بوتين في بكين: معاً ضد أميركا!

قيم هذا المقال
(0 صوت)

بوتين في بكين: معاً ضد أميركا!

هي تطورات الأزمة الأوكرانية التي شكلت حافزاً لزيارة فلاديمير بوتين للصين. بل لعل الضغط الغربي كان وراء توقيعه لاتفاق يورد بموجبه الغاز إلى التنين بدلاً من القارة القديمة. لكنها بلا شك زيارة تتجاوز في أبعادها كل تلك التفاصيل إلى محاولة لإنتاج نظام دولي بديل يضع حداً لهيمنة القطب الواحد

زيارة بالغة الأهمية بدأها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لبكين أمس، تستهدف إلقاء الضوء على البدائل السياسية والاقتصادية والعسكرية لروسيا، وقدرة الأخيرة على تنويع الحلفاء والأسواق، على خلفية توتر العلاقات مع الغرب في سياق الأزمة الأوكرانية.

وقد بدا واضحاً، من خلال الملابسات التي رافقت الزيارة، أن الصين معنية بها بالقدر نفسه، هي التي ترغب في تشكيل تحالف سياسي عسكري اقتصادي يوازي ثقل الولايات المتحدة وحلفائها، خاصة في الشرق الأقصى حيث يبدو واضحاً أن العم سام يركز جهوده للسنوات المقبلة.

الكلمات التي تبادلها الرئيسان الصيني والروسي حملت من الأبعاد ما يتجاوز معانيها الحرفية. خاطب شي جين بينغ بوتين بالقول «صديقي القديم». حصل ذلك في شنغهاي التي تحتضن منظمة تكنّى باسمها، بنيت أساساً في محاولة لتشكيل منظومة عالمية بديلة.

بناءً عليه، يصبح بديهياً أن يؤكد الرئيس شي أن «بناء شراكة استراتيجية يعتبر خياراً ضرورياً لتطوير عالم متعدد الأقطاب»، معلناً أن حجم التبادل التجاري بين البلدين سيصل إلى 100 بليون دولار بحلول 2015. كذلك فعل سيد الكرملن الذي كشف عن أن روسيا والصين تعتزمان زيادة التبادل التجاري بينهما وتطوير علاقاتهما الاقتصادية والتجارية بشكل نوعي. وأوضح، خلال اللقاء، أن الجانبين سيوقعان خلال الزيارة على 30 اتفاقية ثنائية في مختلف المجالات، خاصة التجارية والاقتصادية والاستثمارية.

وتوّّجت الزيارة بتوقيع صفقة ضخمة مدتها 30 عاماً، لمد خط غاز طبيعي من سيبيريا في روسيا إلى الصين، لتزويدها بنحو 38 مليار متر مكعب سنوياً في المرحلة الأولى، وبتكلفة 22 مليار دولار، وزيادتها لاحقاً إلى 60 مليار متر مكعب، أي ما يعادل نحو أربعين في المئة من الكمية التي توردها روسيا إلى الأسواق الأوروبية حالياً.

كذلك، وقّعت شركة «نوفاتيك» الروسية مع مؤسسة البترول الوطنية الصينية عقداً لتوريد 3 ملايين طن من الغاز المسال سنوياً من روسيا إلى الصين. وكان رئيس الحكومة ديمتري مدفيديف قد أعلن في وقت سابق أن بوتين ربما يوقّع اتفاقاً مع بكين لتوريد الغاز الذي كانت تستورده أوروبا من روسيا إلى الصين، مشيراً الى أن لدى بلاده فائضاً كبيراً من هذه السلعة الاستراتيجية.

ومن المزمع توريد الغاز الروسي المسال في إطار مشروع «يامال للغاز المسال»، على أن يتم بموجب العقد المبرم استثمار حقل «يوجنو ــ تامبيسكوييه»، وتشييد مصنع لتسييل الغاز بقدرة 16.5 مليون طن من الغاز المسال إضافة إلى مليون طن من مكثفات الغاز الطبيعي سنوياً، ومن المنتظر تنفيذ المشروع على ثلاث مراحل يتم خلال كل منها إنتاج 5.5 ملايين طن من الغاز المسال سنوياً، على أن تنطلق المرحلة الأولى في عام 2017.

أما في ما يتعلق بالملف الأوكراني، فقد دعا الرئيسان جميع الأقاليم والمكونات الاجتماعية والسياسية لهذا البلد إلى إطلاق «حوار وطني واسع والعمل معاً على وضع تصور للتطور الدستوري القادم للدولة يضمن مراعاة تامة لحقوق وحريات المواطنين المعترف بها دولياً»، وعبّرا عن «قلقهما البالغ إزاء الأزمة» ودعيا إلى نزع فتيلها «والتحلي بضبط النفس وإيجاد حلول سياسية سلمية لحل المشكلات العالقة».

كذلك أشار بوتين وشي جين بينغ في بيانهما المشترك إلى أن موسكو وبكين «تعتزمان التصدي بحسم لأي تدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى». ودعا الزعيمان إلى التخلي عن لغة العقوبات الأحادية الجانب، وعن تمويل أو تشجيع النشاطات الرامية إلى تغيير النظام الدستوري في أي دولة أو جرها إلى اتحادات متعددة الأطراف أو الأحلاف.

وأعلن بوتين أنه اتفق مع نظيره الصيني على زيادة التنسيق بين البلدين في مجال السياسة الخارجية.

إلى ذلك، بدأت الصين وروسيا تدريبات بحرية قبالة شنغهاي تظهر «التصميم والإرادة القويين للصين وروسيا لمواجهة التهديدات والتحديات معاً لحماية الأمن والاستقرار الإقليميين». وقال بوتين إنه يأمل أن «يقوّي الجيشان التعاون بينهما في ظل الوضع الجديد».

الأخبار

قراءة 1724 مرة