سقوط قذيفة روسية تسبّب في اندلاع حريق أمس الجمعة بموقع محطة زاباروجيا (مواقع التواصل الاجتماعي)
يقول رود إيوينغ، المدير المشارك لمركز ستانفورد للأمن الدولي، إن المفاعلات النووية لا تنفجر مثل القنبلة، لكنها من الممكن أن تسبب أضرارا أكثر اتساعا مما تسببه الأسلحة النووية لأنها تحتوي على تراكم دام سنوات للمنتجات الانشطارية العالية الإشعاع.
ورد ذلك ضمن تقرير نشرته "واشنطن بوست" (Washington Post) الأميركية عن المواقع النووية في أوكرانيا والمخاطر التي قد تشكلها الحرب الروسية.
يقول التقرير إن لدى أوكرانيا 15 مفاعلا نوويا عاملا منتشرة في جميع أنحاء البلاد؛ 6 منها في زاباروجيا ويقع بعضها في الجنوب بين كييف وأوديسا، وفي شمال غربي البلاد.
وأشار إلى أن هذه المفاعلات تزوّد البلاد بما نسبته 50% من الكهرباء، وأن الطاقة النووية تشكل ركيزة من ركائز إستراتيجية أوكرانيا لفطم البلاد عن اعتمادها في مجال الطاقة على روسيا. وهناك مفاعلان نوويان جديدان قيد الإنشاء في خميلنيتسكي غرب أوكرانيا، في محطة بها مفاعلان يعملان.
زاباروجيا
هي أكبر محطة للطاقة النووية في أوروبا، بُنيت لإنتاج 5700 ميغاوات من الكهرباء بكامل طاقتها، وتقع على أطراف مدينة إنرهودار في جنوب شرقي أوكرانيا، على بعد نحو 350 كلم من الحدود مع روسيا، وبدأت مفاعلاتها العمل بين عامي 1984 و1995.
وكان سقوط قذيفة روسية قد تسبّب في اندلاع حريق أمس الجمعة في موقع محطة زاباروجيا، أدى إلى إطلاق إنذار في جميع أنحاء العالم. ولم تسجل السلطات إطلاق مواد مشعة.
وكانت القوات الروسية قد سيطرت على منطقة تشيرنوبل الأسبوع الماضي، وأثار القتال قلقا عالميا بشأن الاضطرابات التي حدثت في الموقع، حيث ترك الانهيار عام 1986 أرضا ملوثة وتداعيات أخرى لا تزال خطيرة.
أُغلقت المفاعلات الأربعة في تشيرنوبل منذ عقود، وبني ملجأ خرساني جديد فوق الموقع في السنوات الأخيرة لمنع إطلاق نحو 220 طنا من المواد العالية الإشعاع.
تحت السيطرة الروسية
وأخبرت السلطات الأوكرانية الوكالة الدولية للطاقة الذرية هذا الأسبوع أنها فقدت السيطرة التنظيمية على المرافق هناك، وأن الموظفين الأوكرانيين الذين يواصلون العمل في الموقع يواجهون "ضغطا نفسيا وإرهاقا أخلاقيا".
وبعد الهجوم الروسي على زاباروجيا، أُغلق أحد المفاعلات للصيانة، وفُصل مفاعلان آخران وكان الآخر يعمل بنسبة 60% من الطاقة، في حين تم تبريد اثنين آخرين، واحتُفظ "بالاحتياطي" في وضع الطاقة المنخفضة، وفقا للوكالة الدولية للطاقة الذرية.
الإشعاع
وأوضح التقرير أن الخطر الأكبر يتمثل في الإشعاع وهو تهديد غير مرئي يمكن أن يسمّم الأشخاص المعرضين لجرعات عالية أو يسبب أمراضا بما في ذلك السرطان في وقت لاحق.
وأضاف أن من المستحيل الشم أو الرؤية من دون جهاز خاص، وقد تظهر آثار الإشعاع الضارة بالصحة بعد عقود فقط من التعرض له. على سبيل المثال، تم ربط نظير السيزيوم الخطير الموجود حول تشيرنوبل بعد حادث عام 1986 بزيادة خطر الإصابة بسرطان الدم في وقت لاحق من الحياة.
وقالت الوكالة الدولية للطاقة الذرية التابعة للأمم المتحدة إن شخصين أصيبا في منشأة زاباروجيا، لكن النيران لم تطلق إشعاعات أو تلحق أضرارا بالمفاعلات هناك، وإن العمال الأوكرانيين ما زالوا يديرون العمليات في المفاعل الذي يقع تحت السيطرة الروسية.
أكثر أمانا من القديمة
وقال رافائيل غروسي المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، في مؤتمر صحفي أمس الجمعة، إن جميع أنظمة السلامة في المفاعلات الستة في المحطة لم تتأثر إطلاقا ولم تنطلق أي مواد مشعة، وإن هذه المفاعلات أكثر أمانا من العديد من المفاعلات القديمة التي تعود إلى الحقبة السوفياتية مثل تشيرنوبل، مضيفا "لكن نيران الدبابات والمفاعلات النووية ليست مزيجا جيدا على الإطلاق".
وقالت هيئة الرقابة النووية الأوكرانية إن أنظمة التبريد كانت تعمل أمس الجمعة بعد الحريق، لكن هيئة التفتيش والخبراء الدوليين قالوا إن فقدان القدرة على التهدئة يمكن أن يؤدي إلى إطلاق كميات كبيرة من الإشعاع في البيئة.
وهناك خطر آخر في المفاعلات مثل الوقود المستهلك، الذي يُحتفظ به في الموقع فيما يشبه حوض السباحة، وقد تكون مخازن الوقود عرضة للسخونة الزائدة وإطلاق محتوياتها المشعة.
روسيا لديها مصلحة
وأكد بعض الخبراء أن المخاطر الحادة تبدو تحت السيطرة. وقال غراهام أليسون، خبير السياسة النووية في جامعة هارفارد، إن روسيا، التي قد تشهد انتشار الإشعاع إلى أراضيها عند وقوع حادث كبير، لديها مصلحة في تجنب أي حوادث مؤسفة.
وقالت الجمعية النووية الأميركية -في بيان- إن التهديد الحقيقي لأرواح الأوكرانيين لا يزال يتمثل في الغزو العنيف لبلادهم وقصفها.
لكن غروسي وجه تحذيرا شديد اللهجة من "المخاطر التي قد نواجهها جميعا" إذا استمر القتال حول المواقع النووية. وقال إنه على استعداد للذهاب إلى تشيرنوبل للتفاوض بشأن إطار عمل من شأنه ضمان أمن المحطات النووية في أوكرانيا وأمن موظفيها والمفاعلات وأنظمة مراقبة الإشعاع.
المصدر : واشنطن بوست