اتخاذ القرارات الصحيحة

قيم هذا المقال
(0 صوت)
اتخاذ القرارات الصحيحة

إنّ اتّخاذ القرار هو اختيار أمرٍ من بين عدّة أمورٍ، ويتمّ ذلك عن طريق جمع المعلومات، وتحليل المعطيات بشكلٍ عمليٍّ، الأمر الذي يوسّع الأفق لحلولٍ متنوّعةٍ. وبالطّبع، هناك مسائلُ عديدة لها تأثيرٌ في اتّخاذ القرار في موضوعٍ ما، نذكر منها ما يلي:
- مطالعة المعلومات ذات الصلة بالموضوع وتحليلها.
- معرفة حقيقة الموضوع.
- تشخيص الموضوع بشكلٍ صحيحٍ.
- سعة أفق التفكير.
- الحصول على حلولٍ مناسبةٍ.
- الاطّلاع على عيوب الموضوع ومحاسنه.
- معرفة أهمّيّة القرار.
- معرفة الجوانب المختلفة للموضوع.
 
ويمكن تشبيه اتّخاذ القرار بقارئ الأقراص المدمجة المصوّرة، حيث يستقبل المعلومات على شكل رموزٍ رقميّة، ثمّ يترجمها إلى صورةٍ وصوتٍ. فعمليّة اتّخاذ القرار تشمل دراسة جوانب الموضوع من كافّة النواحي وتقويمها، وبعد ذلك يتمّ الاختيار.
 
 شروط الصحّة في اتّخاذ القرار:
يوجد مجموعة من الشروط المؤثّرة في صحّة اتّخاذ القرار، حيث تتعلّق بشهامة صاحب القرار، وحزمه، وقدرته على ذلك، وهذه الشروط نراها جليّةً في سيرة أنبياء الله تعالى عليهم السلام، ولا سيّما نبيّنا محمّد صلى الله عليه وآله وسلم وأهل بيته الكرام عليهم السلام. فهؤلاء الأفذاذ لم يتماهلوا عن أداء واجباتهم طرفة عينٍ، وكانوا أهلاً للمسؤوليّة في إبلاغ رسالتهم، ففي المواقف الصعبة كانوا يتّخذون أصعب القرارات من دون تردّدٍ. ومن خلال حُسن تدبيرهم، كانوا يختارون الطريق الأمثل في الحياة، ويقطعونه بعزمهم الراسخ، وإرادتهم الصلبة.

وفي دعوة رسولنا الكريم صلى الله عليه وآله وسلم التي دامت ثلاث وعشرين سنةً، نجد الكثير من تلك القرارات الحاسمة التي اتّخذها بإرادةٍ حديديّةٍ غيّرت مجريات الأمور، مثل: تحطيم أصنام الكعبة، وتخريب مسجد ضرار، وإصراره على إقامة حدود الله تعالى، وما إلى ذلك من أحداث تحكي عن حزمه في الأمور.
 
وكذلك هو الحال بالنسبة للإمام عليّ عليه السلام، حيث اتّخذ قراراتٍ مصيريّةً لا يجرؤ على اتّخاذها سوى أصحاب الهمم العالية. ونلمس هذا الأمر جليّاً في أحاديثه وخطبه، فقال مرّةً بشأن الأموال التي تُنهب من بيت مال المسلمين: "وَاللهِ لَو وَجَدتُهُ قَد تُزُوِّجَ بِهِ النِّساءُ ومُلِكَ بِهِ الإِماءُ لَرَدَدتُهُ"([1]).
 
لذا، فإنّ الخوفَ المُفرِط الذي لا يكون في محلّه، هو علامةٌ على ضعف الشخصيّة، وفقدان الإرادة، الأمر الذي لا يليق بأُولي الأمور([2]). فالمدير أو المسؤول المقتدر والمدبّر في قضايا المعيشة، هو الذي يتمكّن من اتّخاذ القرارات اللازمة بعزمٍ راسخٍ، متى ما رأى أنَّ المصلحة تقتضي ذلك. وبالتالي، فإنّه قبل أن يتَّخذ أيَّ قرارٍ، عليه القيام بما يلزم من مشورةٍ وتحقيقٍ، قدرَ المستطاع، بغية سلوك الطريق الصحيح، ومعرفة مكامنه، وحينها تكون قراراته صائبةً تُحمد عقباها. والنتيجة، فإنَّ ثمرة ذلك النّجاح([3]).
 
وأكّد الإمام عليّ عليه السلام على هذه الحقيقة، بقوله: "الظَّفَرُ بالْجَزمِ والْحَزمِ"([4]).
فالحزم في مجال المشورة، لتدبير شؤون المعيشة، لا بدّ أن يكون في إطار الليونة والمرونة، ولكن عند اتّخاذ القرار يجب الخروج من هذا الإطار، واتّخاذ جانب القطع والجزم. وهذه الاستراتيجيّة في تدبير المعيشة تعدّ سبباً لتنفيذ الأعمال في مواعيدها المقرّرة، وتقف حائلاً أمام أطماع الآخرين، كما أنّها تمهّد الأرضيّة اللازمة لنظم شؤون الحياة، وتمنع تدخّل الآخرين في الشؤون الخاصّة.
 
أنواع القرارات:
إنّ القرارات التي يتّخذها الإنسان هي على نوعين، هما:
- قراراتٌ ذات أهداف قصيرة الأمد: تتضمّن قضايا الحياة اليوميّة، وغالباً ما تتكرّر.
- قراراتٌ استراتيجيّةٌ ذات أهداف بعيدة الأمد: وغالباً ما تتأثّر بقضايا مجهولةٍ لم يحسب لها حسابٌ.
وعلى الإنسان قبل اتّخاذ أيّ قرارٍ، أن يأخذ بعين الاعتبار العواملَ ذات الصلة بالمعيشة وسائر العوامل الهامّة، كالأوضاع الاقتصاديّة، فأحياناً تكون القرارات مصيريّةً، ومن شأنها أن تقضي على كيانٍ ما بالكامل([5]).
 
فن التدبير في المعيشة - رؤية قرآنية روائية - ، جمعية المعارف الإسلامية الثقافية

([1]) ابن شهر آشوب، محمد بن علي: مناقب آل أبي طالب، لاط، النجف الأشرف، منشورات الروضة الحيدريّة المقدّسة، 1376هـ.ش، ص377.
([2]) قال الإمام عليّ عليه السلام: "شِدَّة الجبنِ مِن عَجزِ النَّفسِ". الواسطي، عيون الحكم والمواعظ، م.س، ص298.
([3]) الحكيمي، دراسة ظاهرة الفقر والتنمية (بديده شناسي فقر وتوسعه)، م.س، ج3، ص462-463.
([4]) المجلسي، بحار الأنوار، م.س، ج74، ص165.
([5]) الطالب، الإدارة والقيادة في المنظمات الإسلامية(مديريّت ورهبرى در تشكّلهاى اسلامى)، م.س، ص103-109

قراءة 720 مرة