اندماج الأحزاب بمصر.. تأسيس لكيانات قوية أم إحياء لحزب الرئيس ؟

قيم هذا المقال
(0 صوت)
اندماج الأحزاب بمصر.. تأسيس لكيانات قوية أم إحياء لحزب الرئيس ؟

تتصاعد في مصر وتيرة دعوات إلى اندماج الأحزاب السياسية، بدعوى "تعزيز التعددية والممارسات الحزبية"، مقابل مخاوف من تداعيات احتمال إحياء تجربة "الحزب الحاكم"، التي عانت منها البلاد لعشرات السنوات.

واتفق خبراء وبرلمانيون، في أحاديث منفصلة ، على ضعف الحضور الحزبي في مصر، على غرار تجربة الحزب الوطني الديمقراطي (منحل)، إبان حكم الرئيس الأسبق، حسني مبارك (1981: 2011).

وبالتوازي مع دعوات الاندماج، خرجت دعوات إلى تشكيل ما يعرف بـ"حزب الرئيس"، ليكون ظهيرًا للرئيس عبد الفتاح السيسي، بعد فوزه، بدايات أبريل/ نيسان الجاري، بفترة رئاسية ثانية (وأخيرة وفق الدستور) من أربع سنوات، تبدأ في يونيو/ حزيران المقبل.

ويعد "ائتلاف دعم مصر"، وهو ائتلاف الأغلبية في مجلس النواب (البرلمان)، الأنسب لتطبيق تلك التجربة، لاعتبارات عدة، وفق عمرو هاشم ربيع، الخبير في النظم الانتخابية والبرلمانية بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية (حكومي).

**ضعف مزمن

تخطى عدد الأحزاب في مصر، وفق تقديرات غير رسمية، مئة حزب، يبلغ عددها في البرلمان 19 حزبًا، يتصدرها حزب "المصريين الأحرار" (ليبرالي) بـ 65 عضوا من أصل 596 عضوا في البرلمان.

وبخلاف 12 مقعدًا لحزب النور (إسلامي)، تسيطر الأحزاب غير الإسلامية على بقية المقاعد، ويعاني أغلبها، رغم التحول السياسي الكبير الذي شهدته البلاد في السنوات الأخيرة، من ضعف مزمن، وفق مراقبين.

وإزاء ذلك، شكَّل برلمانيون "ائتلاف دعم مصر"، الذي يضم 317 نائبًا، وهي نسبة تقترب قليلاً من نسبة ثلثي أعضاء المجلس، التي تقتضي تمرير غالبية القوانين، وفق الدستور.

ومنذ الإعلان عن تشكيل الائتلاف، وهو أبرز حليف ومؤيد للسيسي، وتحيطه تخوفات من محاولة استنساخ حزب أغلبية حاكم، إثر تأكيد مؤسسيه وأعضاء بأنه ائتلاف "مرتبط بدعم النظام والدولة".

**تجارب سابقة

خلال سنوات ما بعد ثورة 2011، التي أطاحت بمبارك، جرت محاولات حزبية وائتلافية عدة للاندماج، بعضها نجح والآخر لم يقدر له النجاح.

من أبرز التجارب الناجحة هو اندماج حزبي "الكرامة" و"التيار الشعبي"، تحت مسمى "تيار الكرامة" (يسار).

بينما فشلت تجارب اندماج تحالفي "الوفد المصري" و"التيار الديمقراطي"، خلال الاستعداد للانتخابات البرلمانية، عام 2015، وكذلك فشلت تجربة اندماج حزبي "المصريين الأحرار" و"الجبهة الديمقراطية" من أجل تشكيل نواة لتيار ليبرالي.

**مساعي الاندماج

في أكثر من مناسبة دعا السيسي إلى اندماج حزبي لـ"تأسيس كيانات قوية"، كان آخرها خلال مشاركته في منتدى شبابي بمدينة شرم الشيخ (شمال شرق)، نهاية العام الماضي.

آنذاك، دعا السيسي الإعلام إلى تبني حملة لدعوة الأحزاب للاندماج في عشرة أحزاب، بدلاً من عددها الحالي.

وعلى مدار الأشهر الماضية تواترت مبادرات لدعم طرح الرئيس، أحدثها، قبل أيام، في حديث بهاء أبو شقة، رئيس حزب الوفد (ليبرالي)، رئيس اللجنة التشريعية بمجلس النواب، لوسائل إعلام محلية، عن ضرورة تنافس حزبين إلى أربعة في حياة حزبية قوية.

بالتوازي مع ذلك، تناولت تقارير صحفية محلية وجود مقابلات ومشاورات لتبادل وجهات النظر في أمر اندماج الأحزاب.

ومطلع الشهر الجاري، دعا أيضًا صلاح حسب الله، المتحدث باسم مجلس النواب، في تصريحات متلفزة، الأحزاب إلى "التفكير بشكل جاد في الاندماج والعمل سويا".

