هَل هُناكَ عَلاقةٌ بين “احتمال” إقالَة ماتيس وزير الدِّفاع الأمريكيّ وقُرب فَرضِ الحَظْر النِّفطيّ على إيران؟ ولماذا نَعتَقِد أنّ بولتون وهيلي ربّما مِن أبرَز المُرشَّحين لخِلافَتِه؟ وما هُوَ دَور نِتنياهو في هذا المَيدان؟
لمَّحَ الرئيس الأمريكيّ دونالد ترامب إلى احتمالِ استقالَة، أو إقالَة، وزير الدِّفاع جيمس ماتيس في الأيّام القَليلةِ المُقبِلة، عندما قالَ في مُقابَلة مع برنامج (60 Minutes) التَّلفزيونيّ الشَّهير، أنّ هُناك تغييرات كثيرة قادِمَة في إدارته، ولَفَتَ إلى هَذهِ المَسألة غامِزًا مِن قناة وزير دِفاعِه “قد يَدرُس خيار الانسحاب مِن منصبه فهو دِيمقراطِيٌّ نوعًا ما.. والجميع سيَرحَل”.
وكانَ كتاب بوب وودورد الأخير “الخَوف.. ترامب في البيت الأبيض” قد نقَل عن ماتيس وصفه لترامب بأنّه أخرق وغبيّ ومَجنون، وأكّد أنّ ماتيس رفض طَلبًا مِنه، أي ترامب، لاغتيالِ بشار الأسد.
الرئيس الأمريكيّ لا يُمكِن أن يتطرّق إلى هَذهِ المَسألة (إقالة ماتيس) فَجأةً إلا إذا كانَ قد اتَّخَذ القرار فِعلًا، وجَهّز البَديل، ولا نَسْتبعِد أن يكون جون بولتون، المُستشار الحاليّ للأمن القَوميّ، أو حتّى نيكي هيلي، مَندوبة أمريكا الحاليّة في الأُمم المتحدة، التي أعلَنَت عن عَزمِها الاستقالة مِن هذا المَنصِب.
هَل هُناك علاقة بين استقالة ماتيس بالحربِ على إيران، الإجابة “نعم”، لأنّ الرئيس ترامب يُريد وزير دِفاع قويّ وغير مُترَدِّد، ولا يُجادِله مُطلَقًا في هذا المِضمار، وربّما لن يكون هُناك أفضل من جون بولتون الذي يُعتَبر مِن أبرز قارِعي الحَرب ضِد ايران وأعلاهُم صَوتًا، وأكثَرَهُم تَطابُقًا مع وِجهَة النَّظر الإسرائيليّة التَّحريضيّة في هذا الإطار، ولا ننسى أيضًا نزَعات ترامب الانتقاميّة مِن كُل مَن يَشُق عليه عَصا الطَّاعة في إدارته، ويُخالف قراراتِه، وعلى رأسِ القائِمة ماتيس، أُسْوَةً بِما فَعَلَ مع كثيرين غَيره مِثل ريكس تيلرسون، وزير الخارجيّة، وماكمستر، مُستشار الأمن القوميّ، والقائِمة طَويلة.
اللَّافِت أنّ الرئيس ترامب قَد يُقدِم على هَذهِ الخُطوة مع اقتراب مَوعِد فَرضِ الحَظر على تَصديرِ النِّفط الإيرانيّ في الخامِس مِن الشَّهرِ المُقبِل، أي بَعد حَواليّ أُسبوعَين مِن الآن، الأمر الذي قد يترتّب عليه خُطوات تصعيديّة مِن قِبَل السُّلطات الإيرانيّة مِن بَينِها، أو على رأسِها، إغلاق مضيق هرمز الذي تَمُر عبره نِصف صادِرات مُنظَّمَة “أوبِك” تقريبًا (حواليّ 18 مِليون برميل يَومِيًّا).
لم يَكُن مِن قبيل الصُّدفة أن يُؤكِّد الرئيس حسن روحاني اليوم الأحد في خِطابٍ ألقاهُ بمُناسَبة بِدء العام الدراسيّ الجَديد، على أنّ إدارة ترامب تَسْعَى للإطاحةِ بنظام الحُكم في بِلادِه بعد فَشَلِ حَربَيها النَّفسيّة والاقتصاديّة ضِد إيران، وتَعرُّضِها لهَزيمةٍ قانونيّةٍ وسياسيّةٍ بانسحابِها مِن الاتِّفاق النَّوويّ.
ظُهور بِنيامين نِتنياهو، رئيس الوزراء الإسرائيلي، على مِنبَر الجمعيّة العامّة للأُمم المتحدة أواخِر الشَّهر الماضِي وتلويحِه بصُور وخرائِط زَعَم أنّها لمُفاعِل نوويّ إيرانيّ سرِّيّ، وأُخرَى لمصانِع صواريخ لحزب الله في الضاحية الجنوبيّة، وقُرب مَطار بيروت، وزيارَة جون بولتون للقُدس المحتلة بعدها، ومُكوثِه عِدّة أيّامٍ هُناك، ربّما تُفَسِّر جميعها بطَريقةٍ أو بأُخرَى، خُطَط الرئيس ترامب المُقبِلة سِواء بإقالة وزير دفاعِه ماتيس، أو احتمال تعيين مُستشارِه وأقرَب النّاس إلى قَلبِه واستراتيجيّته، أي بولتون، أو أي شَخصٍ آخَر “يَبْصُم” على هَذهِ الخُطَط ويُنَفّذها دُونَ نِقاش.. واللهُ أعْلَم.
“رأي اليوم”