قال تعالى: ﴿وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ فَصَبَرُوا عَلی ما كُذِّبُوا وَأُوذُوا حَتَّی أَتاهُمْ نَصْرُنا وَلا مُبَدِّلَ لِكَلِماتِ اللَّهِ ولَقَدْ جاءَكَ مِنْ نَبَإِ الْمُرْسَلِينَ﴾([1]).
إشارات:
- "كلمات"، هي السنن الإلهية: «ولَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ * إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنْصُورُونَ * وإِنَّ جُنْدَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ»([2]).
- يشکّل التاريخ مصدراً لمعرفة الحوادث، ولا بدّ من أخذ العبر والدروس من تلک الحوادث من قبيل صبر وجَلَد الأنبياء الماضين وهلاک الأقوام المختلفة التي کذّبت رُسُلها مثل هود وصالح ولوط. إنّ لله سبحانه وتعالی سنناً في الأرض تتمثّل في إرسال الرسل والأنبياء إلی مختلف الأمم والأقوام ليختاروا بملء إرادتهم طريق الهداية أو الضلال، فيعذّب الکافرين بکفرهم ويمدّ الأنبياء والمرسلين بمددٍ من عنده.
- لقد أوجب الله تعالی علی نفسه في آيات متعدّدة دعم ونصرة القادة المؤمنين وأتباعهم الصابرين، من هذه الآيات نذکر:
* «كَتَبَ اللهُ لَاغْلِبَنَّ أَنَا ورُسُلِي»([3]).
* «وكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ»([4]).
* «إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا»([5]).
* «ولَيَنْصُرَنَّ اللهُ مَنْ يَنْصُرُهُ»([6]).
التعاليم:
١- لم يکن طريق الحقّ يوماً سهلاً معبّداً، فأهداف الأنبياء لم تتحقّق إلّا من خلال تحمّل الصعاب والشدائد، «فَصَبَرُوا عَلَی مَا كُذِّبُوا».
٢- من أهمّ أساليب المقاومة إزاء الشدائد والمحن استعراض المدد الإلهي، «فَصَبَرُوا... حَتَّی أَتَاهُمْ نَصْرُنَا».
٣- لم يکن القادة ينتظرون الطاعة والقبول من الجميع، «كُذِّبُوا».
٤- النصر معقود بناصية الصبر، «فَصَبَرُوا... حَتَّی أَتَاهُمْ نَصْرُنَا»، يبشّر الله الصابرين بالنصر.
٥- لا يألو الأعداء جهداً لمحاربة الحقّ، سواء أکان ذلک بالتکذيب أو التعذيب، «كُذِّبُوا وأُوذُوا».
٦- الثبات علی الصبر عامل نزول النصر والرحمة الإلهية، «فَصَبَرُوا... حَتَّی أَتَاهُمْ نَصْرُنَا».
٧- النصر للحقّ، «أَتَاهُمْ نَصْرُنَا».
٨- السنن الإلهية ثابتة لا تتغيّر، والله لا يخلف وعده، «ولَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِ اللهِ».
٩- لکلّ منّا نماذج مشابهة له في التاريخ عليه أن يبحث عنها، يخاطب الله تعالی نبيه الکريم صلّی الله عليه وآله وسلّم بالقول: «ولَقَدْ جَاءَكَ مِنْ نَبَإِ الْمُرْسَلِينَ».
١٠- يجب أن نتذکّر جهود وآلام الماضين بالتقدير والاحترام، «ولَقَدْ جَاءَكَ مِنْ نَبَإِ الْمُرْسَلِينَ».
تفسير النور، سماحة الشيخ محسن قراءتي
([1]) سورة الأنعام: 34
([2]) سورة الصافات، الآيات ١٧١ - ١٧٣.
([3]) سورة المجادلة، الآية ٢١.
([4]) سورة الروم، الآية ٤٧.
([5]) سورة غافر، الآية ٥١.
([6]) سورة الحج، الآية ٤٠.