واشنطن تقلّص مشاركتهافي مناورة إسرائيلية

قيم هذا المقال
(0 صوت)

احتدم الخلاف بين حكومة بنيامين نتنياهو وإدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما، وما كان مستتراً أصبح يوضع بشكل جلي على الطاولة. فقد قلصت أميركا مشاركتها في المناورة الإستراتيجية الرئيسية للدفاع الجوي مع إسرائيل، المسماة «أوستير تشالينج 12»، بعد إعلان رئيس هيئة أركان الجيوش الأميركية الجنرال مارتن ديمبسي عدم مشاركته في الهجوم على إيران. وشددت إسرائيل من حملاتها على الرئيس الأميركي، في وقت يعتقد فيه الخبراء أن واشنطن منشغلة بقضايا أكثر أهمية من مطالب إسرائيل.

وأشارت جهات عديدة إلى أن أساس الأزمة الراهنة تتمثل في الجهد الإسرائيلي الواضح الذي يقوده نتنياهو، والهادف لخلق نقاش عام في الولايات المتحدة يجبر أوباما على تقديم تعهد صريح بضرب إيران عسكرياً لمنعها من امتلاك سلاح نووي. وفهم البيت الأبيض مساعي نتنياهو لتحويل المسألة إلى قضية خلافية في الحملات الانتخابية، فعمد للرد على ذلك باستخدام المدفعية الثقيلة التي تمثلت بقيادة الجيش، وليس بالسياسيين في واشنطن. وهكذا سكب ديمبسي مياهاً باردة فوق رأس الإسرائيليين، بإعلانه أن لا مصلحة لأميركا في الانجرار خلف إسرائيل، وأطلق الرسالة الصريحة: لا تفعلوا ذلك.

وخرج نتنياهو أمس عن أسلوبه المتحفظ ليرد على الأميركيين، ويقول علنا إن أوباما لا يفعل ما يكفي لمنع تســلح إيـران نووياً. كما أنه لا يقوم بما يلزم لرسم خط أحمر للإيرانيين محظور اجتيازه.

وتقريباً يحاول نتنياهو الإيحاء من طرف خفي بأن عناد إدارة أوباما قد يدفعه للعمل الذي يعتبره الأصوب لإسرائيل، وهو توجيه ضربة عسكرية لإيران. وفي هذا الإطار يبدو أنه حرض بعضاً من أنصاره لتقديم عريضة في الكنيست، وقع عليها عشرة أعضاء كنيست، تعلن تأييدها لأي قرار يتخذه لحماية إسرائيل من إيران. وبديهي أن المقصود بذلك الإيحاء أن هؤلاء يؤيدون قرار نتنياهو بالهجوم المنفرد على طهران.

وأوحت مصادر رسمية إسرائيلية للمراسل السياسي للقناة الثانية بخطورة الوضع الحالي، حين قالت: إن الحجتين الرئيسيتين ضد الهجوم الإسرائيلي المنفرد على إيران تبددتا هذا الأسبوع. والمقصود الوقت والفعل الأميركي. وفي نظر مسؤول سياسي إسرائيلي رفيع المستوى فإن تقرير الوكالة الدولية للطاقة الذرية، الذي صدر قبل أيام، يقرر أن إيران تركض بسرعة أكبر نحو القنبلة. كذلك فإن تصريحات رئيس الأركان الأميركي بأنه لن يشارك في الهجوم تبين حقيقة ما كانت تقوله إسرائيل دائماً، وهي أنها تقف وحيدة في مواجهة إيران.

وقد استخدم المرشح الرئاسي الأميركي ميت رومني تعبيراً أعجب الإسرائيليين، حينما اتهم أوباما بأنه ألقى بإسرائيل تحت عجلات حافلة تسير. وقد راق الأمر لنتنياهو، الذي كان ولا يزال يــرى أهمية كبيرة لإظهار الخلاف مع إدارة أوباما.

ولكن رؤية نتنياهو هذه أثارت خلافات داخل الحكومة وفي الحلبة السياسية الإسرائيلية، وخصوصاً مع أولئك الذين يعتبرون الخلاف مع واشنطن لعبة خطيرة. وتقدم عدد من أعضاء الكنيست بطلب عقد اجتماع عاجل للجنة الخارجية والأمن للبحث في عواقب هذا الخلاف.

وكانت تصريحات ديمبسي، وتقليص المشاركة الأميركية في المناورة المشتركة في إسرائيل، قد أدت إلى أزمة ثقة حادة للغاية بين ديوان نتنياهو والبيت الأبيض. وأشارت صحيفة «معاريف» إلى أن نتنياهو ووزير الدفاع إيهود باراك يريان أن الإدارة الأميركية اجتازت بتصريحات ديمبسي خط الانتقاد المشروع ضد تل أبيب ومست بشــكل كبــير بالردع الإسرائيلي. وقد اختــار ديمبسي إطلاق تصريحــاته علــى الأرض الأوروبية، والتــأثير ليس فقط على الساحة السياســية الأوروبية بل وعلى الرأي العام أيضاً.

وعقبت محافل سياسية إسرائيلية رفيعة المستوى أمس على قرار البنتاغون أيضاً تقليص مشاركة أميركا في المناورة العسكرية المشتركة مع إسرائيل. وقالت إن هذا يثبت أن الرسالة من واشنطن واضحة: «لن نشارك في هجوم إسرائيلي على إيران». وأضافت هذه المحـــافل إن «الحديث يدور عن رسالة واضحة لإسرائيل، تقول إن الموقــف الأميركي يعارض بشــدة كل هجوم إسرائيلي من طرف واحد قبل الانتخابات الأميركية، فهم لا فقط يعارضون، بل لا يريدون أن يشاركوا في مثل هذا الهجــوم، بل ولا يريــدون لأحد أن يعتــقد بأنهم ســيؤيدون هجومــاً إســرائيلياً على خلفية المناورة المشتركة».

لكن مصادر أمنية وسياسية إسرائيلية أخرى نفت هذه الادعاءات. وقالت إن العلاقات الأمنية بين إسرائيل والولايات المتحدة ممتازة. وعلى حد قولها فإن القرار لتقليص حجم القوات الأميركية المشاركة في المناورة مع إسرائيل يرتبط بنقلها إلى هدف آخر في المنطقة يشارك هو أيضاً في المناورة. وأشارت مصادر في الجيش الإسرائيلي إلى أن الدولة العبرية كانت هي التي أجلت الموعد الأصلي للمناورة، التي كان يفترض أن تجري في النصف الأول من العام الحالي.

وكانت مجلة «التــايم» الأميركية كشفت أمر تقلــيص المشاركة الأميركية في المنــاورة التي تجري في تشريــن الأول المقبل، من خمسة آلاف جندي إلى 1500 وربما إلى 1200 جندي. وشددت على أن البعد الإيراني في هذا التقليص واضح، حسبما يرى مصدر عسكــري إسرائيــلي قال للمجلة إن «ما يقــوله الأمــيركيون لنا بذلك هو أننا لا نثق بكم».

حلمي موسی

قراءة 1810 مرة