- لقد خسر تنظيم "داعش" الارهابي خلال الأشهر القليلة الماضية الكثير من المناطق التي كانت قابعة تحت سيطرته في العراق وسوريا وفقد أيضاً عدداً كبيراً من أعضائه وقاداته وبهذا فإنه يمكن القول هنا بأن هذا التنظيم الإرهابي قد انهار وولّت أيامه أدراج الرياح ووفقاً لمسؤولين أمنيين عراقيين، فقد تمكّنت مقاتلات الجو العراقية من قتل 16 من معاوني "أبو بكر البغدادي" الزعيم الروحي لهذا التنظيم الإرهابي في غارة على منطقة "السوسة" التابعة لمحافظة "دير الزور" السورية وفيما يتعلّق بمصير الإرهابي "أبو بكر البغدادي"، فلقد أفادت بعض المصادر الإخبارية بأنه من المحتمل أن يكون قد قُتل، فيما أعربت مصادر أخرى بأنه تم القبض عليه ولهذا فإنه في وقتنا الحالي يمكن القول بأن تنظيم "داعش" الإرهابي قد انهار وولت أيامه، ولكن السؤال الذي يطرح نفسه هنا، هل تم التخلص من تهديد هذه الجماعة الإرهابية إلى الأبد؟.
على الرغم من انهيار تنظيم "داعش" الإرهابي والقضاء عليه فعلياً، إلا أن التهديدات الأمنية للخلايا النائمة الموالية لهذا التنظيم الإرهابي لا تزال موجودة ويبدو أن هناك عاملين رئيسيين يساعدان على استمرار هذه التهديدات: العامل الأول يتمثل في جذور هذا الفكر وهذا الاعتقاد المتطرف التي يحمله أعضاء مثل هذه الجماعات الإرهابية، والعامل الثاني يتمثل في استغلال بعض القوى العالمية لهذه الجماعات المتطرفة للتدخل في شؤون البلدان أخرى وتدميرها.
وحول هذا السياق، أعربت العديد من المصادر الإخبارية بأنه في الأسبوع الماضي، قتل ثلاثة أشخاص خلال تبادل لإطلاق النار في مدينة "ستراسبورغ" الفرنسية، ولفتت تلك المصادر إلى أن تنظيم الدولة الإسلامية "داعش" أعلن مسؤوليته عن تلك الجريمة ووفقاً لتقرير نشرته "سبوتنيك"، فلقد أكد والدا الشاب الإرهابي الذي قام بهذا الهجوم في مدينة "ستراسبورغ" الفرنسية، في أول مقابلة لهما بعد الهجوم، بأن ابنهما كانت لديه معتقدات تختلف اختلافاً كلياً مع معتقداتهما وأشارا بأن ابنهما كان يحمل أفكاراً وعقائد تتطابق مع نظريات تنظيم "داعش" الإرهابي.
الجدير بالذكر هنا، بأن هذا الهجوم الإرهابي على الأبرياء في مدينة "ستراسبورغ" الفرنسية لم يكن الهجوم الأول من قبل المتطرفين والإرهابيين ولن يكون الأخير، ولقد سمعنا في الماضي العديد من التقارير التي تنبّأت بمثل هذه الهجمات الإرهابية ومن المؤكد بأننا سوف نسمع في المستقبل العديد من التقارير المشابهة عن وقوع هجمات إرهابية في جميع أنحاء العالم.
إن استمرار وقوع مثل هذه الهجمات الإرهابية بطرق مماثلة من قبل أفراد يتشابهون في التفكير والعقلية، يقودنا إلى نقطة مهمة وهي أن كل هذه الهجمات العشوائية التي أودت بحياة الأبرياء، جاءت نتيجة لعقيدة متطرفة مشتركة تبيح دم الأبرياء وتكافئ المجرمين وأعمالهم الإجرامية وتوهمهم بأنهم سوف يذهبون إلى الجنة ويجلسون مع نبي الإسلام عليه الصلاة والسلام، إن هذه ونتيجة لذلك، فإنه من غير المرجح أن يتم القضاء على جميع هذه التهديدات الإرهابية في العالم، إلا إن تمّ إصلاح هذه العقيدة الإرهابية التي نمت وترعرعت وانتشرت في الكثير من بلدان العالم
أما بالنسبة للعامل الثاني لاستمرار مثل هذا التهديدات فإنه يتمثل في استعانة بعض القوى العالمية مثل أمريكا، بهذا الاعتقاد التكفيري الراديكالي والجماعات المتطرفة للتدخل في البلدان الأخرى، إن التقارير التي نُشرت مؤخراً والتي كشفت بأن "أبو بكر البغدادي" الزعيم الروحي لتنظيم "داعش" الإرهابي قد تم تدريبه في سجن "بوكوا" الأمريكي الواقع جنوب العراق وتم الإفراج عنه لتأسيس تنظيم "داعش" الإرهابي، أو الاعترافات التي أدلى بها الرئيس الأمريكي الحالي "دونالد ترامب" والتي عبّر فيها بأن تنظيم "داعش" الإرهابي تم إنشاؤه من قبل إدارة الرئيس الأمريكي السابق "أوباما" أو اعترافات "كلينتون" بأن الولايات المتحدة هي من قامت بتأسيس تنظيم "القاعدة" الإرهابي لمواجهة الاتحاد السوفييتي، كلها مؤشرات واضحة على استعانة هذه القوة العالمية بالكثير من الجماعات المتطرفة للتدخل في شؤون الدول الأخرى، وهنا يجب القول بأن أمريكا إذا لم تقم بإصلاح طريقتها ونهجها هذا والتخلي عن مساندتها ودعمها للجماعات الإرهابية والسعودية، فإن هذا التهديد سوف يبقى وسوف يتنامى ويتنشر في العديد من بلدان العالم