أجرت الفصائل الفلسطينية المسلحة يوم أمس "الثلاثاء" مناورات عسكرية حملت اسم "الركن الشديد"، هي الأولى من نوعها قطاع "غزة" المحاصر، واستخدمت في هذه المناورات الذخيرة الحية، وتزامنت هذه المناورات مع الذكرى السنوية للعدوان الإسرائيلي على القطاع في 2008، وقالت الفصائل إن المناورات التي تشمل تدريبات برية وساحلية، تمثل اختباراً لمدى استعدادها لأي مواجهة مقبلة مع إسرائيل.
الفصائل الفلسطينية المشاركة
شاركت جميع الفصائل الفلسطينية المسلحة في هذه المناورة، وجميعها انضوت تحت لواء الغرفة المشتركة لفصائل المقاومة، وتخللها اشتراك مقاتلين من كافة الأجنحة المسلحة، في عروض عسكرية، وبينت لقطات مصورة وزعتها غرفة العمليات المشتركة للمقاومة، تنفيذ المسلحين مناورات اقتحام مبان، وإطلاق نار، كما شملت إطلاق العديد من الصواريخ التجريبية التي تصنعها الفصائل، والتي يصل مداها إلى مدن مثل تل أبيب، كما شهدت شوارع القطاع انتشارا للنشطاء المسلحين، وقد وضع كل منهم إشارة تظهر الجهة التي ينتمي إليها، كما حلقت في سماء غزة طائرات مسيرة (بدون طيار)، التي يملكها الجناح العسكري لحركة حماس، ومن بينها طائرات هجومية.
وشهدت المناورات التي يشارك فيها 14 فصيلًا في مقدمتهم مقاتلون من الأجنحة العسكرية لحماس، والجهاد الإسلامي، ولجان المقاومة الشعبية وفصائل مسلحة أصغر حجما، إطلاق 8 صواريخ في البحر المتوسط، قبالة قطاع غزة.
وخلال التدريبات وضعت صورة ضخمة على الطريق الساحلي الرئيسي بغزة، لقائد فيلق القدس فى الحرس الثوري الإيراني، الشهيد قاسم سليماني، الذي طالته يد الغدر في هجوم أمريكي في العراق في يناير الماضي، وهذه الصورة كانت رسالة واضحة للاسرائيلي والأمريكي وأذنابهم في المنطقة، وهي عربون وفاء وولاء لمن قدم روحه فدائاً للمقاومة والدفاع عن الحق والحرية، ولا ننسى أن الشهيد سليماني كان الداعم الأول لفصائل المقاومة الفلسطينية، وفي المقابلة الأخيرة له كشف الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله لقناة الميادين عن دور الشهيد قاسم سليماني في إيصال صواريخ الكورنيت إلى غزة ودعمه المقاومة العراقية ضد الاحتلال الأميركي ودوره ووجوده في الضاحية الجنوبية لبيروت أثناء حرب تموز.
المناورات الفلسطينية استمرت لساعات وتم إطلاق صواريخ تزامنت مع تنفيذ تدريبات تحاكي تصدي وحدات الفصائل الفلسطينية لعمليات تسلل بري تجريها قوات الاحتلال الإسرائيلي، بالإضافة إلى تدريبات نفذتها عناصر الضفادع البشرية بالذخيرة الحية، حاكت خلالها التصدي لقوات البحرية الإسرائيلية. وترافقت مناورة "الركن الشديد" مع انتشار واضح لعناصر من عدة وحدات قتالية في مختلف المناطق في غزة، بالإضافة إلى الطائرات المسيرة، والتي لم تغب هي الأخرى عن المناورة الكبرى، إذ كانت حاضرة منذ اللحظة الأولى لإعلان انطلاقها.
