هل سيتكرر سيناريو "الغوطة الشرقية" و"خان شيخون" في "إدلب" في عام 2018 ؟!.. حقائق ووقائع

قيم هذا المقال
(0 صوت)
هل سيتكرر سيناريو "الغوطة الشرقية" و"خان شيخون" في "إدلب" في عام 2018 ؟!.. حقائق ووقائع

الوقت- بعد سبع سنوات من الحرب، تمكّنت الحكومة المركزية في سوريا من إفشال جميع المؤامرات التي كانت تخطط لها الدول الغربية بالتعاون مع محور الرياض وتل أبيب واستطاعت أن تبسط سيطرتها على معظم المناطق في هذا البلد وفي وقتنا الحاضر يستعد الجيش السوري وحلفاؤه في محور المقاومة لتطهير جميع المناطق الغربية من أيدي الجماعات المسلّحة المعارضة وبعد ذلك سوف يقومون بالتوجه مباشرة نحو مدينة "إدلب" والغوطة الشرقية اللتين تتحصن فيهما قوات "جبهة النصرة" و"جيش الإسلام".

ومع بداية العمليات العسكرية في مدينة "إدلب"، أيقن الغرب أن جبهة النصرة أصبحت ضعيفة مثل داعش وليس بمقدورها الصمود أمام قوات الجيش السوري وحلفائه في محور المقاومة ولهذا قامت تلك القوى الغربية بالاستعانة بوسائل الإعلام المناهضة للحكومة السورية لتلفيق الكثير من الاتهامات لها ونشر العديد من التقارير التي تفيد بأن حكومة الرئيس "بشار الأسد" استخدمت الكثير من الأسلحة الكيميائية ولكنّ الجيش السوري وحلفاءه لم يبالوا بهذه الاتهامات وإنما استمروا في تقدمهم لتطهير كل المناطق في مدينة "إدلب" السورية من العناصر الإرهابية.

لقد استطاعت تلك الحكومات الغربية الاستفادة من تلك الادعاءات الباطلة التي انتشرت بشكل واسع في وسائل الإعلام واستخدمتها كورقة ضغط وتهديد على حكومة دمشق ولهذا فلقد قامت تلك الحكومات الغربية بإدانة تلك الهجمات الكيميائية "التي من غير المحتمل أن تكون قد حدثت" ودعت أيضاً تلك الحكومات إلى وقف تلك الهجمات فوراً وصرّحت بأنها ستهاجم القوات السورية وحلفاءها إذا ما تكررت تلك الهجمات في المستقبل أو إذا ما ثبت أنها قد حدثت في الماضي وفي هذا الصدد، دعت وسائل الإعلام الأمريكية إلى عدم تكرار ذلك التقاعس الذي قام به الرئيس السابق "أوباما" فيما يخص تلك الهجمات الكيميائية التي اُتهم الجيش السوري بأنه قام بها ضدّ قوات المعارضة في سوريا.

وحول هذا السياق أكدت قناة "سي إن إن" الإخبارية في تحليلٍ نشرته، حيث قالت: " لا ينبغي على الدول الغربية السكوت عن تجاوز الحكومة السورية لكل الخطوط الحمراء ومن الواجب الرّد عليها " وتجدر الإشارة هنا إلى أن باريس ولندن نشرتا خطابات مماثلة لخطاب واشنطن هذا، فلقد هدّد الرئيس الفرنسي "ماكرون" بهجوم قواته على المواقع العسكرية التابعة للجيش السوري وذلك إذا ما تأكد له بأن "نظام الأسد" قد استخدم الأسلحة الكيميائية ضد قوات المعارضة في سوريا.

الآن، ووفقاً لهذه التصريحات، يبدو أن الحكومات الغربية تحاول ترتيب ضربة عسكرية ضد المواقع العسكرية التابعة لحكومة الأسد وذلك من أجل إنقاذ الجماعات الإرهابية في مدينة "إدلب" و"الغوطة الشرقية"، ولإلقاء نظرة عن كثب على هذه المسألة، يجب علينا أولاً أن نلقي نظرة على تاريخ الأسلحة الكيميائية واستخدامها في الحرب السورية.

لقد كانت دمشق في عهد الرئيس السابق "حافظ الأسد" مجهزة بأسلحة كيميائية ولكن كان الهدف منها هو ردع القوات المعادية فقط ولم تُستخدم أبداً ضد أي حكومة ومع بداية الحرب السورية في عام 2011، استطاع أعداء "بشار الأسد" الحصول على فرصة ثمينة للضغط على دمشق لحيازتها تلك الأسلحة الرادعة.

