الانتخابات المبكرة في العراق.. الضرورات والعقبات
مواضيع ذات صلة
مفوضية حقوق الإنسان بالعراق تعلن استعدادها لإجراء الانتخابات في موعدها المحدد
الوقت- أعلن رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي في خطاب متلفز في 31 يوليو 2020، أنه ستجري انتخابات برلمانية مبكرة في 6 يونيو 2021. ولاقى هذا الإعلان على الصعيد الأول، ترحيب القوى والشخصيات السياسية العراقية، وخاصة السيد عمار الحكيم، زعيم تيار الحكمة الوطني العراقي. كما أثنت الأحزاب السياسية الأخرى على قرار الكاظمي ووصفوا القرار أنه ضمن إطار الوفاء بأهم التزام قطعه الكاظمي للنهوض بالحكومة.
لكن بعد خطاب رئيس مجلس الوزراء، دعا رئيس مجلس النواب العراقي محمد الحلبوسي إلى عقد جلسة استثنائية للبرلمان في 1 أغسطس 2020، بحضور رئيس الجمهورية برهم صالح ومصطفى الكاظمي لدراسة إجراء الانتخابات المبكرة. يبدو أن الحلبوسي ينوي إجراء الانتخابات قبل الموعد الذي أعلنه السيد الكاظمي. ومع كل هذا، فإن السؤال الذي يطرح نفسه الآن هو ما أهمية إجراء انتخابات مبكرة في العراق خلال العام المقبل، وهل هناك أي أجواء مساعدة لإجراء هذه الانتخابات؟
الانتخابات المبكرة، ضرورة لرئيس الوزراء الجديد والانتقال من الأزمة
سرعان ما شكلت احتجاجات الشارع العراقي، التي انطلقت شرارتها في ساحة التحرير ببغداد في 1 أكتوبر 2019 ، نقطة تحول في التاريخ السياسي العراقي بعد عام 2003. حتى استقالة عادل عبد المهدي من منصب رئاسة الوزراء لم تستطع إنهاء الاحتجاجات وإيقافها. وتطورت تدريجيا الأوضاع حيث إن المرشحين لمنصب رئاسة الوزراء خلفا لعادل عبد المهدي، وضعوا الاستجابة لمطالب المتظاهرين على رأس اولياتهم في حال تكليفهم بتشكيل الحكومة. وتصدرت المطالبة بضرورة إجراء انتخابات برلمانية جديدة أهم مطلب من مطالب المتظاهرين.
كما أن هذا المطلب كان ايضا على رأس جدول أعمال مصطفى الكاظمي، وكانت إحدى الوعود التي قطعها الكاظمي أثناء تشكيله الحكومة هو أنه سيجري انتخابات مبكرة. وبعبارة أخرى، يمكن عد مصطفى الكاظمي رئيسا لمجس وزراء حكومة انتقالية، أي رئيسا للحكومة حتى إجراء الانتخابات البرلمانية الجديدة.
لذلك، يمكن اعتبار قرار رئيس الوزراء العراقي ضرورة سياسية للتغلب على الأزمة والاستجابة لمطالب المتظاهرين. والحقيقة هي أن تفشي فيروس كورونا في الأشهر الأخيرة كان له تأثير عميق على تهميش الاحتجاجات، ولولا هذا الوباء، لكان من المحتمل أن تكون شوارع بعض المدن في جنوب ووسط العراق غارقة بالمتظاهرين.
الصعوبات القانونية والشروط المسبقة للانتخابات
على الرغم من ضرورة الوفاء بالوعد وتلبية مطالب المتظاهرين في إجراء انتخابات مبكرة، يمكن التطرق الى عقبتين أو ثلاث أمام إجراء الانتخابات. مما لا شك فيه أن العقبة الأولى أمام إجراء الانتخابات المبكرة هي العقبة القانونية. وبحسب الدستور العراقي، من الضروري حل البرلمان الحالي أولاً من أجل إجراء انتخابات جديدة، ولكن هذا الأمر لا يمكن أن يحدث إلا بطريقتين.
أحدهما أنه طبقًا للمادة 64 من الدستور العراقي، يُحل البرلمان الحالي بأغلبية ثلثي أعضاء مجلس النواب العراقي، أي ثلثي الـ329 نائب. والطريقة الثانية لحل البرلمان قانونيًا، يتم بناءً على طلب رئيس مجلس الوزراء وبموافقة رئيس الجمهورية، اذ يجب على رئيس الوزراء أن يدعو بعد ذلك إلى إجراء انتخابات عامة جديدة في غضون 60 يومًا من حل البرلمان.
فيما يتعلق بالخيار الأول، يمكن القول إن احتمال حل البرلمان من خلال تصويت ثلثي النواب أمر غير مرجح إلى حد كبير ؛ لأن بعض الأحزاب والكتل السياسية، وخاصة الكردية والسنية، تريد إبقاء البرلمان الحالي حتى نهاية المهلة القانونية، أي حتى عام 2022. لذلك، من غير المرجح أن يصوت ثلثا نواب البرلمان لمصلحة حل البرلمان. في حين أن الخيار الثاني قانوني ومحتمل أكثر من سابقه. ومن الممكن أن يطالب مصطفى الكاظمي في الأشهر المقبلة، من الرئيس برهم أحمد صالح حل البرلمان الحالي وإجراء انتخابات برلمانية جديدة في غضون شهرين.
هل المفوضية العليا المستقلة جاهزة للانتخابات المبكرة؟
في نفس الوقت الذي تم فيه الإعلان عن إجراء انتخابات برلمانية مبكرة، فإن مسألة استعداد المفوضية العليا المستقلة للانتخابات، بالإضافة الى استعداد مجلس النواب ومجلس الوزراء، ذات أهمية قصوى. وكانت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات قد طالبت في جميع الانتخابات السابقة، فترة تتراوح من ستة أشهر الى سنة واحدة للتحضير للانتخابات. وفي ظل الظروف الحالية التي يمر بها العراق، وبالنظر إلى الأزمة المالية الحالية والفترة القصيرة لمفوضية الانتخابات، يبدو من غير المرجح أن ينجح أعضاء المفوضية الانتخابية في إجراء انتخابات صعبة بهذه السهولة، خاصة في الفترة التي تشهد تفشي فيروس كورونا.
التعقيد في الموافقة على الانتخابات من قبل المحكمة الاتحادية العليا
العقبة الأخرى أمام إجراء الانتخابات المبكرة هي الخلاف بين مجلس القضاء الأعلى والمحكمة الاتحادية العليا العراقية. ففي أواخر كانون الثاني / يناير 2019 ، أمر مجلس القضاء الأعلى العراقي جميع المحاكم بالامتناع عن مراجعة أحكام المحكمة الاتحادية ، المسؤولة في المقام الأول عن تأكيد نتائج الانتخابات. وتستند القضية إلى حقيقة أن المحكمة الفيدرالية اتهمت بتعيين قضاة جدد خارج الإطار القانوني.
ومع ذلك، فالحديث الذي يدور الأن في الأوساط السياسية العراقية هو أن إجراء أي انتخابات يتطلب موافقة المحكمة الاتحادية العراقية على نتائجها، ولكن الآن بعد أن شكك مجلس القضاء الأعلى في مصداقية المحكمة الإتحادية، فإن ذلك يعيق عملية موافقتها على نتائج الإنتخابات. وفي مثل هذه الحالة، ليس من الواضح ما إذا كان سيتم حل هذه المشكلة القانونية في أقل من عام