حمزة أبو شنب
يعمد العدوّ إلى تكثيف هجماته الإعلامية على المقاومة وقياداتها، في محاولة منه للتغطية على فقدانه سياسة الردع، وفشله في وقف نمو المقاومة العسكري والاستخباري.
لا تتوقّف عملية التّحريض على المقاومة في قطاع غزة منذ نشأتها، فقد عمد العدو الصهيوني إلى تشويه العمل الفدائي الفلسطيني والسعي إلى نبذه مجتمعياً. وفي كل مراحل النضال والمقاومة، اعتمد على بثّ الإشاعات وترويجها، في إطار حربه الدعائية والنفسية على كل مكونات المقاومة ومحيطها. ولم يتوقف ذلك على الدعاية والإعلام فحسب، بل كان يستخدم مختلف أنواع التنكيل في العائلات، ويمارس العقاب الجماعي، كي يظهر أن المقاومة هي المسبّب الرئيس للحصار والدمار.
ومع تطوّر أدوات الحرب النفسية، واكبت الأجهزة الأمنية والاستخبارية الصهيونية الثورة المعلوماتية والتكنولوجيا، وسخَّرتها في العمل ضد المقاومة وحاضنتها الشعبية، بوصفها بالإرهاب والعنف والاعتداء على الأبرياء، وفي الوقت نفسه الترويج لنفسها في العالم العربي والإسلامي بأنها "دولة" الحضارة وواحة الديموقراطية، في محاولة لتحسين صورتها في الذهنية العربية والإسلامية.
وفي ظلِّ تصاعد قوى المقاومة في المنطقة، ورأس حربتها المقاومة الفلسطينية بقيادة حركة حماس، وذراعها العسكرية كتائب القسام، يكثّف العدوّ هجماته الإعلامية على المقاومة وقياداتها، في محاولة منه للتغطية على فقدانه سياسة الردع، وفشله في وقف نموها العسكري والاستخباري، فيمارس عملية التّضليل ونشر الأخبار الكاذبة عبر عشرات الصفحات من خلال منصّات التواصل الاجتماعي.
لم تتوقَّف ماكينة الاستهداف عبر التضليل والكذب، بل نشر جهاز الشاباك الإسرائيلي والاستخبارات العسكرية العديد من الصفحات لضباط مخابرات، بهدف جمع أكبر قدر ممكن من المعلومات عن تحضيرات المقاومة الفلسطينية، والعمل على تجنيد متعاونين للعمل لصالحه، عبر الابتزاز بالمال أو العلاج أو السفر، أو إثارة النعرات القبلية في المجتمع الفلسطيني أيضاً.
ومع كلِّ ضربة أمنية تحقّقها المقاومة الفلسطينية وأجهزتها الاستخبارية، عبر كشف مخططات العدو التخريبية، أو استهداف مقدراته العسكرية بالعمل الاستخباري، فإنه يكثف أدواته الدعائية ضد المقاومة الفلسطينية، وكان آخرها العمل على الاغتيال المعنوي لكوادر فلسطينية مقاتلة، بنشر قصص مفبركة وملفقة لتشويه صورتها أمام الحالة الشعبية. وقد استهدف خلال الأيام الماضية العديد من الكوادر التي تحظى بسمعة مميزة وتعدّ صاحبة باع في العمل المقاوم.
قبل أيام، أعلنت الأجهزة الأمنية الحكومية، بالتعاون مع استخبارات المقاومة وأمنها، عن اكتشاف خلية متعاونة مع العدو الصهيوني، مكلّفة باستهداف مقدرات المقاومة وتنفيذ أعمال، بهدف زعزعة حالة الاستقرار الأمني في قطاع غزة، كما كشفت مخطَّطاته المستقبلية في القطاع، وضبطت العديد من المعدات، ما مكّن المقاومة من فهم سلوك العدو في العمل الأمني ضد غزة، وألحق هزيمة جديدة بمشروعه الأمني في القطاع.
أمام إنجاز المقاومة، شنَّ الإعلام الموجّه ضد المقاومة الفلسطينية حرباً إعلامية بصورة شرسة، لغرض نزع ثقة الشعب الفلسطيني الحاضن لها، من خلال التضخيم المعلوماتي وتهويل حجم اختراق العدو لصفوفها، في محاولة منه للتغطية على فشله في حماية عملائه من الاعتقال والملاحقة، بعد أن كان يعدهم بالأمن والأمان والقدرة على توفير حياة رغيدة لهم.
لا ينكر أحد في ظلِّ الحرب الضروس التي تشنّها المنظومة الأمنية والاستخبارية للعدو ضد المقاومة، أنه لا ينجح في إحداث اختراق في صفوف المقاتلين، أو يحرض بعضهم على الهرب مقابل تقديم دعم مالي، ولكن، ومن خلال التجربة الطويلة للمقاومة الفلسطينية، فشل العدو فشلاً ذريعاً في إحداث اختراقات نوعية في صفوف قيادات المقاومة.
ومع كلِّ جولة من الجولات المفتوحة للمقاومة، يؤخذ على مقدّري الموقف الصهاينة الإخفاق في كشف نيات المقاومة وسلوكها في المواجهة، وهذا ما جزم به تقرير اللجنة التي شكَّلها العدو بعد عدوان 2014 على قطاع غزة، والتي أقرّت بالفشل في العديد من المواضع الاستخبارية، بدايةً بتقدير النيات، وليس انتهاءً بقدرة المقاومة على الصمود طوال 50 يوماً، ولا بإمكانياتها القتالية في المواجهة.
صراع الأدمغة متواصل بين المقاومة الفلسطينيّة والعدوّ الصهيونيّ بكلّ أجهزته ومن يسانده معلوماتياً من المخابرات المتعاونة معه. نعم، نجح العدو في تجنيد عناصر من صفوف المقاومة أو تحريض بعضها على الهرب - وهي للعلم أعداد لا تتجاوز أصابع اليد الواحدة - إلا أنه لم ينجح في حمايتها من يد المقاومة، فالصّراع طويل. ورغم كلّ إمكانياته، فإنّ الغلبة ما زالت للشعب الفلسطيني الرافض للاحتلال، ومقاومته التي تحقّق نجاحات كلّ يوم.
المصدر: المیادین