رغم استغلاله لإثارة الكراهية ضد المسلمين.. كورونا يفضح غباء الإسلاموفوبيا

قيم هذا المقال
(0 صوت)
رغم استغلاله لإثارة الكراهية ضد المسلمين.. كورونا يفضح غباء الإسلاموفوبيا
مهدي حسن: العالم قد يتغلب على فيروس كورونا خلال الأشهر المقبلة لكنه سيحتاج وقتا أطول بكثير للتغلب على الإسلاموفوبيا (رويترز)
 

إذا كانت معاداة السامية أقدم كراهية في العالم فإن الخوف من الإسلام أو الإسلاموفوبيا ربما يكون أغرب كراهية في العالم، وإلا فكيف يمكننا أن نفهم استخدام أقصى اليمين وباء عالميا أصاب ملايين الناس في كافة الدول والأقاليم على وجه الأرض كسلاح لمهاجمة الإسلام والمسلمين؟

بهذا السؤال استهل الإعلامي البريطاني مهدي حسن مقالا له في صحيفة إنترسبت تحت عنوان "فيروس كورونا مكن المعادين للإسلام ولكنه فضح غباء الإسلاموفوبيا" سلط خلاله الضوء على استغلال انتشار فيروس كورونا من قبل جماعات يمينية معادية للاسلام في الهند وبريطانيا والولايات المتحدة الأميركية لمهاجمة المسلمين وبث مشاعر الكراهية ضد الإسلام وأتباعه.

"جهاد كورونا"
ووفقا لمهدي حسن، فإن أنصار حكومة حزب بهاراتيا جاناتا اليميني المتطرف في الهند يطلقون على فيروس كورونا المستجد اسم "كورونا الجهاد"، ويزعمون أن الوباء ليس سوى مؤامرة من قبل المسلمين لإصابة وتسميم الهندوس.

كما ألقت الحكومة الهندية اللوم في تفشي الوباء بالهند على تجمع عقدته جماعة الدعوة والتبليغ الإسلامية المحافظة في نيودلهي، ووصف أحد أعضاء حزب بهاراتيا جاناتا الحاكم التجمع بأنه "جريمة طالبانية".

وترتب على ذلك ضرر كبير لمسلمي الهند وفقا للكاتب، حيث أشارت صحيفة غارديان البريطانية إلى أن "محلات المسلمين تشهد الآن مقاطعة (من قبل الهندوس) في جميع أنحاء الهند، كما أطلقوا على المتطوعين المسلمين الذين يوزعون معونات غذائية اسم "إرهابيي فيروس كورونا "، فيما اتهم مسلمون آخرون بالبصق في الطعام وتلويث إمدادات المياه بالفيروس.

وبحسب الكاتب، لم تقتصر تلك المزاعم التي تحمل المسلمين مسؤولية تفشي الفيروس على السياسيين القوميين الهندوس والغوغاء، إنما شاركت فيها وسائل إعلام مشهورة في البلاد، حيث نشرت صحيفة "ذي هيندو" ذات الميول اليسارية رسما كاريكاتوريا يظهر العالم رهينة لفيروس كورونا الذي يصوره وهو يرتدي ملابس مرتبطة بالمسلمين.

وقد علقت الصحفية الاستقصائية رنا أيوب في مقال لها بصحيفة واشنطن بوست بأنه "بين عشية وضحاها أصبح المسلمون الجاني الوحيد المسؤول عن تفشي وباء كورونا في الهند".


حرق مسجد وسقوط قتلى.. أعمال عنف بين مسلمين وهندوس في الهند (الجزيرة)
حرق مسجد وسقوط قتلى.. أعمال عنف بين مسلمين وهندوس في الهند (الجزيرة)

الإعلام واليمين المتطرف
وأشار الكاتب إلى أن صحيفة غارديان ذكرت في تقرير حديث لها أن شرطة مكافحة الإرهاب في المملكة المتحدة تحقق في قضية جماعات يمينية متطرفة متهمة بمحاولة استخدام أزمة فيروس كورونا لإذكاء مشاعر العداء ضد المسلمين.

كما رصدت منظمة "تيل ماما" المعنية برصد جرائم الكراهية ضد المسلمين في بريطانيا العديد من حالات التحرش والمضايقة التي تعرض لها مسلمو بريطانيا خلال الأسابيع الأخيرة.

وأوضح الكاتب أن استغلال تفشي وباء كورونا لإشعال مشاعر الكراهية ضد المسلمين لم يقتصر على الشخصيات اليمينية المتطرفة في الغرب، وإنما شاركت فيه وسائل إعلام معروفة تماما كما حدث في الهند.

وقدم الكاتب أمثلة على إساءة بعض وسائل الإعلام المشهورة للإسلام، ومحاولة ربطه بتفشي وباء كورونا، من ضمنها تغريدة لصحيفة إيكونوميست في 23 مارس/آذار الماضي تروج لتقرير عن جزر المالديف تقول إن "انتشار كوفيد-19 كان متوقعا، ولكن انتشار الإسلام الراديكالي كان مفاجئا"، ورغم أن الصحيفة قد حذفت التغريدة فإنها لم تحذف التقرير.

كما أورد تغريدة للمؤلف ومذيع الراديو الأميركي الشهير نيل بورتز مخاطبا فيها متابعيه في تويتر الذين يزيد عددهم على 200 ألف شخص "هل تعتقد أن فيروس كورونا سيئ؟ انتظر حتى يكون المسلمون أكثرية في أميركا، سنترحم على هذه الأوقات حينها".

مفارقة غريبة
لكن المفارقة الكبرى -يقول الكاتب- هي أنه في الوقت الذي يحاول فيه المتعصبون المناوئون للإسلام استخدام كورونا لتشويه صورة المسلمين وشيطنتهم فإن الوباء يفضح سخافة التعصب المعادي للمسلمين.

فقد أصدرت فرنسا والنمسا قانونا بحظر النقاب عامي 2011 و2017 على التوالي كوسيلة لاستهداف وتجريم ارتداء الحجاب الإسلامي، ولكننا نرى الأكاديمية الوطنية الفرنسية للطب تدعو اليوم إلى إصدار قرار يلزم الناس بلبس الأقنعة عندما يغادرون منازلهم خلال الإغلاق كإجراء احترازي للحد من تفشي الوباء، فيما جعلت الحكومة النمساوية ارتداء أقنعة الوجه إلزاميا لأي شخص يدخل إلى سوبر ماركت أو بقالة.

كما أشار إلى أن حكومة الدانمارك وقعت في حرج، حيث كانت قد أصدرت قرارا في عام 2018 يلزم المواطنين الجدد بالمصافحة خلال مراسم نيل الجنسية الدانماركية، وهي خطوة اعتبرتها صحيفة نيويورك تايمز في ذلك الوقت "استهدافا للمسلمين الذين يرفضون مصافحة الجنس الآخر لأسباب دينية".

وفي ظل الإجراءات الاحترازية التي تمنع المصافحة خوفا من انتقال العدوى لم تلغ تلك المصافحة الإلزامية، وإنما "طلبت الحكومة الدانماركية من رؤساء البلديات تعليق مراسم نيل الجنسية، وعدم إسقاط شرط المصافحة للراغبين في الحصول على جنسيتها" وفقا لصحيفة تايمز.

وختم مهدي حسن مقاله بأن العالم قد يتغلب على فيروس كورونا خلال الأشهر المقبلة لكنه سيحتاج وقتا أطول بكثير للتغلب على مرض الإسلاموفوبيا.

المصدر : إنترسبت
قراءة 994 مرة