عقيدتنا في العرش والكرسي

قيم هذا المقال
(1 Vote)
عقيدتنا في العرش والكرسي

 فيما يلي الآيات القرآنية الواردة في العرش والكرسي:       
1 ـ ﴿فَتَعَالَى اللهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ﴾([1]).
لا معبود بالحق إلّا هو سبحانه، وهو وحده الحاكم المدبّر لعالم الوجود.

2 ـ ﴿رَفِيعُ الدَّرَجَاتِ ذُو الْعَرْشِ﴾([2]).
أي ارتفعت كمالاته وهو العلي الأعلى، أو بمعنى رافع الدرجات، وهو باسط لسلطانه.

3 ـ ﴿الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ﴾([3]).
ليس العرش كهيئة السرير المرتفع، وإنما إشارة إلى صنف من الملائكة يعملون بأمره تعالى في مقام تدبير شؤون الخلق.

4 ـ ﴿وَالْمَلَكُ عَـلَى أَرْجَائِهَا وَيَحْمِـلُ عَـرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِـذٍ ثَمَانِيَةٌ﴾([4]).
روي عن الرضا «عليه السلام» في الآية قوله: والعرش اسم علم وقدرة، وعرش فيه كل شيء، ثم أضاف الحمل إلى غيره، خلق من خلقه، لأنه استعبد خلقه بحمل عرشه، وهم حَمَلَةُ علمه، وخلقاً يسبحون حول عرشه، وهم يعملون بعلمه([5]).

5 ـ ﴿وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ﴾([6]).
عن الصادق «عليه السلام»: السماوات والأرض، وما بينهما في الكرسي([7]).

6 ـ ﴿وَتَرَى الْمَلَائِكَةَ حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ﴾([8]).
يحيطون بمقام التدبير الإلهي ويجرون مشيئته.

7 ـ ﴿الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى﴾([9]).
ليس بمعنى جلوسه على سرير مرتفع، وإنما إشارة إلى بسط سلطانه وسيطرته وتدبير أمره.

8 ـ ﴿ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ﴾([10]).
إشارة إلى مقام صدور التدبير الإلهي، والتمكن والإحاطة به.
 
فيما يلي الروايات المعتـبرة ســنداً الورادة في العرش والكرسي:        
1 ـ روى الشيخ الكليني، عن مُحَمَّد بْن إِسْمَاعِيلَ، عَنِ الْفَضْلِ بْنِ شَاذَانَ عَنْ حَمَّادِ بْنِ عِيسَى عَنْ رِبْعِيِّ بْنِ عَبْدِ اللهِ عَنِ الْفُضَيْلِ بْنِ يَسَارٍ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللهِ «عليه السلام» عَنْ قَوْلِ اللهِ جَلَّ وَعَزَّ: ﴿وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ﴾.‏
فَقَالَ: يَا فُضَيْلُ كُلُّ شَيْ‏ءٍ فِي الْكُرْسِيِّ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ وَكُلُّ شَيْ‏ءٍ فِي الْكُرْسِيِ‏([11]).

2 ـ روى الشيخ الكليني، عن مُحَمَّد بْن يَحْيَى، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ فَضَالَةَ بْنِ أَيُّوبَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُكَيْرٍ، عَنْ زُرَارَةَ بْنِ أَعْيَنَ قَالَ:
«سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللهِ «عليه السلام» عَنْ قَوْلِ اللهِ عَزَّ وَ جَلَّ: ﴿وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمواتِ وَالْأَرْضَ﴾: السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ وَسِعْنَ الْكُرْسِيَّ، أَوِ الْكُرْسِيُّ وَسِعَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ؟!
فَقَالَ: إِنَّ كُلَّ شَيْ‏ءٍ فِي الْكُرْسِيِّ([12]).

3 ـ روى الشيخ الكليني عن أَحْمَد بْن إِدْرِيسَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ يَحْيَى قَالَ:
«سَأَلَنِي أَبُو قُرَّةَ الْمُحَدِّثُ أَنْ أُدْخِلَهُ عَلَى أَبِي الْحَسَنِ الرِّضَا «عليه السلام»، فَاسْتَأْذَنْتُهُ، فَأَذِنَ لِي‏... قَالَ أَبُو قُرَّةَ: فَإِنَّهُ قَالَ‏: ﴿وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمانِيَةٌ﴾، وَقَالَ:‏ ﴿الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْش﴾.
فَقَالَ أَبُو الْحَسَنِ «عليه السلام»: الْعَرْشُ لَيْسَ هُوَ اللهَ، وَالْعَرْشُ اسْمُ عِلْمٍ وَقُدْرَةٍ، وَعَرْشٍ فِيهِ كُلُّ شَيْ‏ءٍ، ثُمَّ أَضَافَ الْحَمْلَ إِلَى غَيْرِهِ، خَلْقٍ مِنْ خَلْقِهِ، لِأَنَّهُ اسْتَعْبَدَ خَلْقَهُ بِحَمْلِ عَرْشِهِ، وَهُمْ حَمَلَةُ عِلْمِهِ، وَخَلْقاً يُسَبِّحُونَ حَوْلَ عَرْشِهِ، وَهُمْ يَعْمَلُونَ بِعِلْمِهِ، وَمَلَائِكَةً يَكْتُبُونَ أَعْمَالَ عِبَادِهِ، وَاسْتَعْبَدَ أَهْلَ الْأَرْضِ بِالطَّوَافِ حَوْلَ بَيْتِهِ، وَاللهُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى،‏ كَمَا قَالَ، وَالْعَرْشُ وَمَنْ يَحْمِلُهُ وَمَنْ حَوْلَ الْعَرْشِ، وَاللهُ الْحَامِلُ لَهُمُ، الْحَافِظُ لَهُمُ، الْمُمْسِكُ الْقَائِمُ عَلَى كُلِّ نَفْسٍ، وَفَوْقَ كُلِّ شَيْ‏ءٍ، وَعَلَى كُلِّ شَيْ‏ءٍ، وَلَا يُقَالُ مَحْمُولٌ، وَلَا أَسْفَلُ، قَوْلًا مُفْرَداً، لَا يُوصَلُ بِشَيْ‏ءٍ، فَيَفْسُدُ اللَّفْظُ وَالْمَعْنَى‏([13]).

