التوحيد في الإسلام

قيم هذا المقال
(3 صوت)
التوحيد في الإسلام

التوحيد هو العمود الأساسي الذي يقوم عليه الدين الإسلامي، ولذلك سنجد السور القرآنية مشحونة بالحديث عنه، وكذلك الروايات. ومن الآيات القرآنية المهمة التي تتناول مسألة التوحيد:

1 ـ ﴿شَهِدَ اللهُ أَنَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ﴾([1]).
شهادة الله لنفسه ليست لفظية، وإنّما إظهارُ بأنّ عظيم خلقه وفعله، وعلمه، وتدبيره، وكل ما في الوجود من الذرَّة، حتى المجرَّة يدل على وحدانيته، ويشهد أنّه لا إله إلا هو سبحانه.

2- ﴿وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ﴾([2]).
ما بعث الله تعالى في الأمم المختلفة رسلاً قبل النبي «صلى الله عليه وآله» إلا ويوحي إليهم: أن لا معبود سواه، وبذلك أمرهم «عليهم السلام»، فاتفقت دعوة الرسل للناس على عبادة الله وحده لا شريك له.

3 ـ ﴿مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِن وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ إِذًا لَّذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلَا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ ﴾([3])
ليس لله تعالى ولدٌ ولا شريك، وإلا لانفرد كل إله بما خلقه، واستبدّ به، ولغلب بعضهم بعضاً، ولاختلّ نظم الوجود.

4 ـ ﴿لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللهُ لَفَسَدَتَ﴾([4]).
إنّ إتصال التدبير، وتمام الصنع في السموات والأرض، دليل على وحدانية الله، وعدم وجود شريك له.. إذ إنّ التعدد يقتضي الفساد.

5 ـ ﴿قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ * اللهُ الصَّمَدُ * لمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ * وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَدٌ﴾([5]).
دعوةٌ لتوحيد الله في ذاته وصفاته وعبادته وأفعاله، فهو الغنيّ بذاته وما سواه فقير يَحتاجُ إليه، ليس له مولود، ولم يكن متولّداً من أحد، فلا أب له ولا أم، وهو متفرد لا نظير له سبحانه.

ومن الروايات البارزة التي تتناول مسألة التوحيد نذكر ما يلي:

1 ـ روى الشيخ الصدوق عن مُحَمَّد بْن الْحَسَنِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ الْوَلِيدِ، عن مُحَمَّد بْن الْحَسَنِ الصَّفَّارُ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي عُمَيْرٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ الْحَكَمِ قَالَ:
«قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللهِ «عليه السلام»: مَا الدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ اللهَ وَاحِدٌ؟!
قَالَ: اتِّصَالُ التَّدْبِيرِ، وَتَمَامُ الصُّنْعِ، كَمَا قَالَ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلَّا اللهُ لَفَسَدَت﴾»([6]).

2 ـ روى الشيخ الصدوق عن مُحَمَّد بْن الْحَسَنِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ الْوَلِيدِ «رَحِمَهُ اللهُ»، عن مُحَمَّد بْن الْحَسَنِ الصَّفَّارُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ هَاشِمٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي عُمَيْرٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ سَالِم‏، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ «عليه السلام» قَالَ:
قُلْتُ:‏ ﴿فِطْرَتَ اللهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْه﴾.
قَالَ: التَّوْحِيدُ([7]).

3 ـ روى الشيخ الصدوق عن أبيه، عن سَعْد بْن عَبْدِ اللهِ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مَحْبُوبٍ، عَنْ أَبِي حَمْزَةَ الثُّمَالِيِّ قَالَ:
«سَأَلَ نَافِعُ بْنُ الْأَزْرَقِ أَبَا جَعْفَرٍ «عليه السلام»، فَقَالَ: أَخْبِرْنِي عَنِ اللهِ، مَتَى كَانَ؟!
فَقَالَ لَهُ: وَيْلَكَ، أَخْبِرْنِي أَنْتَ مَتَى لَمْ يَكُنْ، حَتَّى أُخْبِرَكَ مَتَى كَانَ، سُبْحَانَ مَنْ لَمْ يَزَلْ، وَلَا يَزَالُ فَرْداً، صَمَداً، لَمْ يَتَّخِذْ صاحِبَةً وَلا وَلَداً([8]).

4 ـ روى الشيخ الكليني عن أَحْمَد بْن إِدْرِيسَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ يَحْيَى، عَنْ أَبِي أَيُّوبَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ «عليه السلام» قَالَ:
«إِنَّ الْيَهُودَ سَأَلُوا رَسُولَ اللهِ «صلى الله عليه وآله»، فَقَالُوا: انْسُبْ‏ لَنَا رَبَّكَ.
فَلَبِثَ ثَلَاثاً لَا يُجِيبُهُمْ، ثُمَّ نَزَلَت: ‏﴿قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ * اللهُ الصَّمَدُ * لمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ * وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَدٌ﴾»([9]).

