صفقة القرن "تتبخر" من داخل أمريكا.. هل ينقذها ترامب مجدداً؟

قيم هذا المقال
(0 صوت)
صفقة القرن "تتبخر" من داخل أمريكا.. هل ينقذها ترامب مجدداً؟

بدأت الشكوك تخترق الإدارة الأمريكية فيما يخصّ "صفقة القرن" ومدى إمكانية تحقيقها، هذه المرة جاءت من كبير الدبلوماسيين الأمريكيين مايك بومبيو الذي تلقى على عاتقه مسؤولية إقناع الفلسطينيين، والعرب بهذه الصفقة وأهميتها، ولكن طالما أن بومبيو نفسه غير مقتنع بها فكيف سيقنع بها غيره، ومع ذلك لا نعتقد بأن ترامب سيستسلم لوجهة نظر وزير خارجيته ولا نستبعد أن يُقصيه كما فعل مع غيره في حال وجد أن بومبيو يعوق أحلامه الوردية.

"واشنطن بوست" فضحت موقف بومبيو من "صفقة القرن" بعد حصولها على تسجيل صوتي لاجتماع مغلق، تحدّث فيه وزير الخارجية الأمريكية مايك بومبيو عن تشكيكه بنجاح "صفقة القرن" وإمكانية تنفيذ بنودها.

وقال وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو: إن خطة إدارة الرئيس دونالد ترمب للسلام في الشرق الأوسط والمعروفة إعلامياً باسم "صفقة القرن"، قد تُرفض في نهاية المطاف.

وتحدّثت الصحيفة عن أن بومبيو قدّم في اجتماع مغلق مع زعماء يهود تقييماً واقعياً لآفاق خطة السلام التي يشرف عليها صهر الرئيس دونالد ترامب ومستشاره جاريد كوشنر، حيث صرّح "قد يقال إن الخطة لا يمكن تنفيذها" وأنها قد لا "تحظى بالدعم".

وأوضح بومبيو في التسجيل "ربما يتم رفضها، فقد يقول المرء لا شيء جديد، ولا فائدة منها لي، هناك شيئان جيدان وتسعة أشياء سيئة، أنا منسحب".

وأضاف: إن "السؤال الكبير هو هل سنستطيع إيجاد مساحة كافية حتى يمكن أن يكون لدينا حوار حقيقي حول كيفية تطوير هذا؟".

ووصفت الصحيفة تصريحات بومبيو بأنها التصريحات الأكثر صراحة التي تخرج عن مسؤول بشأن "صفقة القرن".

وأقرّ بومبيو بالفكرة الشائعة بأن الاتفاق سيكون محابياً للحكومة الإسرائيلية، وقال "أتفهم سبب اعتقاد الناس بأن هذا سيكون اتفاقاً لا يمكن أن يحبّه إلا الإسرائيليون.. أتفهم هذا التصوّر.. وآمل أن يتيح الجميع المجال للاستماع".

ونقلت الصحيفة عن اثنين من الحضور أنه تولّد لديهما انطباع بأن بومبيو ليس متفائلاً بشأن إمكانية نجاح الخطة، ونقلت الصحيفة عن أحدهما القول "لم يكن بأي شكل من الأشكال واثقاً من أن العملية ستقود إلى نهاية ناجحة".

وفي وقت لاحق ردّ الرئيس ترامب على شكوك وزير خارجية بلاده بالقول إنها مفهومة بالنسبة له وقال ترامب في إحاطة إعلامية "أنا أتفهم عندما يقول مايك ذلك، لأن العديد من الأشخاص يعتقدون أن هذا مستحيل، لكني أعتقد أن ذلك ممكن".