4 ـ روى الشيخ الصدوق عن أبيه، عن عَلِيّ بْن إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ سِنَانٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ «عليه السلام»‏ فِي قَوْلِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمواتِ وَالْأَرْضَ﴾.
فَقَالَ: السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي الْكُرْسِيِّ، وَالْعَرْشُ هُوَ الْعِلْمُ الَّذِي لَا يَقْدِرُ أَحَدٌ قَدْرَهُ([14]).

5 ـ روى الشيخ الصدوق عن الْحُسَيْن بْن أَحْمَدَ بْنِ إِدْرِيسَ «رَحِمَهُ اللهُ»، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ يَحْيَى، عَنْ عَاصِمِ بْنِ حُمَيْدٍ، قَالَ:
«ذَاكَرْتُ أَبَا عَبْدِ اللهِ «عليه السلام» فِيمَا يَرْوُونَ مِنَ الرُّؤْيَةِ، فَقَالَ: الشَّمْسُ جُزْءٌ مِنْ سَبْعِينَ جُزْءاً مِنْ نُورِ الْكُرْسِيِّ، وَالْكُرْسِيُّ جُزْءٌ مِنْ سَبْعِينَ جُزْءاً مِنْ نُورِ الْعَرْشِ، وَالْعَرْشُ جُزْءٌ مِنْ سَبْعِينَ جُزْءاً مِنْ نُورِ الْحِجَابِ، وَالْحِجَابُ جُزْءٌ مِنْ سَبْعِينَ جُزْءاً مِنْ نُورِ السِّتْرِ، فَإِنْ كَانُوا صَادِقِينَ، فَلْيَمْلَئُوا أَعْيُنَهُمْ مِنَ الشَّمْسِ لَيْسَ دُونَهَا سَحَابٌ([15]).
 
هذه عقيدتنا فيالعرش والكرسي:
الكرسي مُلْكُ الله وقدرته في السماوات والأرض وما بينهما.
ومهما اتسعت السماوات فهي ضمن الكرسي ﴿وَالسَّمَاء بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ﴾([16])
والعرش مقام العلم والتدبير الإلهي لشؤون الخلق.
وليست الكرسي بمعناها اللغوي. أي ما يقعد عليه، وله قوائم منخفضة، ولا العرش بمعنى ما يقعد عليه وله قوائم مرتفعة، فالمراد من قوله تعالى: ﴿عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى﴾([17]): بَسْطُ سلطتِه ونفوذُ تدبيرِه على كل شيء في عالم الخلق.
وهناك صنف من الملائكة يحملون علمه، ويجرون إرادته ومشيئته في التدابير.
والله تعالى لا يجلس على شيء، ولا يحمله شيء، وفي الآية ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ﴾([18]).
ومن زعم أن الله مُعْتَلٍ عرشاً، أو جالس على كرسيّ فقد صيَّره محمولاً، ووصفه بصفات المخلوقين.. ولَزَمَهُ أن الشيء الذي يحمله حاوٍ له، وجعله محتاجاً إلى مكان، وإلى شيء ممَّا خَلَقَ، وتعالى الله عن ذلك علوَّاً كبيراً.
والعرش والكرسي من عالم غيب الله سبحانه، وهو العالم بحقائق الأشياء.
 
سماحة الشيخ نبيل قاووق

([1]) الآية 116 من سورة المؤمنون.
([2]) الآية 15 من سورة غافر.
([3]) الآية 7 من سورة غافر.
([4]) الآية 17 من سورة الحاقة.
([5]) الكافي، ج1 ص131.
([6]) الآية 255 من سورة البقرة.
([7]) التوحيد للصدوق، ص327.
([8]) الآية 75 من سورة الزمر.
([9]) الآية 5 من سورة طه.
([10]) الآية 3 من سورة يونس.
([11]) الكافي، ج1 ص132، ومرآة العقول للمجلسي، ج2 ص78.
([12]) الكافي، ج1 ص132، والبرهان في تفسير القرآن للبحراني، ج1 ص517.
([13]) الكافي، ج1 ص130 ـ 132، والبرهان في تفسير القرآن للبحراني، ج1 ص753.
([14]) التوحيد للصدوق، ص327، وبحار الأنوار، ج4 ص89.
([15]) التوحيد للصدوق، ص108، والكافي، ج1 ص98، وبحار الأنوار، ج4 ص44.
([16]) سورة الذاريات الآية 47.
([17]) سورة طه الآية 5.
([18]) سورة الشورى الآية 11.

قراءة 1425 مرة