ما هي أدوات إفساد المجتمعات؟

قيم هذا المقال
(0 صوت)
ما هي أدوات إفساد المجتمعات؟

إنّ الفساد لا يعرف حدوداً يقف عندها، فهو يحاول الاستفادة من كلّ فرصة متاحة لينتشر بين الناس، وله الكثير من الأدوات والوسائل والطرق. والحقيقة أنّنا نحتاج لجهاز يرصد مكامن فعاليته لنستطيع أن نضع البرامج المناسبة لرفعه بالشكل الصحيح.

 

وقد أشار الإمام الخمينيّ قدس سره للكثير من مفردات الفساد ووسائله وحذّر منها، فلنلقِ نظرة على بعضها ممّا ذكره الإمام قدس سره.

 

1ـ الإعلام

 إنّ أهمّيّة الإعلام وخطره على الشعوب وقدرته على التأثير، من الأمور الواضحة في هذا الزمان والّتي لا يختلف عليها اثنان، سواء منها الإعلام المكتوب أم المسموع أم المرئيّ، فلكلّ منها أثره البالغ في مسلكيّة الإنسان ومنهجه وطريقته في الحياة، وبالتالي فلها أثر كبير في الصلاح والفساد. وهذه الوسائل الإعلاميّة كان الكثير منها على الدوام من أهمّ عوامل الفساد في المجتمع، يقول الإمام الخمينيّ قدس سره: "إنّ المجلّات من خلال مقالاتها وصورها الفاسدة، والصحف من خلال تسابقها في نشر مقالات غير ثقافيّة وغير إسلاميّة توجّه الناس ـ وخاصّة الشباب ـ نحو الشرق والغرب وتفتخر بذلك. إضافة إلى ذلك الدعاية الواسعة في ترويج مراكز الفساد والفجور ولعب القمار"([1])  .

 

2ـ الفنّ المنحرف

 إنّ للفنّ أثره البالغ أيضاً في النفوس، فهو قادر على ملامسة القلوب وتغيير الثقافات بطريقة هادئة وساكنة، ودون أن يلتفت المجتمع لذلك. وخطورته تنشأ من هذا الأسلوب الّذي يستبطن الكثير من الأفكار ويعلّم الكثير من المسلكيات بشكل غير مباشر، وفجأة سيجد المجتمع نفسه قد وقع في بؤرة الفساد والأفكار والمناهج المنحرفة، دون أن يجد عدوّاً أطلق هذه الأفكار بشكلٍ واضح. وقد حذّر الإمام الخمينيّ قدس سره من ذلك، فقال: "نحن ضدّ السينما الّتي تؤدّي برامجها إلى إفساد أخلاق شبابنا وتخريب ثقافتنا الإسلاميّة"([2])  .

 

3ـ مراكز الفساد

 إنّ مراكز الفساد تُعتبر مصنع الفساد في المجتمع، والّتي تصبغ المجتمع بلونها الفاسد وتدعو شبابه للانحلال وتشجّعهم على الفساد والمعاصي، فكما كان هناك بيوت لطاعة الله سبحانه وتعالى أمر الله تعالى بإعمارها، فإنّ الإنسان وللأسف عمّر بيوتاً خاصّة بالمعاصي، يتفرّغ فيها الإنسان للمعصيّة. وتؤذّن في شبابنا ليل نهار تدعوهم إلى أحضان الجحيم.

 

يقول الإمام الخمينيّ قدس سره: "لقد فتحوا أبواب الفساد أمام شبّاننا وزادوا فيها. فنحن نشاهد بلادنا وأعلم بأنّ دولكم كذلك أيضاً. إنّنا نشاهد أنّ مراكز الفساد في بلادنا والّتي تجرّ الشبّان نحو الفساد وتقضي على أصالتهم هي كثيرة... فقد جرّدونا من كلّ شيء وسلبوا من شبّاننا الخاصّيّة الّتي يجب على الشبّان أن يمتلكوها، وأرادوا أن يأخذوا قوّة الشبّان منّا، ثمّ ليقوموا بعد ذلك بنهب ذخائرنا ليصبح شبّاننا لا مبالين"([3]) .

 

4ـ المرأة الفاسدة

 إنّ الله تعالى قد ميّز المرأة بميزة التأثير المباشر على المجتمع، فالمرأة الصالحة بمجرّد حجابها وصلاحها تدعو الناس للحقّ بأعمالها قبل لسانها. ورؤيتها بحجابها واستحيائها مناسبة تذكّر الناس بالله سبحانه وتعالى وتدعوهم إليه، فهي داعية إلى الله تعالى بمجرّد صلاحها والتزامها بالحكم الشرعيّ.

