يقول الله عز وجل في حكم كتابه: ﴿وَإِذَا نَادَيْتمْ إِلَى الصلاَةِ اتخَذوهَا هزوًا وَلَعِبًا ذَلِكَ بِأَنهمْ قَوْمٌ لا يَعْقِلونَ﴾([1]).
لا يخفى ما للصلاة من الأهمية والفضل عند الله عز وجل، فهي الصلة والرابطة بين العبد ومولاه، وقد أمرنا بإقامتها، وإتيانها، والمحافظة عليها، والاستعانة بها. وفي المقابل نهانا عن تركها والاستخفاف بها، أو الاشتغال عنها بالبيع واللهو.
وهي آخر وصايا الأنبياء والأولياء عند مماتهم عليهم السلام، وهي قرة عين النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وأفضل الأعمال والفرائض بعد المعرفة. وأن الاستخفاف بها يؤدي إلى حرمان شفاعتهم عليهم السلام. وفي المقابل فهي أبغض الأعمال إلى الشيطان واتباعه، حيث ينادي عند الصلاة ورؤية عباد الله يصلون بالويل والثبور، ويقول: أطاعوا فعصيت، وسجدوا فأبيت، وقد استنفر جنوده ليرى ما يفعل بهؤلاء العباد، وكان قرارهم وما اجتمع عليه أمرهم هو اتيانهم من ناحية الصلاة وصرفهم عنها إما بتركها، أو إلهائهم عنها، وعدم الخضوع والخشوع فيها، وإذا فعل العبد ذلك استحوذ عليه الشيطان فأصبح من جنوده وأعوانه والعياذ بالله.
مراتب الاستخفاف بالصلاة
1- الاستخفاف بأصل الصلاة: بمعنى عدم اتيانها وتركها كلياً، ومثل هذا الإنسان يموت يهودياً أو نصرانياً كما ورد في الخبر.
2- اتيانها تارة وتركها أخرى: حيث أن بعض الناس مثلاً لا يصلي إلا في شهر رمضان.
3- اتيان بعضها وترك الباقي منها. كترك صلاة الصبح مثلاً.
4- الاتيان بها لا في وقتها ووقت فضيلتها بل عند التذكر.
5- الاشتغال بالعمل والبيع والتجارة في وقتها ولا سيما صلاة الجمعة.
6- عدم الاتيان بها جماعة مع القدرة عليها.
7- عدم الاهتمام بأجزائها وشرائطها كالوضوء، والقراءة، وحسن الركوع والسجود فيها.
8- عدم حضور القلب فيها.
رواية الزهراء عليها السلام
عن فاطمة سيدة النساء وابنة سيد الأنبياء صلى الله عليه وآله وسلم، أنها سألت أباها محمداً صلى الله عليه وآله وسلم فقالتت: "يا أبتاه، ما لمن تهاون بصلاته من الرجال والنساء؟
قال صلى الله عليه وآله وسلم: يا فاطمة من تهاون بصلاته من الرجال والنساء، ابتلاه الله بخمس عشرة خصلة: ست منها في دار الدنيا، وثلاث عند موته، وثلاث في قبره، وثلاث في يوم القيامة إذا خرج من قبره.
فأما اللواتي تصيبه في دار الدنيا
فالأولى: يرفع الله البركة من عمره، والثانية يرفع الله البركة من رزقه، والثالثة يمحو الله عز وجل سيماء الصالحين من وجهه، والرابعة كل عملٍ يعمله لا يؤجر عليه، والخامسة لا يرتفع دعاؤه إلى السماء، والسادسة ليس له حظ في دعاء الصالحين.
وأما اللواتي تصيبه عند موته:
فأولاهن أنه يموت ذليلاً، والثانية يموت جائعاً، والثالثة يموت عطشاناً فلو سقي من أنهار الدنيا لم يرو عطشه.
وأما اللواتي تصيبه في قبره:
فأولاهن يوكل الله به ملكاً يزعجه في قبره، والثانية يضيق عليه قبره، والثالثة تكون الظلمة في قبره.
وأما اللواتي تصيبه يوم القيامة إذا خرج من قبره:
فأولاهن أن يوكل الله به ملكاً يسحبه على وجهه والخلائق ينظرون إليه، والثانية يحاسبه حساباً شديداً، والثالثة لا ينظر الله إليه ولا يزكيه وله عذاب أليم"([2]).
([1]) سورة المائدة، الآية: 58.
([2]) مستدرك الوسائل، ج3، ص23؛ بحار الأنوار، ج80، ص21.