كيف تشنّ اميركا وحلفائها الحرب "الهجينة" على ايران ؟

قيم هذا المقال
(0 صوت)
كيف تشنّ اميركا وحلفائها الحرب "الهجينة" على ايران ؟

أكد مؤلف كتاب "الحرب الهجينة" أندرو كوريبكو (محلل سياسي أمريكي مقيم في موسكو) ان نشر الانباء الكاذبة والمزيفة في قضية وفاة المرحومة "مهسا اميني" في ايران هي من اجل تحقيق اهداف الانقلابات الملونة.

تعتبر شبكات التواصل الاجتماعي من الأدوات الحديثة في الحروب الهجينة التي تشن على البلدان. وقد بدأت اميركا وحلفائها باشعال فتنة كبيرة تترافق مع حملة اعلامية شرسة (محورها شبكات التواصل الاجتماعي) في اطار حرب هجينة ضد ايران.

اعداء ايران استغلوا ذريعة لخلق فتنة كبيرة تترافق مع هجمة اعلامية عنيفة ضد البلاد والثورة الاسلامية . هذه الفتنة تترافق مع حرب اقتصادية غربية ضد ايران وحرب صلبة وحرب فكرية وحرب ثقافية وحرب بمختلف انواع الاسلحة وحرب معرفية وغيرها من الحروب. المقال التالي يسعى الى تناول ابعاد وزوايا واساليب وادوات الحرب الهجينة الاميركية والغربية ضد ايران وخاصة في المجال الاعلامي.

ما هي الحرب الهجينة ؟

الحرب الهجينة وردت لاول مرة على لسان فرانك هوفمان في مقال "معركة القرن 21 ، ظهور الحروب الهجينة".

يقول هوفمان ( من كبار القادة العسكريين لمشاة البحرية الاميركية) في مقاله "اننا ندخل عصرا يتم فيه شن عدة انواع من الحروب وفي وقت واحد على يد عدو يتمتع بالانعطاف واسلوب معقد، بمعنى ان المعركة الناجحة تعني مجموعة مختلفة من اساليب القتال صممت لبلوغ هدف معين وفي زمن محدد".

 

وقد أورد كبير محللي الحروب الهجينة "اندرو كوريبكو" في كتابه "ان الثورة الملونة والحرب غير المتعارفة والمتعارفة هما ما يشكلان الحرب الهجينة" ، ويضيف كوريبكو ان هذه الحرب هي اسلوب جديد للحرب غير المباشرة التي تشنها اميركا على اعدائها.

الاضطرابات الاجتماعية ، أداة في خدمة الحرب الهجينة

يقول البروفسور الاميركي والاستاذ في الجامعة الاميركية في باريس "غاردنر" في تعريفه للحرب الهجينة "ان استخدام الفوضى والاضطرابات الاجتماعية كعامل من عوامل ضرب الاستقرار ، يلعب دورا هاما في الحروب الهجينة. ومن ابداعات الحروب الهجينة هي ان القوة المنظمة والقوى غير المنظمة يمكنها خوض اشتباك اجتماعي فعال مفتعل او اجباري. وفي نفس الوقت يمكن استخدام انواع الخطوات مثل تغيير النظام تحت ستار شعار السلام لتحقيق اهداف اجتماعية وسياسية ، ومن هذا المنطلق فان الحرب الهجينة عادة ما تستخدم الاسالسيب القانونية وغير القانونية، والهجمات العسكرية وغير العسكرية في آن معا لترك تأثير مباشر على السكان المستهدفين.

الحرب السيبرانية، والحرب النفسية والدعائية ، ذراعين هامين للحرب الهجينة

يورد استاذ جامعة الدفاع الوطني في فنلندا "بتري هوفينن" في كتابه : هذا النوع من الحروب هو مزيج من القدرات العسكرية المتداولة والمتعارفة، مع امكانيات الفوضى والشغب، والارهاب والتطرف، والحروب غير المنظمة وغير المتكافئة او المحدودة، والدبلوماسية، والحروب السيبرانية والتكنولوجيات العسكرية المتطورة ، والحروب النفسية والدعائية.

دور شبكات التواصل الاجتماعي في الحروب الهجينة

ان وسائل الاعلام (والشبكات الاجتماعية على وجه الخصوص) وعبر نقل الصور والمعطيات ، تعتبر اداة لشن الحروب الهجينة وتحظى بدور هام . هناك العديد من المقالات التي اشارت الى اهمية وقدرات الوسيلة الاعلامية في الحروب الاستخبارية وهندسة الراي العام وان جهات حكومية وغير حكومية تستخدم هذه الاداة منذ وقت طويل لتحقيق اهدافها السياسية وحتى العسكرية.