ولقد أعربت العديد من الحكومات الغربية عن قلقها إزاء احتمال استخدام دمشق للأسلحة الكيميائية، في حين أن "بشار الأسد" لم يُهدد باستخدام تلك الأسلحة مطلقاً وحول هذا السياق صرح الرئيس السابق "أوباما" في خطاب له، بأن استخدام الأسلحة الكيميائية في سوريا من قبل الحكومة، يعدّ "خطاً أحمر" وإذا ما قامت حكومة سوريا بانتهاك هذا الخط، فإن واشنطن ستختار الخيار العسكري ضد "بشار الأسد". وفي 19 مارس / آذار 2013، قامت وسائل الإعلام الغربية بنشر العديد من التقارير التي تتهم فيها حكومة دمشق باستخدامها أسلحة كيميائية ضد قوات المعارضة في مدينتي "حمص" و"حلب" وذلك عندما ثُبت للجميع بأن حكومة دمشق لن تنهار وأنها سُتعيد جميع المناطق التي كانت خاضعة تحت سيطرة القوات المعارضة والواقع يروي بأن تلك الهجمات لم تُنفذ من قبل الجيش السوري وإنما نُفذت من قبل المعارضة، لأن تلك الهجمات كانت ضد قوات الجيش السوري والتي على إثرها استطاعت قوات المعارضة السيطرة على تلك المناطق.

تعتبر منطقة "خان العسل" التابعة لمحافظة "حلب" من أهم تلك المناطق التي شُنّ عليها العديد من الهجمات الكيميائية والتي قتل على إثرها الآلاف من مناصري الحكومة السورية وتجدر الإشارة هنا إلى أنه قبل حدوث تلك الهجمات، نشرت العديد من المصادر الإخبارية تقارير حذرت فيها من أن جماعات المعارضة تخزن الغازات الكيميائية لاستخدامها ضد الجيش السوري. وبعد يومين من وقوع هذه الحادثة المؤلمة، قامت الحكومة السورية بإرسال شكوى إلى منظمة الأمم المتحدة، وبفضل مثابرة ممثلها الدؤوب في الأمم المتحدة "بشار الجعفري"، تمكّنت الحكومة السورية في نهاية المطاف من إقناع مجلس الأمن بإرسال وفد إلى سوريا للتحقيق في تلك الحادثة وبعد خمسة أشهر على حدوث تلك الهجمات الكيميائية في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة السورية، وصلت لجنة التحقيق التابعة للأمم المتحدة إلى دمشق في 18 أغسطس / آب 2013 للتحقق من تقارير الحكومة السورية ولكن وبشكل مفاجئ انتشرت تقارير تفيد بأن الجيش السوري في 21 أغسطس قام بهجوم كيميائي على مواقع المعارضة في الغوطة الشرقية. لا شكّ في أن المعارضين للحكومة السورية نسبوا ذلك الهجوم إلى الجيش السوري، في حين اعتبرت إيران وروسيا وسوريا أنها كانت مؤامرة ضد دمشق ولقد أكد العديد من المحللين ووسائل الإعلام المناهضة للحكومة السورية على هذا الأمر، حيث قالت قناة "سي إن إن" الإخبارية بأن احتمال وقوع ذلك الهجوم الكيميائي من قبل حكومة "بشار الأسد" ضئيل جداً وذلك، أولاً لأن الفندق الذي سكن فيه فريق البحث التابع للأمم المتحدة على بعد 5 كم فقط من موقع الانفجارات وثانياً لم يكن الجيش السوري مهزوماً، بل على العكس كان متقدماً في الكثير من المناطق وبالتالي، لا يوجد سبب يُجبر "بشار الأسد" على القيام بضربة كيميائية.

وفي السياق نفسه كتبت صحيفة "ديلي تلغراف" في مقالها الافتتاحي، مشككة بذلك الادعاء الذي اتهم حكومة "بشار الأسد" بالقيام بهجوم كيميائي على الغوطة الشرقية، حيث قالت: "عندما تكون قادراً على التحرك نحو عدوك بدون أن تستخدم الأسلحة الكيميائية، فما السبب الذي يجبرك على استخدام ذلك النوع من الأسلحة في حين أنك تعلم بأنك لو قمت باستخدام ذلك السلاح، ستواجه العديد من الضغوط الدولية؟ " وفي سياق متصل، صرّح "صالح مسلم"، زعيم الحزب الديمقراطي الكردي السوري بأنه من غير المحتمل أن تكون قوات "الأسد" قد قامت باستخدام تلك الأسلحة الكيميائية في الغوطة الشرقية وذلك لأن تلك القوات كانت المتقدمة والمنتصرة في ميدان المعركة.

