الإنفاق على العيال

قيم هذا المقال
(0 صوت)
الإنفاق على العيال

وليعلم الزوج المؤمن أن عليه حقوقاً واجبة ومستحبة تجاه الزّوجة.

 

فالواجبة منها: إعطاء النفقة، وهذا مما أمر الله في كتابه الكريم حيث يقول وَمَن قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللهُ([1]) وقد بيّن أئمتنا (عليهما السلام) حدود هذه النفقة الواجبة، بما يقيم ظهرها ويشبع بطنها، ويكسوها.

 

فروي عن أبى عبدالله (عليه السلام) في قوله تعالى: ومن قدر عليه رزقه فلينفق مما آتاه الله، قال: إن أنفق عليها ما يقيم ظهرها مع كسوة، وإلاّ فرّق بينهما([2]).

 

وسئل شهاب بن عبد ربّه الامام الصادق (عليه السلام) عن مقدار النفقة الواجبة على الزوج وما حقها عليه؟ فأجابه قائلاً: يسدّ جوعتها، ويستر عورتها، ولا يقبح لها وجهاً، فإذا فعل ذلك فقد والله أدىّ إليها حقها.

قلت: فالدهن.

قال: غباً يوم ويوم لا.

قلت: فاللحم.

قال: في كل ثلاثة، فيكون في الشّهر عشر مرات لا أكثر من ذلك. والصبغ في كل ستة أشهر ويكسوها في كل سنة أربعة أثواب: ثوبين للشتاء وثوبين للصيف، ولا ينبغي أن يفقر بيته من ثلاثة أشياء، دهن الرأس والخل والزيت، ويقوتهنّ بالمد، فإنّي أقوت به نفسي، وليقدّر لكل انسان منهم قوته، فإن شاء أكله وإن شاء وهبه وإن شاء تصدق به، ولا تكون فاكهة إلاّ أطعم عياله منها...([3]).

 

وأما المستحبة فكثيرة أيضاً منها إستحباب التوسعة على الأهل إذا وسّع الله عليه في الرزق. وهذا هو القدر الزائد على الواجب الذي أوصى الزّوج بذلك فهو مستحب أكيداً وقد أوصى بذلك العترة الطاهرة (عليهما السلام) في كثير من الروايات الصادرة عنهم وعللوا ذلك بأنّ الزّوجة عيال وعيال الرجل اسراءه أو أنه صاحب النعمة أو لئلا يتمنوا موته أو إن لم يوسع على عياله اوشك أن تزول النعمة منه وغير ذلك ممّا ستقرأ إن شاء الله.

 

1.روى الكليني بسنده عن معمر بن خلاد عن أبي الحسن (عليه السلام) قال: ينبغي للرجل أن يوسع على عياله لئلا يتمنوا موته وتلا هذه الاية ويطعمون الطعام على حبّه مسكيناً ويتيماً وأسيراً، قال: الأسير عيال الرجل، ينبغى إذا زيد في النعمة أن يزيد أسراءه في السعة عليهم([4]).

 

  1. وعنه بسنده عن أبي حمزة عن علي بن الحسين (عليه السلام) قال: أرضاكم عند الله أسبغكم «أوسعكم» على عياله([5]).

 

  1. وعنه أيضاً بسنده عن ابن أبي نصر عن الرضا (عليه السلام) قال قال: صاحب النعمة يجب عليه التوسعة على عياله([6]).

 

  1. وعنه أيضاً بسنده عن عمرو بن يزيد عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) إنّ المؤمن يأخذ بآداب الله إذا وسّع عليه إتّسع وإذا أمسك عنه أمسك([7]).

 

  1. وعن الصدوق بسنده عن مسعدة قال قال لي أبو الحسن إنّ عيال الرجل اسراؤه فمن أنعم الله عليه بنعمة فليوسّع على اسرائه فإن لم يفعل اوشك أن تزول النعمة([8]).

 

تلخص مما سبق إن الزوج الموفق هو الذي إذا وسّع الله عليه لم يضيق على عياله وأولاده، فالله إذا وسّع على عبده، فعلى العبد أن يوسّع على عياله لأنّ الخلق كلهم عيال الله وأحبهم إليه أنفعهم إليهم.

 

قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) عيال الرجل اسراؤه وأحبّ العباد إلى الله عزوجل أحسنهم صنعاً إلى اسرائه([9]).

 

فالأفضل أن يأخذ بآداب الله كما روي عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأن يقدمهم على الاخرين ويكفيهم في جميع ما يحتاجونه، كما فضّل الإمام الباقر (عليه السلام) أن ينفق الرجل ما كان بيده عليهم.

 

فعن محمد بن مسلم قال: قال رجل لأبي جعفر (عليه السلام): إنّ لي ضيعة بالجبل أشتغلها في كل سنة ثلاثة آلاف درهم، فانفق على عيالي منها ألفي درهم، وأتصدق منها بألف درهم في كل سنة.

 

فقال أبو جعفر (عليه السلام): إن كانت الألفان تكفيهم في جميع ما يحتاجون إليه لسنتهم فقد نظرت لنفسك، ووفقت لرشدك وأجريت نفسك في حياتك بمنزلة ما يوصى به الحي عند موته([10]).

 

فالظاهر إنّ الباقر أراد أن يرشده ان هذا العمل يثاب عليه فيما إذا كفاهم ماصرفت عليهم وإلاّ فعليك أن تصرف الباقى عليهم لأنّهم أولى من غيرهم.

 

ويمكن أن يوسّع على العيال بشكل آخر، وهو أن يعطي مبلغاً من مهر زوجته المسمى بالعاجل في أوّل الزواج، أو إذا طالبته فيما بعد كي تصرفها في ما تحتاجها في البيت.

 

الزواج الموفق، الشيخ محمد جواد الطبسي

 

([1]) سورة الطلاق، الآية 7.

([2]) وسائل الشيعة، ج 15، ص 223.

([3]) الكافي، ج 4، ص 62 ؛ وسائل الشيعة، ج 15، ص 226.

([4]) الكافي، ج 3، ص 165.

([5]) نفس المصدر، ص 164.

([6]) نفس المصدر، 165.

([7]) نفس المصدر.

([8]) من لا يحضره الفقيه، ج 2، ص 352.

([9]) من لا يحضره الفقيه، ج 2، ص 183.

([10]) الكافي، ج 1، ص 164.

قراءة 1292 مرة