مجلس الشيوخ المصري.. إضافة ديمقراطية أم مزيد من العسكرة؟

قيم هذا المقال
(0 صوت)
مجلس الشيوخ المصري.. إضافة ديمقراطية أم مزيد من العسكرة؟

مؤتمر للحركة المدنية الديمقراطية المصرية المعارضة (مواقع التواصل)

 

محمود سامي - القاهرة

 

تشهد مصر في الفترة من 9 إلى 12 أغسطس/آب المقبل انتخابات مجلس الشيوخ (الغرفة الثانية للبرلمان)، وسط أجواء مشحونة بالجدل بين من يراه إضافة للحياة البرلمانية ومن يعتبره غرفة ثانية لـ"عسكرة الدولة"، بعد أداء سيئ اتصف به مجلس النواب (الغرفة الأولى) خلال السنوات الخمس الماضية.

وجاءت عودة الغرفة الثانية ضمن حزمة تعديلات دستورية العام الماضي، شهدت انتقادات محلية ودولية واسعة، تسمح للرئيس الحالي عبد الفتاح السيسي الذي تولى الحكم عام 2014 بالبقاء رئيسا حتى عام 2030، بالإضافة إلى ذلك توسيع صلاحياته ونفوذ الجيش في الحياة السياسية.

وأثيرت تساؤلات حول سر الهرولة نحو إجراء الانتخابات في ظل كلفتها المادية والصحية في ظل تفشي وباء فيروس كورونا، وبالتزامن مع قضايا إقليمية شائكة على غرار سد النهضة الإثيوبي، علاوة على تسارع وتيرة الحرب بعد موافقة برلمانية على قيام الجيش بمهام قتالية خارج الحدود، وذلك في سياق الدعوة لتدخل عسكري في ليبيا.

ومن المقرر أن يُشكل مجلس الشيوخ من 300 عضو، ينتخب ثلثا أعضائه بنظامي القائمة والفردي، في حين يعيّن رئيس الجمهورية الثلث الباقي، على أن تكون مدة عضويته 5 سنوات.

باب خلفي للفساد

رغم تأكيد السلطات أن عودة الغرفة الثانية للبرلمان تعد خطوة جديدة نحو "ترسيخ مسيرة الديمقراطية ومبدأ السيادة للشعب"، فإن ذلك تعارض مع أسباب إلغائه قبل نحو 7 سنوات.

فالبعودة إلى أواخر 2013، فإن غالبية أصوات لجنة الخمسين التي كانت معنية بكتابة الدستور الحالي، اتفقت على أن أبرز أسباب إلغاء "الشورى" اعتباره بابًا خلفيا للفساد ووسيلة يستخدمها النظام الحاكم لتقديم ترضيات سياسية للموالين.

وفي هذا الصدد، شدّد وكيل لجنة الأمن القومي بمجلس الشورى السابق ثروت نافع على أن وجود غرفة أخرى للبرلمان الآن يعد "تكلفة على عاتق المواطن المصري البسيط لا فائدة ولا طائل منها".

وفي حديث للجزيرة نت، أوضح نافع أنه "لو كانت الغرفة الأولى قد أدت واجبها تجاه المواطن ومتطلباته، بدءا من اتفاقية التنازل عن جزيرتي تيران وصنافير للسعودية، أو المطالبة بعرض اتفاقية المبادئ الخاصة بسد النهضة، لكان هناك أمل في غرفة أخرى".

اعلان

وأضاف أن "الجميع يعلم ومن داخل النظام نفسه أن الغرفة الأولى تم بناؤها من داخل أروقة المخابرات، وبالتالي هي لا تعبر عن الشعب، بل عن النظام".

وبحسب نافع فإنه "من المتوقع أن تكون الغرفة الثانية أيضا معبرة عن السلطة التنفيذية كما الغرفة الأولى"، مضيفا "لا أجد مبررا في هذه التكاليف في إنشاء مجرد غرفة تأتمر بأوامر السلطة التنفيذية، خاصة لدولة تعاني من الفقر الشديد والحالة الاقتصادية المتدنية سواء كان في الخدمات الأساسية كالصحة والتعليم" أو في غيرها.

أما عن وجود معارضة في البرلمان بغرفتيه، فقد اعتبرها نافع "شكلية ومجرد صورة لتكوين فكرة وجود نظام سياسي متكامل"، مؤكدا أن "الحياة السياسية يجب أن تكون ممارسة وليس مجرد شكل".

سكتة رقابية

بدوره، قال السياسي المصري المعارض أيمن نور إنه ليس ضد فكرة البرلمان ذي الغرفتين، مشيرا إلى أن ذلك يقتضي بداية أن يكون هناك برلمان، وأن تكون هناك غرفة أولى لديها صلاحيات، وأن هناك صلاحيات إضافية يمكن توزيعها على الغرفة الثانية.