**معضلة قانونية

لكن ثمة معضلة دستورية تواجه أطروحات اندماج الأحزاب، وتحويل الائتلافات البرلمانية إلى أحزاب، تتمثل في الحاجة إلى إدخال تشريع على لائحة البرلمان بشأن "الصفة الحزبية" للنائب.

وينص قانون مجلس النواب على أنه: "يُشترط لاستمرار عضوية أعضاء المجلس أن يظلوا محتفظين بالصفة التي تم انتخابهم على أساسها، فإذا فقد أحدهم هذه الصفة، أو إذا غَيَّر العضو انتماءه الحزبي المنتخب عنه أو أصبح مستقلًا، أو صار المستقل حزبيًا؛ تسقط عنه العضوية بقرار من المجلس بأغلبية الثلثين".

بناء على ذلك، رأى النائب أحمد سميح، العضو السابق بـ"ائتلاف دعم مصر"، أنه "من غير الممكن دستوريًا حاليًا تحويل ائتلاف دعم مصر إلى حزب، لاعتبار الصفة الحزبية لنواب الائتلاف".

وأضاف سميح، في تصريح للأناضول، أنه "لابد من تعديل الدستور أولا بشأن تغيير الصفة الحزبية، لأنها تؤدي إلى إسقاط العضوية، قبل الحديث عن تحويل الائتلاف إلى حزب".

لكن النائب محمد أبو حامد، عضو "ائتلاف دعم مصر"، رأى أن العوائق القانونية في تحول الائتلاف إلى حزب "مقدور عليها".

وتابع أبو حامد، في تصريح: "لو قرر الائتلاف التحول إلى حزب لاستطاع من الآن، نظرًا لأن عدد نوابه يقترب من الثلثين (نسبة الأصوات لتمرير قرار إسقاط العضوية)، وبالتالي لن تكون هناك عوائق أمام تحول الصفة الحزبية لنوابه حال قرر تشكيل ذلك".

** فرص "حزب دعم مصر"

وحول فرص تحول ائتلاف الأغلبية إلى حزب سياسي كبير، بخلاف المعضلة الدستورية، رأى سميح أنها "مسألة صعبة حاليًا؛ لأن الائتلاف عبارة عن تلاقي مجموعة من النواب من اتجاهات وأحزاب مختلفة فكريًا، وكل نائب محتفظ بهويته الفكرية".

في المقابل اعتبر أبو حامد أنه "من حيث المبدأ هناك اتفاق بين أعضاء الائتلاف فيما بينهم على فكرة تحوله إلى حزب، لكن لم يعقد رسميًا اجتماع بعد لمناقشة الأمر أو التصويت عليه".

وعزا الفكرة إلى "رغبة الائتلاف أن يكون صمام أمان داخل البرلمان لمساندة القضايا الوطنية التي تحتاج إلى أغلبية لتمريرها".

ونقلت تقارير صحفية محلية، مؤخرًا، توقعات بأن يترأس الحزب المرتقب إبراهيم محلب، مساعد الرئيس للمشروعات القومية والاستراتيجية، رئيس الوزراء السابق.

وهو ما علق عليه أبو حامد قائلا: "بجانب نفي محلب للأمر، فإن اسمه لم يطرح خلال المناقشات الحالية".

واستدرك بقوله إن "محلب لديه من الخبرة التنفيذية ما يجعله اسم متوافق عليه، ولن يكون غريبًا لو تولى رئاسة حزب مرتقب عن الائتلاف".

** الهدف من الاندماج

وفق الخبير السياسي، عمرو هاشم ربيع، فإن الهدف من الدعوات إلى اندماج الأحزاب هو "البحث عن فرص لتحول ائتلاف دعم مصر إلى حزب سياسي يُطرح كظهير سياسي يدعم الرئيس السيسي".

واستبعد ربيع، في حديث للأناضول، أن يترأس السيسي حزبا سياسيا، خلال فترة حكمه، لمخالفة ذلك الدستور.

وتنص المادة 140 من الدستور على أنه "لا يجوز لرئيس الجمهورية أن يشغل أي منصب حزبي طوال مدة الرئاسة".

غير أن النائب أبو حامد استبعد أن تكون مساعي اندماج الأحزاب ترمي إلى تشكيل حزب حاكم، قائلاً: "لو كان هناك توجه لدى الدولة لوجود حزب حاكم، كان قد وُجد منذ فوز السيسي بالفترة الرئاسية الأولى".

وبدأ السيسي فترته الرئاسية الأولى في 8 يونيو/ حزيران 2014، إثر فوزه في أول انتخابات رئاسية، في أعقاب الإطاحة بمحمد مرسي، أول رئيس مدني منتخب ديمقراطيا، بعد عام واحد من فترته الرئاسية، في 3 يوليو/ تموز 2013، حين كان السيسي وزيرا للدفاع.

قراءة 1073 مرة