5 ـ روى الشيخ الصدوق عن مُحَمَّد بْن الْحَسَنِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ الْوَلِيدِ، عَنْ مُحَمَّد بْن الْحَسَنِ الصَّفَّارُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى بْنِ عُبَيْدٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي نَجْرَانَ قَالَ:
«سَأَلْتُ أَبَا جَعْفَرٍ الثَّانِيَ «عليه السلام» عَنِ التَّوْحِيدِ، فَقُلْتُ: أَتَوَهَّمُ شَيْئاً؟!
فَقَالَ: نَعَمْ، غَيْرَ مَعْقُولٍ وَلَا مَحْدُودٍ.
فَمَا وَقَعَ وَهْمُكَ عَلَيْهِ مِنْ شَيْ‏ءٍ، فَهُوَ خِلَافُهُ، لَا يُشْبِهُهُ شَيْ‏ءٌ، وَلَا تُدْرِكُهُ الْأَوْهَامُ..
كَيْفَ تُدْرِكُهُ الْأَوْهَامُ وَهُوَ خِلَافُ مَا يُعْقَلُ، وَخِلَافُ مَا يُتَصَوَّرُ فِي الْأَوْهَامِ؟! إِنَّما يُتَوَهَّمُ شَيْ‏ءٌ غَيْرُ مَعْقُولٍ وَلَا مَحْدُودٍ([10]).

6 ـ روى الشيخ الصدوق عن أبيه، عن سَعْد بْن عَبْدِ اللهِ، عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي عُمَيْرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ حُمْرَانَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ «عليه السلام» قَالَ:
«مَنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ مُخْلِصاً دَخَلَ الْجَنَّةَ، وَإِخْلَاصُهُ أَنْ تَحْجُزَهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ عَمَّا حَرَّم‏ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ»([11]).

7 ـ روى الشيخ الكليني عن عَلِيّ بْن إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِيه ومُحَمَّد بْن يَحْيَى، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ جَمِيعاً، عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ، عَنْ عَبْدِ الله بْنِ سِنَانٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الله «عليه السلام»:
...قَالَ فِي قَوْلِه عَزَّ وجَلَّ: ﴿فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقى﴾([12]).
قَالَ: هِيَ الإِيمَانُ بِالله وَحْدَه لَا شَرِيكَ لَه([13]).

ومن خلال ما تقدم يمكننا أن نخرج بالخلاصة الآتية:
إنّ الله تعالى واحدٌ أحدٌ لا ثاني له، وليست وحدته وحدةً عددية، فلا شبيه له ولا نظير، ولا ندّ وليس كمثله شيء.
وهو تعالى واحد في ذاته وصفاته وخالقيته وحاكميته ..الخ.
ولا مؤثر في الوجود غيره سبحانه،
﴿قُلِ اللّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ﴾([14]).
﴿أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ﴾([15]).
وليس تحقّق قانون العلّيّة، بخارج عن إرادته وقدرته سبحانه.
لا شريك له، ولا معبود سواه، فهو الخالق والمدبِّر والرازق والمحيي والمميت ..
وإنّ وحدة النظم، وانسجام واتصال التدبير في الكون، دليل على وحدة المدبّر.
ولو كان له تعالى شريك لظهرت آثاره وأتَتْ رسلُه، ما استلزم الخلل في التدبير، والفساد في النّظم ..
لم يتَّخذ صاحبة ول ولدا، ولم يكن له شريكٌ في الملك، ولم يكن له وليٌّ من الذّل.
وهو وحده المقصود بالعبادة والدعاء، دون أن نشرك معه أنداداً ..
ومن التوحيد أن لايتوهّمه أحد، فلا يجوز عليه ما يجوز على العباد والمخلوقات.
وبعبادة الله وحده جاء الانبياء والمرسلون جميعاً، وإن تمايزت الشرايع السماوية في بعض الاوامر والنواهي، أو في بعض التعاليم والقوانين، فإنّ روح التوحيد تسري وتحكم جميع أحكامه وتعاليمه وقوانينها ..

عقائد شيعة أهل البيت (عليهم السلام) - سماحة الشيخ نبيل قاووق

([1]) الآية 18 من سورة آل عمران.
([2]) الآية 25 من سورة الأنبياء.
([3]) الآية 91 من سورة المؤمنون.
([4]) الآية 22 من سورة الأنبياء.
([5]) سورة الإخلاص.
([6]) التوحيد للصدوق، ص251، وبحار الأنوار، ج3 ص230.
([7]) التوحيد للصدوق ص328 والكافي ج2 ص12 ومرآة العقول ج7 ص54.
([8]) التوحيد للصدوق، ص173، والكافي، ج1 ص88، وبحار الأنوار، ج3 ص285.
([9]) التوحيد للصدوق، ص94، والكافي، ج1 ص91.
([10]) التوحيد للصدوق، ص106 ـ 107، والكافي، ج1 ص82.
([11]) التوحيد للصدوق، ص27 و ص28، وراجع وسائل الشيعة، ج15 ص257.
([12]) الآية 256 من سورة البقرة.
([13]) الكافي، ج2 ص14، وبحار الأنوار، ج64 ص131، ومرآة العقول، ج7 ص68.
([14]) الآية 16 من سورة الرعد.
([15]) الآية 54 من سورة الأعراف.

قراءة 2443 مرة