ولكن وعلى الرغم من وجود كل تلك الأدلة، إلا أنّ الأمم المتحدة دعت على الفور بضرورة تفتيش منطقة الغوطة الشرقية ولقد أعلنت حكومة "بشار الأسد" بعد 30 ساعة من استلامها طلب الأمم المتحدة عن موافقتها عليه وتجدر الإشارة هنا إلى أن الأمم المتحدة لم تتجاوب مع طلب الحكومة السورية بالتحقيق في ذلك الهجوم الكيميائي الذي شنته قوات المعارضة عليها، إلا بعد مضي نحو خمسة أشهر على تلك الحادثة ولكن عندما انتشرت الأخبار بوقوع هجوم كيميائي على مواقع المعارضة السورية، لم تنتظر الأمم المتحدة طويلاً وإنما سارعت في غضون 48 ساعة للتحقيق في تلك الهجمات، وتبعاً لذلك شكلت الأمم المتحدة لجنة تحقيق ووصفت بشكل صريح في تقريرها الحكومة السورية بأنها من قام بذلك الهجوم وفي هذه المرة، هاجمت القوات التابعة لحكومة "ترامب" قاعدة "حمص" الجوية بأكثر من 20 صاروخاً لإظهار جديتها في مواجهة "الانتهاكات الإنسانية" ولقد تسببت تلك الهجمات الأمريكية باستشهاد العديد من الضباط السوريين ولقد ادعى "ترامب" أن الهجوم على منطقة "خان شيخون" نُفذ من تلك القاعدة الجوية وذلك على الرغم من وجود الكثير من الأدلة التي تبرئ الحكومة السورية من قيامها بهجوم كيميائي على منطقة "خان شيخون"، فالدليل الأول هو، أن الحكومة السورية لم تكن تخطط  لتنفيذ أي عمليات داخل منطقة "خان شيخون"، والدليل الثاني، هو أنه قد تم تدمير الأسلحة الكيميائية التابعة للحكومة السورية في عام 2013 والدليل الثالث، أن الجيش في ذلك الوقت كان قد حقق انتصارات كبيرة في الجبهات الشرقية ولهذا، فإنه لا يمكن القول إن الحكومة السورية هي التي شنّت ذلك الهجوم الكيميائي على منطقة "خان شيخون".

إن التقدم المستمر لقوات محور المقاومة باتجاه مدينة "إدلب" والغوطة الشرقية، يثير قلق الحكومات الغربية وذلك لأنه إذا ما استطاعت قوات محور المقاومة بسط سيطرتها على "إدلب" والغوطة الشرقية، فإن ذلك يعني بأن الرئيس "بشار الأسد" قد انتصر ولن يكون له أي منازع غرب سوريا وسيكون بذلك قد بسط سيطرته على جميع المناطق السورية التي كانت تحت أيدي المتمردين المدعومين من الحكومات الغربية والعربية المناهضة لحكومة دمشق.

ولهذا فلقد رأينا أنه خلال الأسابيع الأخيرة، قامت وسائل الإعلام الغربية بنشر تقارير عن الهجوم الكيميائي الذي شنّته حكومة دمشق على مواقع الإرهابيين ورأينا أيضاً أن الحكومات الغربية قامت باستغلال تلك الأحداث وصرّحت بأنها تنوي أن توجه هجوماً عسكرياً على قوات دمشق بحجة أنها استخدمت الأسلحة الكيميائية ومع تقدم قوات محور المقاومة في مدينة "إدلب" والغوطة الشرقية، إن من المحتمل أن تقوم تلك الحكومات الغربية بالتعاون مع بعض الحكومات العربية، بإطلاق مؤامرة كيميائية جديدة وتوجيهها ضد حكومة دمشق وذلك من أجل إيجاد ذريعة تساعدهم على إرسال قوات أمريكية وفرنسية إلى سوريا لمساعدة الجماعات الإرهابية الموجودة في تلك المنطقتين للحيلولة من هزيمتهما على أيدي قوات محور المقاومة.

وحول هذا الصدد، تشير تقارير من مصادر استخباراتية روسية وسورية إلى أن قوات جبهة النصرة وقوات الجيش الحرّ قامتا بصناعة وشحن أسلحة كيميائية جديدة لاستخدامها في بعض المناطق التي يسيطرون عليها وإذا ما استمرت قوات محور المقاومة في تقدمها، فإن الهجوم الكيميائي القادم الذي ستشنّه قوات جبهة النصرة والجيش الحر، سيكون على مدينة "إدلب" أو على الغوطة الشرقية وبعد هذه الهجمات الكيميائية، سيقوم الغرب بتوجيه ضربة صاروخية ضد الجيش السوري لإنقاذ تلك الجماعات الإرهابية وسُتظهر الأمم المتحدة نفسها على أنها ضد مرتكبي تلك الهجمات الكيميائية.

قراءة 1419 مرة