بدأ مربع التعامل مع إسرائيل بالارتسام في الجولان السوري وغرب درعا منذ العام 2013 بذريعة إسعاف الجرحى، لفصائل محلية كلواء أمية وشهداء اليرموك ولواء الحرمين وألوية من أحرار الشام والنصرة التي شكلت نواة كل العمليات العسكرية ضد الجيش السوري وكان يقود دفتها إياد الطوباسي قائد النصرة في الجنوب. منطقة أمنية إسرائيلية، تحت إمارة أبو جليبيب الأردني. فشكل سلفيو الأردن القريب جيش الاحتلال الثاني للجولان.
حين رفرف العلم السوري فوق تل الحارة السوري في تموز/يونيو العام الفائت، كان جيش الاحتلال الإسرائيلي يراقب في تل أبو الندى كيف استعاد الجيش السوري عشرات القرى والبلدات في أرياف القنيطرة والتي كانت قد تحولت بفضل الدعم الاسرائيلي من منطقة فصل تحت أعلام الامم المتحدة، إلى منطقة عزل عن السيادة السورية، تحت اعلام النصرة وغيرها من الفصائل التي كانت تنسق معها. وقتها سعى نتنياهو لنيل اعتراف أميركي بسيادة إسرائيل على الجولان السوري المحتل.
المواقع التي لم تستطع إسرائيل احتلالها في حرب تشرين/أكتوبر، دمرتها النصرة. ولم تتوان تل أبيب عن إسقاط طائرة سوخوي في أيلول/سبتمبر 2014 لمنع الجيش السوري من استعادة المواقع.
فاستعادة التل أسقطت ورقة سياسية إقليمية، راهنت عليها تل أبيب عبر النصرة وغيرها من الفصائل المسلحة التي احتلت جزءاً واسعاً من منطقة خط الفصل خلال سنوات، لفرضها كلاعب، في منطقة شديدة الحساسية والتعقيد، وتتضمن قوات دولية، وبتواطؤ منها حيث زودتها بدعم لوجستي واستشفائي، وتقني، وأحياناً دعماً بالقصف المدفعي، على المواقع التي كانت تستعصي عليها.
يبدو أن ما حسم القرار الأميركي حول هذا الاعتراف رغم كل التصريحات السابقة التي نفت إمكانية ذهاب ترامب إلى ذلك، كما أوضح بولتون خلال زيارته لإسرائيل في آب/مايو العام الفائت أن "إدارة الرئيس دونالد ترامب لا تناقش احتمال اعتراف الولايات المتحدة بسيادة إسرائيل على هضبة الجولان"، لم ييأس نتنياهو وقال لاحقاً في رده على الصحفيين إن "إسرائيل ما زالت عند توقعاتها بأن تعترف الولايات المتحدة بسيادتها على الجولان".
يبدو كان خيار بقاء الجولان في يد الإسرائيليين على أن يعود للسيطرة السورية هو أفضل أميركياً مع استحالة فك التحالف بين دمشق وطهران خاصة بعد معارك استعادة الجنوب السوري، وفشل كل الضغوط الأميركية والإسرائيلية من إبعاد الحليف الإيراني والمقاومة عن مناطق تمركزهم في هذه الجبهة الحيوية رغم كل الغارات والاعتداءات الاسرائيلية أو اغتيال قيادات في المقاومة، أو التعويل على صمود أي نظام سياسي جديد يأتي إلى السلطة حتى لو كان موالياً للولايات المتحدة بحسب دراسة لمعهد كارنيغي، وهذا ما جعل ترامب يحسم أمره.
