ان المجموعة البحرية الخامسة والسبعين التابعة لجيش الجمهورية الإسلامية الايرانية قد عادت مؤخراً من مهمتها التي بدأت من الساحل الجنوبي لإيران. حيث أبحر الأسطول عبر القارة الأفريقية ووصل إلى ميناء سانت بطرسبرغ في خليج فنلندا عبر المحيط الأطلسي وصولاً الى الشواطئ الشمالية لأوروبا.
وتأتي أهمية هذه المهمة رداً على المزاعم الغربية خاصة البنتاغون والتي قالت بأن ايران لن تستطيع بسفنها الوصول الى السواحل الامريكية والتي تبعد 22 الف كيلومتر عن ميناء بندر عباس عبر مضيق جبل طارق.
وفي دحض تام للمزاعم الامريكية بان السفن الايرانية لن تستطيع طي مسافة 22 الف كيلومتر دون الرسو في احد الموانئ، قطعت السفن الايرانية ضعفي ونصف المسافة المذكورة برحلة واحدة دون الارساء في أي ميناء وصولا لميناء سانت بطرسبرغ في خليج فنلندا خلال فترة لم تتجاوز 135 يوماً.
12 عاماً على وجود إيران في المياه المفتوحة
لقد مر أكثر من 12 عامًا منذ إرسال أول أسطول إيراني إلى المياه المفتوحة، وخلال هذه السنوات، رفع 75 أسطول عمليات بحرية لجيش الجمهورية الإسلامية العلم الإيراني لمحاربة القراصنة ولانجاز مهمات أخرى في المياه الدولية.
لطالما كانت منطقة خليج عدن والبحر الأحمر من أهم خطوط النقل لناقلات النفط وسفن الشحن الإيرانية، والتي واجهت العديد من المشاكل مع اتساع رقعة القرصنة، لذلك دخلت البحرية الإيرانية مرحلة العمل الميداني للتعامل مع هذه القضية. الأمر الذي دفع السفن الى الإبحار على بعد آلاف الأميال إلى شمال المحيط الهندي وخليج عدن والبحر الأحمر لحماية السفن الإيرانية وحتى الأجنبية من هجمات القراصنة.
ومما لا ريب فيه أن هذا الوجود القوي للبحرية الايرانية فاجأ وأدهش الدول القوية في هذا المجال، لأنها تعلم أن وجود السفن والأنظمة الإيرانية في المياه البعيدة، على الرغم من العقوبات العسكرية الشديدة، يدل على القدرة والقوة البحرية للجمهورية الإسلامية.
ومن ناحية أخرى، تجدر الإشارة إلى أن معظم القوات البحرية الأجنبية تعمل في خليج عدن تحت قيادة وحدة عسكرية أمريكية، وقليل من الدول فقط، مثل إيران وروسيا والصين، تعمل بشكل مستقل.
الأسطول 75 الرائد ذو أطول مدة ملاحة
مما لا شك فيه أن الأسطول البحري الخامس والسبعين للجيش يمكن أن يسمى الأسطول الأكثر أهمية بين الأساطيل الأخرى، وهو أسطول إيراني بالكامل يتكون من المدمرة سهند وسفينة الدعم مكران. وبمسافة تبلغ حوالي 30 ألف ميل (أكثر من 60 ألف كيلومتر)، كان هذا الأسطول قادرا على تحطيم الرقم القياسي لأطول مهمة بحرية.
بدأ الأسطول مهمته في منتصف شهر نيسان المنصرم للمشاركة في عرض عسكري بمناسبة ذكرى تأسيس البحرية الروسية في سانت بطرسبرغ. حيث عبرت كلاً من سهند ومكران القارة الأفريقية أولاً ودخلوا جنوب المحيط الأطلسي ثم شمال الأطلسي، وعبروا بحر البلطيق والقناة الإنجليزية وسواحل دول مثل ألمانيا والدنمارك وبريطانيا، ووصلوا إلى شواطئ سانت بطرسبرغ في روسيا.
إن الوجود المثالي للسفن الإيرانية في هذه المياه، والذي كان يحدث لأول مرة، جذب انتباه وسائل الإعلام العالمية وكان رسالة واضحة لأصدقاء وأعداء الجمهورية الإسلامية الايرانية والذي أظهر يد البحرية الايرانية القوية والطويلة التي تصل المياه البعيدة.
هذا وشاركت ثلاث دول أجنبية فقط في العرض في سانت بطرسبرغ، بما في ذلك إيران والهند وباكستان، حيث ان الهند وباكستان تربطهما علاقات عسكرية قوية جدا مع روسيا، وبالتالي فإن وجود إيران في هذا العرض يدل على مكانة طهران وأهمية علاقاتها البحرية مع روسيا.
