آيات قرآنية:
1 ـ ﴿أُوْلَئِكَ الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ﴾([1]).
إختارَ الله تعالى من عباده الصالحين، أنبياء مبشِّرِين ومنذِرِين، يبلّغون أوامره ونواهيه، كإبراهيم، وإسحاق، ويعقوب، وداوود وسليمان، وموسى وعيسى «عليهم السلام».
2 ـ ﴿كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ﴾([2]).
كان النّاس مجتمعين على فطرة الله، فاختلفوا، فبعث الله النبيين مبشرين ومنذرين، ليتمّ عليهم الحجّة.
3 ـ ﴿لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ﴾([3]).
أرسل الله رسله بالأدلة الواضحة والظاهرة، كالمعجزاتِ والحججِ، وبالوحي، والكتاب، والميزان للأعمال، ليقوم الناس بالعدل.
4 ـ ﴿وَإِذْ أَخَـذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنْـكَ وَمِنْ نُـوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَأَخَـذْنَا مِنْهُمْ مِيثَاقًا غَلِيظً﴾([4]).
أخذ الله من النبيين الميثاق بالربوبية، وتبليغ رسالته ووحيه، والإلتزام بطاعته.
5 ـ ﴿وَلَقَدْ فَضَّلْنَا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلَى بَعْضٍ﴾([5]).
الأنبياء على تفاوت في المنزلة والدرجة بما خصّهم الله من فضل، فكان إبراهيم خليلاً، وموسى كليماً، ومحمدٌ «صلى الله عليه وآله» سيداً وخاتماً للأنبياء، وحبيباً لإله العالمين.
6 ـ ﴿إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِن بَعْدِهِ﴾([6]).
تشير إلى لزوم الإيمان بجميع الأنبياء دون تفرقة بينهم، لأن الله تعالى أوحى إلى النبي «صلى الله عليه وآله» كما أوحى إلى سائر الأنبياء من قبله.
7 ـ ﴿وَإِن مِّنْ أُمَّةٍ إِلَّا خلَا فِيهَا نَذِيرٌ﴾([7]).
سنّة الله في خلقه إتمام الحجّة على العباد، كأن يبعث فيهم نبياً أو إماماً.
8 ـ ﴿رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكَانَ اللهُ عَزِيزًا حَكِيمً﴾([8]).
أتمّ الله الحجّة على العباد، أنْ بعث الأنبياء والرسل يبشِّرون بالهداية والثواب، ويحذِّرون من العصيان والعذاب..
روايات معتـبرة ســـنداً:
1 ـ روى الشيخ الكليني عن مُحَمَّد بْن يَحْيَى، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مَحْبُوبٍ، عَنِ الْأَحْوَلِ قَالَ:
سَأَلْتُ أَبَا جَعْفَرٍ «عليه السلام» عَنِ الرَّسُولِ وَالنَّبِيِّ وَالْمُحَدَّثِ؟
قَالَ: الرَّسُولُ الَّذِي يَأْتِيهِ جَبْرَئِيلُ قُبُلًا فَيَرَاهُ وَيُكَلِّمُهُ، فَهَذَا الرَّسُولُ.
وَأَمَّا النَّبِيُّ، فَهُوَ الَّذِي يَرَى فِي مَنَامِهِ نَحْوَ رُؤْيَا إِبْرَاهِيمَ، وَنَحْوَ مَا كَانَ رَأَى رَسُولُ اللهِ «صلى الله عليه وآله» مِنْ أَسْبَابِ النُّبُوَّةِ قَبْلَ الْوَحْيِ، حَتَّى أَتَاهُ جَبْرَئِيلُ «عليه السلام» مِنْ عِنْدِ اللهِ بِالرِّسَالَةِ، وكَانَ مُحَمَّدٌ «صلى الله عليه وآله» حِينَ جُمِعَ لَهُ النُّبُوَّةُ وجَاءَتْهُ الرِّسَالَةُ مِنْ عِنْدِ اللهِ يَجِيئُهُ بِهَا جَبْرَئِيلُ ويُكَلِّمُهُ بِهَا قُبُلًا.
ومِنَ الْأَنْبِيَاءِ مَنْ جُمِعَ لَهُ النُّبُوَّةُ ويَرَى فِي مَنَامِهِ ويَأْتِيهِ الرُّوحُ ويُكَلِّمُهُ ويُحَدِّثُهُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَكُونَ يَرَى فِي الْيَقَظَةِ.
وأَمَّا الْمُحَدَّثُ، فَهُوَ الَّذِي يُحَدَّثُ فَيَسْمَعُ، ولَا يُعَايِنُ، ولَا يَرَى فِي مَنَامِهِ([9]).