وبعد فشل مشروع منطقة الأمر الواقع العازلة الذي حاولت إسرائيل تكريسه في الجولان مبكراً ومنذ بداية الحرب على سوريا، عبر النصرة والفصائل المسلحة التي دعمتها لوجستياً واستخبارياً في معاركها ضد الجيش السوري، وبإفراغ المنطقة من قوات فصل القوات، كي لا تخرج تقارير عن الايندوف التي لم تتوقف عن احصاء اللقاءات المحرمة بين المسلحين والإسرائيليين في ظل الاشرطة الشائكة، عند موقع الرفيد، ونشر وحدة صواريخ، كمظلة حماية لجبهة النصرة وغيرها، بذريعة منع تجاوز المقاتلات السورية خط وقف اطلاق النار.
بدأ مربع التعامل مع إسرائيل بالارتسام في الجولان السوري وغرب درعا منذ العام 2013 بذريعة إسعاف الجرحى، لفصائل محلية كلواء أمية وشهداء اليرموك ولواء الحرمين وألوية من أحرار الشام والنصرة التي شكلت نواة كل العمليات العسكرية ضد الجيش السوري وكان يقود دفتها إياد الطوباسي قائد النصرة في الجنوب. منطقة أمنية إسرائيلية، تحت إمارة أبو جليبيب الأردني. فشكل سلفيو الأردن القريب جيش الاحتلال الثاني للجولان.
إسرائيل كانت تبحث عن قبول شعبي لها مع سكان المنطقة، مدخله تطبيع عسكري مع الفصائل المسلحة حيث استفاد منها أكثر من 2000 مسلح تم علاجهم في مشافي نهاريا وصفد، رافقتهم كاميرات نتنياهو لاستعراضهم.
وكان لهذا التعامل بوابة الرفيد المواجهة لتل الفرس السوري المحتل التي تحولت إلى معبر يشابه بوابات الجدار الطيب في جنوب لبنان، لتسهيل عبور الجرحى وتلقي الأسلحة وأجهزة الاتصال التي قدمتها تل أبيب لهم.
فلم يكن لحرب على الجبهة الجنوبية ضد الجيش السوري من دون دعم اسرائيلي خلف خط فصل القوات في الجولان، ولم يكن لتل أبيب أن تغفل انتصاراً كانتصار الجيش السوري وحلفائه باستعادة الجنوب وعودة الجيش السوري إلى خط الفصل ومعبر القنيطرة، وتدمير المشروع الذي كلف إسرائيل سبع سنوات من الدعم والرهان على المجموعات المسلحة لإسقاط دمشق من الجنوب وتوثيق السيطرة على منطقة عازلة بمساحة 1200 كم2 بمواجهة سوريا وحلفائها.
وما كان لإسرائيل أن تغفل مشروع المقاومة الشعبية الجولانية التي أنشأها الشهيد سمير القنطار الذي أحال المنطقة إلى ميدان مواجهة ساخنة مع إسرائيل، بالقرب من سفوح جبل الشيخ.
جبهتان شارك بقيادتهما القنطار، في قلب الجبل الاستراتيجي الذي كانت تحاول إسرائيل السيطرة عليه وخاض معارك في مواجهة جبهة النصرة، انتهت بفك الحصار عن حضر، وحماية خاصرة دمشق، من اختراقها غرباً. القنطار قاد مشروع مقاومة.
جبهة ثانية قادها القنطار هي مقاومة مشروع إسرائيلي علت نبرته خلال محاولة فصائل الجنوب اختراق السويداء في صيف 2015، لإلحاق القرية الاستراتيجية، بالجولان المحتل، تحت مظلة الأمن الإسرائيلي المزعوم، وحماية الأقليات. فاستخدم القنطار رصيده الوطني لتحصين بيئة الجولان من أي اختراق اسرائيلي، وبدأ بتنظيم مجموعات سرية، تقاتل الجيش الإسرائيلي. أضاف القنطار الأسير المحرر عنوة عن إسرائيل إلى جبهة الثأر الاسرائيلي منه، جبهة مقاومتها في الجولا ، ولذلك اغتالته بصواريخ اخترقت منزله في جرمانا.
ديمة ناصيف