 

والمرأة الفاسدة قادرة على التأثير أيضاً بشكلٍ كبيرٍ وواسع، فهي بفسادها تدعو كلّ من يراها إلى الفساد. فهي صوت متحرّك لإبليس يطرق سمع كلّ من يراها، وهي تدعو إلى البعد عن الله تعالى بهيئتها وأعمالها سواء تحرّك لسانها أم لم يتحرّك.

 

وهذا ما نبّه عليه الإمام الخمينيّ قدس سره حيث يقول: "ثمّة امتيازات خاصّة لدور المرأة في العالم. إنّ صلاح وفساد المجتمع يُستمدّ من صلاح وفساد النسوة فيه"([4])  .

 

5ـ الاقتداء بالغرب

 إنّ من أخطر الأمور أن يفقد الإنسان شخصيّته وثقته بنفسه، ليُصبح مجرّد مقلّد يقلّد ما يأتيه من الخارج عن غير وعي. وهذه المصيبة الأساس الّتي ألمّت بعالمنا الإسلاميّ في هذا العصر، حيث فقد ثقته بنفسه وفقد شخصيّته ليُصبح مجرّد مقلّد للغرب، مقلّد بامتياز، ويا ليته قلّد الغرب في اكتشافاته واختراعاته الّتي تُفيد البشريّة، لكان الأمر يستحقّ المدح والثناء، لكنّه لم يقلّد الغرب إلّا في الفساد والانحرافات والعيوب والثغرات الّتي يعيشها الغرب، تقليداً غير واعٍ ولا ينطلق من رؤية واضحة وعلميّة.

 

ولعلّ هذا الأمر يظهر بأخطر صوره في الجامعات، حيث حاول الغرب على الدوام وضع يده الثقافيّة عليها، ليحاصر الطلاب ويُصادر عقولهم ويفني شخصيّاتهم وثقتهم بأنفسهم. وقد حذّر الإمام الخمينيّ قدس سره من هذا الأمر ونبّه إلى خطورته في العديد من كلماته، حيث يقول قدس سره: "من المؤلم والمؤسف أنّ الجامعات والثانويّات كانت تدار من قبل المتغرّبين والمتشرّقين الّذين ينفّذون خُططاً مرسومة لهم، باستثناء أقليّة مظلومة ومحرومة. وعلى أيدي هؤلاء كان يتلقّى أعزاؤنا التعليم والتربية، فكان قدر شبّاننا الأعزّة والمظلومين أن يتربّوا في أحضان هذه الذئاب العميلة للقوى الكبرى" ([5]) .

 

وقد دعاهم الإمام قدس سره إلى الوثوق بأنفسهم والوقوف على أرجلهم من جديد: "أيُّها المثقّفون الملتزمون والمسؤولون. تعالوا لنبذ التفرقة والتشتّت، وفكّروا بحال الناس، وأنقذوا أنفسكم من شرّ الشيوعيّة الشرقيّة والرأسماليّة الغربيّة لأجل نجاة هؤلاء الأبطال الّذين قدّموا الشهداء. قفوا على أقدامكم وإيّاكم والاتّكال على الأجانب"([6])  .

 

ويقول أيضاً: "ليكن همّكم أيُّها الجامعيّون الأعزاء هو الخروج من حالة الأسر للغرب، ولتبحثوا عمّا أضعتموه وهو هويّتكم الشخصيّة"([7]).

 

ويفسّر الإمام قدس سره معنى الاستقلال وعدم التبعيّة فيقول: "معنى أن تكون الجامعة إسلاميّة، هو أن تكون مستقلّة، وأن تفصل نفسها عن الغرب والشرق، فيكون لنا بذلك وطن مستقلّ وجامعة مستقلّة وثقافة مستقلّة"([8])  .

 

إصلاح المجتمع، جمعية المعارف الإسلامية الثقافية

 

([1]) منهجيّة الثورة الإسلاميّة, م. س، ص 359.

([2]) الكلمات القصار، الإمام الخمينيّ قدس سره، ص 243.

([3]) منهجية الثورة الإسلاميّة، ص 178.

([4]) م. ن، ص 334.

([5]) منهجيّة الثورة الإسلاميّة، م. س، ص 269.

([6]) منهجيّة الثورة الإسلاميّة، م. س، ص 278.

([7]) الكلمات القصار، الإمام الخمينيّ قدس سره، ص 269.

([8]) م. ن، ص 268.

قراءة 1121 مرة