"شبر من التراب الفلسطيني هو شبر من دار المسلمين. أية سيادة غير سيادة شعب فلسطين و سيادة المسلمين على بلد فلسطين هي سيادة غصبية".
الإمام الخامنئي 29/09/2009
الفصل الثاني: أهمية فلسطين
أولا: أهمية القضية الفلسطينية
لا مراء أنه لا توجد في حياة المسلمين و في الآفاق الإسلامية اليوم قضية بأهمية و خطورة القضية الفلسطينية. طوال أعوام متمادية عودوا المسلمين تدريجياً على اغتصاب جزء من ديارهم. و لا يتوقف الأمر عند اغتصاب دار المسلمين، بل القضية فوق ذلك. القضية هي أن أعداء العالم الإسلامي يستخدمون جزءاً من بيت المسلمين للهجوم على صفوف المسلمين و العمل ضد مطاليبهم و تحركاتهم.
الهدف في مسألة فلسطين هو إنقاذ فلسطين أي محو الدولة الإسرائيلية، و لا فرق في ذلك بين أراضي ما قبل 67 و ما بعدها. كل شبر من التراب الفلسطيني هو شبر من دار المسلمين. أية سيادة غير سيادة شعب فلسطين و سيادة المسلمين على بلد فلسطين هي سيادة غصبية. القول هو ما قاله الإمام الخميني: »إسرائيل يجب أن تمحى من الوجود«. بوسع يهود فلسطين أن يعيشوا هناك إذا قبلوا الدولة الإسلامية. ليست القضية قضية معاداة السامية. القضية قضية اغتصاب بيت المسلمين. لو لم يخضع رؤساء المسلمين و زعمائهم لتأثير القوى العالمية لأمكنهم النهوض بهذه المهمة، لكنهم لم يفعلوا ذلك للأسف.
ثانيا: أهمية بيت المقدس
إلى جانب قضية فلسطين، يمتاز بيت المقدس أيضاً بأهمية كبرى. تحاك اليوم مؤامرات ملونة عديدة من قبل الصهاينة لاغتصاب و ابتلاع هذه المدينة المقدسة و محو آثارها الإسلامية. لكن هذه المدينة لكل المسلمين. و كل القدس عاصمة لكل فلسطين و لن يسمح المسلمون لمخططات الأعداء المشؤومة أن تتحقق، و سوف يواجهونها.
ثالثا: رؤية الجمهورية الإسلامية الإيرانية حول فلسطين
قضية فلسطين من الناحية الإسلامية قضية أساسية و فريضة واجبة بالنسبة لكل المسلمين. صرح جميع علماء الشيعة و السنة القدماء و المحدثين أنه إذا احتل أعداء الإسلام جزءاً من الوطن الإسلامي فمن واجب الجميع أن يدافعوا عنه ليستعيدوا الأراضي المغتصبة. لكلٍّ واجبه حيال قضية فلسطين كيفما استطاع. عليه واجبه من الناحية الإسلامية أولاً. فالأرض أرض إسلامية يحتلها أعداء الإسلام و يجب استعادتها. ثانياً هناك ثمانية ملايين مسلم بعضهم مشردون و بعضهم في الأراضي المحتلة وضعهم أسوء من المشردين. لا يجرأون على التنقل بصورة طبيعية، و لا يسمح لهم بالتحدث بما يريدون، و لا يُسمح بأن يكون لهم نوابهم في إدارة بلادهم. يُحال في أحيان كثيرة دون أدائهم الصلاة. هددوا المسجد الأقصى قبلة المسلمين، و قد أحرقوه قبل سنوات. ثم راحوا يحفرون في مكانه و يفعلون أشياءً غير سليمة و يريدون أساساً إخراج المسجد الأقصى – قبلة المسلمين – عن شكله الإسلامي.
ومن الناحية الإنسانية فإن مظلومية العوائل الفلسطينية يفرض على كل إنسان واجباً.. مظلومية الناس في داخل فلسطين.. كم يعاملون الشعب الفلسطيني بظلم، و العجيب أن منظمات حقوق الإنسان ميتة! هؤلاء الأمريكان و بعض هؤلاء الغربيين و الذين يدعون أنهم يحملون رسالة نشر الديمقراطية في العالم، هؤلاء أراقوا ماء وجههم في هذه القضية، ذلك أنه يوجد الآن شعب ليس له القدرة على التأثير في أي شأن من شؤون بلاده و وطنه، و كلامه لا يقرأ و لا يسمع في أي مكان.. إنه شعب فلسطين. إنهم شعب مظلوم من الناحية الإنسانية.. و في مقابلهم حكومة عنصرية ترتكب كل هذا الظلم.. و هذه كذبة كبيرة أن تدعي أمريكا و المنظمات العالمية و المفكرون الغربيون مناصرة الديمقراطية!
