من ايران الى عالم ما بعد الدولار..

قيم هذا المقال
(0 صوت)
من ايران الى عالم ما بعد الدولار..

تمرّست ايران على مدى اربع عقود على السير في خطى الاكتفاء الذاتي على صعد عدة ابرزها التطوير الاقتصادي والصناعة العسكرية وعلى التكيف مع الحظر والحصار الاميركي والغربي..  لذا فانها ومع انسحاب الادارة الاميركية من الاتفاق النووي استطاعت امتصاص تداعيات القرار والتركيز على تكثيف الخطط الاقتصادية للمرحلة المقبلة وايجاد بدائل تجارية ومالية بغض النظر عن ما اذا كانت اوروبا ستنجح في تجاوز القرار الاميركي ام لا.

خلال الساعات الماضية كان لافتا في هذا المجال امران:  ما اعلنه الرئيس روحاني من ان صادرات النفط الإيرانية تحسنت منذ أوائل ت2، وما اعلنه محافظ البنك المركزي الايراني عن إيجاد قنوات للتبادل المالي وإلغاء الدولار بين ايران وعدة دول، حيث وصف هذا الامر بأنه خطوة هامة في مواجهة الحظر المالي المفروض على ايران.

اتى ذلك غداة اعلان مسؤولة السياسة الخارجية لدي الاتحاد الاوروبي فدريكا موغيرني ان الآلية المالية الاوروبية الخاصة للتعاون مع ايران ستدخل حيز التنفيذ خلال الاسابيع القادمة، في وقت تؤكد فيه أوروبا وروسيا والصين التمسك بالصفقة النووية الإيرانية.

وعندما يبحث الاوروبيون عن الية لتجاوز قرار ترامب حول ايران فهم يبحثون عن مصالحهم اكثر من مصالح ايران، والمجال الاكثر حاجة لدى اوروبا هو الدخول الى الاسواق الايرانية   اكثر من مسالة الطاقة لأن ايران تصدر النفط بنسبة 3.5 الى 5% فقط.

يقول الكاتب والخبير الاستراتيجي الايراني السيد محمد صادق الحسيني “ان ايران صبرت على الاوروبيين  كثيرا وتامل ان يجدوا مساحة للاستقلال عن الولايات المتحدة وقرارات ترامب لانها تعتقد بضرورة الحوار والتعامل مع دول العالم عدا الكيان الصهيوني من اجل ايجاد آلية تعايش بين الاقتصاديات المختلفة خاصة اقتصاديات العالم الثالث المستقلة واقتصاديات الغرب الذي يبحث عن المنفعة المادية المباشرة” .

ويلفت ان “ايران بحاجة الى الجانب الاخلاقي والمعنوي في التعامل مع اوروبا اكثر من الجانب المادي وذلك لضرب الاحادية الاميركية التي تحاول ان تكون هي شرطي العالم ، ومع ذلك هناك عقيدة واسعة في ايران بين كل الاجنحة اعرب عنها سماحة السيد القائد الامام الخامنئي اننا لا نامل من هؤلاء كثيرا، لكن الفرصة متاحة لهم ولكل من  يحاول الاستقلال عن الاحادية الاميركية”.

وفي تقييمه للموقف الاوروبي من ايران لا سيما مع الاعلان عن قرب دخول الالية الاوروبية المالية المشتركة للتعامل مع ايران حيز التنفيذ يلفت الحسيني ان “هناك ثغرة في جدار الاتحاد الاوروبي سيما في النمسا وسويسرا اذ على حد معلوماتنا هناك بعض البنوك الصغيرة التي استطاعت ان تعمل باستقلالية عن القرار الاميركي والدولار ، وربما  وصل الاوروبيون الى قناعة مؤخرا بأنها يمكن ان تتحول الى الية عامة في الاتحاد الاوروبي خاصة ان امامهم الصين وروسيا ايضا وليس فقط ايران” .

وحول قراءته لعنوان المرحلة على صعيد كسر الاحادية الاميركية ربطا بكل هذه التطورات، يشير الحسيني الى ان “الخروج من الاحادية الاميركية هو سعي حثيث بدأ الحديث عنه بشكل ملموس في العالم منذ العام 2000  عندما بدأت الصين وروسيا بانشاء منتدى شنغهاي للتعاون وهو منتدى مهم جدا وسيكون له مستقبل كبير في المنظومة العالمية”.

ويلفت ان “هذا بدأ ياخذ حيزه الى الجانب العملي اكثر واكثر منذ قرار ترامب باعتبار ان هذا شجع الكثير من الدول على الابتعاد عن العملة الاميركية وهذا ما سينفذ على الارض قريبا خلال شهر بين روسيا والصين وايران وستنضم اليها الهند وتركيا” .

ويفسر الحسيني ان “ذلك سيكون عبر التعامل بطريقتين: إما بالعملات المحلية وهو ما اصبح ممكنا ، أو عبر المقايضة: نفط مقابل اتفاقيات عسكرية ومدنية او مواد زراعية… وهذا يؤسس الى عالم ما بعد الدولار وعالم ما بعد صندوق النقد الدولي والبنك الدولي المؤسستين الاكثر طغيانا في العالم واللتين تؤذيان كثيرا اقتصاديات الدول المستقلة وخاصة دول العالم الثالث وكل قوة في العالم تسعى الى انتعاش اقتصادياتها بعيدا عن الهيمنة الاميركية” .

ويخلص الى ان “هيمنة الدولار يجب ان تسقط وبدأ العالم  يلمس هذا بشكل واقعي، من منتدى شنغهاي الى دول البريكس الى كل الدول المستقلة في العالم واظن اننا نتجه الى هذه المرحلة بشكل متسارع  بعد ان كان السير نحوها بطيئا منذ العام 2000 “.

بنتيجة الامر يشكل القرار الاوروبي باستمرار التعاون مع ايران والالتزام بالاتفاق النووي وتجاوز الحظر على ايران ظاهرة لافتة بوجه الاحادية الاميركية يجدر التوقف عندها وعند دلالاتها ونتائجها بانتظار ان يتم تقييم نتائج عمل الالية الاوروبية المشتركة للقفز على الحظر الاميركي ضد ايران، واذا ما اضيفت القرارات الاوروبية الى التطورات المتعلقة بالتعاون الايراني الروسي الصيني ماليا خارج الدولار فإننا ندخل نحو عصر ما بعد الدولار عمليا وهذا يجعل هيمنة ونفوذ اميركا تضعف وتتقهقر شيئا فشيئا حتى مع امتلاكها قوة عسكرية ضخمة.

احمد شعيت

قراءة 866 مرة