جماران، سهند، مكران؛ أولى السفن الإيرانية في المياه المفتوحة
كانت مدمرتا جماران وسهند وسفينة الدعم مكران أولى السفن الإيرانية التي ظهرت في عرض البحر على شكل أساطيل عسكرية.
جماران هي أول مدمرة بنتها إيران، والتي انضمت إلى الأسطول البحري للجيش في 19 فبراير 2010 بحضور القيادة العليا للقوات المسلحة. حيث تزن هذه المدمرة 1400 طن بطول 94 متر وعرض 10 أمتار وسرعة 28 عقدة بحرية، وهي مجهزة بمجموعة متنوعة من أنظمة الصواريخ والمدفعية المتطورة. كما شاركت هذه المدمرة في 5 مهام للبحرية.
اما سهند فهي مدمرة بناها متخصصون ايرانيون من فئة موج، وهي أكثر تقدماً ومجهزة بأحدث المعدات نسبةً بجماران، وتمكنت من المشاركة في 4 مهام في وقت قصير، والأخيرة والأكثر أهمية منها كانت الملاحة الطويلة والتواجد على شواطئ سانت بطرسبرغ.
يبلغ طول سهند نحو 97 مترا ووزنها 1300 طن ويمكن أن تصل سرعتها إلى 25 عقدة ولديها أنظمة متطورة للصواريخ والمضادة للطائرات والغواصات والرادار.
أما بالنسبة لسفينة الدعم مكران، فإن لهذه السفينة القدرة على حمل 5 طائرات هليكوبتر و 6 زوارق سريعة وأنواع مختلفة من الطائرات بدون طيار، والتي زادت بشكل كبير من قدرة دعم أساطيل الحملات العسكرية في المياه المفتوحة.
يبلغ طول مكران نحو 228 مترا، ولها القدرة على الدوران حول الأرض ثلاث مرات دون توقف، كما أن مخازنها الضخمة تمكنها من دعم 5 مدمرات.
"بندر عباس" جندي البحرية الايرانية المتفاني
من بين سفن الإسناد القتالي (اللوجستية)، خصت السفينة الايرانية "بندر عباس" نفسها بـ20 مهمة وهي أكبر عدد من المهمات بين سفن البحرية الايرانية.
تم بناء هذه السفينة اللوجستية ذات 4670 طناً وبرقم 421 في ألمانيا عام 1972 وبعد فترة وجيزة تم تسليمها للبحرية الإيرانية، طولها 108 أمتار وعرضها 16.6 مترا وسرعتها 37 كيلومترا في الساعة مع القدرة على حمل 3786 طنًا في الوضع القياسي و 4673 طنًا في وضع التحميل الكامل.
بندر عباس، بالإضافة إلى خزانات الوقود والمياه الكبيرة ومخازن لنقل البضائع والذخائر والمواد الغذائية وقطع الغيار، لديها أيضا مهبطاً للطائرات المروحية، وهي ميزة مهمة للرحلات البحرية ويمكن أن تحمل مروحيات من طراز AB212. كما تحتوي على 3 مقابض مدفعية 20 م. ومدفع فردي ورشاشان عيار 12.7.
الأسطول 12 أول ظهور للقوات البحرية الايرانية في الأبيض المتوسط
ان أول سفينة حربية للجمهورية الإسلامية الايرانية دخلت البحر الأبيض المتوسط كانت المدمرة "الوند". حيث دخل الأسطول المكون من الوند وسفينة الدعم اللوجستية "خارك" والتي كانت تعد اكبر سفينة دعم لوجيستي في غرب اسيا لعام 2011، أولاً البحر الأحمر، ورسو في ميناء جدة السعودي، ثم اتجهوا إلى قناة السويس.
خلاصة
في الختام تجدر الاشارة الى بعض المهام والانجازات التي قامت بها الاساطيل البحرية الايرانية مثل المواجهة مع البحرية الإسرائيلية في البحر المتوسط ، والمواجهة مع السفينة الأمريكية، واعتقال 13 قرصانا بعد 48 ساعة من الاشتباكات، والكفاح لتحرير سفينة صينية، وإنقاذ سفينة إيرانية في البحر الأحمر، وإنقاذ سفينة أجنبية شمال المحيط الهندي، ومواجهة القراصنة لاختطاف ناقلة غاز إيرانية، وإنقاذ سفينة أمريكية من قبل اسطول البحرية الإيرانية، وغيرها الكثير.
وبالطبع، بالإضافة إلى هذه الأساطيل الـ 75، أرسلت قوات البحرية 15 أسطولًا آخراً إلى المياه المفتوحة في اطار عمليات سلام وصداقة ومهام عملياتية، بما في ذلك المشاركة في كأس باكو.