2 ـ روى الشيخ الكليني عن مُحَمَّد بْن يَحْيى، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِي يَحْيَى الْوَاسِطِيِّ، عَنْ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ ودُرُسْتَ بْنِ أَبِي مَنْصُورٍ، عَنْهُ، قَالَ:
قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ «عَلَيْهِ السَّلَامُ»: الْأَنْبِيَاءُ والْمُرْسَلُونَ عَلى أَرْبَعِ طَبَقَاتٍ:
فَنَبِيٌّ مُنَبَّأٌ فِي نَفْسِهِ لَا يَعْدُو غَيْرَهَا.
ونَبِيٌّ يَرى فِي النَّوْمِ، ويَسْمَعُ الصَّوْتَ، ولَا يُعَايِنُهُ فِي الْيَقَظَةِ، ولَمْ يُبْعَثْ إِلى أَحَدٍ، وعَلَيْهِ إِمَامٌ مِثْلُ مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ عَلى لُوطٍ «عَلَيْهِمَا السَّلَامُ».
ونَبِيٌّ يَرى فِي مَنَامِهِ، ويَسْمَعُ الصَّوْتَ، ويُعَايِنُ الْمَلَكَ، وقَدْ أُرْسِلَ إِلى طَائِفَةٍ قَلُّوا أَوْ كَثُرُوا، كَيُونُسَ ـ قَالَ اللهُ عَزَّ وجَلَّ ـ لِيُونُسَ: ﴿وَأَرْسَلْناهُ إِلى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ﴾. قَالَ: يَزِيدُونَ ثَلَاثِينَ أَلْفاً، وعَلَيْهِ إِمَامٌ.
والَّذِي يَرى فِي نَوْمِهِ، ويَسْمَعُ الصَّوْتَ، ويُعَايِنُ فِي الْيَقَظَةِ، وهُوَ إِمَامٌ مِثْلُ أُولِي الْعَزْمِ، وقَدْ كَانَ إِبْرَاهِيمُ «عَلَيْهِ السَّلَامُ» نَبِيّاً، ولَيْسَ بِإِمَامٍ حَتّى قَالَ اللهُ: ﴿إِنِّي جاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِماماً قالَ ومِنْ ذُرِّيَّتِي﴾، فَقَالَ اللهُ: ﴿لا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ﴾ مَنْ عَبَدَ صَنَماً أَوْ وَثَناً، لَا يَكُونُ إِمَاماً([10].
هذه عقيدتنا في النبوة العامـة:
إنّ النّبوة مقام ومسؤولية إلهية، يجعلها الله تعالى لمن ينتجبهم من عباده الصّالحين، لإبلاغ رسالته وهداية خلقه وعباده إلى خالقهم، الذي لا إله إلا هو ودعوتهم لما يحييهم في شؤون دنياهم وآخرتهم، وإرشادهم إلى كمالهم، وتزكيتهم من المفاسد، وتحذيرهم من الكفر والعصيان.
وهم حجّة الله البالغة على خلقه، لئلا يكون للنّاس على الله حجّة بعدهم، وهم الآمرون والناهون والمبشرون والمنذرون عن الله في خلقه، بما يوحي إليهم ببعض طرق الوحي، ﴿وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ﴾([11])، وقد فضّل الله بعضهم على بعض.
ولا يملك الأنبياء لأنفسهم نفعاً ولا ضراً، إلا بإذن الله، وما صدر عنهم من معجزات وكرامات، إنما هو بقدرة الله وإرادته.
ويجب الاعتقاد بجميع الأنبياء «عليهم السلام»، وما أوتوا من ربهم، والمشهور من الروايات: أن الأنبياء مائة وعشرون ألف نبي، أولهم آدم «عليه السلام» وآخرهم نبينا محمد «صلى الله عليه وآله».
سماحة الشيخ نبيل قاووق
([1]) الآية 89 من سورة الأنعام.
([2]) الآية 213 من سورة البقرة.
([3]) الآية 25 سورة الحديد.
([4]) الآية 7 من سورة الأحزاب.
([5]) الآية 55 من سورة الإسراء.
([6]) الآية 163 من سورة النساء.
([7]) الآية 24 من سورة فاطر.
([8]) الآية 165 من سورة النساء.
([9]) الكافي، ج1 ص176، وراجع: بصائر الرجات، ص290.
([10]) الكافي، ج1 ص168، ومرآة العقول، ج2 ص283.
([11]) الآية 51 من سورة الزخرف.
النبوة العامة
نشرت في
معرفة و أخلاق