وتزامن تنفيذ المناورة مع زخم إعلامي غير مسبوق من قبل وسائل الإعلام، خصوصاً التابعة للفصائل، والتأكيد على أهميتها، وأنها تحمل رسائل ذات دلالات سياسية للاحتلال والمحيط، في ظل موجة التطبيع الحاصلة واستمرار حصار غزة.
وذكرت تقارير عبرية أن جيش الاحتلال الإسرائيلي رفع حالة التأهب بالتزامن مع انطلاق مناورات "الركن الشديد"، وأوضحت أن معظم حالة التأهب "استخبارية" للوقوف على ما يدور.
الرسائل والدلالات
أولاً: المناورات حملت رسائل سياسية وعسكرية للاحتلال الاسرائيلي، وأكدت له أن الفصائل الفلسطينية تشترك في نهج واحد، ألا وهو مواجهة الاحتلال، وأن الفصائل الفلسطينية على جهوزية تامة لأي مغامرة شيطانية اسرائيلية جديدة تحاول من خلالها مهاجمة قطاع غزة المحاصر.
ثانياً: أكدت هذه المناورات ان الفصائل الفلسطينية متمسكة بحمل السلاح والدفاع عن أرضها حتى تحريرها وردع العدوان ورفع الظلم، وأن معادلة الردع ستبقى على ما هي عليه، والمناورة تحذير واضح بأن المقاومة سترد على اي هجوم محتمل بقوة، وستصل صواريخها الى تل ابيب.
ثالثاً: هذه المناورة تساهم في رفع الجهوزية وتوحيد صفوف المقاومة وتعطي المقاومين ثقة أكبر من أي وقت مضى، وترفع الروح المعنوية لديهم.
رابعاً: تشير المناورة إلى تطور واضح في عمل الغرفة المشتركة التي تأسست قبل قرابة عامين، ومحاولة لمأسسة العمل فيها، عبر التدريب المشترك بين عناصر الأذرع العسكرية المختلفة، وزيادة العمل المشترك، عسكرياً واستخباراتياً، بما يخدم المقاومة. ولاشك بأن هناك قلق إسرائيلي واضح من مشاركة 12 فصيلاً عسكرياً، على رأسها "سرايا القدس" الذراع العسكرية لـ"الجهاد"، و"كتائب القسام" الذراع العسكرية لـ"حماس"، في مناورة مشتركة.
خامساً: الرسالة الاكبر هي للمطبعين العرب، خصوصاً في ظل موجة التطبيع الحاصلة مع إسرائيل، وهي تحاول، عبر المشاركة الفصائلية الواسعة فيها، تأكيد تمسك المقاومة بسلاحها ورفض كل التهديدات والإغراءات.
على الاسرائيلي أن يكون حذرا في اي معركة قادمة، لأن المقاومة تزداد قوتها يوما بعد يوم، والتطبيع الذي تجريه اسرائيل مع بعض الدول العربية، لن يحدث فرق كبير في معادلة الصراع، بل على العكس سيزيد من قوة المقاومة التي ادركت اليوم العدو من الصديق بعد سقوط الاقنعة، ولطالما كانت الدول المطبعة تهاجم الفلسطينيين، عوضا عن دعمهم، لذلك لن يغير التطبيع أي شيء، وتريد فصائل المقاومة من وراء هذه المناورة الضخمة، والأولى من نوعها، أن تكون مستعدة لأي طارئ في الميدان، وأن يسهل التعاون المشترك في التدريبات العمل الحقيقي على الأرض، في حال وقعت أي مواجهة عسكرية، خاصة وأن قادة عسكريين في دولة الاحتلال يهددون باستمرار بشن عمليات عسكرية ضد القطاع. وتحمل المناورة أيضا رسائل تؤكد خلالها المقاومة أنها حاضرة وبقوة وجاهزة لصد أي عدوان إسرائيلي، وقادرة أن تقصف بالصواريخ أي مكان في إسرائيل، في حال قرر قادة إسرائيل تغيير قواعد الاشتباك.
المصدر:الوقت