 

تقوم شبكات التواصل الاجتماعي بتغيير اساليبنا الفكرية ، وكيفية حصولنا على المعلومات وكيفية ادراكنا لما يدور حولنا وقد اوجدت "ساحة حرب عالمية".

وقد كتبت استاذة جامعة ريودوجانيرو "ايزابيل غاما" في مقال لها تحت عنوان "المعرفة الاعلامية ودورها في مواجهة الحروب الهجينة" ، انه يجب الاخذ بعين الاعتبار ان امكانية الحصول على الانترنيت والحواسيب والهواتف الذكية وشبكات التواصل الاجتماعي ، تشهد نموا مضطردا وان حرب المعلومات تصنف في المجال غير العسكري ، وفي هذه الحالة فان التحكم بالمعلومات يصبح اكثر تعقيدا.

الشبكات الاجتماعية ، ساحة التحكم بالادراك والمعرفة وبث الروايات

لقد تغيرت حروب اليوم بسبب قضية نقل المشاهد، فبامكان الوسيلة الاعلامية ان تستغل الصور والمشاهد وتحقيق الاهداف السياسية من دون استخدام اساليب عسكرية تقليدية. ان الدول التي تستخدم الصورة لتقديم قراءة عن رواية حكومية، هي اكثر نجاحا من الدول التي لا تتبع مثل هذه الاستراتيجية لتحقيق اهداف سياسية في ساحة حرب المعلومات.

تترك الوسيلة الاعلامية تاثيرها على الرأي العام والمشاعر وسلوك المجتمعات ، بشكل يعود بالنفع على اصحاب تلك الوسيلة الاعلامية. ان الوسيلة الاعلامية تؤثر على رؤية المواطنين ، ويمكن استخدام الوسيلة الاعلامية في اطار بروباغاندا للتاثير على نمط تفكير المواطنين وتلقينهم . ان الحرب النفسية يمكن ان تبدأ قبل الحرب الاصلية بكثير . وعلى غرار الكثير من الادوات فان الوسيلة الاعلامية تخدم تحقيق اهداف الحكومات.

 

لقد جاء في تقرير لمكتب العلاقات الاستراتيجية لحلف الناتو حول دور الشبكات الاجتماعية في الحروب الهجينة "ان شبكات التواصل الاجتماعي تم استخدامها مرات عديدة وبصورة استراتيجية على يد نشطاء حكوميين وغير حكوميين لترك تاثير على الساحات الافتراضية والحقيقية ، وبعض نماذجها هي :

الحملات ضد اعمال الشغب في افغانستان والعراق، حرب "اسرائيل" على قطاع غزة وحزب الله في لبنان، احداث الربيع العربي وعدد آخر من الثورات الملونة، تاثير الشبكات الاجتماعية في هجمات الناتو في ليبيا وحرب سوريا الداخلية ومؤخرا في اوكرانيا.

وحسب تركيبة بناء الدولة المستهدفة يمكن لاميركا وضع سيناريوهات مختلفة للحروب الهجينة من اجل خلق الازمات وعسكرة الاضطرابات وتسليحها لتطبيق حلول تم هندستها لاظهار التغييرات المنظمة وكانها امر اعتيادي.

 

ما قاله مؤلف كتاب الحروب الهجينة "اندرو كوريبكو" في حوار مع وكالة انباء فارس :

ان شبكات التواصل الاجتماعي استخدمت في الاضطرابات الاخيرة في ايران لنشر اخبار مفبركة حول ما يسمى "آلية الزناد" ، ان هذه الاخبار المفبركة هي اداة لبلوغ هدف قديم وهو "الثورة الملونة".

كما ان شبكات التواصل الاجتماعي اصبحت ايضا أداة في يد مثيري الشغب للتنسيق بشأن جرائمها المزعزعة للحكم ، بواسطة المحتجين الذين يتواطئون بعلم مع الجهات الاجنبية وكذلك معظم الاشخاص الذين خدعوا على يد مواطنيهم الخونة .    

ان جميع احداث الشغب الاخيرة في ايران مؤشر على السعي لاحداث ثورة تقليدية ملونة، وهي ثورة تسعى لزيادة التوترات السياسية والاجتماعية الموجودة عبر بث اخبار مفبركة. في هذا الاسلوب يتم الاستفادة من الاحتجاجات الناجمة عن التوتر الموجود ضد حكومة ما . لقد تمت مهاجمة ايران بأدوات هجينة مرة اخرى بسبب امتناعها عن تسليم مصالحها الوطنية المتعلقة بالمفاوضات النووية وتعاظم دور ايران في الحركة نحو عالم متعدد الاقطاب .

