إن الاحتجاجات الأخيرة التي قام بها المواطنون العراقيون في بعض المدن العراقية الجنوبية والوسطى، تُعد الحدث السياسي والاجتماعي الأكثر أهمية وذلك لأنه أثار الكثير من التساؤلات والمخاوف حول الأيدي الخفية الأجنبية التي أججت تلك الاحتجاجات في الساحة العراقية وبالإضافة إلى ذلك، فإن النهج الذي تعاملت به جمهورية إيران الإسلامية تجاه هذه الاحتجاجات وهذه الأحداث التي وقعت في العراق، يُعد أيضا أحد أهم القضايا التي كانت محور اهتمام العديد من المحللين السياسيين ووسائل الإعلام الغربية ولكشف الستار عن جذور هذه الاحتجاجات الشعبية العراقية ومعرفة موقف إيران تجاهها، أجرى موقع الوقت الاخباري لقاء صحفي حصري مع "إیرج مسجدي"، سفير جمهورية إيران الإسلامية في العراق وفي هذا اللقاء نفى السفير الإيراني في العراق جميع مزاعم بعض وسائل الإعلام المناهضة لإيران والتي أعربت بأن قطع إيران لصادراتها من الكهرباء للعراق كان سبباً في بدء هذه الاحتجاجات الشعبية.
الاحتجاجات العراقية لديها بُعد مدني واجتماعي
أعرب السفير الإيراني في العراق في هذا اللقاء الصحفي بأن الأسباب الرئيسية لظهور هذه الاحتجاجات الأخيرة في العراق، تكمن وراء مطالبة الشعب العراقي لحكومته بضرورة حل جميع مشاكل الرعاية الاجتماعية وخدمات الكهرباء والمياه ولذلك، فإن هذه الاحتجاجات ذات طبيعة مدنية واجتماعية، ويرى السفير الإيراني بأن الأسباب الأخرى وراء قيام هذه الاحتجاجات يرجع إلى أن أكثر المواطنين العراقيين غير راضين إلى حد كبير من أداء الحركات والأحزاب السياسية العراقية، التي لا تهتم بقضاياهم ومطالبهم.
الاحتجاجات في العراق عفوية، وهناك إمكانية لإساءة استخدامها من قِبل بعض التيارات السياسية
أكد السفير الإيراني في العراق على عفوية الحركة التي نظمتها بعض شبكات التواصل الاجتماعية، ولفت إلى أنه عندما بدأت حركة الاحتجاجات الاجتماعية، حاولت بعض القوى السياسية الدخول إلى الساحة، سعياً وراء كسب موجة هذه الاحتجاجات لصالحها وأعرب بأن الفرضية القائلة بأن تشكيل هذه الاحتجاجات المدنية العراقية قادتها بعض القوى الأجنبية وبعض الحركات السياسية الداخلية العراقية، مثل حزب "البعث"، غير صحيح إلى حد كبير، لأنه من ناحية، وفقا لبيان الأحزاب السياسية العراقية، رأينا أن الجميع يحترم إرادة الشعب العراقي ومن ناحية أخرى، أكدت جميع تلك الاحزاب على أنه من الضروري تجنب العنف وتهديد حياة المواطنين وتدمير الممتلكات العامة، لذلك يمكن القول أنه من الممكن استغلال التيارات الأجنبية لهذه الاحتجاجات ولكن هذا لا يعني أن الاحتجاجات كانت مصطنعة.
إيران لم توقف صادراتها من الكهرباء إلى العراق
أعرب السفير الإيراني في العراق فيما يتعلق بادعاءات زعمت بأن إيران قطعت صادراتها من الكهرباء للعراق بسبب ديون بغداد المتراكمة، حيث قال: "إن إيران تّصدر كمية معينة من الكهرباء إلى العراق، وفي الفصول التي تحتاج فيها المحافظات الإيرانية إلى استهلاك مقدار كبير من الكهرباء، فإنه من الطبيعي أن تخفض من صادراتها للعراق تماشياً مع الاستهلاك المحلي وفي الواقع، إن توقف إيران عن تصدير الكهرباء للعراق ليس صحيحاً بأي حال من الأحوال، ولكنه يتوقف فقط في ساعات معينة وهنا تجدر الإشارة إلى أن الكهرباء في العراق متصلة في الليل بشكل كامل.
وأكد السفير الإيراني، قائلا: إن خفض إيران لصادراتها من الكهرباء للعراق لا يرتبط بأي شكل من الاشكال مع قضية ديون بغداد لطهران وهذه المسألة أثيرت في الاجتماعات الاخيرة التي عقدها المسؤولين الإيرانيين مع نظرائهم العراقيين، حيث اتفق الجانبان على أن إيران ستستمر في تصدير الكهرباء إلى العراق ولكنها ستخفض نسبة تصديرها عندما تزداد الضغوطات الاقتصادية عليها ولفت إلى أنه من الطبيعي أن تقوم طهران بخفض هذه الصادرات عندما يزداد الاستهلاك الداخلي.
كما ذكر سفير جمهورية إيران الإسلامية في العراق، فيما يتعلق بديون العراق تجاه إيران، أن الحكومة العراقية تقوم بتسديد ديونها في إطار جدول زمني تم الاتفاق عليه مسبقاً وعلى الرغم من وجود بعض العقبات التي تسببت في تأجيل مسألة الدفع، إلا أن الحكومة العراقية ملتزمة بتسديد جميع التزاماتها المتعلقة بالديون وبشكل عام، يمكننا التأكيد هنا بأن قضية الكهرباء وخفض إيران لصادراتها من الكهرباء للعراق، لا علاقة له بتلك الاحتجاجات التي خرجت في العديد من المدن العراقية.
تنفيذ الحكومة العراقية جميع مطالب المتظاهرين، هو الحل المناسب لهذه الأزمة
وفي الجزء الأخير من هذا اللقاء ، قال السفير الإيراني في العراق فيما يتعلق بواجبات الحكومة والأحزاب السياسية العراقية تجاه الاحتجاجات الأخيرة: "يجب على الحكومة والمسئولين العراقيين احترام جميع مطالب المواطنين العراقيين ووضع جميع مشاكلهم على رأس أولوياتهم، ومن الواجب على الحكومة العراقية أن لا تسمح للمتظاهرين بتخريب الممتلكات العامة ويجب على الحكومة العراقية أيضا معالجة جميع مشاكل الناس ووضعها على جدول أعمالها ولفت إلى أن هذا لا يعني أن جميع المشاكل سوف تُحّل بسرعة، لأنه ليس من الممكن القيام بأشياء عديدة في وقت قصير وأكد بأنه إذا ما رأى الناس أن الحكومة تكافح من أجل حل جميع مشاكلهم والتعويض عن أوجه القصور، فعندئذ سيتحرك الناس نحو ترسيخ الامن والأمان في مجتمعهم.