هناك من يري ان رغبة إيران في إيجاد تسوية لبرنامجها النووي السلمي ، تقف عند تخوم بون شاسع يفصل بين أهدافها وأهداف الغرب وخاصة أمريكا فيما يتعلق بهذا الملف ، الأمر الذي يجعل من اي حوار بين الجانبين حوارا بيزنطينيا.
هذه الرؤية وان كانت واقعية ، الا انها ، وهذا هو الملفت ، ستكون الارضية التي سيخطو عليها الرئيس الإيراني روحاني ، اولي خطواته علي طريق ايجاد تسوية مشرفة للبرنامج النووي الايراني علي قاعدة الجميع رابح!!.
هذه الرؤية الروحانية الي الملف النووي الايراني ، الذي حاول الغرب ان يجعله شائكا رغم انه ليس كذلك ، تكفّل رئيس الدبلوماسية الإيرانية الجديد محمد جواد ظريف ، فك رموزها في اكثر من تصريح.
يري ظريف ، الذي ستتولي وزارته مسؤولية التفاوض مع مجموعة ۵+۱ ، ان الرؤية القائلة بوجود اهداف متناقضة لايران والغرب ازاء الملف النووي الايراني ، اذا ما حاولنا تحليلها لن تكون كذلك ، وأذا ما امعنا النظر جيدا فان الاهداف المختلفة هي اهداف مشتركة في الحقيقة!!.
يؤكد ظريف ان الإطمئنان من سلمية البرنامج النووي الإيراني ليس هدفا غربيا فقط ، بل هو هدف إيراني ايضا ، لماذا؟ لان من مصلحة الأمن القومي الإيراني ان يطمئن العالم من ان إيران لاتسعي وراء امتلاك السلاح النووي ، واذا ما تصور العالم خلاف ذلك فأن ايران ستتضرر.
أما كيف يمكن لايران ان تُطمئن العالم بأن يبقي برنامجها النووي سلميا؟، ليس هناك من سبيل الا وضع هذا البرنامج تحت اشراف الوكالة الدولية للطاقة النووية ، وان تتعاون ايران مع الوكالة بشكل كامل لتثبت بشكل قاطع شفافية برنامجها النووي وبتأييد دولي.
يبقي هناك هدف اخر وهو التخصيب ، بغض النظر عن نسبة التخصيب ، والذي يجب ان يكون هو الاخر هدفا مشتركا بين ايران والغرب ، كما تري حكومة روحاني ، لماذا ؟ لان التخصيب والبرنامج النووي الايراني هو صناعة إيرانية وطنية لا ترتبط بالخارج ، لذلك لا يمكن حرمان ايران من شيء هو جزء منها ، لذا علي الجانبين ان يعملا ، علي ضمان شفافية هذا البرنامج ، بكل الوسائل المتوفرة لدي الوكالة الدولية للطاقة النووية.
اما الحوار بين الجانبين فلن يكون له اي معني لو لم يكن قائما علي النوايا الحسنة ، فعلي الجانبين ان يدخلا مضمار المفاوضات علي قاعدة الظن الحسن في الجانب الاخر ، فتسوية البرنامج النووي الايراني لم ولن تتحقق لو بقيت النوايا الحالية هي التي تتحكم في الحوار ، كما اثبتت تجربة العقد الماضي . وفي هذا الاطار يشير ظريف الي ان امريكا ، وانطلاقا من سوء نيتها ازاء ايران ، تري ان طهران تدفع ، عبر تحملها اعباء الحظر ، ثمن رغبتها في الحصول علي السلاح النووي ، حيث يري ظريف ان امريكا مخطئة في ذلك بالمرة ، فهو يري ان ايران ، تدفع عبر تحملها اعباء الحظر ، ثمن طلبها للاحترام والتعامل معها بندية.
اخيرا علي الإدارة الأمريكية والغرب بشكل عام ، اغتنام الفرصة والرد بإيجابية علي السياسة الحكيمة للرئيس روحاني ومحاولاته الدؤوبة والجادة لتدوير زوايا الملف النووي الايراني ، التي تخندقت فيها الاطراف المعنية دون ان تبرحها خلال عقد من الزمن.
بقلم: ماجد حاتمي