعد الإنسان أطفاله بأمر ما كأن يشتري لهم شيئاً ثمّ يتراجع عن وعده، فعلى المربّي أن يلتفت إلى خطورة التراجع عن الوعد وعدم الوفاء به، من ناحية كسر صورة الصدق والثقة به في ذهن الطفل، ومن جهة التأثيرات العقائدية على معنى الرازقية لهذا السلوك الخاطئ من المربّي، عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "أحبّوا الصبيان، وارحموهم، وإذا وعدتموهم شيئاً ففوا لهم، فإنّهم لا يدرون إلّا أنّكم ترزقونهم"[11].
 
- أسلوب اللعب والتصابي مع الطفل: ينبغي للمربّي أن يشارك أطفاله اللعب ويتفاعل معهم إيجاباً في نشاطاتهم المتعلّقة بمختلف الألعاب، وهناك أحاديث عدّة تحثّ الوالد على اللعب مع الطفل، والتصابي معه، عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "من كان عنده صبي فليتصاب له"[12].
 
- أسلوب الدعاء للطفل لا عليه: من أساليب التربية بالحبّ أسلوب الدعاء للطفل، واستحضاره دائماً في أدعية الوالدين، وعدم الدعاء عليه عند الغضب منه لأيّ سلوك صدر عنه، بل ينبغي الدعاء له بالهداية والصلاح. عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "رحم الله من أعان ولده على برّه، وهو أن يعفو عن سيئته، ويدعو له فيما بينه وبين الله"[13].
 
- أسلوب العدل والمساواة بين الأطفال: ينبغي للمربّي أن لا يميّز بين الأطفال ويعدل بينهم حتّى في القبل أو العطية كما ورد في الروايات، فقد رُوي أنّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم رأى رجلاً من الأنصار له ولدان، قبّل أحدهما وترك الآخر، فقال صلى الله عليه وآله وسلم: "هلّا واسيت بينهما"[14].
 
- أسلوب حسن استقبال الطفل عند قدوم الوالدين أو قدومه إلى المنزل: وكذلك توديع الطفل قبل الخروج من المنزل... وبهذا الأسلوب كان النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم يتعامل مع الأطفال من أهل بيته.
 
عن عبد الله بن جعفر، قال: "كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذا قدم من سفر تلقّى بصبيان أهل بيته، قال: وإنّه قدم من سفر فسبق بي إليه فحملني بين يديه، ثم جيء بأحد ابني فاطمة فأردفه خلفه، قال: فأدخلنا المدينة ثلاثة على دابة"[15].
 
- أسلوب برّ الولد وإعانته على البر: عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: "رحم الله والداً أعان ولده على البرّ"[16].
 
- أسلوب تكليف الطفل على قدر الوسع: وهو من الأساليب المهمّة في التربية بالحبّ، فلا ينبغي تحميل الطفل مسؤوليات فوق قدرته على التحمّل. عن يونس بن رباط، عن الإمام الصادق، عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "رحم الله من أعان ولده على برّه.
قال: قلت: كيف يعينه على بره؟ قال: يقبل ميسوره، ويتجاوز عن معسوره، ولا يرهقه، ولا يخرق به"[17].
 
- أسلوب التآلف مع الطفل: وعنه، قال: "رحم الله عبداً أعان ولده على بره بالإحسان إليه، والتآلف له، وتعليمه وتأديبه"[18].
 
- أسلوب الشفقة: عن الإمام عليّ عليه السلام قال: "يجب عليك أن تشفق على ولدك أكثر من إشفاقه عليك"[19].
  
التربية الإسلامية للطفل، دار المعارف الإسلامية الثقافية


[1] الميرزا النوري، مستدرك الوسائل، ج15، ص170، ح17894.
[2] الشيخ الطبرسي، مشكاة الأنوار في غرر الأخبار، ص316.
[3] الحلي، أحمد بن فهد، عدة الداعي ونجاح الساعي، العراق، مؤسسة الرسول الأعظم، 2010م، ط1، ص87.
[4] الشيخ الكليني، الكافي، ن.م، ح12.
[5] الحلي، أحمد بن فهد، عدة الداعي ونجاح الساعي، ص86.
[6] الشيخ الكليني، الكافي، ج5، ص555.
[7] الخزاز القمي، علي بن محمد، كفاية الأثر في النص على الأئمة الإثني عشر، تحقيق عبد اللطيف الحسيني، قم، انتشارات بيدار، مطبعة الخيام، 1401ه، لا.ط، ص240.
[8] الشيخ الطبرسي، مكارم الأخلاق، ص222.
[9] م.ن.
[10] ابن عساكر، علي بن الحسن، تاريخ مدينة دمشق، دراسة وتحقيق علي شيري، بيروت، دار الفكر، 1415ه، لا.ط، ج52، ص363.
[11] الشيخ الكليني، الكافي، ج6، ص 49.
[12] الشيخ الصدوق، من لا يحضره الفقيه، ج3، ص483، ح4707.
[13] الحلي، أحمد بن فهد، عدة الداعي ونجاح الساعي، ص86.
[14] العلامة المجلسي، بحار الأنوار، ج101، ص99.
[15] النيسابوري، صحيح مسلم، ج7، ص132.
[16] الميرزا النوري، مستدرك الوسائل، ج15، ص168، ح17885.
[17] الطوسي، الشيخ محمد بن الحسن، تهذيب الأحكام في شرح المقنعة، تحقيق حسن الموسوي الخرسان، طهران، دار الكتب الإسلامية، 1365هـ.ش، ط4، ج8، ص113، ح390. شرح مفردات الحديث: "لا يرهقه": أي لا يسفه عليه ولا يظلمه، أو يحمل عليه ما لا يطيقه. و"الخُرق" بالضم: الحمق والجهل، أي لا ينسب إليه الحمق.
[18] السيد البروجردي، جامع أحاديث الشيعة، ج21، ص411.
[19] شرح نهج البلاغة، ج20، الحكم المنسوبة إلى أمير المؤمنين عليه السلام، ح152.

قراءة 774 مرة