وفي حديث للجزيرة نت، أوضح نور أن "ما حدث في السنوات الماضية هو أن البرلمان توفي بالسكتة الرقابية، وبالتالي لم تعد هناك صلاحيات لأي من غرفتيه غير البصم على القوانين التي تحيلها السلطة التنفيذية".

وأشار إلى أن مصر لم تشهد استجوابا واحدا خلال الفصل التشريعي الكامل وعمره 5 سنوات، إلا استجوابا ضعيفا خاصا بوزيرة الصحة، نوقش هذا العام على سبيل كسر فكرة عدم وجود استجوابات.

ولفت البرلماني السابق إلى أن البرلمان المصري خلال الفترة من 1995 حتى عام 2005 كان يناقش قرابة 30 و40 استجوابا في السنة الواحدة وليس في 5 سنوات، مؤكدًا "وبالتالي نحن حاليًا أمام تعطل للحياة البرلمانية".

وعن مجلس الشيوخ المرتقب تشكيله، قال نور "نحن نضيف غرفة جديدة متعطلة على سبيل شراء الولاءات وتوسيع دائرة المستفيدين".

وأضاف المرشح الرئاسي الأسبق "المهزلة والاستهتار والخلل في الأولويات مستمر في إطار توقيت هذه الانتخابات، وتكلفتها في وضع لا تحتمله البلاد سواء ماديًا أو صحيًا، من خلال مشاركة ملايين البشر في عملية تستمر لساعات قليلة تؤدي لمزيد من تفشي كورونا".

أما عن مشاركة الأحزاب المدنية رمزيًا من خلال قائمة حزب مستقبل وطن (الموالي للنظام)، قال نور إنها "فضيحة أخلاقية".

وتابع مستنكرا قبول اليساري المصري فريد زهران، رئيس الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي، دخول المنافسة الانتخابية رغم وجود أحد رموز حزبه رهن الاعتقال بتهمة المشاركة في إقامة عمل انتخابي، في إشارة إلى النائب البرلماني السابق زياد العليمي.

كما استنكر نور قبول الحزب اليساري أن يكون جزءا من قائمة حزب مستقبل وطن، قائلا "أليس هذا اعترافا بإلغاء التنوع والحياة الحزبية والعودة إلى فكرة الحزب الواحد الذي يضم مؤيدين ومعارضين؟".

وأضاف "نحن أمام ظاهرة خطيرة وقبول بما لا ينبغي القبول به من قوى وأحزاب مدنية ما كانت لتقبل بأفضل بكثير من هذا في مراحل سابقة".

ترويض المعارضة

وبينما تزعمت أحزاب "الحركة المدنية" في الداخل، المعارضة قبل الانقلاب العسكري بدعوى التمسك بمكتسبات ثورة 25 يناير/كانون الثاني 2011، إلا أن بعضها رضي بالمشاركة في انتخابات "الشيوخ" والاكتفاء بالمنافسة على مقاعد محدودة تحت قائمة حزب مستقبل وطن.

وشهدت الحركة انقسامات خلال الأيام الماضية بشأن المشاركة الانتخابية بين من يرى مجلس الشيوخ جزءا من التعديلات الدستورية التي رفضتها الحركة، وتعزيزا للهيمنة التعددية، في مقابل دعوة آخرين لتدشين قائمة موحدة تواجه الموالاة.

فقد أعلنت أحزاب وشخصيات داخل الحركة المدنية أنها ستقاطع انتخابات مجلس الشيوخ. ففي بيان مشترك، أكد الموقعون أن المناخ المحيط بهذه الانتخابات بعيد عن أن يكون المناخ الصحيح لإجراء انتخابات حرة ونزيهة، خاصة مع الأعداد الكبيرة من المواطنين في السجون بلا محاكمة أو حتى تحقيق، ومع القيود المفروضة على كل أدوات الإعلام التقليدي والجديد، وعلى حريات التنظيم والتجمع السلمي.

ووقعت على البيان أحزاب: الدستور، والكرامة، والتحالف الشعبي، والعيش والحرية، بالإضافة إلى شخصيات عامة أبرزهم: حمدين صباحي وجورج إسحاق وعبد الجليل مصطفى ومصطفى كامل السيد.

في حين اعتبرت أحزاب المصري الديمقراطي، والإصلاح والتنمية، والعدل، أن المشاركة في "القائمة الموحدة" مع مستقبل وطن انتخابية وليست سياسية، إذ لم يكن الوقت متاحا لطرح آخر، وفق تقارير محلية.

 

 

المصدر : الجزيرة

قراءة 991 مرة