في شهر رمضان وفي غيره من الشّهور، في كلّ حركة الإنسان في الحياة؛ في حياته الاجتماعيَّة، في بيته، وفي كلّ المواقع، يريد الله للإنسان المسلم أن يعيش في مجتمعه روحيَّة الإنسان الذي يكون كلّ همّه أن يدخل الفرح إلى قلوب المؤمنين…
وأن يفتح بكلامه قلوب النَّاس على الفرح، وأن يدخل بعمله السّرور على المؤمنين، وفي مواقفه وعلاقاته، في مقابل الإنسان الذي يتحرك من أجل إيذاء الناس في كلماته، وفي أفعاله، وفي كلّ أوضاعه، بحيث يعيش العقدة في هذا الجانب، فلا يطيق أن يرى إنساناً مبتسماً، ولا يحبّ أن يرى إنساناً فرحاً، ولا يحبّ أن يرى اثنين متَّفقين أو عائلة متآلفة.
لقد جعل الله لهذا أجراً، وجعل لذاك عقاباً، فتعالوا نتعرَّف ذلك مما جاء به الحديث عن رسول الله (ص) وعن الأئمّة من أهل البيت (ع). ففي حديث أبي حمزة الثّمالي قال: “سمعت أبا جعفر (ع) يقول: قال رسول الله (ص): من سرَّ مؤمناً فقد سرَّني – يعني بالوسائل التي تدخل السرور عليه – ومن سرَّني فقد سرَّ الله” ، ومن الطبيعي أنَّ الإنسان الذي يسرّ الله ورسوله، لا بدَّ أن يكون في الدَّرجة العليا عند الله وعند رسوله.
وعن أبي جعفر الباقر (ع) قال: “تبسّمُ الرَّجلِ في وجهِ أخيه حسنة – يعني إذا لقيت أخاك وتبسَّمت في وجهه، بحيث كانت بسمتك تسبق كلامك، فإنَّ ذلك يكتب لك حسنة – وصرف القذى عنه حسنة – القذى هو أن يرى في العين أو في الوجه شيئاً فتصرفه عنه – وما عُبد الله بشيءٍ أحبّ إلى الله من إدخال السّرور على المؤمن” ، يعني إذا أدخلت السرور على قلب المؤمن، فتلك هي العبادة، وهي من أفضل أنواع العبادة.
وفي الحديث عن بعض أصحاب الإمام الباقر (ع) قال: سمعت أبا جعفر (ع) يقول: “إنَّ في ما ناجى الله به عبده موسى – وموسى كليم الله، وكان الله يكلّمه مباشرةً – قال: إنَّ لي عباداً أبيحهم جنَّتي وأحكمهم فيها. قال: يا ربّ، ومن هؤلاء الّذين تبيحهم جنّتك وتحكّمهم فيها؟ قال: من أدخل على مؤمن سروراً” …
وعن عليّ بن الحسين (ع) قال: قال رسول الله (ص): “إنَّ أحبّ الأعمال إلى الله عزَّ وجلّ، إدخال السّرور على المؤمن” ….
وهكذا جاءت هذه الكلمات المضيئة المشرقة من رسول الله ومن أئمَّة أهل البيت (ع) تؤكِّد للمسلمين أنَّ على الإنسان المسلم أن يعيش حياته بين النَّاس، ويكون كلّ همّه أن يكون قريباً إلى الله بإدخال السّرور على المؤمنين…