مدح القرآن الكريم أخلاق نبينا محمد ـ ص ـ بقوله تعالى : (وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) (القلم 4 )، ويقول تعالى : (فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ) (آل عمران: 159) ، فقد كان نبينا ـ ص ـ مدرسة متكاملة للأخلاق ، فقد شهد بعظمة أخلاقه ـ ص ـ الأعداء قبل الأصدقاء ، وغير المسلمين قبل المسلمين .
لقد كان ـ ص ـ المثل الأعلى في الالتزام بالأخلاق قولاً وفعلاً ، وقد كان لأخلاقه ـ ص ـ الدور الأكبر للتأثير على الكثير من الناس وجلبهم نحو الإسلام (فقد قام الإسلام على ثلاثة : أخلاق محمد ، وسيف علي ، ومال خديجة )
وفي هذا العصر حيث طغت المادية على كل شيء أحوج ما نكون إلى التحلي بالأخلاق الفاضلة والآداب الحسنة والسلوك القويم .
ومن المؤسف أن نرى البعض من الناس لا يلتزمون بأي أخلاق، ولا يتحلون بأية فضائل ، ولا يتصفون بأي مثل إنسانية ؛ ومع ذلك يعتبرون أنفسهم من أتباع منهج الرسول ـ ص ـ .
والأنكى من ذلك أن يعتبر البعض سوء الأخلاق دليل على قوة الشخصية ، والصحيح أن ذلك دليلا على ضعفها ؛ لأن الرجال العظام على طول التاريخ كانوا يتميزون بحسن الأخلاق ، وحميد الأفعال ، وجميل الصفات .
الحاجة إلى الأخلاق
تنبع الحاجة إلى تحلي الإنسان بالأخلاق من أن تحقق إنسانية الإنسان إنما تتم بالتزامه بفضائل ومكارم الأخلاق ، وعندما يتخلى عن مكارم الأخلاق يفقد الإنسان إنسانيته ؛ إذ لامعنى للإنسانية في ظل غياب الالتزام بالمعايير والمثل الأخلاقية.
ولذلك حث الإسلام كثيراً على التحلي بالأخلاق الفاضلة ، فقد قال رسول الله ـ ص ـ : ( إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق ) وعنه ـ ص ـ قال : ( إنكم لن تسعوا الناس بأموالكم فسعوهم بأخلاقكم ) وقال ـ ص ـ : ( أقربكم مني غداً أحسنكم خلقاً وأقربكم من الناس ) وقال ـ ص ـ: ( مامن شيء أثقل في الميزان من خلق حسن ) وسئل رسول الله ـ ص ـ عن أكثر ما يدخل الناس الجنة ؟ فقال : ( تقوى الله وحسن الخلق ).
وقد ضرب رسول الله ـ ص ـ أروع الأمثلة على حسن أخلاقه ، وتحليه بمكارم الأخلاق مما جعل أكثر الناس عداوة لرسول الله ـ ص ـ ينجذب له ، ويتأثر بخلقه ؛ وقد كان لهذه السيرة العطرة أكبر الأثر في دخول الكثير من الناس للإسلام .
فلنتعلم من نبينا ـ ص ـ مكارم الأخلاق ، ولنقتدي بسيرته المباركة ، كما قال الله تعالى : (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً) (الأحزاب:21)