بعد الاتفاق في جنيف جيّش الغرب كل وسائل إعلامه لترويج بروباغندا استسلام إيران وتراجعها بالتزامن مع توقيع الاتفاق في مجلس الشورى الإيراني ومن قبل المرشد. في ذلك الوقت، كان المرشد قد أوعز بتحضير صاروخ "عماد1" لتجربته و أيضاً الإفصاح عن المدن الصاروخية تحت الأرض. وسائل الإعلام تنتظر اللحظة، صاروخ عماد1 يحلّق في السماء، المدن الصاروخية تخرق الأرض، المرشد يوقّع على الإتفاق النووي، وكالات الأخبار تضجّ بخبر الصاروخ الذي يحمل إسم عماد مغنية والذي أوصل الرسالة الواضحة إلى سكان البيت الأبيض وتل أبيب بأن إيران لم تتراجع قيد أنملة.
منذ وصول حسن روحاني إلى رئاسة الجمهورية الإسلامية الإيرانية كان نُصُب عينيه ووفريقه الوزاري التفاوض مع الدول 5+1 من أجل رفع العقوبات والحصار الاقتصادي المفروض على إيران. ولا شكّ أن هذا الأمر كان نابعاً من حُسن نيّة وأملٍ في مستقبلٍ أفضلٍ على أساس الجملة التي دائماً ما ردّدها الرئيس روحاني على مسامع المرشد "ما دام أننا لا نصنّع سلاحاً نووياً فلماذا لا نذهب ونتفاوض على شيءٍ لن نخسره وفي المقابل سوف تُحل كل مشاكلنا الاقتصادية؟!". لكن المرشد كان يعلم أن القضية ليست بهذه السهولة لأن الغرب يعرف تماماً أن إيران لا تعمل على تصنيع سلاح نووي وإنّما أراد من هذا الملف ممراً لمآرب مضمورة. وعلى هذا الأساس كان يرفض المرشد التفاوض المباشر، إلا أن الدعايات الغربية وخاصة عبر وسائل إعلامها المتكلّمة بالفارسية بدأت تصوّر للشعب الإيراني أن هناك مفاوضات ستؤدي إلى حل كل مشكلاتهم ورخاء عيشهم وأن من يقف في وجهها هو المرشد. فلمّا أحسّ المرشد بتحوّل الشعب إلى قطبين، مخالف ومؤيّد للمفاوضات، ولمّا علا منسوب التشنّج داخلياً في هذه المسألة، وافق في النهاية مع جملته المعروفة "أنا لست متفائلاً بالمفاوضات"، لأن التاريخ الإيراني من تجربة مُصدّق ووثائق السفارة الأميركية يشهد على خداع الغرب ومؤامراته.
عندما ذهب الفريق الإيراني المفاوض وجلس على طاولة المفاوضات تفاجأ أن سفرة هذه الطاولة مختلفة تماماً عما كان في الدعوة إليها حيث وجد نفسه أمام أربعة ملفات رئيسية لا يُشكل موضوع السلاح النووي سوى جزءاً بسيطاً منها:
- الملف الأول: هو الملف النووي بجميع متفرّعاته حيث اكتشف الإيرانيون أن الغرب يرغب في تحطيم كل التكنولوجيا النووية كالطب النووي والزراعة الذرية والبطاريات النووية ووغيرها. وبالتالي لم يكن هدفه القضاء فقط على مقوّمات السلاح النووي.
- الملف الثاني: هو قضايا حقوق الإنسان كتشريع الأحزاب المعارضة للإسلام والنظام، بالإضافة إلى السماح بنشاطات للمثليين جنسياً وإعطائهم حقوق التجمّع والحرية. باختصار، كل ما يؤدّي إلى فساد المجتمع وتضعيف النظام هو هدف للغرب تحت عنوان "حقوق الإنسان".
- الملف الثالث: هو مسألة الصواريخ الإيرانية على وجه التحديد وعلاقتها بإسرائيل ووالقواعد العسكرية الأميركية حيث سعى الغرب للضغط من أجل وقف صناعتها أو وضعها تحت المراقبة المستمرة.
- الملف الرابع: هو دعم المقاومات الفلسطينية واللبنانية والوقوف إلى جانب المظلومين.
في المقابل، كان الغرب يعمل على مبدأ الترغيب والضغط النفسي وكاد أن يزلق الفريق المفاوض الإيراني لولا ثبات المرشد وإصراره بانحصار المفاوضات في "السلاح النووي الإيراني".
عند أواخر مراحل المفاوضات كانت ولاية أوباما الرئاسية تقترب من نهايتها، و هذا ما وضع تلك الإدارة تحت الضغط إذ لا يمكنها ترك المفاوضات من دون نتيجة، فوصلوا إلى حل خلاصته القبول بالاتفاق النووي ضمن الإطار الأحمر والعمل مستقبلاً على تمديده ليشمل الملفات الباقية، و هنا يكمن دور ترامب الذي لا ينفكّ يطالب بالتفاوض عليها، و كانت هذه النقطة إنجازاً لإيران في المفاوضات... جرى الإتفاق أخيراً.
بعد الاتفاق في جنيف جيّش الغرب كل وسائل إعلامه لترويج بروباغندا استسلام إيران وتراجعها بالتزامن مع توقيع الاتفاق في مجلس الشورى الإيراني ومن قبل المرشد. في ذلك الوقت، كان المرشد قد أوعز بتحضير صاروخ "عماد1" لتجربته و أيضاً الإفصاح عن المدن الصاروخية تحت الأرض. وسائل الإعلام تنتظر اللحظة، صاروخ عماد1 يحلّق في السماء، المدن الصاروخية تخرق الأرض، المرشد يوقّع على الإتفاق النووي، وكالات الأخبار تضجّ بخبر الصاروخ الذي يحمل إسم عماد مغنية والذي أوصل الرسالة الواضحة إلى سكان البيت الأبيض وتل أبيب بأن إيران لم تتراجع قيد أنملة.
جعفر قليلي