إصرار ترامب على "صفقة القرن"

عندما وصل ترامب إلى إدارة البيت الأبيض كان طموحه يتركّز على القيام بإنجازات "مجنونة" يسجّلها التاريخ ويترك من خلالها الرئيس الأمريكي الحالي بصمة تُسجل باسمه في سجل تاريخ أمريكا، إلا أن معطيات الأحداث لم تأتِ كما يشتهي ترامب، لأن أمريكا لم تعد تلك "القوة" التي لا تقهر، خاصة في ظل وجود أقطاب جديدة مثل "روسيا" و"الصين"، فضلاً عن وجود دول إقليمية مهمة تقاوم المشروع الأمريكي في المنطقة.

ترامب حتى اللحظة لا يزال يُصرّ على تمرير صفقة القرن على الرغم من أن مصيرها الفشل، في ظل رفض الفلسطينيين لها، بالإضافة إلى الأزمات الداخلية التي تمرّ بها "إسرائيل" وفشل صديق ترامب بنيامين نتنياهو في تشكيل الحكومة الجديدة، ناهيك عن ضياع الكثير من الحكومات العربية في تمرير الصفقة أو عدم تمريرها، وهناك دول أخرى ترفضها بشكل قاطع، والكثير من هذه الدول وإن كانت مجبورة على تمرير هذه الصفقة خوفاً من غضب أمريكا إلا أنها تعلم أن شعوبها ترفضها بشكل مطلق والموافقة عليها ستكلّف أنظمة هذه الدول الكثير.

ترامب متحمّس لتحقيق أي إنجاز لكن الظروف الإقليمية لا تخدم خططه، فضلاً عن كون الإدارة الأمريكية منقسمة على نفسها فيما يخصّ "بنود صفقة القرن"، صحيح أن ترامب يريد أن يقدم خدمة مجانية "لإسرائيل" و"نتنياهو" على وجه التحديد إلا أن تقديم هذه "الخدمة" لا يقتصر على إطلاق خطة تغيّر خارطة دول بأكملها وعلى الجميع أن يقبل بها.

"الصفقة" حتى اللحظة تصطدم بعدة عراقيل منها أن "فريق كوشنر فشل في الحصول على أي تعهد رقمي بشأن دعم الخطة القائمة على تحقيق السلام على أسس الإنعاش الاقتصادي والفوائد المالية للفلسطينيين"، واليوم بومبيو يشكك بها، ونتنياهو لم ينجح في تشكيل الحكومة، وتمسك الفلسطينيين بشروطهم لمناقشتها، وعدم حماس الدول العربية والإرهاصات التي تمرّ بها المنطقة، تجد واشنطن نفسها اليوم في موقف صعب بين اتخاذ خطوة غير مضمونة النتائج بإعلان صفقتها أو تأجيل المسألة إلى أجل غير مسمى، كل هذه الأمور وغيرها حالت دون المضي قدماً في تنفيذ هذه الخطة.

انحياز "واشنطن" إلى "تل أبيب" يعدّ من أهم الأمور التي تجعل الفلسطينيين يشككون في هذه الخطة التي قالوا أنها لمصلحة "الفلسطينيين" إلا أن الإدارة الأمريكية فضحت نفسها، فعندما سُئل كوشنر في برنامج تلفزيوني على محطة إتش .بي.أو التلفزيونية عمّا إذا كان يمكن للفلسطينيين توقّع التحرر من الاحتلال الإسرائيلي قال إن هذا سيكون "طموحاً عالياً"، كما أن كوشنر تفادى مرة أخرى القول صراحة ما إذا كانت الخطة ستتضمن حلّاً يقوم على وجود دولتين والذي يمثّل أساس السياسة الأمريكية منذ عشرات السنين ويدعو لإقامة دولة فلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة تكون عاصمتها القدس الشرقية.

في الختام.. فرض السلام في القوة لن يكون مجدياً وعلى الإدارة الأمريكية أن تفهم التحوّلات السياسية والعسكرية في المنطقة قبل أن تعدّ لها مشاريع "مسبقة الصنع".

المصدر:الوقت

قراءة 1118 مرة