ويضيف كوريبكو ان شبكات التواصل الاجتماعي تقوم بربط الاشخاص المناوئين للحكم ببعضهم البعض ومن ثم تصنع منهم متطرفين عبر بث الاخبار المفبركة وتهيئ الارضية لجرائم منسقة بينهم، ومن دون شبكات التواصل الاجتماعي تندثر خطة الثورة الملونة.

ان حرب المعلومات تهدف الى زيادة الشرخ في المجتمع وضرب استقرار البلاد وما يحدث في ايران يظهر بأن حرب المعلومات تركت اثرا في ايران لكنها عجزت عن سوق البلاد بالكامل نحو الفوضى الشاملة ، وستبقى تحديات هذه الحرب موجودة لكنها ليست عصية على الحل ، خاصة اذا اتحد المجتمع حول حب الوطن ومناهضة التدخلات الخارجية.

يجب على المواطنين التزود بادراك وفهم اعمق حول الاعلام لتشخيص الفرق بين الاخبار المفبركة والاخبار الحقيقية وتعلّم السيطرة على مشاعرهم بصورة افضل.  

اميركا تسعى لتغيير النظام في ايران

فيما يتعلق بالخطوات الاميركية ضد ايران يقول كوريبكو ، ان علماء العلوم الانسانية والثقافة في اميركا وكذلك الايرانيين المناوئين في المهجر واجهزة المخابرات والخبراء الاقليميين وعلماء العلوم الاجتماعية ، قد درسوا لسنوات المسار السياسي والاجتماعي والامني في ايران عن كثب ولذلك يعلمون بالاخطاء الموجودة وبثوا الاخبار المفبركة التي تستخدم كسلاح ومن المتوقع انتشارها بشكل اكبر ، ومن ثم يقوم هؤلاء بتطبيق سياسة فرق تسد عبر شبكات التواصل الاجتماعي وعملائهم.

ان الهدف الاستراتيجي الاميركي الكبير هو تغيير النظام في ايران ومن ثم بلقنة ايران، هذا البلد التاريخي، بصورة رسمية او غير رسمية عبر سيناريو البوسنة المسماة "فيدرالية الهوية" ، ان ايران تعاقب الان بسبب وقوفها الدائم مع العدالة امام المؤامرات الاميركية و"الاسرائيلية" والسعودية في المنطقة.

الحل ليس حذف شبكات التواصل الاجتماعي

يقترح كوريبكو فرض رقابة على شبكات التواصل الاجتماعي في ايران للتعرف على التهديدات الامنية السرية واحباطها بشكل احترازي ، فهذه الشبكات سيف ذو حدين فاما تسخدم لسياسة "فرق تسد" او تستخدم "لتوحيد المجتمع" حسب مستخدميها واهدافهم فلذلك يجب على الحكومة الايرانية والمجتمع المدني الوطني اتخاذ تدابير عميقة لاستخدام ايجابي لوسائل التواصل الاجتماعي.

المعايير المزدوجة لشبكات التواصل الاجتماعي في القلاقل الاخيرة في ايران

لم تراعي وسائل التواصل الاجتماعي وتطبيقات مثل تويتر وانستاغرام حتى قوانينها الذاتية وكذلك القوانين الدولية فيما يتعلق بمنع بث العنف والتعليمات المتطرفة فيما يخص القلاقل في ايران، بل في المقابل منعت نشر الروايات التي تدعم الوحدة والوئام الاجتماعي.

حسب بيان اجهزة الامن الايرانية، قامت تويتر خلال شهر واحد (بين 11 سبتمبر و 12 اكتوبر)  بايجاد 50 الف متتبع فارسي جديد بهويات مزورة للعمل ضد الحكومة الايرانية  ، في وقت كانت تويتر تشهد زيادة 4 ىلاف حساب للايرانيين شهريا فقط في السابق . كما قامت تويتر بمضاعفة قدرة نشر الرسائل لكل متتبع بمعدل 10 اضعاف في الساعة الواحدة والغاء الكثير من القيود الاخرى، وبذلت كل ما في وسعها للمساهمة في تضخيم الاخبار المفبركة وتشديد الحرب الهجينة ضد المتكلمين باللغة الفارسية في جميع انحاء العالم.

      وحسب هذا البيان فان شركة ميتا المالكة لانستغرام وواتساب قامت على غرار تويتر بنقض  جميع القوانين الدولية والرسمية اثناء الاضطرابات في ايران واتخذت تدابير كالتغيير العمدي لمعايير الذكاء الاصطناعي لديها لبث الكراهية والعنف بصورة اكبر بكثير في اوساط المجتمع الايراني وبصورة هادفة.   

المصدر:فارس

قراءة 449 مرة