و من الناحية الأمنية تمثل إسرائيل خطراً أمنياً لا على شعبها فقط بل على كل المنطقة. فهم يمتلكون ترسانة نووية و يواصلون الإنتاج! و قد حذرت منظمة الأمم المتحدة عدة مرات لكنهم لم يأبهوا للأمر. و السبب الرئيس هو دعم أمريكا لهم. أي إن ذنوب الصهاينة و الدولة الغاصبة تقع إلى حد كبير على عاتق النظام الأمريكي. طوال عشرات الأعوام التي تولوا فيها السلطة صدر عن مجلس الأمن الدولي أكثر من ثلاثين قراراً ضد إسرائيل و قد استخدمت أمريكا الفيتو ضدها جميعاً.
وإسرائيل خطر على المنطقة من الناحية الاقتصادية. يطرح الصهاينة المهيمنون على فلسطين أطروحة اسمها »الشرق الأوسط الجديد«. ما معنى الشرق الأوسط الجديد؟ معناه الشرق الأوسط بمحورية بلد إسرائيل حيث ستسيطر إسرائيل اقتصادياً و بالتدريج على البلدان العربية و بلدان المنطقة و المناطق النفطية في الخليج الفارسي. هذا هو هدف الإسرائيليين. بعض الدول غافلة. و حينما يُعترض عليهم يقولون: لكننا لم نقم علاقة مع إسرائيل، إنما سمحنا لتجارهم بالمجيء إلى هنا ! هذا ما يريدونه تحديداً. تريد إسرائيل بدعم أمريكا و بالاعتماد على ترسانتها الخطيرة استغلال غفلة بعض الدول و ضعفها و الدخول فيها و الإمساك بالمراكز الاقتصادية و المصادر المالية. هذا خطر كبير جداً على المنطقة. هذا أكبر من كل الأخطار. لا قدّر الله لذلك اليوم أن يحلَّ و لن يحلَّ و لن تسمح الشعوب المسلمة بحدوث مثل هذا الشيء. لكن خطتهم هي أن يعتمدوا على الاقتصاد ليستولوا على جميع مراكز القوة في هذه البلدان.
و إذن، وجود إسرائيل خطر كبير على شعوب المنطقة و بلدانها إنْ من الناحية الإسلامية، و إنْ من الناحية الإنسانية، أو الاقتصادية، أو الأمنية، أو السياسية.
رابعا: الإمام الخميني و القضية الفلسطينية
الإمام الخميني و منذ بدء النهضة الإسلامية في سنة 1341 حينما لم تكن القضية الفلسطينية قد ذاع صيتها بعد حتى بين الخواص في إيران، كان يقول إن على الجميع الشعور بالخطر أمام هيمنة إسرائيل و عليهم أن يقفوا بوجهها و يجابهوها. ثم واصل هذا الطريق و كان هذا من الشعارات الكبرى لذلك الرجل الإلهي السماوي. نهضة الإمام الخميني (قدس سره) بثت روحاً جديداً في جسد القضية الفلسطينية، و خلقت لها مرة أخرى رصيداً من الإيمان الإسلامي المرفق دوماً بالجهاد و التضحية. لم يتخلّ الإمام الخميني عن الدفاع عن مظلومي العالم إطلاقاً مداهنةً لعتاة العالم. ذكر رحمه الله القضية الفلسطينية باعتبارها قضية أصلية على امتداد الأعوام. يهتم الإمام صراحةً في وصيته و كلماته بنداء يا للمسلمين الذي تطلقه الشعوب المظلومة.. دفاع صريح عن حقوق المظلومين و دفاع صريح عن حقوق الشعب الفلسطيني و أي شعب مظلوم آخر. هذا هو منهج الإمام و خطه. هذا هو أسلوب الإمام و توصيته و وصيته.
قال أحد الشباب الفلسطينيين المسلمين: السجناء في سجون الأراضي المحتلة اليوم يقرأون القصائد الشعرية حباً بالإمام و على ذكرى قائد الثورة الإسلامية العظيم. ذكرى الثورة و الإمام و ذكرى جهاد الشعب الإيراني شائعة في أعماق تلك الزنازين.